Saturday, July 14, 2007

ماذا حل بحزب الله بعد عام واحد فقط؟


صار طائفيا لا عربيا، تخريبيا لا تحريريا.
بيروت ترزح منذ نصف عام تحت أسوأ حصار عرفته بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، وحزب الله هو بطل المعركة. يحاصر وسط العاصمة دون ان يستطيع أحد ان يفكك خيامه خوفا من معركة تقود الى حرب اهلية.
والمفارقة ان حزب الله، الذي يحتفل بما سماه الوعد الصادق، ارتضى إيقاف معركته مع الاسرائيليين، وباشر بمحاصرة اللبنانيين في معارك نجحت حتى الآن في تخريب وسط العاصمة ردا على هدم اسرائيل وسط الضاحية مقر الحزب وأتباعه.
عشرات الشركات اغلقت ابوابها، وغادرت الوسط البيروتي الى خارج البلاد، كما هرب منه عشرات الآلاف من اللبنانيين. تركوا مدنهم وقراهم بسبب مظاهر التخويف الشوارعية، والتصريحات التهديدية، والتفجيرات التي استهدفت فريق 14 آذار المعارض لحزب الله.
بعد عام فقط نزعت صور السيد حسن نصر الله من سيارات الأجرة في القاهرة، وانقلبت عليه الكثير من الأقلام التي كانت تحييه، وتخلت عن أعلامه الصفراء، بعد ما رفعتها مبتهجة بما سمته مجازا انتصارا على اسرائيل.
لماذا هذا الانقلاب السريع؟
الكثير حدث خلال الاشهر القليلة الماضية في علاقة حزب الله مع المحيط العربي العريض لأسباب بعضها من فعله، وكثير منها احتسبت عليه، او اضطر اليها.
فقد كانت صور الهتافات الطائفية في الاحتفال بشنق الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين صادمة للسنة الذين لم يسمعوا من قبل في حياتهم خطبا اعتبروها موجهة ضدهم لا المجرم صدام.
ومع ان الحزب التزم الصمت إلا ان الصور تشابهت عند الاكثرية السنية الساحقة. وصدمت أقاويل الحزب عامة الناس الذين ساندوه وهم يسمعونه يفاخر بأموال الايرانيين ويصم معونات العرب الآخرين بالقذرة.
وبعد هجوم حسن نصر الله على حكومة السنيورة بدا للكثيرين ان حزب الله في الشتاء لا يشبه حزب الله الذي اعتقدوا به في الصيف الماضي.
فقد توقف الحزب عن مقاتلة الاسرائيليين، الورقة التي اكسبته التصفيق، لتتكسر على أخبار وتعليقات قادة الحزب ضد الفرقاء اللبنانيين. المعركة صارت طائفية، السيد ضد المفتي، ووسط بيروت بدل شبعا،
وتصريحات ايران تناصر الحزب ضد أكثرية السنة.
قد يبدو هذا التفسير الطائفي مزعجا، وهو بالفعل كذلك، فالحقيقة انه خرج من حالة الهمس الى القناعة الشعبية، ربما هندس الصورة السيئة فريق 14 آذار الذي أخرج المفتي من صومعته ليرد على السيد بدلا من الحريري.
لكن الجمهور العربي يريد المزيد من الحروب، ومر عام ولم يطلق حزب الله رصاصة واحدة ضد الاسرائيليين في وقت استمر النواب اللبنانيون يسقطون واحدا تلو الآخر.
كيف خسر حزب الله أكبر نصر دعائي في العالم العربي منذ ايام عبد الناصر وانكمش الى مجرد فريق في الملاججة المحلية؟
لا أظن أن حزب الله أرادها أن تنتهي هكذا، لكنه متورط بسبب استحقاقات العلاقة الخارجية، ولم يجد بدّا من المشاركة في المعركة الداخلية التي جعلته طرفا، وطرفا سلبيا.
ولم تنفعه كثيرا محاولة اختراع قوى جديدة مثل «فتح الاسلام» السني للتأكيد على ان الساحة ليست مقسومة طائفيا. كما فشل الغطاء اللبناني حتى بتحالفه مع الجنرال عون ودفع العونيين للحديث عبر وسائل الإعلام للتعبير عن حزب الله.
عبد الرحمن الراشد - الشرق الأوسط
alrashed@asharqalawsat.com

No comments: