Saturday, September 22, 2007

الكاتب المسرحي علي سالم : المتطرف قانونه الخوف

تحت وطأة الفقر يُفرِز العقل الدمار
علي سالم كاتب مسرحي مصري له رؤية مغايرة للتيارات السائدة في مختلف القضايا وخاصةً علاقتنا بإسرائيل حيث أنه قام بزيارتها مرات كثيرة منذ أوسلو 1994، ولأن التيارات الفكرية السائدة والأعلى صوتاً في مجتمعنا المصري يرى كل منها أن أرائه هى المسلمات التي يجب أن يعتنقها الجميع وكل ما هو خارج عن ذلك الإطار ينبغي تدميره، اطلقوا على "علي سالم" في سخرية لا تخلو من الاتهام بأنه رائد التطبيعيين وشطب من أجل هذا من عضوية إتحاد الكتاب المصريين، لكن وبالرغم من ذلك الهجوم أستطاع أن يوظف مهاراته ككاتب مسرحي في إيصال كل مفردات الواقع للقارئ بصورة ساخرة جعلت قراءة مقالاته درب من المتعة وحول مجموعة من القضايا كان لنا معه هذا الحوار.
** سافرت إلى إسرائيل أكثر من عشر مرات للمشاركة في ندوات ومؤتمرات قل لنا مَن هم الإسرائيليين وماذا يفعلون؟
الإسرائيليون هم سكان إسرائيل ويتكونون من أطياف مختلفة تشمل العرب اليهود واليهود من أصول أوربية إضافة إلى العرب المسلمين والمسيحيين وإسرائيل ارتبطت في ذهننا بالعدو المخيف شديد السطوة ولكنني أرى أنها كدولة ليس لها صفات ثابتة مع السُنيين بل تختلف باختلاف المؤسسة الحاكمة في كل مرحلة كما أنها ليست كلها متطرفين بل غنية بمختلف الاتجاهات.
** الكويز وما يماثلها من اتفاقيات اقتصادية يرى البعض بأنها ستعود بنفع على الاقتصاد المصري ولكن هناك عدم استحسان لها من قِبل كثيرين لوجود إسرائيل كعنصر بهاكيف ترى مثل هذه الاتفاقيات؟
بدايةً أود أن أشير إلى أن الجانب الاقتصادي هو أهم جانب في حياة البشر فلا يمكننا تخيّل مدى الدمار الذي يفرزه العقل البشري عندما يقع تحت وطأة الفقر، والكويز أرى أن بها ومن خلالها أصبحنا نحترم اتفاقية السلام التي وقّعناها مع إسرائيل وبالطبع يمكن استثمار نتائجها الايجابية على العلاقات المصرية الإسرائيلية لصالح الفلسطينيين فعندما تكون علاقتنا بإسرائيل متوترة والكثير من دول المنطقة تشاركنا هذا التوتر ترتفع قوة التنظيمات المسلحة المتطرفة التي لا توافق على وجود إسرائيل كدولة من الأساس وندور بعد ذلك في حلقة مفرغة من الدماء والعنف المتبادل.
** هناك حالة كراهية تتزايد درجتها يوميا في مصر للغرب بصفة عامة أما المشاعر تجاه إسرائيل تعدت كل درجات الكراهيةفكيف تفسر لنا ذلك؟
الكراهية لها أسباب عديدة من أهمها الصورة الذهنية العالقة بداخلنا على أن الغرب وإسرائيل هم الوحش الجامح الذي يُشعرِنا بالعجز لذلك العلاقات الطبيعية القائمة على التعاون في كل المجالات هى الأساس الذي يجب أن نعمل عليه تحسين هذه الصورة، فلا علاقات سلامية أو طبيعية دون تعاون في كل المجالات وخاصة الاقتصادي، والقول بغير ذلك لغو سياسي لا يفيد فرجال الأعمال هم بناة حضارة اليوم ثم بعد ذلك يأتي دور المثقفين فالفرد عندما يجد عملاً ويحصل منه على أجر يرفع من مستوى معيشته سيفكر بصورة مختلفة فالفقر يشعر الفرد بالدونية التي تجعله سعيداً بأن يجد عدو يُفرغ من خلاله نوبات غضبة.
** من المفترض أن يسعى الإعلام لترسيخ قيّم التحضر والرقي في نفوس المتُلقين وما تحمله تلك القيّم من قبول الآخر وحقوق الإنسانهل ترى أن إعلامنا المصري يقوم بذلك الدور؟
لا أعتقد أن إعلاماً ملتصقاً بالسُلطة يُعبّر عن الشعب ولا أطلب منه تنمية وعي الأفراد فهذا دور المثقفين من الكُتّاب ولكني أتمنى أن يبتعد الإعلام عن ترويج الخرافات والاختراعات كأن يقول أن هناك فتيات إسرائيليات سيأتين إلى مصر لنشر الإيدز مثلاً!!! وأسأل القائمين على الإعلام أين الحرفية والمصداقية؟؟! فحتى الأخبار التي هى من حق المُتلقي أصبحت تُصاغ بطريقة تروّج لفكر بعينه.
** هناك مَن يرى أن التطبيع هو من ثمار السلام ويرفض قيامه قبل تحقيق السلام العادل والشامل والكاملهل تتفق مع هذه الرؤية؟
مسألة أن التطبيع هو أخر ورقة يمكن أن ننظر إليها رؤية غير واقعية فالسلام يُصنع وليس مجرد قراراً يُصدرالسلام لا يقوم من تلقاء ذاته فنحن مَن نقوم بصناعته، وهناك مَن يرفض فكرة التطبيع أساساً حتى لو كان هناك اتفاقية سلام وهو بذلك يرفض فكرة إسرائيل كدولة قائمة بالفعل.أما فيما يخص وصف السلام بالعادل والشامل والكامل غير ممكن فهذه صفات الله عز وجلْالسلام هو ما يمكننا أن نصل إليه لنخلق واقعاً جديداً على الأرض.
** هل ترى أن الجامعة العربية بوضعها الحالي قادرة على إدارة قضايا الشأن العربي؟
لا أظن، فما معنى أن تجتمع الدول العربية لتناقش قضايا من المفترض أنها هامة ومصيرية وهناك أعضاء داخل الجامعة لم يسددوا ما عليهم من اشتراكات!! أليس من الضروري أن يكون أعضاء الجامعة جادون مع أنفسهم ليشعر الآخرين أنهم جادون في وعودهم ومشاريعهم، كما أن دعوتهم لقيام برلمان عربي على غرار البرلمان الأوربي الذي قام كجزء ومرحلة من مراحل وِحدة أوربا فهل هناك بالفعل حاجة لقيام هذا البرلمان.... هذا هو السؤال!!!!أما اللجان التي تُشكَل لتفعيل المبادرات التي يتوصلوا لها، أعتقد أنها تذهب إلى حُكّام الأرض كلها وتقول نحن نطلب منكم مساعدتنا في الضغط على إسرائيل لتنسحب من الأراضي المحتلة، ونحن نتعهد بعد تحقيق ذلك بعقد اتفاقيات سلام معها وعلاقات طبيعية سيردون على طلبنا (هذا أمر طيب للغاية ولكن لماذا لا تقابلون الإسرائيليين وتقولون لهم هذا) سترد اللجنة لا لن نذهب لهم هذا يَعد تطبيعاً قبل السلام العادل والشامل والدائم فيكون الرد على ذلك نعدكم بالضغط على إسرائيل في أول فرصة وسيعود أعضاء هذه اللجنة قائلين لقد نجحنا في الضغط على إسرائيل، المشكلة الحقيقية إننا كعرب نريد السلام ولكن ليس الآن ربما لأننا لم نستعد له بعد.
** الدولة.. رجل الدين.. رجل الدولة مفاهيم قد يخلط البعض بينها، كيف يرى على سالم هذه المفاهيم؟
الدولة عمل فني لا يختلف عن أي عمل فني آخر، وهذا يعطينا الحق في البحث عن قواعد ومواصفات لها على ضوء خبرات الماضي الإبداعية وذلك بهدف التعرف على الشكل المثالي لها والدولة كإبداع سياسي هي دولة أولاً ثم يهودية أو مسيحية أو إسلامية.ثانياً: والخلط في هذه الحقيقة يؤدي حتماً إلى ظهور المتطرف التقليدي والمتطرف الفعّال (الإرهابي) والدولة في المنطقة العربية أشبه بمحرك السيارة الذي سيعطي الدوران نفسه عندما يقوده مسلم أو مسيحي أو يهودي.ومن البديهي بالطبع أن قائد السيارة سيتبع قواعد المرور وليس قواعد الأديان، والدولة كذلك بالضبط تمد مواطنيها بإرشادات وإشارات نسميها الدستور والقانون والقواعد العامة وبالطبع يجب أن يكون مواطني الدولة أصحاب أخلاق رفيعة، ولكن الدولة لن ترغمك على تنفيذ ذلكرجل الدين لا يعمل عند الدولة فالدين ذاتي والدولة موضوعية رجل الدولة ملتزم بقوانين وتعليمات لا حق له في تغيرها أو تجاهلها ولا هناك مجال لمزاجه الشخصي أو انفعالة الذاتي إما ذاتية رجل الدين تمنعه من أن يكون مسئول عن مصائر البشر، وأحيانا يقول الشيء ونقيضه في مسائل خطيرة للغاية ولا يجد مَن يحاسبه، فالحساب بالنسبة له ليس في هذه الدول، فأحد خطباء الجمعة المُذاعة على الهواء أوضح أن كارثة تسونامي حدثت لأن هذه المناطق سياحية ويُمارس فيها المنكرات!!!ثم عاد بعد ممارسة مجموعة من الضغوط عليه إلى دعوة العالم إلى التبرع لكارثة تسونامي وهذا مثال خالص لذاتية رجل الدين التي تجعله أحياناً يضطر إلى قول أشياء لا يعرفها العلم أو الدين ربما رغبة في النجومية.
** ما هي الطريقة المُثلى التي يجب أن تتعامل الدولة مع المتطرفين سواء كانوا فاعلين أو غير ذلك؟
المتطرف قانونه الخوف أن يُخيفك أو تُخيفه لأنه في أعماقه يدرك أنه يحافظ على مكانته بطاقته العدوانية فقط لذلك يتراجع على الفور في حالة أن يشعر أن الدولة جادة في القضاء عليه هذا فيما يخص المتطرف العادي، أما المتطرف الفعّال فهو عادة ما يُرسل أتباعه المساكين للموت برصاص الشرطة، أما زعيمهم فلديه أسبابه التي تدفعه للبقاء حياً وعلى العقلاء أن يدركوا كيف أن هؤلاء يستغلونه؟؟
أجرى الحوار- باسنت موسى

No comments: