إني إنسان اشتراكي يؤمن بأن الاشتراكية، أو علي وجه الدقة، التطبيق الإنساني الديمقراطي للاشتراكية، هي أعدل نظام عمل، ووجود للإنسان. غير أن المركزية مرض بغيض من أمراض الاشتراكية«..
هذا ما كان يقوله الأديب الكبير يوسف إدريس قبل سنوات من رحيله.
كانت هذه الكلمات تدور في ذهني، وتتقاذف أمام عيني، وأنا في طريقي لأبراج »نيل سيتي« علي نيل القاهرة، لإجراء حوار مع المهندس نجيب ساويرس.. وهو الرأسمالي حتي النخاع.. وذلك علي خلفية بيع بنك القاهرة وبالتحديد للأجانب وليس للمصريين.. جلست إليه وأنا معجب برأي يوسف إدريس حول الاشتراكية،
ومقتنع به.. وتركته وأنا معجب برأيه - أيضاً - حول الرأسمالية التنافسية التي تخدم الوطن - أمريكا مثال لذلك - مثلما تخدم الأفراد، وأنا غير مؤمن بها مثله رغم أنها - حسبما فهمت من كلامه - هي التي صنعت أمريكا الحديثة، ومن الممكن أن تصنع مصر الحديثة. وما بين هذا الرأي وذلك يبقي للقضية ودلا يفسده الاختلاف.
ومقتنع به.. وتركته وأنا معجب برأيه - أيضاً - حول الرأسمالية التنافسية التي تخدم الوطن - أمريكا مثال لذلك - مثلما تخدم الأفراد، وأنا غير مؤمن بها مثله رغم أنها - حسبما فهمت من كلامه - هي التي صنعت أمريكا الحديثة، ومن الممكن أن تصنع مصر الحديثة. وما بين هذا الرأي وذلك يبقي للقضية ودلا يفسده الاختلاف.
قلت للمهندس نجيب ساويرس
: انتقدت حزب الوفد وموقفه من قضية بيع بنك القاهرة
. فقال: حزب الوفد أعرق حزب مصري وعلامة مضيئة في تاريخ مصر الحديثة، ولكن أنا لا أفهم كيف يدعو حزب الوفد الذي يعبر عن اليمين الليبرالي الي الحفاظ علي عمالة معطلة وغير منتجة
قلت: الحزب يدعو إلي بيع البنك للمصريين وليس للأجانب، للإبقاء علي الملكية الوطنية للجزء الأكبر من الجهاز المصرفي المصري
فقال: حدث هذا في الجزء الثاني من الحملة. أما في الجزء الأول فلقد شعرت بأنني أقرأ صحيفة الأهالي وليس صحيفة الوفد.
* في البداية كيف رأيت حملة الوفد ضد بيع بنك القاهرة للأجانب؟
- في الحقيقة أنا في البداية أود أن أشرح وجهة نظري في حزب الوفد كأكبر حزب ليبرالي تأسس علي يد سعد باشا زغلول عام 1919، ليصبح أكبر حزب يتمتع بشعبية كبيرة في الشارع أهلته لقيادة الحياة السياسية حتي قيام ثورة يوليو 1952. أنا لست من جيل الاربعينيات، لكن تستطيع أن تقول إنني من جيل 23 يوليو 1952. بعدما جاءت الثورة اسدلت الستار وأهالت التراب علي ما قبلها.
* علي تاريخ الوفد أم تاريخ الحركة السياسية؟
- علي كل شىء. وأنا كشاب في ذلك الوقت سعيت أن أفهم التاريخ، ووقتها كنت أفتش عن الكتب حتي أعرف الحقيقة أين هي.
* وما هي الكتب التي قرأتها عن مرحلة ما قبل 23 يوليو؟
- قرأت مذكرات محمد التابعي ومحمد حسنين باشا وكتباً عن معارك الوفد والكتاب الأبيض والكتاب الأسود ومذكرات مكرم عبيد.
* وماذا خرجت من رحلة بحثك هذه؟
- اتضح لي ان الذي حدث في عام 1952 كان كارثة وأن الوفد، كان هو ما يسمي بالحزب الوطني اليوم. لكنه كان حزباً وطنياً بالفعل، هذا وقتما كانت فيه حرية تكوين أحزاب. ناهيك عن موقفه في عام 1942 مع الانجليز والملك وهو كان منتقداً فيه ولا يمكن الدفاع عنه.
* إذن أنت استطعت تكوين صورة ما عن تلك المرحلة؟
- بالفعل تكون لدي رأي أنه كان هناك حزب وطني عريق وكان وطنياً حقيقياً، وكانت به رموز الحركة الوطنية.
* جاءت الثورة وحلت الأحزاب وجاء السادات وأعاد تكوينها؟
- في فترة السادات عادت الأحزاب »حتة حتة« كان أملنا - نحن كجيل شاب - كبيراً جداً في الوفد في أن يعيد ما قبل 1952 ويعيد مجده الذي كان.
* بالفعل عاد الوفد للحياة السياسية.. لكن هل عاد مجده الذي انتظرته؟
- الذي حدث انني وجدت القيادات القديمة تمسكت بمواقعها. مع احترامي وتقديري لتاريخ هؤلاء الشرفاء والوطنيين ومواقفهم العظيمة، أمثال فؤاد باشا سراج الدين وإبراهيم بيه فرج وغيرهما. ولكن القيادات عادت بعد 40 سنة. ونحن المتطلعين لدخول الحزب والتفاعل معه كشباب لم نجد لنا فرصة. وسألنا وقتها أين الشباب، أين المستقبل؟ لكن لم يجب أحد.
* إذن انت ميولك السياسية تتفق مع توجهات الوفد؟
- أنا كشاب - وقتها - توجهاتي ليبرالية رأسمالية وطنية علمانية واضحة.
* بمعني إيه علمانية؟
- علمانية فصل الدين عن الدولة .. وليس علمانية كفر حتي لا يفسر كلامي خطأ.
* توجهاتك واضحة فلماذا لم تتفاعل وتندمج في حزب الوفد مثلاً؟
- لانني من جيل فوجئنا بالجيل القديم لايزال باقياً علي مقاعده، والصورة توحي بأنه لن تكون هناك فرصة للشباب ولن يكون لنا أي دور.
* هذا عن قراءتك السياسية للحزب فماذا عن الاقتصادية؟
- وجدت التوجه في صحيفة الحزب الناطقة بلسانه لا يعبر عن الرأسمالية الواضحة. حيث تجد النقد للنظام والإجراءات الاقتصادية كلها وكأنك تقرأ صحيفة الأهالي أو صحيفة الشعب لسان حزب العمل قبل تجميده. وأنا مستعد لأن أفهم ذلك من حزب التجمع أو العمل. وبدأت أسأل يا جماعة إنتو مع الرأسمالية أم لا؟
* تقصد الرأسمالية الوطنية؟
- حتي كلمة الوطنية كمسمي متبوع بالرأسمالية أنا لا أحبذها، فالرأسمالية لا تحتاج لذلك، لأنها نظام رأسمالي ناجح في حد ذاته اقتصاديا. بدون أن نقول رأسمالية وطنية أو غير وطنية.
* إذن التوجهات في رأيك لم تكن واضحة؟
- الذي كنت آراه وأعرفه أنك كحزب الوفد رأسمالي طول عمرك وأنا ضد التأمينات وقرارات مصادرة الأراضي وغيرها، النقطة الثانية والتي أعتبرها سقطة تاريخية كبري هو ما حدث في انتخابات مجلس الشعب قبل عدة دورات ماضية، إذ إنني وجدت الحزب يتحالف مع الإخوان. وخاضوا الانتخابات بقائمة واحدة.
* قد تكون هذه ضرورات انتخابية سياسية لا علاقة لها بثوابت الحزب؟
- أنا لا علاقة لي بتلك المبررات، لكن ما أعلمه أنك بهذا التحالف بعت حجر أساسك الرئيسي كحزب وهو الوحدة الوطنية وتعانق الهلال مع الصليب، وهو أننا كلنا واحد، في وطن واحد، أبناء أمة وحضارة واحدة.
* لكن الانتخابات قد تفرض أشياء تجعلك تضطر للتعامل بها؟
- التبرير هنا ليس في مقامه الصحيح. لانك بذلك لعبت بالنار. والذي يلعب بالنار تحرقه. أنت حزب لك مواقفك الأيديولوجية التي يجب أن تتمسك بها. فإذا ما ابتعدت عنها فهي تحسب عليك تاريخياً.
* هل هذه العوامل جعلتك تغير موقفك من الحزب؟
- بل هي قضت علي أي أمل لدي كان باقياً فيه. وفي أن يكون لي في أي يوم صلة بالحزب كفرد وطني من حقه البحث عن اختياراته السياسية. وبخلاف هذا كانت هناك طامة كبري احلت علي الحزب.
* وما هي هذه الطامة؟
- إذ اننا فوجئنا في يوم من الأيام بأن علي رأس هذا الحزب العريق شخصية من الأول عليها علامات استفهام.
* ومن هي؟
- التي كانت في رئاسة الحزب السابقة. كانت حولها ظلال من الشك، فهو يتعامل أحياناً مع المواقف بمعدلات متدفقة. بمعني ان مؤشر توجهاته تجده مرة في أقصي اليمين ومرة بنفس القوة في أقصي اليسار. وهي أمور مثيرة للشك.
* ماذا تقصد بمثيرة للشك؟
- أقصد ان مواقفه السياسية تدلل علي أنه »بيلاغي« الحزب الوطني في بعض المواقف ثم يعدل عنها في مواقف أخري وعلي رأسها مسألة الترشيح لرئاسة الجمهورية.
* لكن الترشيح وقتها كان قراراً حزبياً؟
- يا راجل فيه حد يرشح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية قبل بـ 3 أسابيع. هذا يعني أنك بتقول أنا ذاهب أخسر المعركة الانتخابية ثم أعود. إن الذي يفعل ذلك وينزل انتخابات رئاسة الجمهورية قبلها بـ 3 أسابيع آراه يقول لنا كشعب أننا لا نفهم.
* أراك لم تتطرق لأي حزب آخر.. وكلنا في الهم أحزاب؟
- لأنني بالفعل عندي خيبة أمل كبيرة في الوفد، وهذا لا ينطبق علي القيادات الحالية. لأنني عندي أمل اليوم كبير فيهم. لانهم كفريق من الممكن أن يرجعوا الحزب إلي مساره الحقيقي، علي أن يبتعدوا عن الطريقة التي يسيرون عليها الآن.
* وما هي هذه الطريقة؟
- طريقة الأسلوب الرمادي. أنت اليوم علي سبيل المثال - كوفد - عليك أن تقول نحن مع بيع كل القطاع العام، لان هذا القطاع العام من رأسه يجب أن يبادر بسبب ما يحدث فيه من فساد.
* الدولة تقوم بهذا الدور علي أكمل وجه؟
- بالعكس أنا بدأت أشعر أن د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار بدأ يترجع عن الخصخصة.
* كيف تراجع والبيع مستمر؟
- انظر إلي شركة النصر للتعدين تجده يقول إنه غير قياداتها.
* قد يكون ذلك في إطار هيكلة إدارية للشركة؟
- وهل تعتقد أن القيادات الجديدة ستنجح. كيف ومن سبقهم كانت عليهم علامات استفهام بدليل تغيرهم، لذلك لماذا تفترض إن الإدارة الجديدة ستكون ناجحة وتسرق؟
- هل معني هذا أن كل الإدارات الحكومية حرامية؟
- أنا لم أقل هذا، لكن أقول إن نموذج اتباع ملكية الحكومة للأنشطة الاقتصادية نموذج ثبت فشله.
* بمعني؟
- ببساطة توقف امام شخص ليس صاحب المال في القطاع العام وانظر لمثيله في القطاع الخاص. في القطاع الخاص لن تجده. فاسداً مثلما تراه في القطاع العام، هل رأيت أحداً في القطاع الخاص اختلس 250 مليون جنيه من وراء شركة قطاع خاص؟ أبداً لم يحدث ولن يحدث. لأن صاحب المال موجود.
* إذن العيب في نظام إدارة الدولة التي من المفترض أنها صاحبة المال؟
- العيب في الفكرة نفسها. في فكرة القطاع الخاص ذاته.
* بعض الدول فيها قطاع عام ناجح؟
- الدول في كل العالم لم تعد تتملك مصانع وشركات هذا النظام انتهي وولت أيامه. وقد نكون نحن الدولة الوحيدة الباقية والمبقية علي القطاع العام. إن ألمانيا خصخصت ألمانيا الشرقية في سنة.
* لكنهم أقاموا هيئة محايدة هناك قامت بذلك؟
- ونحن لدينا الهيئات والنقابات والقوانين، لكن الخطأ أننا نسير ببطء في اتخاذ القرار ومن تبعات اتخاذ القرار بسبب اضطرابات العمال التي تحدث ومما يقال كنوع من إثارة الرأي العام بأن البلد هتتباع.
* لكن الناس من حقها الخوف علي المصانع والشركات الحيوية التي تعمل بها؟
- المسألة اقتصادية اتغيرت وموضوع بيع البلد وغيره من هذا الكلام لم يعد ذا موضوعية.. وعلي سبيل المثال أنا ذهبت إلي إيطاليا واشتريت شركة إيطالية هل قالوا هناك ان البلد اتباعت أبداً لم يحدث؟ وهل الطليان نائمون علي روحهم ولا يفهمون في الاقتصاد؟ إن ملكية الحكومة للأنشطة التجارية والصناعية في رأي فكرة خطأ.
* لكن إذا تخلت الحكومة عن هذه الأنشطة.. فأين يكون دورها؟
- دورها منظم للقطاع الاقتصادي فقط ولا تبقي مالكة. فلقد ثبت أن الحكومة مالك ومدير فاشل.
* وإذا غيرنا الإدارة الفاسدة بإدارة جديدة ألا يفيد ذلك؟
- انتهينا خلاص.. الإدارة لن تنصلح .. حتي لو غيرتها وجاءت بإدارة جديدة. هذه نكتة وأنت بذلك بتلعب طاولة وليس شيئاً آخر.
* هل تبحث عن حزب رأسمالي صريح؟
- بالضبط كده - وهذا ليس عيبا.. عايزين حزب يخرج علينا ويقول أنا حزب رأسمالي صريح، ولن أتحالف مع الإخوان المسلمين.
* لكن الإخوان خارج السياق الذي نتحدث عنه؟
- من قال ذلك، بل هم في قلب السياق، لانهم داخلون يفرقوا بين أبناء الأمة
* في البداية كيف رأيت حملة الوفد ضد بيع بنك القاهرة للأجانب؟
- في الحقيقة أنا في البداية أود أن أشرح وجهة نظري في حزب الوفد كأكبر حزب ليبرالي تأسس علي يد سعد باشا زغلول عام 1919، ليصبح أكبر حزب يتمتع بشعبية كبيرة في الشارع أهلته لقيادة الحياة السياسية حتي قيام ثورة يوليو 1952. أنا لست من جيل الاربعينيات، لكن تستطيع أن تقول إنني من جيل 23 يوليو 1952. بعدما جاءت الثورة اسدلت الستار وأهالت التراب علي ما قبلها.
* علي تاريخ الوفد أم تاريخ الحركة السياسية؟
- علي كل شىء. وأنا كشاب في ذلك الوقت سعيت أن أفهم التاريخ، ووقتها كنت أفتش عن الكتب حتي أعرف الحقيقة أين هي.
* وما هي الكتب التي قرأتها عن مرحلة ما قبل 23 يوليو؟
- قرأت مذكرات محمد التابعي ومحمد حسنين باشا وكتباً عن معارك الوفد والكتاب الأبيض والكتاب الأسود ومذكرات مكرم عبيد.
* وماذا خرجت من رحلة بحثك هذه؟
- اتضح لي ان الذي حدث في عام 1952 كان كارثة وأن الوفد، كان هو ما يسمي بالحزب الوطني اليوم. لكنه كان حزباً وطنياً بالفعل، هذا وقتما كانت فيه حرية تكوين أحزاب. ناهيك عن موقفه في عام 1942 مع الانجليز والملك وهو كان منتقداً فيه ولا يمكن الدفاع عنه.
* إذن أنت استطعت تكوين صورة ما عن تلك المرحلة؟
- بالفعل تكون لدي رأي أنه كان هناك حزب وطني عريق وكان وطنياً حقيقياً، وكانت به رموز الحركة الوطنية.
* جاءت الثورة وحلت الأحزاب وجاء السادات وأعاد تكوينها؟
- في فترة السادات عادت الأحزاب »حتة حتة« كان أملنا - نحن كجيل شاب - كبيراً جداً في الوفد في أن يعيد ما قبل 1952 ويعيد مجده الذي كان.
* بالفعل عاد الوفد للحياة السياسية.. لكن هل عاد مجده الذي انتظرته؟
- الذي حدث انني وجدت القيادات القديمة تمسكت بمواقعها. مع احترامي وتقديري لتاريخ هؤلاء الشرفاء والوطنيين ومواقفهم العظيمة، أمثال فؤاد باشا سراج الدين وإبراهيم بيه فرج وغيرهما. ولكن القيادات عادت بعد 40 سنة. ونحن المتطلعين لدخول الحزب والتفاعل معه كشباب لم نجد لنا فرصة. وسألنا وقتها أين الشباب، أين المستقبل؟ لكن لم يجب أحد.
* إذن انت ميولك السياسية تتفق مع توجهات الوفد؟
- أنا كشاب - وقتها - توجهاتي ليبرالية رأسمالية وطنية علمانية واضحة.
* بمعني إيه علمانية؟
- علمانية فصل الدين عن الدولة .. وليس علمانية كفر حتي لا يفسر كلامي خطأ.
* توجهاتك واضحة فلماذا لم تتفاعل وتندمج في حزب الوفد مثلاً؟
- لانني من جيل فوجئنا بالجيل القديم لايزال باقياً علي مقاعده، والصورة توحي بأنه لن تكون هناك فرصة للشباب ولن يكون لنا أي دور.
* هذا عن قراءتك السياسية للحزب فماذا عن الاقتصادية؟
- وجدت التوجه في صحيفة الحزب الناطقة بلسانه لا يعبر عن الرأسمالية الواضحة. حيث تجد النقد للنظام والإجراءات الاقتصادية كلها وكأنك تقرأ صحيفة الأهالي أو صحيفة الشعب لسان حزب العمل قبل تجميده. وأنا مستعد لأن أفهم ذلك من حزب التجمع أو العمل. وبدأت أسأل يا جماعة إنتو مع الرأسمالية أم لا؟
* تقصد الرأسمالية الوطنية؟
- حتي كلمة الوطنية كمسمي متبوع بالرأسمالية أنا لا أحبذها، فالرأسمالية لا تحتاج لذلك، لأنها نظام رأسمالي ناجح في حد ذاته اقتصاديا. بدون أن نقول رأسمالية وطنية أو غير وطنية.
* إذن التوجهات في رأيك لم تكن واضحة؟
- الذي كنت آراه وأعرفه أنك كحزب الوفد رأسمالي طول عمرك وأنا ضد التأمينات وقرارات مصادرة الأراضي وغيرها، النقطة الثانية والتي أعتبرها سقطة تاريخية كبري هو ما حدث في انتخابات مجلس الشعب قبل عدة دورات ماضية، إذ إنني وجدت الحزب يتحالف مع الإخوان. وخاضوا الانتخابات بقائمة واحدة.
* قد تكون هذه ضرورات انتخابية سياسية لا علاقة لها بثوابت الحزب؟
- أنا لا علاقة لي بتلك المبررات، لكن ما أعلمه أنك بهذا التحالف بعت حجر أساسك الرئيسي كحزب وهو الوحدة الوطنية وتعانق الهلال مع الصليب، وهو أننا كلنا واحد، في وطن واحد، أبناء أمة وحضارة واحدة.
* لكن الانتخابات قد تفرض أشياء تجعلك تضطر للتعامل بها؟
- التبرير هنا ليس في مقامه الصحيح. لانك بذلك لعبت بالنار. والذي يلعب بالنار تحرقه. أنت حزب لك مواقفك الأيديولوجية التي يجب أن تتمسك بها. فإذا ما ابتعدت عنها فهي تحسب عليك تاريخياً.
* هل هذه العوامل جعلتك تغير موقفك من الحزب؟
- بل هي قضت علي أي أمل لدي كان باقياً فيه. وفي أن يكون لي في أي يوم صلة بالحزب كفرد وطني من حقه البحث عن اختياراته السياسية. وبخلاف هذا كانت هناك طامة كبري احلت علي الحزب.
* وما هي هذه الطامة؟
- إذ اننا فوجئنا في يوم من الأيام بأن علي رأس هذا الحزب العريق شخصية من الأول عليها علامات استفهام.
* ومن هي؟
- التي كانت في رئاسة الحزب السابقة. كانت حولها ظلال من الشك، فهو يتعامل أحياناً مع المواقف بمعدلات متدفقة. بمعني ان مؤشر توجهاته تجده مرة في أقصي اليمين ومرة بنفس القوة في أقصي اليسار. وهي أمور مثيرة للشك.
* ماذا تقصد بمثيرة للشك؟
- أقصد ان مواقفه السياسية تدلل علي أنه »بيلاغي« الحزب الوطني في بعض المواقف ثم يعدل عنها في مواقف أخري وعلي رأسها مسألة الترشيح لرئاسة الجمهورية.
* لكن الترشيح وقتها كان قراراً حزبياً؟
- يا راجل فيه حد يرشح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية قبل بـ 3 أسابيع. هذا يعني أنك بتقول أنا ذاهب أخسر المعركة الانتخابية ثم أعود. إن الذي يفعل ذلك وينزل انتخابات رئاسة الجمهورية قبلها بـ 3 أسابيع آراه يقول لنا كشعب أننا لا نفهم.
* أراك لم تتطرق لأي حزب آخر.. وكلنا في الهم أحزاب؟
- لأنني بالفعل عندي خيبة أمل كبيرة في الوفد، وهذا لا ينطبق علي القيادات الحالية. لأنني عندي أمل اليوم كبير فيهم. لانهم كفريق من الممكن أن يرجعوا الحزب إلي مساره الحقيقي، علي أن يبتعدوا عن الطريقة التي يسيرون عليها الآن.
* وما هي هذه الطريقة؟
- طريقة الأسلوب الرمادي. أنت اليوم علي سبيل المثال - كوفد - عليك أن تقول نحن مع بيع كل القطاع العام، لان هذا القطاع العام من رأسه يجب أن يبادر بسبب ما يحدث فيه من فساد.
* الدولة تقوم بهذا الدور علي أكمل وجه؟
- بالعكس أنا بدأت أشعر أن د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار بدأ يترجع عن الخصخصة.
* كيف تراجع والبيع مستمر؟
- انظر إلي شركة النصر للتعدين تجده يقول إنه غير قياداتها.
* قد يكون ذلك في إطار هيكلة إدارية للشركة؟
- وهل تعتقد أن القيادات الجديدة ستنجح. كيف ومن سبقهم كانت عليهم علامات استفهام بدليل تغيرهم، لذلك لماذا تفترض إن الإدارة الجديدة ستكون ناجحة وتسرق؟
- هل معني هذا أن كل الإدارات الحكومية حرامية؟
- أنا لم أقل هذا، لكن أقول إن نموذج اتباع ملكية الحكومة للأنشطة الاقتصادية نموذج ثبت فشله.
* بمعني؟
- ببساطة توقف امام شخص ليس صاحب المال في القطاع العام وانظر لمثيله في القطاع الخاص. في القطاع الخاص لن تجده. فاسداً مثلما تراه في القطاع العام، هل رأيت أحداً في القطاع الخاص اختلس 250 مليون جنيه من وراء شركة قطاع خاص؟ أبداً لم يحدث ولن يحدث. لأن صاحب المال موجود.
* إذن العيب في نظام إدارة الدولة التي من المفترض أنها صاحبة المال؟
- العيب في الفكرة نفسها. في فكرة القطاع الخاص ذاته.
* بعض الدول فيها قطاع عام ناجح؟
- الدول في كل العالم لم تعد تتملك مصانع وشركات هذا النظام انتهي وولت أيامه. وقد نكون نحن الدولة الوحيدة الباقية والمبقية علي القطاع العام. إن ألمانيا خصخصت ألمانيا الشرقية في سنة.
* لكنهم أقاموا هيئة محايدة هناك قامت بذلك؟
- ونحن لدينا الهيئات والنقابات والقوانين، لكن الخطأ أننا نسير ببطء في اتخاذ القرار ومن تبعات اتخاذ القرار بسبب اضطرابات العمال التي تحدث ومما يقال كنوع من إثارة الرأي العام بأن البلد هتتباع.
* لكن الناس من حقها الخوف علي المصانع والشركات الحيوية التي تعمل بها؟
- المسألة اقتصادية اتغيرت وموضوع بيع البلد وغيره من هذا الكلام لم يعد ذا موضوعية.. وعلي سبيل المثال أنا ذهبت إلي إيطاليا واشتريت شركة إيطالية هل قالوا هناك ان البلد اتباعت أبداً لم يحدث؟ وهل الطليان نائمون علي روحهم ولا يفهمون في الاقتصاد؟ إن ملكية الحكومة للأنشطة التجارية والصناعية في رأي فكرة خطأ.
* لكن إذا تخلت الحكومة عن هذه الأنشطة.. فأين يكون دورها؟
- دورها منظم للقطاع الاقتصادي فقط ولا تبقي مالكة. فلقد ثبت أن الحكومة مالك ومدير فاشل.
* وإذا غيرنا الإدارة الفاسدة بإدارة جديدة ألا يفيد ذلك؟
- انتهينا خلاص.. الإدارة لن تنصلح .. حتي لو غيرتها وجاءت بإدارة جديدة. هذه نكتة وأنت بذلك بتلعب طاولة وليس شيئاً آخر.
* هل تبحث عن حزب رأسمالي صريح؟
- بالضبط كده - وهذا ليس عيبا.. عايزين حزب يخرج علينا ويقول أنا حزب رأسمالي صريح، ولن أتحالف مع الإخوان المسلمين.
* لكن الإخوان خارج السياق الذي نتحدث عنه؟
- من قال ذلك، بل هم في قلب السياق، لانهم داخلون يفرقوا بين أبناء الأمة
حوار أجراه: خيري حسن
الوفد 5/10/2007
No comments:
Post a Comment