Sunday, September 14, 2008

شاعر الجغرافيا ! أفسد علما فجعلوه رمزا

هل أفسد د . حمدان . علم الجغرافيا ؟؟
العلم يختلف عن الأدب والشعر . العلم يلزمه الجدية الشديدة واليقظة التامة والبعد عن المؤثرات العاطفية والرومانسية الخاصة بالشعراء والادباء . وعند العلم والعلماء , العبارات تكون مقتضبة – لا اسهاب فيها – والتعبيرات جافة ، خالية من فن السخرية أو روح الفكاهة . فهذا في الادب وممكن في الشعر .
ولكن العلم : جاد . أسلوب كتابته اخباري خالي من الانشاء والاطراء
. - أي تكون كلمات العالم مثل كلمات المدرب الرياضي : محددة مسددة ، لا انشاء فيها ، كي لا يصيب المتلقي بالاسترخاء الذهني وبالتالي البدني أيضا مما يتناقض مع الممارسة الرياضية .
والجغرافيا علم .. وليست دربا من دروب الأدب ولا نوعا من الشعر . وعليه يمكننا القول باطمئنان أن الأسلوب الذي كتب به دكتور حمدان . مؤلفاته . وفي مقدمتها . أهمها كتاب " شخصية مصر . دراسة في عبقرية المكان " هو اسلوب أدب وادباء لا أسلوب علم وعلماء . ولذلك فقد كان بديهيا أن يلقي دكتور جمال حمدان من زملائه علماء الجغرافيا – الأساتذة بالجامعة – كل جفاء ونكران . بعد أن أفسد لهم العلم بادخال أسلوب غريب عليه – اسلوب الأدباء والشعراء . لا العلماء – وكان طبيعيا أن يكتب دكتور حمدان علي باب مسكنه : " ممنوع دخول الجغرافيين " كما كانت تنشر عنه الصحف في حياته . لانه فعلا ليس منهم ..وانما هو أديب . بمعني " صائغ لدرر وقلائد الأدب " ، ولم يجد سوي الجغرافيا – وهي علم – ليصنع منها قلائده وحليه اللغوية .
نظرا لأنه كان يعمل مدرسا جامعيا للجغرافيا بينما كان سبيله الاصح هو سبيل الأدب او الشعر وليس الجغرافيا . وكان يمكنه أن يقرا كما يشاء في الجغرافيا من باب الثقافة والهواية فحسب ..
-- --
ومما نشر عن دكتور جمال حمدان . بالصحافة المصرية . باقلام المعجبين المبهورين : في يوم 11-5-1997 : 1 - (( لم يكن الدكتور جمال حمدان - فيلسوف الجغرافيين ، وجغرافي الفلاسفة – // تعليق : علي غرار ما يطلق علي أبي العلاء المعري " شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء . ولكن شتان بين أبي العلاء العظيم وبين شاعر الجغرافيا . // . أكاديميا من هؤلاء الذين حصروا أنفسهم داخل شرنقة الجامعة الخانقة . التي تحد من انطلاقة المفكرين نحو التأصيل المنهجي والابداع الحضاري . لذا تمرد علي حصار الأكاديمية الضيق ، وفي سبيله لتحقيق مشروعه الفكري . قام بتمزيق كل الحجب الكثيفة لهذا النسق المعرفي البالي وذلك بعدما قلبت له الجامعة ظهر المجن وبخسته حقه الشرعي في الارتقاء الوظيفي . / /
تعليق : أي المشكلة كانت ارتقاء وظيفي . واستقال احتجاجا علي عدم ترقيته لا لمشروع حضاري . وأين ذاك المشروع الحضاري؟!!
الخلط والغلط والتدليس والتزوير في التاريخ والانثروبولوجيا لخدمة نظام وحاكم سياسي ؟! . هل هذا مشروع حضاري ؟ ! //
وضاقت ذرعا بنبوغه المعرفي والثقافي بابعاده المتفجرة التي كان يحاول جاهدا اضفاءها علي نتاجه الفكري المتفرد في الحقل الجغرافي . //
تعليق : لا نظن في وجود شيء يمكن تسميته بالحقل الفكري . في الجغرافيا . وسنبين ذلك بالمزيد فيما بعد . باحدي الحلقات القادمة // الذي جعل منه حقيقة . عالما رحبا له آفاقه وبصماته الحية علي جبين واقعنا الثقافي المعاصر . //
تعليق : بل هي محنة وكارثة واقع مصر الثقافي المعاصر . ولعل الجميع لا ينكر سؤ واقع مصر المعاصر بشكل عام بما فيه الواقع الثقافي // . انتهي ..
ما سبق من اشادة بالغة وشهادة عالية للغاية بالدكتور جمال حمدان . ووصفه بانه فيلسوف الجغرافيين وجغرافي الفلاسفة . لم يرد في نشرة للجمعية الجغرافية المصرية ولا بمجلة تصدرها . وانما جاءت في مجلة أخري لا صلة لها بالجغرافيا وهي مجلة : " أخبار الأدب " التي يرأس تحريرها الأديب المصري " جمال الغيطاني " ..! (!) .
وقد سبق لنا في حلقة اخري نقل شيئا مماثلا لذاك المديح , منشور بمجلة اخبار الادب . -- -- 2 – و في يوم 23-4- 2004 . الموافق الجمعة . بأكبر صحف مصر . جاء تحت عنوان " جمال حمدان شخصية مصر " ... هكذا مزج كاتب المقال بين جمال حمدان وشخصية مصر مزجا . ودونما نقطة أو فاصلة ! قال كاتب المقال الأستاذ " محفوظ عبد الرحمن " الذي كان طالبا بالجامعة عندما كان دكتور جمال حمدان أستاذا شابا . ما ننقل بعضا منه : (( وكان ما جمعني بالدكتور الشاب جمال حمدان . معرفته القوية بصديق لي طالت حياته الدراسية – تعليق : يقصد طالب كثير الرسوب مما أطال حياته الدراسية – لأنه - أي ذاك الطالب صديق محفوظ عبد الرحمن - كان يدرس الجغرافيا ويعشق الأدب .."
تعليق : وكما نلاحظ . طالب كثير الرسوب يعشق الادب ، وأستاذ جغرافيا يكتب بلغة الأدباء والشعراء الرومانسيين لا لغة الجغرافيين . فكان طبيعيا أن تكون علاقة الطالب والأستاذ قوية .حيث يجمعهما حب الأدب لا حب الجغرافيا . الي أن يقول الأستاذ " محفوظ عبد الرحمن " في مقاله المشار اليه : " ولد جمال حمدان في مارس 1928 في قرية بمحافظة القليوبية لأب : مدرس للغة العربية " . تعليق : لو كان دكتور جمال حمدان قد دخل كلية الآداب . قسم اللغة العربية . وخرج يكتب كأديب نفس ما كتبه في السياسة والتاريخ والجغرافيا والانثروبولوجي . بكل ما فيه من تحريفات ومغالطات وأكاذيب وهيامات وافتراءات وظلم للأقليات ونعرة قومية عروبية ومحاباة سياسية .. ولكن كأديب .. لا باسم علم الجغرافيا ولا بصفته أستاذ لعلم الجغرافيا . لهان الأمر . لهان كثيرا ..
-- --
لماذا الرومانسية والتعبيرات الأدبية في العلم غير مطلوبة ، وتكون في الغالب مفسدة ؟ لعل الجواب : لنتصور معا أن كيميائيا . بينما يقوم بعمل تركيبته الكيميائية . هام كما الشعراء وسرح ورا يتغزل في تلك المواد الكيميائية التي أمامه ، وما تحدثه من تفاعلات .. فهذا عنصر تحتاجه الابدان لزوم صحتها ، وذاك جزء متحد معه اذا فصلناه عنه كان سما قاتلا ! وهذا عنصر ان اضفناه للزراعة زاد قوة نمائها ، وفحولة ثمارها .. بينما لو اضفنا اليه عنصرا آخر يتحول الي قنبلة تفتك بالاعداء ! – مثلا .. – وهذا عنصر يعطي لونا مضيئا ! وباضافة بسيطة تجعله متعدد الاشكال في لوحة واحدة !... الخ .
تصوروا معي ان كيميائيا مضي سارحا هائما اثناء عمله . علي هذا النحو . وراح يبحث وينحت صيغا والفاظا وتعابيرا رومانسية في عناصر الكيمياء التي بين يديه أثناء عمله أو خلال اجراء تجاربه ! فكيف ستكون النتيجة ؟! النتيجة هي : الخطا فيما يقوم بخلطه من المواد والنسب اللازمة والدقة المطلوبة منها – لانه شرد بذهنه شرود الشعراء والادباء لا العلماء – وان كان يدرس لطلاب بتلك الطريقة فانه سوف يحولهم لمندهشين متأملين يفضلون الوقوف علي شاطيء التأمل والاستمتاع بالدهشة دون السباحة في بحر العملية العلمية والغوص فيها لأجل الخروج بصيد ..
وتصوروا معنا : أن جيولوجيا بينما هو وسط الجبال يدرس الصخور ، وتركيباتها والوانها المختلفة وطبقاتها العجيبة .. اللامع منها والمطفي والأحمر اللون والأصفر والمشع منها والمتلأليء ، والثمين والرخيص منها .. . وأخذته الدهشة وراح يقول يا لقدرة الخالق ويا لعظمته واستولت عليه حالة الاندهاش .. فماذا تكون النتيجة ؟
النتيجة : انه سوف يلجأ لأقرب كهف بالجبل ليتفرغ للعبادة متحولا الي ناسك بدلا من عالم ..!! (( وهذا ما فعله دكتور حمدان . اذ ترك قاعات المحاضرات وترك طلابه بالجامعة . واعتكف بمسكنه وأغلقه علي نفسه ، وراح يكتب كتابات . صلتها بالجغرافيا لا يرضي عنها سوي عشاق الأدب لا علماء الجغرافيا وهي اشبه بالغزل في رمال وجبال وتضاريس الوطن والتغني الوطني بما يخدم الحاكم الموجود بالسلطة حينذاك ويجاري سياسة نظامه القائم )) !
تصوروا أن طبيبا جراحا فتح بطن مريض لاجراء عملية جراحية ، فوجد أمامه ماكينات صغيرة من اللحم والعظام . تعمل بلا كهرباء وبلا فحم أو بنزين .. وهام وشرد أمام تلك القدرة العجيبة ..! فماذا ستكون النتيجة ؟
النتيجة هي احتمال موت المريض بين يديه بينما هو سارح هائم شارد في تأمله ودهشته ..! أنا شخصيا سوف أفعل ذلك . أشرد وأهيم غارقا في الدهشة . لذا لا أصلح لأن أكون طبيبا جراحا . بل شخص متأمل مندهش . يشرد بفكره ويهيم أثناء اجراء عملية جراحية . وأنشغل بكيفية وصف ما أراه لأيسجلة كتابة أكثر من انشغالي بانقاذ حياة المريض .. ! وما هكذا يجب أن يكون الطبيب .الجراح . لا دهشة في العلم ولا شرود أو هيام .. --
(( هل أفسد دكتور حمدان . التاريخ ؟ )) قد يكون لعلماء الجغرافيا حق الدخول بقدر أو بآخر في التاريخ الطبيعي .. وليس التاريخ السياسي .. لأن تاريخ الطبيعة قد يؤثر في الجغرافيا .. فقد ينشا زلزال طبيعي فيؤدي الي حدوث جديد في الجغرافيا . نشؤ جزيرة لم تكن موجودة ، أو اختفاء جزيرة كانت عامرة موجودة . فتسجل تلك الجزبرة المولودة بخرائط الجغرافيا . وتستبعد الجزيرة الموؤودة من الخرائط . و شهادات الميلاد او الوفاة الجغرافية . هي نادرة الحدوث .
أما التاريخ السياسي . فهيهات أن يؤثر في الجغرافيا .. كالاخلال بالطقس نتيجة التلويث للبيئة . أو بالقطع الجائر للغابات ونسف الجبال .. وهذا ينتج عن التهاون أو الحمق التاريخي السياسي - او السياسي التاريخي - . وتدخلات الجغرافي . في ذلك محدود ة ومحدد ة بقدر محدودية الحدث .
أما باقي التاريخ السياسي.. فدخول الجغرافي فيه لا مبرر له ولا طلب .. وهذا ما اقترفه دكتور حمدان . فكتابه العمدة " شخصية مصر – دراسة في عبقرية المكان – " داخل ومتدخل .. في التاريخ السياسي بلا حق ولا طلب . وبما لا يخدم سوي نظام سياسي – كما ذكرنا أكثر من مرة - كان قائما ببلد دكتور حمدان حينذاك – مصر - . وليس له صلة ما بالجغرافيا لا من قريب ولا بعيد اللهم الا تهافتا أو اختلاقا .. مثل قول . او زعم دكتور حمدان . أن مصر فرعونية بالجد ، عربية بالأب ! …. ما علاقة ذلك بالجغرافيا ؟! وزعمه أيضا أن مصر قد مصرت مستعمريها . – كما ذكرنا من قبل وفندنا ذاك القول . وكما سنواصل المزيد من الأمثلة ، وتفنيدها في الحلقات القادمة وسنري معا كيف وصل الأمر الي حد التدليس والكذب الفاجر علي التاريخ والافتراء القارح / ونحن نعي ما نقول . وكما سوف ترون فيما بعد – .
لقد تعامل دكتور حمدان مع التاريخ وتراكماته بدون فرز أو بحث وتنظيم لباحث أو المؤرخ التاريخي المحقق المدقق الأمين ( الأمين ) المصنف والموزع والفاصل للاشتباكات والتشابكات التاريخية .. كلا .. وانما تعامل معها كتعامل جلسات فض المجالس لمشايخ البدو او المحكمين العرفيين بقرانا المصرية .
فهو يري أن العصور التي مرت بمصر – الفرعونية واليونانية والرومانية والعرباسلامية . هي سبيكة حضارية ، أو زواج شرعي حضاري .. – او ما يعني ذلك – وليس عملية تلاقح سفاحي قام علي احتلال واستعمار واغتصاب ونهب وسلب واكراه ومحاربة لهوية الوطن من قبل هؤلاء المحتلين المستعمرين جميعهم – الصريح منهم أو المتخفي في عباءة عقيدة دينية ! – لغرض طمس هوية مصر واذابتها في هوية ككل محتل كان يجلس فوق عرش الحضارة المصرية الفرعونية الاصل والعراقة ، ويرفع علمه هو منكسا علم البلاد .. الي أن تم المحو بالفعل باستخدام أخبث الحيل و امكر اللعب والألعاب الاستعمارية – والسياسية والاجتماعية أيضا – وهي : العقيدة الدينية .. فآل مصير مصر الي : جسد أسد وراس معزة صحراوية بدوية ..
ولكن د . حمدان . يصور المسألة كما لو كانت اتفاقا وديا . دار بين الحضارة المصرية والامم التي احتلتها واذلت اهلها وداست كيانها ، وصورهم كما لو كانوا - المحتلون - قد جلسوا مع مصر . جلسة صداقة في عشاء عمل واتفقوا اتفاق " جنتيلمان " علي عمل شركة حضارية بين مصر وتلك الأطراف – الاستعمارية – يشارك فيها كل من الشركاء بما عنده . لتقوم بعون الله شركة تضامن حضاري .. هي مصر الحاضر..!! .. التي هي في قائمة بلدان العالم الثالث . البلدان المتخلفة . ! / / ولا يفوتنا التنويه الي أن شعوبا أوربية تقدمت وتحضرت الآن . لا تتكلم عن التاريخ الاستعماري السابق بين بعضها . كي لا تثير ضغائن لا مبرر لها . ويسمون تلك العلاقة الاستعمارية القديمة :_ فترة وحدة بينها ! وهم علي حق لأنهم تقدموا وتحضروا جميعا . ولكن ان كانت مصر قد تخلفت ولا تزال تعاني التخلف وتعجز عن النهوض بسبب المستعمرين القدامي ، ولا سيما المستعمر البدوي .. فكيف لا تفتح الخراج الملوث – أو الدمل - لتنظفه وتطهر مكانه . لكي تشفي وتنهض بعافية وتلحق بقطار الدول المتحضرة ؟ وكيف تخدع نفسها او يخدعها مثقفون وعلماء في الجغرافيا او غيرها بزعم أن الاستعمار هو الذي تسبب في تخلفها ولا يزال يمنع نهوضها انما هو هويتها أو مكون من مكونات هويتها . والقول بأن ذلك واقع ..! جدير بالحفاظ عليه والاعتزاز به وجزء لا يتجزأ من حضارتها ! وليس هادم للحضارة وماسخ للهوية ؟! // .
هكذا أفتي دكتور حمدان . عالم الجغرافيا . في التاريخ . بلا امانة – ولا نقول بلا علم - . ولكن فتواه بديعة وعذبة للغاية . من حيث التعبيرات الادبية و الصياغة الانشائية . التي ليست من قبيل الحديث في العلم – لا علم التاريخ ولا علم الجغرافيا ولا علم السياسة . ولا غيرها من العلوم - . وانما تحف أدبية تحمل جمالا غير مفيد . بل يخدع ويضر .
ولكن عشاق الأدب – كما قلنا – عند مواجهتهم بذلك . يبررون ويدافعون عن شاعر الجغرافيا – رمزهم واحد ثوابتهم – بالزعم أن كتاب " شخصية مصر " للدكتور حمدان " ما هو الا كتاب في الجغرافيا !. - تبريرا وتهربا من الاعتراف بالحقيقة
بقلم صلاح الدين محسن

No comments: