Thursday, January 29, 2009

لماذا لا يستكمل "حزب الله" معروفه مع لبنان؟

كان موقف "حزب الله" من أحداث غزة الأخيرة سليماُ الى حد كبير بدليل الاكتفاء بالتحريض على مصر بطريقة اعتبرتها القاهرة هدية من السماء.
خدم الحزب مصر من حيث لا يدري فامّن التفافاً شعبياً لا سابق له حول الرئيس حسني مبارك الذي اتخذ في قمة الكويت، على غير عادته، مواقف حادة تعكس الى حد كبير مدى عمق الانقسام الذي يعاني منه العالم العربي
. ما قد يكون أهم من ذلك أن الموقف المصري في قمة الكويت أظهر أن هناك بين العرب من بدا يعي جدياً خطورة الدور الذي تلعبه إيران على الصعيد الاقليمي، خصوصاً مدى استعدادها للذهاب بعيداً في استخدام دماء اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين في معاركها الهادفة الى عقد صفقة مع "الشيطان الأكبر" الأميركي بحلته الجديدة المتمثلة بإدارة الرئيس باراك أوباما.
في كل الأحوال، إذا وضعنا جانباً الشعارات التي رفعها "حزب الله" وخطابات التحريض على مصر وبعض الأطراف العربية والتظاهرات ذات الطابع الفولكلوري، أمام هذه السفارة أو تلك، فضلاً عن تلبية طلبات دمشق القاضية بمهاجمة رئيس الجمهورية ميشال سليمان... عبر هتافات لمتظاهرين، يظل موقف الحزب من ماساة غزة حكيماً الى حد كبير.
الدليل المسارعة الى التبرؤ من أي صواريخ تنصب في جنوب لبنان أو تطلق منه. أكد الحزب أنه يعرف تماماً أن أهل الجنوب اللبناني وأهل الضاحية على غير استعداد لمغامرة جديدة يدفعون ثمنها من دماء أبنائهم، هم الذين ما زالوا يعانون الى الآن من نتائج "الانتصار الإلهي" الذي تحقق صيف العام 2006. تبين، في ضوء ما حلّ بغزة،
أن ما يحمي لبنان هو القرار 1701 الذي صدر نتيجة حرب صيف العام 2006، هذا القرار الذي يحتاج الى تطبيق أوسع ليشمل الحدود مع سوريا. كذلك تبين أن سلاح "المقاومة" لا يفيد لبنان.
ما يفيد لبنان هو الالتفاف حول الشرعية ممثلة برئاسة الجمهورية والحكومة والابتعاد عن كل أنواع المزايدات وكل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية والمذهبية التي تشكل أفضل خدمة تقدم لدولة عنصرية قائمة على التعصب الديني اسمها إسرائيل. وتبين أخيراً أن ما يحمي لبنان هو القرار الوطني المستقل، خصوصاً عندما يكون في سدة الرئاسة شخص معتدل لا يفكر سوى في مصلحة لبنان بكل طوائفه ومذاهبه ومناطقه.
حسناً فعل "حزب الله" عندما تفادى الإقدام على مغامرة من أي نوع كان.
وحبذا لو يستفيد من درس غزة البليغ بالانتقال الى التعاطي مع الوضع اللبناني بصفة كونه حزباً سياسياً يؤمن بالكيان اللبناني ويعمل على المحافظة عليه وليس ميليشيا مسلحة تابعة للنظام الإيراني تؤمن بلبنان "الساحة". لبنان- الوطن ضمانة لجميع اللبنانيين للشيعة والسنة والدروز والمسيحيين بكل تنوعهم المذهبي
. لبنان الوطن بصيغته التعددية نقيض لإسرائيل. لذلك، يفترض في من يريد مقاومة الدولة العبرية بالفعل، وليس توفير المبررات لها كي تشن العدوان بعد الآخر، العمل على المحافظة على لبنان وحمايته والاستفادة من تجربته.
الأكيد أن حماية لبنان لا تكون بالسلاح غير الشرعي. لم يجلب السلاح غير الشرعي، أي كل سلاح خارج إطار الجيش الوطني وقوى الأمن، سوى الويلات والمآسي على اللبنانيين.
السلاح الفلسطيني في لبنان أخذ لبنان والفلسطينيين الى كارثة وشرد أهل الجنوب
. من يتذكّر أفضال اتفاق القاهرة على لبنان واللبنانيين، والى أين أخذهم الاتفاق، والى أين أخذ بلدهم؟
ما الفائدة من تقليد المنظمات الفلسطينية في القرن الواحد والعشرين؟
يمكن الدخول في نقاش طويل، قد يتحول نقاشاً عقيماً، لدى البحث في فائدة سلاح "حزب الله" في الظروف الراهنة وذلك بغض النظر عن النتائج الكارثية لارتداد السلاح الحزبي والمذهبي على الداخل اللبناني
. ما لا يمكن تجاهله أن لبنان لا يمكن أن يكون الجبهة العربية الوحيدة المفتوحة مع إسرائيل. جبهة غزة سكتت أو ستسكت غداً أو بعد غد. "حماس" لا تريد زوال الاحتلال.
"حماس" تريد السلطة وبقاء غزة تحت سيطرتها. لذلك لم يتصد مقاتلوها للإسرائيليين، بل اختباوا كي يوفروا إمكاناتهم لمرحلة ما بعد العدوان الإسرائيلي.
في تلك المرحلة يستعيدون سيطرتهم على القطاع ويعلنون "الانتصار" على إسرائيل وهم يقفون على أنقاض البيوت المدمرة وعلى جثث الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني. ذلك هو الانتصار الوحيد الذي في استطاعة "حماس" تحقيقه.
هل استفاد "حزب الله" من الدرس؟
ستظهر الأيام والأسابيع المقبلة هل هو قادر على ذلك وهل يمتلك حرية قراره.
الى الآن، فشل الحزب في كل الامتحانات التي مرّ بها وفي كلّ مرة كان عليه تأكيد امتلاكه لحرية القرار.
هل يفيد درس غزة في شيء وهل يستطيع استكمال معروفه مع لبنان والموقف الحكيم الذي اعتمده عندما التزم القرار 1701 في الأسابيع القليلة الماضية، فيضع سلاحه في تصرف الدولة اللبنانية وقواها الشرعية؟
مرة أخرى، المسألة مرتبطة بالقرار الحر والدفاع عن فكرة لبنان ومستقبله بدل تحويله رهينة لنظام إيراني متخلف فشل في كل شيء باستثناء إثارة النعرات الطائفية والمذهبية في المنطقة كلها. نظام يستغل العدوان على غزة ليهاجم الأنظمة العربية ويسبغ عليها كل الأوصاف والنعوت السيئة ليتبين أنه لا يتصرف بالضرورة على خلاف تصرف إسرائيل.
ما الذي يفعله في الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة منذ العام 1971 أيام الشاه؟
يحتاج "حزب الله" الى وقفة مع النفس لا أكثر. يحتاج الى ما يكفي من الشجاعة لتأكيد أن قراره حر
ذلك لا يكون إلا بالتخلي عن سلاحه لمصلحة الشرعية بدل بقائه رأس حربة لمحور إيراني- سوري مستعد يومياً لصفقة على حساب الوطن الصغير... حتى لو كان ذلك مع إسرائيل!
خيرالله خيرالله
المستقبل اللبنانية

"مشعل"... حرب

نعيش زمناً غرائبياً في تسويق البعض لدفقة خطب عاطفية بنيت كلماتها من الأشلاء التي تطايرت برصاص العدوان الإسرائيلي الغاشم على أبرياء لم يكونوا في يوم ما يلبسون أية أيديولوجيا غير الكوفية الفلسطينية.
ولكن مشعل الحرب من سوريا أبى إلا أن يساوي تدمير غزة بما حدث لمدينة لندن وبرلين ولينينجراد وغيرها من المدن التي دكت في الحربين العالميتين التعيستين. وأردف بأن التدمير سُنة كونية تحدث في كل الأزمنة، فماذا يعني دمار مدينة غزة مقارنة بأخواتها من المدن، ولو دمرت مرات سوف نعيد إعمارها.
لماذا كل هذا، ومن أجل ماذا؟
إذا كان الإسلام يأمر المسلمين بإعمار الأرض "البوار" التي لا بنيان عليها ولا سكان، فهل يعقل أن يكون لفئة ما الحق في استدراج العدو المعروف سلفاً بعد أطنان من الأدبيات التي كتبت باسم "اعرف عدوك" لتدمير مدينة آمنة بنيت منذ قرون، بحبات عرق القادرين والمعوزين، لنفاجأ بمن يصدر فتوى سياسية قانية بجريان السنة الكونية على غزة بحثاً عن السلطة بأي ثمن، رغم إصرار العقلاء بأن استمرار التهدئة كان بإمكانه طرد تلك السنة الكونية عن غزة والسعي للحصول على الممكن وهو أيضاً نوع من جريان السنة الكونية في عالم السياسة التي أجهزت على يد مشعل حرب وأنصاره.
ولقد قيل لصدام قبل اندلاع حرب احتلال العراق هذا الكلام وأكثر، إلا أنه آثر حرق العراق معه حفاظاً على ذات الكرسي الأحمر أو الأحمق، إذا كان لصدام الديكتاتورية مبرر للإصرار على دمار الكل وإن لم يتم من خلاله الحفاظ على الجزء، فمبدأ مشعل الحرب هو شرعية الديمقراطية التي أتت بحركته إلى سدة السلطة التي أقيلت من قبل الرئيس الشرعي المنتخب من كل الفصائل الفلسطينية، إلا أن "حماس" أبت إلا ذبح تلك الديمقراطية المفخخة بالأيديولوجيا بين قطاع غزة والضفة الغربية بدم بارد وحام في آن.
ونعتقد أن معركة "الإعمار" سوف تأخذ وقتاً طويلاً من المشاحنات السياسية ليس مع السلطة الشرعية للشعب الفلسطيني فقط، وإنما ابتداءً من إعلان الحكومة الفلسطينية "الثانية" والمقالة في غزة عن تشكيل لجنة للإشراف على جهود الإغاثة بالقطاع بعد الحرب التي شنتها إسرائيل، برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية الذي أعلن: "إن اللجنة ستكون الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف على الإغاثة، وستكون على اتصال بجميع الهيئات محلية كانت أو وطنية أو خارجية".
وقد نشر هذا القرار وبجانبه صورة فلسطيني قتل حفيده وجرح 7 من أبنائه وأحفاده وهدم منزله، والصورة تحكي مفارقة محزنة لتركيزها على هذا الرجل المفجوع، إلا أنه فرحٌ باشٌّ أثناء استلامه التعويضات التي خصصتها اللجنة بـ5200 دولار لكل أسرة فقدت منزلها، و1300 دولار عن كل شخص قتل في الحرب، بمعنى أن كارثة هذا الفلسطيني اشتريت بـ6500 دولار لا يساوي التأوهات التي صدرت من الضحايا الأبرياء، إلا إذا كان منطق "حماس" هو موتوا ثم استلموا!!
يبدو أن المعركة الثانية لن تكون ببساطة سابقتها، لأنها ستحارب كل الجهات وتفتح باباً يسهل إغلاقه من الخارج فيعود عويل الاختناق إلى الداخل.
ففي أول ردة فعل جاءت من قبل "سولانا"، عندما أكد رغبة دول الاتحاد على الفور بعمليات إعادة البناء في قطاع غزة، إلا أنه جدد - وهو الأهم في هذه المعركة متعددة الجبهات - رفض الاتحاد الأوروبي التعاون مع حركة "حماس" في عمليات إعادة البناء وأهمية التشاور مع حكومة فلسطينية تحظى بالإجماع ويقودها محمود عباس، لحين إجراء الانتخابات الجديدة.
ترى هل ستستمر "حماس" في سياسة محاربة العالم أجمع ودحره كما زعمت دحر إسرائيل؟!
عبدالله العوضي
الاتحاد الاماراتية

«انتصار» أبشع من الهزيمة.. وأهل غزة يعرفون الحقائق

لو لم تكن هناك أهداف سياسية تتعلق بالوضع الفلسطيني وبمعادلة التمحورات في هذه المنطقة، لكان بالإمكان تمرير الإدعاء بأن «حماس» قد حققت نصرا مؤزرا في الحرب الأخيرة كالانتصار الإلهي الذي حققه حسن نصر الله في حرب يوليو (تموز) عام 2006، وأن غزة صمدت صمودا بطوليا ولقنت «العدو الصهيوني» الذي لم يحقق أهداف حربه درسا لن ينساه حتى يوم القيامة. أما وأنه ستترتب على هذا «الادعاء» وتصديقه والسكوت عليه أهدافا سياسية كالأهداف التي ترتبت على تمرير مسرحية الانتصار الإلهي في حرب حسن نصر الله، فإنه لا بد من وضع النقاط على الحروف، وإنه لا بد من أخذ الحقائق من أفواه أهل غزة الذين دمرت منازلهم ويُتِّم أطفالهم ورمِّلت نساؤهم والذين سارع المتفرجون عن بعد للاتجار بدمائهم ومآسيهم التي تجاوزت كل الحدود .
قبل هذه الحــرب وَعَدَ القادة الأشاوس المقيمون في دمشق أنهم سيزلزلون الأرض تحت أقدام «العدو الصهيوني»، وأنهم سيلحقون بإسرائيل هزيمة تاريخية ساحقة ماحقة تكون أول البشائر لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر ومن رفح حتى الناقورة، وتكون بداية النهاية لإزالة هذا الكيان الغاصب.. وحقيقة أن الكثيرين، في ضوء هذه التهديدات وفي ضوء قول حسن نصر الله إنه يعرف ماذا في غزة وما وصل إليها، وأنه لذلك متأكد ومتيقن من الانتصار، قد صدقوا كل هذا الذي سمعوه وتوقعوا أن تتحول شوارع تل أبيب وليس سديروت فقط إلى أنهار من الدماء. لقد كان هناك وعد كوعد صدام حسين ذات يوم بأن المقاتلين الأشاوس سيكونون في انتظار أن ينتهي القصف الصاروخي والمدفعي وأن تتوقف غارات الطائرات، وأن تبدأ الحرب البرية وكان الإسرائيليون يتوقعون أن يصل عدد خسائرهم البشرية إلى مائتي عسكري، وهُم لجأوا قبل أن تبدأ هذه الحرب التي وصفها خالد مشعل ووصفها آخرون من قادة «حماس» بأنها «من طرف واحد» إلى تهيئة الشعب الإسرائيلي لتوقع هذا الحجم من الخسائر.
إنه لم يكن متوقعا على الإطلاق أن تهزم غزة بإمكاناتها المتواضعة وبلحم أطفالها وبأوضاعها المزرية جيشا يعتبر من أهم الجيوش في العالم وأقوي جيش في الشرق الأوسط، كما أنه غير مطلوب من بضع مئات من المقاتلين أن ينتصروا على آلة عسكرية غاشمة بكل هذا الحجم لا يحق لأي كان التشكيك في بطولات الشعب الفلسطيني واستعداده لتقديم أضخم وأعز التضحيات من أجل الدفاع عن وطنه وعن مشروعه السياسي وعن «مقاومته» وهذا ما حصل في لبنان خلال حصار الشهور الثلاثة في بيروت الغربية بعد الغزو الإسرائيلي في عام 1982، لكن لأن هناك استحقاقا سياسيا يراد له أن يترتب على هذا النصر الموهوم في هذه الحرب التي كانت من طرف واحد تدفع ثمنه منظمة التحرير، ويكون على حساب البرنامج الوطني الفلسطيني القائم على أساس حل الدولة المستقلة، فإنه لا بد من قول الحقائق كما يتحدث بها أهل غزة وأنه لا بد من القول وللأسف الشديد إنه لم تكن هناك لا بطولات ولا مقاومة ولا صمود، وأن أكثر من سبعة آلاف من الفلسطينيين جُرحوا واستشهدوا وهم إما في منازلهم لا يعرفون ما يجري على «جبهات القتال» وإما يتراكضون في الشوارع لا يعرفون ماذا يفعلون وإلى أين يتجهون.
عندما تقتصر نسبة أعضاء «حماس» وأعضاء التنظيمات الأخرى المتحالفة معها من كل هذه الأعداد من الشهداء والجرحى على ستة في المائة فقط وعندما تقتصر خسائر الجيش الإسرائيلي البشرية على عشرة جنود قُتل أربعة منهم بـ «نيران صديقة» فإنه معيب أن يكون كل هذا الحديث عن انتصار إلهي جديد وأنه مضحك حتى حدود الاستلقاء على الظهر أن يتبرع «المجاهد الكبير» خالد مشعل ويهدي هذا الانتصار، الذي نسأل الله أن يجنب دمشق انتصارا مثله، إلى سوريا والى الرئيس بشار الأسد.
إن المؤكد أن كل الذين أهداهم «المجاهد الكبير» خالد مشعل هذا الانتصار الإلهي الجديد وكل الذين أقاموا الأفراح والليالي الملاح، يعرفون الحقائق نفسها التي يعرفها أهل غزة ويعرفون أن «حماس» كتنظيم لم تكن مستهدفة بهذه الحرب وأن المستهدف الحقيقي هو المشروع الوطني الفلسطيني وهو حل «الدولتين» وهو تعزيز هذا الانقسام الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة الغربية لمـواجهة الإدارة الأميركية، التي يبدو أنها مصممة هذه المرة على تحقيق إنجاز قريب بالنسبة لهذا الصراع التاريخي، بالمبرر إياه القائل: «إن إسرائيل لا تجد الطرف الفلسطيني الذي من الممكن أن توقع معه الحل المنشود، بينما أوضاع الفلسطينيين هي هذه الأوضاع القائمة في ظل وجود دولتين متحاربتين كل واحدة منهما تقول إنها هي الشرعية».
عندما كانت الحرب، من طرف واحد، لا تزال مستعرة ولم تتوقف بعد بادر تحالف «فسطاط الممانعة» إلى التبشير بانتصار إلهي قبل أن تنتهي هذه الحرب، وقبل أن تتضح النتائج وأخذ يعزف الألحان الجنائزية على اعتبار أن هذه الحرب قد قضت على عملية السلام، وأنهت تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، وكان المقرر أن تشطب قمة الدوحة مقررات قمة الرباط الشهيرة في عام 1974 وتنصب خالد مشعل زعيما أوحد لهذا الشعب، ووريثا للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وللحالة الفلسطينية كلها. لكن ورغم أن الرياح لم تجر كما تشتهي السفن، وأنه تم إحباط قمة الدوحة وقطع الطريق على أهدافها فإن «فسطاط الممانعة» بقي مصرا على أن «النصر الإلهي» الذي توقعه وبشر به قد تحقق، ما دام أن الحرب لم تحقق هدف القضاء على حركة «حماس»، وما دام أن خسائر «القسام» وخسائر الفصائل المتحالفة معها في هذه الحرب قد اقتصرت على ستة في المائة فقط.
كان المفترض وفقا لقمة الدوحة أن يستقبل موفد الإدارة الأميركية جورج ميتشل أمس الأربعاء بـ«لاءات كلاءات الخرطوم»، وأن يقال له إن مبادرة السلام العربية قد جرى سحبها، وأن منظمة التحرير قد انتهت، وأن عملية السلام لم تعد قائمة، وأنه على الأميركيين والإسرائيليين أن يتجهوا إلى العنوان الجديد الذي هو شكلا خالد مشعل، وحقيقة مرشد الثورة السيد على خامنئي في طهران.
إن هذه هي حقائق الأمور، ولذلك فإنه لن يكون هناك اتفاق بين «فتح» و«حماس»، ولن تكون هناك لا حكومة وحدة وطنية ولا حكومة اتفاق وطني، وسيتعزز أكثر وأكثر هذا التباعد بين غزة والضفة الغربية، وقد تلجأ إسرائيل التي أرادت هذه الحرب المدمرة لوأد حل الدولتين والتخلص من الاستحقاقات التي جاء بها جورج ميتشل إلى المنطقة إلى تخفيف الحصار وتخفيف إغلاق المعابر من أجل الحفاظ على هذا الانقسام السياسي والجغرافي بين الفلسطينيين.
صالح القلاب
الشرق الاوسط

أحلام اليقظة لا تصنع نصرا

حاولت عدة مرات منذ انتهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة أن أبحث عن صورة النصر الذي تتحدث عنه حركة حماس فلم أجدها، لم أتمكن من رؤيتها،
هي صورة افتراضية توجد فقط في أحلام يقظتهم و في أذهان الشعوب المتأثرة بالخطابات الحماسية، شعوب معذورة في ذلك، ربما بسبب حبها الصادق لفلسطين و أمانيها الدائمة بتحرير الأراضي المحتلة.
و هي أمنية نشترك فيها كلنا عربا و مسلمين، و متفقون على هذا الموقف الثابت من القضية الفلسطينية منذ احتلال فلسطين سنة 1948 و منذ بداية سنوات النكبة الـ 60.متفقون على أن المقاومة حق مشروع لكل شعب محتل سلبت منه أرضه بالقوة، ما نختلف عليه، هو شكل تلك المقاومة، و نوعيتها، و أسالبيها، و العباءة التي تلبسها، أو اللون الذي تتلون به العباءة، نختلف عن تعريف المقاومة، هل هي مسلحة فقط؟ و هل المفاوضات هي شكل آخر من أشكال المقاومة أم هي استسلام و بيع للقضية؟
كما أن مشاعر التضامن مع أهل غزة و ما حدث و يحدث معهم، أظنه أمرا مفروغا منه، و لا يمكن مناقشته، فرغم اختلافنا حول ماهية المقاومة، يبقى أمر التضامن مع أهلنا في فلسطين أمرا ثابتا و موقفا لا يتغير، و فلسطين ليست هي حماس، لذلك فانتقاد حماس لا يعني انتقاد فلسطين أو الفلسطينيين، أو عدم الوقوف معهم في محنتهم، و لا يستطيع أحدا أن يفرض علينا عدم انتقاد حماس أو تقديسها كما يفعل البعض و كأنها ظل الله في الأرض، نعم هي حركة مقاومة تدافع عن قضية عادلة نؤمن بها كلنا، لكنها حركة حسب تقديري غبية جدا و بقدر ما نؤمن بأن قضيتها عادلة، بقدر ما كانت غبية جدا في دفاعها عن تلك القضية، و متهورة لأبعد درجة.
حركة حماس و للأسف تعاني من غباء إعلامي كبير، و تحاول من خلال تصريحاتها إقناع الناس بنصرها المحقق في حربها غير المتكافئة مع إسرائيل، أحلام يقظتنا تدور كلها حول تحقيق النصر الموعود، سواء كان انتماءنا حمساويا أو لا، لكن لا يمكن تصديق تلك الأحلام بمجرد وجودها في أذهاننا، أين هو النصر الذي تتحدث عنه حماس؟
هل سقوط أكثر من 400 طفل يعتبر نصرا؟
أو أكثر من 1300 شهيد في 20 يوما يعتبر فوزا في الحرب؟
حماس تقول بأن إسرائيل لم تحقق أهدافها من العدوان،
نعم هذا صحيح، و هل حققت حماس مطالبها و أهدافها؟
هل فتحت المعابر بدون شروط؟
هل دخلت المعونات و شاحنات الغداء و الدواء بدون رقابة؟
هل كسبت حماس مزيدا من التأييد و الالتفاف حولها؟
حماس تقيس نصرها على نتائج الحرب التي صرحت بها، أي 48 شهيدا من مقاتليها، مقابل أكثر من 80 جنديا إسرائيليا
، قد تكون أرقاما صحيحة، لكن ماذا عن الأطفال الـ 400؟
و ما عن الـ 1300 شهيدا من باقي سكان قطاع غزة؟
ألا يحسبون ضمن معادلة الربح و الخسارة؟
أم أنهم مجرد ضريبة حرب، و الفلسطيني يجب أن يموت في مثل هذه الظروف و يكون مجرد رقم في ترمومتر الموت
.استشهد نزار ريان، و توعدت حماس برد عنيف و لم نر شيئا، و بعده سعيد صيام، و تكرر الوعيد بالرد و النصر و لم نر شيئا، و سقط المزيد من الضحايا حتى جاوزوا الألف، و استمر الوعيد عبر التصريحات التلفزيونية، و للأسف لم نر نصرا.
خطابات الفضائيات التعبوية لا تصنع نصرا و لا تحقق فوزا، و الأحلام الجهادية لا تحقق عبر إبقاءها في الأذهان و التمتع بها خلال اليقظة و النوم، و لا عبر الكلام المتناقل في وسائل الإعلام.
ما فائدة الحديث حول ما يجب أن يكون في ظل عجزنا عن مواجهة ما هو كائن؟
جمال الدين بوزيان
ناشط اجتماعي جزائري

الشيخ والأستاذ

والشيخ هنا، هو الشيخ الشهير «يوسف البدرى» ، أحد نشطاء الإسلام السياسى، وأحد الذين يشيعون حولنا جواً من التطرف ولا يكفون عن مطاردة الكتاب والفنانين بل رجال الدين المستنيرين، لأى شاردة أو واردة تتيح له اتهامهم بأنهم أذاعوا فى أحاديثهم أو كتاباتهم ما يتعارض مع ما هو معروف من الدين بالضرورة، أو ما يمكن اعتباره سباً أو قذفاً فى حق الشيخ.
أما الأستاذ فهو فى الحقيقة العديد من الأساتذة الذين يشيعون حولهم آفاقاً من البهجة والفكر المستنير والأدب الرفيع، أولهم هو الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى ، الذى شغل الدنيا والنقاد بشعره المتوهج منذ أن كان فتى فى خمسينيات القرن الماضى، واضطرته الظروف إلى الرحيل لباريس لبعض السنوات ليستكمل دراساته ويعمل بجامعاتها أستاذاً للأدب العربى، وعاد ليكون أحد الكتاب البارزين فى صحيفة الأهرام، مشتبكا مع قضايا المجتمع المصرى، فى الثقافة والديمقراطية والتعليم والتطرف الدينى وغيرها.
أما الثانى فهو الشاعر والكاتب حلمى سالم ، أحد نشطاء الحركة الوطنية المصرية فى السبعينيات، وصاحب العديد من الدواوين الشعرية، ويعمل رئيسا لتحرير مجلة «أدب ونقد»، التى تصدر عن حزب التجمع الوطنى، وقد حصل فى العام الماضى على جائزة التفوق التى يمنحها المجلس الأعلى للثقافة.
والثالث هو الدكتور جابر عصفور ، أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة، وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة، ثم مدير المركز القومى للترجمة، وأحد الكتاب البارزين أيضا بصحيفة الأهرام، وله العديد من المؤلفات والدراسات النقدية، وطبعا المجال يضيق هنا عن تناول الجهود الإبداعية والفكرية لواحد فقط من هؤلاء الأساتذة الثلاثة، أو مجرد الإشارة إلى المكانة التى تبوؤها على المستوى الوطنى والعربى والعالمى، وإنما ما أود الإشارة إليه أن ثلاثتهم قد حظوا بمكانتهم المرموقة فى عالم الفكر والأدب بكدهم واجتهادهم، كما حظى ثلاثتهم بإجماع زملائهم وتلاميذهم على علمهم الراسخ وسمعتهم النبيلة وخلقهم القويم ومسلكهم الشريف.
أما الشيخ يوسف البدرى فقد انصرف عن كل هذا، وراح يرفع القضايا مرة على يوسف شاهين لتمثيله النبى يوسف فى فيلم المهاجر وعلى عبدالصبور شاهين لتمييزه خلق آدم عن غيره من بنى البشر فى كتاب أبى آدم، وعلى مشيخة الأزهر لاعتمادها أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسماً مع أنها «شرعا» أقل من ذلك، وعلى آمنة نصير لقولها قولا لم يعجبه حول النقاب، ورؤيتها أنه ليس من الدين فى شىء.
غير أنه فى الأيام الماضية قد راح يهتم بأمور حياته الشخصية وكسب عيشه عن طريق عمل الرقى والأحجبة وإخراج الجان والعفاريت من أجساد الملبوسين، هذا ما كتبته الأستاذة فاطمة الزهراء محمد ونشرته بصحيفة الفجر. تقول الأستاذة إنها اتصلت بالشيخ لتسأله عن رأيه فيمن يزعمون أنهم متزوجون أو متزوجات من الجن وأنهم – الجان - يلبون لهم كل ما يطلبون ماديا وجنسيا.
وكانت المفاجأة أن الشيخ أكد لها تصديقه بذلك، وأخبرها بأن لها قريناً يحبها ويفرق بينها وبين من يحاول الاقتراب منها أو يحاول التقدم للزواج منها، ولذلك فهى فى حاجة إلى رقية شرعية من الشيخ نفسه، وأنه سوف يتقاضى مبلغ ٧٠٠ جنيه إذا تمت الرقية فى بيته أو ٨٠٠ جنيه إذا قام الشيخ بزيارتها فى بيتها.وتواصل الكاتبة الحديث عن الأدوات التى استخدمها الشيخ فى رقيته المزعومة.
هذا هو الشيخ الذى راح يطارد الأساتذة الثلاثة الذين ذكرت فى المحاكم، وكسب فى مواجهتهم أحكاماً معتبرة.
هذه لمحة من حال بلادنا المقلوب، مطاردة الذين يفكون الأعمال ويعملون السفلى ويستفرعون الوسع فى الشبشبة وصناعة الرقى والأحجبة، للشعراء والمفكرين والمبدعين والأساتذة المعلمين وغيرهم من مصابيح الهدى على طريق المستقبل، غير أن الذى يبعث على الألم هو نجاحه فى كسب الجولات القضائية ضدهم، وهو ما يشير إلى عوار خطير فى أساس العلاقة بين الفكر والإبداع من ناحية والقانون والقضاء من ناحية أخرى.
بقلم: د.كمال مغيث
kmougheeth@yahoo.com
المصرى اليوم

ولم أجد ما أقوله!

(حبيبتي).. كتبتها ووضعت القلم فوق الورق. ووجدت القلم لا يثبت، فسحبت وردة من باقة ورد أمامي ووضعتها إلى جوار القلم، حتى لا يتدحرج. وتساءلت: هل لهذه الكلمة معنى.. أم أنها هي الأخرى مثل وردة ذبلت؟ لأن أحدا لم يشمها، أو لأن لها عمرًا وبعده تموت. فهل لهذه الكلمة عمر؟ والجواب: ليس لها عمر.. فحبيبتي فعلا قد كبرت، ولكني لا أراها كذلك. فليس غريبا أن أقول لها حبيبتي، وأن أهنئها بعيدها الماسي. أتمنى لها، مع الصحة والعافية عمرا مديدا..
ولكن الذي كبر وتقدمت به السن هو الذي راح يراجع ما يقول ويتساءل إنْ كان من اللائق أن يقول ذلك. إنني أستطيع أن أقبِّل أية فتاة، وأية طفلة، وأية أم.. والسبب أنني كبرت، وأن الشيخوخة لها احترام. وإنْ كنت أتوارى وراءها وأقبِّل وأعانق وأتظاهر بأنني لا أشعر بشيء، كأنني أعانق رجالا.. وهى أكذوبة بيضاء يصدقها الناس ويتظاهرون بذلك.. ولكن عندما أقول (حبيبتي)، فلست كاذبا، ولا أتظاهر بالصدق، وإنما هذا شعور عميق لا أعرف مداه، ولم أحاول. فقد ألقيت بهذه الكلمة في بئر عميق في قلب عميق أيضا. فهي في حصن حصين، في بنيان متين من المودة والحنين والخوف والأنين..
واكتفيت بهذه الكلمة، ولم أجد ما أقوله بعد ذلك
بقلم: أنيس منصور
الشرق الأوسط

مصر أم الدنيا‮.. ‬وأبوها كمان

الحمد لله‮.. ‬خلصت‮.. ‬بعد المذابح والدمار والمؤتمرات والقمم العربية والشتائم والتصريحات واحتفالات النصر الحاسم‮.. ‬وصلنا إلي‮ ‬مرحلة ملايين الدولارات واليورو والريال والدرهم وهي الفصل الأخير من الجزء السابع والخمسين من المسلسل اللي‮ ‬مش باين له آخر الشهير‮ »‬بالقضية الفلسطينية‮«
‬وأنا أعرف مسبقًا أحداث الحلقة الأخيرة سيكون بها مشاهد معادة بها كثير من المط والتطويل واللت والعجن وهي مسابقة في شد الحبل للحصول علي‮ ‬الأموال لإيداعها بسرعة تحت حساب‮ »‬النضال‮« ‬في بنوك سويسرا قبل أن تنتهي التهدئة ويبدأ الفاصل ونعود للجزء الثامن والخمسين من المسلسل وبصراحة كفاية قوي كده وخلينا في حالنا‮.. ‬وفلسطين معاها ربنا وحماس والفلوس‮.‬
لا أعرف لماذا وفي هذا الوقت بالتحديد تداعت الذكريات القديمة وتدفقت بكل تفاصيلها وكأنها حدثت بالأمس القريب‮.. ‬ولماذا‮ ‬يلح علي ذهني‮ »‬محمد أبوصديق‮« ‬بالذات‮!!.. ‬في‮ ‬يناير من عام‮ ‬1974‮ ‬كنت أعمل في قرية تتبع مركز نجع حمادي وتقع في مواجهتها علي‮ ‬الشاطئ الغربي للنيل‮.. ‬وكانت الوحدة الصحية في قرية‮ »‬الهيشة‮« ‬تقع علي‮ ‬شاطئ النيل لا‮ ‬يفصلها عنه سوي‮ ‬غيط قصب صغير‮.. ‬والنيل في نجع حمادي رائع الجمال شديد الاتساع‮.. ‬وفي صباح أحد الأيام وبينما أشرب الشاي وأنا أطل علي‮ ‬هذا المنظر الخلاب‮.. ‬إذا بأصوات شجار عالية تأتي من أسفل سكن الأطباء حيث العيادة الخارجية‮.. ‬أسرعت بالنزول ورأيت شابًا صعيديًا لا‮ ‬يتعدي الخامسة والعشرين‮ ‬ينهر الممرضة ويطلب حضور طبيب الوحدة فورًا‮.. ‬ذراعه اليمني مربوطة ومعلقة إلي كتفه والممرضة تتشاجر معه قائلة‮: »‬مين انت‮ ‬يعني عشان الدكتورة تغير لجنابك بنفسها؟‮.. ‬قال صارخًا‮: »‬أنا جاي من الحرب‮ ‬يا واكلة ناسك‮« ‬أسرعت بالتدخل‮.. ‬ورحبت به وشددت علي‮ ‬يده السليمة وأدخلته إلي حجرة العيادة وطلبت له الشاي بينما الممرضة تتراجع وهي تبرطم‮ ‬غير راضية‮.. ‬هدأ‮.. ‬وقدم لي تقريرًا طبيًا وأشعات وقال‮: ‬انا محمد أبوصديق‮. ‬لسه واصل من مستشفي السويس من‮ ‬يومين أهلي كانوا فاكرين إني شهيد‮.. ‬بصوا لجوني وسطيهم أصلي‮ ‬كنت في‮ ‬غيبوبة‮ ‬يجي شهرين‮.. ‬الحمد لله‮.. ‬لسه لي عمر‮.. ‬بالك؟‮.. ‬أنا فرحت بالحرب جوي ليه؟ عشان ولاد عمي اللي راحوا في سبعة وستين‮.. ‬وغيرهم كتير من بلدنا‮.. ‬راحوا في أول‮ ‬يوم ولا نعرف ماتوا إزاي ولا فين ولا نعرف لهم تربة‮.. ‬صحيح شهداء ما جلناش حاچة‮.. ‬لكن تارهم في رجبتنا‮.. ‬أنا چولت النفر بعشرة من اليهود‮.. ‬وربنا كان معاي وجتلت من اليهود عشرين وزيادة أنا كنت مدفعية كنا أربعة علي‮ ‬المدفع‮.. ‬وفي‮ ‬يوم لچينا المشير بنفسه واچف جدامنا وچال‮: »‬الرچالة علي اليمين والـ‮ ..... ‬علي الشمال‮« ‬أنا فطيت علي‮ ‬اليمين طوالي‮.. ‬مش رچالة إزاي‮ ‬يعني؟‮.. ‬وكل الكتيبة جال‮: ‬المهمة واعرة چوي ويمكن ما ترچعوش واصل‮.. ‬أصل اليهود ولاد الكلب دخلوا الدفرسوار وعملوا ثغرة عشان‮ ‬يداروا خيبتهم‮.. ‬وانتوا هاتخشوا جواها‮.. ‬لعلم حضرتك اليهود جبناء في الحرب الفرداني‮.. ‬خوافين جوي‮.. ‬هما بيتداروا جوه دبابة ولاَّ‮ ‬مدرعة ولاَّ‮ ‬طيارة‮.. ‬لكن وش لوش إكده؟ زي الأرانب‮.. ‬إحنا كلنا جولنا في نفس واحد تمام‮ ‬يا أفندم‮.. ‬جال لنا فيه زميل بطل كانت مهمته‮ ‬يجفل محابس مواسير النابالم اللي بتضخ علي‮ ‬شط الكنال ولما ماعرفش‮ ‬يجفل المحبس سد الماسورة بجسمه‮.. ‬دخل جواها وانتوا مش أجل منه‮.. ‬جولنا تمام‮ ‬يا أفندم‮.. ‬واتحركنا ودخلنا وضربنا وانضربنا‮.. ‬طاجم المدفع بتاعي كله مات وأنا أخدت شاظية في رجبتي‮.. ‬نزفت جوي‮.. ‬كنا بالليل‮.. ‬حطيت‮ ‬يدي علي‮ ‬الجرح وربطت عليه زي ما علمونا‮.. ‬ومسكت الصفارة وقعدت أقرأ الشهادة وأجاوم النوم لغاية ما سمعت الاسعاف‮.. ‬صفرت وغبت عن الوعي فجت لچتني بعدها بشهرين في مستشفي السويس‮.. ‬الأول ما كنتش جادر أحرك‮ ‬يدي والدكتور جال لي انت محظوظ‮.. ‬الشاظية كبيرة جوي دخلت الرجبة من جدام وطلعت‮ ‬يادوب جنب النخاع الشوكي شوفي سيادتك الأشعة‮.. ‬لسه فيه شاظيتين صغيرين بس في حتة خطر‮.. ‬جال لي ها‮ ‬يطلعوا لوحديهم بع سنة ولا اتنين ولو ما طلعوش مش مهم‮.. ‬دراعي اليمين كويسه لكن ما أعرفش أرفعها من الكوع لفوق‮.. ‬أصل عضلة الكتف اتشلت‮.. ‬الحمد لله بأعمل علاج طبيعي واتحسنت‮.. ‬بالك إنتي‮.. ‬جصدي حضرتك جالنا ناس كتير في المستشفي وستات جابوا لنا هدايا أنا زعلت جوي واتخانجت معاهم‮.. ‬ليه كيف؟ وهو أنا كنت بأحارب ومستني هدايا؟ عيب جوي‮.. ‬ها‮ ‬يدوني أجرة ولا إيه؟ زعلت وما خدتش منهم حاچة‮..‬ ما تأخذنيش‮ ‬يعني عشان عليت صوتي ساعة ما چيت‮.. ‬أصل الممرضة دي كلامها‮ ‬يعني كده ماعچبنيش‮.. ‬والله العظيم الدكتور هو اللي جال لازم اللي‮ ‬يغير لك علي‮ ‬الجرح‮ ‬يكون دكتور‮.. ‬وكاتب إكده في التجرير‮.. ‬بس‮ ‬يعني‮ ‬آدي السبب‮.‬ قلت‮: ‬حمد الله علي‮ ‬السلامة‮ ‬يا محمد صرنا أصدقاء حتي‮ ‬بعد أن تم التئام الجرح‮.. ‬ودعاني محمد لشرب القهوة في منزل عائلته‮.. ‬وألح في الدعوة‮.. ‬وشرب القهوة عند الصعايدة معناه‮ »‬تناول الغداء‮« ‬وذهبت لشرب القهوة مع عائلة محمد‮.. ‬وكان‮ »‬محمد‮« ‬آخر من رأيت قبل أن‮ ‬يتحرك القطار من محطة نجع حمادي في اتجاهه إلي القاهرة بعد أن صدر قرار بنقلي‮.. ‬ولا أنسي‮ ‬يده المرفوعة نصف رفعة‮ ‬يلوح لي بها مودعًا‮.. ‬حتي‮ ‬الآن وبعد مرور خمسة وثلاثين عامًا مازلت أذكر‮ »‬محمد أبوصديق‮« ‬المصري الصعيدي الذي فطر علي‮ ‬عشق الوطن والتضحية في سبيله بسخاء‮.. ‬دون شعارات رنانة أو كلمات كبيرة‮.. ‬وأيضًا دون مقابل حتي‮ ‬لو كان هدية بسيطة قدمت له وهو علي‮ ‬سرير الجرحي‮.. ‬ولأن محمد مصري‮.. ‬فمصر أم الدنيا‮.. ‬وأبوها‮.. ‬وست ستها
بقلم: د. لميس جابر
الوفد

هؤلاء هم العملاء الحقيقون وأعداء أوطانهم

فوجئت بصديق عزيز يتصل بي لكي يخبرني بأن موقع جماعة إسلامية محظورة في مصر نشر منذ أيام قليلة قائمة بأسماء عدد من الكتاب المصريين والعرب وكان اسمى من ضمنهم.. وإدّعى هذا الموقع المتطرف أن هؤلاء الكتّاب هم عملاء صهاينة وسفراء لإسرائيل في بلادهم. لم أندهش لسماعي الخبر من صديقي لأننا في بلادنا العربية تعودنا على توجيه الإتّهامات بالعمالة والخيانة وتلقي العمولات من الخارج بمناسبة وبغير مناسبة بدون أن يكون هناك أدنى دليل، على أي حال دفعني فضولي لمعرفة مصدر الخبر أو الإتّهام الباطل فوجدت بأن ناشر هذا السبق الصحفي والإعلامي الخطير هو موقع "الإخوان المسلمين" فرع مصر، وبعد الإطّلاع على تفاصيل الخبر لم أجد عندهم دليلاً واحداً على العمالة أو الخيانة ولكني وجدت الدليل على ديكتاتوريتهم الشديدة وجهلهم الأشد وقدرتهم الفائقة على تلفيق التهم وممارسة الإرهاب الفكري من أجل إسكات أصحاب الآراء الحرة المستنيرة التي تهدف بالدرجة الأولى خدمة ومصلحة أوطانهم.
لقد كان كل ما في الأمر (وطبقاً لموقع إخوان الخراب نفسه) أن وزارة الخارجية الإسرائيلية إختارت بعض مقالات لعدد من كتاب مصريين وعرب لنشرها في موقعها على شبكة الإنترنت، وهذا الأمر يحدث في كل بلاد الدنيا فصحف مصر كثيراً ما تفرد صفحاتها لنشر مقالات لكتّاب يهود معارضين لسياسة بلدهم..
بل والمواقع والصحف الإسلامية تنشر من وقت لآخر مقالات لكتّاب أمريكان ويهود معارضة لتوجهات بلادهم، ومع هذا لم نسمع أن الأمريكان أوالإسرائيلين إتّهموا واحد من كتابهم بالخيانة أو العمالة أو تلقي الأموال من الدول العربية أو الإسلامية.
صدقوني إن العملاء الحقيقون ليس لديهم الوقت لكتابة المقالات مجاناً ولوجه الله إلى جريدة إيلاف أو غيرها..
. العملاء الحقيقون لا يضيعون أوقاتهم في التفكير والإطلاع والبحث عن أفضل السبل التي تجعل بلادهم تتقدم إلى الأمام وتنعم بالرفاهية والخير..
. العملاء الحقيقون لا يوجد لهم فكر ثابت أو لون مميز ولكنهم مثل الحيات والثعابين التي تغير جلودها.
دعوني أقول لكم من هم العملاء الحقيقون والخونة لأوطانهم.. هم الذين يقولون طظ في مصر وأبو مصر.. هم الذين يريدون رئيساً من ماليزيا لكي يحكم مصر وشعبها ، الخونة الحقيقون هم الذين طعنوا بلدهم فى الظهر وزرعوا حماس على حدود مصر الشرقية لكي تصبح شوكة في عنق مصر وخطراً كبيراً على أمنها. .
. هم الذين يحرّضون المصريين على الفوضى الكبرى ويعملون في نفس الوقت على تمزيق وحدة أبناءها..
الخونة والعملاء الحقيقون ليسو هم الكتّاب الغلابة الذين لا يملكون سوى أحلامهم وآمالهم وأفكارهم وأقلامهم ولا يتقاضون مليماً أو سنتاً واحداً مقابل جهودهم، وإنما هم الذين يضحكون على عباد الله باسم الدين الإسلامي السمح ويرتزقون من وراءه ويصبحون في يوم وليلة من أصحاب الملايين، الخونة الحقيقون هم الذين يجلبون الموت لشعوبهم والدمار والخراب لبلادهم ثم يدّعون في غباء منقطع النظير أنهم إنتصروا وحققوا المعجزات!!!!
لعلكم تكونوا عرفتم الآن من هم العملاء والخونة الحقيقين في مصر عالمنا العربي.

صبحى فؤاد
أرجو من سماحة السيد حسن نصر الله أن يبحث مصير مئات الشهداء الأحياء اللبنانيين المختطفين من قبل النظام السورى من عشرات السنين دون أى بادرة للافراج عنهم أو معرفة مصيرهم كما يسعى الآن لعودة رفات الشهداء اللبنانيين فى عمليات المقاومة و مثلما يفتح اليوم ملف الدبلوماسيين الايرانيين الأربعة المفقودين منذ 1982 فى بيروت فليترك البحث عنهم لحكومتهم و يوفر مجهوده لمصلحة بلده

Wednesday, January 28, 2009

نحو إعادة بناء القيم الأخلاقية في المجتمع المصري

من المعروف أن المجتمع المصري طوال تاريخه من المجتمعات التي بنت حضارتها علي الأخلاق والانضباط الأخلاقي المعتدل‏;‏ فقد ابتدع المصريون ـ علي حد تعبير هنري برستد ـ ما يسمي الضمير الإنساني‏,‏ ذلك الضمير الذي يرشد الإنسان إلي الخير ويحضه علي فعله‏,‏ ويرشده إلي الشر ويثنيه عن مواصلة طريقه‏,‏ ومنذ فجر الحضارة المصرية القديمة وجدنا ذلك فيما عرف في الحضارة المصرية القديمة بالنص المنفي‏,‏ ذلك النص الذي يتحدث فيه مفكرو منف القديمة عن أصل الوجود ونشأة العالم الطبيعي عن طريق الكلمة التي تفوه بها الإله فكانت الأشياء وكان الوجود‏,‏ وفي الوقت نفسه أدركوا تسلسل الخلق والإيجاد فخلق الإله مع العالم ما يستحب من أفعال الناس وما يكره وخلقهم قادرين علي التمييز بين الخطأ والصواب‏,‏ بين الخير والشر‏,‏ ومنهم من يسعد بفعل الخير ويلقي ثوابه‏,‏ ومنهم من يحيد عن ذلك الطريق القويم ويحمل نفسه بالآثام فعليه أن يتوقع العقاب في حياته الأخري‏.‏ أقول منذ ذلك النص الموغل في القدم‏,‏ اكتشف المصريون معني الأخلاق‏,‏ ومعني الضمير الإنساني وأدركوا أن حياتهم الاجتماعية والسياسية أساسها السلوك المعتدل القويم والتحلي بكل الفضائل التي لخصوها في كلمة‏(‏ الماعت‏)‏ التي تعني علي الصعيد الأخلاقي الاعتدال في السلوك وضبط النفس والتحلي بكل القيم الأخلاقية الرفيعة‏(‏ الصدق ـ الشجاعة ـ الكرم ـ حب الآخرين ـ العمل الجاد وإتقانه ـ حب الثقافة والكتابة وتقدير الكتاب والمفكرين ـ قيم الاعتدال في تكوين الأسرة والتعاون‏,‏ والمواطنة الصالحة‏..‏ إلخ‏..).‏
إن كل هذه القيم وغيرها كثير حرص المصريون منذ فجر تاريخهم حتي وقت قريب علي التحلي بها واعتبارها عنوانا لهويتهم ووقودا يؤجج فعلهم الحضاري في مواجهة أي قيم دخيلة وأي ثقافة غازية‏.
‏ ولكن ما حدث في السنوات الأخيرة من أحداث وتطورات داخلية وخارجية ضرب هذا السلم القيمي وهذا التماسك الاجتماعي القائم علي أساسه‏,‏ ضربة في مقتل لدرجة وجدنا معها هذه القيم وكأنها قد تبخرت وحلت محلها قيم أخري بديلة أصبحت هي الموجهة لسلوك الأفراد داخل هذا المجتمع العريق لدرجة دعت علماء النفس وعلماء الاجتماع إلي دراسة هذا الوضع المستجد وتحليله للوصول إلي تحليل دقيق للحالة التي نعيشها الآن‏;‏
وقد أحسن عالم النفس الشهير د‏.‏ مصطفي سويف حينما لخص هذه الحالة في كتابه نحن والمستقبل بعبارة ذات مغزي عميق أكد فيها تشوه الضمير العام للمصريين في السنوات الخمسين الأخيرة‏,‏ حيث أصاب المجتمع المصري فيها تغيرات غير منتظمة ولا محسوبة‏,‏ فأصبح يموج بمجموعات من القيم ليس بينها اتساق ولا تناسق‏.‏ كما أنها تنطوي علي قدر كبير من التذكر لمنظومة قيمية أخري كانت من قبل تنفرد بالساحة أو تكاد‏.‏
وقد أشارت دراسة تجريبية أجراها د‏.‏ أحمد زايد حول خطاب الحياة اليومية في المجتمع المصري المعاصر إلي مجموعة من القيم السلبية التي تسود حياة الإنسان المصري المعاصر مثل سرعة إصدار الأحكام التقويمية السريعة حول مختلف الأمور والأشخاص‏,‏ الحنين إلي الماضي بشكل رومانسي‏,‏ ويميل الناس فيه إلي الأنا مالية أو اللامبالاة وعدم تحديد المواقف والرغبة فقط في إرضاء المخاطب‏,‏ والتطرف في الاستجابة وسرعة الميل إلي النقيض كالانتفال من التصلب الشديد إلي التسامح الشديد‏,‏ والميل الدائم إلي المبالغة والتضخيم والنزعة البطولية الاستعراضية‏.
‏ لقد أضحي المجتمع المصري في جميع طبقاته وبمختلف طوائفه مشغولا وملتحفا بقيم استهلاكية تميل إلي الإشباع الشهواني ـ الجسدي وليس إلي إشباع العقول والاستمتاع بلذة الوصول ـ كما في المجتمعات المتقدمة ـ إلي كشف علمي جديد أو ابتداع آلة جديدة أو ما شابه ذلك‏.‏ ولا شك في أن هذا الاهتمام بالإشباع المادي لرغبات الجسد وجعله الغاية من السلوك هو ما تسبب في واقع الأمر في قلب القيم التقليدية للمجتمع المصري رأسا علي عقب‏,‏ حيث إن ذلك السلم التقليدي للقيم كان مبنيا علي عقيدة دينية وسطية معتدلة تري في الإشباع المعنوي وفي السلوك الأخلاقي القيم هدفا أسمي من كل ما يخص الجسد وإشباع رغباته وشهواته‏.‏ إن ذلك اللهاث وراء هذه الإشباعات المادية جعل القيم الأخلاقية الإيجابية تنزوي بعيدا‏;‏ فالقيم الأخلاقية كما يقول علماء الاجتماع ما هي إلا انعكاس للأسلوب الذي يفكر به الناس في سياق ثقافي معين وفي فترة زمنية محددة‏.‏ وحينما تغير الأسلوب التقليدي لتفكير الناس من ذلك الأسلوب الذي كانوا يضعون فيه القيم المعنوية من صدق وأمانة وإخلاص في العمل ووفاء بالوعود والعهود‏..‏ إلخ‏,‏ فوق كل اعتبار ويعتبرونها غاية في ذاتها يريدون الوصول إليها في سلوكهم الخاص والعام ويعايرون بعضهم البعض إذا لم يلتزموا بها‏!
‏ أقول لما تغير هذا الأسلوب من التفكير الأخلاقي الذي يعلي من شأن القيم المعنوية‏,‏ إلي ذلك الأسلوب من التفكير الذي يضع الإشباع المادي واللذي فوق كل اعتبار‏,‏ انهار سلم القيم التقليدي وضاعت القيم المعن وية وأصبح من يتبعونها ويربون أولادهم عليها هم الآن الشواذ في المجتمع وهم من ثم من لا يستطيعون التعامل مع الآخرين علي أساسها‏,‏ بل لقد أصبح هؤلاء الملتزمون بهذه القيم المعنوية التقليدية مثار سخرية ونقد من الآخرين‏!‏ وبدا التناقض واضحا بين فئة يغلب علي سلوكها الالتزام بهذه القيم المعنوية وهي الفئة الأقل عددا والأضعف تأثيرا‏,‏ وبين فئة يغلب علي سلوكها التشبث بتلك القيم المستحدثة اللذية ـ المادية ـ الشهوانية التي تسعي إلي الوصول إلي أقصي إشباع بأقل مجهود وبأقل تكلفة وفي أسرع وقت‏.
‏ وهذا التناقض بين سلوك الفئة الثانية وهي التي أصبحت الأكثر عددا والأقوي تأثيرا جعل المجتمع يسير نحو الفوضي الأخلاقية بحسب تعبير د‏.‏ أحمد مجدي حجازي في دراسة له حول أخلاقيات الإنسان المصري المعاصر‏.‏ وبالطبع فإن هذا الخلل الذي أصاب البنية الأخلاقية للمجتمع المصري يحتاج إلي جهد كبير من كل من يعنيهم مستقبل هذا المجتمع لأن الواقع خطير‏,‏ وطريق الإصلاح يبدأ هنا من ذات كل فرد من أفراد المجتمع‏.
‏ والبدء من الذات مسألة غاية في الصعوبة لأنه يحتاج لدرجة عالية من الوعي لدي كل فرد بأن عليه أن يعيد بناء ذاته الأخلاقية وفق قيم وتقاليد لم يعد تهمه العودة إليها‏!
‏ ومن هنا فنقطة البدء لابد أن تكون من خلال إعداد برامج جديدة تركز علي القيم الأخلاقية التي يراد إكسابها للناس مرة أخري بشرط ألا تكون هذه البرامج بلغة خطابية مكشوفة‏,‏ بل تكتب بذكاء ويستضاف فيها قادة الرأي والمفكرون والعلماء الذين يعتبرون قدوة صالحة في مجال تخصصهم‏.‏ وهنا تبرز الخطوة الثانية‏;‏ فبعد الاهتمام بدور الإعلام في هذا المجال‏,‏ يأتي الاهتمام بإبراز القدوة الحقيقية والتركيز علي إعادة بنائها لدي أفراد المجتمع‏;‏ فليس من شك في أن القدوة الحقيقية قد غابت عن مجتمعنا منذ فترة طويلة لدرجة أصبحت معها قدوة شبابنا الآن هم لاعبي الكرة والفنانين والفنانات المستهترين والمستهترات وأصبحوا هم قادة الرأي والضيوف الأكثر حظوة والأهم في فقرات أجهزة الإعلام المختلفة‏,‏ ومن ثم لدي الشباب في مجتمعنا‏.‏
والحقيقة التي غابت عنا طوال الفترة الطويلة الماضية هي أن تغيير القدوة أصبح ضرورة ملحة ولابد أن نقصد إلي ذلك قصدا‏,‏ فإذا ما أردنا لمجتمعنا أن يعود إلي سابق عهده من تقدير لقيم العلم والعطاء والإبداع فلابد أن يكون ضيوف برامجنا الإذاعية والتليفزيونية هم العلماء الأكفاء في معاملهم وداخل معاهدهم العلمية‏,‏ والمفكرون في مكتباتهم‏,‏ والعمال العاملون في مصانعهم‏,‏ والفلاحون الذين يكدون في حقولهم‏.‏
إن إعلامنا لابد أن يعبر عن حياة أبناء الوطن الذين يخلصون في أداء عملهم والذين عليهم يبني المجتمع تقدمه ويجني خيراته‏.
‏ فإذا ما عدنا إلي تقديس قيمة العمل والعطاء‏,‏ وإلي احترام العلم والعلماء‏,‏ واحتر ام المفكرين والمبدعين وأصبحوا هم القدوة الحقيقية لشبابنا‏,‏ سيسعي هؤلاء الشباب إلي تقليدهم‏,‏ ومن ثم سيكون من بينهم العالم المبدع‏,‏ والمفكر النابغة‏,‏ والعامل الجاد‏,‏ والصانع الذي يتقن صنعته‏,‏ والزارع الذي يتفنن في العناية بحقله ومحصوله‏..‏ إلخ‏.‏
إن الطريق إذن إلي إعادة سلم القيم إلي ما كان عليه يبدأ من الاقتناع بوجود الخلل واكتشاف موطن الداء‏,‏ ثم العمل الجاد علي مختلف الأصعدة السياسية والإعلامية والاجتماعية لإيجاد هذه القدوة الصالحة الحقيقية أمام شبابنا‏.‏ وشيئا فشيئا ستنزوي القدوة الفاسدة بما تمثله من أخلاقيات سلبية وقيم استهلاكية زائفة‏.
‏ ويستعيد المجتمع عافيته عبر سواعد أبنائه الذين اتخذوا من الحياة طريقا للجد والاجتهاد‏,‏ ومن العقل أداة للتأمل والإبداع‏,‏ ومن الأجساد القوية أدوات للتنفيذ والإتقان في كل عمل يدوي يقومون به‏
بقلم : د‏.‏ مصطفي النشار
جريدة الأهرام

ثورة‏1919‏ تسعون عاما‏

عندما هزمت الثورة العرابية‏,‏ تبدي للجميع أن مصر قد ركعت أمام سطوة الاحتلال وخيانة الخديوي وكبار الملاك‏,‏ لكن المعتمد البريطاني لورد كرومر فاجأ الجميع بأن قال في أحد تقاريره إن مصر تذوب شوقا إلي الثورة‏.‏
ولابد للثورة من زعيم‏.‏ وقد حاول الكثيرون تحديد ملامح هذا الزعيم فقال البعض مصري من أصل فلاحي‏,‏ ضد الاحتلال‏,‏ ضد الخديوي‏.(‏ هولت ـ التغير السياسي والاجتماعي في مصر الحديثة ص‏48‏ ـ الطبعة الإنجليزية‏).‏ وفي أبريل‏1887,‏ كتب بلنت‏,‏ وكان معروفا بأنه صديق لمصر رسالة إلي سالسبوري يقول فيها‏,‏ المصريون غير راضين عن الاحتلال خاصة أنه لا يوجد وزير واحد من أصل مصري رغم أن الثورة العرابية قد تفجرت لهذا السبب‏,‏ وأقترح أن يختار وزير مصري من بين الأسماء التالية‏:‏ محمد عبده ـ سعد زغلول ـ إبراهيم الوكيل‏(‏ بلنت ـ مذكراتي ـ ج‏1‏ ـ ص‏58‏ ـ بالإنجليزية‏),‏ وأحال سالسبوري الرسالة إلي بارينج‏,‏ وكان الرد في ظل الوضع الراهن يكون تعيين واحد من أصدقاء بلنت المصريين وزيرا أمرا مثيرا للسخرية تماما‏,‏ كما لو عين أحد رؤساء قبائل الهنود الحمر حاكما عاما لكندا‏,‏ إن أصدقاء بلنت ليسوا سوي متعصبين‏,‏ وفاسدين‏,‏ وجهلة‏.‏
ورغم ذلك كانت مصر تمضي في نسيج زعامة مصرية‏,‏ فلاحية‏,‏ ضد الاحتلال‏.‏ وكان سعد الله زغلول واحدا من هؤلاء المؤهلين لذلك‏,‏ وسعد ابن لمالك ريفي متوسط‏,‏ تعلم في الكتاب ثم الجامع الدسوقي ثم الأزهر‏.
‏ وفي أكتوبر‏1880‏ اختاره محمد عبده محررا بالوقائع المصرية بمرتب ثمانية جنيهات‏,‏ ويبدأ سعد الله رحلة الدفاع عن الوطن والديمقراطية‏,‏ ويكتب في الوقائع‏(1881)‏ المستبد عرفا هو من يفعل ما يشاء غير مسئول‏,‏ ويحكم بما يرسم به هواه وافق الشرع أم خالفه‏.‏ لهذا ينفر الناس من هذا اللفظ لعظم مصابهم له‏,‏ وحق لهم النفور والاشمئزاز‏,‏ إذ لم ينالوا من جرائمه إلا وبالا‏.
‏ وفي عام‏1882‏ ساعده محمد عبده كي يصبح ناظرا بقلم قضايا الجيزة‏(‏ عباس العقاد ـ سعد زغلول ـ سيرة وتحية ـ ص‏67).‏
ولما هزمت الثورة فصل من الوظيفة‏,‏ وطلب إليه أن يكتب معربا عن شماتته بالمهزومين وأن يترامي في أحضان الغالبين‏,‏ لكنه أبي لرجولته‏(‏ العقاد ـ ص‏19)‏ ولم يجد سعد سوي أن يعمل بالمحاماة متسترا فقد كانت تعتبر مهنة حقيرة لكنه ما لبث أن قبض عليه بتهمة بتأسيس جماعة الانتقام التي تسعي لاغتيال عملاء الاحتلال‏.‏ وكان الدليل عبارة بخطه تقول ولي في ضمير الدهر سر ظاهر‏.‏ وأفرج عنه‏.
‏ ويبقي سعد زغلول كما يقول ألبرت حوراني علي أفكار مدرسة الشيخ محمد عبده التي تنادي بالإصلاح سبيلا لتحرير مصر‏(‏ الفكر العربي في العصر الليبرالي ـ ص‏214‏ ـ بالإنجليزية‏).‏
وظل محمد عبده يسانده دوما‏,‏ فقد كان صاحب اقتراح تعيينه قاضيا بعد أن قبل سعد نصيحة الأميرة نازلي بأن يتعلم الفرنسية ليصبح محاميا عصريا‏.‏ والحقيقة أن صالون نازلي كان ملتقي لقادة الاحتلال كرومر مع صفوة من المفكرين المصريين‏(‏ زغلول ـ محمد عبده ـ قاسم أمين وغيرهم‏).‏ ولعل كرومر كان يبحث آنذاك عن أشخاص يصلحون لعمل قيادي في الجهاز الإداري‏.(‏ عفاف لطفي السيد ـ مصر وكرومر ـ ص‏95‏ ـ بالإنجليزية‏).‏ وقد حرص القاضي سعد زغلول علي إصدار أحكام تستند إلي مفهوم ليبرالي وديمقراطي ففي إحدي القضايا استندت فيها الحكومة إلي نص قانوني يعفيها من المسئولية عن أعمال موظفيها‏,‏ كتب زغلول في حيثيات الحكم الذي خالف نص القانون لا يمكن أن يكون المراد هو حماية الأعمال الاستبدادية المخالفة للعدل والقانون والمضرة بحقوق الأفراد‏,‏ لأن ذلك لا ينطبق علي مبدأ الحكومات العادلة‏(‏ عبده حسن الزيات ـ سعد زغلول من أقضيته ـ ص‏5).‏ وفي حكم آخر أدان زغلول استخدام العنف لإظهار مرتكب الجرم‏.‏ فهذا أشد خطرا علي النظام من خفاء الجاني‏(‏ ص‏319).‏ وفي الجمعية التشريعية التي انتخب وكيلا لها‏..‏
ألقي خطابا تحدث فيه عن رجال الإدارة ومسئولي الأمن قال فيه‏:‏ كل هؤلاء أخشاهم كما تخشونهم أنتم‏.‏ لأننا جربنا أعمالهم‏(‏ أحمد فهمي حافظ ـ سعد زغلول في الجمعية التشريعية ـ ص‏98)‏ ورغم أخطاء عديدة وجسيمة أحيانا‏,‏ يواصل سعد استكمال مقومات الزعامة‏,‏ فإذ توشك جريدة المؤيد علي التوقف‏,‏ يمنحها سعد مالا تواصل به مسيرتها‏..‏ ومن بيت سعد زغلول صدر أول نداء لحملة جمع التبرعات لإنشاء الجامعة الأهلية‏.‏
وهكذا اقترب زغلول من أن يكون مشروع زعيم شعبي حقا‏.‏ وربما لهذا السبب قرر اللورد كرومر أن يقترب منه‏.‏ ولكن رغم أن كرومر قد وصف بأنه ما من إنجليزي يعرف مصر والمصريين أفضل منه‏(‏ سير أوكلاند كلفن ـ صناعة مصر الحديثة ـ ص‏878‏ ـ بالإنجليزية‏)‏ فإن كرومر كعادة المستبدين لم يستطع قياس الوجدان الوطني عند الزعيم المقبل‏,‏
ومن ثم ومع صعود السخط بعد محاكمات دنشواي والتي صمت سعد عن إدانتها بحجة أنه لا يجوز له التداخل في حكم قضائي آخر‏,‏ بدأ الاحتلال خطة جديدة تميل إلي الاعتراف بالوطنية المصرية‏,‏ وكان أن تولي سعد وزارة المعارف‏(‏ العقاد ـ ص‏96)‏ ـ وقد تكاثرت تفسيرات اختيار سعد لهذا المنصب لكن أهمها في اعتقادنا يأتي في برقية أرسلها كرومر للخارجية البريطانية يقول فيها إن سعدا ليس فقط أكفأ المصريين الذين تعاملت معهم وإنما هو أيضا أقواهم شخصية‏(‏ من كرومر للخارجية‏3‏ مارس‏1907)‏ أما همفري باومان فقد قال كان سعد نموذجا فريدا من الوزراء ولم يسبق أن ضم مجلس الوزراء وزيرا أكفأ منه نافذة علي الشرق الأوسط ـ ص‏72‏ ـ بالإنجليزية‏.‏ لكن سعدا كان يتطلع إلي ما هو أبعد‏..‏ إلي الزعامة‏.‏
ومن ثم تصدي لنفوذ دنلوب المستشار البريطاني لوزار ة المعارف ولمشروعه بتجاهل تعليم اللغة العربية فقرر نقل التعليم من الإنجليزية إلي العربية‏,‏ فأغضب الإنجليز‏,‏ وأنشأ مدرسة القضاء الشرعي فأغضب الخديوي والأزهر‏.‏ وأبطل التحية العسكرية للوزراء والمستشارين الإنجليز‏,‏ وجعل رأس السنة الهجرية إجازة رسمية بالمدارس‏.‏
وواصل سعد معركته المصرية‏.‏ ورغم بعض الأخطاء فإنه واصل صناعة نفسه كمشروع زعيم مصري‏,‏ الأمر الذي دفع أحد الباحثين الإنجليز إلي القول لابد أن كرومر قد شعر بالخطأ في اختياره لشخص استطاع أن يصبح زعيما حقا‏(‏ فالنتين شيرول ـ ص‏77).‏
وترك سعد الوزارة شبه مطرود بعد أن تحالف الخديو مع كتشنر خليفة كرومر فقد كان يستحق رئاسة الوزراء بحكم أقدميته لكن الاحتلال والقصر أتيا بمحمد سعيد باشا لهذا المنصب‏(‏ مذكرات فتح الله بركات باشا ـ كراس‏16‏ ب ـ ص‏10).‏ وبهذا بدأ اكتمال مقومات الزعامة‏,‏ فقد بدأ سعد معركته ضد الاحتلال والقصر معا‏.‏
ونواصل مع زغلول مشروع صناعته لنفسه كزعيم‏
بقلم : د‏.‏ رفعت السعيد
الأهرام‏

نادين البدير: تنورتي القصيرة لا تحدد علاقتي مع الله



لا تؤمن بأن "قطعة قماش" يمكن أن تدخلها أو تخرجها من الجنة
لا تتردد الكاتبة والمذيعة السعودية في قناة الحرة الأميركية، نادين البدير من التصريح بأنها تتعمد الظهور بتنورة قصيرة في العلن، على الرغم من كونها تنتمي إلى مجتمع سعودي محافظ، فهي تقول إنها اختارت أن تكون فتاة سعودية عصرية، لا تهتم لنظرة الآخرين لها: "كل الفتيات العربيات يخرجن بتنانير قصيرة، دون أن يواجهن ما تواجهه الفتاة السعودية"، وضربت مثالاً بالملكة رانيا. وتضيف متسائلة: هل يعني ذلك أنهن غير محترمات؟ وحين قلت لها إن هناك من وصفك بالكفر بسبب هذه التنورة؟ أجابت: اعتبر أن ديني بيني وبين ربي، فهو علاقة خاصة جدًا، وليس ضروريًا أن يعرفها الناس ويتداولونها، إنها علاقة روحانية وسامية جدًا، وليست علاقة بشرية، وأعتقد أنه من السخافة أن نختصرها بتنورة طويلة أو قصيرة، أو عباءة أو حتى شكل، فهي علاقة عميقة من الداخل ولكن المشكلة أننا شعوب لا تهتم سوى بالظاهر، ولا تلتفت لحقيقة الإنسان من داخله. وتضيف نادين خلال حديث لها مع "إيلاف": "أنا شخصيًا أتعمد أن البس تنوره قصيرة، لأن الفتاة السعودية لا بد أن تلبس لبس العالم العادي، فأنا أظهر باللبس الذي ارتديه يوميًا في حياتي العادية. أنا أعيش حياة واحدة، ولا أرتدي الأقنعة أمام الآخرين.
وتؤكد: "هناك فتيات يخرجن في الكثير من البرامج التلفزيونية وهن مرتديات الحجاب، وحين ينتهي البرنامج يقمن يخلعه مباشره، فلماذا نعيش: حياة تحت الضوء وأخرى في الظل"؟. "وإذا كان البعض من (المطاوعة) ينظرون لمن ترتدي التنوره القصيرة على أنها كافرة، فهذا يعني أن كل من يرتدي الجنيز هو كافر، لأنه من صنع أميركا والغرب عمومًا"!. وتؤكد نادين أن علاقتها مع الله هي علاقة روحانية خاصة جدًا، وإنها حين تكون في الحرم المكي لا يكون هاجسها الأوحد الواجبات الدينية بل وجودها في بيت الله. وتتسائل: "لماذا يريد البعض منا أن نخاف من الله؟، أنا أريد أن أحب الله، لماذا دائمًا عنصر الترهيب موجود في كل شيء؟ لماذا لا تكون عملية ترغيب وليس ترهيب"؟ "حين أزور الكعبة مش لازم أبكي حتى يدخلني الله الجنة، أو أدعي له حتى لا يدخلني النار، بالعكس حين أكون هناك أشعر بالسعادة لأنني في بيت الله ومعه. أكره الخوف، وأكره أن يقوم الإنسان مرعوبًا ليصلي من مبدأ الخوف لا الحب. وتشير نادين إلى أن الكثيرين أصبحت علاقتهم مع الأسماء وليس مع الله، ولكنها تعتبر أن علاقتها مع الله فقط، ولا تربطها بأشياء تافهة كاللبس والأكل وغيرها " أنا لا أؤمن بأن قطعة قماش توضع على الرأس يمكن أن تدخلني الجنة، وكأن الإسلام مرتبط بالسعودية فقط كونها أرض الحرمين الشريفين!" كما تقول نادين. لم تكن تتوقع نادين البدير التي لم تكن تميل للإعلام كثيرًا، أن تصبح في يوما من الأيام إحدى الوجوه النسائية الشهيرة في قناة الحرة الفضائية ذات التمويل الأميركي، فقد بدأت حياتها الإعلامية ككاتبة مهتمة بشون المرأة، في صحيفة عكاظ ومن ثم الوطن، وكانت تدافع عن قضايا المرأة بصوت عالي عبر ما تكتبه، ولكنها فجأة وجدت نفسها تحت عدسات قناة الحرة حينما خرجت عبر أحد برامج القناة كناشطة مهمته بقضايا المرأة السعودية.
تقول نادين: بعد أن ظهرت كضيفة في أحد برامج قناة الحرة، أعجبت المسؤولين في القناة فعرضوا علي الإنضام إلى القناة لأعمل فيها كمذيعة ووافقت لأنني وجدت في الحرة السبيل الحقيقي للإعلام الحر الذي يتيح للإنسان أن يعبر عما بداخلة بكل جرأة وشفافية. ولا تشعر نادين بالحرج كونها تعمل في قناة تمولها الحكومة الأميركية، ويثار من حولها الكثير من الجدل: " الكونغرس الأميركي يقدم الدعم المادي للقناة فقط، ولا يتدخل في طريقة العمل ونوعية الأخبار التي تبث فيها، ولكن هذا لا يعني أمكانية أن يظهر أحد الإرهابيين ليقدم برنامج فيها"! " وجدت أنا وغيري في الحرة ما يتناسب مع أهوائنا فاستغليناها للظهور، ولكن هذا لا يعني أنهم اشترونا، بالعكس الإعلام العربي موجه بطريقة ( قذرة)، ويتحكم بكل شيء، بينما الحرة هي قناة (ليبرالية) تحاول أن توضح الكثير من الأفكار المتخلفة في العالم العربي. ولن يشعر بكلامي هذا إلا من عمل في الحرة أو من سيعمل فيها لاحقا. وعندما سألتها، ماذا تقصدين بأن الإعلام العربي موجه بطريقة قذرة؟ قالت: يقلقني أن يتحكم رأس المال بطريقة تلغي دور الإعلام الحقيقي، لان مثلا قبل فترة كنت حاضره منتدى الفضائيات وكانوا يتحدثون عن الفضائيات التي يرونها هابطة، وهذا شي مزعج لان رأس المال هو المتحكم بالإعلام، والآن أصبح التاجر وصاحب الإعلان هو المتحكم بالمادة التي تقدم لمجتمع بأكمله، التاجر أصبح هو المتحكم وهو الذي يدفع المجتمع لمزيد من التخلف، لم تعد مهمة الإعلام يثقف ويوعي، بل أصبح يكرس أمور خاطئة وقيم مستحدثه مفروض أنها تلغى. وتؤكد نادين أنها رفضت الكثير من العروض التي وصلتها من قنوات أخرى " لأن مستوى الجرأة والحرية فيها كان أقل من المطلوب، ولا يوجد لها سقف كبير للحرية". نادين البدير خرجت من عائلة متفتحة، وكانت هي الوحيدة في عائلتها التي تكتب في الصحافة، ولم يكن هناك من رفض ذلك إطلاقًا. وبطبيعة الحال فإن نادين مثلها مثل الكثيرات من بنات جيلها، ممن خرجن من تحت عباءة التقاليد، وتمردن على واقعهن الذي يرينه واقعًا مؤسفًا ومؤلمًا للمرأة السعودية، لم تكن بمنأى عن رسائل التهديد، فقد تعرضت للكثير من المضايقات و"التهديدات" من قبل مجهولين يطالبونها بالتوقف عن الكتابة أو ستتعرض للأذى.
كانوا يرسلون إلي إيميلات، ويهددونني حتى أتوقف، ولكنني لم أهتم بها، لأنها كتابات سخيفة، وبلغة عامية، وأستغرب ممن يلتفتن لمثل هذه التهديدات الفارغة، لأن صاحبها شخص وهمي وغير معروف. والدتي كانت تشجعني كثيرًا وتشد على يدي لأتجاوز هذه التهديدات". وتعترف نادين بأن النقد القاسي الذي تتعرض له دومًا، من قبل الكثيرين لم يعد يؤثر فيها... "حين تعرضت لأول نقد جارح صُدمت، وتأثرت به، فقد كتبت مقالاً بعنوان –رسالة إلى حماس- انتبهوا- وكنت احاول تحذير حماس بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين من أن الدور القادم على الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، فكتب احدهم مقالاً قاسيًا يطالبني بعدم الحديث عن الشيخ احمد ياسين والرنتيسي رحمهما الله لأنهما شيوخ دين(!) ولا يفترض أن اكتب أنا عنهم! على الرغم من قسوة تلك البداية، والنقد الجارح الذي تعرضت له نادين، إلا أنها قررت المضي قدمًا في طريقها لمواصلة الرسالة التي تؤمن بها، وهي الدفاع عن حقوق المرأة السعودية والخليجية، بل على العكس فإنها مدينة لتلك البداية لأن كل ما سيأتي بعدها لن يكون أكثر تأثيرًا فيها
ايلاف - فهد سعود من الكويت

نعم انتصرت حماس

انتهى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يقرب من أسبوعين، وكانت آثار الخراب والدمار واضحة وضوح الشمس وتملأ الأركان وذلك ما أكدته لنا شاشات الفضائيات أيضاً من خلال ما نقلته من مشاهد يندى لها الجبين وتُدمي القلب، ولكن على ما يبدو أن قادة حماس عمي البصر والبصيرة، إذ خرج علينا قادتهم ليتحفونا ببياناتهم التي خَلت تلك المرة من الشجب والإدانة لتمتلئ بالكذب والسخافة بإعلانهم النصر المبين على إسرائيل وبقية تلك الخُطب النارية العنترية التي اعتادها العرب مدعمين خُطبهم بغلاف ديني لدغدغة المشاعر وجذب عطف وتأييد الكثيرين إذ لا يُخفى عليكم أن اللعب بورقة الدين في شرقنا دوماً يحقق أعلى المكاسب بل قل كلها على الإطلاق. وخطبهم الحماسية تلك ملأت شاشات الفضائيات وأخذوا يستمرون بعنتريتهم ويملون شروطهم على العدو الإسرائيلي وكأنهم فعلاً الطرف الأقوى بالحرب، وهذا يدل على أنهم ممن يكذبون ويستغرقون بكذبهم لدرجة تصديق أنفسهم، وكأن الشعب الفلسطيني كان في نزهة طويلة للمرح أو أن ما حدث من مآسي إنسانية غير كافي لإرضاء غرورهم وتلك الدماء لأولئك الأبرياء ليس لها أي ثمن لديهم طالما أنها بعيدة عن أولادهم وذويهم ممن اختبئوا معهم في الخنادق أو في فنادق سوريا وإيران.
ألم تشهدوا دماء الأطفال وأشلاءهم التي ملأت الشوارع؟؟! ألم تلمحوا بعيونهم نظرات الرعب؟! والخوف الذي ملأ كيانهم إثر ما شاهدوه من دمار حولهم أو ما خلفته الحرب في بعضهم من عاهات مستديمة أو تجارب مريرة لا تمحوها الأيام والسنون؟؟!!
شاهدت بالأمس منظر أولئك الأطفال الذي أدمى قلبي قبل عيني، حيث شاهدت فتاة في عمر الزهور لا تتعدى الثامنة عشر وكانت تبكي بمرارة وحرقة وتسرد قصتها مع أيام العدوان وكيف أنها الآن تعاني من كوابيس مزعجة أثناء النوم وفزعتها الدائمة والمستمرة حين يمر أحد بجانبها، وطفل آخر صغير لا يتعدى الثامنة من عمره ورأى أسرته بالكامل مطروحة على الأرض بجواره غارقة بدمائها وأنه لم يستطع نسيان ما رآه، وأخذت قافلة من الأطباء النفسيين التي ذهبت لمساندتهم تحكي كيف أن الشعب الفلسطيني وخاصة الأطفال والسيدات منهم يعانون آثار نفسية هائلة.
لن أعلق بمزيد من الكلمات إذ أجد أن الكلمات تقف عاجزة عن التعبير، فأحياناً نكون المواقف أكبر من الكلمات ولكني أتوجه بنداء لحماس وأمثالها من تلك الحركات التي تلعب بورقة الدين أن يكفوا عن المتاجرة بدماء شعوبهم، ونداء إلى الجهلة من بني وطني الذين طالبوا الرئيس بالمشاركة في تلك الحرب أن يكفوا عن الهراء والعنترية وأن ينظروا للأمور بمنظور عقلاني وليقدموا جواب شكر للرئيس لحكمته في التصرف وأنه وقاهم شر حرب لا تترك إلا الخراب والدمار في النفس والمكان على السواء
بقلم: أماني موسى

عادل إمام يسخر من "نصر غزة": لم نر إلا قادة فضائيات

في حوار مطول مع "العربية.نت" شرح الفنان المصري عادل إمام موقفه من حركة حماس وحرب غزة، والذي أدى إلى صدور فتوى بقتله منسوبة لتنظيم القاعدة في المغرب العربى

وسخر من الحديث عن تحقيق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للنصر في غزة ووصفه بأنه "تخدير للناس" وقال: لم نر إلا حربا شنها قادة من الفضائيات، وهذه لا تصنع انتصارا، بل وطنا يتقاسمه الطير.

وشن إمام هجوما علي منتقدي مصر ومهاجميها في أزمة غزة، ووصفهم بأنهم جهلاء لا يدركون حقيقة الدور الذي تتحملة مصر. وقال إن هناك أشخاصا "أكل عيشهم من الهجوم علي مصر ". ووجه عتابا إلى الفنان السوري المعروف دريد لحام وزميلته منى واصف على انتقادهما له على خلفية تصريحات منسوبة له عن حماس، وقال إنه توقع لو اتصلا به هاتفيا للتأكد منه، فيما أشاد بموقع "العربية نت" ودقته والتي قال "إنه لمسها بنفسه". وأضاف بخصوص تهديدات تنظيم القاعدة بالمغرب العربي بقتله، ردا على موقفه من حماس، أنه لم يعد يخشى الموت ولن يرهبه تهديد تنظيم القاعدة في المغرب ولا فتاوى زعيمه (أبو مصعب عبدالودود) ولا فتاوى بن لادن، "فالله كتب كل شئ، وهو مؤمن بقضاء الله ولن يتراجع عن موقف اتخذه أو تصريح قاله شرط، ألا يتم تحريفه مثلما حدث بشأن التصريحات التي نسبت له عن حماس، وآخرها ما نشرته جريدة مصرية مستقلة يرأس تحريرها واحد من أصدقائي".
وكان أبو مصعب عبدالودود زعيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب)، أصدر في وقت سابق فتوى أهدر فيها دم الفنان المصري، بسبب انتقاده حماس والتظاهرات التي خرجت في مصر تندد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
لست في خندق ضرب حماس الحرب التي شهدناها كانت من خلال قادة الفضائيات وقادة الخنادق وقادة الخارج وقادة الداخل وقادة الحوار وقادة السلم، وهذه لا تصنع حربا حقيقية بل وطنا يتقاسمه الطير وقال إمام "لم أهاجم حماس ولا القضية الفلسطينية، ولا أقف في خندق مؤيدي ضرب الحمساويين كما ردد بعض الموتورين الذين لو كلف احدهم نفسه واطلع على تصريحاتي الأصلية أو اتصل بمكتبي لعرف الحقيقة، لكنهم يريدون إشعال حريق وهدم كل ما هو مصري في هوجة الهجوم على مصر".
وأضاف "كان من الأفضل بالنسبة لحماس أن تستعد جيدا قبل الحرب، وأن توجه الناس وتحذرهم وتعرفهم كيف يتصرفون في مثل هذه المواقف، وتقدر قوتها وقوة عدوها حفاظا على شعبها من حرب تستخدم فيها كل أنواع الاسلحة التي لا تفرق بين مسلح وأعزل". وقال "الحرب التي شهدناها كانت من خلال قادة الفضائيات وقادة الخنادق وقادة الخارج وقادة الداخل وقادة الحوار وقادة السلم، وهذه لا تصنع حربا حقيقية بل وطنا يتقاسمه الطير" .
وتابع "في غزة وجدنا الناس تموت والأطفال تتقطع أوصالهم، والبيوت تهدم فوقهم، وفي نفس الوقت نجد هنا من يتحدث عن النصر. هذا تخدير للناس". وأوضح أن الخلاف بين حماس وفتح يضر بالقضية الفلسطينية ويصب في مصلحة اسرائيل، ونتيجته أن العرب دفعوا الثمن وهو ثمن إعمار غزة، والمفروض أن تقوم اسرائيل بدفع ثمن كل ما فعلته، وتتحمل نفقات إعمار القطاع".
حراسة أمنية
الحارس هو الله والحامي هو الله، وأينما تكونوا يدرككم الموت. الرب هو الذي يحميني لانه يعرف أني عميل لمصر وعميل لوطني ولن أسمح بالهجوم عليه ولن تخيفني فتاوى الفيس بوك باهدار دمي واستطرد إمام "كنت مصدوما من حجم الهجوم على مصر. وتساءلت: اذا كانت الدول التي تهاجم مصر ترفض ما يحدث فلماذا لا تعلن الحرب، أو تسمح لأبنائها بالسفر والمشاركة في الحرب بدلا من أن تجمعهم أمام السفارات المصرية لحرق علمها وضرب سفاراتها بالاحذية. لي أصدقاء ماتوا وهم يدافعون عن الدم الفلسطيني، لقد تخيلتهم وبكيت عليهم، وأنا أشاهد تلك المظاهرات".
وضرب الزعيم مثلا برئيس تحرير صحيفة القدس العربي التي تصدر في لندن عبد الباري عطوان مضيفا باللهجة العامية المصرية "عطوان يكره مصر فيما يمكن أن نسميه بالكره المرضي، لدرجة أنك لو سألته الساعة كام، هيقولك مصر خاينة، ولو سألته اخبار صحتك إيه هيقولك أنا كويس لكن مصر عميلة".
وواصل عادل إمام بقوله "لا يمكن أن تتخيل مثلا أن رئيس دولة يضرب ابناء شعبه بالطائرات، وقتل في المعتقلات ما يزيد عن 100 ألف شخص، ووضع معارضين له في حمض الكبريتيك المركز حتي ذابوا، يمكن أن يسمح بخروج نملة الي الشارع إلا اذا كانت بمعرفته وبتوقيع خاص منه لكي يصفي حساباته مع مصر ومع قياداتها".
وعاد إلى لهجته العامية متسائلا "طيب خليهم كده يطلعوا يعملوا مظاهرة تطالب بالديمقراطية وشوف اللي هيحصل له ايه؟". وحول الحراسة الأمنية التي تخصصها وزارة الداخلية المصرية له، قال إمام "الحارس هو الله والحامي هو الله، وأينما تكونوا يدرككم الموت. أشعر أن الرب يحميني لانه يعرف أني عميل لمصر وعميل لوطني ولن أسمح بالهجوم عليه ولن تخيفني فتاوى الفيس بوك باهدار دمي".
وردا علي سؤال "العربية.نت" عن حدوث عتاب من رجل الاعمل الإخواني نبيل مقبل والد زوج ابنته، رد إمام: المهندس نبيل رجل محترم ويعرف أن لكل انسان منهجا يتحرك من خلاله، لكن علينا جميعا أن نتكاتف كأبناء وطن واحد وقت المحن، وهو يعرف ذلك ولم يتحدث معي حتي في الانتقادات التي وجهتها للاخوان المسلمين، بالعكس الذي تحدث معي هو قيادي آخر خلال برنامج 90 دقيقة بقناة المحور. سألته عندما حاول أن يدور في الكلام: أنت مصري ولا اخواني، فقال لي أنت عندك حق ولكن كلامك ليس وقته الآن".

مصدوم من دريد لحام

وحول هجوم الفنان السوري دريد لحام عليه سكت إمام بعض الوقت قبل أن يجيب "أنا لا أتخيل أن يهاجمني صديقي لحام دون أن يرفع سماعة التليفون ويسألني هو أو منى واصف أو غيرهم من الأصدقاء والزملاء.
كنت أتخيل انهم غير ذلك، ولهذا لن أرد الهجوم ولن أعلق". وأضاف "فقط أعيد التأكيد عبر (العربية.نت) التي أقدرها لأنها تتحرى الدقة في معلوماتها وهذا ما لمسته بنفسي. أنا ضد من ينصب نفسه حاميا للقضية الفلسطينية، يعطي صكوك الولاء والخيانة لمن يشاء ويزيف الحقائق لتحقيق مكاسب شخصية". واستطرد "أؤكد من جديد أنني مع المقاومة الفلسطينية ومع الحق في الدفاع عن الأرض ضد المحتل بكل الطرق، وهو الحق الذي لا يمكن أن يتوافر بغير اتحاد كل الفصائل والقوى الفلسطينية، وبينهم أصدقاء لي من فصائل مختلفة، أوجه لهم نداء لكي يتحدوا وينسوا كل الخلافات، وعليهم توحيد صفوفهم حتى تصبح قوتهم مؤثرة في وجه الاحتلال".
قال الروائى بهاء طاهر إن «الثقافة لم تعد لها قيمة فى المجتمع المصرى، وسط غياب دور المثقفين سواء فى مصر أو الدول العربية»،
مشيراً إلى أن الحديث عن الثقافة فى الوقت الراهن هو على سبيل «العزاء» وليس الحقيقة الموجودة على أرض الواقع. وأضاف أن «رجال الأمن» وحدهم، هم الذين يديرون كل شىء بما فيه الثقافة فى مصر وجميع الأقطار العربية.
وأكد بهاء، الحاصل على الجائزة العالمية للرواية العربية، أن المثقف لم يعد له أى دور، سوى الصمت و«السير جانب الحيط»، فضلاً عن التظاهر بأنه ينتظر أن تواتيه الفرصة لينهض بالمجتمع من جديد.
وخلال فعاليات سلسلة الشهادات التى ينظمها معرض القاهرة الدولى للكتاب أمس، لفت طاهر الأنظار إلى أن النظام التعليمى «الفاسد» فى مصر، و«تدنى دور أجهزة الإعلام والصحافة التى أصبح يديرها الأمن»، هى من أسباب تدهور أهمية الثقافة فى المجتمع مشيراً إلى أنه لم يعد هناك اهتمام بتنمية عقول الشباب والأجيال الجديدة.
وأرجع طاهر اختفاء المثقف من المجتمع إلى التزاوج والاستقطاب بين السلطة الحاكمة، والوعاظ الدينيين من التيارات السلفية الذين استطاعوا أن يحاسبوا المثقفين وكأنهم يملكون «صكوك غفران» - على حد تعبيره - مما أحدث تفريغاً للمجتمع من قادة الفكر، وسط تكريس لرأى الحاكم، وعدم تطوير للمفاهيم الدينية.
وتعجب كاتب رواية «الحب فى المنفى» من جهل الدول العربية بالكتاب المصريين، فى حين أن جميع المثقفين العرب معروفون فى مصر، أكثر من الروائيين المصريين أنفسهم، داعياً شباب المبدعين إلى عدم اليأس من حالة الإحباط التى يعيشها المجتمع المصرى، وأن يواصلوا الكتابة والمقاومة.
وقال إنه على الكاتب أن يقوم بدوره كقائد لمجتمعه، ويقدم خلاصة تجاربه التى تجاوزت السبعين، بدلاً من أن «يتم التعدى عليه فى المظاهرات، وإن لم يعد هناك ملاذ للمثقف فى مصر سوى المظاهرات والاحتجاجات ليعبر عن رأيه».
فى السياق ذاته، اعتبر بهاء طاهر أن فلسطين هم مصرى، وأن المشروع الصهيونى القديم، مازال قائماً ويتم تنفيذه دائماً لتطبيق مقولة من النيل إلى الفترات، مشيراً إلى أنه حرص دائماً على تناول القضية الفلسطينية فى رواياته.
ووصف ما حدث فى قطاع غزة بأنه «انهيار للوضع العربى» الذى اتضح أنه «عاجز» تماماً عن تحقيق «الوحدة العربية» ولا ينجح إلا فى الانقسام، وكأن لسان حاله يقول: «لا تعايرينى ولا أعايره.. الهم طايلنى وطايله».
المصري اليوم - كتب -علا عبدالله

مركز الكلمة لحقوق الإنسان يُصدر تقريره الأول عن الحريات الدينية في مصر 2008

تحت شعار "عام 2008 قمع الحريات الدينية في مصر" أصدر مركز الكلمة لحقوق الإنسان تقريره السنوي الأول عن الحريات الدينية في مصر خلال عام 2008، وقد تعرض التقرير بالرصد للانتهاكات التي تعرضت لها الأقليات الدينية في مصر خلال العام. وأكد التقرير على سياسة القمع التي انتهجتها الحكومة المصرية في مواجهة وأحكام القبضة الحديدية على حرية الدين والمُعتقد، ورصد التقرير الملاحقات القضائية للأقلية المسيحية المتعلقة برفض المحاكم المصرية إثبات ديانة مسلمين تحوّلوا إلى المسيحية (تنصروا) في الأوراق الثبوتية بالدولة في إشارة إلى قضية المُتنّصر محمد حجازي، وماهر المعُتصم، وذلك استناداً إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي ينص عليها دستور البلاد في مادته الثانية.
كما رصد التقرير ازدراء المحاكم المصرية في حيثيات أحكامها بالعقيدة المسيحية خاصة في القضايا المتعلقة بالتحول الديني، وانتزاع الأطفال الصغار من حضانة أمهاتهم لوالدهم الذي أشهر إسلامه، وذلك في إشارة إلى فضية المُتنّصر محمد حجازي التي حملت رقم 35647 لسنة 61 ق، والتي أشارت حيثيات حكم المحكمة فيها إلى أن تحوّل حجازي إلى المسيحية بمثابة سوء مسلك وانحراف هوى وأن هناك أفضلية لدين على دين آخر.
كما أنه في قضية انتزاع حضانة الطفلتين القاصرتين أشرقت ( 12 عاماً) وماريا (8 أعوام) أشارت حيثيات الحكم في القضية التي حملت رقم 229 لسنة 2007 إلى أن ضرورة انتزاع الطفلتين المذكورتين من حضانة أمهما المسيحية لئلا يحدث لهما الضرر المتمثل في أن تصطحبهما معها إلى معابدها أو كنائسها.
وقد حدث ما يشابهه ذلك في قضية الطفلين ماريو وأندرو التي أصدرت المحاكم المصرية حكماً بانتزاعهما من حضانة والدتهما السيدة كاميليا لطفي، وضمهما إلى حضانة والدهما الذي أشهر إسلامه رغماً عنهما. ورصد التقرير تصاعد حدة التشدد الديني داخل البرلمان المصري، وهو ما يُشكّل خطراً على حقوق الأقليات الدينية ورفض وتهميش كل ما هو غير مسلم حيث رصد التقرير تنافساً محموماً بين أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والدكتور مفيد شهاب وزير الدولة لشئون المجالس النيابية والبرلمانية المحسوب على الحزب الوطني الحاكم، والذي أكد عند مناقشة البرلمان لقانون الطفل في الجلسة المنعقدة في 1 يونيو 2008 على انه من الضروري عدم إقرار أي نص فيه أي خروج على أحكام الشريعة الإسلامية، وأنه إذا تبين أن هناك فيه خروج على أحكام الشريعة الإسلامية فيجب عدم الموافقة عليه بأي حال من الأحوال.
كما رصد التقرير هياج البرلمان المصري عندما وقف وزير العدل د. ممدوح مرعي لمناقشة قانون الطفل مُفتتحاً حديث بـعبارة (بسم الله الذي نعبده جميعاً) ومطالبته بافتتاح حديثه بـالبسملة الإسلامية.
كما تم رصد حالة استهداف لرجل أعمال قبطي وتحميله وحده عبء المسئولية في انقلاب أتوبيس مغاغة الذي راح ضحيته 75 قتيلاً، والتلويح بأن الرجل يأخذ مشروع نقل الركاب بالمنيا عن طريق لوي الدراع. كما أشار التقرير إلى الحكم الصادر في 12 أكتوبر الماضي ضد الكاهن متاؤوس عباس وهبة الذي حكمت عليه المحاكم المصرية بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات بتهمة التزوير في أوراق ثبوتية وإتمام عقد قران لمسلمة غيّرت ديانتها إلى المسيحية وأنه كان يعلم بذلك، وهو ما نفاه الكاهن المذكور -الذي يقضي عقوبة السجن المقررة الآن بسجن طره بحلوان-.
وقد استنكر قداسة البابا هذا الحكم معتبراً إياه سابقة سوداء في تاريخ القضاء المصري، وطالبت أيضاً منظمات حقوقية بالإفراج عن الكاهن المحبوس أو إصدار عفواً رئاسياً عنه أسوة بما فعله الرئيس المصري محمد حسني مبارك مع الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور المصرية المستقلة. يذكر أن التهمة وُجّهت إلى متهمين مع الكاهن المذكور وُجّهت إليهما هذه التهم وقد حُكم عليهما غيابياً إلا الكاهن الذي حكمت عليه المحكمة حضورياً، ورصد التقرير رفض المحاكم المصرية شهادة مسيحيين وفقاً للأحكام الشرعية، في إشارة إلى رفض محكمة شبرا الخيمة لشئون الأسرة سماع شهادة مواطن مصري مسيحي أحضره جاره المسلم للشهادة في المحكمة المذكورة لإثبات وفاة والده إلا أن المحكمة طالبت المسلم بإحضار شاهد مسلم ليشهد في القضية لأنه لا يجوز شرعاً شهادة غير المسلم على المسلم حتى في إعلام الوراثة، وقد حملت هذه القضية رقم 1824 لسنة 2008 وراثات شبرا الخيمة. وأشار التقرير إلى أن المحاكم المثرية ألزمت الكنيسة المصرية بالزواج الثاني الأمر الذي يعد تحريضاً على دفع الكنيسة لمخالفة التعاليم الكنسية وتعاليم الإنجيل المقدس، وقد استنكر البابا شنوده الثالث الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في مارس الماضي بإلزام الكنيسة المصرية الزواج الثاني للمطلق، بقوله لجريدة الأهرام الرسمية الصادرة الثلاثاء 4 مارس 2008.
وتتبع التقرير الحكم الصادر في من محكمة المحكمة الإدارية العليا في فبراير 2008 بالسماح لمسيحيين اعتنقوا الإسلام بالعودة لديانتهم المسيحية، وإلزام وزارة الداخلية بأن تصدر للمدعين شهادات ميلاد ووثائق هوية تنص على أنهم مسيحيون ولكن في إشارة إلى اعتناقهم للإسلام سابقاً. وقد اعتبر حقوقيون أن كتابة مسلم سابقاً تعطي إيحاء إلى معاملة هؤلاء معاملة غير سوية تؤثر من قبل متطرفين ومتشددين في المصالح الحكومية والخدمية بالدولة، وإلى الآن تصر الداخلية المصرية على عدم تنفيذ هذا الحكم في تعدي صارخ لأحكام القضاء وحقوق هؤلاء في حرية الاعتقاد الديني، كما تغير الداخلية المصرية أسماء وديانات الصغار الذين تحول والدهم إلى الإسلام إلى أسماء وديانات إسلامية تنفيذاً للأحكام الشرعية التي تنص على ضرورة تبعية الأبناء لدين والدهم الذي أشهر إسلامه وهو ما يعتبر تعديّاً على سلطة وزارة العدل وحق الإنسان في اختيار دينه واسمه.
ورصد التقرير ملاحقة الأمن المصري للمتنصرين والمدونين في إشارة إلى اعتقال هاني نظير الذي اعتقلته الجهات الأمنية لنشره كتابات اعتبرها الأمن أنها مسيئة للإسلام وما زال المذكور رهن الاعتقال بموجب قانون الطوارئ حتى وقت صدور هذا التقرير. كما رصد التقرير قيام الأمن المصري بسحب جنسية وجواز سفر مواطن مصري مسلم لمجرد أن علم الأمن بتردده على الكنيسة المصرية لتهنئة إخوته المسيحيين بالأعياد في قبرص، وتتبع التقرير ملاحقة الأمن المصري للمتنصرة زينب سعيد عبد العزيز أبو لبن (مرثا صموئيل ميخائيل) واثنين هما زوجها المهندس جورج حنا مرقس والمحامي مسعود جرجس مسعود، وحبسهما بتهمة إنهما ساعدا المتنصرة في استخراج أوراق ثبوتية مزورة، وكان جهاز أمن الدولة قد قام بالقبض على المتنصرة مرثا صموئيل (24 عاماً) وزوجها في مطار القاهرة أثناء محاولتهما للسفر إلى روسيا، كما تم القبض على اثنين هما جورج حنا مرقس، ومسعود جرجس مسعود واتهمهما بتزوير أوراق رسمية للمذكورة وقد تم حبسهما، وقد لتعرضت المتنصرة بتهديدات في قسم شرطة النزهة لكي تعدل عن إيمانها المسيحي، وكذلك تعرضت لضغوط شديدة داخل السجن. وقد أصدر قاضي المعارضات بغرفة المشورة بمحكمة جنايات القاهرة بالعباسية أثناء إعداد هذا التقرير قرار بالإفراج عن المتهمين الثلاثة بكفالة ورغم استئناف المحكمة على الحكم إلا أن المحكمة أيدت الحكم بالإفراج، وهناك تخوفات من القبض على المتهمين بعد الإفراج عنهم بموجب قانون الطوارئ. هذا وقد رصد هذا التقرير حوادث العدوان الطائفي على المسيحيين، سواء احدث الطيبة بسمالوط وأحداث قرية دفش وكوم المحرص وعين شمس، ورشيد، وإغلاق الأمن المصري لمباني خدمات بالإسكندرية، وتتبع التقرير الممارسات رفض الحكومة المصرية الاعتراف بهوية المواطنين البهائيين في الأوراق الثبوتية رغم صدور حكم قضائي بالسماح لهم بترك خانة الديانة خالية أو وضع شرطة، ومنع نقابة الصحفيين إقامة مؤتمر صحفي بحجة حضور بهائية لإلقاء كلمة وهي د. بسمة موسى. ورصد التقرير اعتصام محمد الدريني أمام مكتب النائب العام أواخر 2008، واعتقال القرآني رضا عبد الرحمن في شهر أكتوبر الماضي وقد تم الإفراج عنه وقت إعداد هذا التقرير

الملط يتهم الحكومة بالتسيب والاستخفاف وإهدار المال العام وارتكاب جرائم سياسية


شن المستشار جودت الملط ، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ، هجوماً عنيفاً على الحكومة، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب أمس.
وقال فى رده على النائب أحمد عز إنه لا تجب المقارنة بين الاقتصاد الأمريكى والأوروبى ودول شرق آسيا وبين الاقتصاد المصرى،
فيما يخص نسبة الدين والعجز فى الموازنة والإقراض، مشيراً إلى أن هذه الدول تقترض من أجل إقامة العديد من الاستثمارات والمشروعات، أما فى مصر فإن الاقتراض يتم التغطية عجز الموازنة.
وكشف «الملط» عن أن رصيد المتأخرات والمستحقات الحكومية مع بداية تكليف الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، فى ١٣ يوليو ٢٠٠٤، كان ٦٤.٨ مليار جنيه، وقفز فى ٣٠ يونيو ٢٠٠٨ إلى ١٠١ مليار جنيه، منها ٥٢ مليار جنيه متأخرات جمارك، و٢.٣ مليار جنيه ضرائب مبيعات، و٢.٤ مليار على وحدات الإدارة المحلية، و١.٨ مليار جنيه على الهيئات الخدمية،
إضافة إلى متأخرات تصل إلى ٦.٤ مليار رسوماً قضائية وغرامات و١.٢ مليار جنيه لدى بعض الهيئات الاقتصادية والمؤسسات الصحفية، ورصيد متأخرات رسوم الشهر العقارى ٦٠٠ مليون جنيه.
وأكد الملط أن صافى الدين بلغ فى ٣٠ يونيو ٢٠٠٨ نحو «٦٦٦.٩ مليار جنيه» بنسبة ٧٤.٤٪ من إجمالى الناتج المحلى، منه ٤٨٧.٧ مليار ديناً حكومياً، و٥٠.١ مليار جنيه ديوناً على الهيئات، و١٣٨.١ مليار جنيه على بنك الاستثمار القومى.
وقال رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات إن نصيب الفرد من الدين الداخلى فقط حتى ٣٠ يونيو ٢٠٠٨ يبلغ ٨٥٢٧ جنيهاً، فى الوقت الذى كان نصيب الفرد فى العام الماضى من هذا الدين ٨٢٩٥ جنيهاً،
وأشار إلى أن عبء حزمة الدين الحكومى الداخلى والخارجى عن سنة واحدة يبلغ ٥٨.٦ مليار جنيه، وقال إن نسبة أعباء خدمة الدين العام الحكومى الداخلى والخارجى تبلغ ٢٠٪ من الاستخدامات.
وحول المشروعات التى تقوم بها الوزارات والمصالح الحكومية، قال الملط إنها لا تخضع لدراسات دقيقة ويشوبها عدم الدقة والإهمال والتقصير والتسيب والاستخفاف وإهدار المال العام.
وكشف الملط عن لقاء جمعه ورئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، فى إحدى المناسبات القومية،
وقال: «أبلغته بهذا الأمر، وكان رد رئيس الوزراء بأن ما قلته صحيح، وأن المشروعات ليست على المستوى».
ولفت الملط إلى أن الدراسات الأولية لبعض المشروعات تقول إن تكلفتها تصل إلى ١٠٠ مليون جنيه، وتقفز فيما بعد إلى مليار جنيه نتيجة التعديل والإضافة والدراسات التى أعدت بـ«خفة».
ووصف الملط ما يحدث بـ«الجرائم السياسية»، وقال: «على كل شخص أن يحاسب مرؤوسيه، وأن يحاسب ويراقب مجلس الشعب الحكومة»،
وقال: «إن الجهاز ليس من سلطته المحاسبة، ولكن طبقاً للقانون والدستور فإنه معاون لمجلس الشعب»، وتابع: «الجهاز لا يستطيع إحالة هذه الأمور إلى النيابة العامة أو النائب العام».
كتب عماد فؤاد ومحمد عبدالقادر ٢٨/ ١/ ٢٠٠٩
المصرى اليوم

Tuesday, January 27, 2009

الدورة 41 لمعرض القاهرة للكتاب.. تراجع أم مراجعة

القاهرة (رويترز) - حتى بدايات التسعينيات كان معرض القاهرة الدولي للكتاب عرسا ثقافيا عربيا يجد فيه المتعاملون مع كلمة "ثقافة" ما يريدونه.. بداية من أمسيات شعرية شعبية كان بطلها نزار قباني مرورا بأمسيات محمود درويش وندوات في السياسة لمتحدثين مثل البابا شنودة الثالث ومحمد حسنين هيكل.
كما كانت المناظرات الفكرية تحظى باهتمام جماهيري واضح خاصة اذا كان طرفاها علمانيين واسلاميين وهو ما دفع ادارة المعرض لاعادة النظر فيها حيث قيل ان مناظرة من هذا النوع بين اسلاميين منهم الشيخ محمد الغزالي وعلمانيين منهم فرج فودة أدت الى اغتيال فودة أمام منزله في يونيو حزيران 1992 بجحة أنه مرتد عن الاسلام.
وكانت القاعة التي يحاضر فيها هيكل أو شنودة أو يلقي فيها عبد الرحمن الابنودي أو نزار أو درويش شعرا تضيق بالجمهور فتضطر ادارة المعرض للاستعانة بمكبرات صوت في الساحة التي زرعت فيها هذا العام بوابة حديدية ضخمة وحولتها الى ما يشبه المعسكر.
وتوقف توجيه الدعوة لهيكل للقائه السنوي بالجمهور بعد ندوته الشهيرة التي انتقد فيها موقف الحكومة المصرية من الحرب التي شنها حلفاء على العراق في يناير كانون الثاني 1991 بعد احتلاله الكويت. وهيكل ليس ضمن العشرات من الكتاب والمثقفين الذين يحاورهم الرئيس المصري حسني مبارك في لقاء تقليدي يوم افتتاح المعرض سنويا.
وافتتحت الدورة الحادية والاربعون لمعرض الكتاب الاربعاء الماضي وقال ناصر الانصاري رئيس مجلس ادارة الهيئة المصرية العامة للكتاب منظمة المعرض ان 765 ناشرا يمثلون 27 دولة منها 16 دولة عربية يشاركون في المعرض الحالي الذي ينتهي في الخامس من فبراير شباط وتحل فيه بريطانيا ضيف شرف.
وأعلن المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة في وقت سابق أنه أعد برنامجا متكاملا لتمثيل بريطانيا وثقافتها ويتضمن أمسيات شعرية وأنشطة ثقافية وموسيقية وعروضا مسرحية وسينمائية.
وأصابت رواد المعرض الدهشة وهم يشاهدون عروض فرقة (مسرح الطبيعة) البريطاني والتي قدمت محاكاة ساخرة مثيرة للضحك لشخصيات بريطانية غريبة الاطوار حيث كان الممثلون يتجولون وسط الجمهور وهم يرتدون أقنعة ويؤدون حركات تمثيلية كما ارتدى ممثل وممثلة في رأسيهما انائين مملوئين بالورود ورفعا أيديهما لتحية الجمهور الذي لا يرى رأسيهما.
وتساءلت الناقدة عزة هيكل أستاذة الادب الانجليزي بجامعة عين شمس عن معايير اختيار ضيف الشرف وهل يشارك مثقفون متخصصون في هذا الاختيار أو اقتراح ما يمكن أن يقدمه الضيف خلال "معرض للكتاب وليس مهرجانا للفنون الشعبية" في اشارة الى عروض فرقة مسرح الطبيعة.
وقالت ان ما تراه تراجعا لاداء معرض القاهرة للكتاب سببه "وجود (تحكم) مجموعة من الموظفين الاداريين الذي لا يسمحون بالتطوير الحقيقي لبرنامج المعرض.. لا يعرفون ولا يتركون غيرهم يفعل" مضيفة أن مصر غنية بالمواهب الثقافية والادارية التي قالت انها تستبعد من المشاركة في مثل هذه الانشطة.
وبعيدا عن غياب الندوات السياسية والشخصيات التي تحظى بالاهتمام الكبير اختفى هذا العام مقهى المثقفين. وهو مقهى عادي كان منتدى حقيقيا لمعظم رواد المعرض.
وقال الشاعر المصري أسامة عفيفي ان "اختفاء المقهى سابقة غريبة مثيرة للتساؤلات والتكهنات" مضيفا أنه أيا كانت مبررات مسؤولي المعرض فان الغاء المقهى "هدم لطقس" كان يمثل ظاهرة ثقافية مستقلة وموازية لانشطة رسمية داخل المعرض حيث كان يشهد جلسات نقاش أكثر سخونة مما يدور في الندوات كما كان شعراء عرب بارزون يلتقون فيه بأصدقائهم وبرواد المعرض قبل الامسيات وبعدها.
ورجح أن "النظام أصابه الرعب من أي تجمع ولو داخل أسوار معرض الكتاب."
لكن علاء عبد الهادي المستشار الاعلامي لهيئة الكتاب نفى هذا الاحتمال قائلا إن الغاء المقهي كمكان لتقديم المشروبات والمأكولات "مجرد اجراء تنظيمي من هيئة المعارض (حيث يقام معرض الكتاب) والهيئة ملتزمة به" في اشارة الى الهيئة المصرية العامة للكتاب منظمة المعرض مضيفا أن الانصاري رئيس هيئة الكتاب "كان يفضل الجلوس على المقهى" بين الحين والاخر في السنوات الماضية.
وينظم المعرض هذا العام عروضا لافلام بريطانية منها (حب في نوتينج هيل) و(العميل 707) و (غاندي) و(هاري بوتر وكأس النار) و(اسكندرية كمان وكمان) و(هي فوضى) و(حسن ومرقص).
وتساءل الشاعر المصري مصطفى عبادة.. "هل تقام أمسيات للشعر وندوات عن قضايا النشر والثقافة والابداع الادبي في مهرجان السينما مثلا.. هذا ليس معرضا للكتاب بل سوقا كبيرة يباع فيها كل شيء.. يكفي القصف المتواصل لمشايخ لا ندري من ينصحون في هذه الفوضى" في اشارة الى الخطب التي تذيعها مكبرات الصوت من باعة الكتب الاسلامية.
وأضاف أن قضايا الدراما تناقش في مهرجان خاص بها وأزمة الرياضة في الاندية والمجلس الاعلى للشباب والرياضة "فلماذا يستكثرون على المعرض أنه مخصص للكتاب والابداع الادبي ويناقشون فيه مشكلات كرة القدم وأزمة الدراما المصرية
REUTERS

Friday, January 23, 2009

ساويرس يدعو الليبراليين لمساندة الحكومة ضد الإخوان ويؤكد أن الحكومة مازالت تعيش فى عباءة عبدالناصر


دعا المهندس نجيب ساويرس ، رئيس مجلس إدارة «أوراسكوم تليكوم»، القوى السياسية الليبرالية إلى مساندة الحكومة ضد «الإخوان المسلمين»، مؤكداً أن الحكومة لن تتمكن وحدها من الانتصار على الإخوان.
وقال: «ما الذى يمنع الدولة من تشكيل حكومة ائتلافية من أحزاب ليبرالية، مثل الوفد أو حزب الجبهة الديمقراطية؟ لأن ضرب الإخوان بالعصى وملاحقتهم فى الشوارع لن يكون حلاً».
أضاف: «أتفق مع الحكومة فى أن إطلاق الحرية بشكل كامل سيأتى لنا بقوى مثل الإخوان أو (حماس)، الأمر الذى سيعيدنا ٥٠ عاماً للوراء، ولست ضد الديمقراطية لكن يجب التدرج فيها مع الإسراع فى الإصلاح الاقتصادى».
وأكد ساويرس، خلال لقاء موسع عقده مساء أمس الأول بنادى «روتارى كايرو رويال»، تضامنه مع سياسة الدولة حيال أزمة قطاع غزة، وقال: «ليس مطلوباً من مصر أن تستقبل الفلسطينيين وتقيم لهم المخيمات، مثلما هو الحال فى لبنان، فهذا المخطط سينقل طهران إلى حدود مصر».
وأردف: «استبشرت خيراً بالمقاومة فى البداية، غير أن قادة حماس اختبأوا فى (جحورهم) وتركوا الشعب الفلسطينى يواجه الحرب وحده، وفى المقابل تتحدث قوى إقليمية مثل سوريا بنبرة (حنجورية)، فى حين أنها لم تطلق رصاصة واحدة ضد اليهود فى الجولان المحتلة».
وفى سياق حديثه حول الأزمة الاقتصادية، قال ساويرس إن أداء الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، كان جيداً فى البداية لكنه لم يعد يؤدى بالحماس نفسه، ملمحاً إلى أنه - أى ساويرس - يعرف الأسباب، لكنه لن يذكرها.
واعتبر ساويرس أن الحكومة المصرية غير جاهزة للتصدى للأزمة، مشيرًا إلى أن قرار الحكومة ضخ ١٥ مليار جنيه منذ ٣ أشهر لم ينفذ منه شىء، ومثل هكذا أزمات تحتاج تحركا سريعًا لكن الحكومة - للأسف - تتحرك ببطء شديد.
وانتقد ساويرس، الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى، لإصراره على عدم خفض سعر الفائدة على الإقراض، لافتا إلى أن العقدة «راكب دماغه»، رغم أن كل العالم خفض سعر الفائدة «ومحدش عارف يكلمه».
وأضاف: «المصيبة الأكبر أنك لو تنازلت وقبلت الاقتراض بمعدل الفائدة الحالية – ١٦% - ستصطدم برفض البنوك إقراضك بحجة وجود ضوابط، ولا أعرف – والكلام لساويرس- أى قيود، التى ترفض إقراض شركة موبينيل لأن شركة «أوراسكوم تليكوم» حصلت على قرض فى وقت سابق رغم علمهم أن لكل منهما كيانًا مستقلاً».
وقال إن المجموعة الاقتصادية فى ناحية ومحافظ البنك المركزى فى ناحية أخرى، وهو ما يدفعه كرجل أعمال للاقتراض من بنوك خارجية، وطالب الحكومة بضخ سيولة فى البنوك، وإلزامها بتقديم قروض للشركات.
وتهكم «ساويرس» على بعض الإجراءات الحكومية لمواجهة الأزمة، خاصة إعلانها عن تقديم مليار جنيه، دعما للتصدير، وهو الدعم الذى لم يحصل عليه أحد حتى الآن، مشيرًا إلى أن الدولة تجاهلت القطاع الخاص ولم تجلس مع أى من ممثليه للتشاور.
وأكد أن قرارات ٥ مايو الاقتصادية مضحكة، لأن رجال أعمال استثمروا فى المناطق الحرة بنظام محدد، ثم تراجعت الحكومة عن تعهداتها بعد تلك القرارات، مما يعطى الانطباع لدى أى مستثمر أجنبى بعدم جدية الحكومة التى تغير قراراتها بشكل دائم، ولا تريد أن تتراجع أو تعترف بخطئها. وتطرق إلى الأزمة العقارية الراهنة،
وأكد أن المشروعات العقارية التى تنفذها شركات الاستثمار العقارى الخليجية فى مصر لن تستكمل، موضحا أنه خلال زيارته مؤخرا دولة الإمارات، اكتشف أن مشروعات ضخمة توقفت تماما ويتم إلغاء ١٥٠٠ تصريح عمل يوميا بالإمارات، وهى المؤشرات التى اعتبرها سلبية وستنتقل لمصر.
وتابع: «المشروعات العقارية لن يكون لها أى أولوية لدى الشركات الخليجية وستقوم بوقفها لا محالة بعدما اضطرت إلى عدم استكمال بناء أبراج فى دبى، كما ألغت عقود بناء أبراج قبل الشروع فيها».
وقال إن مصر لم تخرج حتى الآن من عباءة جمال عبدالناصر رغم الحديث عن دور القطاع الخاص، الذى يتحمل ٨٠% من فرص العمل، ورغم ذلك تُصدر القرارات الاقتصادية دون استشارة القطاع الخاص فالحكومة تعتقد أنها «فاهمة»، وباقى الأطراف لا تفهم - على حد قوله.
وتوقع ساويرس أن ترتفع قيمة الدولار مستقبلا مقابل انخفاض اليورو، مبررا ذلك بأن الولايات المتحدة لديها شفافية واعترفت بالأزمة عكس الدول الأوروبية التى تحاول التخفيف منها و«التقفيل» عليها،
كما أن محافظ البنك المركزى الأوروبى يشبه محافظ البنك المركزى المصرى فى سياساته. ولخص ساويرس الأزمة بقوله إنه كرجل أعمال بدأ فى «تقليب» دفاتره مثلما يفعل أى تاجر «شاطر»، مشيرا إلى أنه يتجنب الصرف فى أمور غير مهمة، لدرجة أنه لم يشتر «بدلة» راقت له فى أحد شوارع نيويورك، بسبب حاجز «نفسى» لديه جراء الأزمة
وأكد أن الفكر الناصرى لايزال يسيطر على التوجهات الحكومية، مبرهناً على ذلك بقرارات ٥ مايو، التى اتخذتها الحكومة وتراجعت فيها عن تسهيلات قدمتها للمستثمرين، واصفاً الحكومة بأنها مازالت تعيش فى عباءة جمال عبدالناصر.
وتابع: «الأزمة العالمية تحتاج عملاً جماعياً، فى الوقت الذى تسيطر فيه (الشللية) على أداء الحكومة، وترسخ هذا المفهوم، لدرجة أن كل (واحد) فى الحكومة له (شلة) مستقلة».
كشف المهندس نجيب ساويرس، رئيس مجلس إدارة شركة «أوراسكوم تليكوم»، عن اضطراره إلى سحب جميع إيداعاته من بنك «سيتى بنك» يوم الجمعة الماضى بعد الخسائر التى منى بها البنك الأمريكى على خلفية الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وقال: أسهم البنك انخفضت بشكل غير مسبوق خلال الفترة السابقة، لذلك أصدرت أوامر مباشرة لوحداتنا، التى نملكها بعدة دول مثل الجزائر وبنجلاديش، بسحب الإيداعات ونقلها إلى أحد البنوك الفرنسية، مفسرا ذلك بتخوفه من خسارة إيداعاته، وداعب الحضور بقوله إن (فرنسا دولة «شيوعية» لا تترك أحدًا يخسر)».
وأشار إلى أن الحكومة الأمريكية أخطأت خطًأ «تاريخيًا» عندما تركت بنك «ليمان براذرز» يخسر فى بداية الأزمة، مشيرًا إلى أن مصر دولة «محظوظة» ولن تتأثر كثيرا بالأزمة، لأن الحكومة لا تفعل شيئا تخاف عليه من انعكاسات الأزمة - على حد قوله.
وتابع: «لا أعرف إلى أين تسير الأمور فى العالم، لكن ما يحدث ضرب من (الجنون) ولو استشارنى أى فرد حول إمكانية شرائه أسهمًا فى أوراسكوم تليكوم حاليا، سأقول له لا أعرف، فالشركة تحقق أرباحًا كبيرة لكن الأوضاع عالميا غير مريحة».
وكشف عن عزمه الاستغناء عن بعض الأصول غير المهمة وبيعها بهدف تقليل المخاطر، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء قد يكلفه الاستغناء عن حوالى من ٥٠٠ إلى ٦٠٠ موظف لديه، وهو ما لم يكن يتمناه غير أن الظروف الدولية سترغمه على ذلك دون خيار.
وأوضح أن هناك أملاً كبيرًا فى اتخاذ الرئيس الأمريكى باراك أوباما خطوات جادة لإنقاذ الاقتصاد، معتبرًا أن الوضع الحالى يبشر بما هو أقرب إلى الكساد الكبير، الذى ضرب الولايات المتحدة فى ثلاثينيات القرن الماضى، لاسيما أن الأزمة تفاقمت خلال عهد جورج بوش الابن، وفريقه المتخبط «الغشيم» - حسب وصفه
كتب محمد مجاهد ٢٣/ ١/ ٢٠٠٩
المصرى اليوم

Wednesday, January 21, 2009

كفاية تدعو الأحزاب والقوى السياسية إلى تشكيل ائتلاف وطنى من أجل التغيير


دعت حركة «كفاية» كل الأحزاب والقوى السياسية وقيادات الحركات الاحتجاجية، إلى الاشتراك
فى «ائتلاف وطنى من أجل التغيير»، يكون نواة لتغيير مدنى واسع فى مصر.
قال عبدالحليم قنديل، المنسق العام لـ«كفاية» خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته الحركة بمناسبة اختيار منسق عام جديد: «أدعو كل الأحزاب والقوى السياسية بما فيها الإخوان وقيادات الحركة الاجتماعية، التى حققت نجاحاً مبهراً مؤخراً، مثل الضرائب العقارية وعمال المحلة إلى (الائتلاف الوطنى من أجل التغيير)» الذى وصفه «قنديل» بـ«نواة الإصلاح فى مصر».
ووصف «قنديل» خلال المؤتمر الذى حضره الدكتور عبدالجليل مصطفى، المنسق العام السابق، وغاب عنه جورج إسحق، أحد القيادات البارزة فى الحركة، إضراب ٦ أبريل الماضى بأنه أكثر أهمية من انتفاضة يناير ٧٧، لأنه - على حد قوله - «كان بداية لعهد جديد، ومؤشراً على قدرة الشعب المصرى على العصيان». وأضاف: «التغيير فى خطاب الرئيس مبارك فى الفترة الأخيرة تغيير شكلى، ما تغير هو كاتب الخطابات، ولكن المواقف نفسها لم ولن تتغير».
ورفضت الدكتورة كريمة كمال، عضوة اللجنة التنسيقية للحركة، الحديث عن انتهاء دور «كفاية» فى الحياة السياسية، وقالت: «تأسست حركتنا من أجل صد العدوان الأمريكى - الإسرائيلى بتغيير النظام الاستبدادى فى مصر، ومهمتها فى الفترة المقبلة مد جسور التواصل بين الحركات الاحتجاجية والنخب المصرية
كتب أحمد رجب ٢١/ ١/ ٢٠٠٩
المصرى اليوم

روزاليوسف «المجلة» تنافس «الصحيفة» فى التجاوز ضد الصحفيين.. و«الوطنى اليوم» و«الجمهورية» فى المقدمة


حصلت صحيفة «روزاليوسف» على المرتبة الأولى فى كم التجاوزات التى مارستها تجاه بعض الصحف والصحفيين بنسبة ٣٥.٦٨٪، من إجمالى مساحة الانتهاكات التى رصدتها دراسة حقوقية حول تجاوزات الصحفيين ضد بعضهم البعض،
واحتلت جريدة «الوطنى اليوم» ـ الناطقة بلسان الحزب الوطنى ـ المركز الثانى بنسبة ١٣.٤٦٪، تليها مجلة «روزاليوسف» بنسبة ١١.٥٧٪، وأخيراً فى المركز الرابع جاءت جريدة «الجمهورية» بنسبة ١٠.٥٥٪ من إجمالى المساحة المرصودة.
ورصدت الدراسة، التى أعدها مركز «أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف»، بعنوان «حرب البسوس»،
وتم الإعلان عنها أمس، أن عدد الكتاب الصحفيين الممارسين لانتهاكات ضد بعض زملائهم الصحفيين يبلغ نحو ١٢٣ كاتباً، مشيرة إلى أن عبدالله كمال، رئيس تحرير جريدة «روزاليوسف» استحوذ على نسبة ٢٦.١٧٪ من نسبة التجاوزات التى صدرت من الكتاب الصحفيين، يليه محمد على إبراهيم، رئيس تحرير جريدة «الجمهورية»،
بينما جاء كرم جبر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «روزاليوسف» فى الترتيب الثالث بنسبة ٧.٠٥٪، ثم أسامة سرايا، رئيس تحرير جريدة
«الأهرام»، بنسبة ٢.٠٧٪.
فى حين كانت أقل الصحف تجاوزا تجاه الصحفيين وفقا للدراسة مجلة «المصور» وجريدة «الكرامة » بنسبة وصلت الى ٠.١٣ % و٠.٠٤% على التوالى
، بينما لم يتم رصد أى انتهاكات صادرة من صحيفتى الخميس ووطنى ومجلة الشباب
وأوضحت الدراسة أن من أبرز الفئات المرصودة، التى وقعت ضدها تجاوزات، وبترتيب نسبة الانتهاك الموجه ضدها
، الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ، ثم الصحف الخاصة، وجريدة «الدستور»، والصحف المعارضة، وإبراهيم عيسى، وجريدة «المصرى اليوم»، وعادل حمودة والصحف القومية وفهمى هويدى، ومجدى الجلاد.
وقال أحمد سميح مدير مركز «أندلس لدراسات التسامح» لـ «المصرى اليوم»: إن ما دعا المركز لإعداد تلك الدراسة هو الحملة التى شنتها «روزاليوسف» ضد عادل حمودة وأطلقت عليه لقب «المعرياتى» عقب نشره صورة لرئيسة وزراء باكستان السابقة بى نظير بوتو وهى ترتدى رداء قصيراً «ميكروجيب» عقب واقعة اغتيالها
وذكر القائمون على الدراسة أنهم تعاملوا مع هيكل كفئة خاصة بسبب كم التجاوزات التى تعرض لها بسبب أفكاره وأرائه التى يعبر عنها، مما جعله يحتل المركز الأول بنسبة ١٧.٥٩ % من إجمالى مساحة التجاوزات التى تم رصدها ضد الصحفيين،
مشيرة إلى أن جريدة «روزاليوسف» كانت أكثر الصحف تجاوزاً ضده بنسبة ٦٧.٥٢% تليها جريدة «الجمهورية» بنسبة ٢١.٣١% ثم مجلة روزاليوسف بنسبة ١٠.٢١%،
بينما حصلت جريدة «الدستور» على المرتبة الأخيرة فى تجاوزاتها ضد هيكل بنسبة ٠.٠٨ %.
ونوهت الدراسة إلى أن النسبة الأكبر التى تم رصدها من الانتهاكات الصحفية الموجهة للصحف الخاصة صدرت عن جريدة «الوطنى اليوم» بنسبة ٣٢.٢٩ % تليها جريدة «الجمهورية» بنسبة ١٩.٥٧% ثم مجلة روزاليوسف بنسبة ١٨.٤٩ %، تليها جريدة «روزاليوسف» بنسبة ١٧.٨٨ و«النبأ» وجريدة أخبار اليوم بنسبتى ٨.٠٤% و٣.٣٢% على التوالى، بينما جاءت «الأهرام» بأقل نسبة ٠.٤١% من بين الانتهاكات الموجهة للصحف الخاصة
كتب وائل على ٢١/ ١/ ٢٠٠٩
المصرى اليوم

Monday, January 19, 2009

"أم علي" فضحتهم جميعاً

قبل ثلاثة أيام سمعنا صوت إحدى الأمهات على شاشة الجزيرة كشاهدة عيان تقول أن الجنود الإسرائيليين يتجولون الآن تحت العمارة التي تسكن بها في حي تل الهوى في مدينة غزة، أراد المذيع عبثاً أن يخفف من هول الخبر الذي قالته السيدة فسألها: هل تسكنين في أطراف تل الهوى؟ فردت عليه إني أسكن في أحد الأبراج السكنية في قلب تل الهوى، وقبل أن تكمل كلامها أغلق المخرج الخط الهاتفي بالترافق مع كلمات المذيع التي غطت على آخر كلمات تلك السيدة.
بالأمس كنَّا على موعد وعلى ذات القناة مع السيدة أم علي كشاهدة عيان من شقتها في الطابق السادس في أحد الأبراج السكنية تستغيث وتطلب النجدة..
حاولت مذيعة القناة أن تسألها أسئلة تجعلها تجيب بما يتناسب مع توجه القناة التي فتحت جبهة أخرى لها علاقة بكل شيء إلا بحقيقة ما يحصل في غزة.
أم علي أخذت راحتها في الحديث واختصرت ببضع جمل حال غزة الآن، ولا أدري كيف أن المخرج لم يقطع الخط الهاتفي.. أظن أن خللاً ما قد حصل، لا بل إني متأكد من ذلك جداً، لأن كلمات أم علي ألقت بكل عنتريات الإسلاميان خالد مشعل ورمضان شلح وزملائهما، ومعهما اليساريان نايف حواتمة وماهر الطاهر، والقوميان أحمد جبريل وربيبة أنو رجا إلى حيث تُلقى النفايات التي لا قيمة لها، وقبل هذا كله فقد فضحت أم على لا مهنية القناة والقائمين عليها حول إصرارهم على مقاومة وصمود لا وجود له.
أول ما طلبته أم علي عبر الجزيرة أن ينقذوها هي وأبنائها من خطر الموت الذي يحدق بها، وطالبت القناة أن تهتم بحالتها قليلاً وقالت في الصباح وحين قُتل سعيد صيام أقمتم الدنيا ولم تقعدوها، فلماذا لا تعطوني وأولادي قليلاً من ذلك الإهتمام.
تابعت أم علي في الحديث عن المقاومة، أنه لا يوجد مقاومة، فقط بين فترة وأخرى يطل أحدهم من بين المساكن ويطلق رصاصة ويختفي، وطلبت بعدها أم علي من أبو مازن وسلام فياض أن يأخذاها إلى رام الله، وقبل أن تنهي كلامها "كفرت" بفلسطين وطالبت ممن يسمع مناشدتها أن يساعدها على الخروج من خطر الموت إلى أي مكان فلم تعد تريد فلسطين ولا العيش فيها
. فنّدت أم علي كل أكاذيب وتخاريف المحلل الإستراتيجي الذي وجد في مأساة غزة فرصة سانحة لقبض المزيد من المال مقابل تحليلات وهمية يُكذبها وببساطة هزائم الجيش الذي انتمى له المحلل يوماً، ومعه كل جيوش العرب.
أم علي فضحت مشعل وأكاذيبه عن صمود أهل غزة واصطفافهم وراء المقاومة، فعن أي مقاومة تتحدث يا مشعل، وعن أي اصطفاف شعبي خلفها، فالشعب في واد القتل والجوع والقهر والحرمان كما أم علي وأولادها، ومقاومتك يا مشعل في أنفاق جُهزت بكل ما يحتاجه الإنسان ليعيش مرفهاً، وبعيداً عن الخطر.
أي مقاومة يا مشعل تلك التي تتحدث عنها، وأي اصطفاف شعبي خلفها، وكل الشعب قد أخذتموه رهينة لأجندتكم وأجندة أسيادكم في دمشق وطهران، فلا أحد ينتصر بدون شعبه، وحال غزة اليوم تحت سطوة عصابتك، كحال بغداد عندما كانت أسيرة في قبضة الديكتاتور النافق صدام حسين، فهل قاومت بغداد حينها يا مشعل؟
حتى تقاوم غزة الآن!
لا يقاوم إلا الحر والحر فقط يا مشعل، وغزة أسيرة منذ زمن تريد الخلاص منكم لا أكثر ولا أقل من هذا، وأستطيع القول واستناداً إلى كلام أم علي وغيرها العشرات من أبناء غزة ممن أتحدث إليهم يومياً، بأن دماء الأبرياء التي سالت في غزة لن تذهب هدراً إلا في حالة واحدة فقط، وهي أن تكون نتيجة الحرب على غزة هو الخلاص منك ومن قادة عصابتك الذين أصدروا تعميماً لكل عناصرهم بأن يقتلوا وعلى الفور كل من يُبدي شماتة بقتل سعيد صيام، فقل لي "بربك" ماذا يعني هذا التعميم؟
نعم يا مشعل.. فعنترياتك الجوفاء، وجرائم أفراد عصابتك بحق شعب غزة، وقهرهم لشعب غزة في كل شيء، وإذلالهم له، لن يأتي بغير هذه النتيجة، فمن يزرع شوكاً لن يحصد إلا الشوك، وظلم ذوي القربى أشد مرارة يا مشعل، وانتظر يا مشعل فيما لو سمحت الظروف على الأرض بإنهاء سيطرة أفراد عصابتك على الأوضاع في غزة، كيف سيرمي شعب غزة زملائك في غزة بالأحذية حالهم حال أبناء بغداد مع ديكتاتور العراق حين نالت بغداد حريتها، هذا إذا لم يكن السحل في شوارع غزة مصير كل أفراد عصابتك، تماماً كما سحلوا هم أبناء غزة ومازالوا، فكما تدين تدان، ولذلك تجدهم يخشون شعب غزة أكثر بمليون مرة مما يخشون إسرائيل. فضحت أم علي أيضاً كل الدجل الفضائي، وكل الإرتزاق باسم التحليل العسكري والإستراتيجي، وأوضحت أم علي لكل العالم بمن فيهم كل أولئك الذين نقدر مشاعرهم جيداً وتظاهروا لنجدة غزة، دون أن يعلموا أن المطلوب أولاً وقبل كل شيء نجدة غزة وشعبها من عصابات القسام وما يتفرع عنها من أذرع مافيوية.
لست فتحاوياً، ولا أتشرف نهائياً بفتح وفسادها، وأعتبر أبو مازن رئيساً فاقداً للشرعية بعد انتهاء مدة رئاسته القانونية، وفشله في إنجاز أي شيء لشعبه، ولذلك فإني ومن كل ما قالته أم علي أعتبر طلبها من أبو مازن وسلام فياض أن ينقلاها وأبنائها إلى رام الله طلباً في غير محله، بسبب العجز الكامل الذي يعتري أبو مازن ورئيس حكومته سلام فياض، أما فيما تبقى من حديث أم علي فإنه أكثر من كاف حتى يصمت الجميع.
أمين مطر
كاتب فلسطيني

حروب المقاومة الشعبية والحروب العربية النظامية

اعترض عديد من القرّاء، ومنهم المُستشار الفاضل فؤاد راشد، على مُحتوى ونبرة مقالنا السابق، بعنوان «الحرب الشعبية وتطهّر حماس». فمن حيث المُحتوى، كان الاعتراض على ما ذكرناه، حول أخطاء حماس فى الماضى، وخاصة فى صراعها مع حركة فتح، عام ٢٠٠٧، من قتل للأسرى، أو الإلقاء بهم من أسطح البنايات العالية فى غزة، وحول إشاراتنا إلى الدعم الخارجى من إيران. ويبدو أن هذا من «طبيعة الحب». وهناك حالة حب فى الشارع العربى مع «المُقاومة الحمساوية» ولدينا فى مصر، قول شائع، هو «حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوك يتمنى لك الغلط». وبما أننا فى حالة الحب هذه، فإننا لا نرى، ولا ينبغى أن نرى أى أخطاء لمن نُحبه، وهو فى هذه الحالة حركة حماس. أما من حيث النبرة، فقد كان التحفظ، هو أنه رغم الموافقة على مُحتوى المقال، فإن «نبرته جاءت باردة». وردى على ذلك أن أحد أسباب كوارثنا العربية فى الماضى، كان لغياب النقد الهادف المُسند لمسيرة «ثورات» و«حركات» و«زعامات» نُحبها.
بل وقدّسناهم، واعتبرهم كثيرون «أبقاراً مُقدسة»، لا يجوز المساس بها، حتى وقعت الواقعة لهذه «الثورات» و«الحركات» و«الزعامات»، مثلما حدث مثلاً فى هزيمة ١٩٦٧ فانقلب عليهم نفس من طبّلوا وزمّروا لهم فى السابق. أما من حيث «النبرة»، فإن الساحتين المصرية والعربية لا ينقصهما الحماسة والحرارة والعنفوان الوجدانى، لذلك فإن «حنجورية» إضافية تصيح وتهتف وتغضب، ولن تقدم كثيراً. ولكن ما ينقص هاتين الساحتين هو التحليل الهادئ، والخطاب العاقل. وهذا ما حاولت تقديمه فى الماضي، وأستمر فى محاولته حاضراً ومستقبلاً. وطبيعى أن هذا «اجتهاد» من جانبي، وليس بالضرورة هو «الحقيقة المُطلقة»! فى كل الأحوال، مع كتابة هذا المقال (١٣/١/٢٠٠٩) كانت الملحمة الأسطورية للمُقاومة فى غزة، قد دخلت يومها العشرين. وهى مُدة تتجاوز أيام الهزيمة لثلاثة جيوش عربية نظامية فى ستة أيام عام ١٩٦٧، ثلاث مرات. ويُثير ذلك عدة أسئلة عن إدارة الصراع العربى الإسرائيلى عموماً، وعن دور الجيوش العربية النظامية فى الحياة العربية المُعاصرة خصوصاً. فهذه الجيوش انشغل مُعظمها بالسياسة، فأفسدتها.
وبداية، فإن الأمر لا يتعلق بالشجاعة الفردية لجنود وضبّاط جيوشنا العربية. فهؤلاء شأنهم شأن مُقاتلى حركة حماس فى فلسطين، ومن قبلهم مُقاتلو حزب الله فى لبنان، فهم أخوة وأبناء يحملون نفس الجينات البيولوجية الوراثية. ولكن الأمر كله يتعلق باختيار أسلوب القتال وأسلحته، لتناسب موضوع المواجهة مع الخصم (العدو)، بالموارد المُتاحة، فى لحظة زمنية مُعينة. من ذلك أن أسلوب «الحرب الشعبية» هو الأمثل فى مواجهة جيوش نظامية أكثر عدة وعتاداً، فالمُقاتلون فى الحرب الشعبية ليسوا مُتفرغين مهنياً للعمل كجنود ومُقاتلين، ولكنهم مُتطوعون، بإرادتهم الحُرة، للقتال بعض الوقت، وفيما عدا ذلك، فهم يعيشون فى بيوتهم مع عائلاتهم وذويهم، وليس مع جنود وضبّاط متفرغين فى ثكنات ومُعسكرات وقواعد عسكرية. وهذه الخاصية وحدها تنطوى على توفير نفقات باهظة، فإذا أضفنا إلى ذلك أن مُقاتلى الحرب الشعبية يستخدمون، متى دعت الحاجة، أسلحة خفيفة ومتوسطة، وهى كل ما يستطيعون شراءه أو الاستحواذ عليه من جنود الخصم... ولا يستخدمون آليات مُصفحة أو دبابات وطائرات ومدافع وأسلحة ثقيلة.
وهذه الخاصية بدورها توفر على مُقاتلى الحرب الشعبية أموالاً هائلة، أى أن اقتصاديات الحرب الشعبية تكون فى حدودها الدنيا، بينما هى عند الجيوش النظامية تكون فى حدودها القصوى. وتستعيض قوات المُقاومة فى مواجهة الجيوش النظامية، الأكثر عدة وعتادة وتكلفة، عن ذلك بخفة حركتها، وقدرة مُقاتليها على الحركة الخفيفة السريعة، والكر والفر والاختفاء بين جموع الناس فى المناطق المأهولة. وبهذا الشكل فإن المُقاتلين يستطيعون شغل قوات الجيش النظامى مدة أطول، واستنزافه تدريجياً، وخاصة نحو أطرافه، وتفادى المواجهات الواسعة والمُباشرة. ولذلك تُسمى هذه الحروب الشعبية أيضاً باسم «حروب الاستنزاف». وحينما دخلت الجيوش العربية النظامية فلسطين فى أول حرب عام ١٩٤٨، فإنها واجهت مُقاتلى حركات صهيونية مُسلحة، استخدمت أساليب الحرب الشعبية، المُشار إليها أعلاه، لعدة أشهر (مايو ١٩٤٨- مارس ١٩٤٩)، فاستنزفتها، وأوقعت بها الهزيمة، وتكرّست الدولة اليهودية الجديدة، تحت اسم «إسرائيل»، على أكثر من نصف أرض فلسطين. فقد كان قرار التقسيم (نوفمبر ١٩٤٧) يُعطى الدولتين، اليهودية والعربية، المُقترحتين، نصف مساحة الأرض الفلسطينية تقريباً. أى أن الحركة الصهيونية فيما قبل إنشاء وتكريس الدولة، وتأسيس جيش نظامى لها، اختارت أسلوب الحرب الشعبية فى مواجهة الجيوش العربية النظامية وقت ذلك (١٩٤٨/١٩٤٩)، ونجحت فى تحقيق أهدافها.
ثم بعد أن أصبحت دولة لها جيش نظامى، حديث التسليح والتدريب، فإنها اختارت أساليب جديدة فى مواجهة الجيوش العربية النظامية، وهو أسلوب «الحرب الخاطفة»، والتفوق التكنولوجى، فانتصرت عليها فى حربى ١٩٥٦ و١٩٦٧. ومن ناحية أخرى انشغلت جيوشنا العربية المهزومة بالسياسة، منذ أول هزائمها (١٩٤٨/١٩٤٩) فبدأ مُسلسل انقلاباتها العسكرية: فى سوريا (١٩٤٩)، ومصر (١٩٥٢)، والعراق (١٩٥٨)، واليمن (١٩٦١)، والسودان (١٩٦٤)، والجزائر (١٩٦٦)، وليبيا (١٩٦٩). والغريب هو أن بعض هذه البُلدان لم يكن قد شاركت فى أى حرب مع إسرائيل من أجل فلسطين، بل إن بعضها لم يكن قد استقل بعد كدول (مثل السودان، والجزائر، وليبيا، والصومال، وموريتانيا). ولكن عدوى أو غواية اشتغال ضبّاطها بالسياسة، انتقلت إليها، فأصبحت بدورها، تدخل مُعترك السياسة «من باب غسل عار الهزيمة وتحرير فلسطين». ولكن الشاهد هو أن هذه الجيوش التى استولت على السُلطة بهذه الذريعة، لم تُحرر شبراً واحداً من فلسطين، خلال الستين عاماً التالية لإنشاء إسرائيل. ولم تنتصر عليها فى أى حرب خاضتها، ربما باستثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣، التى خاضها الجيشان المصرى والسورى، وحررا أجزاء من أراض كانا قد خسراها عام ١٩٦٧، فى بلديهما، ولكن بعيداً عن فلسطين نفسها، أى أن جيوشنا العربية النظامية، التى انشغل بعضها بالسياسة، لا هى احتفظت بقدرات قتالية توازنها مع إسرائيل، ولا هى تركت مُجتمعاتها تتطور سياسياً على طريق الديمقراطية، كما فعلت بُلدان كثيرة فى العالم الثالث ـ مثل الهند، وتركيا وإندونيسيا، وماليزيا (فى قارة آسيا)، والسنغال، ومالى، وغانا، ونيجريا، وجنوب أفريقيا (فى قارة أفريقيا). والشاهد هو أن من يتصدى لإسرائيل، ويُحبط طموحاتها التوسعية ومُخططاتها للهيمنة على البُلدان العربية المُجاورة، ليس هو الجيوش النظامية، ولكن حركات المُقاومة الشعبية.
وقد بدأ مُسلسل استنزاف إسرائيل بعد اجتياحها لبنان (١٩٨٢)، على يد مُقاتلى حزب الله، والذى استمر حتى جلت قواتها عن لبنان تماماً وبلا قيد أو شرط عام ٢٠٠٠. ثم دخلت قوات حزب الله فى مواجهة أخيرة، استمرت ٣٣ يوماً عام ٢٠٠٦، خرجت منها إسرائيل شبه مهزومة. وها هى حركة حماس، تخوض مع إسرائيل، حرب استنزاف شعبية مُشابهة لتجربة حزب الله. ورغم أن المعارك ما زالت مُشتعلة إلى تاريخه، فإن الخلاصة واضحة، تنهزم الجيوش النظامية التى انشغلت بالسياسة، وتصمد حركات المُقاومة الشعبية. والدرس الأساسى المُستفاد هو أنه حبذا لو بعدت الجيوش العربية عن السياسة، وتفرغت لبناء قدراتها القتالية والتكنولوجية، لتأدية وظيفتها الدفاعية عن التراب الوطنى، وتركت لشعوبها أن تتطور سياسياً، لكى تلحق بديمقراطيات العالم. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
بقلم / د. سعد الدين إبراهيم
نقلا عن المصري اليوم

حماس: إنتصار استراتيجى أم إنتحار استراتيجى؟

قلب المتطرفون والمهوسوون كل شئ رأسا على عقب ودمروا المفاهيم والمصطلحات وافرغوا الكلمات من معناها، فالهزيمة حولوها إلى نصر، والتدمير صمود، والإنتحار استشهاد، والإستهتار بالارواح تضحية، والإرهاب جهاد، وقتل المدنيين العزل بطولة، والغدر ونقض العهود خدعة محللة شرعا، وتدمير مقومات الحياة عزة وكرامة، وعشق الموت فضيلة، وحب الحياة رذيلة. والواقعية عندهم إنهزامية، والعقلانية ضعف، والتحلى بالمسئولية جبن، وحماية الشعوب خوف وتردد، والتفاعل مع المجتمع الدولى عمالة، والإهتمام بإحتياجات الشعوب ومتطلباتها الحياتية هروب من المواجهة.
فى الحروب الكلاسيكية تناشد الدولة المجتمع الدولى بالمساعدة فى وقف القتال تفاديا لإحتلال اراضيها أو تدمير أكبر لجيشها او حماية للبنية الأساسية فيها أو لفشلها فى الإحتفاظ باقليم محل نزاع أو حماية لأرواح المدنيين أو حتى لإحساسها بأن الحرب لن تحقق الأهداف المرجوة أو لبعض أو كل هذه الأهداف معا.ويعد طلب وقف القتال مؤشرا من مؤشرات الهزيمة أو عدم القدرة على مواصلة القتال أو تفاديا لهزيمة أكبر
. ولا توجد صعوبة كبيرة فى تحديد معنى النصر أو الهزيمة العسكرية.ولكن الحركات المتطرفة مثل حزب الله وحماس وطالبان والقاعدة لها مفاهيم مختلفة للنصر والهزيمة يحار المرء العاقل فى فهمها وإستيعابها، فحسن نصر الله يصرخ من مخبئه اثناء حرب 2006 " من يحب لبنان يطالب إسرائيل بوقف العدوان"، ومع هذا يعلن تحقيق نصرا إلهيا، وخالد مشعل واسماعيل هنية يصرخون مطالبين الجميع بالمساعدة فى وقف العدوان ومع هذا يصفون وضع حماس بالصمود الاسطورى، ويلوحون بالنصر القريب المؤكد. الحركات المتطرفة تورط الشعوب فى حروب وتلومها فى نفس الوقت إذا احتجت على هذا، وتورط المنطقة فى نزاعات وتلعنها إذا تصرفت بعقلانية، ترتهن إرادة الدولة وتطلب مساندتها
. من يستطيع المساعدة فى وقف القتال إلا الدول والشخصيات التى تتمتع بتقدير دولى وبمصداقية دولية نتيجة لإيفاءها بعهودها وتصرفها بعقلانية؟
، كيف يستقيم لعن العقلانيين ومناشدتهم المساعدة فى نفس الوقت؟
، بأى منطق يوصف الإعتدال بكل الصفات الذميمة؟
، أى بشر واية ثقافة هذه التى تعتبر الإعتدال رذيلة؟
. هناك مقاييس أخرى لتعريف الأمور كما حدث فى وصف حرب 1956 حيث وصف الوضع بالهزيمة العسكرية والنصر السياسى، ولكن حماس وحزب الله ترفض ذلك أيضا، فهم يعتبرون ما حدث نصرا كاملا بكل معانى الكلمة، فهل يعقل ان يكون النصر الإلهى الذى يبشرون به نصر منقوصا؟
. قد يكون الأمر متعلق بتحقيق الاهداف وليس بتحقيق النصر، ووفقا لهذا المعيار ما هى الأهداف التى حققها حزب الله فى حربه عام 2009 أو حماس حاليا؟
، وهل الوضع فى جنوب لبنان بعد الحرب أفضل من الوضع بعد الحرب؟، وهل غزة بعد الإجتياح الإسرائيلى هى غزة قبله؟، وهل تم تحقيق الردع للعدو؟
. تحقيق الأهداف هو محور الجدل والنقاش الدائر، ويقودنا ذلك حول تعريف الهدف المشروع، فالهدف المشروع عند الحركات المتطرفة والعصابات الإجرامية يختلف عن الهدف المشروع عند الدول المسئولة، ومن ثم فأن تعريف النصر الإستراتيجى عند هذه الحركات والجماعات المتطرفة يختلف عنه عند الدول
.فعلى سبيل المثال إذا افلت لص من الشرطى أثناء سرقتة لاحد المنازل، ففى عرف اللص يعتبر حقق إنتصارا حتى ولو كان قد فشل فى السرقة، فالإفلات من العقاب يعد فى هذه الحالة نصرا، وبقاء الجماعات المتطرفة فى حد ذاته يعتبر إدانة للمجتمعات المتحضرة ونصرا فى عرف هذه الجماعات.
وحزب الله وحماس حققا الكثير من الأهداف المشروعة فى عرف الحركات المتطرفة ومنها: ● المزيد من الردع والرعب ليس لإسرائيل وأنما للداخل اللبنانى والفلسطينى. ● المزيد من تجنيد المتطرفين فى الشارعين العربى والإسلامى. ● المزيد من الاموال التى تدفقت عليهم وملئت جيوب القيادات وقد فتحت قطر المزاد ب 250 مليون دولار. ● توظيف الشوارع العربية وتأهيلها لكى تكون وقودا للفوضى. ●إحكام السيطرة على مقدرات الدولة اللبنانية والوضع الفلسطينى. ● القضاء على الحلول السلمية وضرب عملية السلام فى مقتل، والإستهزاء بدعاة السلام. ● تقليص مساحة العقلانية والإعتدال فى المنطقة العربية. ● تقبيح وجه الحياة أكثر فى المنطقة. ● المزيد من الضغط على الأنظمة العربية المعتدلة وإبتزاز بعضها. ● تحقيق خطوات كبيرة نحو تحقيق حلم أسلمة المنطقة ونشر فوضى واسعة فيها. ● تحقيق اجندة إيران ووفقا للخطوات المحددة التى تريدها الدولة الفارسية. ● إرهاب المفكرين والكتاب من نقد هذه الحركات المتطرفة المخربة. ● المتاجرة بجثث الضحايا لحصد المزيد من الدعم العالمى، وخاصة من خلال تعاطف بعض الجماعات الدولية اليسارية مع هذه الحركات الإسلامية المتطرفة. ● نشر المزيد من التطرف والإرهاب عالميا بما يمثله ذلك من خطر على العالم وعلى الغرب خاصة. ● تثوير وضع الجاليات العربية والإسلامية فى دول الغرب. ● تشجيع المزيد من الحركات المتطرفة على تفكيك الدول والسيطرة عليها فعليا بما يترتب على ذلك من فوضى دولية وتهديد النظام الدولى برمته. ● نشر ثقافة الشوارعية فى الحوار والنقاش العام بما يعنى إنزواء العقلانيين والقضاء على مشروعات التحديث التى يعملون من آجلها. ● تراجع اولويات الشعوب من التنمية والرفاه الأقتصادى إلى الكراهية والحروب والجهاد المقدس، فلا صوت يعلو على صوت الجهاد. ● خلق هالة مقدسة حول هذه الجماعات المتطرفة بما يجعل نقدها وإزاحتها من المشهد امرا عسيرا
. ويبقى فى تصورى أهم نصر حققته هذه الجماعات هو تأمين بقاءها مسيطرة على قرارات شعوبها بزعم أن لديها مهمة إلهية واجبة التحقيق ومن ثم وجوب الطاعة.
والخلاصة أن هذه الجماعات نجحت فى تحقيق أهدافها. صحيح أنها اهداف شاذة ولا تستجيب لتطلعات الإنسان السوى نحو الرقى والتقدم، ولكن من قال ان هذه الشعوب ذاتها تسعى للديموقراطية والحرية والتقدم.
إن اكبر مظاهرة شهدتها مصر للمطالبة بالديموقراطية فى عز اوج الحراك الديموقراطى بعد عام 2005 تدور حول المائة شخص أو أكثر قليلا، فى حين تظاهر الالاف فى إحدى قرى مصر احتجاجا على مولد ابو حصيرة لمنع بعض اليهود من ممارسة إحتفالات دينية تحدث مرة واحدة فى العام!!.
الشباب الذين يصيحون حى على الجهاد فى الجامعات والشوارع المصرية وحفاظا على الأمن القومى المصرى كما يدعون يتسابقون على الغش فى الامتحانات و يتهربون من الإنتظام فى اداء الخدمة العسكرية ليقضوا هذه الخدمة فى بيوتهم. والملايين التى خرجت إلى الشوارع تصرخ وتنتحب على ضحايا غزة لم تحرك ساكنا لقتل اكثر من 300 الف شخص فى دارفور.
وكاميرات التليفزيونات العربية التى تخلت عن القواعد المهنية بعرض مناظر مؤلمة ولا إنسانية لجثث أطفال مشوهة من غزة لم تحرك ساكنا امام ضحايا الإرهاب فى الجزائر والسودان والعراق، والاصوات من الأفراد والمنظمات الحقوقية التى تطالب بمحاكمة دولية لمجرمى الحرب فى غزة حسب تصنيفهم هى نفسها الاصوات التى تدافع عن مجرم حرب مثل البشير وعن مجرمين كثر فى المنطقة.
والشعوب فى النهاية تستحق حكامها وتفرخ إرهابييها. والمنطقة العربية مؤهلة أكثر من أى وقت مضى لكى تحكمها هذه الجماعات المتطرفة
. وويل للعالم إذا سيطرت هذه الجماعات على الشرق الأوسط
بقلم: مجدي خليل