Thursday, April 30, 2009

الليبراليون الجدد فى مصر

بعيداً عن المشاركة فى المناحات التى يبدو أنها أمست لعبة مفضلة فى مصر، فإننى أراهن على تيار فكرى وسياسى يتنامى باطراد، خاصة فى أوساط النخبة، وهى التى تقود أى تغيير حقيقى فى تاريخ الأمم والشعوب..
هذا التيار يمكن أن نصطلح على تسميته بـ«الليبرالية الجديدة».
وصفة «الجديدة» تأتى تمييزاً للمرحلة الراهنة عن الجذور التى زرعها آباء النهضة منذ ١٩١٩، والتى لم تكد تؤتى ثمارها حتى انقض عليها عسكر يوليو ليجهضوها فى زمن الثورات والانقلابات، التى ولَّى عهدها غير مأسوف عليها.
وبالطبع ليس الفرق التاريخى هو وجه الاختلاف الوحيد بين ليبرالية مطلع القرن العشرين، وتلك التى تتبلور فى الألفية الثانية، فهناك تطورات دولية وإقليمية انعكست على فكر وخبرات الجيل الجديد، ولعل أبرز تلك السمات أن الليبراليين الجدد يؤسسون مواقفهم على حسابات براجماتية، بمعنى الانحياز لمصالح الناس، وهى اللغة التى تفهمها الدول والشعوب.
العالم تغير، ويتغير صوب هذه الجهة أو تلك، كل هذا لا يهم، فليس بوسع العقلاء أن ينكروا ما طرأ على العالم من تحولات، باستثناء المغيبين، والمستفيدين من بقاء الناس على هذا النحو من التفكير المعادى للحياة المنتشر فى مصر الآن، والذى يفكر بالآخرة أكثر مما يهتم بشؤون دنياه، ولأن ذلك ضد طبائع الأمور، فإنه يتورط فى ممارسات النفاق، فلا نلمس أى مردود إيجابى على أخلاق الناس، رغم تفشى المظاهر التى توحى بالتدين
.الليبراليون بالطبع ليسوا ضد الدين، لكنهم لا يرونه سبباً للتمييز بين الناس فهو شأن شخصى، لأنه إذا كان من غير اللائق أن نسأل المرء عن علاقته بشريك حياته، فهل يستساغ السؤال عن صلته بخالقه؟
ويؤمن الليبراليون الجدد بأنهم يقدمون خدمة لمجتمعهم أكثر من هؤلاء الذين يسعون لتوريطه فى صدامات مع العالم، فلسنا وحدنا فى هذا الكون، إنما نحن مجرد أمة بين الأمم، وعلينا أن نقدم نماذج مشرفة للعالم، بدلاً من الانبهار برطانة أى ناعق يدعو الناس للانتحار والاكتئاب الجماعى.كان يمكن أن يرتبك المرء أمام السؤال عن وزن هذا التيار فى مصر ومحيطها الإقليمى، لولا حالة التواصل والمكاشفة غير المسبوقة التى وفرها الإنترنت، لتجعل التعتيم على المنطق ومحاولات اختطاف الشعوب مجرد لعبة سمجة لا تلقى رواجاً إلا بين المهووسين، الذين لم يعد يتسع العالم للمزيد منهم
.لم ينحصر الأمر فى الإنترنت، بل امتد لقطاعات واسعة من الشباب الذين أفلتوا من مستنقع الشعوذة الدينية و»اللغو القومجى» الذى يشوّه وعى الملايين بذاتهم، ويجعلهم يخجلون من «مصريتهم»، ليتمسحوا فى نظريات خرافية عن الوطن العربى الواحد.
من هنا يقطع الليبراليون الجدد بضرورة تعميق إحساس المصرى بهويته فى مواجهة المد السلفى البدوى من جهة، والخطاب العروبى العنصرى من جهة أخرى، فالمفكر والفنان والأديب والعامل، الذى تبلور وعيه فى مصر الليبرالية، كان موضع احترام العرب وغيرهم، واستقدموه بكرامة للاستفادة منه، بينما لم يفلح التمسح فى هوية الآخرين فى ذلك
.لا يرى الليبراليون العولمة خطراً داهماً كما يروّج قصار النظر والمستفيدون من بقاء الأوضاع المتردية، فالعولمة واقع كونى لا يفيد إنكاره، كما أنها تمهد للحداثة الفكرية والسياسية والاقتصادية، وبالتالى لا يتحرج الليبراليون من توظيف الضغوط الدولية للتصدى للاستبداد وتطبيق الديمقراطية، خاصة فى ظل عجز النخب والأحزاب الهشّة عن دحر العسكريتاريا المستبدة، والنظم العشائرية البدائية.
وسبق أن استعانت أوروبا بأمريكا لهزيمة النازية والفاشية، وهو ما عبر عنه (الكندى) حين قال إن «علينا أن نأخذ الحقيقة من أىٍ كان، سواء كان مشاركاً لنا فى الملّة أو لا»
.وللحديث بقية.
بقلم: نبيل شرف الدين
نقلا عن المصري اليوم

أنفلونزا التعليم‮.. ‬الكارثة القادمة

الواحد يصحي الصبح ويعمل فنجان القهوة ويمسك الجرائد ويلف لفة سريعة عليها يلاقي دماغه هي بتلف ويجيله زغللة وحول،‮ ‬والمخ يهنج ويحتاج إعادة تنشيط بعد فقدان الذاكرة المؤقت‮.‬

أول إمبارح أغلب عناوين الصحف تتحدث عن أنفلونزا الخنازير والطيور وشتائم في حزب الله وعملته السوداء والعلاقات المصرية الليبية ودولة الجوار الشقيقة التي يملكها ملك الملوك ورئيس الرؤساء وأمير المؤمنين ودكتور الدكاترة وأستاذ الأساتذة وربنا يستر علينا من العدوي،‮ ‬وأخبار عن مجلس الشعب وفضيحة النواب الباطلين وصورتين‮ »‬هامتين‮« ‬الأولي للست هيفاء وهبي وهي بفستان الفرح وهو سبق صحفي كان ينتظره كل المصريين،‮ ‬والثانية للست نائبة رئيس حكومة إسبانيا وهي تمد يدها بفخر واعتزاز وألاطة إلي فلاحة مصرية‮ ‬غلبانة لتلطع عليها قبلة مصرية أصيلة،‮ ‬وحدث هذا أثناء زيارتها لدهشور ولأن البلد دي ما لهاش صاحب،‮ ‬فلابد أن تحدث مثل هذه الأشياء لأن الأمن مشغول بإضرابات أبريل القادم‮..

‬ بعد ذلك خبر منشور في جريدة واحدة عن الجامعات المصرية التي خرجت من‮ »‬ذيل‮« ‬الترتيب العالمي لأفضل‮ ‬500‮ ‬جامعة‮.. ‬والذيل‮ »‬هو‮« ‬العصعص‮« ‬يعني إحنا ما حصلناش حتي كرسي في العصعص العلمي للجامعات،‮ ‬وخبر تاني صغير عن صفوت الشريف الذي يقول إن الرئيس طلب تنظيم ندوات ومحاضرات لتعريف الجيل الجديد من المصريين بالنضال الذي خاضه الشعب من أجل تحرير سيناء‮!! ‬والخبران مرتبطان ببعض إلي أبعد الحدود‮.. ‬إزاي؟

‮.. ‬بما أن التعليم يسير من أسفل إلي أعلي،‮ ‬إذن التعرف علي التعليم الابتدائي والإعدادي يعطي صورة واضحة لمركز جامعاتنا في المستقبل القادم المشرق وغالباً‮ ‬بعد عشر سنوات من الطرد من‮ »‬الذيل‮« ‬سيتم الحجر علينا لعدم كمال الأهلية،‮ ‬وما يحدث الآن من امتحانات للكادر ورسوب المدرسين في المعلومات العامة،‮ ‬ثم دراسة تغيير نظام الثانوية العامة للمرة الخمستاشر والهتافات العبيطة بالقضاء علي الدروس الخصوصية‮.

. ‬كل هذه الهرتلة تدل علي‮ ‬غياب تام للوعي لدي الوزارات المختصة بالتعليم والتي لا يعرف وزراؤها أن التعليم الجامعي يتم في المنازل والقاعات والدروس الخصوصية أيضاً،‮ ‬وكله بالملازم والأسئلة المتوقعة‮.

‬ والكارثة الكبري التي تسمي بالكتاب الجامعي‮.. ‬والنتيجة هي‮ ‬السير من فشل إلي فشل أشد،‮ ‬ومن خيبة إلي خيبة بـ‮ »‬الويبة‮« ‬والعربية هي تساوي اثنين‮ »‬كيلة‮« ‬وهي من مكاييل الغلة‮.‬

وأبلغ‮ ‬دليل هو أن الرئيس نفسه اكتشف أن الأجيال الجديدة لا تعرف شيئاً‮ ‬عن احتلال سيناء ولا عن الهزيمة ولا عن حرب أكتوبر ولا عن مفاوضات طابا ولا عن تحريرها‮..

‬وإذا سألت شابا أو شابة عن طابا وإذا كان قد ذهب إليها في فسحة جميلة سيقول أعرفها،‮ ‬وإذا سألته عن موقعها لن يعرف أين تقع طابا علي خريطة مصر الجغرافية؟ وهذه ليست مبالغة لأنني سألت بعض الشباب بالفعل‮.‬ وهذه أيضاً‮ ‬نتيجة لحال التعليم لدينا‮..

‬المدارس تحولت إلي شوارع خلفية يتم فيها التحرش والتعليق علي الأبواب والضرب بالكرباج وحفظ مفردات الشتائم النادرة ثم تطور الأمر إلي القتل بالأرجل أو بالرعب أو الخنق من فراش المدرسة لطفلة في فصل خال من أجل سرقة الحلق لأنها مدارس تفتقد الهيكل البدائي لدور العلم‮ ‬غاب عنها ما يسمي بـ‮ »‬الإشراف‮« ‬والمشرف هو من يلف ويدور في أروقة المدارس طوال اليوم زمان قوي علي أيامنا‮.

‬ الفصل يصل فيه عدد التلاميذ في بعض المدارس لأكثر من مائة تلميذ،‮ ‬ولكي يتم تحصيل أي علم لتخرج المدرسة بأي نتيجة آخر العام،‮ ‬تحول التعليم إلي مجاميع ودروس خصوصية‮..

‬خلينا في المجاميع التي هي لمن ـ لا يعلم ـ نوعان‮.. ‬الأول‮: ‬مجاميع عادية قانونية تتم في فصول المدرسة وعدد التلاميذ فيها يتراوح من ثلاثين إلي خمسين تلميذ وسعرها عشرة جنيهات في الشهر،‮ ‬والمدرس الذي يعمل في المدرسة يقوم بتأليف‮ »‬ملزمة‮« ‬خاصة تباع للتلاميذ بخمسة جنيهات بها ملخص مفيد وأسئلة مفيدة متوقعة‮.. ‬ومن خبث المدرس يطبع عليها مساحات سوداء حتي لا يتم تداولها بالتصوير ويحصل عليها تلاميذ لم يدخلوا المجموعة‮..

‬والنوع الثاني‮: ‬يطلق عليه‮ »‬المجموعة المتميزة‮« ‬ويكون مكانها في منازل التلاميذ ويكون عددها أقل من عشرين،‮ ‬وكل تلميذ يدفع‮ ‬25‮ ‬جنيهاً‮ ‬ويشتري الملزمة المخصوصة بعشرة جنيه،‮ ‬وهذه الملزمة بها ملخص المخلص وبهريز الأسئلة التي لا يخرج عنها الامتحان أبداً‮ ‬أبداً‮ ‬أبداً‮.. ‬هذا المدرس لا يستحق اللعنة والمطاردة،‮ ‬بل يستحق الشكر الجزيل لأنه أخذ ينصح في المناهج المشوهة التي لا تصلح للاستعمال الآدمي‮.. ‬وأخذ ينظمها ويجعلها قابلة لبعض الفهم ولكثير كثير من الحفظ وهو ما يضمن النجاح آخر العام‮.‬

حدثتني فتاة صغيرة في المرحلة الإعدادية في التليفزيون في أكتوبر الماضي وسألتني‮: ‬والنبي يا طنط تقولي لي أي حاجة عن حرب أكتوبر وسيناء والكلام ده عشان عندي موضوع تعبير ومش عارفة أكتب فيه حاجة‮.

. ‬سألتها‮: ‬تعرفي إيه عن احتلال سيناء؟ ما أعرفش‮.

‬تعرفي أين تقع سيناء؟‮.. ‬ها أشوف في الخريطة أصلي خايبة في الجغرافيا‮..

‬طيب سيناء كانت محتلة كام سنة؟ قالت بسرعة ست سنين أنا سمعتها كده‮..

‬من الذي احتل سيناء؟‮.. ‬صمتت،‮ ‬ثم ضحكت‮.. ‬بينما كدت أنا أبكي‮..

‬وللعلم هذه الفتاة ذكية ومجتهدة ولكن هذا هو المستوي المعرفي للمرحلة الإعدادية ولن أتحدث عن مستوي الإملاء في اللغة العربية لأنها حالة ميئوس منها بداية من المراحل الابتدائية حتي مراحل الجامعات التي طردت من الذيل والعصعص العلمي العالمي‮

. ‬والخلاصة‮.. ‬لا تعليم ولا ذاكرة وطنية ولا انتماء،‮ ‬ولكن ربما يكون السفر إلي إسرائيل هو الإنجاز الوحيد‮.‬ لو بإيدي أجمع كل وزراء التعليم منذ خمسين عاماً‮. ‬الأحياء منهم،‮ ‬وأقدمهم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمي‮.. ‬وأجمع كل لجان التطوير وأعضائها الذين يعملون منذ الثمانينيات وأطفحهم الفلوس اللي قبضوها وألغي كل منح الاتحاد الأوروبي للتعليم والنشر والمعرفة وإذا كان فيه منح من حتة تانية زي أمريكا ولاّ‮ ‬الصين ولاّ‮ ‬غيرها‮.. ‬وأحاكم كل من كان مسئولاً‮ ‬عن ميزانية وزارة التعليم المتواضعة التي جعلت من مديري المدارس متسولين يطلبون من التلاميذ الجدد دكك وكراسي وشبابيك وسبورة،‮ ‬وفي بعض الأحيان سكر وزيت وصلصة للنشاط المدرسي‮..

‬دائرة الفشل تبدأ في الحضانة وتكتمل عند مراحل البحث العلمي‮..

‬الوزراء يتوالون علي الوزارة ليدمر كل وزير خطة الوزير السابق ويطرد معاونيه ومحاسيبه ويبدأ خطة جديدة ويأتي بمعاونيه ومحاسيبه ولا مانع من ابن أخو مرات الوزير أو جوز بنت وكيل الوزارة لأنهم علي علم ومقدرة عالية تؤهلهم لتأليف كتب وقصص تقرر في مناهج التعليم ويقبضوا بسرعة قبل الوزير ما يمشي‮..

‬الملايين تهدر في تغيير المقررات وتباع الكتب المطبوعة في العام الماضي لتجار اللب وتطبع كتب جديدة ومناهج جديدة كل عام‮. ‬مجلس الشعب مشغول بتوافه الأمور كالعادة ونحن مقبلون علي كارثة أشد وطأة من أنفلونزا الطيور والخنازير والبني آدمين لأن ضحايا هؤلاء ربما يكونوا بالمئات أو حتي بالآلاف،‮ ‬ولكن ضحايا أنفلونزا التعليم وبائية خطيرة قاتلة سيكون ضحيتها الوطن بأكمله‮.. ‬ولن تجدي معها أمصال ولا أدوية ولا حتي نقل أعضاء‮.

. ‬الخبر الذي نكد علىَّ‮ ‬وسود الدنيا في وشي نشر في جريدة واحدة وعلي استحياء لأن المهم بالنسبة لعامة الشعب هو صورة فرح‮ »‬هيفاء وهبي‮«..
‬جتنا نيلة في أيامنا الهباب‮.‬


بقلم: د. لميس جابر
نقلا عن الوفد


العلة والمعلول

آخر ما تسأل عنه الآن في مصر هو العقل والمنطق ،
كل شيء (أقول كل شيء) في واقعنا الحالي تديره حالة من الجهل أو التجاهل ثم العصبية والهوس العاطفي، ما ينطبق علي السياسة يمشي علي الدين، وما تبغبغ به الصحافة يهرتل به التليفزيون، مصر في وضع عبثي يفرضه استبداد سياسي في الحكم يخنق الحرية وتطرف ديني في الشارع والمؤسسة الدينية يخلق الجهل، وفي المسافة الفاصلة بين هذا وذاك سمح رجال الحكم والحزب الحاكم لأنفسهم بأن يحتكروا الوطنية وتحديد مصلحة البلد والوعي بما يضره ويفيده
ولم يكتفوا بذلك بل قرروا - في ابتذال رخيص - أن يبخوا علي خصومهم تهم العمالة والخيانة باعتبار أن أي واحد مش معاهم يبقي ضدهم وضد الوطن لأنهم هم الوطن شخصيا.
وعلي الناحية الأخري يقف مجموعة من الشيوخ ونجوم التطرف الديني الذين يحتكرون الدين والإسلام وينطقون باسم الله باعتبارهم مندوبين عنه ومنزلين من لدن خبير حكيم وسمحوا لأنفسهم أن يوزعوا تهم الكفر والإلحاد والردة علي غيرهم ممن يخالف فتاويهم وعماهم الديني ويطاردون أصحاب الرأي ومجتهدي الدين بالتكفير والمصادرة سواء تكفير عالم أو شاعر، مصادرة فكرة أو مجلة، وتحصنت مصر كلها وراء أسوار الجهل والتعصب والوطنية الزائفة والدين المنقوص،
وصار كل العالم من أمريكا إلي إيران، من سوريا إلي قطر، من الغرب والشرق، من حزب الله وحماس إلي محطة الجزيرة، من منظمات حقوق الإنسان إلي أعضاء البرلمان الأوروبي أعداء يتآمرون علي مصر، كما صار الغرب كله يخصص جهده وحياته لمحاربة إسلام مصر وقيم مصر ودين مصر، وهكذا المصريون بحكمهم الرشيد وحاكمهم الحكيم وشيوخهم الأفاضل وقنواتهم التليفزيونية الأشاوس يدافعون عن مصر في مواجهة هؤلاء الأعداء
السؤال الآن فعلا: علي إيه ده كله؟
ماهذا الشيء العظيم الرهيب الفظيع الذي تعمله مصر حتي يكون كل هؤلاء أعداءها؟!
ما الخطر المصري الرهيب الذي يجعل نصف العالم تقريبا يتآمر علي مصر؟
ويجعل كل منظمات وهيئات وفنون وثقافة العالم تتآمر كي تطعن في دين المصريين وتحاول أن تحولهم عن القيم العظيمة التي يتمتع بها شعب مصر؟
لا تفتح جريدة ولا تطل علي شاشة تليفزيون في مصر إلا وتجد واحدا يمسك سيفا ليهدد من يريد بمصر سوءا، وتحس معه أن طائرات تحلق في سماء البلد وإحنا مش شايفينها أو أن غزوا من الغرب أو الشرق نزل في العباسية وعند بوابة الطريق الصحراوي يستهدف أمن مصر وقيم مصر وشعب مصر دون أن نشعر بينما «الحساسون» من أهل الحكم شعروا وأحسوا.
وأنا موافق ومستعد أبصم بالعشرة علي أن مصر مستهدفة من كل كائنات الأرض وأن هناك مؤامرات تحيكها أمريكا ضد مصر، وأن هناك مؤامرات أخري تحيكها إيران ضد مصر، وأن منظمات دولية تحاول ضرب العقيدة وأن مؤسسات غربية ترمي خيوط مؤامرة علي قيم المصريين وأن الفيفا بيكره مصر ولا يريد صعودها لكأس العالم علي اعتبار أننا مقطعين كأس العالم مشاركة ومكسب!! وأن الاتحاد الأفريقي وعيسي حياتو بيكرهنا وبيعين لنا حكاما لإخراجنا من البطولات (بدليل أننا نحتكر تقريبا بطولة أفريقيا للأمم ودوري الأندية ) ولا يريد منح جائزة أحسن لاعب لأبوتريكة ومنحها للاعب تافه مغمور حيالله نجم من نجوم الدوري الإنجليزي
موافق تماما علي هذا الجنان لكن بشرط واحد أن يقول لي أحد: لماذا؟
ليه العالم كله مرقد لمصر كده وحاططها فوق أنفه وفي دماغه ومقرر يعمل في مصر كل العمايل السودا دي، مضايقة مين مصر ولاَّ معكننة علي مين ولاَّ بتنافس مين؟
دعني أكون أوضح من أن يفهمني أحد خطأ وأحدد أنني أتكلم عن مصر مبارك، مصر منذ 28 عاماً، وأسأل مخلصاً والله أحسن أكون مش واخد بالي: هل مصر تزرع كل القمح الذي تحتاجه وتنتج كل الدقيق الذي يستهلكه شعبها، لذلك ليست محتاجة للتخين؟
هل تُصِّنع جميع الأسلحة والطائرات والدبابات والمدافع التي نحتاجها أم أننا نستوردها في صفقات سرية ممنوع علينا معرفة الرئيس وقّعها مع مين ولاَّ جايبها منين؟
هل نكتشف كل يوم اكتشافا علميا ونخترع اختراعات رهيبة تغير شكل العالم وتضيف للحضارة الإنسانية.. فالحقد علينا فظيع والناس لا تطيق كل هذا العلم الذي ننتجه والعلماء الذين يمشون في شوارع مصر فوق أكتاف الضباط ويعيشون في قصور غَنَّاء من كتر احترام مصر لهم وتقديسها لمكانتهم مما يثير غيرة الدول الأوروبية والآسيوية ومن ثم قررت أن تحاربنا وتتآمر ضدنا عشان نبطل شويه هذا التقدم والتطور العلمي؟
هل نملك حق الفيتو ونستخدمه في مجلس الأمن، الأمر الذي يثير أحقاد الدول الصغيرة الكثيرة ويجعلنا في منصة الاتهام الدائم بعرقلة العدالة الدولية؟
هل لدينا أرقي الجامعات العلمية وأعظم المناهج التعليمية وأهم مدارس الكون، ومن ثم فهناك مؤامرة رهيبة ضد مصر كي تتخلف في التعليم وتتراجع عن صدارتها الدائمة في العلم والدراسة والتعليم؟
هل نعيش في بيئة نظيفة ونشرب مياها نقية ونتنفس هواء غير ملوث ولا نري دخانا ولا سحابة سوداء ولا حريق قش ولا تفسد صدور ورئات عيالنا وأطفالنا، لهذا فالعالم كله من شرقه وغربه حقد علي مصر مكانتها الرائعة في نظافة البيئة ونقاوتها وصفاء مياهها وسمائها ومن ثم حلفوا بالطلاق علي التآمر علي هذا البلد الذي يغرق في خيرات البيئة بينما يترك العالم يشم «كولة» ويتنفس هواء بالسم ويشرب ماء بالروث؟
هل تنافس مصر الصين في التصنيع والتصدير فإذا ذهبت مصر إلي سوق تغزوها بالمنتجات الهائلة التي تنتجها مصانعنا الجبارة الضخمة سارعت الصين إلي محاولة منافستنا ولما تفشل الصين وألمانيا وإيطاليا في مواجهة صادراتنا التي تملأ أسواق العالم حلفت تلك الدول برحمة موتاها أن تحارب مصر في أكل عيشها وتتآمر عليها لوقف صادرات مصر التي تغزو كل شبر فيكي يا كرة أرضية ولو حكمت تنفث الكرة الأرضية عندًا في صادرات مصر التي تسد عين الشمس ؟!
هل تفسد مصر كل خطط العالم وتستطيع بكلمة من رئيسها وموقف من حكومتها أن تعطل أي قرار دولي أو تعوق أي إعلان حرب علي أفغانستان أو العراق أو إيران أو لبنان أو نيكارجوا؟!..
هل وزن مصر الدولي والإقليمي يمكَّنُها الآن من تعطيل مشروع حائط الصواريخ بين أمريكا وروسيا وتدمير أي اتفاق في مؤتمر إيربان أو تعطيل اتفاقية كيوتو أو سحب شرعية المحكمة الجنائية الدولية أو حل مشكلة متمردي التاميل أو إنهاء التوتر بين المغرب وجبهة بوليساريو أو تقليل عدد القتلي في دارفور أو حتي إقناع فيصل القاسم بتغيير مقدمة برنامج «الاتجاه المعاكس»؟!..
مصر لا تملك إنجاح مصالحة بين طرفي الخلاف الفلسطيني، فكيف نتصور أن العالم يتآمر عليها بسبب نجاحها فيما هو أخطر وأوسع وأبعد؟
قولوا لي مصر متفوقة في إيه؟
تخوف أي حد بإيه؟
بعلمها، بمفاعلها النووي، بقمحها، بتكنولوجيا وعلوم وصناعة وصادرات شعبها؟
بلاش، دعونا نسأل عن قوة مصر بعيدا عن تاريخها العظيم والمجيد، مصر قوية في إيه كي يستهدفها العالم من أمريكا حتي إيران لإضعافها؟قوية في الاقتصاد...هأ هأ هأ
قوية في العلوم والطب؟ أم في الدجل والشعوذة التي تنفق عليها مليارات سنويا وتبذل محاولات خارقة لإخراج الجن الذي تزوج نصف بناتنا؟
قوية في الهندسة والتكنولوجيا؟
قوية في الصحة الجسدية لشعبها المرضان بفيرس «سي» والسرطان والفشل الكلوي والكبدي؟
قوية في أقمارها الصناعية التي تُصنعها وتطلقها في الفضاء تتجسس بها علي العالم؟قوية في ديمقراطيتها؟!
أرجوك بطني ح توجعني من الضحك ) قوية في دينها مع انتشار الرشوة في كل مصلحة حكومية وعمليات ترقيع غشاء البكارة وجرائم القتل العائلي وزنا المحارم والنصب والفهلوة !
وبدليل أننا ننفق 37مليار جنيه علي المخدرات سنويا من فرط إيماننا القوي وتمسكنا بقيم ديننا الحنيف !!
ده حتي مصر ليست قوية جنسيا بل صرنا من الشعوب التي تعيش علي الفياجرا حيث نمثل واحدا من أكثر شعوب الأرض إنفاقا علي المقويات الجنسية حتي أننا نستهلك بـ 11 مليار جنيه فياجرا سنوياً
.مرة أخري كي نفيق ونستيقظ لأن ما يراه المرء فعلا من هوس يسيطر علي الجميع يدعوه للظن بأن هناك مرضا جماعيا بالوهم أصاب وطنا بالكامل وكلنا في مصحة كبيرة جدا هي المصحة الوحيدة في العالم التي تمر في بواباتها علي جمرك وضباط جوازات سفر يتأكدون من التأشيرة! ما الذي يجعل مصر هدفا للتآمر من كل أرجاء الدنيا من الشيعي والشيوعي من الأمريكي والدنماركي، من اليهود والنصاري والمجوس والهندوس؟ علي إيه ده كله يا وطن؟
!أنا لا أقول هذا كي أبث في أحد يأسا، ولا أكتب هذا تشفيا في وطني وبلدي، ولا نكاية في نظام سياسي فاسد ومستبد يحكمنا وهو سبب ما نحن فيه، بل أكتب وأقول وأؤكد ذلك كي نعرف العلة والمعلول ننهض ونواجه مشاكلنا الحقيقية ونستعيد جدارتنا ومكانتنا وروحنا وحضارتنا، فإذا لم نكن صرحاء مع بعض والزمان ترللي فلا خير فينا والزمان شرم برم!!
بقلم: إبراهيم عيسى
نقلا عن الدستور

المقاومة والمقاولة

انشغلت مصر بقصة حسن نصر الله "اللي بره". لكن حسن "اللي جوه". أخطر من اللي بره بآلاف المرات.
مصر اليوم مؤجرة مفروشة لحسن نصر الله. ولأمير قطر. فلوس داخلة وطالعة. لكن هناك حالة من الجبن المخيفة في مصر لا تستطيع مواجهة هذا المخطط الجهنمي أو تتحدث عنه ولو بكلمة واحدة.
في أي دولة محترمة يعزل عضو مجلس الشعب لو تبين أنه "يقبض" من أي مصدر غير معلوم. إلا في مصر.
فلدينا أعضاء مجلس الشعب اشترتهم إيران وقطر وليبيا. لو حدث ذلك في أي بلد آخر لطالب الشعب بمحاكمة هؤلاء وعلي الملأ. إلا في مصر المحروسة. أو مصر المفروشة. أي المؤجرة مفروش.
ولكن كيف يعرف الجمهور حقيقة هؤلاء. مادام الصحافيون لا يجرؤوا أن يتحدثوا عن هذا العار الذي يلوث صورة برلمان مصر. لماذا تتحدث بعض الصحافة عن أن فلاناً عميلاً للحكومة. أي عميلاً للوطن.
بينما لا تنطق بكلمة عن عملاء قطر أو حزب الله. أو عملاء إيران الذين يغرفون من المال الطاهر القادم من طهران؟
هل يشارك بعض الصحافيين في الجريمة. هل هم مرتشون أيضاً ولهم "مقطوعية" من رأس الكوم من قبل المعلمين الكبار؟
أعتقد أن سمعة مصر الصحافية وتاريخ صحافة مصر العريق وكذلك تاريخ البرلمان المصري يجب أن يكون فوق المصالح الضيقة.
غريب أن في صحفنا من يجرؤ علي شتيمة رأس الدولة المصرية. ولا يستطيع أن ينتقد حسن نصر الله ولو بكلمة واحدة. لا بل يكتب أحدهم مقالا مدفوع الأجر ينادي حسن نصر الله "أنقذنا أيها النبيل. وأيها الشريف" إلخ.. إلخ.
ينتقد حسني مبارك صباح مساء. ولا ينتقد حسن نصر الله ولا بكلمة. هو إيه الحكاية؟
عندما كنت في مصر منذ أسبوعين. حدثني كبار الصحافيين أنهم يعرفون أن فلاناً رئيس تحرير "جرنان" يقبض من قطر وإيران ومن حزب الله. هو وأخوه يمثلان الجناح العائلي لحزب الله وإيران في مصر. "نقول له كلما قابلناه: المقال دا بكام يا ريس؟" هو يعرف أنه يقبض ونحن نعرف ومع ذلك لا يتكلم أحد.
أعتقد أن أصغر صحافي في مصر يعرف عمن أتحدث هنا.
ومع ذلك فصحافتنا هي صحافة تلميح لا صحافة مواجهة.
لماذا كل هذا الخوف من شخص تحوم حوله كل الشبهات. ولا نخاف علي سمعة مصر أو سمعة برلمان مصر؟
الغريب أن الممولين بأموال طهران وقطر وحزب الله وليبيا هم ضيوف دائمون علي الفضائيات المصرية.
فهل يقبض بعض معدي هذه البرامج أيضاً؟
في السابق كانت هناك قضية مدير قطاع الأخبار في التليفزيون المصري. حيث كانت الرشوة بهدف الظهور في تليفزيون الدولة هي السبب في سجنه. فهل مازال الامر قائماً؟
هل يتلقي بعض هؤلاء المعدين في تليفزيون الحكومة وفي الفضائيات أموالاً لكي تظهر الوجوه ذاتها علي الشاشة كل يوم. الشخص نفسه يظهر في برامج مختلفة.
عشرة أفراد يدورون كل يوم بين الفضائيات. علاقة مريبة تربط الفضائيات برموز "حسن اللي جوه". شيء أشبه بزواج المحارم. أم أنه زواج متعة مادمنا نتحدث عن نصر الله وإيران؟
أعرف أن مقالا كهذا يجلب علي المشاكل لأن جماعة "حسن اللي جوه" تغولت وتغلغلت في الإعلام والسياسة المصرية. كلما تحدثت عن "حزب الله" وعن المال الطاهر. قامت علي صحف قطر وطهران في القاهرة بحملة لتغيير الموضوع.
فبدلاً من الحديث عن خلايا "حزب الله" تبدأ حملة تشكيك ضد كل من يتلفظون ولو بكلمة واحدة ضد إيران. إن خلايا "حزب الله" وأموال طهران وأموال صدام قبلها وأموال ليبيا وقناة المنار. كلها اليوم في خدمة "شبكة حسن اللي جوه". "اللوبي الإيراني" في مصر. بجناحيه السياسي والإرهابي. يستهدف هذه الأيام كل من يحاول كشف مصادر تمويله وارتباطاته بطهران.
لابد للصحافيين المصريين. خصوصاً الشباب منهم ممن لم يتلوثوا. أن يكتبوا بصراحة ووضوح عن ظاهرة تلقي الأموال من الخارج خصوصا اذا ما وصلت إلي مجلس الشعب.
في الغرب يكشف عضو مجلس الشعب عن أموال يتلقاها هو أو أقاربه حتي لا تتلوث سمعة البرلمان.
لكن في مصر القصة تبدو "سايبة". وكلاء الخارج في الصحافة المصرية أجروا البلد مفروشة للغرباء.
لا يمكن أن يبيع الصحافي بلده في المساء بحفنة دولارات. ثم يلف نفسه بالعلم المصري في الصباح في جلسات مجلس الشعب. الناس صحيت "وما بتكلش من الكلام ده". إيران من خلال شبكة "حسن اللي جوه" تستهدف مصر.
تستهدفها من خلال جزيرة قطر. ومن خلال قناة المنار. ولكن بأيد مصرية.
يستغل هؤلاء نخوة المصريين بالحديث عن المقاومة.
المصريون مع المقاومة
. لكنهم ليسوا مع المقاولة.
أنتم مقاولون ولستم مقاومين. مقاولون لتجنيد المزيد في شبكة "حسن اللي جوه".
وهناك فرق بين المقاوم والمقاول.
ولا مش كده يا مقاول.
بقلم : مأمون فندي
نقلا عن الجمهورية

Thursday, April 23, 2009

مصر أمة لا قبيلة‏:‏ تمرينات الخفة السياسية ومجازاتها‏

في أحيان عديدة‏,‏ تبدو لي بعض الممارسات الصحفية الحادة والصاخبة‏,‏ هي تعبير عن كسل ذهني‏,
‏ وفقر في الأدوات والمنطق الذي تتأسس عليه‏,‏ والأخطر أنها تؤدي إلي إلحاق الأذي بهيبة الأمة والدولة‏,‏ بل والصفوة الحاكمة‏.‏
ومن أبرز الأمثلة التغطية والتعليق علي خلية حزب الله‏,‏ وقبلها معالجة بعض السياسات والأزمات الإقليمية‏,‏ كالملفات الإيرانية‏,‏ والسورية‏,‏ والفلسطينية‏,‏ والقطرية والسودانية‏.
‏ المرامي المعلنة من وراء الخطابات الصحفية والسياسية السابقة تتمثل في الذود عن السمعة والمكانة الإقليمية والدولية لمصر‏,‏ والدفاع عن مقام القيادة السياسية‏.‏
أيا كان الرأي حول مشروعية هذا المسعي الخطابي‏,‏ إلا أن التساؤل الذي يثور هنا‏,‏ هل تحقق هذا الهدف؟
لا يحتاج المتابع إلي عميق عناء كي يكتشف الفشل الذريع في المعالجة‏,‏ لأن هذا الخطاب الزاعق الذي يكتسي باللغة الحماسية الهادرة بالألفاظ الخشنة وعنف المفردات المدببة يتجاوز في بعض الأحيان أدب وأخلاقيات الحوار إلي السجال المنفلت‏,‏ ولا يبقي منه سوي الإنشاء اللغوي لا المعرفة والمعلومات والردود المقنعة علي الآخرين‏.‏
نيران اللغة العنيفة الهوجاء‏,‏ والدخان الأسود والرمادي الكثيف‏,‏ قد يوحي‏,‏ لوهلة أن الدوافع المعلنة مبررة ومشروعة‏,‏ إلا أن نظرة ولو سطحية ولا نقول شبه عميقة ستكتشف وبلا عناء‏,‏ أن الخطاب يتوجه للقيادة السياسية التي لا تحتاج إلي هكذا طبل اجوف‏,‏ وأن وظيفة اقناع المستهلك الداخلي لا تتحقق‏,‏ لأن غالب الجمهور يتعاطف مع بعض الفضائيات وخطابها الغوغائي‏,‏ والأثاري‏,‏ لضعف إعلامنا‏
.‏بعض الخطابات تميل إلي التملق‏,‏ ولا تستهدف الدفاع عن مصر الأمة والدولة‏,‏ ولا إلي تحليل موضوعي للسياسة الخارجية المصرية‏,‏ ونقد السياسات الإقليمية للدول‏,‏ وللفواعل ما دون الدول ـ كمنظمتي حزب الله وحماس‏...‏إلخ ـ التي باتت تشكل أحد مثيرات الاضطراب‏,‏ وعدم الاستقرار الداخلي في البلدان التي تنتمي إليها‏(‏ لبنان‏/‏غزة والضفة الغربية‏),‏ أو إحدي أدوات الدول الإقليمية‏(‏ إيران‏/‏سورية‏).‏
هذا التوجه الكتابي ـ ولا أقول سياسة تحريرية‏-,‏ يكشف بعضه عن ضعف في التكوين والمعرفة والقدرات التحليلية‏,‏ وغياب تصورات جادة‏.‏
هذا التوجه يبدو بمثابة صيد ثمين وسهل لأطراف إقليمية ـ دول وأحزاب وأجهزة إعلامية‏-‏ تقتنص معالجاته السطحية والغوغائية كأدلة تستخدم في نقد وهجاء ضد الدولة والأمة المصرية والنيل من مكانتها وتاريخها‏,‏ وذلك دلالة علي تراجع دورها‏,‏ بل وقد تصل الخفة والغفلة السياسية لدي بعض الحكام واتباعهم في إقليم النفط إلي تصور أن البترودولار‏,‏ وبعض أقنيته التلفازية‏,‏ ودبلوماسية الشيكات قادرة علي حجب الدور والمكانة المصرية‏.‏
والأخطر أنهم يوظفون بعضا من أعضاء الحزب الحاكم علي أنهم يمثلون وجهة نظر السلطة السياسية‏,‏ ولا يحتاج المرء إلي جهد كبير ليثبت أن غالبهم أو بعضهم يبدو غير كفء عن الدفاع عن سياسات أو قرارات الحكم‏,‏ بل لاحظ وبجلاء الخفة والاضطراب في خطابهم‏,‏ مما يجعل بعضهم مثيرا للأسي والخجل لدي بعض المشاهدين‏.
‏خذ علي سبيل المثال المعالجات الرديئة ـ في بعض الصحف القومية والحزبية والمعارضة والخاصة ـ لسياسات حزب الله الداخلية والإقليمية في اتخاذ قرارات حرب بناء علي تحالفات إقليمية سورية ـ إيرانية‏,‏ في حرب‏2006,‏ بينما الحزب كان ولا يزال جزءا من التشكيلات البرلمانية والحكومية وجهاز الدولة اللبناني‏,‏ ثم اتخذ قرار الحرب بعيدا عن مواقع صنع القرار اللبناني‏.
‏ الممارسة نفسها برزت أثناء الحرب الأخيرة علي قطاع غزة كان القرار الحمساوي إيرانيا وسوريا بامتياز ولأهدافهما أساسا في كلا المثالين‏.‏ ذهبت بعض الممارسات الإعلامية ـ والسياسية المعارضة والخاصة ـ إلي ممارسة دهمائية ترمي إلي استثارة المشاعر الدينية‏,‏ والشعارات‏'‏ القومية‏'‏ الصاخبة للمصريين‏,‏ وأسهمت غالب أجهزة الإعلام‏,‏
وبعض القوي السياسية ـ في الحزب الحاكم والمعارضات ـ في عمليات تشويه عمدي لوعي الرأي العام المصري‏,‏ ومن ثم فقدت الصفوة المصرية وأتباعها القدرة علي توجيه الرأي العام المصري وتبصيره وإقناعه بمصالح مصر القومية‏!
والسؤال الذي يطرح علي بعض قادة المعارضة الرسمية والدينية هل يمكن القبول تحت أي ظرف أو انتماء‏,‏ أن تدير بعض المنظمات السياسية الحزبية الدينية ـ فواعل ما دون الدولة ـ الإقليم وسياساته في الأوقات التي تراها‏,‏ ودون استشارة الدول الأخري تحت شعارات الجامعتين الإسلامية أو القومية العربية؟
هل يمكن القبول بأن يقوم حزب ما باتخاذ قرارات حرب من وراء الدولة وأجهزتها‏,‏ ومؤسسات صنع القرار داخلها؟
هل يمكن للشعار الإيديولوجي أو الديني أن يكون بديلا عن الرابطة القومية المصرية؟‏
,‏ كما ذهب بعضهم في استعراض صاخب في إعلاء الرابطة الدينية علي الرابطة القومية المصرية‏!.
‏يبدو لي أن بعض الخلط في التحليل والشعارات والخطابات السياسية الزاعقة‏,‏ هو أمر عمدي يهدف إلي إشاعة بعض الفوضي والاختلاطات في المجال العام السياسي المصري ويسهم في عملية استثارة مشاعر‏'‏ العوام‏'‏ ـ من النخب والمتعلمين والأميين لا فارق‏!‏ ـ الذين يجدون في الفوضي الفكرية والسطحية في الأطروحات القائمة فرصة سانحة لكسر القيود القانونية والأمنية علي المجال العام‏,‏ ومن ثم مباشرتهم للحضور السياسي والإيديولوجي بل والشخصي المكثف في واجهة شاشات الأقنية الفضائية وصفحات الجرائد القومية والمعارضة والخاصة‏!‏
هذا النمط من الممارسات السياسية والإعلامية الغوغائية تسئ للدولة والأمة‏.‏
ثمة حاجة سياسية لكي تكشف الأقنعة عن عمليات الخلط العمدي بين الارتباطات والمصالح والأهواء السياسية والإعلامية بين بعضنا‏,‏ وبين مصالح‏,‏ وخارج نطاق المصالح القومية الحقيقية للأمة المصرية‏,‏ وهي مصالح وأهداف تتجاوز ظاهر الخطاب والكلام والشعارات الكبري حول الإسلام‏,‏ والأمة الإسلامية‏,‏ والعربية‏,‏ وقناع القضية الفلسطينية التي استباحها الجميع وعلي رأسهم الفلسطينيون‏!.‏
الدولة والأمة المصرية لا تحتاج إلي تحمل عبء تقاعس بعض الحكام والقادة السياسيين‏-‏ وزعماء الطوائف والقبائل والعائلات والأحزاب وأجهزة الإعلام ـ عن أداء واجباتهم القومية‏.‏ أنهم يتعاملون بخفة وسطحية مع مصر الأمة والدولة‏,‏ وتشكل خطاباتهم وأقوالهم وكتاباتهم مثالا علي إعادة ترويج تصوراتهم السطحية عن بلادهم المنقسمة والهشة التي تتنازعها طوائفهم وقبائلهم وأعراقهم ومناطقهم وإسقاطها علي مصر والمصريين‏.‏
بعض من هؤلاء يتصورون مصر دولة مذاهب وطوائف وقبائل ومناطق وأعراق ترفع علما مثلهم‏!‏
مصر السبعة ألفية‏-‏ وفق أنور عبد الملك ـ أهم وأكثر تركيبا وعراقة من الإقليم كله‏,‏ لأنها عرفت التجانس الثقافي الاجتماعي‏,‏ وتعرفت علي الدين‏,‏ والآلهة‏,‏ والتوحيد‏,‏ وطورت المجتمع‏,‏ والدولة والمؤسسات‏,‏ والحكم‏,‏ وأرست تقاليد سياسية راسخة عبر الزمن‏.‏يتصور بعض قادة الطوائف والعائلات والمذاهب‏,'‏ والأحزاب‏'‏ والجماعات الدينية السياسية ـ داخل مصر وخارجها‏-‏ أن مصر مجموعة طوائف‏,‏ وأن الدولة هي كيان هش قابل للاختراق من خارجه‏,‏ وأن بعض أحزابها وجماعاتها يمكنهم الاستقواء بقوي إقليمية عبر العصبية الطائفية والمذهبية والدينية الممولة من خارج الأطر الوطنية‏.‏
دعاة الروابط فوق الأممية الدينية‏,‏ أو العروبية‏,‏ يحاولون تناسي أن مصر الدولة والشعب هي الأقدم في تاريخ عالمنا كله ـ مع الصين‏,‏ ثم اليابان‏,‏ والهند ـ هي فلتة فذة تاريخيا وجغرافيا وثقافيا‏.
‏ ثمة احلام عريضة لدي هؤلاء الذين يتصورون امكانية ان نستبدل بهويتنا القومية المصرية الحديثة ـ بها بعد عروبي لا نزاع حوله ـ روابط دينية وعرقية هي أقرب إلي المجازات السياسية المجنحة‏,‏ منها إلي الواقع الموضوعي‏.‏
حتي مفهوم الجامعة القومية العربية‏,‏ لايزال مشروعا تاريخيا تحت التأسيس‏,‏ وتعتوره إعاقات عديدة من أصحاب مشروع الجامعة الإسلامية‏,‏ والأخطر واقع وصعوبات عمليات تشكل الدولة القومية الحديثة‏,‏ الذي لايزال غالب قادة وقبائل العرب العاربة والمستعربة ـ بكل انقساماتهم الدينية والمذهبية والقومية والمناطقية والعرقية‏...‏إلخ ـ يحاولون وبصعوبة التحول من القبيلة والطائفة والعشيرة والانقسامات الداخلية العميقة إلي الحد الأدني من الوحدة الوطنية والاندماج الداخلي‏,‏ وأمامهم طرق ومسارات معقدة وطويلة عبر الزمن‏.‏
انهم يتصورون‏,‏ وهما أن مفهوم العصبية المذهبية‏/‏الدينية‏,‏ أو الطائفية‏,‏ أو العرقية‏,‏ يمكن أن يصوغ هوية وطنية ناجزة‏,‏ ويحول مشروعاتهم السياسية الكبري من مجال الآمال و‏'‏المتخيلات السياسية‏'‏ ـ وفق اندرسون ـ إلي واقع تاريخي سياسي ـ اجتماعي ـ ثقافي‏,‏ مجسد في مؤسسات ونظم وبنيات ثقافية وهويات جامعة‏...‏ إلخ‏.‏
لكن الفارق واسع بين اليوتوبيا والجحيم‏,‏ وبين الآمال والأساطير السياسية الكبري ـ بالمعني الإيجابي‏-,‏ وبين بؤس الانقسامات‏,‏ والمجتمعات المجزأة والمتشرذمة‏,‏ وشظايا ورماد الهويات المتصدعة والانقسامية‏!‏
من هنا يمكن تفسير التلاعب بمسألة الهوية ومحاولات تشويهها‏,‏ والتشويش علي الوعي الجماعي المصري من بعض الجماعات السياسية الدينية‏,‏ والقومية‏,‏ وبين نظرائهم وحلفائهم في المنطقة وخارجها‏!‏
إن فورة وتمرد بعض الطوائف والمذاهب الدينية والعرقية في المنطقة‏,‏ هو نتاج عوامل عديدة‏,‏ علي رأسها أن الدولة كيان هش ومتصدع‏,‏ ولا توجد أسس للاندماج القومي الداخلي‏.‏ من هنا نجد تحالفات مذهبية شيعية‏,‏ وسنية وقومية‏(‏ كردية‏)‏ وعرقية متعدية لحدود الدول‏,‏ وعلي جسد الدول واستقرار بعض المجتمعات في المنطقة‏.
‏ إن قدرة مصر علي هضم كل المؤثرات لا تحتاج إلي جدال‏,‏ بل إن مصر أكبر من التعدديات الدينية والمذهبية أيا كانت‏,‏ ويجب التوقف عن السجال المذهبي السني‏/‏الشيعي‏,‏ فلن يستطيع أحد كائنا من كان أن يضرب طاقة الهضم والتمثل الثقافي المصري للمذاهب والأعراق والاستعارات الثقافية‏,‏ في الإطار السني ـ بل والأرثوذكسي القبطي ـ المصري‏.
‏ إن تحويل المذهب الشيعي إلي شيطان كاسر‏,‏ وهم‏,‏ يكشف عن خلل في سياسات التعليم المدني‏,‏
والديني‏,‏ وعن أزمة في بعض الخطاب الديني والوعظي والافتائي السني‏,‏ والأخطر اعطاب في تكوين بعض الدعاة ورجال الدين‏,‏ وعلينا مواجهة المشكلة بصراحة وبلا تستر وراء‏'‏ اخطار موهومة‏,‏ وإنما الخطر يكمن ولا يزال هنا‏,‏ ويتمثل في ضرورة تجديد الفكر والفقه المصري السني‏,‏ والأهم تطوير الوحدة الوطنية وأسسها في إطار إصلاح ديمقراطي شامل‏,‏ يجدد أعصاب الأمة وكوادرها وقادتها وثقافتها‏,‏ ويضرب أشكال الفساد والانحراف والخروج علي قانون الدولة‏.
‏ من هنا نبدأ‏!
بقلم : نبيل عبد الفتاح
‏نقلا عن الاهرام

هما واحنا

هما مين وإ حنا مين.. ؟
هما الأمرا والسلاطين.
.هما المال والحكم معاهم.
.و إحنا الفقرا المحرومين
حزر فزر شغّـل مخك
شوف مين فينا بيحكم مين ؟
..............إحنا مين وهما مين
..إحنا الفعلا البنايين
إحنا السُنة وإحنا الفرض
إحنا الناس بالطول والعرض
من عافيتنا تقوم الأرض.
.و عرقنا يخضر بساتين
حزر فزر شغّل مُخك
شوف مين فينا بيخدم مين..؟
................هما مين وإحنا مين ؟؟
هما الامرا والسلاطين
هما الفيلا والعربية
و النساوين المتنقية
حيوانات استهلاكية
شغلتهم حشو المصارين
حزر فزر شغّل مُخك
شوف مين فينا بياكل مين..؟
....................إحنا مين وهما مي
نإحنا قرنفل علي ياسمين
إحنا الحرب : حطبها ونارها
و إحنا الجيش اللي يحررها
و إحنا الشهدا بكل مداره
امنكسرين أو منتصرين
حزر فزر شغَّل مُخك
شوف مين فينا بيقتل مين..؟
................هما مين وإحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما مناظر بالمزيكا
و الزفة وشغل البوليتيكا
و دماغهم طبعاً أستيكا
بس البركة بالميازين
حزر.. فزر شغل مخك
شوف مين فينا بيخدع مين..؟
.....................هما مين وإحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما بيلبسوا آخر موضة
و إحنا بنسكن سبعة في أوضة
هما بياكلوا حمام وفراخ
و إحنا الفول دوخنا وداخ
هما بيمشوا بطيارات
و إحنا نموت بالأوتوبيسات
هما حياتهم بامبي جميلة
هما فصيلة وإحنا فصيلة
حادي يا بادي يا عبد الهادي
يا اللي عليك قصد الغنوادي
لما الشعب يقوم وينادي
يا إحنا يا هما في الدنيا دي
حزر فزر.. شغل مخكشوف
مين فينا حيغلب مين

بقلم: احمد فؤاد نجم
حلاوة زمان
نقلاعن الدستور

الحب فى مجلس الشعب

انقلبت الدنيا فى القاهرة.. يوم الخميس 28 يوليو 1966..
لأن القناة السابعة فى تليفزيون ماسبيرو.. أذاعت فيلم (مال ونساء) بطولة يوسف وهبى وأمينة رزق وسعاد حسنى وصلاح ذو الفقار.. وهو من اخراج حسن الامام..
وكان السبب هو ظهور صلاح ذو الفقار.. وهو يلتقى بسعاد حسنى فى عشة فراخ.. ويقول لها: يا حلاوتك ياواد.. يا بتاع الفريكيكو!
انقلبت الدنيا..
لأن صلاح ذو الفقار استخدم كلمة هابطة هى (الفريكيكو)..
وجرى رفع تقرير للقيادات السياسية العليا.. يحمل الرقم الكودى (ن 5/7/4555). (لدى نسخه منه).. وكان الكلام يدور حول استخدام العبارات الهابطة فى تليفزيون الحكومة..
وهو أمر لا يصح..
علاوة على أن يوسف وهبى الموظف البسيط.. وافق على قبول رشوة بعد أن أصبح ألعوبة فى يد الباشكاتب الذى قال له فى الفيلم: .. لما أقولك ده أبيض.. وهو أسود تقول أبيض.. غمض.. تغمض.. فتح تفتح.. أوعى الدنيا تغلبك يا شحاتة!
وقال التقرير ان الفيلم يروج لقبول الموظف الصغير الرشوة ومخالفة ضميره.. بناء على تعليمات من رؤساء العمل..
وهو أمر لا يصح..
وينطوى على نشر الفساد والرشوة.. لأن التليفزيون يدخل البيوت.. وهذا أمر لا يليق (علاوة على أن البطل استخدم فى مخاطبته للبطلة كلمة هابطة.. هى فريكيكو).
ودارت الأيام..
واذا برئيس الوزراء الأسبق على لطفى يخرج علينا مخاطبا رئيس مجلس الشعب الدكتور سرور.. قائلا له: يا ويكا!
والفرق بين الحالتين كبير..
لأن صلاح ذو الفقار.. كان يخاطب سعاد حسنى فى (عشة الفراخ).. قبل أن ينادى شعبان عبدالرحيم باعتباره رجل الساعة.. بإغلاق عشش الفراخ..
أما على لطفى فكان يخاطب فتحى سرور على الملأ فى احتفال أقامه مواطن سعودى فى واحد من أكبر فنادق القاهرة. قال له: فتحى سرور ياويكا.. الكل يحبك حب الفرخة للديكا.. أما حبك للقانون فهو فى دمك وكلاويكا (!!) وهمس أحد الحاضرين للجالس بجواره.. بمقطع طريف هو: وخربت مصر.. ناقص أمريكا!!
والمفارقة هنا.. ان صلاح ذو الفقار لم يكن يحب بطلة الفيلم.. حب الفرخة للديكا رغم تواجدهما فى عشة الفراخ..
أما على لطفى فقد كان أكثر دقة عندما قال لسرور (الكل يحبك حب الفرخة للديكا).. باعتبار اننا نعيش فى عشة فراخ كبيرة.. نحن نعيش فى العشة الكبري.. العشة المحورية.. العشة الرائدة على كل الأصعدة.. وفى أزهى العصور. عصور العشش كلام عشوائي.. فى زمن عشوائي.. ومسئولون عشوائيون يخافهم الناس خوف الفرخة للديكا.. فى دولة كوستاريكا.
والمثير فى الموضوع ان على لطفى تجاهل دعوة شعبان عبدالرحيم لمكافحة أنفلونزا الطيور.. باعتبار ان حب الفرخة للديكا.. لم يعد من أمور حسن (البوليتيكا).. ولا حتى فى البوليتيكا الدولية.. التى يجيدها حكامنا.. إجادة ليس لها نظير.
وكان يتعين عليه.. ولو من باب الكياسة.. ان يشير الى ان المقصود هو (الديك المجمد).. و(الفرخة المجمدة).. المستوردة من المملكة العربية السعودية. من باب الاشادة بالمواطن السعودى العاشق للثقافة المصرية.. والأدب المصري.. ويضرب عصفورين بحجر واحد.. ويعود لمنزله عودة العائد من المعركة برأس كليب.
أما الأكثر اثارة فهو ان الأجهزة االسياسية زمان.. قلبت الدنيا.. عندما قال صلاح ذو الفقار لسعاد حسنى فى عشة الفراخ يافريكيكو.. أما الآن فلم يتحرك أحد.. ولم يطالب أرباب الفتاوى بسفك دماء على لطفى الذى يدعى ان اعضاء مجلس الشعب يحبون فتحى سرور حب الفرخة للديكا.. بينما يضم المجلس سيدات فاضلات.. لا يمكن أن نتصور ان واحدة منهن تحب سرور.. حب الفرخة للديكا..
كيف يتجاسر على لطفي.. الى حد وصف العلاقة بين نائب بالبرلمان.. ورئيسه.. بأنها علاقة دواجن.. فى الوقت الذى لا تزال فيه قصة سودة بنت زمعة ماثلة للأذهان.. عندما خرجت ليلا.. ورآها عمر بن الخطاب فعرفها.. وقال لها: انك والله ياسودة ما تخفين علينا.. فرجعت الى النبى صلى الله عليه وسلم.. فذكرت له ذلك وهو فى حجرة عائشة. يتعشي.. فقال لها (قد أذن الله لكن ان تخرجن لحوائجكن). أى ان المرأة لا تخرج من بيتها إلا لقضاء الحاجة.. وحضور جلسات المجلس الموقر.. والمجالس القومية المتخصصة.. وليس كى تحب رئيس المجلس حب الفرخة للديكا..
ومفهوم طبعا انه لو ان مجلة (ابداع) كانت قد نشرت قصيدة على لطفي.. لما نالها ما نالته قصيدة الشاعر الكبير حلمى سالم..
لقد أغلق حكامنا.. مجلة أدبية.. تنشر الابداع.. وترعى تراثنا العربي.. بسبب قصيدة شعر.. تختلف حولها الآراء..
ولم يتحركوا لاستنكار ما جرى على لسان رئيس وزراء مصر الأسبق.. حول عشة الفراخ. والسبب واضح.. ويعكس التدهور المروع الذى حدث فى الذوق العام خلال الثلاثين سنة الماضية.. والذى نلمس ملامحه فى البرامج التليفزيونية التى تدخل بيوتنا.. وفى الحوارات التى تجرى على ألسنة أبطال المسلسلات.. والسلوكيات التى نلمسها فى التعامل الهابط المهين.. مع كل من له قيمة فى مجال تخصصه.
انظر الى البرنامج الذى يعرض على القناة الأولي.. وقت ذروة المشاهدة.. وسط ديكورات قصر أشبه بقصور أمراء الأندلس وهو يستضيف المطرب اللامع الذى قدم للفن العربى أغنية (ادلعى يا بطاطس.. مفيش خضار فى السوق.. فول يا مدمس.. سوق فى دلالك سوق).. وانظر الى الحوار الذى تناول مواهبه ونشأته.. وانظر الى الطهاة الذين تخصصوا فى تقديم الأطعمة لضيوف البرنامج التافه.. الذى يعرض على الشاشة بلا أى خجل.. وكل أسبوع..
فى الوقت الذى اختفى فيه برنامج (نادى السينما).. على سبيل المثال.
أصبح الهبوط.. من أهم سمات حياتنا.. ولم يعد لشيء له قيمة مكان فى هذا البلد. أصبحت التفاهة هى الطابع المميز.. لمن يملكون زمام أمورنا.. ويبتكرون أساليب التطوير للقضاء على أساتذة الجامعات وإخضاعهم للحرس الجامعي.. والهبوط بالتعليم.. والقضاء على نجوم الفكر والأدب والصحافة..
لسبب بسيط هو انهم لا يجيدون التحدث باللغة العربية الصحيحة.
انحطاط اللغة يؤدى لانحطاط التفكير..
لأن اللغة ليست مجرد وسيلة للتخاطب.. وإنما هى أيضا وسيلة للتفكير.
ويقول الشاعر الأستاذ أحمد عبدالمعطى حجازى ان انحطاط التفكير لم ينتشر بين الدهماء وحدهم.. وإنما انتشر أيضا فى أوساط النخبة من الوزراء والرؤساء ونجوم المجتمع.. وضرب لذلك مثلا بالزجل الذى ألقاه على لطفى لتحية فتحى سرور.. والذى أشار فيه الى أن نواب المجلس الموقر مجموعة من الديوك والفراخ.. واننا مجموعة كبيرة من الدواجن.
وعلى الرغم من الانتقادات الناعمة التى وجهت لرئيس الوزراء الأسبق.. بسبب جملة (الحب بين الفرخة والديكا) إلا اننا نرى أنها تصيب كبد الحقيقة.. لأنها توصيف علمى دقيق لأحوالنا.. ويتعين علينا ان نقدم له عليها الشكر.
هو يريد أن يقول ان نواب مجلس الشعب هم طائفة من المدجنين. لعمرى ما العيب فى ذلك؟
بقلم: محمد فهمي
نقلا عن جريدة العربي

"بأيدينا نظلم المرأة".. 24% نسبة توليها المناصب القيادية

انتقدت مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني نصيب المرأة من الوظائف القيادية العليا، ووصفته بأنه متدن جداً ولا يزال متواضعاً وفقاً للأرقام المتاحة لعام 2006.
وتؤكد أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد الذكور في الوظائف القيادية من الدرجات مدير عام، الدرجة العالية، الدرجة الممتازة، درجة نائب وزير بلغ 20479، بينما بلغ عدد الإناث في المناصب القيادية 6981 أي ما نسبته 24,42% الجزء الأكبر منهن يتركز في درجة مدير عام أي في أدنى سلم الوظائف القيادية
.وعقدت المؤسسة مقارنة بين وضع المرأة في مصر وبين تعيين الرئيس الأمريكي باراك أوباما للباحثة المسلمة الأمريكية من أصل مصري، داليا مجاهد في مجلسه الاستشاري الخاص بالأديان المكوّن من ممثلي 25 طائفة وشخصيات علمانية لتكون بذلك أول مسلمة محجبة تشغل منصباً من هذا النوع في البيت الأبيض
وأكدت المؤسسة أنه بأيدينا نظلم المرأة ونسلبها حقوقها التي كفلها لها الدستور والقانون وهي المشاركة في صنع واتخاذ القرار؛ ففي الوقت الذي قام فيه الرئيس أوباما بالتوقيع على أمر تنفيذي يقضي بتعيين داليا مجاهد وفي الوقت أيضاً الذي تحتل فيه المرأة على مستوى العالم مناصب قيادية منها المحافظ ورئيس الجامعة ورئيسة وزراء ومنصب النائب العام ونائب رئيس جمهورية نجد الجدل يدور حتى الآن في مصر على كيفية دخولها الحياة السياسية والاختلاف حول أنسب السبل لتحسين مشاركتها هل من خلال القائمة النسبية أم تخصيص مقاعد لها.
وأضافت أن كل ذلك يأتي في وقت قامت فيه مصر بالتوقيع والتصديق على كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية الرامية لتعزيز مساهمة المرأة في الحياة العامة والسياسية ويأتي في ظل وجود ما يسمى بالمجلس القومي للمرأة الذي صدر قرار بإنشائه منذ عام 2000 وذلك للعمل على تمكين المرأة على كافة المستويات ورغم ذلك لم نجد لها أي تمكين في الداخل بل على العكس المرأة المصرية تحتل مناصب قيادية مرموقة في معظم دول العالم؛ وفي أغلب المراكز البحثية الدولية والعالمية وفي مصر تمكنت المرأة من الحصول على تمكينها أن تصبح مأذونة وعمدة بعد صراع طويل في ساحات المحاكم للحصول على حق هو من البديهي من أبسط حقوق التمكين لها.
مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني تؤكد أنه وفي أطار برنامجها الذي يسعى إلى تمكين المرأة المصرية وفي إطار حملة "حقها" التي أطلقتها المؤسسة والتي تسعى إلى مشاركة المرأة في الحياة السياسية وحقها في تولي المناصب القيادية تذكر الجميع أن الرئيس الأمريكي أوباما قام بتعيين امرأة مصرية مستشار له في المجلس الاستشاري الخاص بالأديان، والقيادة السياسية في مصر حتى الآن لم تقم بتعيين المرأة في منصب المحافظ أو رئيس الجامعة أو حتى نائب للرئيس في أي شأن أو أمر من الأمور
وأشارت المؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني إلى أن المرأة في مصر تشكل نصف المجتمع 48,88% وفقاً لتعداد 2006، ومن ثم فهي شريك أساسي في تحقيق التنمية من خلال مشاركتها في مختلف المجالات؛ فالمرأة تمثل 30% من إجمالي العلماء في مصر؛ وتمثل حوالي 15,3% من إجمالي قوة العمل؛ وتبلغ نسبة النساء العاملات في قطاع التعليم 41,2% من إجمالي العاملين به، وفي قطاع الصحة تبلغ النسبة 49%، وفي القطاع الزراعي بلغت نسبتهن 4,9%، وفي قطاع الصناعة 9,6% ورغم ذلك لم تعرف المرأة المصرية طعم المناصب القيادية التنفيذية بمعناها الواسع وهو المشاركة في صنع واتخاذ القرار.
وأكدت "عالم واحد" غياب المرأة المصرية عن المجالس المحلية التنفيذية فحتى الآن لم يتم تعيين امرأة في منصب المحافظ أو نائب المحافظ أو في منصب رئيس الجامعة، أما بالنسبة لمناصب رؤساء المدن والأحياء والقرى فعدد مَن يشغلن هذه المناصب من النساء لا يتعدى أصابع اليد الواحدة وهو ما يعد مخالفاً للدستور المصري في المادة (40) منه حيث ينص على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الجنس والأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة؛ كذلك تنص المادة (11) منه على أن تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية؛ وتنص المادة (8) من الدستور على أن تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين
تقرير: إسحق إبراهيم

Monday, April 20, 2009

اسألوا عائداً من الموت


لو كنت مكان د. حاتم الجبلى وزير الصحة لطبعت المقال البديع الذى كتبه الزميل والصديق العزيز مصباح قطب فى مجلة روزاليوسف، ووزعته على كل أعضاء مجلس الشعب ومجمع البحوث الإسلامية ومنظمات المجتمع المدنى، وهو المقال الذى يحكى فيه مصباح قصة عودته للحياة بعد أن قام بزرع كبد فى لندن قبل سنوات، بعد أن لحق به كبد عجوز إنجليزى وهو فى النزع الأخير، ويكاد يرى عمره يذبل ويسقط من شجرة الحياة السقوط الأخير.
على هؤلاء الذين يماطلون فى إنجاز مشروع زراعة الأعضاء أن يعرفوا قصة مصباح ومعاناته مع المرض ومعاناة بناته وزوجته، فهى معاناة ستفيدهم عند اتخاذ القرار، خاصة حين يعرفون أن مصباح رغم كل معاناته وألمه وجد فى النهاية بصيص أمل، وعثر على رحمة من ربه تنتظره فى لندن فى جسد عجوز إنجليزى، فما بالهم بآلاف لم تهيأ لهم فرصة مثل تلك التى حصل عليها مصباح، وانصهرت أجسادهم قطرة قطرة حتى تلاشت إلى لا شىء.
على هؤلاء الذين يماطلون فى إنجاز مشروع زراعة الأعضاء، أن يعقدوا جلسات استماع لمرضى يتألمون، يجلسون أمامهم كالهياكل العظمية وعظامهم تنفذ من اللحم، ووجوههم غادرتها «الدموية» منذ حين.
عليهم أن يعقدوا جلسات استماع لأمهات افترست أبناؤهن فيروسات الكبد، وافترست قلوبهن الأحزان، عليهم الاستماع إلى نساء ترملن فى عز الصبا، وشاهدن الأب والزوج والضنى يذهبون جميعاً ببطء، يضمرون شيئاً فشيئاً كشمعة تحترق فى ليلة ظلماء، تنسحب أرواحهم ببطء حتى يغيبهم الموت الغيبة الأبدية.
عليهم أن يستمعوا كذلك لأولئك الذين سُرقت أعضاؤهم دون أن يدروا أو أجبرهم العوز على القبول ببيعها بثمن بخس.
لم يأثم مصباح قطب حين تشبث بالحياة، لم يكفر حين تمسك بالفرصة، ولم يخرج من الملة حين رفض الاستسلام وانتظار الموت تحت دعوى «قسمته ونصيبه كده» كان يعرف أن نصيبه على قدر سعيه، وفى سعيه الحثيث نحو الحياة إيمان واسع برحمة الله.
لست مفتياً أو متخصصاً لكن ما أفهمه وتؤيده الفطرة أن الدين لم يقل لنا أن نرى الموت قادماً ونستسلم له دون مقاومة، لم يقل لنا أن نكرم الموتى ونُهين ونعذب الأحياء..
لم يقل لنا أن نبخل على مريض يصرخ من الألم، أو نحرم شابا فى ريعان الصبا من فرصة الحياة.
لك أن تتخيل أن دولة مستقرة فى عراقة مصر، تملك أكبر مؤسسة إسلامية وسطية فى العالم اسمها الأزهر، وأقدم تجربة برلمانية فى المنطقة، عاجزة عن إنجاز مشروع قانون محترم لزراعة الأعضاء، بضوابط واضحة وصارمة وعادلة تمنح الجميع الفرصة فى الحياة على قدم المساواة دون تمييز بين أوضاعهم المادية أو الوظيفية، كما أنها فى الوقت نفسه تفشل فى مكافحة فيروسات الكبد وعدواها التى تنتشر بين المصريين مثل نار فى حطب، دولة يهدد الموت ١٠ ملايين من مواطنيها فيغمض لها جفن، وتنام مطمئنة وكأن شيئاً لم يكن.
يقولون إن القانون سيفتح الباب لتجارة الأعضاء، وسيحول مصر إلى سوق إقليمية للأعضاء البشرية، وكأنها ليست كذلك بالفعل حالياً وقبل صدور القانون، وكأننا فقدنا الثقة فى أنفسنا ونزاهتنا وقدرتنا على وضع ضمانات تكفل سد الثغرات أمام السماسرة، هؤلاء السماسرة الذين يعيقون صدور هذا القانون لأن سوقهم بدونه أكثر رحابة واتساعاً.
قليل من العقل يكفى لإنجاز كل شىء، وإدراك أن من حقنا أن نعيش طالما منحنا الله العمر، ومن حقنا أن نتشبث بالحياة، طالما دعانا الله ألا نيأس من رحمته، ومن واجبنا أن نردد مع مصباح قطب: «دعوا القانون يمر» ضعوا فيه من الضوابط ما تشاؤون.
. لكن تذكروا أن الإله الواحد الذى تتحدثون عنه اسمه الرحمن الرحيم».
بقلم أحمد الصاوى ٢٠/ ٤/ ٢٠٠٩
sawyelsawy@yahoo.com

يا قُوى الخلاص تعالوا إلى كلمة سواء


الذى يقرأ الصحافة المصرية حكومية وغير حكومية يخرج بإحساس كامل أن كلاً من الفريقين يتكلم عن بلد غير البلد الذى يتكلم عنه الآخر ويخاطب شعباً غير الذى يخاطبه الفريق الآخر
مجموعة الصحف الحكومية - أو ما يقال لها تجاوزاً القومية - تتحدث عن أن كل شىء وردى، وأن التقدم يسير بخطوات متسارعة، وأن التنمية تسابق الزمن، وأن الناس فى رخاء سخاء دار عدن وسائر بلاد المؤمنين على حد تعبير المشايخ يوم الجمعة، وأن المصانع الجديدة تفتح كل يوم، وأن البطالة تتناقص، ذلك فضلاً عن أن الديمقراطية تزدهر، وأن الأحزاب تتنافس وأن كل شىء تمام التمام.
وكذلك فى السياسة الخارجية يبدو واضحاً أن «إيران» هى العدو الأكبر، وأن حزب الله إرهابى، وأن إسرائيل حريصة على علاقتها مع مصر «كأن هذا شرف كبير».
هذا فريق من الصحف يردد هذا الكلام كل يوم بنغمات متفاوتة فى ورديتها، ولكنها جميعاً تصب فى هذا الاتجاه، ولا مانع يمنع أحياناً من عمود أو مقال صغير يتحدث عن جانب من جوانب الحياة السلبية أو يقترح اقتراحاً يوحى بأن هناك بعض القصور فى بعض نواحى الحياة.
والفريق الآخر - فريق الصحف المستقلة وبعض الصحف الحزبية - يعزف نغماً آخر مختلفاً، وهنا أيضاً تتفاوت حرارة النغم من صحيفة إلى أخرى.
هناك من يرى كل شىء حالك الظلام، وأن الدولة تهاوت وتركت وظيفتها لمجموعة من الفاسدين وقطاع الطرق وعتاة الرأسماليين، وأن الأمور تنذر بكارثة قريبة على الأبواب.
ومن هذا الفريق من الصحف من يتمتع بنظرة وطنية موضوعية، وأزعم أن هذه الصحيفة تأتى فى مقدمة هذا الاتجاه وقد تعد أبرز ممثليه.
ونوع من الدراسة المستأنية لصفحة الرأى فى «المصرى اليوم» تجعلنا ندرك مدى الإحساس بالمسؤولية لدى الغالبية الكبرى من كتابها وتجعلنا نحس أيضاً بالخوف فى مواجهة مستقبل مجهول لا تعرف له استراتيجية محددة ولا «بوصلة» تقوده فى أعاصير المحيطات.
ولست أقول هذا الكلام لأنى من كتاب هذه الصحيفة - وإن رأى البعض ذلك - ولكن أقول ما أسمعه من عديد من أطياف القراء فى الشعب المصرى على تعدد مستوياتهم الثقافية وانتماءاتهم الفكرية.
وقد يحسب للنظام الحاكم فى مصر أنه يترك باب حرية التعبير مفتوحاً لكل هذه التيارات، ولعل هذا الأمر هو إحدى علامات الذكاء النادرة فى توجهات هذا النظام الذى بلغ به العقم والترهل مداه.
ومع ذلك فإننى من الذين يحسنون الظن بالشعب المصرى، وأنا أقول دائماً عنه شعب فرّاز، يدرك الغث من السمين وإن كان يمتاز بنوع من طول البال بل السلبية القاتلة فى كثير من الأحيان.
وقراء هذا الشعب - وقد لا يكونون كثيرين - يدركون الكلمة الصادقة ويحترمونها ويقدرون أصحابها.
وإلى جوار أن هذا الشعب «فرّاز» فإننى أكاد أجزم أن المخلصين له ولقضيته ومن أسميهم قوى الخلاص يوجدون أو يوجد عدد منهم - قل أو كثر - فى كل التجمعات وكل الفئات وكل الأحزاب حتى الحزب الوطنى نفسه لا يخلو من عدد من هؤلاء.
كل التيارات فى هذا البلد فيها المخلص وفيها الانتهازى وفيها من يمكن شراؤه بثمن بخس، ومنهم من يعز شراؤه حتى بثروات الأرض كلها.
ولا شبهة فى أن المعدن النفيس نادر وإلا ما كان نفيساً.
وإلى هؤلاء المخلصين فى كل موقع، إلى قوى الخلاص حيث كانوا، إلى كل كتائب التنوير أوجه هذا المقال أدعوهم فيه جميعاً إلى كلمة سواء من أجل هذا البلد الذى أعطانا جميعاً الحياة نفسها، وتحاول الكثرة منا للأسف المر أن تحرمه من الحق فى الحياة الكريمة وتتعمد إهانته كل صباح وكل مساء، أهان الله من يهينون هذا البلد الكريم.
ماذا أقول لهؤلاء الإخوة الذين أدعوهم إلى كلمة سواء من أجل مصر؟
أتصور أننا جميعاً نلتقى على تشخيص الأحوال المتردية التى تعيشها مصر فى كل المجالات السياسية والاجتماعية والإدارية والتعليمية والصحية وغيرها من مجالات الحياة ولكننا بعد التقارب فى تشخيص الحال نقف فرقاء متعددين لا ندرى كيف نتحرك.
لماذا؟
لأننا لم نعط أنفسنا فرصة للقاء والحوار والاتفاق على الحدود الدنيا والمطلوبة والضرورية.
بدأت حركة نحو هذا التجميع بقيادة الراحل الدكتور عزيز صدقى، ولكنها انفرط عقدها بمرضه ثم تفرقت شذر مذر بوفاته، وأظننا الآن فى أمس الحاجة إلى إعادة بناء هذه الحركة بل إلى توسيعها.
وقد طرح البعض منا وثيقة للنقاش بعنوان «من أجل مصر» وأتصور أن مشروع هذه الوثيقة مازال فى خطوطه العريضة صالحاً لأن نجتمع حوله، نضيف ونعدل ونحذف ونغيّر، المهم أن نلتقى على الحد الأدنى كخطوة أولى، ثم كلما تقدم المسار أمكن الالتقاء على نقاط أخرى
وأظن أن كلنا يلتقى على أن مصر فى حاجة إلى عقد اجتماعى جديد يبيح تداول السلطة ويسمح بإقامة الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدنى ويؤكد سيادة القانون واستقلال القضاء ويسعى إلى تعديل سلم القيم الاجتماعية الذى اختل بحيث تدنت قيمة العمل وارتفعت قيمة النهب والفساد والخطف، وهذه بعض جوانب الإصلاح السياسى الضرورية واللازمة.
كذلك أظن أننا جمعياً - أو أكثرنا على الأقل - نؤمن بأن يكون للدولة دور فاعل فى إعادة التوازن الاجتماعى الذى اختل بحكم سيطرة قلة من الأفراد على السلطة والثروة، وأقصت المصريين جميعاً عن كل شىء.
وهذا يدخل فى باب الإصلاح السياسى والإصلاح الاقتصادى معاً.
وما أظن أن أحداً من قوى الإخلاص والخلاص يرضيه حال التعليم على كل مستوياته فى بلادنا فهو حال لا يسر، حتى إن كثيرين من القوى العاقلة فى مجموعة الحكم يرون هذا الرأى ويجاهرون به أحياناً علانية وأحياناً على حذر، والتعليم الذى ينمى العقل الناقد المتطلع هو مفتاح تقدم الشعوب وإذا غاب هذا المفتاح فلا تقدم ولا فلاح.
كذلك أظن أن الجميع يلتقى على أن الأمن هو أمن مصر وليس أمن حفنة من الناس، ومن هنا فإن قوى القمع يجب ألا تستعمل لكبت الناس وإكراههم على ما لا يحبون.
وأتصور أن قوى الخلاص جميعاً تؤمن بمبدأ المواطنة، فالمصريون جميعاً سواسية، لا فرق بين مسلم ومسيحى، بل من ابتدع لنفسه ديناً كالبهائية أو غيرها، الكل مواطن والكل يتمتع بنفس الحقوق وعليه نفس الواجبات.
وأظن أن هذه الأمور تمثل الحد الأدنى الذى يمكن الالتقاء عليه إذا حسنت النوايا، وأظن أنها لابد أن تكون حسنة من أجل هذا البلد.
وقد تكررت الدعوات لإقامة مثل هذا التجمع ولكنها توقفت عند حدود توجيه النداء ولم تتقدم خطوة واحدة للأمام.
ترى لماذا؟ وما الحل؟
أما لماذا، فالأسباب عديدة منها عوامل اليأس والإحباط التى أخذت بتلابيب الكثيرين منا وأفقدتهم الأمل فى كل شىء، ومنها الرغبة فى أن يكون لكلٍ قصب السبق وينتهى الأمر بأن يقف الجميع لا يتحركون قيد أنملة.
والحل فى تقديرى أنه لابد من مؤتمر أو اجتماع فى مكان عام يدعى إليه كل قوى الخلاص فى الأحزاب والتيارات الدينية المستنيرة وجمعيات المجتمع المدنى والأفراد الراغبون ليجلسوا معاً يناقشون ويحاورون ويخرجون بميثاق الحد الأدنى ثم ينطلقون بعد ذلك إلى كل الوسائل السلمية من أجل الضغط على جماعة الحكم لكى تستجيب لمطالب الناس أو ترحل غير مأسوف عليها تاركة مكانها لمن يختارهم شعب مصر العظيم
بقلم د. يحيى الجمل ٢٠/ ٤/ ٢٠٠٩
المصرى اليوم

Friday, April 17, 2009

مشايخنا يصلحون ؟؟؟

لكل لفظة في أى لغة مدلول محدد، يتصوره الذهن ويعرف معناه، لكن في عصر بذاته محدد زمنياً ومكانياً أيضاً بذاته له سماته المميزة. لأن اللفظ يكتسب مدلوله من الخبرة بالمكان والزمان والبيئة ودرجة التحضر ومكونات المجتمع وأنماطه الإقتصادية.
فإذا تغير المكان والزمان واستمرت اللفظة قائمة لم تندثر فإنها لابد وأن تكتسب مدلولاً جديداً يليق بهذه المتغيرات.فاللفظة حقيبة نضع فيها ما نشاء وما نحتاج إليه من أفكار ومعان ودلالات ومفاهيم، ويمكنا الإضافة إليها وكذلك يمكنا الحذف منها وفق أليات المتغير الموضوعي، وربما تستمر اللفظة هي هي لكن مضمونها لابد أن يتغير، كذلك دلالاتها وما نفهمه منها، كذلك يمكن أن تختفي هذه الحقيبة بالمرة وأن تظهر حقائب أخري جديدة.
وعليه فإن أى نص تم تدوينه في زمن ومكان بعينه، فقد تمت صياغته وصبه في قالب زمكانه، فينطبع بطابع ثقافة مجتمعه، وتقاليده، وعاداته، وسلوكيات أهل زمانه وقيمهم وقواعدهم الحقوقية.
ولا يمكن إدراك الفهم الحقيقي لدلالات أى نص بإستخدام ثقافة مختلفة عادة ما تؤدي إلى نتائج زائفة ومضللة، لأن النص هو حفرية لغوية تحمل صورة حية لمجتمعها الذي صاغها ومحيطها البيئي وزمانها.
ومع التطور تظهر ألفاظ وتعابير جديدة، مع ظهور الجديد دائماً في حياة البشر من كشوف ومخترعات وعلوم طبيعية وإنسانية وقيمية وقانونية وأخلاقية.. إلخ.
وتحمل هذه الألفاظ الجديدة تاريخ ميلادها بدلالات زمن نحتها أو تخليقها، لتضاف من بعد إلى المعجم اللغوي لأصحابها ومخزونهم المعرفي. وتظل مستمرة لتحمل دلالات جديدة او تتغير أو تختفي من اللغة.مع التسارع الهائل في الكشوف والمتغير التطوري الصاعد للبشرية، حدث ذات التسارع على مستوى اللغة ميلاداً وموتاً وتطوراً
.ففي مصر كانت هناك ألفاظ أساسية يعرفها الجميع لارتباطها بطبيعة البلد الزراعية زماناً ومكاناً وبيئة، ظلت معلومة حتى لأبناء جيلي، لتختفي من بعد مع ظهور الميكنة الزراعية المتطورة، وذلك مثل كلمات الشادوف والطنبور والنورج، لن تجد من يعرفها من أبناء القرية المصرية اليوم، فقد اختفى اللفظ باختفاء الشيئ، فكان الشادوف والطنبور لرفع المياه اعتمادا على القوة العضلية وهو ما لم تعد له حاجة مع اخنراع مكائن الرفع، واختفت كلمة النورج باختفاء النورج الذى كان ألة بدائية تفصل القشور عن الحبوب، لكن زمن النورج والشادوف والطنبور لم يكن أحد يعلم معنى كلمة تليفزيون او كمبيوتر أو ريموت كنترول أو تليفون محمول لأنها لم تكن قد وجدت بعد.
وغير أسماءالأشياء هناك التعبيرات ذات الدلالات المعنوية المفهومية ، وذلك مثل (علاقة شريفة) بين ذكر وأنثى، فهى عندنا تعنى عقد نكاح علني بين الزوج (الذي عليه دفع أجر المرأة مهراً مفروض شرعاً) وبين ولي المرأة.
بينما ذات التعبير في مكان آخر بالغرب في ذات الزمان يحمل دلالة مختلفة تماماً، فهو تراض بين ذكر وأنثى ولا دور للمجتمع ولاللدين بالمنع أو بالسماح أو لتشريف العلاقة أو لتبخيسها، لأن الدلالة الجديدة ليست حلالاً أو حراماً بقدر ما هى شأن شخصي لا دخل للدين أو المجتمع بها، بل إن مهمة المجتمع حمايتها ورعايتها، فدلالة العلاقة الشريفة في الغرب تقوم علي حرية الاختيار والتراضي التي هي عندهم قدس الأقداس.
و قياساً علي ما سلف لا يعود هناك أى معنى للقاعدة الفقهية التي تقول: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، والتي ربما جازت في التعميم علي زمانها، لكنها لا تصح بالتعميم علي كل مكان حتى في زمنها.
وطالما أن الإسلام قد ظهر في جزيرة العرب وبلغتهم في القرن السابع الميلادي، وحتى نفهم مقاصده الحقيقية، فلابد أن نتعامل مع الألفاظ بدلالات زمنها، كما كان يفهمها أهل مكانها البيئي وظرفهم الإجتماعي والاقتصادي وليس كما يشرحها لنا وعاظ أيامنا ليحملوها بدلالات لم يقصدها السلف ولا أرادته اللغة بل ولم تعرفه اللفظة أصلاً.
لمزيد من التدقيق نضرب أمثلة أخرى، فكلمة الناس الواردة على تكرار في القرآن والحديث والرسائل المدونة والنصوص الأخرى المختلفة لأهل ذلك الزمان، كانت تعنى بالناس العرب وحدهم
. ومع ازدياد عدد المسلمين أصبحت تخص العرب المسلمين وحدهم، وهو موقف نفسي ينعكس في اللفظ، وشأن مكرر ومعلوم حتى عند أقدم الشعوب المتحضرة، فالمصري القديم مثلاً كان يقصد بلفظ الناس المصريين وحدهم، وما عداهم أنواع أدنى من الكائنات الشبه إنسانية، وفي زمن الإمبراطورية المصرية تم السماح للأجانب بالتجارة في مصر والسكنى فيها مما دفع الحكيم، نفررحو، وهو يتنبأ بنهاية العالم ومجئ يوم الدينونة للقول: "انظروا إن نهاية الأيام تقترب، ألا ترون الأجانب في مصر قد أصبحوا من الناس ؟!".
وهو نفس الموقف الذي تبناه الرومان فكانوا هم الناس وما عداهم برابرة، اعتزازاً بتطورهم الحقوقي والقانوني، وهو ما كان يدفعهم لرؤية المجتمعات التي بلا قانون دستورى في حكم التجمعات الحيواني المتوحشة
. وكلمة مثل (الأرض) كانت تستخدم في بلاد العرب الوعرة للدلالة علي جزيرة العرب بالذات، وأحياناً تتم إضافة دول العالم المعروف لبدو الجزيرة، وفي هذا الحال كان يفضل العربي لفظ (العالم والعالمين).
لكنه لم يكن يعلم ما يعلمه تلميذ الإبتدائي اليوم، وما تستحضره لفظة الأرض من دلالات ومعان، فهي اليوم تستدعي النظام الكوكبي مقارناً بالنظام النجمي الشمسي، مقارناً بنظام المجرات النجمية، وخصائص كل منها، وأن الأرض ضمن تسع كواكب هي المجموعةالشمسية، وأن للأرض خصائص أخرى فهي تتكون من خمسة قارات وست محيطات و.. إلخ... إلخ.
مثال أخر من لون المعاني المجردة، لفظ (القدرة)، كانت تعبر عند العربي عن القوة المادية البدنية بإطلاق، ففي رسالة الغفران التي وصلتنى بعد إعلان توقفي عن كتابة كفرياتي في روزاليوسف تحت التهديد بالقتل، جاء القول: "وحسبك أنك نجوت من قتل محقق، أى والله، بعد أن أعددنا البيان الذي كنا سننشره علي الأنترنت بعد قتلك. وقد اعترض بعض الأخوة علي إيقاف العملية، علي اعتبار أن الزنديق لا تقبل توبته وإن تاب، ولكن الأمير حفظه الله حسم هذا الخلاف بترجيح أن المرتد إن تاب قبل القدرة عليه و تقبل توبته، لقوله سبحانه: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم" انتهى ..... وهو ما يقوم علي عدم قبول الله إيمان فرعون عند الغرق وهو تحت القدرة، والمعنى أني قد تبت قبل أن يصل السلاح إلي عنقي، أو علي الأقل قبل خطفي
. كانت القدرة هى القوة المادية بإطلاق، بينما اليوم أصبحت القدرة مخزناً لقوانين العلم وإصطلاحاته، فهي الفولت في الكهرباء، وهى الحصان أو الطن في المحركات، وهى الأمبير، وهى الأوم والوات في الصوتيات، وهى الريختر في الزلزال، وهى الأوزان الذرية... إلخ، لكن أصحاب التهديد الإرهابى الذين ردوا علي توقفي عن النشربرسالة الغفران، يحفظون اللفظ في لفائف دلالاته القديمة ليحمل ذات الدلالات القديمة، وهو إسلوب مفهوم متسق، لا يعمد للتزوير والخداع والمراوغة اللفظية، وهو خطاب يقف في مكانه الطبيعي داخل منظومته دون تناقض، لأنه يحدد إدراكه وفق ما تمت كتابته بفكر وعقل من كتبه يوم كتبه.
المشكلة فيمن يزورون علينا وعلي المسلمين كذباً ونفاقاً، ويقدمون لنا ألفاظاً وتعابيرا من الماضي محملة بدلالات من فكر وعلم وتقاليد وعادات وقوانين اليوم.
المثير للرعب أن هذا الخطاب المخاتل يجد صدى لدى من يملكون القوة في العالم اليوم من دول عظمى، وتنطلي عليهم خديعته لأنهم خارج كل تعقيدات الفرق الفقهية المتراكمة عبر الزمن، ومن ثم لا يملكون أدوات النفاذ للدلالات الحقيقة لما يطرحه الإسلام السياسي علي عالمنا اليوم، فيتصورون ذلك إعتدالاً بعكس التطرف الدموي، ويفهمون عنهم أنهم قوم وسطيون يدعون للمحبة والتسامح والمساواة، ويتلهفون علي الديموقراطية تلهفاً، بينما شاعرهم الأمجد يشرح شأن العرب قائلاً: نحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر.
لكن هذا الفريق المعتدل الوسطي الديموقراطي هو نفسه من يحدثنا عن المقاومة الشريفة في العراق الحزين، المقاومة بتفجير الأجساد، سواء كان الجسد جسد المفجر، أو جسد الأم الممزق وجسد طفلها الرضيع في حضنها يرضع ثدياً ممزقا، سواء كان يهودياً أو مسلماً أو من أى ملة أو أى لون.
ويقول لنا المعتدلون أن هذه المقاومة دفاع شرعي عن الوطن ؟! فأى وطن يقصدون؟!
يقولون إنهم يفعلون فى العراق فعل فرنسا (مقاومة وطنية) عندما إحتلها النازي؟
ولكن هل في الإسلام أى مفهوم عن الوطن كما هو حال فرنسا؟!
إن الإسلام لم يكن فيه معنى للوطن كما نفهمه اليوم، ولا حتى كما فهمه العراقي القديم، أو الشامي أو المصري القديم، لأن الإسلام هو الوطن ولا يعترف بالأوطان لأنه إنما المسلمون أمة لا اله إلا الله أينما كانوا بدون حدود وطنية. وحتى هذه اللحظة الراهنة لا يعترف هؤلاء بالوطن والمواطنة جميعاً علي إتفاق، من ابن قرضاوي إلي ابن عاكف إلي ابن هويدي إلي ابن باز، فلماذا إذن المقاومة؟!
أم الصواب أن يتم الإعتراف أولاً بالوطن وإعلاء شأن الوطنية علي بقية القيم أرضية كانت أم سماوية حتى يمكن الحديث بعد ذلك عن المقاومة الوطنية.
ورغم ذلك يستخدمون اللفظ المستحدث (المقاومة) للدلالة علي جرائم حرب وإبادة جماعية بكل معنى الكلمة.
فهى حرب بربرية يخوضها الإسلام السياسي والوهابي والشيعي ضد كل الدنيا بمنطق ما وراء ألف واربعمائة عام مضت, علي أرض العراق ضد العراقيين جميعاً.
ويمارسة الشيشان فى قتل اطفال أوستيا ، ويستخدمة الإسلام البدوى ضد الإسلام الزراعى فى دارفور
.الملحظ الطريف أنهم وهم يتحدثون عن المقاومة في العراق لا يصفونها أبداً بالوطنية، إنما هي المقاومة الشريفة، هى المقاومة الباسلة، هى المقاومة الإستشهادية، هم أسود الله، أما المتكرر المعتاد فهو المقاومة الإسلامية، وهو ما يعني فورا أن الموتى من المسلمين علي أيدي هذه المقاومة الإسلامية هم من غير المسلمين.. هذا قول المعتدلين.
أما الأكثر طرافة هبتهم هبة رجلٍ واحد للحديث عن الحريات وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والمساواة والديموقراطية والعدل، وترديدهم ذلك من باب التأكيد أنهم قد آمنوا بهذه القيم الإنسانية الراقية، وأنهم سيشاركون في عملية الإصلاح، وهو ما يعني أن هناك فساداً يعرفه الجميع، لأن الجميع يدعون إلي الأصلاح، نحن، وهم، والدول الأجنبية، وحتى حكوماتنا تدعو للإصلاح؛ ولا نفهم لمن نوجه دعوتنا بالإصلاح، العالم كله يدعونا للإصلاح، وهذه الدعوة المخجلة المهينة موجهة للمسلمين دون شعوب العالم.
والملاحظ أن المشايخ أو الكهنة والدولة التي هى الحكومة، والحكومة التى هى الدولة (هذا حظ بلادنا)، والإخوان المسلمين، وجميع الأحزاب والهيئات يطلبون جميعاً الإصلاح، كما لو أن أحداً قد منعهم قبل ذلك من الإصلاح عبر زمننا الطويل الأسود من قرن الخروب، كما لو أن هناك من أعترض محاولة تطبيق أياً من تلك الألفاظ المحترمة التى يلوكونها منذ فجر الخلافة، وحتى يومنا الهباب الحالي، ولو مرة يتيمة واحدة.
مشكلتنا إذن هى مع فريق النصابين المشتغلين بالدين علينا، الذين يقومون بإستحضار الألفاظ من أكفان 1425عاما مضت ثم يحملونها بدلالات ومفاهيم زماننا، رغم أن دلالات لفظنا الحفري لا علاقة لها بدلالات اليوم، بل يصل التباعد بينهما إلي درجة النقيض الكامل.
إنهم يعيدون فرش بيت أجدادنا المهجور العتيق ، الذي تسكنه العناكب والخفافيش والجن والسعالي والغيلان والبراق وناقة صالح ونملة سليمان وصاحب الصيحة ومصاصى الدماء ، يعيدون فرشة من أرقى بيوت الخبرة الفرنسية .....من بيت ديكارت, وبيت روسو, وبيت فوليتر، ومن كبريات دور الحقوق والأمريكية المؤسسية كديكور حداثي متفوق، تقف جميعاً في خدمة حرية المواطن الفرد. ثم يقولون لنا أن هذا هو ميراث أجدادنا.
يقول الغرب: ديموقراطية نقول: عندنا شورى
, يقول الغرب: إنتخابات حرة نقول: عندنا بيعة،
يكتشفوا فاكسينات للقضاء علي معظم الأمراض القاتلة، نعيد نحن اكتشاف بول الناقة كسبق علمي لأنه فاكسين لكل ما اكتشف وما لم يكتشف بعد، فاكسين رباني...لم يصنعه بشر.
هذا رغم أن المسلم زمن الدعوة لم يفهم من الشورى ما نفهمه اليوم من الديوقراطية، لأن الديوقراطية بمعناها المعاصر هي شأن معاصر لم تكن له دلالات معلومة من المخزون الثقافي البشري قبل اكتشاف العقد الإجتماعي والمبادئ الحقوقية ثم الديموقراطية المعاصرة، نعم كان لها جذورها الأولي عند الرومان وقبلهم عند اليونان، إلا أن الإسلام ونصوصه لم يأتيا بذكر لهذه الديموقراطيات الأولى بالمرة.
وضمن هذا الفريق المتفلسف مجموعة لا تملك معها إلا الشعور بإحتقار وإزدراء حقيقيين، وهم من يطلعون علينا كل يوم بتفسير عصري جديد للقرآن والحديث، مع كل إضافة علمية أو مع أى كشف جديد.
يريدون تكريس وهم سار مسرى الحقائق بين المسلمين وهو صلاحية مأثورهم للعمل فى كل زمان ومكان.
بينما ما يفعلونه هو إعادة ترجمة اللفظ القديم وتحميله بثقافة ومعارف زماننا، التى لم تكن موجودة في مخزون المسلمين الثقافي قبل تلك الترجمة.
الغريب والمثير للدهشة والحزن والقرف والغثيان فى آن معاً، هو أنهم مثل الجميع يؤمنون بحقيقة التخلف الذي آلت إليه أمة محمد في قاع العالم، وأنهم مثل الجميع يؤمنون بضرورة إجراء إصلاحات تحديثية لمجتمعتنا علي كل المستويات، حتي يمكن لبعض أمة محمد أن يلحقوا بأخر قاطرة في قطار الحضارة.
وهو ما يعني أننا نعاني من تخلف علنيّ مهين مروع لم يعد بالإمكان تزيينه بمساحيق التجميل لشدة قبحه.
وصلنا معه إلي مرحلة لم تعد حتى تثير شفقة الضمير العالمي التى تثيرها لديه الحيوانات حتي غير الأليفة منها حرصاً على بقاء نوعها، لقد هبطنا عن ذلك الدرك مسافات.
هبطنا لدرجة السطو علي المنجز الإنساني بكل علمائه ومعاهده وأبحاثه والأموال المصروفة والجهود البشرية المبذولة بكل بساطه، بإعادة ترجمة اللفظ وتحميله بثقافات ومعارف زماننا غير الموجود من الأصل في مخزوننا الثقافي المتضمن في اللفظة القديمة. وهو تزوير مفضوح يبذلون فيه جهوداً جمة دون أى عائد أو ناتج يعود علي المواطن أو الوطن، سوى مزيد من غيابه في غياهب جهله المركب وليلة البهيم الطويل .
انظروا معي لفريق رجال الدين الذين قرروا دخول مباراة الإصلاح فاكتشفوا أن الديموقراطية ليست شيئاً سوى الشورى الإسلامية. وهو ما يستدعي التساؤل الساذج: إذا كانت الديموقراطية هي الشورى ؛ وكانت مبادئ الديموقراطية وقيمها ومؤسساتها معلومة لدى الصحابة، فلماذا لم يفعلوها ؟!
لماذا لم يقيموا مجتمعاً يقوم علي العقد الإجتماعي ويقنن للإنسان حقوقاً ويقيم لتلك الحقوق دستوراً وقانوناً ومؤسسات تحميها، ويقيم هيئة أمم متحدة ومحكمة عدل دولية كناتج ضروري للديموقراطية قبل أن يكتشفها أهل الطاغوت بخمسة عشر قرناً
. لماذا لم يفعلوها وينقلوا مجتمعهم وزمنهم كله نقلة عظيمة كانت كفيلة بجعل أمة المسلمين سيدة أمم العالم حتى اليوم؟ وكنا علمناها للغرب كما سبق وعلمناه الاسطرلاب والسيمياء والخوارزميات وبقية أشيائنا العجيبة ، ولتقدمت البشرية إلى مسافات لا تدركها المخيلة عما هى عليه اليوم. لماذا لم يفعلها الصحابة إذن؟
العجيب أن دعاة الإصلاح من مشايخنا يرون ان الإصلاح يكون بالعودة إلي ما كان سبباً في حاجتنا للإصلاح؛ بالعودة لخير القرون إلي زمن وإلى ناس قتلوا بعضهم بعضاً علي الدنيا، ولم يعرفوا كيف يصلحون مجتمعهم ومعهم رب السماء والصحابة والمبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين بعد ذلك ظهيراً بدلاً من قتل بعضهم بعضاً .
لو كانت معلومة لديهم لفعلوها ولتفتحت أمام الإنسانية أفاق خقوق إنسانية وعلم عظيم مبكر، ولما لجأوا بصلاة الغيث لإنزال المطر حتي اليوم، بل لأنزلوه بالعلم قسراً وجبراً وبالكمية المطلوبة وفى المكان المطلوب كما فعل الكافرون.
ولما لجأوا لحل مشاكلهم بالصلاة والأدعية والقنوت والتهجد وتحريض رب السماء ليخرب لنا بيوتهم وتيتيم أطفالهم ويغنم المسلمين أموالهم كما هو حالنا حتي تاريخه.
ولو قلنا أن الديموقراطية كانت معلومة لديهم وأنها كانت من صلب دينهم ولم يطبقوها ، فسيكون ذلك ظلماً عظيماً لهم، وظلما عظيماً لديننا لمطالبته بما ليس فيه فنضعه أمام حائط المستحيل، خاصة مع فشل التطبيق المعلوم بدون تزويق في كتبنا التراثية على مدى القرون الماضية، ومع هذا الفشل يكمن السبب هو أنهم ما كانوا يعلمون معنى التعددية والحرية والحقوق، فأختفت كل الفرق الإسلامية لأن سادة الدين وسدنته حلفاء السلطان رفضوا أى فرقة ناجية حبيبة للة سواهم؛ لأنهم ببساطة لم يعرفوا معنى الحرية والتعدد الديموقراطي بالمرة.
وهذا أيضاً ظلم لعقولنا وإهانة لإنسانيتنا عندما يطلبون لنا تجربة أثبتت فشلها على مدار أربعة عشر قرناً ، فشلاً تاماً وكاملاً وذريعاً ومتواصلا بكل ألوان الفشل وتفاصيله ومعانيه، إنه ليس ظلماً لعقولنا فقط بل هو إهانة علنية لها.
وحتى عشية حضور العم سام إلى المنطقة مباركاً؛ كان الإسلاميون يصرون على الخلافة والقوة المجردة لاحتلال العالم. لكن بعد حضورخليفة العالم الحقيقي بما يملك من مؤهلات الخلافة، واحتلاله مقر الخلافة الإسلامية في بغداد، قام الإسلاميون يعيدون تنسيق ما بقي بأيديهم من أوراق لتتنفق ومطاليب سيد العالم الجديد .
فقاموا يعلنون أنهم هم أهل الإصلاح بل هم الإصلاح نفسه، وأصبحوا يحدثونا عن الديموقراطية كحل إسلامي مؤكد ؛ كما لو أن أحداً قد حاول منعهم من إقامتها، وهم رقود علي أنفاسنا عبر القرون المظلمة الماضية.
الغريب أنهم يهتفون بطلب اليوم الحرية لإنشاء أحزابهم الدينية وممارسة دعوتهم لكراهية الغير وقتلة كلما أمكن ، ويصادرون الحرية علناً، إنهم يطلبون الحرية لأنفسهم فقط دون بقية المواطنين، لأنهم لو كانوا أهلاً للحرية لأصدروا أبسط قررارت الحرية، بالأفراج عن الكتب والأفلام والمقالات والمجلات الممنوعة حتى الآن.
إنهم أكتر ضعفاً من مواجهة الكلمة، فتراهم كيف سيجعلون حياتنا فى ضوء فهمهم لمعنى الحرية إذا امتلكوا أقدارنا ؟ .

بقلم : سيد القمنى
يتلقى الكاتب المكالمات التليفونبة من الخامسة مساء إلى السابعة مساء بتوقيت القاهرة على تليفون رقم 0020189914505 عدا يومى الخميس والجمعة
نقلاً عن الحوار المتمدن

حزب الله‮.. ‬والعبث والخطاب الصحفي

بصراحة‮.. ‬أنا أعترف إني‮ ‬اتخميت خمة جامدة قوي‮ ‬في‮ ‬حزب الله‮..
‬وأزعم أن كثيراً‮ ‬من المصريين اتخموا زيي‮ ‬جنابي‮ ‬لأن حسن نصر الله‮ ‬يمتاز بكاريزما قوية وخطابه الجماهيري‮ ‬وطني‮ ‬وليس دينيا فكان‮ ‬يدعو لتحرير الارض وليس‮ "‬للجهاد في‮ ‬سبيل الله‮" ‬وهو الشعار الذي‮ ‬اتسع ليشمل استباحة الأرواح من الأبرياء والاجانب والمنشآت وتهديد الانظمة وتحول الي شعار سياسي‮ ‬لا‮ ‬يختلف عن شعار اسرائيل في‮ ‬أن كل شيء مباح في‮ ‬سبيل أمنها‮..
‬وعندما انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان في‮ ‬ظلمات الليل تأكدت قوة نصر الله وحزبه وأصبح بطلا عربيا ومن اعظم رموز المقاومة‮.. ‬وتأكدت انا أنه فعلاً‮ ‬زعيم مقاومة له فكر وقادر علي حساب الأمور وتقدير الخسائر والمكاسب ويعي‮ ‬تماما معني‮ ‬المقاومة وقوة اسرائيل العسكرية‮.
‬ ورغم إعجابي‮ ‬وإعجاب الكثير من المصريين الذين كانوا قد بدأوا‮ ‬ينتظرون خطابه بشغف لأنه‮ ‬يحمل عبارات صريحة شرسة ضد اسرائيل تفش الغل والغيط إلا أن القلق كان‮ ‬يساورني‮ ‬من‮ ‬غياب سطوة الحكومة اللبنانية علي هذه المقاومة المسلحة التي‮ ‬تسيطر تماما علي جنوبه وكنت احتار في‮ ‬فهم معني الدولة في‮ ‬لبنان وأبحث في‮ ‬خبايا الأخبار عن أي‮ ‬تلميحات عما‮ ‬يسمي بالجيش اللبناني‮ ‬ولماذا هو مختف ومبتعد عن مهمة تحرير أرض لبنان كما‮ ‬يفعل نصر الله‮.. ‬
ولماذا‮ ‬يختلف الخطاب الحكومي‮ ‬اللبناني‮ ‬ويتواري وكأنه لا‮ ‬يسمع ولا‮ ‬يري‮ ‬فلا هو آسف علي الاحتلال ولا هو سعيد بانسحاب القوات الاسرائيلية‮.
. ‬ومازلت لا أعرف شكل أو زي‮ ‬الجيش اللبناني‮ ‬وهل هو موجود بالفعل أم لا؟
وأخيراً‮ ‬اقنعت نفسي‮ ‬أن نصر الله وحزبه مقاومة شريفة لوطن ضعيف ودولة خجولة تستحي‮ ‬المواقف أي‮ ‬مواقف وقلت لا‮ ‬يهم أن‮ ‬يكون شيعيا أو سنيا أو مارونيا أو درزيا او كاثوليكيا المهم أن‮ ‬يكون لبنانيا شريفا‮ ‬يسعي‮ ‬بأي‮ ‬طريقة لتحرير أرضه‮.
.‬ إلي أن اختطف حزب الله عدداً‮ ‬من الجنود الاسرائيليين منذ عدة سنوات وأعطي اسرائيل الفرصة أن تشن حرب تدمير شاملة علي جنوب لبنان وحرب إبادة جماعية ضد اطفاله بعنف من كان‮ ‬ينتظر ويتربص حتي جاءت له الفرصة‮.
. ‬وفي‮ ‬بادئ الأمر كان نصر الله‮ ‬يصرخ متباهيا بضرب حيفا وعكا وأنه لأول مرة نجح في‮ ‬اختراق عمق اسرائيل وفعلاً‮ ‬انطلقت من عنده آلاف الصواريخ ولكنها لم تصب احداً،‮ ‬بينما اطفال الجنوب‮ ‬يدفنون أحياء تحت الأنقاض واسرعت اسرائيل بالصراخ والولولة علي أمنها الذي‮ ‬استباحه نصر الله وامعنت في‮ ‬التدمير والقتل حتي‮ ‬أصبح جنوب لبنان كومة من الأحجار والجثث‮..
‬وهنا تواري نصر الله‮.. ‬وتأخر ظهوره علي الشاشات وبدأت الهزيمة تظهر علي ملامحه‮.. ‬ولكنه ظل‮ ‬يقاوم ويلوح بأن ما حدث كان انتصاراً‮..
‬ثم بعد ذلك وعلي استحياء قال في‮ ‬كلمات قليلة انه لم‮ ‬يكن‮ ‬يتوقع‮ "‬رد الفعل‮"..
‬وتأكد لدي أنها مقاومة بلا عقل وأن اصابع السياسة الايرانية تخطط وتلعب ،‮ ‬خاصة عندما اعلن نصر الله أنه سيتم تعويض الآلاف ممن دمرت منازلهم وأنهم سيقبضون الأموال لاعادة البناء مما‮ ‬يعني‮ ‬أن الملايين ستأتي‮ ‬من ايران ولا‮ ‬يهم أن تتكدس القبور بجثث الرضع الصغار الذين ماتوا بلا سبب ولا مكسب‮..
‬وتأكدت رعونة نصر الله في‮ ‬حرب الابادة الاخيرة علي‮ ‬غزة فقد فعلت حماس مثلما فعل بالضبط وتلقت من الدمار وقتل الاطفال ما تلاقاه،‮ ‬والعجيب أن‮ ‬يظهر نصر الله وهو‮ ‬يشجع ويحمس وكأنه لم‮ ‬يمر بنفس التجربة منذ سنوات قليلة ولم‮ ‬يتعلم ولم‮ ‬يكتسب أي‮ ‬نوع من الخبرة،‮ ‬وحتي‮ ‬لم‮ ‬يعد بناء ما تهدم بعد‮..
‬وبعد الجهود المصرية المضنية في‮ ‬تحريك دول العالم لايقاف نزيف الاطفال في‮ ‬غزة وبعد الجهود الشاقة في‮ ‬التعامل مع الحماقات والهبل العربي‮.. ‬اسرع الحماسيون في‮ ‬ركوب العربات ورفع البنادق واطلاق الرصاص في‮ ‬الهواء احتفالاً‮ ‬بالنصر‮..
‬بعد أن خرجوا من المخابئ وشاهدناهم لأول مرة‮..
‬وهذه الكارثة الاخيرة اظهرت سذاجة نصر الله وسيطرة السذاجة الايرانية علي عقله وتوجهاته فهو‮ ‬يعمل ويتكلم بناء علي أوامر‮ ‬غير مدروسة وغير منطقية،‮ ‬فقد اخذ‮ ‬يشجع ويهتف لحماس ويبارك انتصارها ثم‮ ‬يسب ويلعن في‮ ‬مصر واللي‮ ‬جابوا مصر وينادي‮ ‬بفتح المعابر ويُحمل مصر مسئولية الارواح والتدمير ولم‮ ‬يوجه لاسرائيل شتيمة واحدة من شتائمه وإللي‮ ‬زاد وغطي‮ ‬ان‮ ‬يوجه نداءه الي القوات المسلحة المصرية بأن تتمرد علي قيادتها وتذهب بالدبابات والمدرعات الي الحدود وتفتحها علي البحري‮ ‬عشان خاطر عيونه وعيون حماس‮.
. ‬ما هذا الجهل السياسي‮ ‬والجغرافي‮ ‬والتاريخي‮ ‬الذي‮ ‬يتحدث به هذا الرجل وكيف‮ ‬يتخيل أن قوات مصر المسلحة التي‮ ‬يضرب تاريخها في‮ ‬اعماق الزمن والتي‮ ‬اجتاحت حروبا مضنية جبارة في‮ ‬تاريخ مصر الحديث والتي‮ ‬تكون جيشها القوي‮ ‬واجتاح الشام ولبنان بشماله وجنوبه حتي وصل الي حدود عاصمة الخلافة العثمانية‮ ‬يوم ان كان لبنان‮ "‬جبل‮" ‬له امير وايران دولة بعيدة اسمها‮ "‬الفرس‮" ‬كيف‮ ‬يتخيل أن هذا الجيش المصري‮ ‬لا‮ ‬يختلف كثيراً عن عصابة‮ "‬حمادة وتوتو‮" ‬وأن جنود مصر وضباطها عندما‮ ‬يسمعون ويشاهدون نصر الله‮ ‬يدعوهم لفتح الحدود سوف‮ ‬يسرعون ويهرولون لأن خطاب نصر الله‮ ‬يجب النظام والفكر والقيادة والقوة ومهمة حماية الوطن‮.
‬ ثم جاءت الحادثة الأخيرة وظهرت خلية من‮ "‬نصر الله‮" ‬تحاول العبث بمصر عدوة العرب الاولي في‮ ‬المنطقة فهي‮ ‬سبب كل البلاوي‮ ‬والفوضي‮ ‬والعبث بأمنها حلال شرعاً‮..
‬وأسرع الرجل بسذاجة شديدة بالاعتراف مع أن قائد الخلية مازال‮ ‬ينكر‮..
‬والنتيجة ببساطة أن كل شيء انكشف وبان علي عينك‮ ‬يا تاجر‮
.. ‬أمريكا تلعب بايران كما لعبت بابن لادن والقاعدة وأفغانستان وايران تلعب بسوريا وحزب الله واسرائيل مهيصة وعمالة تقش وقطر مش محتاجة حد‮ ‬يلعب بدماغها وليبيا ماعندهاش دماغ‮ ‬اصلاً‮ ‬والحالة تقترب من حلم الست كونداليزا رايس بالفوضي‮ ‬الخلاقة‮.
. ‬والبيئة العربية مناسبة جداً‮ ‬لما‮ ‬يحدث ومصر محتاسة وكأنها فلاحة مصرية تحمل علي كتفيها طفلين‮ ‬يبكيان ويجذبان ضفائرها وتجر في‮ ‬يدها أربعة أطفال‮ ‬يجذبون ملابسها ولكنها‮ ‬يا حول الله صابرة تحاول مع كل هذا أن تسير دون أن تتعثر وسط هذا الهوس السريالي‮ ‬اللامعقول‮..
‬ولكن بقيت كلمة للصحافة المصرية فالخطاب الصحفي‮ ‬مسئول عن خداعنا جميعا بحسن نصر الله فليس بالسباب والشتائم وكيل الاتهامات تفسر الأمور وربما‮ ‬يكون هذا الأسلوب البدائي في‮ ‬معالجة الامور السياسية الملعبكة هو السبب الأول في‮ ‬العند الذي‮ ‬اصاب المصريين وقرروا أن‮ ‬يصدقوا نصر الله‮..
‬وسوف تنهال الشتائم والاتهامات من الصحف القومية وسوف‮ "‬تفرش الملاءة‮" ‬وهات‮ ‬يا ردح لفلان الذي‮ ‬يدافع عن نصر الله وعلان الذي‮ ‬لم‮ ‬يهاجم حسن نصر الله والجريدة الفلانية التي‮ ‬تؤيد والعلانية التي‮ ‬لا تنفر‮
.. ‬والناس سوف تقرأ وتكون أول النافرين ويظل عدم الفهم‮.
.‬ لحظة هدوء من فضلكم‮.
. ‬السياسة شيء متلون وغير ثابت ومعقد‮..
‬الرجاء التحدث بعقلانية ومنطق قبل أن تصيب الفوضي الخلاقة عقولنا أيضا‮.
. ‬ربنا‮ ‬يهديكم مش ناقصين بلبلة وغباوة‮.‬

بقلم: د. لميس جابر
الوفد

حسن نصرالله كان مستنى الاتوبيس الفلسطينى بغرف النوم المصرية

تعليقا عن القبض على شبكة كبيرة لحزب الله الايرانى بمصر بقيادة لبنانى قيادى بحزب الله وتضم ايرانيين يعملوا فى قناة فضائية ايرانية و اعضاء فلسطينيين من حماس و اعضاء لبنانيين ومصريين ومن جنسيات اخرى والتى قبض عليها منذ اشهر و اعلن عنها الاسبوع الماضى وتلاها اعتراف الشيخ حسن ان زعيم هذه العصابة من حزب الله وانه كان بمهمة انسانية للمساعدة على تهريب انتحاريين لداخل اسرائيليين
تحضرنى نكته اكيد سمعتوها من قبلكان هناك رجلا متزوجا من امراة جميلة و يسكن بشقة فى عمارة تحتها محطة اتوبيس وكان الرجل مشغولا بعمله طوال اليوم و ليس لديه وقت لزوجته التى تريده التفرغ لها فاقامت علاقة مع شاب عاكسها بالطريق
-وفى يوم احس الزوج بتعب شديد فى العمل فعاد لمنزله مبكرا و فتح الدولاب ليغير ملابسه ويرتاح فضبط عشيق الزوجه بدولاب غرفة النوم وبعدما اشبعه ضربا وتلطيشا قال له اريد الان ان تعترف ماذا تفعل فى دولاب غرفة نومى وفى حضور زوجتى فرد عليه العاشق ببرود
تصدقنى لو قلت لك انى مستنى الاتوبيس ؟؟؟
بكل برود بل وصفاقة ينتظر السيد حسن نصر الله الاتوبيس الفلسطينى داخل غرف النوم المصرية ويصرح بذلك علنا بل ويهدد النظام المصرى باكمله كيف يضبطه ويفضحه الشيخ حسن وكيل ايران الحصرى بلبنان ومصر بمساعدة الاخوان المسلمين ينتهك امن مصر و يشترى شقق وعمارات على الحدود ويراقب السياح الاسرائيليين لخطفهم او قتلهم ويجند مصريين للتجسس على الامن المصرى و يهرب اسلحة ومخدرات لتمويل الشبكة
ثم يعتذر قائلا انه ينتظر الاتوبيس الفلسطينى داخل غرف النوم المصرية، والسؤال للسيد حسن نصرالله و السيد خامنئى و للمهدى عاكف وللسيد احمدى نجاد و لدويلة حماس التى تنسق مع نصر الله وايران وسوريا ضد مصر
لماذا لم تنتظروا الاتوبيس السورى او اللبنانى او الايرانى؟؟
هل اتوبيس مصر اقرب ام ان العشيقة المصرية اسهل واجمل ؟؟؟
منتهى السخافة بل والخيانة ان يمثل المتهمين بالقضية محامى الاخوان المسلمين والجماعات الارهابية الاسلامية منتصر الزيات ويعمل كبوسطجى لنقل الرسائل والتكليفات من حسن نصر الله و ايران الى المتهم المقبوض عليه بحجة انه يمثلهمنتهى السخافة والخيانة ان يصرح المهدى عاكف ان القضية ملفقة للتغطية على دور الاخوان المسلمين وعملهم كحصان طروادة لايران وسوريا داخل مصر
منتهى السخف بل والخيانة ان يتهم الامن المصرى والنائب العام ووزير الخارجية ايران وحزب الله علنا فقط بالقيام باعمال ارهابية و تجنيد عملاء و محاولات لقتل وخطف السياح الاجانب وتخريب الاقتصاد المصرى ويتناسى دور شبكة الاخوان المسلمين المصرية ودور عاكف فى توفير الافراد والتغطية والوثائق المزورة والتمويل وكل الدعم اللوجستى لهذه العصابة ولعصابات اخرى سابقة واخرى فى دور الكمون تنتظر ساعة الصفر بعدما ان توافق امريكا على مشاركتهم العلنية فى حكم مصر فى اطار ترتيبات سياسية تقوم بها حاليا بالتنسيق مع النظام المصرى
لقد حان الوقت لكشف كل الاوراق بهذه القضية وبغيرها ونهيب بالحكومة المصرية الكشف عن كل الملابسات وكل الادوار وعدم تغطية دور الاخوان المسلمين الخيانى المتعاون بهذه القضية التى توضح للمصريين بجلاء من هم الذين يعملون ضد مصر ومن هم من يخرب مصر ويفلسها اكثر مما هى عليه و لا اعتقد ان احدا من المصريين الشرفاء يرغب ان يرى مصر محكومة بعصابة اخوانية ايرانية
المصريين اذكياء وما تفعله الحكومة المصرية من التغطية والتعمية على دور الاخوان الخيانى الفاعل بهذه القضية فاشل تماما وليس من مصلحة مصر والمصريين الا تبرز تصريحات عاكف و زعماء الاخوان ان القضية ملفقة لتبربر خياناتهم ونطالب النائب العام ووزير الخارجية المصرية ووسائل الاعلام التى تنشر اخبار القضية بتوسع داخل مصر ان توضح الحقائق كاملة عن دور الايرانيين المقبوض عليهم واللذين لم يأت ذكرهم وايضا دور جماعة الاخوان الرئيسى فى التمويل والدعم اللوجستى و تهريب وتخبئة الهاربين و تصريحات زعمائها المتوالية عن تلفيق القضية ودور محامى المتهم الرئيسى السيد منتصر الزيات فى نقل الرسائل بين المتهم وحسن نصر اللهو اعتقد ان الوقت قد حان لنغلق محطة هذا الاتوبيس الفلسطينى اللعين الذى افلسنا
ونحاسب هذه العشيقة الاخوانية الخائنة التى تدخل عشاقها علنا لغرف نومنا ثم تتبجح انه كان مستنى الاتوبيس
بقلم: جاك عطا لله

أقام قائد الأوركسترا الإسرائيلي دانييل بارينبويم حفلا سيمفونيا في دار الأوبرا في القاهرة، حيث لاقي ترحيبا من الجمهور الذي احتشد للاستماع للسيمفونية الخامسة لبيتهوفن.
وقد سبقت بارينبيوم الى القاهرة ليس فقط شهرته كعازف بيانو وقائد أوركسترا بل نشاطه من أجل السلام الإسرائيلي الفلسطيني واستخدامه الموسيقى للتقريب بين الشعبين .
وقد قدم بارينبويم الممثل عمر الشريف لجمهور ضم النخبة المصرية ودبلوماسيين عرب وأجانب، وقال عمر الشريف في تقديمه: "أحب أعماله وأحب آراءه. انه رجل يحث على التسامح".
وقد بدأ بارينبيوم الحفل بعزف سوناتا لبيتهوفن، ثم قاد الأوركسترا في عزفها للسمفونية الخامسة لبيتهوفن أيضا.
وبارينبيوم هو أول موسيقي إسرائيلي كبير يزور القاهرة، وقد أثارة زيارته جدلا في العاصمة المصرية، وانتقادات في الأوساط الثقافية التي رأت أن هذا ليس الوقت المناسب لزيارته حيث لم يمض زمن طويل على الهجوم الإسرائيلي على غزة.
وقد رفض الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الدعوة التي وجهها له وزير الثقافة لحضور الحفل.
وفي دفاعها عن دعوة بارينبيوم أشارت وزارة الثقافة المصرية الى أنه يحمل جنسية فخرية فلسطينية.
وهذه هي الزيارة الثانية لبارينبويم الى بلد عربي، حيث سبقتها زيارة للمغرب عام 2003، بالاضافة الى عزفه مع فرقته في مدينة رام الله الفلسطينية.
يذكر أن بارينبويم الأرجنتيني المولد انتقل للعيش في إسرائيل في سن التاسعة.
وقد ربطته علاقة صداقة قوية مع المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد الذي أسس معه فرقة سمفونية تضم عازفين عربا ويهودا أطلقا عليها إسم "أوركسترا الديوان الشرقي-الغربي" أحيت حفلات في العديد من المدن العالمية.
ويعرف بارينبويم بمعارضته للسياسة الرسمية الإسرائيلية، وقد قال خلال التمرينات مع الفرقة السيمفونية في القاهرة "إن سياسة إسرائيل الخارجية قد فشلت" وقال أيضا :" على مدى ستين عاما كانوا يحاولون استخدام القوة ولم يستطيعوا حل أي شيء. كل انتصار جديد لإسرائيل جعلها أضعف سياسيا".

BBC







Tuesday, April 14, 2009

سينوت حنا ......شخصية فريدة في‮ ‬تاريخ الحركة الوطنية المصرية

من الشخصيات الظاهرة فى حب مصر وكان ينتمى لأسرة من كبار أغنياء الصعيد ووجهائها بل كان لأسرته مصرفها الخاص فى الفيوم. انتقل من الفيوم إلى القاهرة وظهر فى الحياة العامة ومن أصدقائه مصطفى كامل وسعد زغلول الذى بدأت صلته به فى الجمعية التشريعية حيث تم اختياره عضواً للجمعية التشريعية للحزب الوطنى عام1913م, فتألق فى الحياة السياسية المصرية.
وسافر مع سعد زغلول ضمن الوفد الذى كان معه عام1919م إلى باريس وعاد فى سبتمبر من تلك السنة. ودأب على كتابة المقالات فى الصحف بلا هواده وكان فى كتاباته كلها لسان الوفد ضد الحكومة وضد سلطة الاحتلال.
وقد لفتت مقالاته الأنظار إليه وأحاطته بشعبية واسعة, كما كان من أكبر الأثر فى إثارة الجماهير واشتعال المظاهرات ضد الاحتلال، وبالتالى أدت إلى سقوط وزارة سعيد باشا
من أكبر الأدلة على تعاطف الشعب مع سينوت حنا رسائل التأييد التى ازدحمت بها الجرائد وتسمية الجماهير له "بالنائب الحر الجرىء" وتقديم التجار التحية له فى إعلاناتهم.
استبعدته السلطة البريطانية لشعبيته المتصاعدة لعزبته بالفشن, بمناسبة وصول لجنة مليز فأقام بعيداً عن القاهرة عدة أسابيع فودعته الجماهيرواستقبلته بحرارة, وكان من بينهم علماء الأزهر, فكان يقوم بزيارة شيخ الجامع الأزهر فى كل مرة يصل فيها إلى القاهرة .
كان "بشرى" الأخ الأكبر لسينوت غير رِِاضٍ فى بداية الأمر عن الاتجاه الوطنى لأخيه خوفاً منه على مركز العائلة وثروتها، فكان رد سينوت: يا أخى بشرى لا تخف علىَّ أننى أسعى فى الحصول على استقلال مصر وإخراج الإنجليز منها لأن هذا هو الضمان الوحيد لسلامتنا كلنا، فلا تظن أنهم يحمون حقوقنا وأموالنا نحن الأقباط هذا خطأ، أنهم لا يحمون إلا أنفسهم والأمل هو أن نظل متحدين مع إخواننا المسلمين فنحن وهم دائمون وماعدانا زائل
كان لسينوت حنا مقالات وخطب وطنية مشهورة فى جريدة مصر, منادياً خلالها بالاستقلال وبالوحدة الوطنية. وأما المقالات التى كان لها الأثر العميق والتى كان ينشرها تباعاً فى جريدة البلاغ فكانت بعنوان" الوطنية ديننا والاستقلال حياتنا". وكان يوقع عليها باسمه مقرونة بعبارة "عضو الوفد المصرى والجمعية التشريعية ". وقد جاء فى أول هذه المقالات: "لا قبطى ولا مسلم وإنما كلنا أمام الوطن مصريون" وأنه ليكفى للإنسان أن يذكر أوائل الشهداء الذين جادوا بأرواحهم مسلمين وأقباط فداءً للوطن المصرى.
المرة الوحيدة التى خرج فيها عن هذا التوجيه العام فى مقاله الثامن الذى وجهه ليوسف وهبة شخصياً لقبوله رياسة مجلس الوزراء. موضحاً له أن القصد من تعيينه هو التفرقة بين القبط والمسلمين. وكان حديثاً عاصفاً استهدف منه عزل يوسف وهبة عن جماهير القبط وهدم رغبة الإنجليز فى إبراز التفرقة الدينية. وإفساد الدعوة المفتعلة على الصعيد الدولى بأن بعض القبط راضون عن الاتصال بلجنة مينرMenr. فأعلن للعالم أن يوسف وهبة لا يمثل القبط وأنهم منفصلون من حوله مجمعون على طلب الاستقلال التام وأن مسئولية فعله تقع عليه وحده.
كان عمله فى صمت ووقار وكان الله قد عصمه من بريق الألقاب والمناصب ذلك لأن إيمانه بمصر وحقها إيماناً خالصاً صافياً. وقد بادله سعد زغلول حباً بحب فكان لا يدع يوماً يمر دون أن يراه، ولا يقطع برأى دون مشورته فأحبه سعد زغلول أكثر وعندما نفى سعد المرة الأولى إلي مالطة برز سينوت حنا ضمن الصف الثانى وكان ضمن الموقعين للنداء الموجه للشعب فى 24 مارس1919م ينصحونه بالتزام الهدوء وكان الشهداء يسقطون بالألوف من أقصى البلاد إلى أقاصيها فناشدوه بالهدوء حرصاً على حياته ولكنه لم يهدأ. وكان اسم سينوت فى هذا النداء إلى جانب ستة آخرين من القبط على رأسهم البابا الأنبا كيرلس الخامس.
يعتبر سينوت حنا مبتكر التعبير "الوطنية ديننا والاستقلال حياتنا" فقد تلقفته الأقلام بصيغ متعددة مثل دين الحرية ودين الوطنية والاستقلال فأصبحت هذه العبارات مترادفة مع اسمه.
ويعلق الأستاذ طارق البشرى على هذه العبارات بقوله:" إنها كانت تعنى لدى البعض الوحدة ضد الاستعمار ولدى البعض ضمان الوجود المشترك وتحقيق المصالح المشتركة الواحدة على مدى المستقبل وبرهاناً على التسامح الدينى وإثباتاً لاتصال حلقات تاريخ الشعب المصرى.
من هذه اللمحة العابرة نستطيع أن نستشف مدى الأثر الذى أحدثه سينوت حنا فى توجيه الثورة الوطنية. ويكفى أن نعرف أنه كسب أخويه بشرى وراغب إلى جانبه مع كونه أصغرهم سناً بل بلغ ولاء سينوت حنا لمبادئه أنه أخلص الود لمصطفى النحاس حين خلف سعد فى رياسة الوفد وحينما تولى إسماعيل صدقى رياسة الوزراء وعمل جهده على إضعاف هيبة الوفد فى أعين الناس ثبت سينوت على حفظ العهود
سجل الكاتب الوطنى جمال بدوى بجريدة الوفد الجديدة عام1986م مقالاً بعنوان: القبطى الفدائى سينوت حنا, قائلاً "فى رحلة الزعيم مصطفى النحاس إلى مدينة المنصورة، شعر سينوت حنا بأن رحلته لن تمر بسلام، وأن حكومة صدقى لن تتورع عن تدبير خطة دنيئة لاغتيال النحاس. فأصر على ملاصقة الزعيم حتى يفديه بروحه إذا تعرض لمكروه. وإذ لمح أحد الجنود يسدد الحربة إلى صدر النحاس, حتى برز ليفتدى الزعيم, فمد زراعه وطوق به ظهر النحاس وتلقى الضربة عوضاً عنه فانغرست فى كتفه وانكسر نصفها فى لحمه وسالت دماؤه الذكيه على ملابس الزعيم. أما البطل الجريح سينوت حنا فقد عاد إلى القاهرة حيث أجريت له عملية جراحية ولكن تأثير الطعنة المسمومة كانت أكبر من مجهود الأطباء فرقد في الرب وهو فى منزله بالجيزة. فصعدت روحه الوثابة إلى بارئها وبقيت قصته رمزاً حياً على الشجاعة والمروءة والتضحية والتلاحم المقدس بين أبناء مصر
اشتهر سينوت حنا بأنه الذي‮ ‬افتدي‮ ‬مصطفي‮ ‬النحاس،‮ ‬زعيم الامة،‮ ‬من الطعنة الغادرة التي‮ ‬وجهها له جندي‮ ‬بتحريض من وزارة الديكتاتور اسماعيل صدقي‮.‬ كان سينوت حنا في‮ ‬صحبة النحاس واعضاء من الوفد‮ ‬يطوفون الاقاليم لنشر الدعوة الي مقاومة الاعتداء علي الدستور والحياة النيابية وسط تأييد شعبي‮ ‬جارف‮.‬ وقررت حكومة صدقي‮ ‬استخدام العنف وتعددت الحوادث الدامية في‮ ‬الشرقية والمنصورة وبورسعيد والاسماعيلية والسويس وطنطا والاسكندرية والقاهرة‮.‬ ويقول المؤرخ عبدالرحمن الرافعي‮ ‬ان النحاس لبي‮ ‬دعوة لجنة الوفد بالمنصورة لزيارتها،‮ ‬ومعه سينوت حنا وبعض زملائه الوفديين‮.. ‬فأرسلت الحكومة الي المدينة قوة من الجيش والشرطة‮ "‬أكثر من ثلاثة آلاف مدججين بالسلاح‮" ‬وبينما كانت السيارة التي‮ ‬تقل النحاس وسينوت حنا‮.. ‬تجتاز شارع البحر الأعظم،‮ ‬اعترضتها مجموعة من الجند شاهرين أسنة الرماح،‮ ‬وأخذوا‮ ‬يهددون النحاس وصحبه حتي‮ ‬لا‮ ‬يكملوا مسيرتهم،‮ ‬ولكن الوفديين اصروا علي الاستمرار في‮ ‬السير‮.. ‬ونفذ الجنود تهديدهم‮.. ‬فأطلقوا الرصاص علي المواطنين الذين‮ ‬يتبعون سيارة زعيم الامة،‮ ‬واتجه احد الجنود نحو النحاس لكي‮ ‬يطعنه بالسونكي،‮ ‬وتلقي‮ ‬سينوت حنا الضربة بدلاً‮ ‬من زعيمه ونقل الي المستشفي‮ ‬لاجراء عملية جراحية في‮ ‬ذراعه‮.‬ وصرح النحاس لمراسل صحيفتي‮ "‬التايمز‮" ‬و"الديلي‮ ‬تلجراف‮" ‬البريطانيتين بأنه هو الذي‮ ‬كان مقصودا بهذا الاعتداء،‮ ‬ونشرت‮ "‬الأهرام‮" ‬يوم‮ ‬9‮ ‬يوليو عام‮ ‬1930‮ ‬الرواية التالية‮: ‬جاءت سيارة النحاس ومن معه،‮ ‬فأفسح لها الجنود الطريق،‮ ‬فاجتازت كوردونين،‮ ‬وعند الكوردون الثالث،‮ ‬أوقف جنود مسلحون ببنادقهم وسنجاتهم السيارة،‮ ‬فظن النحاس باشا وزملاؤه ان المقصود انزال الذين احاطوا بالسيارة من الأهالي،‮ ‬ولكن ما كان اشد دهشتهم عندما رأوا الجنود‮ ‬يصوبون سنجات بنادقهم الي جميع ركاب السيارة،‮ ‬ومنهم النحاس باشا نفسه،‮ ‬فلما رأي سينوت حنا جنديا‮ ‬يصوب السنجة الي ظهر النحاس،‮ ‬اسرع لمنع سهم الجندي،‮ ‬فتلقي السنجة في‮ ‬ذراعه اليمني‮ ‬واصيب بجرح بالغ‮.‬ واسرع محمد أفندي‮ ‬عنان باحتضان الرئيس،‮ ‬لمنع سنجات الجنود من الوصول اليه،‮ ‬وقد انطبع الدم الذي‮ ‬سال من جرح سينوت حنا علي ملابس النحاس‮.‬ نزل سينوت‮ "‬بك‮" ‬حنا من السيارة،‮ ‬وأدخله زملاؤه الي منزل الشيخ علي‮ ‬بك عبد الرازق الذي‮ ‬وقعت الحادثة امامه وتلقي‮ ‬الاسعافات الاولية ثم نقل الي منزل الشناوي‮ ‬بك حيث احاط به جميع اعضاء الوفد مستفسرين عن صحته،‮ ‬كان متجلداً،‮ ‬ويبتسم ويقول‮ "‬الحمد لله اذ لم‮ ‬يصب الرئيس بشيء‮".‬ وصف الاطباء حالته علي النحو التالي‮: ‬جرح في‮ ‬أعلي الذراع اليمني عند المفصل بعمق‮ ‬70‮ ‬ملليمتراً‮ ‬وباتساع‮ ‬10‮ ‬سنتيمترات وكسر في‮ ‬احدي عظمتي‮ ‬الذراع ويحتاج الي علاج اربعة اسابيع‮".‬ وفي‮ ‬خطابه بالمنصورة،‮ ‬تحدث مصطفي‮ ‬النحاس عن اصابة سينوت حنا قائلا‮: ‬كان عن‮ ‬يساري‮ ‬وكانت الطعنة مصحوبة الي ظهري،‮ ‬فدافع عني‮ ‬وتلقي الطعنة بذراعه،‮ ‬حفظه الله،‮ ‬ووصف النحاس‮.. ‬سينوت حنا قائلا انه‮ "‬أعز عزيز علي نفسي‮ ‬من نفسي‮".‬ قالت الصحف ان عشرة من المواطنين استشهدوا اثناء الاعتداء علي موكب النحاس في‮ ‬المنصورة الي جانب اربعة في‮ ‬حالة احتضار،‮ ‬ومائة وخمسين جريحا‮.‬ وكان نشاط سينوت حنا موضع اهتمام البوليس‮.. ‬حتي عقب هذا الحادث،‮ ‬فقد ضبط خدمة احد رجال البوليس الملكي‮ ‬في‮ ‬الطابق العلوي‮ ‬بداره وفي‮ ‬يده حقيبة،‮ ‬واتضح انه دخل الدار زاعماً‮ ‬انه مهندس من مصلحة التليفونات جاء لإصلاح تليفون المنزل ثم ارتبك واعترف بأنه من رجال البوليس‮.‬ واعتلت صحة سينوت حنا،‮ ‬وتوفي في‮ ‬داره برمل الاسكندرية مساء‮ ‬يوم الأحد‮ ‬23‮ ‬يوليو‮ ‬1933‮ ‬وعمره‮ ‬53‮ ‬عاما،‮ ‬وألقي مصطفي النحاس خطابا علي قبره تناول فيه عمق مشاعر الحب لدي سعد زغلول و"صفية‮" ‬أم المصريين لابنها واخيها سينوت حنا،‮ ‬واعلن انه مدين له بحياته،‮ ‬حيث تلقي عنه طعنة أثيمة من‮ ‬يد أثيم‮.‬ ‮***‬ وهب سينوت حنا نفسه لخدمة الامة المصرية،‮ ‬وظل الي جانب سعد منذ تكوين الوفد،‮ ‬وكان عضوا في‮ ‬الجمعية التشريعية،‮ ‬وبزغ‮ ‬نجمه مع انصهار الاقباط والمسلمين في‮ ‬بوتقة ثورة‮ ‬1919‮ ‬واخذ‮ ‬يكتب مقالات نارية،‮ ‬مما دفع السلطة العسكرية البريطانية الي تعطيل صحيفة‮ "‬مصر‮" ‬الوفدية بسبب هذه المقالات ثم ابعاده عن القاهرة وتحديد اقامته في‮ ‬مدينة الفشن‮ "‬بالوجه القبلي‮".‬ وجاء وقت اصدر فيه الفيلد مارشال اللنبي‮ ‬امراً‮ ‬بمنع سعد زغلول وسينوت حنا وثمانية من اعضاء الوفد،‮ ‬من القيام بأي‮ ‬عمل سياسي‮ ‬ثم تقرر ترحيله الي المنفي‮ ‬في‮ ‬جزيرة سيشل مع سعد زغلول ومصطفي‮ ‬النحاس ومكرم عبيد وفتح الله بركات وعاطف بركات‮.‬ سينوت حنا من الشخصيات الفريدة في‮ ‬تاريخ الحركة الوطنية المصرية،‮ ‬ويجب ان تعرفه الاجيال الجديدة وتتعلم الدروس من نضاله وتضحياته ومن تشبثه بمبدأ المواطنة‮.‬

دروس عظيمة من التاريخ المصرى

يعترف المؤرخون بأن الزعيم المصري الذي إستطاع أن يذيب الحساسيات بين المسلمين والأقباط هو سعد زغلول الفريد في تحقيق هذا التآخي بتلك الدرجة بين عنصري الأمة المصرية. فمعروفٌ أن الأقباط لم يتحمسوا لزعامة مصطفى كامل ومحمد فريد. ومعروف أن الأقباط لم يستمروا في حماستهم للوفد بعد وفاة سعد زغلول كما كانوا إبان حياته. كذلك كانت علاقة الأقباط المصريين بأحزاب ما قبل الثورة وبقيادات نظام ما بعد يوليو 1952 علاقات تتأرجح بين "الحذر والترقب" في أهدأ الحالات، والتوتر الساخن في أسوأها. ومعلوم أن علاقة أنور السادات بأقباط مصر قد شهدت تدهوراً محزناً إنتهى بموقف السادات المعروف من رأس الكنيسة القبطية في سبتمبر 1981 عندما أعلن إلغاء قرار تنصيبه بطريركاً.

فما هو جوهر العبقرية الزغلولية في خلق تلك المعادلة الفذة التي جعلت عنصري الأمة المصرية خلال السنوات العشر منذ 1919 كالضفيرة الواحدة في وإرتباط عنصريها؟ حتى تتيسر الإجابة على هذا السؤال يجدر بنا أن ننعم النظر قليلاً في أحوال مصر في مستهل هذا القرن:

كانت السنوات ما بين سنة 1906 و1910 من أسوأ السنين فيما يتعلق بتأزم العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها؛ فخلال تلك السنوات وكنتيجة لسياسات ممثل الإحتلال البريطاني في مصر سير الدون جورست وسلفه اللورد كرومر، والتي قامت على بذر الحزازات بين المسلمين والأقباط عن طريق التنافس الدامي على الوظائف، ناهيك عن إذكاء نار التعصب سيما بالإيعاز للأقلية القبطية أن أبناءها لا ينالون حقوقهم كاملة وأن الفرص لا تتاح لهم كما تتاح للمسلمين؛ نتيجة لذلك تأزمت العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر الحديث. وبلغ تأزم العلاقة حداً بعيداً عندما أخذت الصحف اليومية تعبر عن وجهتي النظر في الخلاف المشتعل بشكل زاد من إشتعال نار الخلاف؛ وفي رسالة نال بها حسن الموجي الدكتوراة عن موقف الصحافة الشامية من مشاكل الواقع المصري ما بين 1900 و1914 عرضٌ شيقٌ للكيفية التي إنعكس بها هذا الخلاف على كبريات الصحف المصرية يومذاك. وقد بلغ التأزم أقصاه عندما قتل بطرس غالي رئيس وزراء مصر القبطي يوم 20 فبراير 1910 برصاصة أرداه بها إبراهيم الورداني. وخلال هذه السنوات كان سعد زغلول وزيراً في الوزارات التي تعاقبت على حكم مصر إبتداء من وزارة مصطفى فهمي الأخيرة (1906-1908) ووزارة بطرس غالي (1908-1910) ثم وزارة محمد سعيد منذ 1910وحتى إستقالة سعد زغلول سنة 1912. خلال تلك السنوات أتيح لسعد الذي مكنته طبيعته كرجل قانون كما ساعدته ثقافته التي جمعت بين التراث والعصرية، أن يراقب الأزمة ويقف على حقيقتها. أدرك سعد بحنكته أن "العدل" بين طرفي الأمة يستأصل شأفة الحزازات. كذلك أدرك سعد زغلول أن مبادرة الأغلبية بكفالة الشعور بالأمان لدى الأقلية هو الأمر الطبيعي والذي ستنجم عنه حالة سلم حقيقية لا ظاهرية؛ وأن الأقباط عندئذ سيكونون أبعد ما يكونون عن التعصب أو القلق على أنفسهم ومصالحهم. وكما إختزن سعد خبراته في الحياة سواء إبان أيام الثورة العرابية التي شارك فيها أو أيام السجن القديمة أو إبان إشتغاله بالمحاماة والقضاء ثم وزيراً ثم نائباً في الجمعية التشريعية (1913-1914) ثم سنوات المخاض الأخير خلال سني الحرب العالمية الأولى؛ فقد إختزن سعد زغلول الدرس المستفاد من مراقبة تلك التجربة؛ وعندما وضعته الظروف في موضع قائد ثورة 1919 فإن سعداً وظف خلاصة تجاربه في الحياة أكمل توظيف؛ فإذا بقيادته الفذة للثورة تجعل من فرقاء الأمس القريب الألداء رفقاء الثورة المشتعلة وجنودها الأوفياء. ورغم إعتقادنا أنه لا توجد أية حاجة لتقديم الأدلة على إئتلاف مسلمي مصر وأقباطها إئتلافاً بالغ الروعة منذ إشتعال ثورة 1919 بسبب القبض على الرجل الذي إجتمعت ثقة عنصري الأمة فيه؛ حيث أن جميع المؤرخين قد أوفوا هذه الظاهرة حقها؛ فإننا نود أن نقتطف فقرات من كتاب موسوعة تاريخ مصر (الجزء الرابع-صفحة 1567) للأستاذ/ أحمد حسين حيث يقول في وصف مظاهرة الشعب الكبرى يوم 17 مارس 1919 (ولعل أروع ما أبرزته هذه المظاهرة الكبرى هو هذه الظاهرة التي سيطرت على الأحداث من اللحظة الأولى، وهي ظاهرة التضامن الوثيق بين المسلمين والأقباط بعد أن تصور الإنجليز أنهم نجحوا في التفرقة بين عنصري الأمة، فإذا بالمفاجأة وكم لثورة 1919 من مفاجآت، تظهر كيف ساد التلاحم بين المصريين في لحظة وأصبحت الكلمة التي تتردد على الشفاه "الدين لله والوطن للجميع" وظهرت الأعلام في هذه المظاهرة الكبرى وقد رسم عليها الصليب مع الهلال).

وخلال سنوات الكفاح الوطني ما بين 1919 و1924 كان سعد محاطاً برفاق مخلصين من بينهم أقباط أعلام مثل واصف غالي وويصا واصف وسينوت حنا وفخري عبد النور وجورجي خياط ومرقص حنا ومكرم عبيد وغيرهم. ولعل معظم القراء المهتمين بتاريخ مصر يذكرون أن سعداً عندما إعتقل يوم 23 ديسمبر 1921 من قبل قوات الإحتلال البريطاني في مصر ونفي، فقد كان إثنان من أصحابه الخمسة الذين قررت سلطات الإحتلال نفيهم معه من كبار الشخصيات القبطية (سينوت حنا ومكرم عبيد). وبعد قليل ألقي القبض على سبعة من رفاق سعد زغلول أربعة منهم أقباط حاكمتهم سلطات الإحتلال وأصدرت حكماً بإعدامهم في 11 أغسطس 1922 (حمد الباسل، ويصا واصف، مرقص حنا، واصف بطرس غالي، علوي الجزار، جورجي خياط، مراد الشريعي). وبعد إعتقال هذه المجموعة من زعماء الوفد تكونت الزعامة الثالثة للوفد والتي ضمت عبد الرحمن فهمي ومصطفى القاياتي ومحمود فهمي النقراشي ومحجوب ثابت ومحمد نجيب الغرابلي وفخري عبد النور ونجيب إسكندر وعبد الستار الباسل وحسن يس. وبعد إعتقال هذه المجموعة تشكلت زعامة رابعة للوفد من المصري السعدي وحسين القصبي ومحمود حلمي إسماعيل وعبد الحليم البيلي وراغب إسكندر وسلامة ميخائيل. وتظهر الأسماء بوضوح أن الشخصيات القبطية كانت متغلغلة في تكوين الوفد بكافة مستوياته. وعندما إكتسح سعد أول إنتخابات حقيقية في تاريخ مصر وألف أول وزارة شعبية في تاريخ مصر الحديث في يناير 1924؛ إذا بسعد يعين وزيرين قبطيين في وزارته التي كانت تتكون يومئذ من رئيس وتسعة وزراء فقط (مرقص حنا وواصف غالي).

وهكذا يتضح أن سعد كان يعمل على إلغاء التعصب عن طريق إشاعة روح الوطنية المصرية وبث روح الإطمئنان بين الأقباط وجعلهم جزءاً لا يتجزأ من بنية حزبه، وتوزيع الأدوار في الحزب على أساس الكفاءة لا الدين. ومن جانب آخر فإن روح الإخلاص والوفاء والولاء هي أهم معالم مواقف الأقباط. وهو ما تمثل ذات يوم في أعظم المواقف عندما هم أحد الجنود بطعن مصطفى النحاس بحربة مسمومة في مطلع الثلاثينات؛ فإذا بقبطي كبير يلقي بنفسه على النحاس لفدائه فتصيب الحربة المسمومة سينوت حنا بجرح غائر يموت- بعد أيام- بأثره وقد قدم مثالاً لا تمحوه الأيام للمعادلة العبقرية في ربط عنصري الأمة برباط الوطنية الذي لا تنفصم عراه إلا عندما ينخر التعصب في بدن الأمة سواء في شكل فكر رجعي لا يصلح لهذه الأمة ذات العنصرين ولا يصلح لهذا الزمان، أو في شكل تعصب مقيت من جانب بعض شخصيات الجانبين.
طارق حجى