هل تشيع خالد مشعل؟ سؤال يتردد كثيرا هذه الأيام.
التشيع المذهبي جزء من تراث الإسلام ومن الفقه، فالمذهب الجعفري لا يبعد كثيراً عن مذاهب أهل السنة، لكن المشكلة اليوم في حالة المنافسة بين أميركا وإيران على تقسيم العالم العربي إلى مناطق نفوذ لكل منهما، حيث تصبح فيها مسألة التشيع السياسي أمراً في غاية الأهمية والخطورة
. فهذا عضو برلمان إيراني يقول إن الجزر الإماراتية المحتلة هي جزر إيرانية، وعضو برلمان إيراني آخر يقول إن مملكة البحرين ما هي إلا محافظة من محافظات إيران، مثل ما قاله صدام تقريباً عن الكويت قبل غزوه لها عام 1990.
ما يقوله الإيرانيون اليوم مخيف جداً، فقد طالب علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، أميركا بألا تلعب مع إيران لعبة الملاكمة، وأنه عليها بدلاً من ذلك أن تلعب معها لعبة الشطرنج.
ما يقوله الإيرانيون اليوم مخيف جداً، فقد طالب علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، أميركا بألا تلعب مع إيران لعبة الملاكمة، وأنه عليها بدلاً من ذلك أن تلعب معها لعبة الشطرنج.
ترى ما هي جائزة الكاسب في لعبة الشطرنج هذه؟ هل هي جزء من العالم العربي؟ أو بمعنى أكثر عنصرية ما هي قطع الشطرنج التي يريد كل من لاريجاني وأميركا تحريكها؟ أليست الدول العربية في هذا التصور هي قطع الشطرنج؟ أو ليست الجماعات التي تشيعت سياسياً في عالمنا العربي من أمثال «حماس» و«حزب الله» وبعض أعضاء التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين»؟
لاريجاني يقول للأميركيين صراحة، إن هذه الحركات والجماعات هي قطع شطرنج تحركها إيران وقتما تشاء. أوراق في أيديها للعب، تحرقها وقتما تحب وتلعب بها متى ما كان في ذلك فائدة لها.
المستفز في حديث لاريجاني، هو تلك العنصرية الفارسية الاستعلائية التي ترى العالم العربي برمته مجرد ساحة للعب بينها وبين أميركا. ربما هذا الذي دفع بالرئيس مبارك أن يذهب إلى البحرين منذ أيام، متوقفاً في الإمارات التي تحتل إيران جزرها الثلاث أبوموسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى، لأن «البجاحة» الإيرانية في النظر إلى البحرين على أنها محافظة من محافظات بلاد فارس، أمر مقلق بالنسبة لمصر ولدورها في الإقليم. وربما أيضاً للسبب نفسه، أرسل الملك عبد الله بن عبد العزيز، رئيس جهاز المخابرات السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز إلى سورية لمحاولة استمالتها بعيداً عن إيران.
إيران ليس لديها نفوذ تقليدي في العالم العربي، ولكن إيران بعد الثورة نجحت في مشروعين، الأول هو بناء نموذج «حزب الله» في الدول العربية المختلفة، وكان أنجحها نموذج «حزب الله» اللبناني. أما المشروع الثاني، فهو مشروع التشيع السياسي، أي أن تلعب إيران على القضايا الخاصة بالمعارضات العربية المختلفة، خصوصا ذات التوجه الإسلامي منها مثل «حماس» وجماعة «الإخوان المسلمين» أو حتى «الجماعة الإسلامية»، رغم أن الأخيرة أظهرت حتى الآن حصافة سياسية أفضل من «الإخوان المسلمين» في مسألة التشيع السياسي. وكما ذكرت في مقالات سابقة، تغلغلت إيران اليوم وسط المجتمعات السُنية التقليدية بدرجة مخيفة فيها تهديد صريح للأمن القومي العربي عامة، والمصري والسعودي خصوصاً
إيران ليس لديها نفوذ تقليدي في العالم العربي، ولكن إيران بعد الثورة نجحت في مشروعين، الأول هو بناء نموذج «حزب الله» في الدول العربية المختلفة، وكان أنجحها نموذج «حزب الله» اللبناني. أما المشروع الثاني، فهو مشروع التشيع السياسي، أي أن تلعب إيران على القضايا الخاصة بالمعارضات العربية المختلفة، خصوصا ذات التوجه الإسلامي منها مثل «حماس» وجماعة «الإخوان المسلمين» أو حتى «الجماعة الإسلامية»، رغم أن الأخيرة أظهرت حتى الآن حصافة سياسية أفضل من «الإخوان المسلمين» في مسألة التشيع السياسي. وكما ذكرت في مقالات سابقة، تغلغلت إيران اليوم وسط المجتمعات السُنية التقليدية بدرجة مخيفة فيها تهديد صريح للأمن القومي العربي عامة، والمصري والسعودي خصوصاً
. عندما انتقد الشيخ القرضاوي إيران، جاء الهجوم عليه من الإسلاميين الذين شاركوه في السابق عداءه للغرب، وهنا انقسمت الجماعات. هذا دليل واضح على أن قضية هؤلاء ليست الإسلام لا السُنّي منه ولا الشيعي، ولكنها السياسة. فلو كانت القضية إسلاما أو مذهبية، لانتفض السُنة لمناصرة السُنة، لكن ما نراه اليوم أن الولاء السياسي لا الولاء المذهبي هو المحرك هنا، وأموال إيران لا الغيرة على الدين هي التي تحرك الجموع الآن. إننا اليوم في حالة جديدة لا يمكن تسميتها إلا بالتشيع السياسي.
العالم العربي يقع اليوم بين مطرقة الفرس وسندان «الأميركان». ورغم أن كثيرين من بيننا يتصدون لتحليل المشروع الأميركي الهادف إلى تقسيم العرب من الخارج، فإنهم يخجلون من الحديث المباشر عن المشروع الفارسي الهادف إلى تقويض العالم العربي من الداخل.
العالم العربي يقع اليوم بين مطرقة الفرس وسندان «الأميركان». ورغم أن كثيرين من بيننا يتصدون لتحليل المشروع الأميركي الهادف إلى تقسيم العرب من الخارج، فإنهم يخجلون من الحديث المباشر عن المشروع الفارسي الهادف إلى تقويض العالم العربي من الداخل.
على سبيل المثال، قرأت أن صحيفة مصرية رفعت مقال رأي من صفحاتها، لأن الكاتب انتقد سلوك القيادة الإيرانية، رغم أن الصحيفة ذاتها تنتقد القيادة المصرية، وبالاسم، في كل يوم وليلة.
تُرى كيف لنا أن نفسر أن انتقاد آية الله خامنئي محرم تماماً في جريدة مصرية، بينما انتقاد الرئيس مبارك فيها أمر عادي؟ لقد كتبت في السابق أن مصر اليوم هي معقل اللوبي الإيراني في المنطقة، وفيها من رجال إيران من هو قادر على أن يخيف ويبتز كل من ينطق بكلمة ضد المشروع الإيراني. إن لم نستطع مناقشة قضية التشيع السياسي بوضوح في العالم العربي، سنجد أنفسنا في حالة تخبط عارمة فيما يخص أمننا القومي، سواء على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى الإقليم برمته
بقلم / د. مأمون فندي
نقلا عن جريدة الجريدة
No comments:
Post a Comment