Wednesday, February 25, 2009

إيزيس وجميلة إسماعيل

تحكي الأسطورة المصرية القديمة أن الصراع قد نشب بين «أوزوريس» إله الخير والنماء، وأخيه «ست» إله الشر والصحراء، وأن ست نجح في قتل أخيه وتقطيعه إلي أربعة عشر قطعة ودفن كل قطعة في إقليم من أقاليم مصر القديمة، ولكن زوجته المحبة «إيزيس» أخذت تبحث عن أشلاء زوجها حتي جمعتها كلها، ونجحت بتعويذة سحرية في إعادته للحياة لفترة وجيزة كانت كافية كي تحمل منه وتنجب ابنهما حورس ليكبر وينتقم من العم الشرير.
تذكرت هذه القصة وأنا أقرأ خبر الإفراج المفاجئ عن أيمن نور استعداداً لزيارة مرتقبة للرئيس مبارك إلي الولايات المتحدة للاجتماع بالرئيس الجديد باراك أوباما.
فالدور الذي لعبته جميلة إسماعيل زوجة أيمن نور وشريكته في تأسيس حزب الغد لا يقل عما فعلته إيزيس في الأسطورة القديمة، التي تعكس صلابة متأصلة في المرأة المصرية، واحترام كبيرا لدورها ربما يفوق درجة الاحترام الذي تتمتع به حاليا.
فقد تصدت جميلة بجسارة ودأب لكل محاولات التشويه والضغوط التي كان القصد منها كسر إرادة أيمن نور وإرادتها، ووقفت شامخة ضد حملات التشويه والتلسين المكذوبة والملفقة، ولم تنكسر إرادتها، كما تصدت لأعمال البلطجة وإحراق مقر حزب الغد بتواطؤ لا تخطئه عين من الأمن، والذي كان يمكن أن يسفر عن اغتيالها وتصفيتها جسديا.
أظن أن دور جميلة إسماعيل في الحفاظ علي حزب الغد وفي الحفاظ علي الرمز لا يقل عن دور أيمن نور علي الإطلاق إن لم يكن يفوقه، فأيمن نور كان مسجونا وممنوعا من الحركة، أما هي فكانت في الشارع تقاوم أجهزة السلطة وعملاءها التي كانت تلوح باستخدام أوراق قذرة للضغط عليها للتراجع والمهادنة، ولكنها استمرت حتي خرج أيمن نور ليستأنف ما بدأه سويا من تحريك رياح التغيير.
لحظة وفاء رائعة عبر عنها أيمن نور في أول مؤتمر صحفي له بعد الإفراج عنه بقوله: «جميلة هي البطل الحقيقي، وعندما دخلت السجن لم تكن تعرف شيئا عن السياسة ورغم ذلك وقفت بجواري بصلابة»
. مبروك لأيمن نور الإفراج عنه بعد أكثر من ثلاث سنوات في السجن لتجرئه علي المنافسة علي منصب رئيس الجمهورية، وألف مبروك لجميلة علي نجاح جهودها في الإفراج عن أيمن نور، ولكن المهم هو أن يكمل ما سجن من أجله، وأن يكمل دعوته لإنشاء جبهة للإصلاح من كل القوي الوطنية، فكما قال عن حق، «إن الحياة السياسية في مصر تستحق مجهوداً أكثر، وإن مصر مقبلة علي مرحلة مختلفة بعد أن تعدينا مرحلة المخاض»
بقلم: د.محمد منير مجاهد
mmegahed@hotmail.com
البديل

No comments: