Tuesday, May 08, 2007

فاروق الباز :لا بديل أمام النظام سوى الإصلاح وسيحدث تحت أى مسمى

قال الدكتور فاروق الباز مدير أبحاث الفضاء بوكالة ناسا الأمريكية: إن مصر تعيش أزمة تكدس خانقة، وأنه لا سبيل للعلاج إلا بمشروع ممر التعمير والتنمية،
وطالب الباز بسرعة المضي في المشروع النووي، مشدداً علي ضرورة طرق كل الأبواب من أجل تحقيقه، وقال: إن مشروع توشكي رغم إيجابياته إلا أن المنطقة بعيدة عن التكدس السكاني، ولا يعرفها أحد، وطالب العلماء بعدم الغضب في حالة رفض أي مشروعات لهم،
وإلي نص الحوار
تحدثت من قبل عن ممر «التعمير والتنمية»، كمخرج لأزمة مصر.. فما فكرته ببساطة؟
- هو محور طولي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ بالقرب من العلمين ويستمر حتي حدود مصر الجنوبية بطول ألف ومائتي كيلومتر تقريباً. ويتفرع من هذا المحور أثنا عشر محوراً من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني علي طول مساره، فضلاً عن ضرورة وجود شريط سكة حديد للنقل السريع، بموازاة الطريق الرئيسي وعمل أنبوب ماء من بحيرة ناصر جنوباً وحتي نهاية الطريق علي ساحل البحر المتوسط، كذلك عمل خط كهرباء يؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية لحين تيسير مصادر الطاقة المتجددة للمشروعات الإنمائية مستقبلاً.

.. يبدو أن النقل يلعب دوراً رئيسياً في هذا المشروع؟
- بالفعل فلا يمكن التصور بأن وسائل النقل الحالية تصلح لاحتياجات المستقبل، لأنه إذا كنا نتطلع إلي نهضة تعليمية وإنتاجية فلن يتحقق هذا دون تواجد ما يؤهلها من بنية تحتية تسمح بالتقدم ووسائل تؤهل لبناء حضارة مدنية فكل هذه الأشياء تتطلب وسائل النقل السريع والآمن.

.. وكيف تقرأ مستقبل مصر دون هذا المشروع؟
- سيبقي حالنا علي ما هو عليه ولن نتقدم خطوة للأمام، فعدد السكان يزداد، والرقعة الزراعية في طريقها للاندثار، ولن تحدث أي نهضة دون الخروج من هذا الوادي الضيق، فالبيئة المصرية ينتظرها تهديد كبير. والأمر أصبح لا يطاق فالناس «نايمه فوق بعضها»، والمصانع موجودة في المناطق السكنية، كل هذا لا يوفر مناخاً جيداً لإحداث تقدم، أو حتي الحفاظ علي الوضع الحالي كما هو.

.. هل هناك شروط معينة في رأسمال هذا المشروع؟
- ليس مهماً أن يكون رأس المال وطنياً فقط. بل الأفضل أن يكون وطنياً وعربياً وعالمياً لضمان انجاز المشروع وسيره في الطريق الصحيح، «بالعربي كده» عشان يكون مسنود.

.. معني هذا أنك لا تشجع أن تقوم الدولة بإنجاز هذا المشروع؟
- الدولة لا تستطيع أن تقوم به، لأن ميزانيتها بها أولويات أخري. فهي تريد أن تحل مشكلة الخبز أولاً والدواء وأشياء أخري كثيرة.

.. ما الذي تفعله الدولة مادامت لا تستطيع القيام به؟
- لا.. لا.. دور الدولة الوحيد في هذا المشروع هو التقنين، فقط تضع القوانين والأطر التي ستحكم المشروع، حتي لا نفاجأ بضياعه أو نجد من أخذ الأراضي ووزعها علي الأغنياء كما يحدث. «ونضيع احنا في الرجلين» بعد ذلك. فهذا المشروع مشروع استثماري وإذا اثبتت دراسات الجدوي نجاحه فأهلاً وسهلاً، وإن لم ينجح استثمارياً فيجب التوقف.

.. لكن هناك دراسات جدوي أكدت نجاح المشروع؟
- دراسات الجدوي الفعلية التي من المفترض أن يقوم بها المستثمرون لم يتم البدء فيها حتي الآن، وأي دراسة متقنة عن المشروع لن تأخذ أقل من سنة كاملة، لأنه يجب حساب التكلفة حساباً دقيقاً حتي يمكن قياس جدوي المشروع اقتصادياً.
.. ولماذا لم تقم الحكومة بعمل دراسات جدوي للمشروع حتي تتضح الصورة علي الأقل؟
- المفترض أن الحكومة تقوم بتلك الدراسات منذ ثمانية أشهر وقد تنتهي منه خلال شهر.

.. وما مزايا هذا المشروع؟
- الحد من التعدي علي الأراضي الزراعية داخل وادي النيل من قبل القطاع الخاص والحكومي، وفتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكاني، وإعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل في جميع المجالات، والإقلال من الزحام في وسائل النقل وتوسيع شبكة الطرق الحالية، وربط منطقة توشكي وشرق العوينات وواحات الوادي الجديد بباقي مناطق الدولة من خلال وسيلة سريعة وآمنة والأهم من هذا كله هي مشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشاريع التنمية مما ينمي الشعور بالولاء والانتماء والتمتع بثمار الإنجاز في مشروع وطني من الطراز الأول، وخلق الأمل لدي هؤلاء الشباب وذلك بتأمين مستقبل أفضل لهم
.
.. ومتي فكرت في عرض هذا المشروع علي الدولة؟
- قمت بعرض الفكرة في صورتها الأولية علي الصديق المهندس «حسب الله الكفراوي» وكان وزيراً للتعمير والمجتمعات العمرانية وذلك في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي وقد تحمس له كثيراً وطلب مني إعداد الدراسات لعرضها علي الوزارات المختصة وبالفعل قمت بذلك وتم عرضها علي جميع الوزارات وانتظرت وأخبرني بعدها أنه مقتنع تماماً بالمشروع وبالنفع الهائل الذي سيعود علي البلاد ولكنه مكلف ولا تستطيع الدولة القيام به وقال لي بلغة أبناء البلد: يا فاروق «العين بصيرة.. والإيد قصيرة».

.. أين دور المجتمع في ذلك؟
- أنا أريد حشد المجتمع والشباب نحو التفكير في هذا المشروع وأن يمثلوا أداة ضغط علي النظام للسعي نحو إنجازه وأتمني أن يوقن الشباب أن هذا هو مشروعهم وليس مشروع الدولة.

.. هل هناك موقف معين من القيادة السياسية تجاه المشروع؟
- القيادة السياسية في مصر لا تحتاج سوي أن تعلم أن كانت الفائدة الاقتصادية من المشروع محترمة أم لا.. وبعد ذلك نحتاج منها إلي القرارات السياسية التي تساهم وتسهل في إنجاحه وبس.

.. ما تقديرك للانتقادات التي رددها البعض للمشروع، كانتقاد د.رشدي سعيد والذي قال: إن المشروع تعترضه صعوبات كبيرة وإن مكانه غير مناسب؟
- لا يهمني ذلك في شيء، وكلام أي حد عن المشروع «علي العين والراس»، «وكل عالم يقول زي ما يحب»، وإذا كانت حجة الدكتور رشدي سعيد أقوي من حجتي فأنا أقبلها.

.. هل يمكن أن يؤدي هذا المشروع إلي إعادة الاعتبار للبحث العلمي، خاصة أن العالم العربي لا يقيم وزناً له؟
- هناك بشرة خير.... ففي اجتماع القمة العربية الأخير بالرياض اتفق الحكام العرب علي أن البحث العلمي سيأخذ ٥،٢% من ميزانية كل دولة، ولو تم تفعيل هذا سيعد نقلة حقيقية. «وسينقذنا من البلاوي اللي أحنا فيها»، لأن معني هذا أن نضرب ميزانية البحث العلمي في مصر الآن في خمسة أضعاف. وعلينا الآن كشعوب وعلماء أن نشجع القادة العرب ونقول لهم «أنتم ناس عظيمة» ونقوم بإرسال العديد من المشاريع لهم، وأن يضع العلماء أجندة بالأبحاث والمشاريع المراد إتمامها أمام الأنظمة حتي لا تصبح لها حجة بعد ذلك.

.. لكنك تعرف أن أغلب قرارات القمة لا يتم تفعيلها؟
- أقول: إن علي المفكرين وقادة الرأي أن يدعموا كلام الحكام في هذا الصدد وعلي العلماء أن يقدموا الأقتراحات للحكومات ويطالبوها بالنسبة المخصصة للبحث العلمي. أريد من العلماء أن يقولوا للحكومات «إيديك علي الفلوس اللي قلتي عليها».

.. معني هذا أنك تري أن الحكومات رمت بالكره في ملعب العلماء؟
- بالضبط.. فعلينا كعلماء أن نشجع الحكام ونقول لهم «أنتم ناس عظيمة وهايلين» «حتي لو كنا متأكدين أنهم مش هايلين ولا عظمة ولا حاجة»، ولكن علينا أن نرشح لهم المشاريع والأبحاث وأن نوضح لهم المجالات التي ينبغي أن تصرف فيها الأموال فلو عايزين يعملوا نووي مثلاً نعرفهم السكة إزاي وإيه هي التكلفة. المهم نجبرهم علي الشغل. المصيبة في عالمنا العربي أن هناك دولاً كثيرة لا تعرف أين تصرف أموالها.

.. وهل تري أن مصر جادة في عمل مشروع نووي؟
- المفترض أن نكون جادين في هذا المشروع قبل أي حد في العالم، فعبدالناصر والزعيم الهندي نهرو قاما بتوقيع اتفاقية للتعاون لعمل مشروع متكامل لاستخدامات الذرة من أولها لآخرها، وكان وقتها هناك ١٥ باحثاً مصرياً مدرباً وذا خبرة يتلقي التعليم في الولايات المتحدة ومرت السنون والهند دخلت النادي النووي «واحنا زي ما أحنا».
.. ماذا حدث بعد ذلك؟
- «زي باقي الحاجات»... كل شيء توقف بسبب الإدارة «الزفت» واللخبطة والتخبط الذي تعيش فيه مصر، فكل واحد بييجي في البلد دي بيمشي الأمور علي كيفه، ومافيش حد عارف الغرض الأساسي الذي نعيش من أجله، رغم أن المشروع النووي هذا يمثل مستقبل مصر وعصب وجودها ورُقيها. وبعديين جايين دلوقتي نقول إحنا عايزين نعمل نووي، وهو ما يتطلب أن نرفع من مستوانا الاقتصادي والعلمي حتي نستطيع إنجاز هذا المشروع.

.. القوي الخارجية دائماً تعوق مصر في هذا المجال؟
- مافيش حاجة اسمها أن القوي الخارجية ستعوقنا عن إنجاز عمل، مهم بالنسبة لنا، وماحدش يقول إن أمريكا «ستمنعنا من عمل مشروع نووي» «يلعن أبو أمريكا» نروح لروسيا أو الصين، احنا المفروض نعمل زي ما إحنا عايزين ولا توجد قوة في الدنيا تستطيع أن توقفنا عن عمل الصح.

.. وهل نستطيع المضي قدماً نحو المشروع النووي؟
- العالم مفتوح من زمان، والأزمة تتعلق بنا، وكنا ومازلنا نستطيع الاستعانة بمن نريد لإنجاز مشروعنا النووي - المهم أن نتحرك و«لا نضع أمريكا في دماغنا تماماً».

.. النخب المصرية تري أن الإصلاح السياسي يجب أن يسبق الإصلاح الاقتصادي بمعني أن يكون هو القاطرة لأي إصلاحات: ما رأيك؟
- لست متابعاً لقضية الإصلاح السياسي داخل مصر وبالتالي لا أستطيع أن أحكم عليه، ولكن ما أريد قوله أنه ينبغي أن ننظر إلي وضعنا الحالي وما وصلنا إليه ونقوم بالإصلاح من الداخل، لأنه ليس هناك بدائل أمام الأنظمة العربية الحالية، فالإصلاح لابد أن يحدث تحت أي مسمي.

.. التنمية هي مرادف لكلمة الحرية: فهل تري أن الحريات في العالم العربي كافية لإحداث تلك التنمية؟
- بالنسبة للبحث العلمي القضية ليست الحريات، بل هي الأزمة المادية، لأنه لا يوجد من ينفق علي البحث العلمي، وبالتالي فلم يسعي الكثير من العلماء للقيام بأبحاث علمية، وعلينا كعلماء ترتيب أمورنا من الآن لنضع للحكومات خريطة للإنفاق علي البحث العلمي بما يعود بالفائدة علينا.

.. فلماذا تأخر العرب في إحداث نهضة شاملة؟
- لأن القيادات العربية كانت تنظر للتعليم والبحث العلمي علي أنها حاجات شكلية ولا تعتد بها كعامل أساسي من عوامل التنمية، فهم يعتبرون البحث العلمي ترفاً لا تقوم به إلا الدولة الغنية فقط.

.. وهل تعتقد أن مناهج التعليم هي السبب في تأخرنا حتي الآن؟
- لست متخصصاً في المناهج التعليمية ولكن ما أقوله، هو أن الخريج الجامعي اليوم ليس هو من نحتاجه في السوق فمستوي معظم الخريجين من الجامعة المصرية لا يسمح لهم بالعمل في السوق العالمية.

.. إذن نحن في حاجة إلي الربط بين احتياجات السوق ونوع الخريجين وتأهيلهم؟
- بالفعل وهذا ما يحدث في باقي دول العالم. وإلا لماذا نعلم كل هؤلاء، هل نعلمهم كي نلقي بهم في الشارع، الدول المتقدمة لا تعلم احداً إلا إذا كان له شغله أو فائدة ستعود من وراء تعليمه.

.. مشروع توشكي ثار حوله جدل كبير.. كما أن موقفك منه لم يتضح بصورة كاملة فما تقييمك له؟
- مهما حصل من كلام أو انتقادات أقول: إن مشروع توشكي عبارة عن أرض صالحة للزراعة وتوجد مياه لزراعتها كما أن هناك مياهاً تزيد وراء السد العالي ولا يتم الاستفادة منها فضلاً عن أنها تشكل خطورة علي جسم السد من ناحية أخري. وبالتالي يجب الاستفادة منها وتحويل مسارها ناحية توشكي لاستزراع تلك الأراضي. أما عن تكاليف المشروع حتي الآن وما إذا كان هناك فساد أم لا، فتلك ليست قضيتي وليس لي دخل بها، فكل ما يهمني كعالم أن نقوم بحماية مصر من الفيضان حين يزيد منسوب المياه واستخدام هذه المياه في تلك الأراضي.

.. وما المشكلة في هذا المشروع إذن؟
- المشكلة أن توشكي بعيدة جداً عن التكدس السكاني، وماحدش عارف هيه فين بالضبط، ولا حد عايز يروح يشوفها، لأنها تبعد عن جنوب غرب أسوان بحوالي ٤٠٠ كيلومتر وليست هناك وسيلة للاتصال.
المشكلة أيضاً أن أي محاصيل تخرج من توشكي يصعب تصريفها وسيتكلف نقلها تكلفة عالية، ورغم كل ذلك أقول إن أرض توشكي هي أرض صالحة للزراعة، وقديماً كانت تلك المنطقة مزرعة كبيرة «للبقر» وحيث النباتات التي كانت تشكل مرعي جيداً والإنسان القديم استزرعها، وكل ما حدث لهذه الأرض أنه تم تغطيتها بالرمال بسبب الطبيعة وما ينبغي عمله هو إزالة تلك القشرة الرملية وهناك مياه جوفية فضلاً عن مياه النهر التي تصل إليها.

.. وصفت جيلك قبل ذلك بأنه جيل الفشل، فهل تري أنكم جيلاً فاشلاً بالفعل ولماذا؟
- فشلنا فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من آمال الشعب العربي، وذلك لأننا اعتمدنا علي المؤسسات وأهملنا بناء الفرد «الإنسان»، الذي لديه القدرة علي تغيير تلك المؤسسات، ولكننا تصورنا أن المؤسسات هي التي ستقوم بعمل كل شيء فمثلاً تصورنا أن الجامعة العربية هي التي ستنجز الوحدة العربية، وأن الجيوش العربية هي التي ستحرر فلسطين وأن وزارات التعليم هي التي ستمحو الأمية، وأن الاشتراكية هي التي ستحقق العدالة الاجتماعية، وتوقعنا أننا سنخرج كي نتعلم ونعود لتحقيق تلك الآمال ولكن ما حدث أن الوضع أصبح أسوأ مما كان.

.. إذن رهانكم علي المؤسسات خسر؟
- بالفعل - لأن المؤسسات في العالم العربي أجمع «خربانه» والمسؤولون فيها هم أهل الثقة وليسوا أهل العلم والخبرة وجميع قيادات تلك المؤسسات لا يعلمون سبب وجودهم في تلك الأماكن، ولم تكن لديهم أي مبادرات لعمل أي شيء لصالح هذه الأمة. فكل القيادات تنظر للأمر علي أن هناك من سيحمل لهم الشنطة وأن آخر سيفتح لها الباب، ومن يقول له يا سعادة البيه، وأنهم موجودون في تلك الأماكن من أجل هذا، وهو ما أفشلنا في العالم العربي فهذه القيادات هي التي سدت الباب أمام أصحاب العلم والمعرفة وكان ردهم علي صاحب أي مشروع أو فكرة صالحة «يا أخي اتلهي علي عينك احنا بقي لنا عشر سنين علي كده أنت اللي هتيجي وتصلحها... بلا وجع دماغ».

.. ومن هو المسؤول عن إعلاء مبدأ أن أهل الثقة مقدمون علي أهل الكفاءة؟
- مصر أول من بدأت العمل بهذا المفهوم وأخذ العالم العربي عنها، فنحن الذين بدأنا هذه الخيبة، والعرب من ورائنا، وهم يعترفون بهذا، ويعلمون أنهم ليس لهم وزن لأن مصر ليس لها وزن.

.. وما الحل إذا كان هذا المفهوم مازال سائداً حتي الآن؟
- الحل هو بناء الإنسان المصري والعربي وتسليحه بالعلم والمعرفة حتي تكون لديه ثقة في نفسه، حتي إذا ذهب إلي أهل الثقة «قادة المؤسسات» ولديه مشروع يريد إنجازه يستطيع أن يقنعهم بشتي الطرق وذلك لأنه يمتلك الحجة ولديه ثقة بنفسه ناتجة عن العلم والمعرفة، ولهذا يستطيع أن يصر علي موقفه أمام قادته حتي يسمحوا له بالعمل، فالإنسان المتعلم هو الذي يستطيع أن يغير هذا النظام، وإلا يفر حين يقال له من قادته «يا أخي بلاش هوسة» كما يحدث من أغلب قادة المؤسسات في عالمنا العربي.

.. لكن الأنظمة لن تسمح للشعوب بالتعلم والمعرفة حتي لا تقوي علي مواجهتها؟
- لابد من الإصرار علي النجاح وتحصيل العلم والمعرفة من أي جهة حتي نكمل الطريق وساعتها سوف تتقهقر الأنظمة أمام علم ومعرفة شعوبها، وهذا ما أسميه الإصلاح من الداخل.

.. تتسم قرارات الأنظمة العربية بالفردية فما تأثير ذلك علي مستقبل البلاد؟
- الدول الغربية بها قرارات فردية هي الأخري، لكن الفارق يكمن في وجود مؤسسات تحاسب وتقف أمام أنظمتها كما أن هناك شعوباً واعية لحقوقها.

.. كيف يمكن بناء شباب طموح في ظل تغييب عقولهم وإعلاء الدولة لنماذج الفنانين ونجوم الكرة؟
- ليس مستحيلاً فلدينا نماذج عديدة ناجحة في جميع المجالات وعلينا إظهارها أمام الشباب حتي يتعلم منهم وهناك شباب كثيرون تغير مجري حياتهم بعد أن سمعوا لأحد علمائنا، والأزمة ليست في أن لاعبي الكرة أو الفنانين هم من يتصدرون واجهة المشهد، فعلي أيامنا كان الوضع كذلك ولكن كان الكثير منا يملك مشروعاً وهدفاً خاصاً به يسعي لتحقيقه - واتمني من الدولة المصرية أن تعلي من هامة العلم والعلماء حتي يتساووا مع الفنانين واللاعبين فقط لا أن يسبقوهم.

.. بعض العلماء عاد إلي مصر ثم غادروها نتيجة تجاهلهم؟
- مهما كان التجاهل - ليس معني ذلك أن نفقد الأمل، فلقد تقدمت بمشروعي هذا وتم رفضه مرتين قبل ذلك ومع ذلك لن أسكت وسأواصل مهما كان الثمن فلا يصح بمجرد الرفض من قبل الدولة أن يذهب العالم ويقول: «يلعن أبوهم»، فهذا خطأ لأن هذه بلدنا «مش بلد الحكومة» ولابد أن نحارب لتطويرها.

.. ما الوصفة السحرية للعالم العربي للخروج من هذا الوضع؟
التمسك بالعلم والمعرفة - والانتماء - قالها عشر مرات - فهو العامل الأساسي في الطريق إلي النجاح وبدونه لن يخلص أحد في عمله
حوار عمر عبدالعزيز الشحات ٨/٥/٢٠٠٧
عن المصرى اليوم

No comments: