مثقفون إخوة فى رضاعة الفساد
الإعلام الحكومى واحد فى كل الأنظمة العربية، وكأنهم جميعا رضعوا الكذب والتدليس والبلادة من ثدى واحد، فالذى لم ير فى ملايين الثائرين فى ميدان التحرير إلا مئات من المخربين، وتبجح أكثر وحاول إظهار السمك سعيدا ويرقص فى مياه النيل فرحا وتأييدا للسيد الرئيس المحبوب، هو أخ فى الرضاعة لذلك الإعلامى السورى الذى بلغت به القدرة على الكذب والتزوير أن قال عن المظاهرات العارمة للثوار إنها خرجت لشكر الله على نزول المطر، ولم أكن سأستغرب كثيرا لو قال إن الشعب خرج يشكر الله والرئيس معا على المطر.
إنه خطاب واحد فاسد على الجانبين، يتنافس فى ذلك إعلاميون ومثقفون يفترض أنهم ضمير الأمة، غير أن الأيام أثبتت أنهم لسان السلطة المستبدة، فالذى تجرد من كل قيمة إنسانية محترمة وأعلن على الهواء مباشرة أن بعض المعتصمين فى ميدان التحرير متعاطو مخدرات وممارسو جنس جماعى، لا يختلف عن أخيه السورى فى رضاعة الفساد والتضليل الذى يروج لأن جيش حافظ الأسد يطلق الرصاص ويقصف بالدبابات عصابات الشوارع وليس الثوار والمتظاهرين.
الأول ذهب إلى أن المصريين شعب من الحشاشين وزبائن الجنس الجماعى، والثانى انتهى إلى أن الشعب السورى الغاضب ليس إلا عصابات إجرامية تمرح فى الشوارع.. ومن أسف أن المثقفين السوريين لم يسمع لهم صوت حتى الآن دفاعا عن أبناء شعبهم الذين تحصد أرواحهم يوميا بالعشرات، بل سقط معظمهم فى مستنقع الدفاع عن همجية ودموية النظام الباطش، لكن الأخطر أن سقطوا فى جب الطائفية، وانخلعوا تماما من كل القيم الأخلاقية والاجتماعية التى طالما تشدقوا وطنطنوا بها.
غير أن المطمئن فى المسألة أن هذه ثورات شاملة، لا تستهدف إسقاط نظم حكم مستبدة وفاشلة فقط، بل أيضا هى ثورة على أنظمة إعلامية مارست طويلا تزييف الوعى العربى وقصفه بكل الأسلحة.. وكلما تمادت هذه الأصوات فى الإساءة والتشويه للأحلام الشعبية المشروعة، اكتسبت هذه الأحلام والأشواق المتطلعة إلى التغيير المزيد من الأنصار والمشاركين.
وإذا كانت «موقعة جمل» واحدة قد أججت روح الثورة المصرية، فقد نفذ الأسد أكثر من موقعة جمل، وارتكب أكثر من مجزرة وهو ما يقدم دعما هائلا للثورة السورية، التى ستكتمل رغم أنف أعدائها.
إن التطابق فى الحالتين المصرية والسورية يكاد يكون كاملا، وإذا كان بعض القراء «الأذكياء جدا» قد استنكروا أن أقول فى مقال سابق «الأسد يلتهم نصف مصر الشمالى» وأزعجهم كثيرا هذا الوصف، فإننى أكرر هنا أن «مصر هى نصف سوريا الجنوبى» فقد كنا دولة واحدة فى فترة مرت كلمح البصر، وأظن أن ما بين الشعوب العربية أعمق وأكبر من أنظمة الحكم التى لا تتورع عن ارتكاب المجازر كى تبقى على عروشها
إنه خطاب واحد فاسد على الجانبين، يتنافس فى ذلك إعلاميون ومثقفون يفترض أنهم ضمير الأمة، غير أن الأيام أثبتت أنهم لسان السلطة المستبدة، فالذى تجرد من كل قيمة إنسانية محترمة وأعلن على الهواء مباشرة أن بعض المعتصمين فى ميدان التحرير متعاطو مخدرات وممارسو جنس جماعى، لا يختلف عن أخيه السورى فى رضاعة الفساد والتضليل الذى يروج لأن جيش حافظ الأسد يطلق الرصاص ويقصف بالدبابات عصابات الشوارع وليس الثوار والمتظاهرين.
الأول ذهب إلى أن المصريين شعب من الحشاشين وزبائن الجنس الجماعى، والثانى انتهى إلى أن الشعب السورى الغاضب ليس إلا عصابات إجرامية تمرح فى الشوارع.. ومن أسف أن المثقفين السوريين لم يسمع لهم صوت حتى الآن دفاعا عن أبناء شعبهم الذين تحصد أرواحهم يوميا بالعشرات، بل سقط معظمهم فى مستنقع الدفاع عن همجية ودموية النظام الباطش، لكن الأخطر أن سقطوا فى جب الطائفية، وانخلعوا تماما من كل القيم الأخلاقية والاجتماعية التى طالما تشدقوا وطنطنوا بها.
غير أن المطمئن فى المسألة أن هذه ثورات شاملة، لا تستهدف إسقاط نظم حكم مستبدة وفاشلة فقط، بل أيضا هى ثورة على أنظمة إعلامية مارست طويلا تزييف الوعى العربى وقصفه بكل الأسلحة.. وكلما تمادت هذه الأصوات فى الإساءة والتشويه للأحلام الشعبية المشروعة، اكتسبت هذه الأحلام والأشواق المتطلعة إلى التغيير المزيد من الأنصار والمشاركين.
وإذا كانت «موقعة جمل» واحدة قد أججت روح الثورة المصرية، فقد نفذ الأسد أكثر من موقعة جمل، وارتكب أكثر من مجزرة وهو ما يقدم دعما هائلا للثورة السورية، التى ستكتمل رغم أنف أعدائها.
إن التطابق فى الحالتين المصرية والسورية يكاد يكون كاملا، وإذا كان بعض القراء «الأذكياء جدا» قد استنكروا أن أقول فى مقال سابق «الأسد يلتهم نصف مصر الشمالى» وأزعجهم كثيرا هذا الوصف، فإننى أكرر هنا أن «مصر هى نصف سوريا الجنوبى» فقد كنا دولة واحدة فى فترة مرت كلمح البصر، وأظن أن ما بين الشعوب العربية أعمق وأكبر من أنظمة الحكم التى لا تتورع عن ارتكاب المجازر كى تبقى على عروشها
قلم:وائل قنديل - الشروق
No comments:
Post a Comment