Monday, August 09, 2010

مجرد عينة لمؤيدي مشروع التوريث

يقدم الدكتور إبراهيم كامل، وأنا بالمناسبة لا أعرف هو دكتور في إيه بالضبط!!، عينة دالة علي القوي الاجتماعية التي تؤيد مشروع التوريث وتعمل علي تنفيذه. وهو يتمتع بعدد من الخصال تؤكد كلها أن مؤيدي هذا المشروع في واد ومجمل الشعب المصري في واد آخر، فضلا عن أنه يعطي لنا مؤشرات حول شكل الحكم في مصر وانحيازاته في حال تحول مشروع التوريث إلي واقع معاش.

فالرجل لا يترك مناسبة أو حتي غير مناسبة إلا ويؤكد أن جمال مبارك هو مرشح الحزب الوطني في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حال عدم ترشح الرئيس مبارك بالطبع، مع أنه لم يسمع كلام الدكتور علي الدين هلال زميله في الحزب الوطني، عندما قال إن طرح مرشح للرئاسة في وجود الرئيس، وكان يقصد من الحزب الوطني، هو مجرد قلة أدب، ومع أنه يعرف جيدا أن لائحة الحزب الوطني تنظم عملية ترشيح الرئيس عبر مؤتمر عام خاص يختار المرشح، وذلك يعني أن الأخ «كامل» لا يؤمن بالديمقراطية ويصادر علي حق أعضاء الهيئة العليا للحزب في الترشيح والمنافسة من أجل اختيار مؤتمر الحزب للأفضل من وجهة نظر أعضائه، وكلام «كامل» يوحي بأن عملية اختيار مرشح الحزب تمت بالفعل من قبل قيادات الحزب دون الرجوع إلي أعضاء مؤتمر الحزب المنوط بهم عملية الاختيار، وهو ما يعني أن الحزب الوطني يدار من قبل مجموعة «اوليجاركية» تحتقر الجماهير، وعلي رأسها أعضاء الحزب وقواعده، وقررت أن تنوب عنهم في اختيار مرشحهم لهذا المنصب الرفيع.

وإذا كان أي مشروع سياسي لابد له من قاعدة اجتماعية تسنده، فإن بروز «كامل» كل عدة أشهر ليقول لنا الكلام نفسه عبر قناة فضائية مختلفة، جاء ليعطي لنا صورة واضحة عن القاعدة الاجتماعية التي تساند مشروع التوريث، وهي نخبة من رجال الأعمال، وليس نخبة رجال الأعمال، وهذه النخبة، كما تتبدي في «الدكتور» إبراهيم كامل، لها سمات خاصة، في مقدمتها أنها تعلي مصالحها الخاصة علي حساب المصالح الوطنية. فالرجل يقف بكل قوته واتصالاته وعلاقاته، وفي مقدمتها علاقته بالسيد جمال مبارك مرشحه لرئاسة الجمهورية، ضد المشروع النووي في الضبعة، ليس لأسباب موضوعية وإنما حتي تتحول المنطقة إلي منطقة استثمارية سياحية يكون هو وبعض شركائه ومنهم حسين الجمال حما جمال مبارك، المستثمرين الرئيسيين فيها، خاصة أن لديهم استثمارات مشابهة في مناطق مجاورة للمشروع، وهم لم يوفروا أي جهد بما فيه تأليب الأعراب واضعي اليد في المنطقة علي الحكومة من أجل أن يبدو أن معارضة المشروع جماهيرية وشعبية ولا تأتي فقط من بعض رجال الأعمال أصحاب المصالح. أي أننا في عهد السيد جمال مبارك - إن أصبح رئيسا للجمهورية - سوف تتخلي عن مفهوم الوطنية، وسيكون منطق البزنس هو السائد، وهو الموجه الأساسي لكل السياسات.

ومن أبرز ملامح وصفات هذه «النخبة» علاقتها مع إسرائيل، حيث إن السيد كامل صاحب شركة «كارو اروماتيك»، له استثمارات كبيرة في إسرائيل، يعتقد أنه بها يمارس دورًا وطنيًا، فضلاً عن أنه أحد أعضاء ورعاة تحالف كوبنهاجن سيئ السمعة، وهو ما يعني أيضًا أن علاقة مصر بإسرائيل ستكون لها الأولوية ليس علي حساب العلاقات العربية، إنما علي حساب المصالح الوطنية المصرية، فمن يستثمر أمواله في إسرائيل في الوقت الذي يجوب فيه وزراء مصريون بلاد العالم من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية، لن يعطي للمصالح الوطنية المصرية أي أولوية، وسيكون منهجه هو أن راس المال بلا جنسية وبالتالي فإن مصالحه تتحقق في أماكن أخري غير مصر، خاصة أنه يزعم أن أمواله تراكمت في الخارج وبالتالي فإن استثمارها في مصر ليس ضروريًا. وأعضاء النخبة هذه «يستأجرون» بعض المثقفين من أجل اختراع مبررات لمنهجهم الاستثماري وإعطاء الشرعية لأفعالهم وتوجهاتهم السياسية والمالية.

وكان أعضاء هذه النخبة قد ضغطوا من قبل علي صانع القرار المصري في بداية تسعينيات القرن الماضي من أجل إنهاء العمل بنظام الصفقات المتكافئة مع دول أوروبا الشرقية، بما أدي في النهاية إلي خسارة مصر أسواقًا تقليدية للتجارة والصناعة المصريتين، علي النحو الذي فصله السفير الراحل «تحسين بشير» في مقال تاريخي ومهم نشره في جريدة «الوفد» في ذلك الحين، كان يحذر فيه من سيطرة رجال الأعمال علي السياسية الخارجية المصرية، وبالطبع ذهب تحذيره أدراج الرياح وسيطر هؤلاء وفي مقدمتهم «نخبة » جمال مبارك علي السياسة الخارجية وأصبحنا نعاني من تراجع الدور المصري في الخارج وانهيار علاقتنا بدول أفريقيا وفي مقدمتها دول حوض النيل.

ومن أبرز سمات وملامح هذه النخبة التي تؤيد توريث الحكم وتعمل علي تنفيذه وتشكل القاعدة الاجتماعية - الاقتصادية له، أنها تهتم بالرفاهية ولا تضع حسابًا للفقراء أو حتي متوسطي الدخل، فهذا الداعم الأساسي هو الذي بني المبني السكني «للفور سيزونز» واستعان في ذلك بشركة «بكتل» الأمريكية ذات الصلة بصانع القرار في الولايات المتحدة، وكان جورج شولتز، وزير الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس رونالد ريجان، رئيسًا لها، مثله مثل وضع ديك تشيني في شركة هاليبيرتون، وحينها راج في مصر الحديث عن أسعار الشقق التي وصلت إلي ملايين الدولارات، أي أن التعامل كان بالعملة الأجنبية، دون أن يضع هؤلاء أي اعتبار لما سيؤثر فيه ذلك في أسعار الجنيه المصري، وروجت الأساطير حول السيارات التي تركن بجانب حجرات النوم وغيرها . وكان ثمن الفيديو الذي يوضح شكل الشقة وإمكاناتها عدة آلاف من الدولارات . فمن يبني هذه المشروعات بالغة الرفاهية في مصر سيكون انحيازه لمن؟، وعندما يؤيد أي مشروع سياسي هل علينا أن نقف معه أم نقف ضده بالسليقة ؟ وللأسف فإن واحدًا من هؤلاء بل زعيمهم هو أبرز مؤيد ومروج لمشروع التوريث، وأما زملاؤه فهم يهتمون فقط ببناء المنتجعات المستفزة في رفاهيتها، بما يعطي مؤشرات حول الانحياز الاجتماعي والاقتصادي للسيد جمال مبارك في حال تحقق مشروع التوريث.

وبالطبع اكتشف أعضاء هذه الشريحة الضيقة من نخبة رجال الأعمال، أنهم لا يمكن أن يكونوا رافعة اجتماعية لأي مشروع سياسي، خاصة أن «السوق»، أي رجال الأعمال التقليديين، يدركون أن هذا المشروع سيضر بمصالحهم الاقتصادية لصالح كبار الحيتان ومسقعي الأراضي، ويدركون أن البيروقراطية المصرية تقف في وجه هذا المشروع لأنه يضر بها فضلاً عن أن النخبة المثقفة تدرك خطر هذا المشروع، ومن هنا بدأوا في البحث عن شراء ولاء الناس الغلابة عبر القروض الحسنة وما شابه ذلك، وهم في هذا أكدوا أنهم لا يعرفون الشخصية المصرية جيدا وهذا الأمر وحده كفيل بأن يعرف المرء أنهم بعيدون كل البعد عن المجتمع المصري، وبالتالي لا يستحق ممثلهم ومرشحهم أن يحكم هذا الشعب العريق . أوليس بروز إبراهيم كامل بالذات للترويج لجمال مبارك دليلاً كاف لنا لكي نرفض هذا المرشح ؟!. فهو عينة تقدم دليلاً واضحًا علي ماذا يريدون بمصر

- الدستور

No comments: