Saturday, February 21, 2009

نحو الحرية إفلاس‮.. ‬وضآلة

نحن مفلسون علي كل صعيد تقريباً‮ ‬من السياسة الي العلم مروراً‮ ‬بالمجتمع والاقتصاد والفكر ،‮
‬وبسبب ضآلة عقلنا،‮ ‬يبدو هذا الافلاس بلا حدود‮.
‬يعجز عقلنا اليوم عن إدراك ما‮ ‬يعرفه الناس ويمارسونه في كل مكان تقريباً‮ ‬إلا في قليل من البلاد التي تشبهنا‮.
‬ ومما‮ ‬يظهر هذا العجز واضحاً‮ ‬فيه مسألة الانتماء الذي أخذ‮ ‬يضيق علي نحو‮ ‬يهدد المجتمع الذي‮ ‬يفترض ان‮ ‬يجمعنا، ‬وتلاشي الوطن الذي‮ ‬ينبغي أن‮ ‬يكون هو المناط النهائي لانتماء كل منا‮.‬
لقد أدي تضاؤل عقلنا الي تقزيم البيئة التي‮ ‬يندمج فيها معظمنا،‮ ‬فصار لكل منا مجاله الضيق المغلق المحصور في مجتمعه الصغير جغرافيا أو عائلياً‮ ‬وعشائرياً‮ ‬أو دينياً‮ ‬أومذهبياً،‮ ‬وليست البيئة الأوسع والأعم المتمثلة في المجتمع العام‮.‬
والمجتمع العام والمجتمع الصغير ليسا بديلين،‮ ‬لأن الانتماء الوطني لا‮ ‬يلغي الانتماءات الأخري،‮ ‬ولكن اذا كان الفرد مستغرقاً‮ ‬في مجتمعه الصغير أو مكتفياً‮ ‬به أو معتمداً‮ ‬عليه في توفير حاجاته،‮ ‬نكون إزاء بيئة اجتماعية لا‮ ‬تساعد علي الاندماج الاجتماعي،‮ ‬في الوقت الذي تهالكت المؤسسات المدنية التي‮ ‬يفترض ان تساهم في تحقيق هذا الاندماج او في الحد من تفكك أوصال المجتمع‮.
ويتواكب ذلك مع عجز نظام الحكم،‮ ‬الذي‮ ‬يتعرض بدوره للتفكك،‮ ‬عن القيام بدوره في وضع سياسات رشيدة تنطوي علي آليات للاندماج من أعلي تساهم‮ ‬في خلق مقومات الاندماج من أسفل عبر توسع تدريجي في المشاركة في إدارة الشأن العام،‮ ‬وتدعيم دور المؤسسات الوسيطة‮.‬
فالإنسان‮ ‬يشارك في أمور وطنه العامة من خلال هذه المؤسسات سواء السياسية كالأحزاب أوالنقابية أو الاجتماعية بأنواعها المختلفة. ‬ ومن الطبيعي أن‮ ‬يتسع نطاق المشاركة كلما ازدادت هذه المؤسسات وانتشرت وتنوعت بحيث تستطيع اجتذاب اكبر عدد ممكن من المواطنين اليها،‮ ‬فمن خلال هذه المشاركة‮ ‬يشعر الفرد بمواطنته ويدخل في علاقة مع‮ ‬غيره علي أساس المواطنة،‮
‬فالحزب السياسي،‮ ‬مثلاً،‮ ‬يجمع أعضاء من أديان وأعراق ومناطق جغرافية مختلفة،‮ ‬ما لم‮ ‬يكن مغلقاً‮ ‬علي فئة بعينها من فئات المجتمع،‮ ‬وكذلك الحال بالنسبة الي النقابة التي تضم أبناء المهنة الواحدة من مختلف هذه الفئات‮.
‬ وبدون أحزاب متحررة من القيود،‮ ‬ونقابات فاعلة بمنأي عن الضغوط،‮ ‬يظل خطر تفكك المجتمع وتلاشي قيمة الوطن ماثلاً‮ ‬أمامنا‮.‬
بقلم / وحيد عبد المجيد
نقلا عن الوفد المصرية

No comments: