Thursday, December 11, 2008

خروج الأمن من الجامعة.. هل هناك مخاطر؟


أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها التاريخى، الذى نص على إنشاء وحدة للأمن الجامعى، تابعة لإدارة الجامعة بدلاً من حرس الجامعة، التابع لوزير الداخلية. وذلك طبقًا لنص الدستور فى المادة ١٨ وكذلك اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات، لأن الوضع الحالى ينال من استقلال الجامعة ولا يتفق مع احكام الدستور.
وبالرغم من الفرحة التى عمت أعضاء هيئة التدريس إلا أن تصريحات هانى هلال، وزير التعليم العالى، الذى قيل إنه قدم طعنًا فى الحكم كان صدمة للجميع لأنه أوضح أن ولاءه الشديد للداخلية وليس للجامعة، وأيضًا لأنه من الناحية القانونية تدخل فيما لا يخصه، لأن جامعة القاهرة الصادر بشأنها الحكم مستقلة بنص الدستور والقانون، والوزير ليس له وضع قانونى فى هذا الأمر.
وسارع الكثيرون من رؤساء الجامعات بالتصريح بأن هناك خطورة من إلغاء الأمن، خاصة من الأساتذة، الذين تربوا فى أحضان الأمن، ويدينون له بالولاء والعرفان لوصولهم إلى مناصبهم.
وأوضح للقارئ العزيز أنه لم يحدث فى تاريخ الجامعة المصرية فى جميع العصور - بما فى ذلك المظاهرات الكبيرة والعنيفة - أى تعد على منشآت الجامعة أو المدرجات أو المعامل أو غيرها والأمر الثانى أن القانون وحكم المحكمة ينصان على إنشاء وحدة لحماية المنشآت الجامعية، تكون مسؤولة عنها.
أما لماذا نطلب تنفيذ الحكم، لأن الأمن فى الجامعة يعوق تقدم العلم والحرية والأكاديمية، وسوف أبرز بعض الأمثلة، التى من المؤكد أن القيادة الأكاديمية سوف تكون أكثر قدرة على تقييمها من ضابط الأمن.
١- لا يمكن تعيين معيد أو عضو هيئة تدريس دون موافقة الأمن، وذلك بعد انتهاء جمع الموافقات الأكاديمية، وقد دافع وزير التعليم الهمام عن هذا الأمر حين قال «طبعًا لازم نسأل عنه كما يأتى عريس لابنتك لابد أن تسأل عنه»، ألا يعلم الجميع أن من يعين فى وظيفة معيد هو أول دفعته طوال سنوات الدراسة وحين يحرم الأمن هذا الطالب، شديد التفوق، فإنما يحرم المجتمع من أستاذ عظيم فى المستقبل، ويحول المعيد المرشح إلى كاره لكل شىء وربما مشروع إرهابى، ناقم على كل شىء.
٢- لا يمكن أن يتم أى اجتماع علمى داخل الجامعة إلا بعد موافقة الأمن الذى يطلب البرنامج بالتفصيل ويناقش رئيس القسم فى اسم أحد المتحدثين أو الباحثين.
٣- لا يمكن دعوة أستاذ من جامعة مصرية أخرى للاشتراك فى ندوة أو مؤتمر علمى دون موافقة الأمن.
٤- لا يمكن دعوة صحفى كبير أو مؤلف أو أديب مصرى إلا بعد موافقة الأمن، وقد منع على سبيل المثال كاتبنا الكبير بهاء طاهر من دخول جامعة عين شمس.
٥- بعد الموافقات الأكاديمية وموافقة رئيس الجامعة لا يمكن السفر إلى مؤتمر علمى إلا بعد موافقة الأمن.
٦- عمل مقابلة شخصية للمرشحين لوظائف وكلاء الكليات بواسطة الأمن للتأكد من ولائهم أما العمداء ورؤساء الجامعات، فيكتفون بالتقارير الأمنية قبل تعيينهم.
٧- بالنسبة للطلبة، فإن الأمر أسوأ بكثير، حيث يتم استدعاؤهم لأمن الدولة وإهانتهم، وتزوير انتخابات اتحاد الطلبة تحت نظر العمداء ورؤساء الجامعة، ومنع تكوين الأسر الطلابية إلا تحت إشراف الأمن، والرحلات تتم بإشراف الأمن وحتى المباريات الرياضية تحت إشراف الأمن.
إذن الموضوع ليس كما يصوره البعض، على أنه الحرص على ممتلكات الجامعة، وإنما هو ما يفعله الأمن فى الأساتذة والطلاب، الذين يصاب بعضهم باللامبالاة، التى للأسف انتشرت بين المصريين أو يضيع البعض وقته ومجهوده فى الدفاع عن حرية الجامعة، بدلاً من أن يأخذ التعليم والبحث العلمى وقته كله.
وهناك طبعًا قلة تستفيد من وجود الأمن وتعيش بسعادة فى كنفه ومنهم أساتذة وعمداء ورؤساء جامعات معروفون بالاسم فى كل مصر، حين يخرج الأمن من الجامعة سوف يرفع الأستاذ والطالب رأسه وسوف يتقدم التعليم والبحث العلمى وسوف ينزوى الأساتذة والطلاب عملاء الأمن بعيدًا أو ينضمون إلى مسيرة التقدم، وسوف تستمر وحدة أمن الجامعة التابعة إلى رئيس الجامعة فى حماية منشآت الجامعة.
الكارثة هى أن استمرار حكم الأمن فى أنحاء كثيرة من مصر أعطى شعورًا خاطئًا أنه بدونهم لن يستمر العمل، وأنا أقول إنه سوف يستمر بطريقة أفضل وأقول لرجال الأمن فى الجامعة أنتم إخوتنا وأبناؤنا، شكرًا وكفاية كده
بقلم د.محمد أبو الغار ١١/ ١٢/ ٢٠٠٨
المصرى اليوم

No comments: