Thursday, August 30, 2007

الدكتور محمد غنيم في حوار شامل لـ «المصرى اليوم»: التعليم الحكومي إهدار للمال العام.. و«الخاص» مشروع تجاري

الحديث إلي الدكتور محمد غنيم شيق وممتع، فالرجل الذي أسس أكبر مركز في الشرق الأوسط لعلاج أمراض الكلي والمسالك البولية، تأسرك بساطته، وإصراره علي استمرار رسالته في خدمة وطنه.
يتوجه غنيم لمكتبه كل يوم بانتظام، رغم أنه أستاذ متفرغ في كلية الطب بجامعة المنصورة، وخلال حوارنا معه قطع الحديث أكثر من مرة ليباشر الكشف علي مرضاه في مكتبه، أو كان يرفع سماعة التليفون لمتابعة إحدي الحالات والاطمئنان علي سريان العمل بوتيرة منضبطة.
والرجل علي ذلك مهموم بالوطن، وفي حديثه لـ «المصري اليوم» قدم تصوراً يراه ضروريا لقضايا التعليم، بعدما رأي تناقضا يهدد مستقبل أبناء مصر، وفرصهم في مزاحمة أقرانهم في العالم. ويحذر من تلاعب قد يضر بمستفيدي التأمين الصحي، ويحلم بمصر متطورة، لكن الفساد والتردد يكبلان قدراتها، فيما يسبقنا الآخرون.
وتالياً نص الحوار معه:

* تناولت نتائج الثانوية العامة لهذا العام بالتحليل.. وكان من الواضح شعورك بالقلق من مؤشرات سلبية للنتائج.. لماذا هذا الشعور؟
ـ أنا أعتقد أن امتحانات الثانوية العامة بها مشكلة خطيرة، وأنا لا أجد مبرراً للظواهر المصاحبة لها من تجييش الأسر المصرية لمدة عامين، والإنفاق المتزايد علي الدروس الخصوصية، وإهمال الكتاب المدرسي والاعتماد علي الكتب الخارجية، وهذا يؤكد أن الكتاب المدرسي به قصور وعدم وضوح.
وقبل كل ذلك أنا مقتنع تماماً بأن النتائج لا تعكس أي مفهوم علمي، فإذا كان عدد الطلاب الحاصلين علي أكثر من ٩٥% يتجاوز ٢٥ ألف طالب، فهذه نتيجة غير طبيعية والخطورة أن هذه الظاهرة في تزايد مستمر منذ عهد الدكتور حسين كامل بهاء الدين، ويمكننا أن نسميها «السياسة الاسترضائية».

* ماذا تعني بالسياسة الاسترضائية؟
ـ هي ما نراه من رفع شعار «التعليم المجاني» دون أن يكون هناك محتوي حقيقي لهذا الشعار، ثم الإصرار علي نجاح أكبر عدد ممكن من الطلاب في الشهادات النهائية مثل الثانوية العامة، ثم حصول عدد ضخم جدا من الطلاب علي درجات مرتفعة، وهذه نتائج تسعد الجمهور علي المدي القصير جداً، لكنها علي المدي المتوسط والبعيد لها نتائج مدمرة جداً.

* ما الضرر في أن يكمل معظم الطلاب تعليمهم حتي يصلوا إلي الجامعة؟
ـ هذه الظاهرة لها تداعيات كبيرة، من بينها أن الحكومة تضع نفسها في موضع الالتزام بقبول معظم طلاب الثانوية العامة، ولحل هذه الإشكالية تلجأ لوسائل تفسد العملية التعليمية أولاها، زيادة القدرة الاستيعابية للجامعات والكليات الحكومية القائمة، في العام الماضي طُلب من الكليات في الجامعات المصرية الحكومية تحديد عدد الطلاب الذين تستطيع كل كلية استيعابهم، وبالرغم من ذلك استقبلت جامعة المنصورة وكلية الطب بها ضعف القدرة الاستيعابية لهما.

* لكن هناك توجها لإنشاء جامعات حكومية جديدة تستوعب هذه الزيادة؟
ـ هذه في حد ذاتها إحدي السلبيات التي نتجت عن السياسة الاسترضائية التي ذكرتها، لأن هذه الجامعات تنشأ دون الإعداد الكافي لها، من معامل ومكتبات وأعضاء هيئة تدريس وغيرها.

* وهل لضعف هذه التجهيزات تأثير علي الثقة في الشهادات العلمية والمؤسسات الجامعية المصرية عالمياً؟
ـ بالطبع له تأثير سلبي، بمعنيين، الأول: إنه حتي السوق الداخلية أصبحت تشك في قدرات خريجي الجامعات الحكومية المصرية، وأصبحت تفضل خريجي الجامعة الأمريكية، والآخر أن هناك صعوبة متزايدة في الحصول علي وظائف في دول الخليج للشهادات المصرية، وكمثال فإن خريج كلية الطب اليوم، حتي يشتغل في الخليج، لابد أن يجتاز امتحان معادلة محلية هناك، وهذا وضع جديد اتخذته هذه الدول، نتيجة تدني مستوي الخريجين المصريين.

* الملاحظ أن بعض الجامعات الحكومية تضع برامج تعليمية خاصة بمصاريف مثل شعب الدراسات التجارية الإنجليزية.. كيف تري هذه البرامج؟
ـ هل رأيت تناقضا في منظومتنا التعليمية أكثر من هذا، فمن جانب نري هذا التوسع، فيما يعرف ببعض البرامج الخاصة والإضافية مثل التجارة الإنجليزية، والحقوق الفرنسية، وبعض برامج الطب والهندسة المتميزة، وهذه برامج متميزة يسدد لها الطالب مصاريف، وعلي الجانب الآخر هناك برامج عادية، لا يسدد لها الطالب إلا «مصاريف» رمزية، فطالب التجارة في البرنامج العادي إذا سدد، فهذا عمل غير دستوري، لأنه يتناقض مع المجانية، أما زميله الذي دخل تجارة إنجليزية، فيسدد مصاريف تعليمه دون أن يكون هذا مخالفة دستورية، هذه تناقضات غريبة، والأخطر من ذلك هو ما نراه من فتح الباب علي مصراعيه لما يعرف بالجامعات الخاصة.

* هناك زيادة تقدر بسبعة آلاف طالب التحقوا بهذه الجامعات الخاصة مقارنة بالعام الماضي.. ما تفسيرك لهذه الزيادة؟
ـ هذا رقم مرشح للزيادة أيضا مع انتهاء التنسيق، وهذه النظم التعليمية بها تشوهات غريبة، أنت لو سألت أي خريج أو حاصل علي الثانوية من ٢٠ سنة «تحب تروح الجامعة الأمريكية»، لكانت الإجابة بالرفض، اليوم هذه الظاهرة أصبحت معكوسة، الجميع يقبل علي الجامعات الخاصة الكندية أو الفرنسية أو غيرهما، بالرغم من مصاريفها الباهظة.

* تقصد الجامعات الأجنبية؟
ـ لا.. أنا أصر علي تسميتها بالجامعات الخاصة، لأن كل هذه الجامعات تهدف للربح، ولتوضيح ذلك، علينا أن نعرف أنه حتي في أمريكا نفسها وهي أم الرأسمالية لا توجد بها جامعات خاصة، إنما هناك جامعات أهلية، والفرق بينها وبين الجامعات الخاصة التي لا توجد إلا في دولنا العربية أن الجامعة الأهلية لا تهدف للربح، وليس وراءها مستثمرون، وما تحققه من أرباح تعيد ضخه في العملية التعليمية والبحث العلمي، وأنا أريد أن أؤكد أن جميع المعاهد والكليات الخاصة في مصر استثمارية، باستثناء الجامعة الأمريكية في القاهرة والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، وتصوري أن الإقبال علي الالتحاق بالجامعة الأمريكية سببه انحدار مستوي جامعاتنا وليس تفوق الجامعة الأمريكية بأي حال من الأحوال.

* لماذا تهاجم الجامعات الخاصة؟
ـ للعيوب الضخمة الناتجة عن أنظمتها التعليمية، لأنه حتي تحقق عوائد ضخمة بصفتك مستثمر، فإنك ستقوم بالاستثمار في تخصصات وكليات قليلة الإنفاق والإنشاء وكبيرة الموارد الدعائية، مثل علوم الحاسب، التجارة والإعلام والميديا، كما تراها في الجامعات، وثانياً، دعني أتساءل: من يقوم بالتدريس في هذه الجامعات؟ أليس هؤلاء أساتذة مصريون منتدبون أو معارون من الجامعات الحكومية المصرية؟
وبالتالي هذا استنزاف داخلي للعقل المصري، كل واحد من هؤلاء، الدولة تنفق علي منحته الدراسية بالخارج مليوناً ونصف المليون دولار، ثم يتخرج في جامعته وبعد عودته يتوجه للجامعات الخاصة، والغريب أنه لم يحدث أن أرسلت الجامعات الخاصة أحداً من أوائل خريجيها في بعثة تعليمية لنيل الدكتوراه من الخارج، وإذا كان الغرض الأساسي من التعليم الجامعي هو البحث العلمي المفيد للتنمية المحلية، فهل تنفق الجامعات الخاصة علي مثل هذا البحث العلمي وتخصص له ميزانية؟ قطعاً.. الإجابة بالنفي.

* أريد العودة إلي تقييم الجامعات الحكومية المصرية.. هناك حديث عن معايير متباينة لمثل هذا التقييم نتمني توضحيها.
ـ هناك أكثر من جهة تقوم بالتقييم أهمها ثلاث جهات، علي رأسها تقييم جامعة شنغهاي الصينية، وهذا يقوم علي أسس علمية بحتة، من النشر العلمي في الدوريات الأجنبية، وحتي سنة ٢٠٠٥، لم تدرج أي جامعة مصرية في قائمة أول ٥٠٠ جامعة، وحتي عندما أدرجت جامعة القاهرة في القائمة برقم «٤٠٣» مكرر، كان السبب حصول ثلاثة من خريجيها علي جائزة نوبل، هم الراحل نجيب محفوظ، والراحل ياسر عرفات، والدكتور محمد البرادعي، وأنا أدعي ادعاء قد يكون مصيبا أو مخطئاً، أن الفضل في هذا الترتيب لا يرجع لجامعة القاهرة، وإنما لجامعة فؤاد الأول التي تخرج فيها عرفات ومحفوظ، والملاحظ أن اثنين نالا الجائزة في السلام، وواحد في الأدب، لكن لم يحصل خريج لجامعة القاهرة علي جائزة نوبل للعلوم.
هناك تقييم آخر في إنجلترا يعتمد علي حجم ما ينشر علي شبكة الإنترنت عن الجامعة، وأول جامعة في مصر دخلت قوائمه هي الجامعة الأمريكية، لنشرها الغزير علي الإنترنت، لكنه تقييم غير علمي، وترتيبها عالميا «١٢٠٠»، لأن أغلب المنشور ليس إنتاجا علميا.
التقييم الثالث تنظمه منظمة المؤتمر الإسلامي واحتلت المراتب الأربع الأولي فيها جامعات تركية، وجاءت الجامعة الأمريكية في بيروت في المرتبة ١٦ وخرجت الجامعة الأمريكية في القاهرة من هذا التقييم، لأنها لا تقوم بالنشر العلمي في الدوريات العلمية الأجنبية، كما أنها لا تعطي شهادات الدكتوراه في العلوم الأساسية، كما خرجت جميع الجامعات المصرية من ترتيب الأوائل.

* ما رأيك في تصريحات الدكتور أحمد نظيف في انتقاده مشروع الدكتور أحمد زويل لتأسيس جامعة تكنولوجية؟
ـ برأيي، هذا تصريح لم يصبه التوفيق علي مستويين، أولهما أن الدكتور زويل لم يتعهد بالإنفاق علي الجامعة، وليس هذا عمله أو مسؤوليته، هو وعد بالمساعدة البحثية والعلمية للمشروع، أما الحكومة فهي التي تتولي جمع التبرعات له، ووجود اسم زويل في قائمة مؤسسي الجامعة سيجذب الأسماء العلمية العالمية للتبرع للجامعة، أما الخطأ الثاني الذي ارتكبه نظيف، فهو أن مثل هذه التصريحات ستؤدي إلي قطيعة مع خبرات مصر الخارجية وكفاءاتنا العلمية بدلا من عودتهما لأرض الوطن والاستفادة منها.

* انتقادك السابق لعدم سداد الطلاب مصاريف الجامعة الحقيقية، ثم ملاحظاتك علي التعليم الجامعي الخاص يدفعنا للتساؤل.. ما رؤيتك للمجانية في التعليم؟
ـ التعليم عدة حلقات متصلة، تبدأ بما قبل السادسة، وما قبل الانخراط في الدراسة الابتدائية المنتظمة، وهي مرحلة الحضانة »، هذه مرحلة مهمة يتم إغفالها في الريف والطبقة المتوسطة المصرية، ويدخل منها كل عام في التعليم النظامي مليون ونصف المليون تلميذ.. وهذه مسؤولية الوالدين، وربة المنزل بشكل أساسي، وهذا يرتبط بضرورة تعليمها تعليماً جيداً، وتأهيلها بصورة كاملة مع ضرورة تنظيم الأسرة حتي تستطيع الأم القيام بهذه المهام، وأنا أتمني عودة المدارس النسوية، التي كانت تتوجه إليها السيدات لتعليم الحياكة والطبيخ وعلم نفس الطفل، والموسيقي، وتنسيق الزهور.
والمرحلة التالية هي التعليم الأساسي، ونحن اليوم في ظل كمية المعارف المتزايدة في القرن الواحد والعشرين يجب ألا تقل سنوات هذه المرحلة عن ١٢ سنة، من التعليم الأساسي الجيد، والمجاني والإلزامي، وهذه مسؤولية الحكومة ويعاقب من لا يلتحق به، وفي نهاية هذه المرحلة الأساسية، إما أن يتوجه خريج الثانوية العامة مباشرة إلي سوق العمل أو يتجه لما يعرف بالتعليم الفني المهني ولا أقصد به المدارس، وإنما التعليم في الشركات والمصانع، والورش لتعلم مهارة معينة، وهذا التعليم قضي عليه تماماً، هو والتعليم الفني العالي، الذي هو مزيج من التعليم الأكاديمي مع التدريب المهني.
ومن يرغب في الالتحاق بالجامعة يلتحق بفترة أخري من التعليم ما قبل الجامعي لمدة عامين يكتسب فيها مهارات البحث العلمي، حتي يحقق التعليم الجامعي أغراضه من نشر المعرفة ونقل التكنولوجيا.

* من يلتحق بالجامعة إذن من وجهة نظرك؟
ـ هنا تتضح مشكلة التعليم الجامعي، وأنا أري أن التعليم الجامعي بصورته الحالية هو إهدار للمال العام، لأنه لا يحقق مبتغاه، و حتي نحسم موضوع المجانية في التعليم الجامعي أنا لدي اقتراح هذا نصه: «يلتحق بالجامعة في هيئة منح حكومية الطلبة الفائقون من الحاصلين علي الثانوية العامة من مصر».

* يعني الحاصلون علي الثانوية من الخارج تقترح أن يدفعوا مصاريف؟
ـ بالطبع، يعني الذي حصل علي الشهادة البريطانية وكان يدفع ١٠ آلاف جنيه في السنة في المدارس الأجنبية واللغات، هل يصح أن نساويه بالحاصل علي الثانوية من مدرسة شبرا مثلا، ينبغي حصر المستحقين لدعم الدولة ـ من وجهة نظري ـ في المرحلة الجامعية علي الطلبة الفائقين الحاصلين علي الثانوية من مصر، ولم يلتحقوا في أي مرحلة من مراحل تعليمهم بمدارس خاصة، وتسحب المنح المجانية لدي تقهقر مستواه العلمي، لأن دافع الضرائب لا ينبغي أن يتحمل تكلفة تعليم الطالب الكسول أو المستهتر.

* هناك مشروع مشترك بين وزارتي التعليم والتعليم العالي لتطوير الثانوية العامة.. هل وجهت لك دعوة للمشاركة في نقاشاته؟
ـ مقترحاتي وغيري من المصريين منشورة في كل وسائل الإعلام وليست العبرة بدعوتي أم لا، المهم أن يتم التعامل مع مسألة التعليم، كما رفعت أمريكا ذات يوم شعار «أمة في خطر» بسبب تدهور مستوي التعليم، والبحث العلمي قاد إسرائيل لتصدير طائرات دون طيار إلي سلاح الجو البريطاني، لأنهم عرفوا أن الإنفاق علي التعليم أولي وأكثر جدوي من الإنفاق علي الدفاع، نحن بحاجة إلي مشروع قومي للتعليم، ينبغي ألا يحمل أي ملامح حزبية ولا يتغير المشروع بتغيير الوزارة أو الحكومة، بدلا من التجارب التي تخضع لها أجيالنا في الثانوية وغيرها.

* نود فتح ملف الصحة في مصر معك وأنت خبير صحي أسس إنجازات وطنية بحجم مركز الكلي في المنصورة.. ما رأيك فيما يقال عن خصخصة التأمين الصحي؟
ـ مصر تستطيع الادعاء بأن بها تأميناً صحياً قائماً، بصرف النظر عن مستوي الخدمة، ومخرجات المشروع الخاص بالتأمين الصحي، يمكن إثارة الجدل حولها، وحتي يمكن أن يصل الدعم إلي مستحقيه يجب علي الحكومة أن تقصر ميزانية التأمين الصحي علي المستشفيات الحكومية فحسب، فإذا مرض شخص مقتدر، وأراد أن يعالج بالتأمين الصحي، فإن ذلك ينبغي أن يكون في أحد مستشفيات الهيئة أو المستشفيات الحكومية مثل أم المصريين وليس علي حساب التأمين الصحي في «دار الفؤاد» مثلا، إلا بعد أن يدفع فرق العلاج.
وأنا أخشي من أن جزءا كبيرا من مدخلات التأمين الصحي بعد القانون الجديد، سوف يذهب إلي المستشفيات الخاصة، ويستمر الوضع السيئ في المستشفيات العامة علي ما هو عليه، بدلا من أن تؤدي هذه الإيرادات إلي تطوير وتحسين المستشفيات العامة، وفي رأيي أن وزارة الصحة ينبغي أن تنشغل بتهيئة بيئة سليمة وصحية، وتهتم بالطب الوقائي، أكثر من توجهها لعلاج أمراض يسببها إهمال الطب الوقائي لمنع البيئة التي تنشأ بها الأمراض، بدلا من الانتظار حتي يفتك المرض بالمواطن، ثم نصرف الملايين علي علاجه، وأنا لو كان معي مليار جنيه، وخيرت بين تحسين المستشفي أو بناء شبكة صرف صحي جيدة في ميت غمر، لاخترت إقامة شبكة الصرف الصحي.

* صرح وزير الصحة بأن هناك نقصا في أكياس الدم يهدد أصحاب الاحتياجات والعمليات الجراحية، كيف يمكن حل هذه الأزمة؟
ـ هذه الأزمة تتعلق برصيد بنوك الدم الصالح للاستخدام ونحن في مركز علاج الكلي والمسالك البولية تمكنا من حل المشكلة بطريقة «عائلية» ووضعنا قاعدة يمشي عليها الجميع، كل مريض يدخل للمركز للعلاج المجاني. يطلب منه شيء واحد هو أن يوفر اثنين متبرعين من أقاربه الأصحاء للتبرع بالدم، وليس شرطاً أن يكونا من نفس فصيلته الدموية، لكن بهذه الصورة استطعنا تأمين كل احتياجاتنا من الدم الطازج، وإذا صدر قانون بذلك، ستحل مشكلة نقص الدم في المستشفيات الحكومية.

* لماذا يتزايد مرض الفشل الكلوي بين المصريين؟
ـ أنا لا أستطيع الإجابة بشكل دقيق عن هذا السؤال، صحيح أن هناك إجابة فلسفية هي أن عدد السكان يزيد، والآن مرض الفشل الكلوي توفرت له وسائل علاج جديدة، وفعالة وبلاشك هناك أسباب بيئية تتصل بسوء وغياب شبكات الصرف الصحي السليمة، ورداءة المياه التي يشربها المصريون، لكن هناك بلاشك أمراضاً تتزايد، مثل التهاب الكبد الوبائي، الذي يترتب عليه أمراض الفشل الكلوي المزمنة.

* ما رأيك في السفر إلي الخارج لزراعة الكبد، وإجراء جراحات نقل الأعضاء؟
ـ في اعتقادي، فإنه لابد من صدور تشريع قانوني لتسهيل وإتاحة وإباحة نقل الأعضاء في مصر، أما إذا كان المجتمع «مش عاوز» لأسباب دينية، أو تاريخية، أو ثقافية، فلا يتم علاج هذه الحالات في الخارج علي نفقة الدولة، وإنما علي حساب المرضي الخاص، حتي نقطع الطريق علي السمسرة في هذه الأمور، وهناك نقطة أخري في حالة إصدار مثل هذا القانون، هي أن تقوم المستشفيات الحكومية فقط بنقل الأعضاء، وألا نسمح للمستشفيات الخاصة بهذا الأمر، لأن هذا هو الباب الأوسع لتجارة الكلي والكبد غير الشرعية، وأنا أصر علي أن تقتصر عمليات نقل الأعضاء داخل المستشفيات الحكومية، وأن يقوم بها الأطباء المتفرغون فحسب، والقصة الشهيرة في الثمانينيات في مشرحة عين شمس حين تمت سرقة قرنية متوفي لزراعتها لمريض في مستشفي خاص تؤكد ضرورة ضبط هذه المسألة.

* كنت في السابق تدعو لتأسيس ما يعرف باليسار المعاصر، ثم أعلنت انضمامك لحزب الجبهة الديمقراطية.. ما الذي حدث لتقدم علي هذه الخطوة؟
ـ أنا لا أري انضمامي لحزب الجبهة الديمقراطية خروجا عن فكرة اليسار الليبرالي، لأن كل عضو بالحزب يعبر عن وجهة نظره بحرية، وأنا أري أن سياسة الحزب العامة لا تتعارض مع ما أدعو إليه من تحديث اليسار ليتواكب مع متغيرات العصر، ولدينا الصين كأفضل نموذج لذلك، فحكومتها الشيوعية تفهمت توجهات الاقتصاد العالمية وتواءمت معها، وهذا ليس عيباً، ثم أنا علي استعداد لترك الحزب إذا فرض علي وجهة نظر معينة أنا لا أقبلها، وعلاقتي بالدكتور يحيي الجمل وأسامة الغزالي حرب قوية، لكنني ضد أن تتحول الأحزاب الجديدة إلي اختصارات تختزل الحزب في شخص رئيسه، لأن ذلك يقضي علي الحياة الحزبية، كما حصل في حزب الغد.

* ما الحلم الذي تتمني أن يتحقق لهذا الوطن كرائد من رواد الطب في العالم؟
ـ أتمني أن يكون هناك حلم واحد، للحاكم والمحكوم، أتمني تحقيق «مصر المتقدمة» علميا خلال العشرين عاما القادمة، لكن هذا الحلم تواجهه مشكلات ضخمة، كالبطالة والمشكلات الصحية والمائية التي لا تخفي علي أحد، وثانياً أنه في الخمس عشرة سنة القادمة سوف يضاف إلي تعداد سكان مصر الحالي ٢٠ مليون مواطن، وإذا استمرت الحركة البطيئة لنمو الاقتصاد الوطني مع خط الزيادة السكانية، فلن ننجح في اللحاق بقطار العالم السريع، وليس صعبا أن نحدث هذا التطوير في العشرين سنة القادمة، وهناك دول مثل جنوب شرق آسيا استطاعت تحقيق ذلك.
لكن الأمر يحتاج إلي رؤية واضحة، وقبل ذلك القضاء علي الفساد أو تقليصه، وهذا ما قام به مهاتير محمد، حين أتي بتكنوقراط لتشكيل الحكومة، وحارب الفساد في ماليزيا
حوار على زلط ٣٠/٨/٢٠٠٧
المصرى اليوم

No comments: