Friday, February 27, 2009

يا مسيحية..

فى نهاية شهر أكتوبر، وقبل انعقاد المؤتمر العام للحزب الوطنى بأيام، التقى أمين عام الحزب صفوت الشريف بشباب الحزب على الموقع الإلكترونى، ليجيب عن تساؤلاتهم، ويومها قال لهم عبارة لافتة «نحن نسعى لبناء دولة مدنية حديثة»، ونُشرت تلك المقولة فى الصحف القومية الثلاث وأبرزتها بشكل واضح جريدة «الجمهورية»
وبدرجة أقل «الأخبار». وقبل أكثر من شهر قال د.علىّ الدين هلال، فى جلسة بحثية مغلقة بمكتبة الإسكندرية: «أنا مع الدولة الوطنية المدنية»، وصحيح أن د.على دعا إلى ذلك اللقاء باعتباره أستاذاً للعلوم السياسية، لكنه عضو الأمانة العامة للحزب الوطنى، أمين الإعلام ووزير سابق!
بناء الدولة المدنية الحديثة والوطنية كان هدفاً واضحاً منذ أيام محمد على، ونادى به كبار المفكرين والمبدعين المصريين من رفاعة الطهطاوى وحتى فؤاد زكريا وجابر عصفور ونور فرحات، مروراً بالأستاذ الإمام محمد عبده ولطفى السيد وقاسم أمين وطه حسين، وأتصور أن التعديل الدستورى الذى جرى فى سنة ٢٠٠٧، بإدخال مادة المواطنة وجعلها ضمن المادة الأولى بالدستور، يأتى فى هذا الإطار، ونال هذا التعديل موافقة وتقدير الأغلبية
. ويبدو أن كل هذا من باب الحرث فى البحر، فما جرى فى مجلس الشعب مؤخراً يؤكد ذلك، والذى حدث أن نائبة الحزب الوطنى ابتسام حبيب تقدمت بمشروع قانون لتوثيق الزواج العرفى، فإذا بنائب الوطنى عبدالرحيم الغول يعترض، وهذا حقه، لأننا بإزاء قضية اجتماعية ملحة تحتاج تداول الآراء، لكن النائب الموقر اعترض لأن زميلته فى الحزب وفى المجلس «مسيحية».. وقال لها كما نشرت إحدى المجلات الأسبوعية «وإنت مالك يا مسيحية..»
وكانت الكلمة قاسية،
فأراد أن يعتذر عنها ليقول «إنه قصد أن ذلك الاقتراح يجب أن يقدمه نائب مسلم»!!
داخل المجلس تمت تسوية الأمر وتراضى النائب والنائبة باعتبار أنهما من حزب واحد ولا يجب أن يفتحا باباً لكارهى الحزب أو أن يشمت معارض بالحزب،
وتكاتف أعضاؤه خاصة فى البرلمان «زيتنا فى دقيقنا»..
هى قالت إنه لم يقصد أن يحرجها وهو قال شيئاً مشابهاً، وهكذا لا هو شعر بأنه خرق مبدأ دستورياً ولا هى توقفت عند ذلك!! الدولة المدنية تعنى أن تقوم العلاقة بين أفرادها دون تمييز اللون أو الجنس أو المعتقد الدينى، والأساس فيها المواطنة..
كل فرد هو مواطن وإنسان سواء كان أبيض أو أسود..رجلاً أو امرأة.. مسلماً أو غير مسلم!!
وحين يصدر ذلك القول من قيادى فى الحزب الحاكم فلابد أن نقلق، ونقلق أكثر لأن أركان الحزب لم تهتز، ولم يتم التوقف العميق عندها، كما لم يتوقف مجلس الشعب كما ينبغى..
حين وضع نائب بالمجلس حذاءه أمامه وهو يتكلم أُحيل إلى لجنة القيم ونال تأديباً، رغم أنه قام بسلوك مخالف لما هو لائق، أما «الغول» فقد خرق مبدأ دستورياً ووقف على النقيض مما أعلنه أمين عام الحزب قبل انعقاد المؤتمر العام، وفى عرف الأحزاب فإن ذلك الإعلان يدخل فى باب الوثيقة الحزبية، وهو بذلك وضع نفسه - فكرياً وأيديولوجياً - إلى جوار جماعة الإخوان وفريق الأصوليين.
حين قال مرشد الإخوان مرة فى حديث إلى جريدة «الدستور» كلاماً يميز فيه بين المسلم والمسيحى فى العمل السياسى نال انتقاداً مريراً، وقلنا إن ذلك هو الدولة الدينية بعينها، وحين أصدر الإخوان برنامجهم، الذى أطلقوا عليه برنامجاً حزبياً، ووضح فيه التمييز بين المواطنين على أساس الدين وعلى أساس الجنس وجهت إليهم الانتقادات والهجوم من جميع الأطراف..
فما بالنا وهذا يصدر من نائب فى البرلمان وهو قيادى بالحزب، بل أحد مؤسسيه والأخطر هو الصمت على ذلك وتمريره بمنطق الاعتذار وتبويس الأكتاف..؟!
لا شأن لنا بما يدور بين أعضاء الحزب، ولكن يعنينا الجانب العام منه، فى بعض اللحظات ومع المشاهدات اليومية تدرك أنه ليس ثمة فارق كبير بين أعضاء الحزب وأعضاء الإخوان والجماعات الأصولية، وأن المواطنة وحديث الدولة المدنية لا يتجاوز مجموعة من القيادات قد تعد على أصابع اليدين..
أما الكوادر، بل ما خلف القيادات العليا، فإن الأصولية تمرح وترعى، واقعة الغول وابتسام حبيب ليست هى الوحيدة. يوم افتتاح مؤتمر الحزب ألقى رئيس الحزب، الرئيس مبارك، كلمة والحضور هم قيادات الحزب من المحافظات، وما إن تحدث الرئيس مطالباً بدراسة - فقط دراسة - إمكانية توفير تمثيل برلمانى للمرأة، حتى انتقل هؤلاء من التصفيق إلى الهمهمة التى تكشف الاعتراض بصوت مرتفع، وفهم الرئيس الأمر فاضطر أن يطمئنهم إلى أن ذلك لن يكون على حساب مقاعدهم.. وهذا يعنى أن هؤلاء القيادات لا يريدون تمثيلاً للمرأة ولا يودون أن يكون لها حضور برلمانى.. ترى ما الفارق بين هؤلاء وسائر الجماعات الأصولية والثيوقراطية فى مصر وخارجها..؟!! ويدعونا هذا إلى التساؤل: هل نحن بإزاء الحزب الوطنى السلفى أم الأصولى؟!
نعرف أن بعض الأصوليين والسلفيين منضمون للحزب إيثاراً للسلامة وطمعاً فى التغلغل فى الدولة من الداخل، لكن يبدو أن الأمر تجاوز الحالات الفردية وصار اتجاهاً عاماً.. وإذا كانت القواعد والقيادات الوسيطة على هذا النحو من التفكير والتكوين الثقافى والعقلى، فلا مستقبل للدولة المدنية ولا للمواطنة مع كامل الإجلال للدستور وللتعديل الذى أدخل عليه. ما نخشاه أن يزحف هؤلاء يوماً ويتقدموا إلى المواقع العليا، فلا يكون هناك مجال حتى للتفكير وللحلم بالدولة المدنية والوطنية، فالدولة إن لم تكن مدنية لن تكون وطنية، بل تصبح «أممية»..
وبناء الدولة المدنية ليس فقط تشريعات تصدر ومبادئ ترفع، بل صرامة وجدية فى تنفيذها، وإلا فإن الأصولية قادمة وإن من داخل الحزب الحاكم!!
بقلم: حلمى النمنم
جريدة المصري اليوم

Wednesday, February 25, 2009

قراءة حول التدخلات الإيرانية في مصر والحل لمواجهتها

كالعادة وكما هو معروف عن نظام طهران كنظام أزمات لا تفوته أزمة ولا فرصة ولا مصيبة دون استغلالها على طريقته الخاصة انطلاقا من التزامه بقول "مصيبة قوم عند قوم فوائد" وبالطبع اغتنم فرصة نكبة غزه وتساقط الابرياء من الفلسطينيين نساءًا ورجالاً وأطفالاً وشبابًا وشيوخًا وسط الشوارع في خضم احداث غزة،..
هذه المرة كانت لطهران اشارات بعيده ضمن مخططاتها العدوانية التوسعية وكانت هجمات النظام الإيراني على سفارات بعض الدول العربية في طهران ومنها مكتب رعاية المصالح المصرية احد هذه المراكز وقد هوجم من قبل عناصر النظام الإيراني وليس ”طلبة الجامعات” كما ادعى ملالي إيران وقد وضع هذا العمل على كاهل الطلبة لينأى نظام طهران بنفسه عن دائرة المسؤولية ولكن الامر كان واضحا لجميع المهتمين الملمين بما يجري في الشرق وهذه هي لغة وهوية نظام طهران حيث المناورة والمراوغة التي لا تتماشى..
ويأتي هذا الموقف الإيراني في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الإيرانية المصرية فتورا تنامى الى توترا كبيرا منذ فترة طويلة من الزمن وكان حجم العداء الذي تكنه طهران الملالي تجاه القاهرة مانعا كبيرا لتقدم العلاقات بين البلدين حيث لم يترك نظام طهران مجالا أو فرصة لترميم هذه العلاقات بدءا من دعمه للقوى المتطرفه في مصر وصولا الى ضلوعها في عملية اغتيال الرئيس المصري السابق محمد انور السادات واستمرارا في دعم الجماعات الإرهابية في مصر ورغم تناسي القاهرة وتفاعلها مع قضايا المنطقة ورغبتها في قيام علاقات متينة ومتوازنة ذات رؤية وتوافق ومساع مشتركة يمكن الطرفين من تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة انطلاقا من مسؤولية أخلاقية إلا ان طهران لم تكن ابدا ضمن هذه الرؤى والرغبة التي كانت لدى القاهرة والعالم العربي..
لـ طهران طموحها التوسعي ومشروع الكبير لتصدير ثورتها الى المنطقة اولا ومن ثم الى العالم اجمع وفي المنطقة ترى طهران أن دور القاهرة الريادي في العالم والعالم الإسلامي يقف حاجزا كبيرا امام مشاريع ملالي طهران وعليه فإن عليها أن تقضي على هذا الدور وتشويه صورة القاهرة واضعافها امام الجماهير العربية وكانت ماساة الفلسطينيين ودمائهم المسفوحة في غزة فرصة لنظام طهران ليشوه بها القاهرة ويظهرها بلا موقف وبلا التزام مسؤول امام قضية العرب والمسلمين وهي قضية فلسطين والدم الزكي الطاهر المراق في غزه ولتفعيل ذلك وانضاج نيتها وارسال رسالتها قامت بالإعتداء على مكتب رعاية المصالح المصرية في طهران وادمة لنواياها العدائية قامت طهران بالتحريض على قتل الرئيس مبارك..والترويج إعلاميا لفلم من انتاجها واعدادها باسم ”اعدام فرعون” يدور حول عملية اغتيال الرئيس المصري السابق محمد انور السادات وتحدث وسائل الاعلام كثيرًا عن هذا الفيلم وأثارت لغوا وضجة كبيرة حوله.. كما وان التصريحات العلنية للنظام الإيراني حول القيادة المصرية وخاصة الرئيس حسني مبارك تشكل جانبًا آخرًا من هذه الحملة الإعلامية وهناك جوانب أخرى في هذه الحملة حيث يتهم الحكومة المصرية أيضا بالقصور في ايصال المعونات لضحايا حرب غزه.
وبعد التصريحات الإيرانية الأخيرة تجاه البحرين ”تضامن الرئيس المصري مع البحرين لمواجهة إيران” كما وحسب الصحف ”لا تخفي مصر انزعاجها من التوجهات الإيرانية في منطقة الخليج كما أنها تبدي قلقاً من تصاعد النفوذ الإيراني في عموم المنطقة”.ولكن اخبار كهذه لا تشكل الا قمة جبل من الثلج في بحر ليس إلا والمراقب الدقيق لنظام طهران وبالمام يرى أن نظام الحكم في طهران يخفي ويعلن استراتيجية محددة خلف كل هذه الحملات والتي تعد نهجا معتمدا وثابتا لطهران الملالي.
وللدقة ولبناء قراءة سليمة ومفيدة علينا القول بأن النظام الإيراني يولي اهمية كبيرة لمصر..ونتذكر ونورد هنا كأمثلة للفحص والدرس تصريحات الرئيس الإيراني ”احمدي نجاد” قبل فترة في دولة الامارات العربية المتحدة ردًا على سؤال طرحه صحفي مصري حيث قال: ”نحن جاهزون لفتح سفارتنا في القاهرة قبل انتهاء الوقت الاداري هذا اليوم اذا كانت سلطات بلدكم جاهزة”.
.وهنا تحتاج هذه التصريحات وهذه العجلة التي يبديها ”نجاد” في هذا الجانب الى دراسة وفحص: كتب مركز ”م د أ أ” في إيران تقريرًا سريًا و حصل كاتب المقال على نسخة منه قائلاً: ”.. إن سير المسائل في العراق يتشدد ضد الشيعة، وفي هذا الاتجاه هناك العربية السعودية ومصر والاردن لايسمحون ولا يقبلون بتوازن قوى لصالح الشيعة، وعليه فان علينا أن نوجه تنويهات إلى السعودية ومصر والاردن على الصعيد الدولي..،وأن مصالحنا الإستراتجية في العراق تؤّمَن من خلال تخفيف دور مصر والسعودية.. ان دعم الشيعة في العراق بالنسبة لنا يشكل حالة اهمية قصوى واستراتجية بالغة”.وهنا نرى أن إيران من جانب كما يقول ”نجاد” تستعجل ”لفتح السفارة في القاهرة” ومن جانب آخر ترى أن مصالحها الإستراتيجية تكمن في تخفيف دور مصر.
ولنتابع الغرض من ”التنويه إلى مصر” من لسان احد عناصر المرشد الاعلى علي خامنئي: كتبت صحيفة كيهان الحكومية التي تصدر في طهران مقالاً بتأريخ 23اكتوبر 2003 وبقلم كاتب يدعى ”حسين شريعتمداري” طلب فيه القيام بعملية اغتيال ضد الرئيس المصري حسني مبارك، حيث جاء فيه: ”.. ان الشعب المصري العظيم وبتأريخه الثوري العريق يستحق أن يستلم قيادة العالم العربي في مسير تحقيق الاسلام وطبعًا ان وجود مبارك المنحوس وازلامه يشكل سدًا في هذا المجال. وان الشعب المصري و الغيارى من اتباع الضابط الشهيد خالد الاسلامبولي يعرفون جيدًا كيف يتخلصون من هذا العنصر المشين التابع للصهاينة..”
وهذه في واقع الحال ليست لغة مهذبة يمكن لها ان تدعو الى حوار او سلام وخصوصا ان الاعلام في ايران يخضع لرقابة شديدة وصارمة على كل شيء..وللحوار لغته الخاصة من كياسة والتزام ورصانة.
وكتبت صحيفة ”جمهوري اسلامي” الإيرانية بتأريخ 21نوفمبر 2005 وبعد الكشف عن محاولة ديبلوماسي ايراني في مصر لاستخدام فردًا مصريًا لتمشية النشاطات الارهابية في هذا البلد، قائلاً: ”إن احمدي نجاد وبشعار”يجب مسح اسرائيل من ساحة الدهر” المناسب والذي جاء في وقته، لايستطيع أن يبني علاقات مع نظام القاهرة الكمب ديفيدي.. وننتظر أن لا يخدع مرة أخرى بوعود فراعنة مصر”.
ولكن ما هو اصل الحكاية؟
ان النظام في إيران يواجه ازمات داخلية شديدة خاصة ما يسمى بـ ”ازمة الشرعية” في الداخل كما أن أمامه بديلاً مقتدرًا أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والذي قام بكشف فعاليات هذا النظام في جميع الجوانب، ومن ضمنها كشف النشاطات النووية وكشف مخططاته لتصدير الإرهاب والتطرف الى بلدان المنطقة..
كما قامت هذه المقاومة بكشف الممارسات القعمية لحكام طهران وفي كافة أنحاء إيران كالاعدامات الجماعية اليومية والجلد والرجم امام الملأ العام..
وأدت كل اعمال الكشف هذه.. ونشاطات المعارضة الديمقراطية لهذا النظام أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وعموده الفقري منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، سواء في داخل أو خارج إيران والتي تقرأ وتسمع اخبارها يوميًا أدت إلي انكماش شديد للنظام واشتد هذا الانكماش قوة بوصول ”نجاد” الى مقعد الرئاسة حيث وقع النظام الإيراني في طريق السقوط والانهيار متسارعًا بوقوفه في وجه المجتمع الدولي وتحديه اياه، وهنا اصبحت مصر ذات اهمية كبيرة بالنسبة لإيران.
هنا ايضا ننتبه الى تقريرِ سريِ آخر حصل عليه كاتب المقال من داخل الاجهزة الإيرانية: ”نظرًا للمقاطعة المصرفية المفروضة على الجمهورية الاسلامية، فايجاد نظام بديل لمواجهة المقاطعات الاقتصادية الدولية، يصبح ضروري جدًا. فـ ”البنك الأهلي” المصري الذي يعد رابع مصرف من حيث الاهمية في العالم العربي، وكان رأس ماله 26ميليار دولار أمريكي في عام 2005، يعد هدفا ومخرجا للنظام الايراني وفق مخططه، كما هناك بنوك أخرى في مصر والتي تحتل مراتب جيدة في هذا المجال وتقع ضمن المخطط ايضا ”.
. وكما نتذكر، سافر وزير الصناعة الإيراني ”محرابيان” إلى مصر في ديسمبر 2007. وكان من ضمن اهدافه المحاولة لتوسيع ارتباط النظام المصرفي مع هذا البلد وإيجاد مخرج للمقاطعة المستمرة والمتشددة المصرفية المفروضة على النظام من قبل الولايات المتحدة والبلدان الأوربية حتى ولو كان بشكل آني.. وفي لقاءاته مع السلطات المصرية، أحال المدعو ”محرابيان” موضوع العلاقات الاقتصادية والصناعية بين البلدين إلى توسيع نشاطات النظام المصرفي مع إيران. حيث طالب بـ ”تنشيط التعاون المصرفي الإيراني المصري في مختلف البلدان وخاصة في إيران”. (وكالة انباء فارس الإيرانية 2ديسمبر 2007)
..هنا لا نرى غرابة في أن يطالب نظام إيران فجأة توسيع علاقاته الاقتصادية والصناعية مع مصر ولكن الغريب أنه وفي نفس الوقت الذي يشعر فيه باهمية مصر له وحاجته اليها يشترط توسيع العلاقات إلى توسيع نشاطات النظام المصرفي معه وهذا يعني ان إيران تريد ومن خلال ”توسيع علاقاته” مع جمهورية مصر العربية بدائل ومخارج لتجاوز المقاطعات الدولية الشديدة المتزايدة من قبل المجمتمع الدولي عليها.. وهناك مرضًا أخر دون علاج للنظام الذي يجبره على توسيع العلاقات مع مصر
ويؤيد ذلك تقرير سري أخر من داخل اجهزة النظام في طهران:وجاء في هذا التقرير السري: ”إنه وبعد التطورات الأخيرة لغزه، تحتاج إيران للأراضي المصرية لدعم حماس.. وان فتح محور جديد يمكن أن يغير كثيرًا من المعادلات في المنطقة لصالح إيران”
.ومن الواضح جدًا وبعد ادراك ايران بانها توفقت في نقل صراعاتها وحروبها الى بغداد وبيروت وغزه وخصوصا انها تمكنت من الهاء العالم في غزه بعيدا عنها وعن التزاماتها الدولية مما يتيح لها كسب بعض الوقت لبلوغ غاياتها وانها من خلال غزه وغيرها من القوى المرتبطه بنظام طهران وانشطته الارهابية ومشاريعه التوسعية يمكنها مساومة العالم وفرض ارادتها على المجتمع الدولي، وعليه فانها مستعدة لكل الخيارات الممكنة والقابلة للبناء لفتح محور وطريق عبر الاراضي المصرية واذا لم يفتح هذا المحور وهذا الطريق الجديد عبر الاطر الدبلوماسية، تمتلك إيران اساليبها الخاصة لفتح طريق لـ غزة.. وقد سعت طهران لاشعال فتيل الازمة أزمة غزة الأخيرة في يناير 2009 إدامة لمشروع ادارة الصراعات الخاصة بها او الداعمة لها وطبعًا واجهت الهزيمة
.وفي نفس الاطار بثت وكالة أسوشيتدبرس للأنباء في 5يناير 2008 تقريرًا قيل فيه: ”أن عشرات من الميليشيات التابعة للنظام الإيراني الذين كانوا مجهزون باسلحة وصواريخ حديثة دخلوا الى غزة في الايام الأخيرة”وفي يونيو 2008 حذر رئيس تحرير احدي الصحف المصرية، السلطات الإيرانية ”من المساس بالأمن القومي المصري كخط أحمر..”
ولكن حاجة هذا النظام إلى تصدير الأزمة اكثر اهمية لديه من الاكتراث لكل هذه التصريحات والتهديدات والتحذيرات الداعية الى الالتزام بالاعراف الدبلوماسية والسياسية والقانون الدولي.وقد اعلنت الحكومة المصرية قبل فترة بأن النظام الإيراني حاول ايصال شحنات من العتاد والاسلحة تحت غطاء معونات الهلال الاحمر الإيراني إلي غزة.
. ولم تعطي الحكومة المصرية الإذن لطائرتين تابعتين لإيران بالهبوط حيث كانتا مجهزتين لهذا العمل. وهناك نماذج كثيرة في هذا المجال.. وجرى الكشف مرارا عن محاولات النظام الإيراني لايصال الاسلحة لقطاع غزة عن طريق تركيا وسوريا ولبنان.
. خبر أخر وليس الأخير ايضًا من أسوشيتدپرس حيث بثت في يوم 23 يناير الماضي (2009) نقلا عن مسئولين في وزارة الدفاع الأميركية، ان ”سلاح البحرية الأمريكية قام بتفتيش سفينة إيرانية كان من المحتمل أن تحمل الاسلحة إلى حماس”، وأضافت آسوشيتدبرس نقلا عن مسئول أمريكي لم يكشف عن اسمه ”أن السفينة التجارية الإيرانية التي كانت تتحرك تحت علم قبرص، تم توقيفها من قبل مدمرة أمريكية في البحر الأحمر”. وقال مسئول أخر أمريكي لهذه الوكالة ”ان الجنود الأمريكيين دخلوا الباخرة وقاموا بتفتيشها في يومين الاثنين والثلاثاء (19 و20يناير 2009)”. كما وعلي أساس تقرير نفسه ”كشف خلال التفتيش عددًا من قذائف المدفعية”.
وهذا جزءا من تقرير سري أخر:رفعت مؤسسة”م ت م” في إيران تقريرًا إلى مكتب أحد رموز الاعلى للنظام قال فيه: ”.. ان ارضية الحملة الاعلامية في مصر الآن اكثر مما مضى.. حيث ان المؤسسات الشيعية في مصرتقوم بطبع 15 كتاب شهريًا بشكل علني اضافة الى المنشورات السرية.. وأنه في مصر بعض المؤسسات مثل «ع أ ج بـ» وهي من المؤسسات المستعدة للعمل والاتصال بشكل اكثر توسعا وفعالية.. وبعد الدراسة والتحقيق قدرت التكاليف النهائية لتنفيذ هذه الخطة بـ 20مليون دلارًا
. ونظرًا للحساسية البالغة للموضوع، فمن الضروري ان يستخدم العراق ولبنان كحلقة وصل.. كما نعول على عدد من الصحفيين المصريين البعيدين عن التيارات السياسية في هذا البلد، كمسئولين للجرائد الجديدة..
ويمكن ايكال الرقابة على المواضيع المنشورة الى «م ا ب»..”
وهنا علينا أن نشير الى أن نظام طهران يهدد الامن القومي العربي وأن تهديد القاهرة أو غيرها من البلدان العربية ليس بالضرورة أن يكون من داخلها وقد يولد هذا التهديد وينمو ويتنامى من خارجها وبعيدا عنها ليصل اليها متعاظما وعليه فإن مفهوم الامن القومي هو المفهوم الذي يجب العمل به وبأهمية الى جانب مفاهيم الأمن الوطني أو الذهاب الى ابعد من ذلك من حيث الاهمية.. فقد يبدأ التهديد من جانب كيانات ضعيفه أو مؤسسات ذات قدره محدودة الا ان تنامي هذا التهديد وتعاظمه بعد اهماله يمهد لتحوله الى خطر جبار له من الآليات والوسائل ما يكفيها ويغنيها لبلوغ غاياتها وتحقيق اهدافها..
ونأخذ بعين الإعتبار واقع العراق ولبنان واليمن وفلسطين والامارات وخاصة وفي الأيام الأخيرة البحرين وما ينتظرها من خطر واليوم خطرا كبيرا محدقا بالقاهرة وسيتخذ من غزة وحلفائها وسيلة لتحقيق الهدف في القاهرة والنيل منها وغاية طهران الملالي خلق فراغا مصريا في الشرق الاوسط وغياب مصر عن دور الريادة لتتقدم طهران وستعزز غايات طهران ووسائلها بسلاحها النووي وما تملك من نفوذ سياسي بالمنطقة من خلال شركائها...
ولم تغفل طهران عن استغلال اقل فراغ يتركه العرب ومصر خاصة وهذا ما حدث في العراق الذي يقع على اكثر من 1200 كم حدودي مع ايران وفيه من الثغرات التي تملكها ايران ما لا يحصى ولا يعد..
هذا الإهمال وهذا الفراغ كان الباب الأوسع لتهديد الأمن القومي العربي وكذلك جعل العراق على حافة فقدان هويته وتاريخه بعد التنكيل بأبنائه...
وتتوسع رقعة التهديد وتتعاظم قدرته وتصبح الحاجة الى حلول وبدائل حاجة ملحة تبدأ من التحصين الداخلي وبناء مشاريع بديلة تتفق مع الامن القومي العربي وتكون جزءا شفافا في امن المنطقة وعونا لجيرانها على حفظ خصوصياتهم وسيادتهم وكيانا لائقا ومحترما في الاسرة الدولية...
ولن يكون سلاح طهران غلا تعزيزا لأهدافه التوسعية في الهيمنة على المنطقة وحماية نظامها من الاندثار واسنادا لنشاطاتها الإرهابية التي ترى فيها طهران جزءا من ايديلوجيتها المقدسة وهويتها السياسية التي لا مناص عنها.
وهنا نرجع قليلاً إلى الوراء.. حيث كتب جريدة الشرق الاوسط اللندية في مارس 2008: ابلغت الحكومة المصرية إيران وعن طريق مختلف المستويات الدبلوماسية والأمنية، ان لديها قائمة طويلة من الاشخاص المطلوبين في مصر الذين هربوا إلى إيران، حيث قامت إيران بايوائهم واعطاءهم اللجوء.. ومن الطبيعي ان تنفي إيران كل مرة وجود هؤلاء الاشخاص في البلاد.. ولكن مصر قدمت للحكومة الإيرانية قائمة من اسماء الارهابيين ومكان اقامتهم في طهران وأرقام هواتفهم.
. واصبح هذا الموضوع احد عوامل الخلاف والتوتر في العلاقات بين‌ البلدين”.
ويقوم النظام الإيراني بتوسيع شبكاته الاستخبارية ومجساته في مصر مستفيدًا من كل الأجهزة التي تعمل تحت الاغطية المختلفة واذرعه الارهابية هناك مثل المؤسسات الخيرية والثقافية.
. وأقيم في نفس الاطار مؤتمر ”المجمع العالمي لتقريب المذاهب” في 24أبريل 2005 بطهران تحت اسم ”المؤتمر الدولي للوحدة الاسلامية” ترأسها المدعو ”قدرت الله علي‌زاده”.. وشارك في المؤتمر 120 شخصًا من 34 بلد حيث كان جميع المشاركين من المتطرفين الذين كانوا اداة بيد النظام الإيراني في البلدان 34 المشيرة اعلاه.. وشارك في المؤتمر على الأقل 4 اشخاص من مصر وهم الشيخ ”أ م ط” و ”م س ع” و”ع ش” والشيخ ”ف ف ز”. وبعد عامين أي في 10يناير 2008 أشار احد سلطات النظام الإيراني إلى طبع ونشر بعض الكتب المتطرفة الداعية الى التطرف في مصر منها ”ولاية الفقيه” و”الجهاد الاكبر” بقلم الخميني.. كما أكد على دور عناصر إيران في المظاهرة التي جرت آنذاك في الجامع الأزهر...
ومن التقارير السرية التي حصل عليها كاتب المقال تقرير آخر من داخل اجهزة النظام الإيراني حيث تؤكد فيه السلطات الإيرانية على الموقع الممتاز للجامع الازهر للتأثير التدريبي والعملي..
وهنا يكمن سبب محاولات الملالي في إيران بالتسلل الى الجامع الأزهر وجعله مركزا لنقل ثقافتها وتصدير فكرها وثورتها الرجعيين.. وفي هذا الاطار حاول ”ديبلوماسيي” إيران في مصر بتوفير الظروف الملائمة لزيارة الاشخاص القريبين من الملالي إلى إيران تحت غطاء ”تبادل العلماء والمحققيين” مع الجامع الازهر.. حيث قام ”ديبلوماسيي” النظام الإيراني في مصر وفي محاولات عدة بتنفيذ هذا البرنامج عن طريق لقاءات متعددة بالشيخ محمد سيد الطنطاوي” إمام الجامع الازهر.. وفي أواسط يوليو 2007، أعلن النظام الإيراني وبعد لقاء ”محمد حسين رجبي” مع الشيخ محمد سيد الطنطاوي، أعلن خبر موافقة الجامع الازهر بفتح ممثلية في طهران، ولكنه وسرعان ما نفي الشيخ طنطاوي الخبر وقال لم يتحدث حول هذا الموضوع..
وفي نفس الأيام اعلنت اكثر من صحيفة مصرية: انه خصصت إيران مبالغ هائلة لنشر وتوزيع المنشورات في مصر بشكل مجاني لغرض الدعاية حول التطرف.
ومن مهام أحد السلطات الإيرانية في زيارته إلى مصر، كان اخذ موافقة السلطات المصرية لدخول عناصر إيرانية إلى قطاع غزه، تحت تغطية الهلال الاحمر الإيراني.. وعندما منيت المهمة بالهزيمة، قامت مجموعه تدعى ”م ع ا”، بنشر قسم من وصية خميني ضد الحكومة المصرية.إن ملف التدخلات والاعمال الارهابية لإيران في مصر، ضخم جدًا..
ونترك هذا الملف مفتوحًا إلى فرصة أخرى وسنتطرق الى الموضوع في دراسات أخرى..ولكنه ومن الضروري أن نؤكد في النهاية إن النظام الحاكم في إيران لايعرف إلا لغة واحدة وهي لغة القوة.
. و الطريق الوحيد لسد توسع وتغلغل الملالي الإيرانيين في مصر وأي مكان آخر، هو الحزم. ودعم وتأييد البديل الديمقراطي لهذا النظام أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وعموده الفقري منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والتحالف والتكاتف معها يمكن ان يخلص شعوب المنطقة من شر هذا النظام الذي لم يأتي للمنطقة الا بالنكبة والويلات والحروب والتحريض على الفتن، والامر الآن في انسب اوقاته خاصة بعد أن قامت 27 دولة أروبية باخراج مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الارهابية كنصر حققته المنظمة والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على نظام طهران ومؤامراته ضدها، نصر جاء بعد 7سنوات من التحدي الذي اعلنته هذه المنظمة ومناصروها الايرانيون والدوليون وكبار رجال القانون في العالم، وانتصرت ”مجاهدي خلق” في نضالها ضد هذه التهمة الظالمة التي الصقت بها وانتصرت على مؤامرات طهران.. وتستعد للقضاء التام عليه وعلى مؤثراته ومخلفاته ومعها وبها تبدأ ايران صفحة جديدة نقية وناصعة وشفافة في الشرق الاوسط وما احوج العرب الى التحالف مع مجاهدي خلق الإيرانية حفاظا على امنهم القومي وانقاذا لانفسهم وللعراق ولبنان وفلسطين من جحيم طهران.
محمد علي يوسف - باحث وكاتب

حادث الحسين والشيزوفيرنيا المصرية

دارت العجلة الإعلامية المصرية "صحافة، إذاعة، تلفزيون" استنكاراً وهجوماً على مرتكبي حادث الحسين الذي أدى لمقتل السائحة الفرنسية ذات السبعة عشر عاماً وإصابة عشرة فرنسيين وثلاثة ألمان وأربعة مصريين وصرح مفتي الديار المصرية محمد جمعة "حادث الحسين يخدم أعداء الوطن" مؤكداً: (إن شريعة الإسلام لا تجيز بأي حال من الأحوال الاعتداء على السائحين المستأمنين الذين جاءوا لديار الإسلام بموجب عقد أمان).
ووصف فضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي "إنه عمل إجرامي جبان يرفضه الدين الإسلامي ويتبرأ منه تماماً ثم أضاف إن القائمين بهذا العمل خونة لدينهم ووطنهم ويشوهون صورة الإسلام السمحة التي ترفض الإرهاب بكل أشكاله التي تحرم قتل الأبرياء والنفس بدون وجه حق... إلخ".
كلمات جميلة رنانة من شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية تدل على أنهما يملكان مشاعر مرهفة تعكس الإيمان والحب للبشر وتنبذ القتل وسفك الدماء فهذا ليس بجديد على فضيلة شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية خاصة هجومهم الشرس ضد الإرهابيين المعتدين على السياح فقط المخربين لاقتصاد مصر المتهالك.
كما شغل حادث الحسين رأس السلطة المصرية أعلن في الجرائد متابعة الرئيس للحادث بل وجميع قيادات الدولة السياسية، الإقتصادية، والحزبية... إلخ.
بالطبع فالحادث له آثار سلبية على الاقتصاد المصري وحصة مصر في كعكة السياحية العالمية علاوة على الأزمة الإقتصادية العالمية السيئة المؤثرة بقوة على العالم أجمع.
شيزوفرنيا مصرية بعد قراءتي لكلمات وتصريحات رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر ومفتي مصر أصبت بحالة غثيان من شيزوفرنيا القيادات المصرية من رجال الدين ورجال السياسة..
.لماذا لم نر اهتمام أو تصريح صادق من تلك القيادات ضد حوادث الاعتداء على الأقباط؟!!
فمنذ يومين رحل عن عالمنا ثمان أقباط من سوهاج لتعنت الدولة وقياداتها الأمنية في إعطاء تصريح ببناء كنيسة منذ عام 1979 أي منذ ثلاثين عاماً "أكثر من ربع قرن".تقابل تعنت ومماطلة من الدولة ضد المهتمين ببناء كنيستهم الآيلة للسقوط مما أدى لضياع أرواح ثمان أقباط بدون اهتمام رئاسي أو تصريح استنكار من شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية ولم يشغل موت هؤلاء الثمان أقباط الذين أرادوا البناء"بأموالهم الخاصة" أحداً بدءاً من أكبر رأس في الدولة إلى أقل حارس في الجهاز الأمني "وزارة الداخلية ".
إلى متى تستمر هذه الشيزوفرنيا المركبة لدى الدولة؟!
إلى متى الاستهانة بأرواح الأقباط؟
!إلى متى يتم تبييض الواجهة الخارجية للمنزل المصري؟
أخيراً "من يصمت على سرقة جاره يوماً سيكون ضحية في اليوم التالي
مدحت قلادة

إيزيس وجميلة إسماعيل

تحكي الأسطورة المصرية القديمة أن الصراع قد نشب بين «أوزوريس» إله الخير والنماء، وأخيه «ست» إله الشر والصحراء، وأن ست نجح في قتل أخيه وتقطيعه إلي أربعة عشر قطعة ودفن كل قطعة في إقليم من أقاليم مصر القديمة، ولكن زوجته المحبة «إيزيس» أخذت تبحث عن أشلاء زوجها حتي جمعتها كلها، ونجحت بتعويذة سحرية في إعادته للحياة لفترة وجيزة كانت كافية كي تحمل منه وتنجب ابنهما حورس ليكبر وينتقم من العم الشرير.
تذكرت هذه القصة وأنا أقرأ خبر الإفراج المفاجئ عن أيمن نور استعداداً لزيارة مرتقبة للرئيس مبارك إلي الولايات المتحدة للاجتماع بالرئيس الجديد باراك أوباما.
فالدور الذي لعبته جميلة إسماعيل زوجة أيمن نور وشريكته في تأسيس حزب الغد لا يقل عما فعلته إيزيس في الأسطورة القديمة، التي تعكس صلابة متأصلة في المرأة المصرية، واحترام كبيرا لدورها ربما يفوق درجة الاحترام الذي تتمتع به حاليا.
فقد تصدت جميلة بجسارة ودأب لكل محاولات التشويه والضغوط التي كان القصد منها كسر إرادة أيمن نور وإرادتها، ووقفت شامخة ضد حملات التشويه والتلسين المكذوبة والملفقة، ولم تنكسر إرادتها، كما تصدت لأعمال البلطجة وإحراق مقر حزب الغد بتواطؤ لا تخطئه عين من الأمن، والذي كان يمكن أن يسفر عن اغتيالها وتصفيتها جسديا.
أظن أن دور جميلة إسماعيل في الحفاظ علي حزب الغد وفي الحفاظ علي الرمز لا يقل عن دور أيمن نور علي الإطلاق إن لم يكن يفوقه، فأيمن نور كان مسجونا وممنوعا من الحركة، أما هي فكانت في الشارع تقاوم أجهزة السلطة وعملاءها التي كانت تلوح باستخدام أوراق قذرة للضغط عليها للتراجع والمهادنة، ولكنها استمرت حتي خرج أيمن نور ليستأنف ما بدأه سويا من تحريك رياح التغيير.
لحظة وفاء رائعة عبر عنها أيمن نور في أول مؤتمر صحفي له بعد الإفراج عنه بقوله: «جميلة هي البطل الحقيقي، وعندما دخلت السجن لم تكن تعرف شيئا عن السياسة ورغم ذلك وقفت بجواري بصلابة»
. مبروك لأيمن نور الإفراج عنه بعد أكثر من ثلاث سنوات في السجن لتجرئه علي المنافسة علي منصب رئيس الجمهورية، وألف مبروك لجميلة علي نجاح جهودها في الإفراج عن أيمن نور، ولكن المهم هو أن يكمل ما سجن من أجله، وأن يكمل دعوته لإنشاء جبهة للإصلاح من كل القوي الوطنية، فكما قال عن حق، «إن الحياة السياسية في مصر تستحق مجهوداً أكثر، وإن مصر مقبلة علي مرحلة مختلفة بعد أن تعدينا مرحلة المخاض»
بقلم: د.محمد منير مجاهد
mmegahed@hotmail.com
البديل

سماح

أخبرتنى زميلة كيف أنها كانت داخل الميكروباص - وسيلة المواصلات العامة الأكثر انتشارا بعد الاتوبيس والتوك توك الآن فى الأرياف وخارج القاهرة - تقف حاملة ابنتها ذات السنتين ولم يقف أحد من الرجال الشباب أو حتى البنات الشابات كى تجلس .. وعندما تبرعت سيدة قربها بالقول « يا جماعة الست شايلة طفلة حد يقوم ويقعدها» لم يتحرك أحد. فاضافت الزميلة وتدعى سماح «على فكرة أنا حامل أيضا» ولم يتحرك أحد.
هذه الواقعة بذاتها حدثت لى منذ اثنى عشر عاما فى لندن.. كنت حاملا بابنتى وعائدة من عملى فى هيئة الإذاعة البريطانية الـ (بى بى سى) مستقلة مترو الأنفاق وهو وسيلة المواصلات العامة الأكثر استعمالا فى لندن حيث كنت أقيم .. كنا فى وقت الذروة ولم أجد مكانا للجلوس.. فوقفت وبطنى أمامى وظهرى يقتلنى .. فاذا بسيدة انجليزية تصرخ فى الجالسين فى المترو بصوت عال : «ألا تخجلون من أنفسكم ؟ كيف تتركون سيدة حاملا واقفة وتجلسون ؟» ..
طبعا شعرت بحرج شديد وشكرتها بشدة خاصة بعد ان وقف رجلان ليعطيانى مكانهما بينما اكتفى الآخرون بالنظر للجهة الأخرى خجلا او استغرقوا فى قراءة الصحف التى بين أيديهم حتى لا يتهموا بقلة «الجنتلة» او بعدم تعاطف الإنسان مع اخته الحامل . وقتها أذكر جيدا انى عند دخولى المترو وقبل أن تفتح السيدة المتعاطفة معى فمها فكرت .
آه لو كنت فى مصر اكيد كان سيقف أحد الرجال بشهامة كى أجلس. ما حدث لسماح أكد لى العكس للأسف نسيت أن أخبركم ببقية الحكاية .. سماح الحامل قطعت المسافة حتى بيتها واقفة حاملة ابنتها على قلبها لتكتشف أنه عندما طلبوا منها الأجرة أن محفظتها قد سرقت .. فقامت بتفتيش الجالسين فى الميكروباص واحدا واحدا إلا سيدة كانت قربها لصيقة بها ..
وكانت تردد لها طول الوقت « معلش فداك انت وبنتك « وتطبطب عليها .. وما إن وصلت سماح الى منزلها متحسرة على ما ضاع منها من أموال إضافة الى الموبايل حتى انتبهت لماذا لم تفتش السيدة التى بقربها .. لم تشك بها بسبب خمارها فصرخت لى بقلب ملتاع حسبى الله ونعم الوكيل .. وحتى يومنا هذا ما زالت تحسبن عليها.
بقلم: رولا خرسا
Rola_Kharsa@hotmail.com
المصري اليوم

The fixer in the shadows who may emerge as Egypt's leader

General Omar Suleiman is already one of the world's most powerful spy chiefs. And in time, says David Blair, he could well be Hosni Mubarak's successor as leader of Egypt
Among the first to receive the news of the terrorist attack in Cairo would have been a spymaster of 23 years standing who has quietly become one of the Middle East's most significant figures. General Omar Suleiman, the director of Egypt's intelligence service, is virtually unknown outside his home country, yet he is one of the world's most powerful spy chiefs – and an expert in solving intractable problems.
All of the Middle East's most delicate issues land on his desk in Cairo. At present, he is trying to broker a ceasefire in Gaza, requiring him to win the trust of both Israel and Hamas. These implacable enemies refuse to talk to each other, but they both deal with Gen Suleiman.
During a single week this month, Gen Suleiman juggled the "Gaza file" with diplomatic missions to Sudan, Libya and Saudi Arabia.
He is also a crucial figure in what no one any longer calls the global "war on terrorism". The tall, slightly stooping man, who favours navy blue suits and has an iron grey moustache in the style of a 1940s British colonel, is an expert on defeating violent Islamist extremism; he is probably the only serving intelligence chief who can claim to have come close to achieving this in his own country.
Soon, Gen Suleiman may emerge from the shadows and become Egypt's new leader.
President Hosni Mubarak, who has dominated the Arab world's largest country for almost 28 years, will turn 81 in May. He trusts hardly anyone and relies on a tiny circle of loyalists.
Gen Suleiman is by far the most significant member of this privileged handful.
A western diplomat in Cairo rated his "influence, power and access" as simply "incredible". Hisham Kassem, an Egyptian commentator who helped found the country's first independent daily newspaper, called him "the second most powerful man after Mubarak" and said he was the only serious contender for the top job.
Gen Suleiman is also a valued partner of the British government. Any British minister passing through Cairo will always ask to see him.
His department, the Egyptian General Intelligence Service (EGIS), maintains close links with MI6 and has particular expertise in counter-terrorism. The diplomat described the organisation as "impressive" and "well-resourced", commanding a "big foreign presence through their embassies overseas".
Much of this turns on the personality of Gen Suleiman himself.
His life story is entwined with the battle against Islamist extremism, which, in turn, has an intimate connection with Egypt. The thinkers who gave birth to the modern strain of fundamentalism, notably Sayid Qutb, were Egyptian, and the key political force behind this ideology, the Muslim Brotherhood, emerged in Cairo's tea houses.
Gen Suleiman was born in 1935 in Qena, a poor town on the Nile in Upper Egypt. Joining the army offered escape from poverty and the 19-year-old Omar Suleiman arrived at Cairo's Military Academy in 1954.
When Gen Suleiman was 21, Gamal Abdel Nasser struck at the last pillar of British control by nationalising the Suez Canal Company in 1956. He would certainly have been a serving officer during the episode we know as the Suez Crisis and he later fought in the wars of 1967 and 1973.
When Mr Mubarak became president in 1981, Gen Suleiman was a successful army officer, but there was no sign that he would achieve national prominence. His rise began in 1986 when he became deputy head of military intelligence, a job that brought him into direct contact with Mr Mubarak.
By the time he was made director of EGIS, in 1993, two Islamist groups, the Gama'a Islamiya and al-Jihad, were conducting a campaign of bombings and assassinations.
In 1995, the extremists came within an ace of killing Mr Mubarak when 11 assassins opened fire on his limousine in Ethiopia's capital, Addis Ababa. The original plan had been to use a normal, soft-skinned vehicle. But the previous day, Gen Suleiman had insisted on flying an armoured car to Ethiopia. This undoubtedly saved Mr Mubarak's life. As the bullets ricocheted off the protected vehicle, Gen Suleiman was sitting beside his president. This searing experience forged the bond of trust between them.
The attempt on Mr Mubarak's life showed the seriousness of the terrorist threat. Yet within three years, the security forces had managed to cripple both of Egypt's main extremist groups. How this happened is still controversial. Critics point to brutal methods, notably torture inside Egypt's prisons. But officials stress a programme to rehabilitate Islamist fighters. Whatever the explanation, Egypt's experience in the 1990s is one of the few recent cases when an Islamist insurgency was crushed.
Gen Suleiman would not claim all the credit: the State Security Directorate, Egypt's MI5, was more directly involved. But Gen Suleiman is the only serving intelligence chief who has personally taken apart an Islamist insurgency.
He may soon carry this experience to Egypt's presidency and, if so, his many allies in the West will doubtless cheer his accession.
Yet Gen Suleiman has no experience of managing an economy, let alone running schools or hospitals. A man whose only expertise is in diplomacy, intelligence and counter-terrorism is somehow judged to be qualified to lead a desperately poor country. Gen Suleiman's rise is a sobering sign of the world's priorities.

By David Blair
The Daily TELEGRAPH
http://www.telegraph.co.uk/comment/personal-view/4800970/The-fixer-in-the-shadows-who-may-emerge-as-Egypts-leader.html

Saturday, February 21, 2009

يابلدنا‮ ‬ياعجيبة‮.. ‬فيكي حكومة محيراني

كانت الإضرابات في عام‮ ‬1919‮ ‬تكاد تكون شاملة لكل فئات الشعب المصري‮.. ‬حتي ان سائقي العربات الكارو والكناسين قاموا بعمل إضراب وأصيبت‮ ‬البلاد بالشلل التام
ولكن ظل إضراب الموظفين مثارا للعجب والإعجاب لأن الموظف الحكومي معلق من رقبته في‮ ‬أيدي‮ ‬الميري‮. ‬والاضراب ربما‮ ‬يؤدي‮ ‬به إلي‮ ‬الشارع‮ ‬حيث‮ ‬يفقد الوظيفة والمرتب وقوت أولاده وكانت الوظيفة الميري في تلك الأوقات قيمة كبيرة وأمانا واستقراراً‮.
. ‬ورغم ذلك لم‮ ‬يتوان الموظفون وقاموا بالإضراب حتي استقالت وزارة رشدي باشا‮..
‬وقال‮ ‬غاندي‮ ‬يوماً‮ ‬ـ إن الوفد المصري تفوق علي حزب المؤتمر الهندي في نضاله بشيئين‮.. ‬قدرته علي تكاتف ووحدة المسلم والقبطي وهو مالم‮ ‬ينجح فيه المؤتمر بالنسبة للمسلمين والهندوس والثاني هو إضراب الموظفين الذي لم‮ ‬يحدث مطلقاً‮ ‬في الهند‮..
‬ لذلك تحمل الإضرابات بشكل عام احتراماً‮ ‬وإعجاباً‮ ‬في صفحات التاريخ خاصة إذا كانت من أجل مطلب وطني‮..
‬وفي أوروبا تحدث الإضرابات بشكل متواصل ولعل إضرابات عمال وموظفي مترو أنفاق لندن هي‮ ‬الأكثر تكرارا وتأثيراً‮ ‬وشهرة‮..‬
ولأن الإضراب سلوك ديمقراطي حر متحضر فإن الدول والحكومات المتحضرة تقابل المضربين بكل ذوق واحترام وتدرس مطالبهم وتلبيها‮..
‬وهذه سر سعادتي بظاهرة الإضرابات التي بدأنا نشاهدها وسط مواطنينا وكان إضراب موظفي الضرائب‮ ‬العقارية واعتصامهم أمام مجلس الوزراء في الشارع في البرد القارس عظيماً‮..
‬وأيامها قال وزير المالية‮ »‬أنا ماحدش‮ ‬يلوي دراعي‮« ‬ولكن استمر الاضراب وجاءت زوجات الموظفين بالحلل والطبيخ والبطاطين وأقامن مع أزواجهن في‮ ‬الشارع ونجحت إرادة الموظفين وامتدت الي ذراع الوزير وتراجع ولبي طلبات المضربين وكانت موضوعية‮ ‬ومن حقهم تماما‮.
‬ وتعيش هذه الأيام في الاضراب الثاني الناجح حتي الآن بكل المقاييس وكل‮ ‬يوم بعد الساعة السادسة مساء اتحدث للدكتور صاحب الصيدلية المجاورة التي أتعامل معها وأشد من أزره وإن كان‮ ‬غير محتاج فهو مقتنع تماما بقرار‮ ‬نقابته كما هو مقتنع بأنه من‮ ‬غير المعقول أن‮ ‬يدفع ضرائب ثلاث سنوات ماضية مرة ثانية وإن قرار رئيس مصلحة الضرائب خائب ومشين ولابد أن‮ ‬يقوم بالغائه والنظام الدقيق هو ما جعل هذا الاضراب‮ ‬ينجح ويكسب تعاطف عامة الناس فالصيدليات تغلق حتي الساعة السادسة مساء وفي بعض الأماكن حتي الثالثة عصراً‮ ‬وأضعف الإيمان حتي الواحدة ظهراً‮ ‬في الأماكن الريفية والغالبية تعلق لافتات تشرح للناس التعنت المستفز لرئيس مصلحة الضرائب‮.. ‬وبعض المناطق تم تنظيمها بفتح صيدلية واحدة في كل منطقة وتم تنظيم الخدمات الليلية‮.. ‬حتي أنه في شرم الشيخ ولأنها منطقة سياحية تم تنظيمها بحيث لا تشكل مشكلة للسائحين ولكن في حدود الاضراب أيضاً‮
‬وهذا‮ ‬يدل علي وجود نقابة علي مستوي‮ ‬عال من النزاهة والقوة والحكمة‮..
‬ ومن متابعتي‮ ‬لما‮ ‬يحدث رأيت عجائب كثيرة في بلدنا العجيبة اللي فيها حاجة محيراني‮
.‬ العجيبة الأولي‮: ‬أن الدكتور نظيف رئيس الحكومة صرح بأن الاضراب عمل مشروع وسلوك ديمقراطي متحضر ويدل علي قوة الحكومة وليس ضعفها وأيضاً‮ ‬قال الدكتور الجبلي وزير الصحة في مجلس الشوري‮ ‬إن الاضراب سلوك حضاري وأن الصيادلة تصرفوا بحكمة وموضوعية‮.
العجيبة الثانية‮: ‬أن السيد وزير المالية أبدي مرونة شديدة في مناقشة الأمر وواضح أن اضراب موظفي الضرائب العقارية عمل مفعوله وهذا شيء ظريف جداً‮..
‬ولكن في نفس الوقت‮ ‬يبدي رئيس مصلحة الضرائب سلوكا متعاليا ومتغطرسا وكله قلة ذوق وعندما قابل وفد الصيادلة في مكتبه لمناقشة‮ ‬الأمر طردهم من مكتبه‮ ‬بعد خمس دقائق وعندما حدثوه بذلك في‮ »‬البيت بيتك‮« ‬قال ماحصلش عشان‮ ‬يكتسب صفة رابعة وهي ان سيادته أيضا كذاب‮..
‬ والصفة الخامسة التي‮ ‬يتمتع بها هي الحنجوري الجامد فقد أطلق شعاراً‮ ‬حمساوياً‮ ‬من نوعية‮ »‬أن الصيادلة اتخذوا من المرضي رهائن‮«.. ‬ومش عارفة ماقوته الشخصية التي‮ ‬تجعل وزير المالية رئيس الحكومة‮ ‬يقفان أمامه مكتوفي‮ ‬الأيدي‮ ..
‬مش عارفة ابن مين في مصر أساساً‮.
.‬ وإذا كان هذا القانون العيب قد صدر من الحكومة وسبب هذه الأزمة فما العيب في أن تتراجع وزارة المالية في هذا القرار وترغم السيد رئيس المصلحة المتعالي علي الرجوع في قراره المعيب جداً‮..
‬فيه حاجة اسمها قرار محاسبة ضريبية جديد‮ ‬يطبق بأثر رجعي لثلاث سنوات ماضية؟ ده ولا في بلاد تركب الأفيال‮
.‬ العجيبة الثالثة‮: ‬اننا نمارس الاضراب وهو سلوك ديمقراطي رغم عدم وجود أي ديمقراطية في أي حتة‮.. ‬وهو سلوك متحضر رغم عدم وجود سمات متحضرة في سلوك الحكومة‮.
. ‬وما حدش‮ ‬عاوز‮ ‬يصدق إن الشعب المصري كبر وبلغ‮ ‬سن الرشد وإن شاء الله هايعرف‮ ‬يتعامل مع الديمقراطية وهايسلك معاها لأنها سهلة وبسيطة وحصلت‮ ‬قبل كده‮ ‬وماهياش كيميا‮ ‬يعني‮.
‬ إنما بسبب هذا التضارب نري أصابع الأمن تعبث هنا وهناك‮ ‬ليه؟‮.. ‬ما أعرفش‮..
‬ رئيس الحكومة قال إن الاضراب أحد انجازات العصر الحالي والحكومة الذكية‮..
‬وأيضا الاضراب لم‮ ‬يتسبب في أي نوع من التخريب أو التجمهر أو إثارة الجماهير أو التحريض علي النظام،‮ ‬وصيدليات الحكومة تساعد الجمهور في الحصول علي الأدوية اللازمة في أوقات الاغلاق ولم نقرأ ولم نسمع عن سقوط ضحايا بسبب الإضراب‮..
‬ومع ذلك نقرأ أن بعض رجال الأمن مزقوا الاعلانات المعلقة علي‮ ‬واجهات الصيدليات في الاسكندرية‮...
‬ونقيب صيادلة أسوان‮ ‬يقول إن التهديدات الأمنية والدوريات المفاجئة لمصلحة الضرائب علي الصيدليات هي سبب تراجع نسبة الاضراب بأسوان‮.
. ‬وما خفي وهي‮ ‬تعرفه الكثير‮.. ‬ من أين لرجال الأمن بهذه الأوامر؟ وماه هدفها؟
وهل تستطيع قوة أمنية مهما كانت أن تمنع بالترهيب أو تفض اضرابا‮ ‬يشمل كل محافظات مصر؟
وهل الأمن لم‮ ‬يسمع كلام رئيس الحكومة وأعضاء مجلس الشعب ووزير المالية ووزير الصحة‮.. ‬وأهو كلهم أصحاب وزمايل وحبايب وبيكلموا بعض علي الموبايل؟
دي بقي فزورة اليوم‮.. ‬واللي‮ ‬يعرف الحل‮ ‬يتصل بسبع تسعات‮.. ‬سعر الدقيقة جنيه ونص والجايزة زجاجة دواء كحة وحقنة مهدئة
بقلم: لميس جابر
نقلا عن جريدة الوفد

لماذا لا يستقيل أحد في مصر؟

المراقب للحياة العامة في البلدان العريقة في الديموقراطية وللحياة العامة في مصر لا يسعه إلا أن يلاحظ أن مصر بلد لا يستقيل فيه أحد من الناس،
لا سيما من شاغلي الوظائف الكبرى كرؤساء الوزراء ورؤساء اللجان المختلفة بالمجالس العليا ورؤساء الهيئات والمؤسسات العامة ورؤساء المرافق العامة والشركات فما معنى هذه الظاهرة؟ وما هو سببها؟
لعل أروع تحليل وتأصيل لظاهرة عدم إستقالة الكبراء في مصر هو ما كتبه عباس العقاد ، في كتابه عن "سعد زغلول" والتي أصدرها في سنة (1936) وذلك خلال حديثه عن إستقالة سعد زغلول من الوزارة (كوزير للحقانية) في وزارة محمد سعيد باشا في سنة 1912 والتي كانت بمثابة حادث عجيب في نظر المصريين الذين لم يعتد أحد منهم أن يرى الكبراء والوزراء يستقيلون.
يقول العقاد وهو يتحدث عن الأوضاع في مصر سنة 1912: "في البلاد الدستورية يخرج الوزير من ديوان الحكم ويعود إليه مرات في مدى حياته السياسية. وقد يخرج منه ويعود إليه أكثر من مرة واحدة في السنة الواحدة تبعاً لإختلاف الآراء العامة وإختلاف مواقف الأحزاب بين الصداقة والخصومة والتألب والتفرق في المناوشات البرلمانية، وقد يكون نفوذه وهو معارض أكبر من نفوذه وهو في ديوانه، مقيد بقيود الوظيفة، مطالب برعاية المراسم الوزارية. فإذا إعتزل المنصب فترة من الزمن لم يزل مرجواً مخشياً محسوباً له حسابه، ولم ييأس منه أصدقاؤه أو يستخف أعداؤه بشأنه لأنه يظل حيث كان قادراً على عمل متأهباً لعودة قريبة إلى الحكم، مرجحاً لهذا الجانب أو لذاك في مواقف الأمة ومواقف النواب". "أما الوزير في مصر قبل خمس وعشرين سنة فقد كان بين حالتين ليس بينهما حالة وسطى فهو إما (وزير) أو (لا شيء) فإذا خرج من الحكم فلا رجاء فيه ولا ضرر منه، ولا أمل في عودته إلى الحكومة أو مشاركته في الحياة السياسية، لأنه كان يرتقي الوزارة بعد أن يتقلب في الوظائف الحكومية من أصغرها إلى أكبرها"
. "ويستغرق في خلال ذلك ما يستغرق من وقت لا يقل عن أربعين أو ثلاثين سنة فمن معاون مأمور إلى وكيل مديرية إلى مدير من الدرجة الثالثة فالثانية فالأولى، إلى وكيل وزارة أو وزير يبلغ من العمر الخامسة والخمسين أو الستين لا يطلب منه عمل ولا يعتمد عليه في سياسة عامة...."
"يقضي الوزير ما يشاء له الحظ في منصبه ثم يخرج منه إلى داره وهو شيخ قد جاوز الستين وخطا إلى السبعين، فماذا يصنع في الأيام المعدودات الباقيات له من الحياة؟ … إنه لو كان شاباً لما إستطاع أن يعمل شيئاً لأنه لم يخلق ليكون من أصحاب الأعمال؛ فإذا كان في تلك الشيخوخة الفانية فهو من باب أولى لا يقوى على عمل ولا يفكر فيه، ولا يبقى منه ما يرجوه راج أو يخافه خائف. إن هو إلا خارج من سجل الأحياء في الحقيقة لا من سجل الحياة الوزارية وحسب، فهما لفظان مترادفان". "من هنا نستطيع أن نعلم أن المجازفة بالإستقالة أمر ليس بالهين في عرف الوزراء المصريين".
هذا ما كتبه "عباس العقاد" منذ سبعين سنة وهو يتحدث عن الوزراء والكبراء في مصر وأسباب عجزهم عن الإستقالة من مناصبهم أياً كانت الأمور التي تلحق بهم،
فهل لا يصدق تشخيص العقاد هذا اليوم على جل شاغلي الوظائف العليا وشخصيات الحياة العامة في مصر-وهي حياة وظيفية حكومية في الأغلب الأعم؟؟.. فنظراً لعدم وجود حياة سياسية وحزبية مستقرة منذ أجيال من جهة أولى، ونظراً لإرتباط أرزاق ومزايا ومنافع شاغلي الوظائف العامة العليا ببقائهم وإستمرارهم في تلك الوظائف؛ فإن الإقدام على الإستقالة عند إستحالة تمسك رجل الحياة العامة أو الوظائف العليا الكبير بموقفه أو مبدئه أو عند تعرضه لما يخدش الكرامة والإباء.
. سوف يبقى بعيداً كل البعد عن التحقق مع وجود إستثناءات نادرة بين الحين والآخر.
والذي يساعد المصري اليوم في المناصب الكبرى على التمسك بها رغم وجود العديد من الأسباب التي تدعوه لتركها في حالات كثيرة، أن الصبر على الضيم كان ولا يزال معلماً رئيسياً من معالم الشخصية المصرية،
وكما قال العقاد في نفس المؤلف عن سعد زغلول فإن المثل الشعبي "أصبر على جار السوء، فإما أن يرحل وإما أن تحل به داهية" هو حقيقة من حقائق السلوك الحياتي لمعظم المصريين بسبب ضيق الرزق ووجوده دائماً في يد الحكام على خلاف المجتمعات الديموقراطية الغربية والتي لا ترتبط أرزاق ومصالح الناس فيها بالحكام وإلا طارت مقاعد الحكم من تحتهم
. ومن الأمور الثابتة، أنه كلما نمت الديموقراطية وإستقرت إعتاد الناس أن يروا الوزراء وغيرهم من شاغلي المناصب العامة الكبرى يستقيلون من مناصبهم، إذا خولفت آراؤهم مخالفة لا يكون بوسعهم بعدها الإستمرار في الحكم أو إذا تصادموا مع رئاساتهم أو إذا وجه إليهم نقد يأبون البقاء بعده في مناصبهم أو إذا مست كرامتهم.
والمراقب للحياة السياسية في مصر لا يسعه أن ينكر المناخ السياسي في مصر بعد تشكيل أو لوزارة شعبية في تاريخ مصر الحديث (وزارة سعد زغلول في أوائل سنة 1924) وإن كانت قد شابها دوماً ما يجعلها إما ديموقراطية ناقصة (في حالات الوزارات الوفدية) أو أدنى للعدم (في حالات وزارات المستقلين وأحزاب الأقلية من توابع القصر وسلطات الإحتلال كالأحرار الدستوريين وحزب الشعب وحزب الإتحاد والسعديين وحزب الكتلة الوفدية).
. قد أتاح لسجلات التاريخ أن تحتفظ لنا بمجموعة من الإستقالات الشهيرة التي كانت أعظمها إستقالة وزارة سعد زغلول في شهر نوفمبر 1924 بعد مقتل السردار البريطاني لي ستاك ومطالب بريطانيا والتي رفضها سعد زغلول في كتاب مشهور له يومذاك
. ويعتقد كاتب هذه السطور أن بوسع مؤرخين متخصصين في تاريخ مصر المعاصرة إتحاف القراء بفصول أعمق وأشمل عن أشهر الإستقالات في تاريخ مصر الحديث.
وقد سمعت بعض تفاصيل الإستقالات الشهيرة فى تاريخنا المعاصر من صديقين عزيزين راحلين هما الدكتور عبد العظيم رمضان منذ أكثر من ثلاثين سنة عندما تزاملنا كعضوي هيئة تدريس جامعة قسنطينة بالجزائر، حيث كان أستاذاً لكرسي التاريخ الحديث بها وكان كاتب هذه السطور مدرساً مساعداً بكلية الحقوق بنفس الجامعة،
وكذلك عندما سعدت بزمالة المؤرخ الكبير (الراحل) الدكتور يونان لبيب رزق صاحب أشمل دراسة موسوعية عن تاريخ الوزارات في مصر في جامعة فاس بالمغرب منذ أكثر من ربع قرن حيث كان المؤرخ المرموق أستاذاً لكرسي التاريخ الحديث بها وكان كاتب هذه السطور مدرساً بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والسياسية بنفس الجامعة
بقلم- طارق حجى
نقلا عن الحوار المتمدن

نحو الحرية إفلاس‮.. ‬وضآلة

نحن مفلسون علي كل صعيد تقريباً‮ ‬من السياسة الي العلم مروراً‮ ‬بالمجتمع والاقتصاد والفكر ،‮
‬وبسبب ضآلة عقلنا،‮ ‬يبدو هذا الافلاس بلا حدود‮.
‬يعجز عقلنا اليوم عن إدراك ما‮ ‬يعرفه الناس ويمارسونه في كل مكان تقريباً‮ ‬إلا في قليل من البلاد التي تشبهنا‮.
‬ ومما‮ ‬يظهر هذا العجز واضحاً‮ ‬فيه مسألة الانتماء الذي أخذ‮ ‬يضيق علي نحو‮ ‬يهدد المجتمع الذي‮ ‬يفترض ان‮ ‬يجمعنا، ‬وتلاشي الوطن الذي‮ ‬ينبغي أن‮ ‬يكون هو المناط النهائي لانتماء كل منا‮.‬
لقد أدي تضاؤل عقلنا الي تقزيم البيئة التي‮ ‬يندمج فيها معظمنا،‮ ‬فصار لكل منا مجاله الضيق المغلق المحصور في مجتمعه الصغير جغرافيا أو عائلياً‮ ‬وعشائرياً‮ ‬أو دينياً‮ ‬أومذهبياً،‮ ‬وليست البيئة الأوسع والأعم المتمثلة في المجتمع العام‮.‬
والمجتمع العام والمجتمع الصغير ليسا بديلين،‮ ‬لأن الانتماء الوطني لا‮ ‬يلغي الانتماءات الأخري،‮ ‬ولكن اذا كان الفرد مستغرقاً‮ ‬في مجتمعه الصغير أو مكتفياً‮ ‬به أو معتمداً‮ ‬عليه في توفير حاجاته،‮ ‬نكون إزاء بيئة اجتماعية لا‮ ‬تساعد علي الاندماج الاجتماعي،‮ ‬في الوقت الذي تهالكت المؤسسات المدنية التي‮ ‬يفترض ان تساهم في تحقيق هذا الاندماج او في الحد من تفكك أوصال المجتمع‮.
ويتواكب ذلك مع عجز نظام الحكم،‮ ‬الذي‮ ‬يتعرض بدوره للتفكك،‮ ‬عن القيام بدوره في وضع سياسات رشيدة تنطوي علي آليات للاندماج من أعلي تساهم‮ ‬في خلق مقومات الاندماج من أسفل عبر توسع تدريجي في المشاركة في إدارة الشأن العام،‮ ‬وتدعيم دور المؤسسات الوسيطة‮.‬
فالإنسان‮ ‬يشارك في أمور وطنه العامة من خلال هذه المؤسسات سواء السياسية كالأحزاب أوالنقابية أو الاجتماعية بأنواعها المختلفة. ‬ ومن الطبيعي أن‮ ‬يتسع نطاق المشاركة كلما ازدادت هذه المؤسسات وانتشرت وتنوعت بحيث تستطيع اجتذاب اكبر عدد ممكن من المواطنين اليها،‮ ‬فمن خلال هذه المشاركة‮ ‬يشعر الفرد بمواطنته ويدخل في علاقة مع‮ ‬غيره علي أساس المواطنة،‮
‬فالحزب السياسي،‮ ‬مثلاً،‮ ‬يجمع أعضاء من أديان وأعراق ومناطق جغرافية مختلفة،‮ ‬ما لم‮ ‬يكن مغلقاً‮ ‬علي فئة بعينها من فئات المجتمع،‮ ‬وكذلك الحال بالنسبة الي النقابة التي تضم أبناء المهنة الواحدة من مختلف هذه الفئات‮.
‬ وبدون أحزاب متحررة من القيود،‮ ‬ونقابات فاعلة بمنأي عن الضغوط،‮ ‬يظل خطر تفكك المجتمع وتلاشي قيمة الوطن ماثلاً‮ ‬أمامنا‮.‬
بقلم / وحيد عبد المجيد
نقلا عن الوفد المصرية

شواشى الذرة ونوادى الجولف

منذ جاء «قيصر» إلى مصر ليولدها قيصرى وأنا أحبها من طرف واحد وكاتم فى قلبى سهر الليالى.
. فأنا أدوخ فى استبدال المعاش وغيرى يطلع له «بنك» فى باكو شيبسى..
ومع ذلك أحبها وأغنى لها محلاها عيشة الفلاح ربنا أخده وارتاح..
فى الأسبوع الماضى نجحت مصر فى التخلص من رئيس هيئة الطاقة الذرية.. انتظرت بفارغ الصبر بلوغه الستين ومنحته بضعة أشهر لتسوية عهدته، ثم طلبت منه أن يقوم بتخصيب «الدومينو» فى قهوة «بعجر»،
وهو ما يؤكد رغبة مصر فى دخول العصر النووى من ناحية بتاع العصير.
فمصر هى الدولة الوحيدة التى دخلت القرن الواحد والعشرين «بالتوك توك» وترفض دخول «النادى النووى» لأنه ليس فيه انتخابات أو مرشح حكومى.. ولو كان الرجل خبير سهرات فى مكتب وزير لجددوا له أو عينوه مستشاراً لشؤون الليل
. فمصر تقيم الملاهى لكنها لا تستطيع أن تقيم مفاعلاً ذرياً عند «السيدة الضبعة» دون أن تستأذن زوجها «السيد الضبع» والحاج «الضبع» كما نعلم مسافر وهربان بفلوس الناس، والبعض يقول إنه طلقها،
وعلى رئيس الهيئة أن ينتظر خاصة بعد أن أخذت إسرائيل من روسيا العلماء وأخذنا نحن العوالم، واستغنينا عن التخصيب بالتنقيط..
أحب مصر جداً خصوصاً الحته اللى فى آخر الفيلم لما المحافظ اتنكّر فى زى «شيال» علشان يمسك قضية تموين وبعدين جددوا له تقديراً لهيافته..
فمصر تمنع الكاتب الكبير «محمود عوض» من الكتابة فى صحف الحكومة وتسمح له بالسير فى شوارع القاهرة، وتمنع العربجى الكبير «على عوض» من السير فى شوارع القاهرة وتسمح له بالكتابة فى صحف الحكومة.
. وتفشل فى توحيد سعر الصرف فى البنوك وتنجح فى توحيد سعر الصرف الصحى فى الميادين..
وتزرع ستة مليون فدان نصفهم شواشى ذرة ونصفهم نوادى جولف..
وتبحث عن مقعد دائم فى مجلس الأمن بينما المقعد الدائم موجود عندها..
وعندما تخرج ابنى فى الكلية بتقدير امتياز مع الشكر والنفاذ رفض العميد تعيينه وقام بتعيين زوجته المتوفاة كمعيدة تخليداً لذكراها، ونصح ابنى أن يتوجه إلى قهوة «بعجر» ليلاعب رئيس هيئة الطاقة الذرية «دومينو»..
أحب مصر جداً خصوصاً الحتة اللى بعد النافورة التى يقول فيها الدستور: (لا تفرقة بين المواطنين على أساس «الجنس» أو الصور العريانة)..
وأردد دائماً قبل النوم: «تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر على المعونات
بقلم: جلال عامر
نقلا عن جريدة المصري اليوم

نزع الشرعية عن الإرهاب

ترقد تسع جثث، جميعها جثث رجال، داخل مشرحة تابعة لأحد مستشفيات مدينة مومباي منذ 29 نوفمبر (تشرين الثاني). وقد تبقى هذه الجثث لمدة، حيث لا ترغب أي مؤسسة خيرية إسلامية محلية في دفنهم داخل المقابر التابعة لها. والجثث التسع هي لإرهابيين مسلمين باكستانيين قاموا بعمليات قتل في مومباي في 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، في هجوم قيل إنه يشبه هجمات 11 سبتمبر (أيلول).
بلغ عدد من قُتل وجُرح على أيدي الإرهابيين أكثر من 170 شخصا، وكان من بينهم 33 مسلما والعشرات من الهندوس، بالإضافة إلى مسيحيين ويهود. كانت عملية قتل من أجل القتل وفقط.
الجثث التسع ما زلت داخل المشرحة لأن قيادات المسلمين في الهند أطلقوا على هؤلاء اسمهم الحقيقي، فقالوا إنهم «قتلة» وليسوا «شهداء»، ويرفضون السماح بدفنهم في المقابر الرئيسة للمسلمين في مومباي، وهي مقابر تمتد على مساحة 7.5 فدان في بادا كابرستان، وتديرها مؤسسة «جامع مسجد» الإسلامية.
قال حنيف نالخاند، المتحدث باسم المؤسسة، لصحيفة «التايمز» في لندن: «لا يمكن القول بأن من ارتكب هذه الجريمة الشنيعة مسلمون». وفي النهاية يفترض أنه سيتعين دفنهم، ولكن ما زال مسلمو مومباي على إصرارهم.
ويقول إم جاي أكبر، المحرر المسلم الهندي لجريدة «كوفرت» الهندية: «يشعر المسلمون الهنود بالفخر لكونهم هنودا ومسلمين، والإرهاب الذي وقع في مومباي كان حربا ضد الهند والإسلام.
لا يوجد مكان للإرهاب في العقيدة الإسلامية، ويصف القرآن قتل المدنيين بأنه (فساد).
الإرهابيون فاسدون، وليسوا جهاديين.
وفي آية رائعة يقول القرآن إن قتل مدني واحد كأنه قتل لمجتمع كامل.
وحيث إن الإرهابيين ليسوا هنودا وليسوا مسلمين حقا، فلا حق لهم في الدفن بطريقة إسلامية في مقابر المسلمين في الهند».
من المؤكد أن المسلمين في مومباي عبارة عن أقلية معرضة للمخاطر في دولة غالبيتها من الهندوس، ومع ذلك موقفهم المتحدي بصورة جلية للإرهابيين الإسلاميين جدير بالملاحظة.
يتجلى هذا الموقف معاكسا لمشهد كئيب لقتلة انتحاريين غالبيتهم من المسلمين السنّة ، يهاجمون المدنيين في المساجد والأسواق، بدءا من العراق إلى باكستان إلى أفغانستان، ومع ذلك تتعامل معهم وسائل الإعلام العربية السائدة، مثل «الجزيرة» أو القيادات الروحية الإسلامية المتطرفة والمواقع الإلكترونية، على أنهم «شهداء» يستحق فعلهم الثناء.
لم يفضِ تمجيد أو تبرير ما يقوم به المسلحون الانتحاريون ووصفهم بأنهم «شهداء» إلا إلى هذه الظاهرة المخيفة، ظاهرة تجنيد النساء والرجال المسلمين لقتل أنفسهم مع آخرين، تلك الظاهرة التي تزداد يوما بعد آخر.
وما بدأ بطريقة مستهدفة في لبنان وإسرائيل انتشر في الوقت الحالي ليصبح حدثا أسبوعيا تقريبا في العراق وأفغانستان وباكستان
. إنه تهديد في مجتمع مفتوح، لأنه حين يحوّل الناس أنفسهم إلى قنابل لا يمكن ردعهم، وتتطلب الجهود اللازمة لمنعهم الشك وتفتيش كل شخص يشارك في أي فاعلية عامة.
ويمثل ذلك تهديدا، خصوصا للأقليات المسلمة، فلا يمكن بناء مجتمع سليم على أساس من الانتحاريين، هدفهم الوحيد هو نشر الدمار بقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين دون تمييز.
وإذا ما نظر إلى القتل الانتحاري على أنه شيء مشروع في مجتمع ما، عند مهاجمة «أعدائه» في الخارج، فإنه سوف يستخدم في نهاية المطاف كوسيلة ضد «الأعداء» في الداخل، وهذا بالضبط ما حدث في العراق وأفغانستان وباكستان.
والطريقة الوحيدة الفعالة لوقف هذا الاتجاه بالنسبة للمجتمع المسلم نفسه هي قول «كفى»، فعندما تقوم الثقافة المجتمع وعقيدته بنزع الشرعية عن هذا السلوك، بصورة واضحة متساوقة، فإن ذلك أكثر أهمية من أجهزة الكشف المعدنية وتعبئة عدد أكبر من الشرطة.
الدين والثقافة هما العنصران الأكثر أهمية من فرض قيود داخل المجتمع، وهذا ما يجعل المسلمين في الهند، الذين يمثلون ثاني أكبر تجمع للمسلمين في العالم بعد مسلمي إندونيسيا، وهو تجمع ذو نسق ديمقراطي عميق، يقدّمون خدمة كبيرة للإسلام بنزع الشرعية عن القتلة الانتحاريين، عندما رفضوا دفن جثثهم.
لن يوقف ذلك هذه الظاهرة بين عشية وضحاها، ولكنه يمكن أن يفيد بمرور الوقت.
قال راشد ألفي، وهو عضو مسلم في البرلمان الهندي عن حزب المؤتمر الهندي: «يستحق مسلمو مومباي التهنئة لاتخاذهم هذا القرار الهام، فالإسلام يقول إنه إذا قمت بالانتحار فإنك سوف تعاقب بعد الموت».
وبصورة جزئية وقف المسلمون الهنود بهذه الطريقة لأنهم عاشوا في مجتمع تعددي ديمقراطي وكانوا ثمرة هذا المجتمع، كما أنهم يستقون به.
لم تجبرهم قيادات دينية متطرفة، ولا يخشون الحديث ضد التطرف الديني
. لم ينضم سوى عدد قليل من المسلمين الهنود إلى تنظيم القاعدة، هذا إن كان هناك من قام بذلك فعلا، ولذا فإنه على الرغم من التكلفة الباهظة والنتيجة غير المؤكدة للسعي من أجل بناء مجتمعات تعددية جديرة بالاحترام في أماكن مثل العراق، فإن هذه ليست خطوة مجنونة كما يبدو، حيث إنه دون مجتمعات عربية مسلمة يشعر فيها الأفراد بأنهم يملكون حياتهم، وأنهم قادرون على الأخذ على يد التطرف داخل المجتمع، سواء عسكريا أم فكريا، لن يمكن القضاء على هذه الظاهرة
نقلا عن الشرق الاوسط

Wednesday, February 18, 2009

التشيع السياسي

هل تشيع خالد مشعل؟ سؤال يتردد كثيرا هذه الأيام.
التشيع المذهبي جزء من تراث الإسلام ومن الفقه، فالمذهب الجعفري لا يبعد كثيراً عن مذاهب أهل السنة، لكن المشكلة اليوم في حالة المنافسة بين أميركا وإيران على تقسيم العالم العربي إلى مناطق نفوذ لكل منهما، حيث تصبح فيها مسألة التشيع السياسي أمراً في غاية الأهمية والخطورة
. فهذا عضو برلمان إيراني يقول إن الجزر الإماراتية المحتلة هي جزر إيرانية، وعضو برلمان إيراني آخر يقول إن مملكة البحرين ما هي إلا محافظة من محافظات إيران، مثل ما قاله صدام تقريباً عن الكويت قبل غزوه لها عام 1990.
ما يقوله الإيرانيون اليوم مخيف جداً، فقد طالب علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، أميركا بألا تلعب مع إيران لعبة الملاكمة، وأنه عليها بدلاً من ذلك أن تلعب معها لعبة الشطرنج.
ترى ما هي جائزة الكاسب في لعبة الشطرنج هذه؟ هل هي جزء من العالم العربي؟ أو بمعنى أكثر عنصرية ما هي قطع الشطرنج التي يريد كل من لاريجاني وأميركا تحريكها؟ أليست الدول العربية في هذا التصور هي قطع الشطرنج؟ أو ليست الجماعات التي تشيعت سياسياً في عالمنا العربي من أمثال «حماس» و«حزب الله» وبعض أعضاء التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين»؟
لاريجاني يقول للأميركيين صراحة، إن هذه الحركات والجماعات هي قطع شطرنج تحركها إيران وقتما تشاء. أوراق في أيديها للعب، تحرقها وقتما تحب وتلعب بها متى ما كان في ذلك فائدة لها.
المستفز في حديث لاريجاني، هو تلك العنصرية الفارسية الاستعلائية التي ترى العالم العربي برمته مجرد ساحة للعب بينها وبين أميركا. ربما هذا الذي دفع بالرئيس مبارك أن يذهب إلى البحرين منذ أيام، متوقفاً في الإمارات التي تحتل إيران جزرها الثلاث أبوموسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى، لأن «البجاحة» الإيرانية في النظر إلى البحرين على أنها محافظة من محافظات بلاد فارس، أمر مقلق بالنسبة لمصر ولدورها في الإقليم. وربما أيضاً للسبب نفسه، أرسل الملك عبد الله بن عبد العزيز، رئيس جهاز المخابرات السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز إلى سورية لمحاولة استمالتها بعيداً عن إيران.
إيران ليس لديها نفوذ تقليدي في العالم العربي، ولكن إيران بعد الثورة نجحت في مشروعين، الأول هو بناء نموذج «حزب الله» في الدول العربية المختلفة، وكان أنجحها نموذج «حزب الله» اللبناني. أما المشروع الثاني، فهو مشروع التشيع السياسي، أي أن تلعب إيران على القضايا الخاصة بالمعارضات العربية المختلفة، خصوصا ذات التوجه الإسلامي منها مثل «حماس» وجماعة «الإخوان المسلمين» أو حتى «الجماعة الإسلامية»، رغم أن الأخيرة أظهرت حتى الآن حصافة سياسية أفضل من «الإخوان المسلمين» في مسألة التشيع السياسي. وكما ذكرت في مقالات سابقة، تغلغلت إيران اليوم وسط المجتمعات السُنية التقليدية بدرجة مخيفة فيها تهديد صريح للأمن القومي العربي عامة، والمصري والسعودي خصوصاً
. عندما انتقد الشيخ القرضاوي إيران، جاء الهجوم عليه من الإسلاميين الذين شاركوه في السابق عداءه للغرب، وهنا انقسمت الجماعات. هذا دليل واضح على أن قضية هؤلاء ليست الإسلام لا السُنّي منه ولا الشيعي، ولكنها السياسة. فلو كانت القضية إسلاما أو مذهبية، لانتفض السُنة لمناصرة السُنة، لكن ما نراه اليوم أن الولاء السياسي لا الولاء المذهبي هو المحرك هنا، وأموال إيران لا الغيرة على الدين هي التي تحرك الجموع الآن. إننا اليوم في حالة جديدة لا يمكن تسميتها إلا بالتشيع السياسي.
العالم العربي يقع اليوم بين مطرقة الفرس وسندان «الأميركان». ورغم أن كثيرين من بيننا يتصدون لتحليل المشروع الأميركي الهادف إلى تقسيم العرب من الخارج، فإنهم يخجلون من الحديث المباشر عن المشروع الفارسي الهادف إلى تقويض العالم العربي من الداخل.
على سبيل المثال، قرأت أن صحيفة مصرية رفعت مقال رأي من صفحاتها، لأن الكاتب انتقد سلوك القيادة الإيرانية، رغم أن الصحيفة ذاتها تنتقد القيادة المصرية، وبالاسم، في كل يوم وليلة.
تُرى كيف لنا أن نفسر أن انتقاد آية الله خامنئي محرم تماماً في جريدة مصرية، بينما انتقاد الرئيس مبارك فيها أمر عادي؟ لقد كتبت في السابق أن مصر اليوم هي معقل اللوبي الإيراني في المنطقة، وفيها من رجال إيران من هو قادر على أن يخيف ويبتز كل من ينطق بكلمة ضد المشروع الإيراني. إن لم نستطع مناقشة قضية التشيع السياسي بوضوح في العالم العربي، سنجد أنفسنا في حالة تخبط عارمة فيما يخص أمننا القومي، سواء على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى الإقليم برمته
بقلم / د. مأمون فندي
نقلا عن جريدة الجريدة

الدين‮ ‬100٪‭ ‬لكن ماذا عن التطبيق ؟

‭ ‬مائة بالمائة من المصريين يعتبرون أن الدين يلعب دورا هاما في حياتهم‮..
‬وقد حققوا بذلك الرقم القياسي وتفوقوا علي كافة شعوب العالم في الاستطلاع الذي أجراه معهد جالوب الأمريكي علي مدي السنوات الثلاث الماضية في‮ ‬143‮ ‬من بلدان العالم ونشرت نتائجه مؤخرا‮.
‬ولم يصل شعب واحد علي وجه الأرض إلي هذه النتيجة النهائية القصوي وهي‮ ‬100٪‮ ‬وإن كانت الدول الإسلامية قد احتلت المقدمة في هذا الاستطلاع حيث جاءت بنجلاديش في المركز الثاني بعد مصر بنسبة‮ ‬99٪‮ ‬وتلتها دول إسلامية أخري مثل إندونيسيا والمغرب والسنغال والإمارات العربية المتحدة،‮ ‬وقد تساوت بنسبة‮ ‬98٪‮ ‬والغريب أن إيران التي يحكمها آيات الله منذ ثلاثين عاما جاءت في ترتيب متأخر نسبيا حيث لم يعتبر سوي‮ ‬83٪‮ ‬فقط من أبنائها أن الدين يلعب دورا هاما في حياتهم‮.
‬أما إسرائيل التي قامت علي أساس الدين،‮ ‬ومازالت المواطنة فيها تمنح لمن يثبت أنه يهودي،‮ ‬فقد وصلت النسبة فيها إلي‮ ‬50٪‮ ‬فقط لا‮ ‬غير‮.‬ وفي العالم الغربي تصدر الأمريكيون قائمة الدول التي يلعب فيها الدين مكانة كبيرة في حياة الناس واتضح أنهم أكثر الشعوب الغربية تمسكا بالدين حيث إن‮ ‬65٪‮ ‬أجابوا بنعم عن سؤال الاستطلاع وهو‮: "‬هل يلعب الدين دورا هاما في حياتك؟‮"
‬ ‮****‬ ويتضح من الاستطلاع أن هناك فارقا كبيرا في المكانة التي يحتلها الدين بين شعوب الدول المتقدمة ودول العالم الثالث حيث إن متوسط من سلّموا بأن الدين يلعب دورا محوريا في حياتهم لم يتعد‮ ‬36٪‮ ‬‭ ‬في دول الشمال في حين أنه زاد علي‮ ‬90٪‭ ‬في دول الجنوب‮.
‬وعلي المستوي الإجمالي فإن‮ ‬82٪‮ ‬من أبناء البشرية أعلنوا عن تمسكهم بالدين في حياتهم الخاصة أي أن ثمانية من كل عشرة أشخاص علي وجه الأرض يؤمنون بضرورة الالتزام بالأديان‮
. ‬وعلي النقيض كانت هناك شعوب تعترف بأن الدين لا يلعب في حياتها دورا هاما حيث كانت النسبة في فرنسا‮ ‬25٪‮ ‬وفي سويسرا‮ ‬36٪‭ ‬أما الرقم القياسي المعاكس للرقم المصري فكان من نصيب إستونيا التي كانت النسبة بها‮ ‬14٪‮ ‬لا أكثر‮.
‬ ‮****‬ واحتلال الشعب المصري للمكان الأول بين الشعوب المتدينة في العالم بنسبة‮ ‬‭ ‬100٪‭ ‬‮ ‬هو خبر من شأنه أن يثلج الصدور‮. ‬لكن من حقنا أن نتساءل عن مغزي نتيجة هذا الاستطلاع وانعكاساته علي حياة المجتمع المصري وعلي العلاقات بين الناس‮.
‬ولاحظ أيها القاريء العزيز أن السؤال لم يكن‮ : ‬هل أنت مؤمن؟ وإنما كان‮ : ‬هل يلعب الدين دورا هاما في حياتك؟ أي أن السؤال يتضمن بعدا أساسيا وهو التطبيق وليس مجرد الاكتفاء بالإيمان بوجود الله‮.
‬فالدين له وفقا لكبار العلماء شقان رئيسيان‮: ‬الأول هو العبادات والآخر هو المعاملات أي الأخلاقيات وأساليب التعامل مع الغير في ضوء تعاليم الدين وكلها أمور معروفة وقتلت بحثا علي مر القرون الماضية‮. ‬
لكن هذا الانقسام لا يعني أنه يمكن الفصل بين الشقين،‮ ‬بل هما متلازمان متشابكان والالتزام بأحدهما دون الآخر يخل بجوهر الإيمان‮.‬
فلو افترضنا أن هناك إنسانا محسنا طيب القلب يصنع الخير ولا يؤذي أحدا ولا يكذب ولا يزني لكنه لا يلتزم بالصلاة والصيام فإن ما يصنعه لا يكفي ويخالف صحيح الدين‮. ‬وأعتقد‮ ‬أن العكس صحيح‮.
. ‬أي أن من يؤدي الصلوات في موعدها ويصوم ويحج إلي بيت الله الحرام ويؤدي الزكاة ثم يظلم الناس ويقسو علي المقربين منه فقد أخل بالتوازن الإيماني الطبيعي الذي يطالبنا به الدين‮. ‬وقد أوجز الرسول الكريم هذا المعني ببلاغته السامية عندما قال‮ "‬الدين المعاملة‮".
‬ ‮****‬ ومن منطلق هذه النظرة التي أومن بها إيمانا شديدا طرأ في نفسي سؤال وأنا أطالع نتائج استطلاع الرأي عن الأديان‮ : ‬هل يلتزم الشعب المصري بنسبة‮ ‬‭ ‬100٪‭ ‬بالأخلاق الحميدة وبالأوامر والنواهي التي يفرضها الدين؟
هل يلتزم الناس بنسبة‭ ‬100٪‭ ‬بالمنظومة الأخلاقية التي وضعها القرآن الكريم وأوضح أبعادها الرسول من خلال سنته وأحاديثه المحفوظة؟ هل يلتزم‭ ‬100٪‭ ‬من المصريين بالاهتداء بحياة الرسول وصدقه وترفعه وتواضعه ونقاء قلبه مما جعل من يحيطون به علي استعداد لافتدائه بأرواحهم ؟‮ ‬
لقد كان الهمّ‮ ‬الأول للرسول في السنوات الثلاث والعشرين التي نزل فيها الوحي من السماء أن يرسّخ في القلوب المعني الجوهري للإيمان وهو إعمار الأرض وخدمة المجتمع وصناعة الخير وعدم إيذاء الآخرين وعدم العدوان والتجبر،‮ ‬وهناك مئات الأحاديث التي تنبيء كل من تسول له نفسه أن يخرق أصول الدين في المجال الأخلاقي بمصير مظلم وبالويل والثبور‮.‬
‮ ****‬ وفي اللحظة التي وقعت فيها عيناي علي نتائج الاستطلاع وجدت أسئلة عديدة تتسابق إلي ذهني‮ : ‬كم إنسانا يستطيع أن ينظر اليوم في عيون الآخرين ويقول‮: ‬أنا ألتزم بأخلاقيات الدين ولا أخالف المثل والقيم التي احتذي بها السلف الصالح حسبما جاءنا من روايات تنشرح لها القلوب نتعلمها بالمدرسة والجامعة ونقرأ عنها في كتب السيرة والتراث؟
كم إنسانا في بلادنا يستطيع أن ينظر في المرآة بضمير مستريح،‮ ‬ويقول أنا أحتذي بتعاليم الدين وأخلاقياته؟
كم إنسانا يستطيع أن يرفع رأسه ويقول في نهاية يومه‮: ‬أنا لم أكذب اليوم ولم أظلم أحدا ولم آخذ حقا لغيري ولم تخرج من فمي كلمة جارحة أو مسيئة ؟
في هذا الزمان الصعب أعتقد أن من يستطيعون ذلك يعدون علي الأصابع‮. ‬فهل الموظف الذي يتعمد تعذيب الناس وتسويف مصالحهم يلتزم بأصول الدين‮..
‬هل صاحب السلطة الذي يتعمد إذلال وإيذاء من يعملون تحت إمرته يحترم نواهي الدين ؟ ناهيك عن الموظف الذي يتقاضي الرشوة أو‮ "‬الإكرامية‮" ‬من أجل إنجاز الأعمال وإنجاز مصالح العباد‮.
‬هل الضابط أو أمين الشرطة الذي‮ "‬يفتري‮" ‬علي الناس في الشارع المصري ويتجاوز في سلطاته يستطيع أن يقول ذلك ؟ هل الذي يكذب عشرات المرات في اليوم يستطيع أن يرفع رأسه ويقول‮ : ‬أنا ألتزم بالدين وأعمل بتعاليم الرسول الكريم ؟
هل من يرفع قضايا علي أشقائه أو أبيه أو أمه ويقاطعهم من أجل أمور مادية يطبق القيم الدينية ؟
‮****‬ وأرجو ألا يتبرع أحد باتهامي بأنني أتجني أو أبالغ‮..
‬فالشكوي من تدهور مستوي الأخلاق ومن سوء المعاملة ومن البذاءات التي أصبحت لغة التخاطب العادية في كثير من الحالات هي شكوي عامة ترد الآن علي لسان‮ ‬الوزير كما نسمعها من أبسط موظف أو عامل‮. ‬
ومع ذلك فإنني أعلم تماما أن هناك ملايين من الناس الطيبين الذين يتعرضون للأذي في كل يوم،‮ ‬وهم ضحايا لمن يضرب عرض الحائط بتعاليم الدين في المجال الأخلاقي‮.
‬وأدرك تماما أن الناس تخطيء بدرجات متفاوتة،‮ ‬وأن هناك فارقا جوهريا بين من يختلس ومن يكذب لغرض أو لآخر‮. ‬أعلم أن هناك ملايين يبذلون كل جهدهم لإرضاء ربهم والتحلي بأخلاقيات الدين‮.
‬لكن كم من هؤلاء يعامل زوجته وأولاده المعاملة الكريمة التي يرتضيها الدين ؟
كم منهم حريص علي مصالح أقاربه وجيرانه ولا يتعدي علي هذه المصالح ؟‮
‬ والخطير في الأمر أن الناس عندنا صاروا يصنعون الخير ليس من أجل الخير ذاته وإنما طمعا في الجنة‮
. ‬وكثيرا ما أستمع إلي الأسئلة التي يطرحها البعض علي شاشات التليفزيون وفي الإذاعات فأجدها تدور حول مسائل بديهية لكن أسلوب الطرح يدل صراحة علي أن السائل لا يهمه الالتزام بالأخلاق والقيم والمباديء بقدر ما يستهدف تجنب إغضاب الخالق خوفا من النار أو طمعا في الجنة‮.
‬وبالتأكيد أن ورود الجنة مطمع مشروع لكل إنسان ومن الطبيعي أن نحلم جميعا بدخول الفردوس،‮ ‬لكن أن يكون ذلك هو السبب الوحيد لفعل الخير يجعل هذا الخير منقوصا ولا أدري إلي أي مدي يحتسب في ميزان الحسنات‮.
‬ وحيث إن ديننا وثقافتنا وتراثنا قد علمونا أن الأعمال بالنيات فإنه من الواضح أن نية كثير ممن يسعون لفعل الخير ليس صافية لأن الدافع الأساسي لها هو أغراض ومآرب خاصة‮.‬ ‮
‬ والخلاصة،‮ ‬هي أن هناك تناقضا واضحا بين نتيجة هذا الاستطلاع وبين واقع الحياة في بلادنا‮. ‬فمن يقرأ أن الدين يلعب دورا هاما لدي‭ ‬ ‬‮ ‬من المصريين يتصور أننا مجتمع من الصالحين والبررة الذين لا يكفون عن فعل الخير ويتجنبون كل ما يغضب الله‮..
‬لكننا نعلم جميعا أن ذلك ليس الوصف الحقيقي الذي يتصف به الجيل الحالي‮.
‬والسبب في رأيي أن هناك سوء فهم للدين في هذا الجيل حيث يتصور البعض أن الالتزام بشق العبادات يكفي تماما للمؤمن ويعفيه عن شق المعاملات والأخلاقيات‮.
‬وهذا المفهوم يؤدي إلي الخلل والاضطراب الأخلاقي الذي نعايشه اليوم في مجتمعنا‮.‬
بقلم‮ : ‬شريف الشوباشي
*نقلاً عن الوفد

الطيب صالح وموسم الهجرة الى الوطن

يجمع النقاد على اختلاف اتجاهاتهم على أن الروائي السوداني الطيب صالح ، الذي رحل عن عالمنا، قد غزا العالمية مثلما غزا مصطفى سعيد بطل روايته "موسم الهجرة الى الشمال" أوروبا، بشوارعها وحاناتها ومؤسساتها الأكاديمية، وإن كان لم يستطع ان يغزو صورتها النمطية عن عالمه الغرائبي الذي تسكنه الصحراء بغموضها وأسرارها وحكاياتها الرومانسية.
تمكن الطيب صالح من جعل شخصياته المغرقة في محليتها تنطق بلغات يفهمها القارىء حتى وإن عجز عن فهم مصطلحاتها الريفية السودانية
نقل لنا في "عرس الزين" و "دومة ود حامد" أجواء القرية السودانية بحيوية جعلت الشخصيات تتحرك بأبعاد ثلاثة، وفي "موسم الهجرة الى الشمال" سلط الأضواء متعمدا على تناقضات المفاهيم الاجتماعية والأخلاقية لمجتمعه، كما كشف، ربما دون قصد منه، إشكالية الإسقاط الذي يمارسه الشرقي (العربي) على الآخر.
في جميع أعماله تبرز موهبته الفذة في تشكيل الشخصيات وتصوير البيئة التي تتحرك بها والخلفيات التي جاءت منها من خلال حوار ينبض بالحياة، حتى وان كان مغرقا بالمحلية
روايته المتميزة "موسم الهجرة الى الشمال" لم تكن استثناء، فقد شكلت علامة بارزة في خريطة الرواية العربية، حتى أن البعض يعتبرها واحدة من أفضل 100 رواية عالمية.
وان كانت الجرأة التي اقتحم بها بطل الرواية (مصطفى سعيد) عالم الآخر أوقعته (هو أم الكاتب ؟ سؤال صعب سأحاول الإجابة عليه فيما يلي) في مطب وقع به روائيون كبار آخرون، قبله وبعده: مطب التعامل مع الآخر روائيا، رسم شخصيته وحواراته ومواقفه
في رائعته"موسم الهجرة الى الشمال" نرصد مستويين للهجرة/الحركة أوربما نستطيع القول إن هناك مستوى للحركة وآخر للسكون: مصطفى سعيد غزا عالم الآخر، أما الأخر فقد بقي حبيسا للصورة النمطية للمثقف العربي عنه، مصطفى سعيد وصل الى عقر دارهم، عبر الصحاري والبحار أما جين موريس ورفاقها فقد بقوا تحت شجرة نخيل في قرية مصطفى على ضفاف النيل.
الشخصيات السودانية في تلك الرواية تتكلم بطلاقة ويصل صوتها بمنتهى الوضوح والقوة سواء كانت في حقل قطن أو في سهرة تعمرها أصداء الضحكات الماجنة بفعل النكات الأباحية ، أو في حانة لندنية
الملامح السودانية مرسومة بوضوح واقناع واقتدار، أما شخصية "الآخر" فتمر بعملية ترشيح معقدة تنتهي بها لأن تصبح ظلا لنفسها وتجسيدا للمفهوم المشوش للمثقف العربي عنها.
الفتيات والنساء تتساقط تحت أقدام هذا الشاب الأسمر القادم من أدغال إفريقيا، والفضول يقتلها للإطلال على عالمه المسكون ببخور الصندل وحكايات الحب، وهو يمارس سحره الشرقي الطاغي للايقاع بالفريسة تلو الأخرى.
الحوار بين الشخصيات السودانية من الاقناع بحيث يجسدها بجذورها وثقافتها وأصولها الاجتماعية، وحوار الشخصيات الانجليزية باهت ومغترب عن ذاته.
موقف الآخر، الأبيض، الاستعلائي، المستعمر، يتغير على يد الكاتب الى فضول وجاذبية وحب، والعربي الأسمر، مصطفى سعيد، له اليد العليا دائما، خاصة مع الجنس الآخر الذي يطغى حضوره ممثلا للآخر، وهو انعكاس واضح للتفكير الشرقي الذي لا يرى بقعة أعرض من السرير لتفاعله مع الآخر الذي لا وجود له بالنسبة له خارج السياق الجنسي.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل استخدم الكاتب كل ما سبق لالقاء الضوء على التشوش الذي يشوب علاقة العربي مع الآخر وتصوره عنه أم أنه وقع في ذات المطب ؟
المفروض أن الإنسان العربي حين يخرج من عالم مسلماته يواجه أزمة ثقة بالنفس تدفعه أحيانا الى التقوقع على ذاته وفي أحيان أخرى الى اتخاذ خطوات وجلة مترددة باتجاه الآخر، وتفتقر العلاقة الى التكافؤ، لصالح الآخر.
هذا هو ما يفترضه المنطق ويؤيده الواقع، أما في عالم الرواية العربية، وليس عند الطيب صالح فقط، فنجد العربي هو السيد في العلاقة، خاصة اذا كان الطرف الآخر أنثى من المفروض أنها تتحرك بثقة أكبر بالنفس في فضاء مألوف لديها بينما هو بالكاد بدأ رحلة استكشافه، سواء على المستوى العاطفي أو الجنسي.
إذن هل وقع الطيب صالح في المطب أم استخدم ما سبق ببراعة على سبيل السخرية من المثقف العربي ليصوره مغرورا، ونرجسيا منغلقا على ذاته ؟
هل أراد مصطفى سعيد (أم الطيب صالح ؟) الانتقام لهزائمه بهزيمة الآخر حتى ولو على صفحات رواية ؟
من الصعب الجزم، وهذا مؤشر لجودة الرواية وليس العكس، فقديما قالوا: العمل الأدبي الجيد قد يكون غامضا، ولكن لا يجوز أن يكون مضللا
أنور حامد
BBC

Sunday, February 15, 2009

شيرين عبَّادي وحقوق المرأة في ظلِّ الثورة الإسلاميَّة في إيران

كانت النساء نشيطات في الأحداث التي أحاطت بالثورة الإسلامية في إيران قبل 30 عاماً مضى، لكن الجمهورية الإسلامية انتُقدت بسبب التراجع عن العديد من الحقوق التي كانت النساء قد اكتسبتها في ظلِّ نظام الشاه الذي أطاحت الثورة به.
المحامية الإيرانية شيرين عبّّادي كانت قد فازت بجائزة نوبل في عام 2003 وذلك لقاء عملها في مجال حقوق الإنسان في إيران

وفي مقابلة مع بي بي سي، تشرح عبّّادي كيف استجابت النساء للتغيرات التي طرأت على أوضاعهن القانونية على مرِّ السنوات الثلاثين المنصرمة، وكيف أنَّ أملها بمستقبل إيران يكمن في نسائها وشبابها وشابَّاتها.
تقول عبّّادي: "كان شعار الثورة هو الحرية والاستقلال وقالوا إن الثورة الإسلامية سوف تحقق ذلك

وتضيف قائلة: "كان الناس عندئذ حقَّا متفائلين لأنهم فعلا كانوا يريدون الاستقلال والسيادة."
وتردف قائلة: "لسوء الحظ بعد الثورة، وفي الوقت الذي أضحت فيه البلاد مستقلَّة أكثر من ذي قبل، لم تتبلور تلك الحرية التي كان الشعب يتوقعها

هذا ولم يكن قد مضِى سوى خمسة أشهر فقط على قيام الثورة عندما سحب "المجلس الثوري" كافَّة الحقوق التي كانت قد اكتسبتها النساء عبر السنوات الماضية، حتى قبل أن يكون قد جرى تمرير الدستور الجديد وانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وحدث في عام 1979 أن جرى تمرير قانون يسمح للرجال بأن يكون لديهم أربع زوجات، كما صدر قانون آخر يقضى بأن تؤول حضانة الأطفال إلى الأب بعد الطلاق، وبالتالي خسرت النساء الحقوق التي كنَّ قد اكتسبنها.
عندها أدركت، والحديث دوما لعبّّادي، أنه حتى وقبل أن يتم وضع الدستور الجديد للبلاد، فقد استهدفوا (أي القائمين على الثورة) النساء وسلبوهن حقوقهن

لقد كنت مساندة وداعمة للثورة للغاية عندما كانت في طور القيام والحدوث.
لقد كنت قاضية. لكن، وبعد أشهر عدة من الثورة، قالوا لي أنه لم يعد بإمكاني ممارسة عملي كقاضية، إذ ليس من المشروع للمرأة أن تكون قاضية في ظل القانون الإسلامي (أي الشريعة الإسلامية).
وهكذا أُنزلت مرتبتي ومراتب قاضيات أُخريات إلى مجرَّد كاتبات.
والنقطة الهامَّة هي أنَّه جرى أيضا تغيير الحقوق القانونية الممنوحة للنساء، مثل حقي بأن أكون متساوية مع زوجي ضمن الأسرة، بالإضافة إلى تغيير قوانين أخرى كانت في صالح النساء

شعرت بانني جُعلت مواطنة من الدرجة الثانية.
نعم، لقد تسببت الثورة بتراجع النساء وعودتهن القهقرى خطوات عدَّة إلى الوراء في ظلِّ القانون (الجديد)، إلاَّ أن ذلك جعلهن يعمل بجدٍّ ودأب أكثر، وذلك من أجل استعادة حقوقهنَّ وإثبات أنفسهنَّ.
لقد كانت النساء تشكِّل ربع عدد طلبة الجامعة في ظلِّ حكم الشاه، إلاَّ أنَّ 65 بالمائة من عدد طلاَّب الجامعات الآن هنَّ من النساء.
كما ارتفع عدد النساء المثقَّفات بعد الثورة بشكل ملحوظ، والمرأة المثقَّفة التي تذهب إلى الجامعة ستتمكَّن ذات يوم من استعادة حقوقها
إن أملي بمستقبل إيران يكمن بنسائها أوَّلا، والأكثر والأهمَّ من ذلك هو بشبابها عندما يكبرون
إن الحركة النسائية في إيران قوية للغاية. هذه الحركة لا زعيمة ولا مقرَّ لها. فمكانها هو منزل وبيت كلِّ إيراني وإيرانية يؤمنون بالحقوق المتساوية. إنها الحركة النسائية الأقوى في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن.
وأنا أيضا لدي إيمان بأن شباب إيران سوف يقومون بتصحيح وتقويم مشاكل البلاد.
وتختم عبَّادي بالقول: "حوالي 70 بالمائة من سكَّان إيران هم دون سن الثلاثين من العمر، وهنالك إمكانية عظيمة لبناء إيران حرَّة ترفل وتنعم بالرخاء


BBC

Friday, February 06, 2009

الإهمال والتفريط‮.. ‬وأبراج القلعة

لكل أمة ذاكرة تحفظ سير الأحداث وتكشف أسرار التاريخ وتسطره والذاكرة قد تكون مدونة علي‮ ‬ورقة بردي‮ ‬أو محفورة علي‮ ‬حجر أو تابوت أو مضيئة داخل منزل قديم تطل حينا من خلف مشربيته أو تكمن في‮ ‬أعماق بئره‮.
‬وعندما وجد علماء الحملة الفرنسية الحجر الصغير في‮ ‬رشيد كان سببا في‮ ‬فك طلاسم اللغة المصرية القديمة وقراءة تاريخ مصر بالكامل وتأسيس علم المصريات‮.‬
ويحكي‮ ‬أحد علماء المصريات عن حجر صغير سطرت عليه أول مسرحية في‮ ‬التاريخ وسميت بالمسرحية‮ »‬المنفية‮« ‬نسبة إلي‮ ‬منف عاصمة الدولة القديمة ووجد هذا الحجر في‮ ‬منزل أحد الفلاحين وقد ثقب من منتصفه وتحول إلي‮ »‬رحاية‮« ‬لطحن الغلال وتسبب هذا في‮ ‬مسح جزء من المسرحية وأثار حزن وألم العالم الاثري‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يكن مصريا ولكن للفلاح عذرا مقنعا فهو لم‮ ‬يكن‮ ‬يعرف شيئا عن التاريخ أو الآثار‮..
‬لذلك عندما تكون الأمة في‮ ‬حالة من الاستنارة والتفتح والوعي‮ ‬والاحساس بقيمة الوطن‮ ‬يزيد الاهتمام بالأمكنة والاثر والتاريخ وعلي‮ ‬العكس‮ ‬يتلاشي‮ ‬الاهتمام وتهون الذاكرة عندما تكون الامة في‮ ‬حالة من الاظلام والجهل وعدم الوعي‮ ‬وعندما تتعامل مع الوطن علي‮ ‬أنه عزبة خاصة للموعودين‮ ‬يمرحون ويعبثون بكل حرية‮.‬
وفي‮ ‬عام‮ ‬1927‮ ‬وفي‮ ‬يوم الثلاثاء الموافق‮ ‬23‮ ‬أغسطس في‮ ‬الساعة العاشرة مساء مات‮ »‬سعد زغلول‮« ‬وفي‮ ‬نفس الليلة اجتمع مجلس الوزراء برئاسة عبدالخالق ثروت باشا ونعي‮ ‬المجلس زعيم الأمة ثم اتخذ عدة قرارات لتخليد ذكري‮ ‬سعد منها شراء منزل‮ »‬بيت الامة‮« ‬وضمه إلي‮ ‬الأملاك العمومية علي‮ ‬ان‮ ‬يبقي‮ ‬حق الإقامة فيه لحرم الفقيد‮ »‬صفية زغلول‮« ‬مدي‮ ‬حياتها‮.. ‬وشراء المنزل الذي‮ ‬ولد فيه سعد ببلدة‮ »‬إبيانة‮« ‬مركز فوة وضمه إلي‮ ‬الاملاك العمومية‮..
‬ لذلك أصبح‮ »‬بيت الامة‮« ‬ملكا للأمة وهو مازال باقيا إلي‮ ‬اليوم بكل محتوياته وأثاثه وملابس سعد زغلول خاصة بدلة التشريفة والقميص‮ ‬اللذين‮ ‬يحتفظان بدماء سعد زغلول عندما اطلق عليه الرصاص عام‮ ‬1924‭.‬‮. ‬ودفعت الوزارة لصفية زغلول في‮ ‬تلك الايام مبلغا‮ ‬يزيد علي‮ ‬الخمسة عشر ألفا من الجنيهات وهو ثمن باهظ بالنسبة لعام‮ ‬1927‭.‬‮. ‬ذلك كان عهدا‮ ‬يعي‮ ‬قيمة المكان ويؤمن بأنه حق للوطن وعندما ماتت أم كلثوم عرض الورثة علي‮ ‬الحكومة أن تشتري‮ ‬الفيللا المطلة علي‮ ‬النيل مقابل‮ ‬2‮ ‬مليون جنيه ولم تهتم الحكومة أو ربما لم تفهم قيمة فيللا أم كلثوم،‮ ‬والورثة علي‮ ‬اي‮ ‬حال‮ ‬غير مطالبين بالحفاظ علي‮ ‬ذاكرة الأمة فباعوها وهدمت وأقيم مكانها برج قبيح ومنفر ولكن كتر خيرهم اطلقوا علي‮ ‬الاوتيل اسم أم كلثوم‮.‬
وأذكر جيدا هذا اليوم الحزين‮ ‬يوم هدم منزل أم كلثوم ولا أنسي‮ ‬سيدة مغربية كانت تحمل قطعة من بلاط المنزل وتبكي‮ ‬وتقول‮: »‬سأحتفظ بها لانها لامست أقدام أم كلثوم‮«..
‬ولو ان الحكومة وقتها اهتمت وفكرت قليلا لاكتشفت ان الاثنين مليون جنيه سوف تعود إلي‮ ‬خزينة الدولة في‮ ‬ظرف عام أو عامين علي‮ ‬الاكثر لو تحولت هذه الفيلا إلي‮ ‬متحف‮.. ‬لكنه للأسف كان هذا عهدا آخر اجتهد القائمون علي‮ ‬أمره في‮ ‬تحويل حدائق القناطر الخيرية وحديقة الحيوان والاسماك إلي‮ ‬خرابات وسارعوا بفك كوبري‮ ‬أبو العلا من اجل إقامة كوبري‮ ‬اسمنت علوي‮.. ‬وألقوا بأجزائه علي‮ ‬شاطئ النيل وزمانها تآكلت بفعل الصدأ والإهمال‮.. ‬وهذا الكوبري‮ ‬الجميل كان مكانا للنزهة وشم الهواء علي‮ ‬ايامنا والمهندس الذي‮ ‬صممه هو نفس المهندس الذي‮ ‬صمم‮ »‬برج إيفل‮« ‬في‮ ‬قلب باريس‮.. ‬وشوف الدنيا‮ »‬برج إيفل‮« ‬فين دلوقتي‮ ‬وكوبري‮ »‬أبوالعلا فين؟‮«..
‬والاهمال والتفريط متواصل وشغال الله‮ ‬ينور ورغم صدور قرار بمنع هدم الفيللات القديمة إلا انه قانون علي‮ ‬الورق وحي‮ ‬المعادي‮ ‬الجميل الظليل بأشجاره الكثيفة الرائعة والذي‮ ‬تزينه المنازل الصغيرة بحدائقها الصغيرة الخضراء بدأ‮ ‬يعاني‮ ‬من التخريب وكل عدة أسابيع تهدم إحدي‮ ‬الفيللات وتقام مكانها عمارة شاهقة واتوقع أنه في‮ ‬ظرف عدة سنوات قليلة سيتحول هذا الحي‮ ‬الراقي‮ ‬الجميل إلي‮ ‬صور قديمة بعد ان تنتصر الابراج الاسمنتية علي‮ ‬الحدائق والاشجار وسيكون بالكتير صورة من مدينة نصر‮.. ‬
وغيره وغيره الكثير ولكن أهمها هذه الأبراج المستفزة التي‮ ‬يطلقون عليها أبراج القلعة والتي‮ ‬تم الموافقة علي‮ ‬اقامتها بأساليب ملتوية‮ ‬غير معروفة وتسببت في‮ ‬مشاكل كثيرة
واخيرا استدعي‮ »‬زاهي‮ ‬حواس‮« ‬رئيس هيئة الآثار خبراء اليونسكو ليقولوا كلمتهم وقالوا انها سوف تشوه وتجرح بانوراما القلعة والمنطقة الاثرية بأكملها وسافر خبراء اليونسكو‮.. ‬واطمئن قلب زاهي‮ ‬حواس وتوقف العمل في‮ ‬الابراج كام شهر ثم بدأ مرة اخري‮ ‬في‮ ‬الارتفاع وكلما عبرت من امامها اجد ان العمل بها متواصلا والمبني‮ ‬مازال‮ ‬يعلو ويرتفع متحديا القوانين والمكان الاثري‮ ‬والجمال والتاريخ والسياحة وكل شيء وسوف نستيقظ ذات‮ ‬يوم لنري‮ ‬الابراج وقد ارتفعت واكتملت وتحولت إلي‮ ‬اوتيلات ومولات وموقف عربات وزحام وتشويه‮ ‬يشبه النبت الشيطاني‮ ‬الذي‮ ‬لا نعرف ما الذي‮ ‬اتي‮ ‬به‮..
‬وتولع القلعة وهيئة الآثار واليونسكو واحنا واللي‮ ‬يتشدد لنا وتاريخ هذه الامة المأسوف علي‮ ‬ذاكرتها وتراثها وآثارها‮.‬
في‮ ‬بداية هذا العهد تم أول اعتداء علي‮ ‬هذا المكان فقد تم شق طريق صلاح سالم في‮ ‬داخل حرم القلعة التي‮ ‬يبلغ‮ ‬عمرها حوالي‮ ‬الثمانمائة عام وقطع مجري‮ ‬العيون الذي‮ ‬يبلغ‮ ‬من العمر أكثر من خمسمائة عام ولكن في‮ ‬تلك الايام لم‮ ‬يقدر احد علي‮ ‬الاعتراض أو الكلام أما في‮ ‬هذه الايام فالمعارضون والمقاومون لهذه الابراج ليسوا قلة ولكن مستثمري‮ ‬هذا العهد اقوي‮ ‬من اصحابه القدامي‮ ‬وقادرون علي‮ ‬اختراق كل القوانين والعبث بكل ما هو قيم وهام وتشويه اثار قاومت الزمن بكل احداثه وكوارثه‮..
‬أموال نصير التي‮ ‬تشيد هذا المبني‮ ‬المنفـر الغريب علي‮ ‬المكان هي‮ ‬الحقيقة المرة التي‮ ‬نحياها هذه الايام فالاموال تصنع قوانينها وتشق طريقها وتصم آذانها وتعتبر ان اثار البلاد ملك خاص لها وليس لنا ولها ان تعبث ما تشاء وتخرب ما تشاء بفلوسها وربنا‮ ‬يستر علي‮ ‬القلعة نفسها ربما وجدت فلوس نصير طريقا لامضاء صغير تهد بموجبه القلعة وتحولها إلي‮ ‬ملاعب جولف كل شيء جائز في‮ ‬هذا العهد السعيد وحد‮ ‬يسلم لي‮ ‬علي‮ ‬هيئة الآثار واليونسكو بالمرة‮.‬
بقلم: د.لميس جابر
نقلاً عن الوفد

اللهم اجعله خيرا

سبق لي أن كتبت أهاجم (خزعبلات) تفاسير الأحلام، ويبدو لي أن أحد (أساطين) هذه المهنة قد قرأ رأيي؛ فاستشاط غضبا، وأرسل لي من يعرفني لكي يتحداني ويثبت لي (علمه الحصيف).
ولم أمانع في الذهاب إليه، وعرض أحلامي عليه لكي يفسرها، غير أنه رفض ذلك، وطلب مني أن أكتبها في ورقة، وهو سوف يرد عليها ويفسرها خطيًّا.
وبعثت له (أضغاث) أحلام، بعضها ألَّفْتُها من خيالي، وبعضها ساعدني فيها رجلٌ كثير الأحلام
، وأتاني الرد التالي من المفسر الجهبذ:
ـ حلمت كأن لي أربع آذان. ـ معنى ذلك أن لك أربع نسوة شريرات، أو أربع بنات ليس لهن أم. والله أعلم
. ـ حلمت أن وجهي قد امتلأ بالنمش. ـ هذا يدل على كثرة الذنوب والمعاصي، والعياذ بالله.
ـ رأيت فيما يرى النائم أنني أحمل حطبًا على ظهري. ـ معناه أنك تحمل الغيبة والنميمة.
ـ حلمت أن عنقي تحول إلى عنق نعامة. ـ معنى ذلك أنك كاتم للحق.
ـ رأيت في المنام وكأنني فرحان وأرقص في أحد المراقص. ـ هذا يدل على أن المصائب سوف تتوالى عليك.
ـ حلمت كأن على رأسي إكليلا من الورد. ـ بما أن الورد لا يخلو من الشوك، فمعنى ذلك أنك تعيش في غم وهم.
ـ حلمت أنني أتسلق جبلا وأنا حافي القدمين. ـ معنى ذلك أنك رجل بدوي جاهل وسيئ الطباع.
ـ رأيت في منامي فرسًا جامحًا. ـ إذن أنت إنسان مجنون، أو على مشارف الجنون.
ـ حلمت أنني أشرب من ماء الجنة وخمرها وعسلها ولبنها. ـ سوف يكون العكس تماما، أي أنك بمشيئة الله ستحرم منها.
ـ شاهدت في منامي مجموعة من النساء الرياضيات. ـ معناه أنك مفتون ومفتتن وفتّان.
ـ حلمت وكأنني أجلس على حصيرة صغيرة. ـ ربما يدل هذا على ضيق الرزق، وانحطاط القدر، وقصر العمر.
ـ رأيت في المنام أن لساني طويل. ـ هذا يدل على البذاءة.
ـ حلمت كأنني أبصر بيدي، مثلما أبصر بعيني. ـ معناه أنك تكثر من ملامسة مَنْ يحرمن عليك من الإناث.
ـ حلمت أنني أسير في صحراء موحشة. ـ يدل ذلك على الفراغ العاطفي، والمتاهات التي ليس لها أول، ولا آخر
. ـ شاهدت في منامي شخصا ينزل من سلم. ـ إذن انتظر، ستصلك عما قريب أخبار سيئة جدا.
انتهت الإجابات (الرائعة) التي يبدو أن الرجل أراد فيها أن ينتقم منِّي شر انتقام.
وبالفعل، لم أنم تلك الليلة نوما طبيعيا، وأفقت قرب الفجر على (كابوس) كاد يخلع قلبي من شدة الرعب، ونهضت أسمّي على حالي، وأقرأ المعوذتين، وشربت ماء، وبللت به وجهي وصدري، قائلا: «اللهم اجعله خيرا.. اللهم اجعله خيرا».
وبعد أن هدأت، فتحت الراديو، وإذا بي أسمع أغنية «يا صباح الخير يا اللي معانا، يا اللي معانا».
بقلم: مشعل السديري
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط

الوطنية والملاذ الأخير

هل سنظل طوال حياتنا نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل, وأن نعتصم بالدعاء والرجاء فقط طالبين العون والمدد والمساعدة من الله لكي يكون وكيلاً لنا في إدارة معاركنا التي نصنعها بإراداتنا المغيبة عن إرادة الله التي لا يعلمها أحد, والمغيبة عن الواقع وفعالياته وتوازناته, ثم نقول هذه إرادة الله؟
وهل أرادة الله تريد لنا أن ننتقل من هزيمة إلى هزيمة ومن خيانة إلى أخرى؟
... وهل إرادة الله تبرر لنا أن نقتل أنفسنا بأيدينا ونتلذذ بالألم لحد الموت؟
وهل أرادة الله أن نتقاتل ونتناحر حول مفاهيم وقضايا التحرر الوطني الفلسطيني وخاصة بين فتح وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية , بل وبين قوى المعارضة التي أصبحت هشة وضعيفة في الدول العربية المريضة بداءات الاستبداد والطغيان؟
إنها الفصائل المأزومة التي تبحث عن نصر خارج من غير رحم المجتمع المأزوم والعاجز عن مواجهة قضاياه الداخلية وعلى الرأس منها قضايا الفساد والاستبداد والظلم الاجتماعي والفقر والبطالة والمرض, والعجز عن تحرير السجون والمعتقلات من جلاديها, إنه الفشل في مواجهة الظلم البيّن, والاستبداد الواضح, والفساد الذي أصبح ملء السمع والبصر, ولِما لا؟!!
والتشبث بالقضية الفلسطينية باعتبارها منفث للكبت والقهر والاستعباد الداخلي ليقول هؤلاء المأزومين المهزومين من أنظمة الحكم في بلدانهم وأوطانهم: افتحوا باب الجهاد, نريد أن نحرر فلسطين, خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود, أنصروا غزة, قاطعوا المنتجات الإسرائيلية والأمريكية وفي الوقت ذاته نستورد من هذا الغرب الذي نضعه في ميزان الأعداء ما يزيد عن ثلثي الغذاء في العالم العربي, ونستورد منه الأسلحة والذخائر وأسباب الرفاهية والنعيم؟!!
وهل كتب الله علينا أن نكون مهزومين ومهانين وأذلاء ,من جانب الحكام العرب المهزومين أصلاً أمام الدول التي يوالونها وأن يهزمنا الحكام العرب ويذلونا في أوطاننا وداخل حدود أراضينا في كل بلاد العرب الأعراب المعاريب ثم نقول هذه إرادة الله؟
هل الله يريد ما يحدث لشعب فلسطين في غزة من قتل وإبادة وتدمير وذل وإهانة من جانب الصهاينة الإسرائيليين ومن جانب أدعياء النصر والشهادة؟
وهل حماس منقادة طوعاً أو كرهاً لهذه الإرادة الإلهية العليا التي لا يمكن لها أن تعصاها أو تخالف أوامرها السماوية العلوية؟
... وهل كتب على منظمة فتح أن تعيش في الضفة وأن تعيش الفصائل الفلسطينية في دمشق وبيروت وطهران لتدير فصائلها في غزة لصالح ولاءات خارجة عن إرادة الشعب الفلسطيني؟
هل كتب الله القتال علي المسلمين وهو كره لهم, ومن ثم كتب عليهم التخاذل والتناحر وفرض عليهم أن يكونوا متفرقين أشلاء موزعة ولاءاتهم بين الشرق والغرب؟
ولماذا لا تملك الشعوب إلا الدعاء والتهجد والصلاة والرجاء؟
ولماذا لم يستجيب الله لهذه الأدعية والتمتمات على المسابح وفي الصلوات بالرغم من رفع الأيادي لسنوات طويلة مكللة بالهزائم والنكبات؟ أسئلة خائرة واهنة تظهر مدي العجز والانهيار أمام القوة الإسرائيلية الغاشمة القاتلة التي لا ترحم ولا تفرق بين الضعيف والقوي وبين الصغير والكبير وبين الأطفال والنساء في غيبة قوة العرب الأعراب المعاريب أصحاب نظريات الخيانة والعمالة للغرب وإسرائيل والأمريكان.
وإذا كان الله لا يريد ما يحدث لنا, فهل الشيطان يريد ذلك؟
في حالة فلسفية تائهة بين دروب الأزمات وحارات مسدودة لا يرتجي معها أمل في الخروج من أنفاق الأزمات التي يصنعها الحكام العرب أنفسهم وبإرادتهم الموجهة حسب ولاءاتهم ومنفعتهم الشخصية المنحصرة في الاستبداد ومن ثم استمراء القتل والطغيان لأبناء الشعوب العربية داخل البلاد المتحولة بالطغيان والاستبداد إلى سجون ومعتقلات بحجم مساحة البلاد العربية؟
وأعتقد أن أعوان الأنظمة الاستبدادية الظالمة هم أدعياء القومية العربية والخلافة الإسلامية المتخاصمون مع عقولهم والمحاربون لأنفسهم, الكارهين للآخر, وهم أنفسهم أصحاب نظرية الخيانة والعمالة والمؤامرة فهم معذورون لأن الآفة ليست في الجسد فقط وإنما هي آفة العقل المريض العاجز الذي لا يقوى أن يقاوم الظلم في إطار وطنه ويريد أن يقاوم الظلم خارج وطنه فهو المتخاصم مع أهله وعشيرته ويريد أن يتصالح مع من هم أبعد من دائرة الأهل والعشيرة!!
المرضى النفسيين دائماً لا يعتقدون أنهم مرضى, والمرضي العقليين لا يرون غيرهم إلا مجانين!!
أهل الخيانة والعمالة هم من يخونوا أنفسهم أولاً ويتهموا غيرهم بنفس الداء لأن مرضهم مستحكم بالعقل ونفوسهم مضطربة مريضة!!
لم يدري المرضي النفسيين ومعهم المرضى العقليين فاقدي الأهلية القانونية والمشروعية الاجتماعية, أنهم متخاصمون مع أنفسهم فكيف بهم يتصالحوا مع الآخرين؟؟
وشرفهم العقلي المفقود بفعل الحسد الاجتماعي والفشل السياسي والخيبات المتوالية في حياتهم العملية والاجتماعية تجعلهم يرمون غيرهم بالأكاذيب والاتهامات, وأقلها الخيانة والعمالة والترويج لمشاريع الصهيونية والإمبريالية العالمية لأنهم عاجزون عن تحقيق مصالحهم بتحالفاتهم مع أنظمة الطغيان العربية التي لم تنظر إليهم بنظرة الولاء والطاعة لأنها تعلم أنهم أسوأ من السوء ذاته،
ولأن وجودهم هو المبرر الطبيعي لبقاء هذه الأنظمة الاستبدادية على كراسي الحكم والسلطة ولذلك فهم يتشبثوا بالتوافه ويلعقوا الخيبات ويدّعوا أنهم يدافعوا عن وطن, والوطن على هذا المنوال يصبح هو الشماعة للخيابات, والوطنية تصير هي الملاذ الأخير للأنذال لأنه ليس من إنسان بلا وطن, وإن غاب الوطن بإرادة الاحتلال الأجنبي أو الاحتلال الوطني حيناً, فحتماً سيعود
ولكن بإرادة مَن؟ وهذا هو السؤال!!
محمود الزهيري

عاكف يُعاود إزراء الدولة المصرية ويُحاول توريط الكنيسة


من يقرأ الحوار الصحفي الذي نشرته جريدة "الطريق والحق" المصرية المُستقلة في عددها الصادر في يناير 2009، مع مهدي عاكف المُرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المشروعة بمصر، لسوف يُدرك وللوهلة الأولى مدى التناقضات غير المعقولة والآراء غير المقبولة، التي حملها كلام عاكف في هذا الحوار الملغوم، والمُفجع بحق في هذا الحوار مُعاودة إزدراء عاكف بالدولة المصرية، التي إزدراها وإزدرى شعبها سابقاً عندما تطاول عليها بقوله (طُز في مصر واللي في مصر)!
فقد صَرّح عاكف قائلاً بالحرف الواحد (...لكن تلك البلد -يقصُد مصر- فاقدة الأهليه والإحترام...) وهو إزدراء غير مقبول بمصر وشعبها، يستوجب عليه المُساءلة والمُحاسبة، فنحن برغم إنتقادنا للأوضاع المُتردية التي نمُر بها، لدرجة إنتقادنا لرئيس الدولة، إلا أن مصر وشعبها
بالنسبة لكل مصري وطني حر نُعَد خطاً أحمر ولا نقبل تحت أي ظرف أو مُبرر -أياً كان- المساس بها.
فالذي يتأمل كلام عاكف وإزدراءاته المتكررة بمصر لمبررات يحملها هو في نفسه، يجد أن إزدراء الوطن يُعتبر بمثابة ثوابت مُترَسخة في فكر هذه الجماعات التي تؤمن إيماناً يقينياً بأن الدين هو الوطن، وليست الأرض التي نعيش عليها!
فالأرض لا إعتبارات لها في فكرهم، ولا شك في أن هذا الإعتقاد المترسخ لديهم له جذوره التاريخية التي تسنده، وتؤيده، بل وتُدافع عنه، فمنذ عشرات القرون نادى أحد الخُلفاء بأن الأرض كافرة!!!
(هل يعرف أحدكم ما هو دين الأرض؟!!!)
وأظن أن هذا الفكر يبرر الدعوة المُستمرة للقتال.
. قتال كل من هو غير مُسلم، إذا ما كان ذلك مُمكناً، لأنه وفقاً لهذا الفكر الغريب تعتبر الرابطة الدينية أقوى الروابط على الإطلاق، ويجب تَرجيح كَفَتها على حساب أية روابط أخرى، كالرابطة الإنسانية والرابطة بين أبناء الوطن الواحد
(هل عرفتم الآن لماذا قال المرشد بأن أندونيسياً أو ماليزياً مسلماً أفضل أن يحكم مصر من أن يحكمها قبطي مصري؟؟).
وبالتالي فهذا الفكر يُرَوج لفكرة قبول حاكم أجنبي مسلم يحكم مصر، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلاً ويرفضه معنا كل مصري غيور على سيادة واستقلال مصر.
والعجيب في الحوار المُشار إليه تناقض عاكف في أقواله، حيث بعد تطاوله على مصر يقول "مصر أم الدنيا... وإن الفرق بيننا وبين المُختلفين عنا إننا نخاف الله فنحسب حساب كل كلمة نقولها، ونعتبر أن الله يسجلها علينا، ونحن نعيش لا يهمنا سوى الله عز وجل، ونحترم الإنسان الذي كرمه الله والقانون الذي يحميه"!!!
وهذه الجملة تحتاج إلى تحليل، والحكيم واللبيب بالإشارة يفهم، وينتقل المرشد العام في الحوار من إهانة الدولة المصرية، إلى التحقير من المسيحية واليهودية وكل الشرائع غير الإسلامية، بإعتبار أن الإسلام أفضل من المسيحية واليهودية ويعلو عليهما ويُفَضَل عليهما تفضيلاً! وهي إهانة صريحة للمسيحية، بل وللإسلام ذاته كدين، الذي طالب أتباعه بالرجوع إلى الكتاب المقدس كمرجع في حالة وجود شك لدى المسلم فيما أنزل في القرآن الكريم، حيث يقول كتاب الكُتب الكتاب المقدس الذي لم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه لرسول الإسلام نفسه (ص) "وإن كنت في شك مما اُنزل إليك فاسأل الذين أوتوا الكتاب من قبلك"!!!
لقد قال عاكف في الحوار (إن الشريعة الإسلامية فوق كل الشرائع والحضارات ولا يمكن مقارنتها بحضارة أخرى!)،
أليس قول عاكف هذا يحمل جوهر حيثية من حيثيات الحكم في قضية المتنصر محمد حجازي، والتي إزدرت المسيحية على ذات الطريقة؟ ولم يكتف عاكف بهذا القدر بل والأخطر أنه يعتبر الكنيسة المصرية بمثابة تنظيم وأن لها قوة كبيرة مثل جماعة الإخوان، ولها إجتماعات وتحركات، كما أن لديها قوة تجعلها من أقوى التنظيمات على الساحة، ولكنها تحالفت مع النظام على حد تعبيره!!
وإنني أقول للمرشد هنا إن كانت للكنيسة تحركات فهي تحركات وطنية ومشهوداً لها بالنزاهة، وأن ولاءها للوطن ليس له إمتدادات للولاء لأوطان أخرى على حساب أمن ومصلحة مصر العليا وسيادة أراضيها، كما أن الكنيسة المصرية كلها بكافة مذاهبها إن طالبت بحقوق مسلوبة من حقوقها المشروعة فهذا لا يعتبر مبرراً للقيام بدور سياسي أو الإدّعاء بأنها تتدخل في السياسة، كما أن الكنيسة المصرية من أهم واجباتها إحترام السلطات وعدم الإنقلاب عليها أو التحريض ضدها، فليس هذا دورها.
وبالتالي فتلميح عاكف بأن الكنيسة لديها قوة تجعلها من أقوى التنظيمات على الساحة ينطوي على تحريض كارثي للكنيسة للعب دور سياسي، كما ينطوي أيضاً على تحريض ويبدو أن عاكف يريد جرجرة الكنيسة وتوريطها، لإخراجها عن دورها لتستبدله بتكوين تنظيم غير شرعي خارج عن الأطر الشرعية والوطنية، وهو ما لا نقبله.
والسؤال هنا: لماذا لا يُحاسب عاكف على هذه الإساءات، فهل هو فوق القانون، أم لأنه المرشد العام؟؟؟!!!
بقلم جرجس بشرى
المقال يعبر فقط عن رأي صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن اتجاهات الموقع، ومن منطلق حرية الرأي والتعبير نترك مساحة حرية أكثر للكاتب حتى يعبر عن رأيه.

Wednesday, February 04, 2009

تابع قدرات الردع المصرية 7

في العام 1986 وخلال حرب الخليج الأولى ، مع ذروة التراشق الصاروخي بين العراق وإيران ، استطعت رؤية تأثير هذا الصاروخ المدعو " سكود " على المناطق السكنية عند سقوطه عليها .. عشرات القتلى ومثلها من الأبنية المدمره .. نحو ألف كيلوغرام من المتفجرات كانت كفيلة بإحداث هزة عنيفة تمتد على مسافة بضعة كيلومترات من مركز السقوط " .
لا نبالغ إذا قلنا أن سلاح الطيران الإسرائيلي يستطيع بلوغ أي نقطة تقريباً في عواصم دول الطوق العربية ، نحن لا نتحدث عن مراكز قيادة وسيطرة ومقرات عسكرية فقط ، بل نتحدث أيضاً عن منشئات حكومية ومراكز صناعية ومحطات كهربائية .. وربما سدود مائية !! الخبرات السابقة أثبتت مثل هذه القدرات ، ولكن هل تجرؤ القيادة الإسرائيلية على إتخاذ قرار التدمير الشامل ضد عواصم ومدن دول الجوار ؟؟ هل توجد تحفظات ومخاوف إسرائيلية تجاه إتخاذ مثل هذا القرار ؟؟
ليس سراً أن المصريين يعملون منذ زمن – وبالتعاون مع دول أخرى – من أجل تطوير نسخ مغايرة للصاروخ الأرضي الروسي سكود Scud variant ( موقع الإختبارات المصري المتضمن وقود الصاروخ ومنطقة إختبار في أبوزعبل Zaabal ، ومركز الإنتاج للصاروخ في حلوان ) مشاريع عديدة إستهدفت عصرنة modernizing وتحديث هذا السلاح الروسي العتيق لزيادة مداه وتحصيل الدقة المطلوبة ( للمصريين تجربة عملياتية في إستخدام هذا النوع من الصواريخ في حرب أكتوبر ) هذه الصواريخ ذات إستخدام وتأثير محدود في ساحة المعركة battlefield use ، وفائدتها الحقيقية تكمن في توجيهها نحو المدن civilian bombardment ومراكز الصناعة والإنتاج المدنية أو العسكرية .
تم تصغير هذه الصورة تلقائياً. اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي. الصورة الأصلية أبعادها 800x531 و حجمها 95KB.
أحد المشاريع المصرية الإبتدائية لتطوير صواريخ أرض – أرض كان بالتعاون مع الأرجنتين والمشروع " بدر 2000 " وهي التسمية المصرية للسلاح ، في حين كانت التسمية الأرجنتينية هي " Condor " . توقف المشروع بعد مرحلة من العمل الجاد لأسباب عدة ( كان من المفترض أن يعرض صاروخ مدى من 1000 – 1500 كلم ) ، فقرر المصريين المضي قدماً في مشروعهم الخاص المسمى " Project T " وهو مشروع وُصف بالنجاح من قبل بعض المتابعين لتطوير أداء الصاروخ الروسي Scud B . وتتحدث تقارير أخرى عن أن المصريين إستفادوا من الخبرات الكورية الشمالية ، ومنظومات صواريخ أرض – أرض نوع No-dong 1/2 ذات الدافع السائل liquid propellant والمدى البعيد longer-range . الصاروخ Scud B في نسخته الأصلية يمتلك مدى أقصى من 300 كلم ، ( عمل المصريون بالتنسيق الفني مع الكوريين الشماليين لزيادة المدى لأكثر من 450 كلم ) ، وحمولة حربية تقدر بنحو 985 كلغم ( يعتقد أن مصنع Sakr مسؤول عن إنتاج الرؤوس الحربية ) أما نسبة الخطاْ – وهي جداً مناسبة – فتقدر بنحو 450 متر عن الهدف المنشود ( يدعي الإسرائيليون أن منظومتهم الصاروخية Arrow قادرة على إعتراض الصاروخ المصري وقبل أن يدخل الأجواء الإسرائيلية ) .
تم تصغير هذه الصورة تلقائياً. اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي. الصورة الأصلية أبعادها 700x458 و حجمها 71KB.
طبقا للمسؤولين أمريكان " مصر تقترب من النجاح بسرعة ، لا خطر في أن نفترض أن المصريين قد حسنوا بنجاح من مدى الصاروخ سكود "
فكيف بدأ المصريين العمل على تطوير مشروعهم الرامي لتوفير سلاح دعم – وربما ردع – إستراتيجي :
1960 : تستورد مصر مهندسون وعلماء ألمان للمساعدة على تطوير برنامجهم الخاص للصواريخ الباليستية .
1972 : يجهّز الإتحاد السوفيتي مصر بصواريخ أرض – أرض قصيرة المدى من نوع FROG-7 .
1973 : تستورد مصر تسع قاذفات سوفيتية launchers على ما يقال ، وتقريبا 18 صاروخ نوع Scud-B ، ويتم لأول مره إطلاق ثلاثة منها بإتجاه المواقع الإسرائيلية في سيناء ، أثناء حرب 1973 أكتوبر .
أوائل الثمانينات : تزوّد مصر كوريا الشمالية بصاروخ سوفيتي الصنع من طراز Scud-B ، لتطبيق مبدأ لهندسة العكسية reverse engineering ومحاولة إنتاج نسخة مشابهه .
1982 : تبدأ مصر التعاون في التعاون مع الأرجنتين والعراق على تطوير وإنتاج صاروخ بمدى 1,000 كيلومتر ، عرف هذا الصاروخ بإسم Condor II في الأرجنتين أو بدر -2000 في مصر. وقامت شركات ألمانية وإيطالية بتوفير تقنيات التوجيه للصواروخ .
1986 : تتمكّن مصر من الحصول على تفاصيل البرنامج الكوري الشمالي لتطوير الصاروخ Scud-B ، بضمن ذلك الوثائق والرسوم التقنية technical documents and drawings .
1987-1990 : يجتهد الخبراء المصريون في العراق على العمل على مشروع تطوير الصاروخ Condor II .
1988 : إعتقال ضابط عسكري مصري في بالتيمور Baltimore ، لمحاولة تهريب مواد تستخدم في صناعة الصواريخ البالستية خارج الولايات المتّحدة ( 200 كيلوغرام من مادّة كاربون الكاربون ، وهي المادة المستعمله في صناعة مخروط الصاروخ الأمامي ، وتحسّن دقة الصاروخ بحماية المخروط الأمامي من الحرارة الإحتكاكية الكبيرة التي تنتج عن دخول الصاروخ في طبقة الجو أوتوسفير atmosphere ) وإتهام مهندس مصري المولد أمريكي الجنسية ، يدعى عبد القادر حلمي ( يعمل في مركز كاليفورنيا الفضائي California aerospace ) بتسريب المعلومات السرية لصالح وزارة الدفاع المصرية .
1990 : يبدأ المصريين أول عمليات إنتاج فعلية لصواريخ Scud في مصنع هيليبولس Heliopolis factory .
1996 : تكتشف المخابرات الأمريكية على ما يقال أنه سبع شحنات بحرية shipments من كوريا الشمالية إلى مصر ، تضم مواد تستخدم في تصنيع الصاروخ Scud-C missiles ، بضمن ذلك الصفائح الفولاذية steel sheets وأجهزة الدعم .
يوليو/تموز 1997 : تؤكّد وكالة المخابرات المركزية بأنّ مصر حصلت على قطع غيار وتقنيات من كوريا الشمالية وروسيا السنة الماضية لتطوير صواريخ Scud-B .
فبراير/شباط 1999 : تقرير وكالة المخابرات المركزية يقول أن مصر " تواصل جهدها لتطوير وإنتاج " الصواريخ الباليستية من طراز Scud B و Scud C . ويضيف التقرير، أن مصر تواصل عملها للحصول على مكوّنات الصواريخ الباليستيه ballistic missile والأجهزة المرتبطة بها من كوريا الشمالية .
مارس/آذار 1999 : تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية مصادر معلوماتية تحدثت عن أن ثلاث شركات مصرية ، هي الشركة العربية البريطانية للديناميكا Arab-British Dynamics ، وشركة حلوان للمكائن والمعدات Helwan Machinery and Equipment ، ومصنع قادر لتطوير الصناعات Kader Factory for Developed Industries ، تعمل في مشروع الصاروخ البالستي بالتنسيق الفني مع كوريا الشمالية .
فبراير/شباط 2000 : تزعم الولايات المتّحدة والمخابرات الإسرائيلية بأنّ التقنيات الغربية التي حصلت عليها الشركات الحكومية المصرية ، يتم إرسالها إلى كوريا الشمالية ، حيث يعاد تكييفها وتوظيفها كمكوّنات رئيسة متقدّمة لبرنامج الصواريخ البالستية