حدثني بالهاتف صوتٌ، لم أسمع في عذوبته. صوت د. عبلة الكحلاوي. وبعد حوار طويل حول ما يجري في بلادنا الآن من مشاحنات طائفية مُخْزية، أنهتْ العلاّمةُ الجميلةُ المكالمةَ بعبارة من أبلغ ما يكون: "يا ابنتي، نحن البشرَ جميعنا، مسلمين ونصاري ويهودًا، سوف ندخلُ الجنةَ بأعمالنا. فقط بأعمالنا." وذكّرني هذا بحوار دار بين عالم لاهوت مسيحيّ برازيليّ، "ليوناردو بوف"، وبين "دلاي لاما" الحالي، رقم 14، تنزين جياتسو، القائد الدينيّ الأعلى لبوذية التِّبت، ورأس حكومة المنفى بالهند، منذ احتلال الصين للتبت عام 1959، وبالأساس كان أحد رهبان جماعة القبّعات الصُّفر. من مواليد 1935، وتم تنصيبه عام 1950. وهنا، لن أفعل أكثر من ترجمة الحوار عن الإنجليزية، وفقط. ذاك إن في قراءته، وحسب، وتأمُّل دلالاته، تكمن عبارةُ الكحلاوي الرفيعة، ويكمنُ، كذلك، الدرسُ، الذي نحتاجه جميعًا: العقيدةُ شأنٌ خاصٌّ بين الإنسان وربّه، أما الشأنُ العام فهو التعامل الطيب بين الناس.
يقول بوف: "في نقاش مائدة مستديرة جمعت بيني وبين دلاي لاما، حول العقيدة والحرية، سألتُ لاما، في شيء من المكر وكذلك في اهتمام حقيقيّ:
- ’يا قداستك، أيُّ العقائد الأفضلُ؟‘
وظننتُ أنه سيقول: ’بوذية التِّبت‘، أو ’الديانات الشرقية التي هي أقدم كثيرًا من المسيحية‘. على إن الدلاي لاما صمتَ قليلا، ثم ابتسم، ونظر إليّ في عيني مباشرة، وهو ما أدهشني لأنني كنت أعلم أن المكر مخبأ في سؤالي. ثم قال:
- ’العقيدةُ الأفضلُ هي تلك التي تجعلك أقربَ إلى الله. هي تلك التي تجعلك شخصًا أفضلَ.‘
ولكي أخرج من حرجي، الذي سببته تلك الإجابةُ الحكيمة، سألته:
- ’وما هي تلك العقيدة التي تجعلك أفضل؟‘ فأجاب:
- ’تلك التي تجعلك: أكثرَ رحمةً، أكثرَ حساسيةً، أكثرَ محبةً، أكثر إنسانيةً، أكثر مسؤوليةً، أكثرَ جمالاً. العقيدةُ التي تفعل معك كل هذا تكون هي الأفضل.‘
كنتُ صامتًا، مأخوذًا بأعجوبة تلك الإجابة وحكمتها التي لا تُدحَض. وأكمل لاما:
- ’لستُ مهتمًّا يا صديقي بعقيدتك، أو إذا ما كنتَ متديّنًا أم لا. الذي يعنيني حقًّا هو سلوكك أمام نفسك، أمام نظرائك، أمام أسرتك، أمام مجتمعك، وأمام العالم. تذكّر أن الكونَ هو صدى أفعالنا وصدى أفكارنا. وأن قانونَ الفعل وردّ الفعل ليس يخصُّ، وفقط، عالم الفيزياء. بل هو أيضًا قانونٌ يحكم علاقاتنا الإنسانية. إذا ما امتثلتُ للخير سأحصدُ الخيرَ، وإذا ما امتثلتُ للشرّ لن أحصد إلا شرًّا. ما علّمنا إياه أجدادُنا هو الحقيقةُ الصافية: سوف تجني دائمًا ما تتمناه للآخرين. فالسعادةُ ليست شيئًا يخصُّ القدر والقسمة والنصيب، بل هي اختيارٌ وقرار.‘
وفي الأخير قال دلاي لاما:
- "انتبه جيدًّا لأفكارك، لأنها سوف تتحول إلى كلمات. وانتبه إلى كلماتك، لأنها سوف تتحول إلى أفعال. وانتبه إلى أفعالك لأنها سوف تتحول إلى عادات. وانتبه إلى عاداتك لأنها سوف تكوّن شخصيتك، وانتبه جيدًّا إلى شخصيتك لأنها سوف تصنع قدرك، وقدرُك سوف يصنع حياتك كلّها. وفي الأخير، ليست من عقيدة أرقى وأعلى من الحقيقة
This blog is dedicated to Egypt .... home I adore and to all sincere Egyptians who are looking forwards to live in free democratic secular nation كل زوار الموقع مدعوون الى نشر آراءهم و تعليقاتهم
Friday, July 23, 2010
عقيدتُك ليست تعنيني
Labels:
الحقيقة,
المساواة,
حوار مستنير,
ضد التطرف,
ضد التعصب,
ضد التمييز
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment