Friday, June 24, 2011


تورتة «البدوى».. و«بديع»!


لم نسمع تفسيراً مقنعاً حتى الآن لتحالف الوفد والإخوان.. لا من هنا ولا من هناك.. لكن ربما يكون هذا التحالف قد ضاعف من حجم المخاوف فى الشارع السياسى.. وجعل فكرة الدستور أولاً أكثر إلحاحاً.. بعد أن ظهرت فئة تريد أن تحتكر العمل العام.. وتضرب السوق السياسية.. لنعود من جديد إلى حكاية الوطنى، صاحب الأغلبية الكاسحة، وأحزاب لها مقعد واحد!

التحالف الذى حدث لم يكن له غير تفسير واحد، أن هناك من يسير فى سكة الغنائم، لا بناء الدولة.. ومن هنا بدت المخاوف أكثر.. وتزايد الإصرار على ضرورة تأجيل الانتخابات، مما يهدد بانقسام حاد فى المجتمع المصرى، كما قال السياسى الكبير منصور حسن.. وهو إحساس رهيب يوحى بضياع الثورة، كما يوحى بأن المشهد أقرب إلى موقف الرماة فى غزوة أحد!

ولا أخفى عليكم أننى أنتظر رأى منصور حسن فى مناسبات كثيرة، ومنها هذه المناسبة بالطبع.. فهو واحد من عقلاء مصر، كما أن الأمور عنده واضحة تماماً.. وهو يرى أن تحالف الوفد والإخوان يضر البلاد.. لأنه ضد العمل الديمقراطى، لأن الديمقراطية الصحيحة، التى يستحقها الشعب، تقتضى أن يكون هناك فريق فى الحكم، وآخر فى المعارضة، لمصلحة الديمقراطية!

وبهذا الوضوح الذى لا لبس فيه، كان «منصور» حاسماً وقاطعاً فى حواره مع الزميلة رانيا بدوى.. فالديمقراطية هى أن تكون هناك مجموعة تحكم، وأخرى تراقب وتحلل وتنتقد وتقدم البدائل، وإذا حدث غير ذلك فهذا افتئات على حق الشعب، فمن حقه أن تكون لديه أداة للرقابة على الحكومة، أما أن يتفقوا معا على أن يحكموا جميعا ويحرموا الشعب من هذه الأداة، فهذا إخلال بحق الشعب فى الديمقراطية!

الخلاصة، أن ما حدث تحالف على الشعب وعلى الثورة.. فى الوقت الذى كنا ننتظر مثلاً من الوفد أن يقدم مرشحاً للرئاسة، بدلاً من أن يتفرج على الماراثون.. وكنا ننتظر منه أن يقود معركة الدستور أولاً، وهو أكبر وأعرق الأحزاب الليبرالية.. لكنه فضل أن يتحالف على أن يناضل.. وأن يجرى صفقة لا أن يبنى مجداً.. والفارق كبير بين الصفقات والبناء على المدى الطويل!

قد يختلف معنا من يختلف.. وقد يقول البعض السياسة تحالفات وصفقات سياسية.. وقد وقد.. ولكن الموقف يختلف هذه المرة فى تحالف الوفد والإخوان.. فى المرات السابقة كان الوفد يعطى الإخوان شرعية.. وفى هذه المرة الوفد يرتمى فى حضن الإخوان كطفل صغير.. هذه هى المأساة.. كنا أحوج ما نكون إلى حزب الوفد الذى يقود ويناضل.. ليحمى الثورة ويبنى الديمقراطية!

ما حدث يعنى أن الوفد لا يناضل ولا يبنى، وإنما يستسهل الأمور.. يتحالف ويدعم المرشح الرئاسى للإخوان.. فى المقابل يأخذ نسبة من مقاعد البرلمان، ونسبة أخرى فى التشكيل الوزارى.. حين تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية.. وهنا مكمن الخطر، كما قال «منصور»، فالأصل أن تكون هناك جماعة تحكم، وأخرى تعارض وتنتقد، وهذه هى الديمقراطية السليمة!

لا مانع بالطبع من أى توافق إذا كانت هناك كتلة معارضة أخرى، تواجه الاثنين معاً، المهم ألا تترك الساحة السياسية لتآلف موحد دون معارضة، مهما كانت النوايا الحسنة.. هذا هو رأى منصور حسن.. وهذه مخاوف مشروعة.. وقد تكون مفاجأة التوافق الوطنى بشأن الدستور أولاً رد فعل لهذه المخاوف، أو لتحالف الوفد والإخوان.. فهل تدخل الثورة النفق المظلم؟

بقلم: محمد أمين
masrawy

No comments: