تمتعت النساء في مصر القديمة بمساواة شبه تامة مع الرجل حيث كان لها وضع اجتماعي وقانوني ربما لم تحظى به المرأة في أي حضارة قديمة أخرى، كما أنه لم تكن ولادة الأنثى لدى المصري القديم من بواعث حزنه ويأسه كما هو الحال في بعض الحضارات القديمة التي عرفت عادة "الوأد" لبناتهن وهن على قيد الحياة فور ولادتهن.
منح القدماء المصريين بناتهن أسماء تحمل قدراً كبيراً من الاعتزاز والحب ومن هذه الأسماء "وبت نفر" أي بشير السعادة، و"نحتني" أي تلك التي أرجوها، و"تاحر نحنس" أي تلك التي تدعو لها الدنيا، و"سنت إبتس" أي أخت أبيها، و"حنوت سن" أي سيدتهم، وإجمالاً فإن الأدب في مصر القديمة حمل الكثير من النصائح التي تعد من أمجاد الحكمة المصرية عن المساواة بين الرجل والمرأة والحفاظ على كرامة الزوجة والمرأة ورفعه شأنها،
من أشهر تلك النصائح تلك التي ساقها "بتاح محب" ومنها "إن كنت حكيماً اعتن ببيتك، وأحب زوجتك حباً نقياً، واملأ بطنها بالكعام، وغط ظهرها بالكساء، ولاطفها وحقق لها رغباتها أثناء حياتك". وهناك أيضاً نصائح "آني" من عصر الدولة الحديثة إذ يقول لابنه "عامل زوجتك برعاية إن كنت تعرف عنها أنها ممتازة ولا تقل لها أين هذا إن كانت وضعته في مكانه الصحيح، أعد لأمك كل ما فعلته من أجلك، أعط المزيد من الخبز واحملها كما حملتك ثقلاً وحين ولدت وبعد تمام شهورك حملتك على عنقها وظل ثديها في فمك ثلاث سنوات، ولم تكن تشمئز من قاذوراتك وأرسلتك إلى المدرسة كي تتعلم الكتابة، وفي كل يوم كانت تنتظرك بالخبز والجعة في بيتها" وبالطبع كل تلك النصائح هي تذكير دائم للمتلقي بفضل المرأة الأم وضرورة احترام المرأة الزوجة وحب الإبنة
.في ظل هذا التقدير للمرأة ومراعاة المساواة بينها وبين الرجل، كانت المرأة تقف على قدم المساواة مع الرجل في الميراث حيث تحصل على نفس نصيب الإبن من ميراث الأب، لكن الإبن الأكبر كان يحصل على ميراث أكبر من بقية إخوته الذكور والإناث نظراً لدوره في رعاية الأسرة من بعد أبيه، وإذا لم يعقب الميت سوى بنت واحدة أخذت وحدها التركة كاملة دون أن يشاركها أحد، أما إذا لم يكن للميت سوى زوجة واحدة يحق لها الحصول على ثلث التركة ويحصل الأقارب الآخرون على الثلثين، ومن الطبيعي وبعد كل تلك المساواة في الأموال كان المصريون لا يحظرون على المرأة ممارسة أي نوع من المهن والحرف وما يؤكد ذلك أن المرسوم الملكي الذي صدر في عهد الأسرة الثانية "الدولة القديمة" قضى بصلاحية المرأة لشغل وظيفة الملك ، والتاريخ القديم حفل بأمثلة كثيرة على حرص الملوك على استشارة زوجاتهن المليكات في الأمور العامة، كما أن الملكة كانت تكفل للقصر وللمعبد كل أوجه النشاط التكميلي الذي لا يمكن الاستغناء عنه. حتشبسوت و نيتوكرس و نفروسبك أسماء لسيدات جلسن على عرش مصر ، إلا أن منصب الوزارة لم تشغله سوى سيدة واحدة من عصر الأسرة السادسة وفيما عدا ذلك كانت مناصب الوزارة قصراً على الرجال حتى في الفترات التي حكمت فيها الملكات. المصري القديم معروف بميله الواضح نحو التدين وبالتالي كانت خدمة المعابد من أهم الوظائف وأرفعها قدراً وذلك ليس فقط على صعيد القبول الاجتماعي ولكن أيضاً على المستوى المادي المرتفع الذي كان للمعابد، حيث كانت لها إدارتها وأوقافها الخاصة. بالنسبة للنساء كانت أبواب الالتحاق بسلك الكهنوت مفتوحة أمامهن بعد أن تتلقى الواحدة منهن قسطاً من التعليم الديني، وقد اشتهرت في التاريخ المصري القديم كاهنات كثيرات كحتحور ونيث، كما أن النساء المصريات عملن في المعابد كموسيقيات.أما بالنسبة للزواج فقد كان يفرض على المرأة الاقتصار على زوجها من حيث العلاقات الجنسية وكانت عقوبة من تخالف ذلك بالحرق على مرأى ومسمع النساء، وإلقاء الرماد المتخلف في النيل، كما أن الزانية تلك عندما تموت كانوا يظنون بأن روحها لن تعود لجسدها في البعث وتلك العقوبة وفق منظور المصريين القدماء للبعث تعد أمر شديد الصعوبة، ومع الوقت تطورت عقوبة الزنا بالنسبة للمرأة لتأخذ شكل أقل قسوة حيث كانت تجدع الأنف وبذلك هي تحرم من أكبر مقومات الجمال.تلك القسوة والصعوبة التي كانت تفرض على المرأة الزانية يؤكد أن البغاء لم يكن مهنة تمارسها النساء في ذلك العصر أما "التسري" فقد عرف في مصر القديمة على نطاق محدود، وربما يكون قاصراً فقط على الملوك وكبار الإقطاعيين وفي الغالب كانت السراري من الإماء أو الأسرى الأجنبيات وأبناء هؤلاء كانوا ينسبن لأمهاتهم وليس لأباءهم لأنهم نتيجة علاقة غير شرعية
باسنت موسى 28/10/2007
No comments:
Post a Comment