بات الحديث عن الفقر والفقراء ورقة رائجة في مصر. وبعدما كان كبار المسؤولين حتى عهد قريب قلما يهتمون في تصريحاتهم أو اجتماعاتهم بتناول مشكلة الفقر، أصبحت هناك الآن لجان متخصصة لدراسة هذه الظاهرة ونشر الأرقام عنها، فضلاً عن الحديث عن «خريطة جديدة للفقر» في مصر، كما «بشر» وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي المصريين قبل ايام.
ورغم وجود سياسات وإنشاء هيئات ووضع استراتيجيات على مدى العقود الثلاثة الماضية خاصة بالفقر والفقراء، إلا أن الاهتمام «الظاهر» بتلك الشريحة من المصريين كان موسمياً، إذ كان يقتصر على التصريحات الخاصة بـ «ضبط الأسعار» و «السيطرة على جشع التجار» مع كل موجة غلاء جديدة، أو الإشارة إلى توافر السمن والسكر والدقيق قبيل عيد الفطر، واللحوم والدواجن قبيل عيد الأضحى وذلك بأسعار تناسب محدودي الدخل.
لكن يبدو أن «موسمية» مخاطبة الفقر لم تعد مجدية، ربما بسبب ارتفاع نسبة من يعيشون في فقر مطلق من 16.7 في المئة عام 2000
ورغم وجود سياسات وإنشاء هيئات ووضع استراتيجيات على مدى العقود الثلاثة الماضية خاصة بالفقر والفقراء، إلا أن الاهتمام «الظاهر» بتلك الشريحة من المصريين كان موسمياً، إذ كان يقتصر على التصريحات الخاصة بـ «ضبط الأسعار» و «السيطرة على جشع التجار» مع كل موجة غلاء جديدة، أو الإشارة إلى توافر السمن والسكر والدقيق قبيل عيد الفطر، واللحوم والدواجن قبيل عيد الأضحى وذلك بأسعار تناسب محدودي الدخل.
لكن يبدو أن «موسمية» مخاطبة الفقر لم تعد مجدية، ربما بسبب ارتفاع نسبة من يعيشون في فقر مطلق من 16.7 في المئة عام 2000
إلى 19.6 في المئة عام 2005، بحسب تقرير أصدره البنك الدولي في حزيران (يونيو) الماضي عن معدلات الفقر في مصر،
وربما أيضاً بسبب تأكيدات الحكومة المستمرة أن معدلات النمو ارتفعت، والاستثمارات الأجنبية زادت، وقيمة العملة الوطنية تحسنت، وآلاف فرص العمل توفرت.
وربما تعود عدم الجدوى الشعبية إلى الإعلان الحكومي المتكرر بأن الإصلاحات الاقتصادية التي تثير الكثير من القلق في أوساط المصريين بدأت تؤتي ثمارها، وذلك على رغم الشكوى العامة من تدني الأحوال المعيشية ومن غول الأسعار المتنامي بشكل سرطاني أمام الرواتب والمداخيل المتواضعة.
وعلى رغم استمرار الجدل المزمن بين الجهات الرسمية التي تؤكد دوماً انخفاض نسب الفقراء والمعدمين، والجهات المستقلة من جمعيات محلية ومنظمات دولية والتي تشير إلى عكس ذلك، إلا أن المواطن العادي لا تعنيه كثيراً مسألة الاتفاق على النسب، كما لا يعنيه اذا كان «تحت خط الفقر» او «فوقه»، لكن ما يعنيه هو أن يحصل على شيء من مردود ما يتم الإعلان عنه يومياً من بلايين هي عوائد قناة السويس أو السياحة أو صادرات الغاز، أو حتى ما يتم إنفاقه على تدشين مشاريع وتأسيس هيئات مهمتها مجابهة فقره الذي يلاصقه منذ زمن.
ويبدو أن العائق البارز في مواجهة الفقر كان «عدم المعرفة الحقيقية بأماكن تمركزه»، وهو ما دفع وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي الى ان يعد الفقراء بأن «خريطة الفقر في مصر ستتغير خلال العامين المقبلين، وسيكون هناك تحسن ملموس في مستوى المعيشة لكل المصريين، وستزيد المداخيل، وترتفع الإنتاجية، وستعاد هيكلة الدعم لضمان وصوله لمستحقيه»، ليس هذا فقط بل إن الحكومة تدرس إمكانية إضافة مبلغ نقدي في صورة دعم إضافي لمن يستحق.
أما رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف فخرج ببشرى أخرى وهي تحول مصر إلى «نمر اقتصادي أفريقي» مع اكتمال برنامج الإصلاح الاقتصادي، كما أكد أن امام مصر 13 عاماً بالتمام والكمال (أي في عام 2020) قبل أن تصبح دولة متقدمة.
لكن يبدو أن الفقراء في عجلة من أمرهم. فصفحات الحوادث لا تخلو بصورة شبه يومية من خبر عن حادث انتحار أو قتل أو سرقة أو نهب بسبب الفقر، وذلك بدءاً من العامل الذي قفز في نهر النيل هرباً من الفقر المدقع الذي يعيش فيه، ومروراً بالأب الصعيدي الذي حاول أن يدفن ابنيه الصغيرين حيين هرباً من الفقر ولما صرخا بشدة ألقى بهما أمام مسجد في قنا ليلتقطهما أحد الميسورين ويربيهما، وانتهاء بانتحار أب وابنتيه الجامعيتين بعدما خسر أرضه بسبب الفساد وفشل في إيجاد فرصة عمل لابنتيه وباتوا يعيشون على الطعام الذي يقدمه لهم الجيران.
والطريف أن المصريين كعادتهم لم يدعوا «اهتمام» الحكومة بمحدودي الدخل يمر من دون «تنكيت»، فمنهم من اقترح إطلاق اسم دلع عليهم مثل «دودي» (من محدودين)، ومنهم من اقترح أن تستخدم كلمة فقير التي باتت تثير مواجع الحكومة فقط للدلالة على «الفقير إلى الله» وحتى لا تشعر الحكومة بالذنب. وما زال الفقراء ينتظرون اتضاح الرؤية، إما من خلال خريطة جديدة للفقر أو بإصدار قرار بأن تكون الشكوى من الفقر إلى الله فقط
وربما تعود عدم الجدوى الشعبية إلى الإعلان الحكومي المتكرر بأن الإصلاحات الاقتصادية التي تثير الكثير من القلق في أوساط المصريين بدأت تؤتي ثمارها، وذلك على رغم الشكوى العامة من تدني الأحوال المعيشية ومن غول الأسعار المتنامي بشكل سرطاني أمام الرواتب والمداخيل المتواضعة.
وعلى رغم استمرار الجدل المزمن بين الجهات الرسمية التي تؤكد دوماً انخفاض نسب الفقراء والمعدمين، والجهات المستقلة من جمعيات محلية ومنظمات دولية والتي تشير إلى عكس ذلك، إلا أن المواطن العادي لا تعنيه كثيراً مسألة الاتفاق على النسب، كما لا يعنيه اذا كان «تحت خط الفقر» او «فوقه»، لكن ما يعنيه هو أن يحصل على شيء من مردود ما يتم الإعلان عنه يومياً من بلايين هي عوائد قناة السويس أو السياحة أو صادرات الغاز، أو حتى ما يتم إنفاقه على تدشين مشاريع وتأسيس هيئات مهمتها مجابهة فقره الذي يلاصقه منذ زمن.
ويبدو أن العائق البارز في مواجهة الفقر كان «عدم المعرفة الحقيقية بأماكن تمركزه»، وهو ما دفع وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي الى ان يعد الفقراء بأن «خريطة الفقر في مصر ستتغير خلال العامين المقبلين، وسيكون هناك تحسن ملموس في مستوى المعيشة لكل المصريين، وستزيد المداخيل، وترتفع الإنتاجية، وستعاد هيكلة الدعم لضمان وصوله لمستحقيه»، ليس هذا فقط بل إن الحكومة تدرس إمكانية إضافة مبلغ نقدي في صورة دعم إضافي لمن يستحق.
أما رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف فخرج ببشرى أخرى وهي تحول مصر إلى «نمر اقتصادي أفريقي» مع اكتمال برنامج الإصلاح الاقتصادي، كما أكد أن امام مصر 13 عاماً بالتمام والكمال (أي في عام 2020) قبل أن تصبح دولة متقدمة.
لكن يبدو أن الفقراء في عجلة من أمرهم. فصفحات الحوادث لا تخلو بصورة شبه يومية من خبر عن حادث انتحار أو قتل أو سرقة أو نهب بسبب الفقر، وذلك بدءاً من العامل الذي قفز في نهر النيل هرباً من الفقر المدقع الذي يعيش فيه، ومروراً بالأب الصعيدي الذي حاول أن يدفن ابنيه الصغيرين حيين هرباً من الفقر ولما صرخا بشدة ألقى بهما أمام مسجد في قنا ليلتقطهما أحد الميسورين ويربيهما، وانتهاء بانتحار أب وابنتيه الجامعيتين بعدما خسر أرضه بسبب الفساد وفشل في إيجاد فرصة عمل لابنتيه وباتوا يعيشون على الطعام الذي يقدمه لهم الجيران.
والطريف أن المصريين كعادتهم لم يدعوا «اهتمام» الحكومة بمحدودي الدخل يمر من دون «تنكيت»، فمنهم من اقترح إطلاق اسم دلع عليهم مثل «دودي» (من محدودين)، ومنهم من اقترح أن تستخدم كلمة فقير التي باتت تثير مواجع الحكومة فقط للدلالة على «الفقير إلى الله» وحتى لا تشعر الحكومة بالذنب. وما زال الفقراء ينتظرون اتضاح الرؤية، إما من خلال خريطة جديدة للفقر أو بإصدار قرار بأن تكون الشكوى من الفقر إلى الله فقط
القاهرة - أمينة خيري الحياة - 10/10/2007
No comments:
Post a Comment