Friday, February 06, 2009

عاكف يُعاود إزراء الدولة المصرية ويُحاول توريط الكنيسة


من يقرأ الحوار الصحفي الذي نشرته جريدة "الطريق والحق" المصرية المُستقلة في عددها الصادر في يناير 2009، مع مهدي عاكف المُرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المشروعة بمصر، لسوف يُدرك وللوهلة الأولى مدى التناقضات غير المعقولة والآراء غير المقبولة، التي حملها كلام عاكف في هذا الحوار الملغوم، والمُفجع بحق في هذا الحوار مُعاودة إزدراء عاكف بالدولة المصرية، التي إزدراها وإزدرى شعبها سابقاً عندما تطاول عليها بقوله (طُز في مصر واللي في مصر)!
فقد صَرّح عاكف قائلاً بالحرف الواحد (...لكن تلك البلد -يقصُد مصر- فاقدة الأهليه والإحترام...) وهو إزدراء غير مقبول بمصر وشعبها، يستوجب عليه المُساءلة والمُحاسبة، فنحن برغم إنتقادنا للأوضاع المُتردية التي نمُر بها، لدرجة إنتقادنا لرئيس الدولة، إلا أن مصر وشعبها
بالنسبة لكل مصري وطني حر نُعَد خطاً أحمر ولا نقبل تحت أي ظرف أو مُبرر -أياً كان- المساس بها.
فالذي يتأمل كلام عاكف وإزدراءاته المتكررة بمصر لمبررات يحملها هو في نفسه، يجد أن إزدراء الوطن يُعتبر بمثابة ثوابت مُترَسخة في فكر هذه الجماعات التي تؤمن إيماناً يقينياً بأن الدين هو الوطن، وليست الأرض التي نعيش عليها!
فالأرض لا إعتبارات لها في فكرهم، ولا شك في أن هذا الإعتقاد المترسخ لديهم له جذوره التاريخية التي تسنده، وتؤيده، بل وتُدافع عنه، فمنذ عشرات القرون نادى أحد الخُلفاء بأن الأرض كافرة!!!
(هل يعرف أحدكم ما هو دين الأرض؟!!!)
وأظن أن هذا الفكر يبرر الدعوة المُستمرة للقتال.
. قتال كل من هو غير مُسلم، إذا ما كان ذلك مُمكناً، لأنه وفقاً لهذا الفكر الغريب تعتبر الرابطة الدينية أقوى الروابط على الإطلاق، ويجب تَرجيح كَفَتها على حساب أية روابط أخرى، كالرابطة الإنسانية والرابطة بين أبناء الوطن الواحد
(هل عرفتم الآن لماذا قال المرشد بأن أندونيسياً أو ماليزياً مسلماً أفضل أن يحكم مصر من أن يحكمها قبطي مصري؟؟).
وبالتالي فهذا الفكر يُرَوج لفكرة قبول حاكم أجنبي مسلم يحكم مصر، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلاً ويرفضه معنا كل مصري غيور على سيادة واستقلال مصر.
والعجيب في الحوار المُشار إليه تناقض عاكف في أقواله، حيث بعد تطاوله على مصر يقول "مصر أم الدنيا... وإن الفرق بيننا وبين المُختلفين عنا إننا نخاف الله فنحسب حساب كل كلمة نقولها، ونعتبر أن الله يسجلها علينا، ونحن نعيش لا يهمنا سوى الله عز وجل، ونحترم الإنسان الذي كرمه الله والقانون الذي يحميه"!!!
وهذه الجملة تحتاج إلى تحليل، والحكيم واللبيب بالإشارة يفهم، وينتقل المرشد العام في الحوار من إهانة الدولة المصرية، إلى التحقير من المسيحية واليهودية وكل الشرائع غير الإسلامية، بإعتبار أن الإسلام أفضل من المسيحية واليهودية ويعلو عليهما ويُفَضَل عليهما تفضيلاً! وهي إهانة صريحة للمسيحية، بل وللإسلام ذاته كدين، الذي طالب أتباعه بالرجوع إلى الكتاب المقدس كمرجع في حالة وجود شك لدى المسلم فيما أنزل في القرآن الكريم، حيث يقول كتاب الكُتب الكتاب المقدس الذي لم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه لرسول الإسلام نفسه (ص) "وإن كنت في شك مما اُنزل إليك فاسأل الذين أوتوا الكتاب من قبلك"!!!
لقد قال عاكف في الحوار (إن الشريعة الإسلامية فوق كل الشرائع والحضارات ولا يمكن مقارنتها بحضارة أخرى!)،
أليس قول عاكف هذا يحمل جوهر حيثية من حيثيات الحكم في قضية المتنصر محمد حجازي، والتي إزدرت المسيحية على ذات الطريقة؟ ولم يكتف عاكف بهذا القدر بل والأخطر أنه يعتبر الكنيسة المصرية بمثابة تنظيم وأن لها قوة كبيرة مثل جماعة الإخوان، ولها إجتماعات وتحركات، كما أن لديها قوة تجعلها من أقوى التنظيمات على الساحة، ولكنها تحالفت مع النظام على حد تعبيره!!
وإنني أقول للمرشد هنا إن كانت للكنيسة تحركات فهي تحركات وطنية ومشهوداً لها بالنزاهة، وأن ولاءها للوطن ليس له إمتدادات للولاء لأوطان أخرى على حساب أمن ومصلحة مصر العليا وسيادة أراضيها، كما أن الكنيسة المصرية كلها بكافة مذاهبها إن طالبت بحقوق مسلوبة من حقوقها المشروعة فهذا لا يعتبر مبرراً للقيام بدور سياسي أو الإدّعاء بأنها تتدخل في السياسة، كما أن الكنيسة المصرية من أهم واجباتها إحترام السلطات وعدم الإنقلاب عليها أو التحريض ضدها، فليس هذا دورها.
وبالتالي فتلميح عاكف بأن الكنيسة لديها قوة تجعلها من أقوى التنظيمات على الساحة ينطوي على تحريض كارثي للكنيسة للعب دور سياسي، كما ينطوي أيضاً على تحريض ويبدو أن عاكف يريد جرجرة الكنيسة وتوريطها، لإخراجها عن دورها لتستبدله بتكوين تنظيم غير شرعي خارج عن الأطر الشرعية والوطنية، وهو ما لا نقبله.
والسؤال هنا: لماذا لا يُحاسب عاكف على هذه الإساءات، فهل هو فوق القانون، أم لأنه المرشد العام؟؟؟!!!
بقلم جرجس بشرى
المقال يعبر فقط عن رأي صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن اتجاهات الموقع، ومن منطلق حرية الرأي والتعبير نترك مساحة حرية أكثر للكاتب حتى يعبر عن رأيه.

No comments: