Friday, December 31, 2010

التحرّش والاغتصاب... الجريمتان الأكثر انتشارًا ضدّ نساء مصر

كشف تقرير حقوقي حديث عن تعرّض المرأة المصرية لـ 1306 جريمة، خلال العام 2010، غالبيتها تتعلق بالتحرّش والاغتصاب. يأتي ذلك بالتزامن مع إطلاق تحالف حقوقيّ يهدف إلى الضغط على الحكومة لإقرار تشريع يكفل الحماية للمرأة في الشارع والعمل والمنزل مثلت جريمتا التحرش والاغتصاب الجانب الأخطر والأكثر انتشارًا ضدّ نساء مصر في 2010

القاهرة: تشهد مصر انتفاضة جديدة للمنظمات النسائية لمكافحة تفشي العنف ضد المرأة في المجتمع.

واجتمعت 23 منظمة في تحالف أطلق عليه اسم "قوة العمل الخاصة بمناهضة العنف الجنسي"، وقررت بدء حملة جديدة للضغط على الحكومة لإقرار تشريع يكفل الحماية للمرأة في الشارع والعمل، بل والمنزل أيضًا.

وجاء إطلاق الحملة متزامنًا مع عرض الفيلم السينمائي "678" بطولة بشري وباسم السمرة، الذي يناقش ظاهرة التحرش الجنسي، فيما كشف تقرير حقوقي صدر حديثًا أنّ المرأة المصرية تعرضت لـ 1306 جرائم، خلال العام 2010، ومثلت جريمتا التحرش والاغتصاب الجانب الأخطر والأكثر انتشارًا.

وأشار التقرير إلى أن طالبات المدارس هن الأكثر معاناة من جريمة التحرش، وتأتي طالبات الجامعات في المرتبة الثانية، حيث بلغ إجمالي جرائم العنف ضد المرأة المعلن عنها، 1306 جريمة، جاءت جرائم التحرش الجنسي في مقدمة هذه الجرائم بـ 933 جريمة بنسبة 71.4%.

وجاءت جرائم العنف الأسري في المرتبة الثانية بعدد140 جريمة بنسبة 10.7%، واحتلت جرائم الاغتصاب المرتبة الثالثة بـ 98 جريمة بنسبة بلغت 7.5%، ثم جرائم الشرف بـ 84 جريمة بنسبة 6.4%، ثم العنف من طرف أمني 29 جريمة بنسبة 2.2%، وشكل العنف النفسي 22 حالة بنسبة 1.6%.
ووفقًا للتقرير السنوي للمركز المصري للدفاع عن حقوق المرأة، فإن جريمة التحرش الجنسي تصدرت مظاهر العنف المجتمعي، والتي تطوّرت في العديد من الأحيان إلى تحرش جماعي، ولا سيما في الأعياد والتجمعات الاحتفالية، مشيرًا إلى أن دراسة سابقة للمركز قدرت نسبة من تعرضن للتحرش في مصر، بـ 83 % من المصريات و 92 % من الأجنبيات.

وجاءت الملامسات غير اللائقة للجسد على قمة أشكال التحرش بنسبة تجاوزت 40% بخلاف التتبع والملاحقة والمعاكسات الكلامية، وأن 62 % من الرجال مارسوا التحرش.

ونوّه التقرير بأن مسحًا ميدانيًا أجراه مركز مستشاري الاجتماع والتخطيط والتحليل والإدارة «سباك"، كشف أن 72% من المتزوجات، و94% من الفتيات تعرضهن للتحرش اللفظي في الشوارع، فيما بلغت نسبة من تعرضن للتحرش بملامسة الجسد17% من المتزوجات, و22% من الفتيات.

ولفت التقرير إلى أن 2500 حالة أبلغ بها المركز، وذلك عن تعرض النساء للتحرش الجنسي، لكن 2% فقط منهن حررن بلاغات في أقسام الشرطة.

عنف الأزواج

و يشير التقرير إلي أن العنف الزوجي يحتل المرتبة الثانية من جرائم العنف ضد المرأة، حيث أفادت 33% من النساء أنهن تعرضن في وقت من الأوقات للضرب، أو الصفع، أو الركل، أو أي شكل من أشكال العنف الجسدي على يد الزوج.

فيما أكد 61% من المتزوجات تعرضهن لشكل من أشكال العنف المعنوي أو اللفظي من قبل الزوج، و أقر أربعة من كل خمسة رجال بأنهم وجهوا شكلاً ما من أشكال العنف النفسي إلى زوجاتهم.

وقالت 17% من المتزوجات بأن أزواجهن أجبرنهن على ممارسة الجنس، فيما اعترف 0,4% من الرجال فقط بارتكاب ذلك الفعل.

الإغتصاب

وفي ما يخص جرائم الإغتصاب، قال التقرير إن هناك طفرة فيها، ويحتل المرتبة الثالثة من جرائم العنف ضد المرأة، حيث بلغ إجمالي ما تم الإعلان عنه 98 جريمة بنسبة7.5% من الجرائم ضد المرأة، مشيرًا إلى أن ما يتم رصده إحصائيًّا بصورة رسمية لا يمثل سوى نسبة 5 % من الحوادث، وأن الحالات الأخرى لا يتم التوصل إليها، إما لعدم الإبلاغ أو أن الجريمة وقعت من احد أقارب المجني عليها، أو أن المجني عليها طفلة، فيتم التكتم عليها خوف الوصمة والعار، الذي قد يلحق بكافة أفراد الأسرة.

وتترواح أعمار المغتصبين ما بين 25 سنة إلى 40 سنة، 70 % منهم لم يسبق لهم الزواج، و 52 % يعملون في أعمال حرفية، ونسبة الأمية بين الجناة تصل إلى 42 %.

وبلغت نسبة الاغتصاب الجماعي 43 % وهم مجموعة من الأشخاص يختطفون امرأة ويغتصبونها، ويؤكد 74 % من الجناة أن انعدام التواجد الأمني في العديد من المناطق هو ما يشجعهم على ارتكاب الجرائم.

جرائم الشرف

وتحتل جرائم الشرف المرتبة الرابعة من بين الجرائم المعلنة بنسبة 6.4% من عدد جرائم العنف ضد المرأة، 70% من تلك الجرائم لم يتم ضبط الضحية في حالة تلبس، وإنما اعتمد الجاني سواء كان الزوج أو الأب أو الأخ على الشائعات وهمسات الجيران والأصدقاء حول سلوك المجني عليها.

فيما تؤكد تحريات الشرطة أن 60% من الضحايا فوق مستوى الشبهات، و أن الجناة ارتكبوها بسبب سوء الظن.

وتقدر مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ضحايا جرائم الشرف 5 آلاف امرأة سنويًا.

عنف الشرطة

وحسبما ورد في التقرير فإن جرائم العنف الأمني المعلنة ضد المرأة، بلغت هذا العام 29 جريمة بنسبة 2.2% من الجرائم ضد المرأة، وقدم أمثلة على ذلك منها: اعتداء أحد الضباط بقسم شرطة ادكو على فتاة تعرضت للاغتصاب، لإجبارها علي الاعتراف بأنها تزوجت عرفيًّا من الجاني.

ختان الإناث

على الرغم من تأكد الأضرار الصحية والنفسية والاجتماعية لممارسة عادة ختان الإناث، ورغم تجريم هذه العادة قانونيًا، إلا أن التقرير كشفت عن ارتفاع ممارسة الأطباء لختان الإناث إلى 77%، حيث كانت النسبة لا تتجاوز 55% في العام 1995، على الرغم من أنه لا يجري تدريس إجراء هذه العملية في كلية الطب، وعدد الأطباء الذين يجرون هذه العملية هو 2000 طبيب، ولفت إلى أن 64% من الذكور في مصر يرون ختان الإناث شيئًا ضروريًّا.

الاتجار بالنساء

وحذر التقرير كذلك من انتشار العديد من أشكال الاتجار بالفتيات والنساء في مصر، فمازال الزواج الصيفي والمؤقت من القضايا المؤرقة في المجتمع، كما أن تصدير العمالة المنزلية بلا ضمانات حقيقية يشكل أحد أشكاله، فضلاً على عدم تأمين ظروف عمل آمنة للعمالة المنزلية الداخلية، مما يعرض العاملات لعلاقات عمل أقرب للعبودية، حيث تتعرض الخادمات لانتهاكات منها: الحبس القسرى في مكان العمل، ومنع الطعام والرعاية الصحية عنهن، والعمل لساعات طويلة ومن دون أيام راحة، إضافة إلى عدم دفع الرواتب.

ويصل الأمر إلى حد الاعتداءات الجسدية والجنسية أو القتل في بعض الأحيان. وعلى الرغم من اقرار قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وتجريم زواج القاصرات، إلا أن خط المشورة الأسرية تلقي 242 بلاغًا في الفترة من 13 أغسطس/آب 2009 حتى يونيو/حزيران 2010 عن زواج أطفال تتراوح أعمارهن ما بين 12و18سنة، وأغلبهن في المرحلة الإعدادية أو حاصلات على الشهادة الإعدادية.

انتقادات للتجاهل الرسمي للظاهرة

ومن جانبها، قالت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري للدفاع عن حقوق المرأة، إن ما أسفرت عن نتائج التقرير لا تمثل إلا نحو 5% من الكارثة الأخلاقية التي يعاني المجتمع منها، وأوضحت أن هناك أسباب عديدة تدفع الضحايا وأسرهم إلي التكتم على الجريمة، منها أن هذا النوع من الجرائم يقع في دائرة الشرف بالنسبة للأسرة، وتلتصق بالمرأة حتى و لو كان مجنيًا عليها، فضلاً على صعوبة إثباتها الجريمة في ظل وجود ثغرات قانونية. وتعرض المرأة للكثير من الآلام النفسية أثناء مراحل التحقيق، فهي تمثل الضحية تحمل في جسدها الدليل في الوقت نفسه، حيث يجري فحصها من قبل أشخاص غير مدربين على التعامل مع مثل تلك القضايا عادة، إضافة إلى أن طول فترة التقاضي، مما يعرض الضحية لضغوط من قبل الجناة وأسرهم. وفي النهاية غالبًا ما يحصل الجاني على حكم مخفف.

وأضافت: "ظاهرة العنف ضد المرأة وأكثرها خطورة التحرش والاغتصاب والعنف الزوجي، صارت تنتشر بصورة مرعبة، ولم تعد تفيد حملات التوعية التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني، بل تحتاج إلي تشريع يغلظ العقوبة على مرتكبيها، بما يحفظ للشارع أمنه، و تستطيع المرأة أن تسير فيه وهي آمنة على نفسها".

وأبدت أبو القمصان اندهاشها من تجاهل الحكومة مشروع القانون الذي تقدمت به المنظمات النسائية، والعديد من أعضاء مجلس الشعب. معلنة أن تلك المنظمات لن يعرف اليأس طريقًا إليها حتى يتم إقرار القانون وتطبيقه بجدية.

وأشارت منال عبد العظيم عضو "رابطة محاميات للدفاع عن ضحايا التحرش الجنسي" المشاركة ضمن 23 منظمة وجمعية أهلية في إطلاق حملة جديدة لمكافحة العنف ضد المرأة، إلى أن هناك العديد من الثغرات في قانون العقوبات، مما يؤدي إلى إفلات الجاني من العقوبة أو الحصول على حكم مخفف في حالة إرتكاب جريمة عنف ضد المرأة، بدءًا بالتحرش اللفظي وانتهاء بالاغتصاب.

وقالت إن قانون العقوبات لا يعترف مثلاً بالعنف الموجه من الزوج إلى زوجته، إلا في حالات نادرة، كما أنه لا يتضمن تعريفًا لجريمتي التحرش الجنسي والإعتداء الجنسي، ويتعامل مع جريمة إغتصاب الأطفال على أنها جريمة هتك عرض، ويحصل الجاني على حكم قد لا يزيد على الحبس لمدة سنة أو ستة أشهر، كما أن القانون لا يواكب التطوّر التكنولوجي الذي شهده العامل خلال الأعوام القليلة الماضية، والتي ساهمت في تفشي هذا الأنواع من الجرائم في المجتمع بشدة مثل الموبايل، والإنترنت، بالإضافة إلي أنه يمنح القاضي سلطة تحفيف الأحكام من دون ضوابط سوى ضميره.

وأضافت أن الدراسات والإحصائيات الرسمية تؤكد تفشي العنف ضد المرأة، واعترفت بأن له تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد، حيث تضطر بعض النساء إلى ترك العمل بسبب التعرض للتحرش في مقر عملها، وفي وسائل المواصلات وفي الشارع، لذلك تنتشر مقوله في المجتمع مفادها أن "الشغل بهدلة للمرأة"، فضلاً عن أن العنف الموجه ضد المرأة طال أيضًا غير المصريات مثل السائحات، ولعل تحذيرات وزارة الخارجية الأميركية لرعاياها من النساء خير دليل، مما يؤكد أنه يؤثر على سوق السياحة في مصر.

وأشادت عبد العظيم بفيلم "678" المعروض حاليًا بالسينما، والذي يتناول ظاهرة التحرش الجنسي.

ودعت وسائل الإعلام وصناع السينما والدراما إلى تبني قضايا العنف ضد المرأة وتسليط الأضواء على كافة أشكاله، لإرغام المجتمع الذكوري على إصدار تشريعات تكفل الحياة الآمنة للمرأة.

ونوهت بأن رابطة محاميات للدفاع عن ضحايا التحرش الجنسي، تحاول التصدي للظاهرة بشكل عملي، من خلال تطوع محامية في متابعة أي شكوي تتلقاها الرابطة، وتنظيم دورات تدريبية للفتيات والنساء على كيفية مواجهة المتحرش، والدفاع عن نفسها في حالة تعرضها لمحاولة إغتصاب.

النائب السابق في مجلس الشعب، جورجيت قليني، ممّن تصدوا لظاهرة العنف ضد المرأة، وقدمت مشروع قانون لتغليظ العقوبة ضد الجاني خلال الدورة الماضية، لكنه لم يرَ النور، قالت إن الأمر لم يعد يحتمل السكوت، وصار من الضروري مواجهته بتشريع، خصوصًا أن الإحصائيات تشير إلى تفاقم العنف ضد المرأة بكافة أشكاله، ولا سيما التحرّش والإغتصاب، ودعت مجلس الشعب إلى ضرورة إقرار هذا القانون سريعًا.

إيلاف- كتب: صبري حسنين
عكاشة يدعو المصريين لرفض الاستبداد

في حوار أجرته "بوابة الوفد الإخبارية" مع د.أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي، وينشر كاملاً في عدد الخميس من جريدة "الوفد"،

دعا د.عكاشة المصريين إلى إعلان حالة من الرفض الجماعي للأوضاع القائمة، والتحلي بالإيجابية وعدم التنازل عن حقوقهم، حتى إذا دفعهم الأمر للنوم في الشارع احتجاجًا.

واعتبر أن قانون الطوارئ الذي أثقل كاهل المصريين لأكثر من 30 عامًا تسبب في شيوع حالة من الاستسلام للقهر الممارس على المواطن، وبالتالي تمركزه حول ذاته، حتى بات يتحلى بما وصفه بـ "أخلاق العبيد".

وفي نهاية حواره وجه أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، والرئيس السابق للجمعية العالمية للطب النفسي رسالة إلى الفرقاء السياسيين في مصر، تطالبهم بالالتفاف حول مائدة الحوار والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، وتمنى على رجال الحزب الوطني الحاكم بشكل خاص أن يصدقوا في وعودهم المتكررة فيما يتعلق بالنهوض بذوي الدخول المحدودة، والاهتمام بأوضاعهم الصحية والتعليمية.

بعد "نكسة" 2010

في رده على سؤال أرسله "محمد" عن "رؤية د.أحمد عكاشة لمصر بعد انتخابات 2010 وما أسفرت عنه من نتائج لا تمثل إرادة الشعب، وبعد عقود من التهميش المتواصل لإرادة الجمهور، وترسيخ قيم التزوير ومنطق العنف والبلطجة في المجتمع المصري؟"، أجاب: أنه طالما يظل قانون الطوارئ يحكم مصر؛ فستظل أخلاقيات الشعب تتغير، مضيفًا إن القانون المستمر من 30 عاما يؤدي لإحساس الإنسان بالخوف والجبن فيلجأ إلى الفهلوة والنفاق والكذب، ومن ثم يكون إلى حد ما نموذج لما وصفه ابن خلدون قبل 600 عام حين اعتبر أن المصريين يميلون للفرح والمرح، وعادة ما يتغاضون عن العواقب، وأنهم يميلون للسخرية والنكتة، وهي تؤجل ثورة الشعب على الحكام لأنها تنفث عن غضبهم.

وتابع: إن كان الشخص لا ينتمي ويتمركز حول ذاته، فسيصبح غير مبال بما يحدث في وطنه ويتحلى بأخلاق العبيد، وهي السلبية والخنوع وعدم الاهتمام إلا بالأسرة البسيطة .

وحول سؤال عما إذا كانت عملية التزوير الفجة للانتخابات يمكن أن تضيف بعدًا آخر للمشهد المصري؟ أكد د.أحمد عكاشة أن ما حدث سيؤدي بالضرورة لشيوع حالة عامة من الإحباط، الذي يتحقق عندما يشعر الفرد أن طريقه مسدود، وبالتالي سيولد الإحباط العنف والعدوان، أو على النقيض حالة من اللا مبالاة وتبلد في الانفاعلات، وربما يؤدي لحالة من القلق والخوف، أو إلى حد ما الاستمرار على نفس النمط، بلا تغيير.. أي حالة من الركود.

وشدد على أن حالة الانتهاكات التي صاحبت العملية الانتخابية ستزيد من إحباط المواطن عندما يلمح الفرصة الوحيدة التي تشعره بكرامته وشراكته في الحكم من خلال اختيار نوابهم في البرلمان، تنتزع منهم فستزيد حالة عدم المبالاة وعدم الانتماء، وهو ما توضحه نسبة المشاركة المتدنية (لا تزيد عن 15% بحسب مراقبين).

وأوضح أن الحكومة فقدت المصداقية، وثقة الناس لأن عملية الخداع فاقت التوقعات، بما يشبه نوعا من الفجور، وأن الحزب الوطني خسر كثيرا بهذه الأغلبية التي حصل عليها، وكان سيعتبر فائزًا لو اكتفى بأغلبية الثلثين وليس الاكتساح بالتزوير، واعتبر أن المعارضة ربحت معركة الانتخابات الأخيرة، على عكس ما يتصور البعض.

وفي رده على سؤال "ما الذي يدفع شعب معروف أنه الأكثر تدينا باستمراء المشاركة في عمليات التزوير والبلطجة وأن يكون جزءا من منظومة الفساد؟"، شدد د.عكاشة على أنه يختلف مع الرأي القائل بأن الشعب المصري متدين، معتبرًا أنه (الشعب) يمارس الطقوس الدينية، ولكن جوهر الدين غير متأصل فيه، وهذا ما تظهرة "نكتة" من أراد أن يعطي شخص ما رشوة فرفض استلامها في نفس اليوم لأنه صائم وأخذها منه في اليوم التالي.

وأرجع هذا النمط من التدين إلى الخطاب الديني الذي يهتم باللحية والحجاب والشكل، على حساب الجوهر.

وفي معرض رده على أسئلة الزوار طلعت عبد العظيم، ومن أسمى نفسه بأمير الانتقام، ود.هدى يوسف عما إذا كان المصريون يعيشون الآن حالة من الاكتئاب المرضي، نبه د.عكاشة للفرق بين أعراض الاكتئاب ومرض الاكتئاب ذاته الذي يحتاج لتدخل طبي، أما الأعراض فتتمثل في الإحساس باليأس والعجز مع القدرة على متابعة القيام بالعمل ولو من باب تأدية الواجب بلا تحمس، وهذه الأعراض ستؤدي في النهاية إلى غياب الانتماء لهذا الوطن، أما الاكتئاب فهو حالة مرضية تصيب الشخص وتجعله غير قادر على ممارسة حياته الطبيعة.

ثورة الشباب

"أبو سيف" من متابعي "بوابة" الوفد أرسل سؤالاً حول السبب وراء إعراض المصريين عن النزول للشارع والعمل على إسقاط النظام الذي هو سبب كل مآسيه؟ خاصة أنه يستعد للموت خلال هجرة غير شرعية للخارج؟ وهو ماأرجعه د.عكاشة إلى غياب القدوة خاصة أن المشهد المصري الحالي لا يسمح بظهور مثل هذه القدوة، التي إن حدث وظهرت تختفي بسرعة من المسرح، وذلك إضافة إلى مناخ القهر الذي يصنع شخصية سلبية مثل العبيد

وعاد د.عكاشة ليؤكد أنه مازال يرى بارقة أمل يجسدها الشباب، وخاصة نشطاء الانترنت منهم، فما يكتبوه يؤكد ذلك، أما الأجيال الأكبر فلن تستطيع أن تفعل شيئا بسبب تشبعها بالقهر وتلوثها به.. وقال: ثورة الشباب في ظل ثورة تقنية المعلومات والانترنت أتاحت لهم أدوات للتعبير والتأثير، وهو ما سيختصر الكثير لكي يساهموا في التغيير.

وفي نهاية حواره مع "بوابة الوفد" وجه د.أحمد عكاشة رسالة لكل من النظام الحاكم، والشعب للتعامل مع الأزمات التي تمر بها مصر الآن، قائلاً:

أقول للشعب.. تكاتفوا مستقبل أولادكم مسئوليتكم، وليست مسئولية الحزب الحاكم، كن إيجابيا وطالب بحقوقك ولا تتنازل عن حقوق مهدرة حتى إذا نمت في الشارع احتجاجا.. وللحزب الحاكم.. أتمنى هذه المرة أن يصدق كلامكم المعاد منذ 10- 15 سنة باهتمامكم بذوي الدخول المحدودة، ولكن للأسف إن ما رأيناه ونراه خاصة في مجال الصحة والتعليم، لا يفي ولا يتوازن أو يتواكب مع وعودكم.. أرجوكم.. أنا لا أشك في وطنية أعضاء الحزب ولا التنظيمات السياسية.. أرجوكم اجعلوا بينكم الحوار، لا تفقدوا أمخاخا مبدعة ومنتجة لأنها لا تنتمي للحزب الوطني.

هذه الفرصة الوحيدة أمامنا للنهضة وأنتم القدوة، ولا يمكن أن يوجد شعب ينهض بلا قدوة، وقد قيل أن الأمم تنهض ليست بالقوى العسكرية ولا السياسية ولا الاقتصادية، ولكن بأخلاق مواطنيها، دعنا نعمل على أن تعود أخلاق المصري كما سبق .. كرامة .. عزة.. شموخ.. شهامة وتجاوز للذات.

حوار: هشام عبد العزيز

د.عگاشة‮: ‬نعيش الآن مرحلـــة‮ "تفگيك مصر‮"

يواصل الدكتور احمد عكاشة استاذ الطب النفسي تحليل التركيبة النفسية والاجتماعية والسياسية التي آل إليها حال المصريين بعد نحو ثلاثين عاما من القهر والكبت السياسي.

في الجزء الاول من الحوار اكد عكاشة ان مصر تحولت الي نظام خائف يحكم شعبا من الخائفين معربا عن عدم تفاؤله برجال الحكم لانهم غير قادرين علي تحسين الاوضاع وان الحكومة بلا مصداقية

l‮ ‬ هناك رأي متشائم يري أنه لو استمرت الأوضاع القائمة لفترة أطول،‮ ‬ولم يتصدر من تسمونه‮ »‬القدوة‮« ‬المشهد المصري،‮ ‬فسنتحول لمرحلة ما تسمي‮ »‬الأنومي‮« ‬وفيها يري كل شخص أنه هو السلطة ويسن قانونه الخاص وينفذه،‮ ‬طالما رأي أن السلطة انسحبت عن دورها في ذلك،‮ ‬ويصل المجتمع المصري والدولة المصرية لمرحلة التفكك‮.. ‬هل نحن مقبلون علي هذه الفترة؟

‭ ‬llنحن بالفعل موجودون في هذه الفترة‮.. ‬الآن لا وجود لهيبة الدولة ولا للأمن،‮ ‬والقضاء بطيء،‮ ‬والحكومة أول من يعرقل تنفيذ أحكامه،‮ ‬إذن إذا كنت أريد الاحتفاظ بكرامتي يجب أن أحصل علي كل شيء بنفسي؛ فأصبح القانون في إجازة،‮ ‬والحكومة ضعيفة،‮ ‬والناس لا ترهب الشرطة إطلاقًا‮.. ‬هذا ما حدث في قانون المرور،‮ ‬وكذلك قانون رعاية المريض النفسي الصادر في العام ‮٩٠٠٢ ‬من أجل الحفاظ علي حقوق المريض النفسي،‮ ‬لتأتي الدولة بعد أقل من عام وتحاول ان تهدم المستشفي الذي يعالج المرضي النفسيين بسعر رمزي،‮ ‬كل شيء متناقض‮.‬

‭ ‬lهل يمكن اعتبار دراسة وزارة التنمية الإدارية التي أجرتها بالتعاون مع مركز دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن قيم المصريين والتي أظهرت أن ‮٩٤‬٪‮ ‬من المصريين باتوا يتقبلون الفساد ويمارسونه،‮ ‬هل هذه القيم المختلة تعتبر جزءاً‮ ‬من مفهوم التوحد مع المعتدي،‮ ‬وهو السلطة الفاسدة في هذه الحالة؟

‭ ‬llعندما يكون لديك انسان يرغب في الحياة ولديه ‮٤ ‬أولاد وراتبه ‮٠٠٤ ‬جنيه،‮ ‬فكيف سيعيش؟ كذلك لا يوجد تعليم جيد،‮ ‬أما الصحة فحالها في مصر يبعث علي السخرية،‮ ‬فالفقير الذي سيصاب بمرض عضال سيموت قبل أن يجد العلاج،‮ ‬وكأنما هناك فكرة مسلطة أن عددنا زاد علي الحد،‮ ‬ويجب أن نتخلص من الضعفاء للحد من الزيادة،‮ ‬هل هناك في العالم تأمين صحي يقتصر علي معالجة امراض معينة لا يتكلف علاجها مبالغ‮ ‬كبيرة،‮ ‬كما هو الحال في بلدنا؟‮! ‬

lد.عكاشة أنت لامست المناخ السياسي في حقبة الستينيات،‮ ‬في فترة شهدت مزاوجة بين الثقافة وصناعة القرار السياسي،‮ ‬لو حاولت حضرتك مقارنة تلك الفترة بالمطبخ السياسي الحالي والمزاوجة التي يشهدها صناعة القرار السياسي ورأس المال‮.. ‬كيف ستقارن بين الفترتين؟

lالفترتان مختلفتان تماما‮.. ‬كانت الأولي فترة تحرر وكنا بالنسبة للعالم المحيط بنا مثلا أعلي،‮ ‬وكان يحكمنا شخص بكاريزما طاغية،‮ ‬وشعر الشعب بالكرامة،‮ ‬وكان هناك مشروع صناعي متميز،‮ ‬وإن كان في وقت الثورات يتعرض قطاع من الشعب للظلم،‮ ‬فلم تتجاوز نسبة هذا القطاع في ثورة يوليو‮ ‬1٪‮ ‬من الشعب وهم طبقة الأثرياء والإقطاعيون‮.‬

لا أحد ينكر أن الفلاح والعامل في عهد عبد الناصر كانوا في أفضل حالاتهم،‮ ‬ولو يغير من ذلك ضحايا الثورة وهو الاحتمال الموجود في كل الثورات،‮ ‬ولنقارن مثلا بعدد من قتل في الثورة الفرنسية أو الشيوعية،‮ ‬ففي الثورة المصرية‮ ‬1952‮ ‬كان عدد الضحايا‮ ‬15‮ ‬فردا تقريبا،‮ ‬لذلك لا نجد في أي مكان بالعالم دولة يهزم جيشها ثم يخرج الشعب للتمسك بالحاكم ويرفض رحيله،‮ ‬ربما كانت تلك هي صورة السلطة الأبوية‮.‬

‭ ‬lالأب أم الفرعون؟

‭ ‬llلا الأب‮.. ‬الذي يوفر لك سبل البقاء والحماية،‮ ‬ويطلب منك أن تبتعد عن السياسة لتحصل علي مكتسبات‮.‬

‭ ‬lالبعض يري أن هذا الاعتماد الكامل علي النظام في كل شيء كان بداية الانهيار؟

‭ ‬llلا‮.. ‬بل كانت فترة مكتسبات للطبقات الكادحة،‮ ‬وكان يجب أن يتم تلافي أخطاء تلك الفترة فيما بعد وهو ما لم يحدث،‮ ‬ومن جاء بعد الحقبة الناصرية عمل علي هدم مشروعها ولم يسع لتلافي أخطائها،‮ ‬علي العكس تمامًا شهدت أمريكا في بداية توحدها حرباً‮ ‬أهلية ثم تمييزاً‮ ‬عنصرياً،‮ ‬أما الآن فقد تغيرت أمريكا وتوحدت وصار رئيسها أسود اللون‮.. ‬

كل فترة لها وعليها،‮ ‬ولكن الجمود الذي حدث لنا في الـ‮ ‬30عاما الأخيرة سبب لنا نوعاً‮ ‬من البلادة،‮ ‬علي عكس الشعوب المتقدمة التي تتسم أنظمتها بالعدل،‮ ‬وانظر للاحتجاجات التي عمت باريس بسبب قانون مد سن التقاعد وكان المشاركون فيها معظمهم من الشباب،‮ ‬وكذلك الاحتجاجات الطلابية في لندن علي رفع مصاريف الدراسة‮.‬

‭ ‬lد‮. ‬عكاشة‮.. ‬نلمح في خلفية مكتبك صورة الرئيس مبارك وهو يقوم بتكريمك‮.. ‬عندما تلتقي مع رجال النظام ومؤسساته،‮ ‬ألم يقم أي منهم باستشارتكم في سبل التصرف في هذه الأوضاع؟ ام انهم لا يستشعرون بأن البلد فيه مزاج اكتئابي وتمر بأزمة؟

‭ ‬llالحزب الحاكم يتسم بعدم القدرة علي الحوار،‮ ‬ومن ثم يعتبر انه دائما علي صواب،‮ ‬وهذه مشكلة كبيرة،‮ ‬وأيضا تجد ذلك في تيارات المعارضة،‮ ‬وعندما أكون مع رجال السلطة،‮ ‬يؤكدون أن أرائي صحيحة ولكن من الصعب تحقيقها،‮ ‬ولكي نفهم ما يقصدونه يجب أن نلاحظ أن أي وزير لم يعينه الشعب ولا يسائله الشعب ولن يغيره الشعب،‮ ‬فيكون ولاؤه لمن منحه السلطة وليس للشعب،‮ ‬وبالتالي فهم سيستمعون فقط لآراء السلطة حتي وإن جانبها المنطق‮.‬

‭ ‬lإذن لم يحدث أنه تمت استشارتك بشكل مباشر للبحث عن حلول لمشاكل المصريين،‮ ‬ومزاجهم العام؟

‭ ‬llحدث بطرق‮ ‬غير مباشرة،‮ ‬فأنا أعرف الكثير من رجال السلطة بشكل شخصي،‮ ‬وأقول لهم رأيي بصراحة،‮ ‬ولكن شهوة السلطة التي تفوق سلطة التعقل،‮ ‬وتنتصر فيضيع نصحي ورأيي هباءً‮.‬

‭ ‬lألا يشعر رجال السلطة بالخطر أو الرهبة من ثورة الشعب؟ أم أنهم يعتبرونه شعبًا مستكينًا لا خوف منه؟

‭ ‬llبرأيي أنه هناك نوعان من رجال السلطة،‮ ‬نوع يعتبر أن الشعب مستكين‮ »‬تجمعه زمارة ويفرقه كرباج‮«‬،‮ ‬وهذا ليس صحيحا،‮ ‬وفريق آخر داخل السلطة في حالة خوف من الشعب،‮ ‬نحن في وضعية بلد خائف‮.. ‬حكام خائفون يحكمون شعبا خائفا‮.. ‬وتجربة الانتخابات الأخيرة التي فاز الحزب بـ‮ ‬95٪‮ ‬من مقاعدها تثبت ذلك،‮ ‬ما السياسة وراء ذلك‮ ‬غير الخوف؟‮!‬

ما زلت أعتقد أن أعضاء الحزب الوطني يحبون مصر،‮ ‬وكذلك الحال في الإخوان المسلمين وفي الوفد وباقي التيارات،‮ ‬أنا لا أخون احدًا،‮ ‬إنما المشكلة تكمن في‮ ‬غياب القدرة علي الحوار والاستفادة من أفكار الفريق الآخر،‮ ‬إنها مشكلة الشعب بأكمله‮.‬

طبعا هنا لا أتحدث عن الخائنين ولا اللصوص ولا الفاسدين،‮ ‬وللأسف هم الغالبية بحسب دراسة لمركز دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء،‮ ‬والتي تكشف أن‮ ‬94٪‮ ‬من الشعب يقبلون صورة من صور الفساد ويمارسونه،‮ ‬إذن يبقي هناك‮ ‬6٪‮ ‬جيدون ويمكن أن يغيروا النسبة الغالبة،‮ ‬ويمكن أن يقودوا بمبادئهم وأيدلوجياتهم،‮ ‬و6٪‮ ‬رقم كبير لقيادة التغيير‮. ‬

إذن المشكلة مشكلة مصداقية،‮ ‬وكذلك انعدام الثقة،‮ ‬وايضا سبق وأجريت دراسة عن الثقة وجدت أن‮ ‬84٪‮ ‬من المصريين لا يثقون في بعضهم البعض أو أجهزة الدولة،‮ ‬وغياب الثقة يعني‮ ‬غياب الحب‮.. ‬أي أن‮ ‬84٪‮ ‬من المصريين لا يحبون بعضهم البعض،‮ ‬وهذه وحدها أزمة‮.‬

أزمة بشر

‭ ‬lهل أصبحنا أسوأ يا دكتور فيما بيننا؟

‭ ‬llفي رأيي أن الجنة بشر والنار بشر والدنيا بشر،‮ ‬والبشر هم سبب سعادتنا أو شقائنا،‮ ‬وقصة جان بول سارتر‮ »‬الجحيم هو الآخر‮« ‬التي يري كاتبها أن العذاب في الجحيم الأبدي هو بالحياة مع أناس سيئين،‮ ‬واقعية تماما،‮ ‬وسبب أزماتنا في مصر،‮ ‬أننا صرنا سيئين فيما بيننا،‮ ‬وطالما صحة المواطن النفسية في حالة‮ ‬غير سوية،‮ ‬فسيتمركز الإنسان حول ذاته،‮ ‬ولا يتمركز حول الآخر،‮ ‬وأحد القيم الأخلاقية في الدين والعدل،‮ ‬هو تجاوز الذات مما يحقق السعادة أكثر،‮ ‬ومثال ذلك بيل جيتس الذي وهب ثروته لعلاج الفقراء في إفريقيا وآسيا،‮ ‬لقد سعد بتجاوز ذاته،‮ ‬وتبعه في ذلك عدد من مليارديرات العالم‮.‬

من النادر أن تجد شخصاً‮ ‬يتجاوز ذاته،‮ ‬سئلت في أحد المرات سؤالا شعرت معه بالحرج من نفسي،‮ ‬كان السؤال هو‮: ‬لقد حققت الكثير مما يتمناه الناس علي المستويين الشخصي والمهني،‮ ‬وكذلك علي المستوي العالمي،‮ ‬فمتي فكرت ان تخدم الشعب،‮ ‬هل منذ صغرك أم بعدما حققت ما تتمني فتجاوزت ذاتك؟‮ ‬

أجبت أنني كنت مشغولاً‮ ‬بذاتي وتخصصي،‮ ‬ولكنني لم أتوقف عن خدمة الوطن بعد عودتي،‮ ‬وقررت أن أعود بعد بعثتي من لندن،‮ ‬ولم أفضل الاستمرار مثلما فعل الكثير من زملائي،‮ ‬وعرضت علي مناصب جامعية في دول متقدمة ورفضتها،‮ ‬فكان لدي تجاوز الذات لكنه لم يتفجر إلا بعدما كبرت،‮ ‬وهذا التجاوز للذات وجدته يؤذي عدداً‮ ‬من المسئولين الذين نصحوني بالبعد عن الحديث في السياسة‮.‬

‭ ‬lهل حدث لك تهديد بسبب مواقفك وآرائك اللاذعة فيما يتعلق بالحالة السياسية والاجتماعية في مصر؟‮ ‬

‭ ‬llطبعًا لو أرادوا تهديدي فهم قادرون علي ذلك بطرق مختلفة،‮ ‬لكن في الحقيقة إلي الآن لم يحدث أن تعرضت للتهديد المباشر،‮ ‬ولكن أحيانا تصلني رسائل في صيغة مزاح،‮ ‬فعلها مرة أحد رؤساء الوزارة ولا داعي لذكر اسمه،‮ ‬كما يحاول أصدقائي من المسئولين نصحي بتهدئة وتيرة آرائي،‮ ‬أو علي الأقل أن أقتصرها علي مستوي سياسي معين لا يتجاوز للأعلي منه،‮ ‬ولكن أحيانا يطلب مني مسئولو قنوات تليفزيونية عدم تخطي حساسيات معينة‮.‬

‭ ‬lبمناسبة ما يثار عن نقل وهدم مستشفي‮ »‬العباسية‮«.. ‬هل تعتقد أن الدولة عازمة بشكل جدي علي نقل المستشفي،‮ ‬أم سترضخ للأصوات المعارضة لتلك الخطوة؟

‭ ‬llقلتها في وقت سابق‮.. ‬إننا نعوي ولا نعض،‮ ‬سواء إعلاميين أو معارضين،‮ ‬وما حدث أن هذا الأمر حدث منذ أكثر من‮ ‬16‮ ‬عاما في عهد د‮. ‬علي عبد الفتاح المخزنجي،‮ ‬وزير الصحة الأسبق،‮ ‬وكان صديقاً‮ ‬لي،‮ ‬وعندما ذهبنا كأطباء نفسيين لمناقشته في الأمر،‮ ‬اقتنع بآرائنا وسحب الفكرة،‮ ‬ثم جاء د.إسماعيل سلام ليقوم بتوسعة مستشفي العباسية،‮ ‬ويضيف إليه مبنيين‮.‬

وما حدث هذه المرة أنه تمت مناقشة موضوع إقامة أرض معارض كبري في هذه المنطقة،‮ ‬وذلك في شهري مارس وسبتمبر الماضيين بمجلس الوزراء،‮ ‬ولكن الرسم الذي عرض حينها لم يشتمل علي أرض مستشفي العباسية،‮ ‬غير أن من يعلم قيمة الأرض في هذه المنطقة،‮ ‬في ظل حاجة الدولة لأموال تدعم بها خزانتها،‮ ‬بدليل فشلها في توفير اعتمادات لزيادة رواتب الأطباء مما دفعها لتحصيلها من جيوب المرضي الفقراء الذين يراجعون المستشفيات الحكومية،‮ ‬وعلي هذا الأساس يري البعض أنه صدرت تعليمات لوزير الصحة بنقل أرض المستشفي لاستثمار أرضها‮.‬

وربما تصريح وزير الصحة في صفحة الدولة بصحيفة الأهرام الخميس‮ ‬23‮-‬12‮-‬2010‮ ‬والذي قال فيه إنه‮ »‬لم يأت لي خطاب حتي الآن بهدم مستشفي العباسية‮« ‬يشير إلي أن هناك نية بالفعل ولكن ربما تكون مؤجلة،‮ ‬ونحن نطالب الوزير بأن يصرح بانه لا يمكن هدم هذا الصرح بأي حال من الأحوال،‮ ‬وليس بنفي تسلمه إخطاراً‮ ‬بالهدم‮.‬

‭ ‬lفي إطار ما يحدث للمصريين وما يمرون به من أعراض مرضية،‮ ‬ألا توجد مبادرة من جانبكم بالتعاون مع المجتمع المدني لإيقاف مشروع هدم مستشفي العباسية؟

‭ ‬llأعتقد أن المبادرة يجب أن تأتي كذلك من الإعلام،‮ ‬فيجب أن يعمل علي صناعة رأي عام ضد هذا المشروع،‮ ‬ولو وصلت أصداء الاعتراض لرئيس الجمهورية أثق في أنه سيعطي أوامره بوقف هذا المشروع‮.‬

‮- ‬علي ذكر المبادرات‮.. ‬ألا توجد مبادرة تتولي قيادتها للتعامل مع ملف الصحة النفسية للمصريين،‮ ‬بتوفير العلاج النفسي المجاني والراقي لفقراء المصريين؟

‭ ‬llهناك مركز عكاشة للطب النفسي في جامعة عين شمس الذي يراجعه يوميا أكثر من‮ ‬70‮ ‬مريضًا دون أية مصاريف أو رسوم،‮ ‬بما يساوي عدد من يراجعون مستشفي‮ »‬العباسية‮« ‬سنوياً،‮ ‬وفيه قطاع اقتصادي لتغطية نفقات علاج الفقراء‮.‬

‭ ‬lلكن ألا توجد مبادرة لإنشاء مستشفي للطب النفسي قائم علي التبرعات علي‮ ‬غرار مستشفي سرطان الأطفال‮ ‬57357‭.‬

‭ ‬llتجربة مستشفي سرطان الأطفال‮ ‬غير قابلة للتطبيق مع الطب النفسي،‮ ‬فهي تجربة يقف خلفها رموز في السلطة،‮ ‬كما أنني أعتقد أنها كانت لها أثر سيئ علي معهد الأورام الذي يعالج عشرات الآلاف سنويا،‮ ‬وقضت علي التبرعات التي كانت تخصص له واستحوذت عليها،‮ ‬لصالح عدد محدود من المرضي‮ ‬يعالجهم المستشفي،‮ ‬ثم إننا لا زلنا في مجتمع لا يعتبر المرض النفسي له الأولوية في العلاج‮.‬

رسالة إلي المصريين

‭ ‬lفي النهاية‮.. ‬نريد رسالة من د.أحمد عكاشة لكل من النظام الحاكم،‮ ‬والشعب للتعامل مع الأزمات التي تمر بها مصر الآن‮..‬

‭ ‬llأقول للشعب‮.. ‬مستقبل أولادكم مسئوليتكم،‮ ‬وليست مسئولية الحزب الحاكم،‮ ‬كن إيجابيا وطالب بحقوقك ولا تتنازل عن حقوق مهدرة حتي إذا نمت في الشارع احتجاجا‮.. ‬تكاتفوا‮.‬

وللحزب الحاكم‮.. ‬أتمني أن يكون كلامكم المعاد منذ‮ ‬10‮ ‬ـ15سنة باهتمامكم بذوي الدخول المحدودة،‮ ‬أتمني ان يصدق هذه المرة،‮ ‬ولكن للأسف إن ما رأيناه ونراه خاصة في مجال الصحة والتعليم،‮ ‬لا يفي ولا يتوازن أو يتواكب مع وعودكم‮.. ‬أرجوكم‮.. ‬أنا لا أشك في وطنية أعضاء الحزب ولا التنظيمات السياسية‮.. ‬أرجوكم اجعلوا بينكم الحوار،‮ ‬لا تفتقدوا عقولاً‮ ‬مبدعة ومنتجة لا تنتمي للحزب الوطني‮.‬

هذه الفرصة الوحيدة أمامنا للنهضة وأنتم القدوة،‮ ‬ولا يمكن أن يوجد شعب ينهض بلا قدوة،‮ ‬وقد قيل أن الأمم تنهض ليس بالقوي العسكرية ولا السياسية ولا الاقتصادية،‮ ‬ولكن بأخلاق مواطنيها،‮ ‬دعنا نعمل علي أن تعود أخلاق المصري كما سبق‮.. ‬كرامة‮.. ‬عزة‮.. ‬شموخ‮.. ‬شهامة وتجاوز للذات‮.‬

‭ ‬lونصيحة للمواطن الذي يشعر بأنه يعاني حالة الاكتئاب من الأوضاع الحالية،‮ ‬ويغلبه اليأس‮.‬

‭ ‬llيجب أن تتكيف لتعيش،‮ ‬ونحن لا نعالج من عنده أعراض اكتئابية،‮ ‬هذه مهمة صانع القرار السياسي وليس الطبيب النفسي،‮ ‬الطبيب يعالج أمراضًا وليس مشاكل حياة،‮ ‬فلا تحمله مسئولية أعراض بطالة وغلاء وظلم ووووو‮.‬

كتب: عادل القاضي وهشام عبدالعزيز

تقرير حكومى خطير يكشف: ١٦.٣ مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر

كشف تقرير أعده مركز العقد الاجتماعى بمجلس الوزراء، بالتعاون مع المركز القومى لحقوق الطفل، عن أن عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغ ١٦ مليوناً و٣٠٠ ألف شخص عام ٢٠٠٨/ ٢٠٠٩، وهناك ٢١.٦% من الأسر تعيش على أقل من ١٨٥ جنيهاً للفرد شهرياً.

وأشار التقرير، الذى حمل عنوان: «اتجاهات وتفاوت فقر الأطفال فى مصر»، وأعلن عنه فى المائدة المستديرة التى أعدها المركز أمس، إلى أن فجوة الدخول تتسع باضطراد منذ عام ٢٠٠٠، وأن ٥٠٩ آلاف طفل كانوا يعانون سوء التغذية عام ٢٠٠٠، وتضاعف هذا الرقم ٣ مرات عام ٢٠٠٨، ووصل إلى ١.٥ مليون طفل.

وأضاف أن نسبة الأطفال الذين يعيشون حالة من الفقر فى الدخل ارتفعت من ٢١ % إلى ٢٣.٨ % عام ٢٠٠٨، وأن معدل الفقر لم يرتفع فقط، لكنه ازداد عمقا، وفى عام ٢٠٠٨ هناك ٧ ملايين طفل محرومون من أحد الحقوق الأساسية السبعة، وهى الصحة والمياه والصرف والتعليم والتغذية والمعلومات والمأوى، مؤكدا أن فقر الدخل والفقر الغذائى وصل إلى مستويات تثير القلق.

وأكد استمرار الفقر كظاهرة فى الريف الذى يسهم بنسبة ٧٩% من الفقراء، إلا أن الوجه القبلى بصفة خاصة لايزال يعانى التخلف بدرجة كبيرة، بينما تقل نسبة الفقراء فى المحافظات الحضرية، لكن التقرير أكد تراجع مستويات الحرمان من المأوى والاكتظاظ بالمنازل على مر الأعوام، حيث كان ٢٨ % من الأطفال يعانون ظروفاً معيشة غير ملائمة ومنازل ذات أرضيات طينية عام ٢٠٠٠، لكن هذه النسبة تراجعت إلى ١٤.٨ % عام ٢٠٠٨. ودعا التقرير إلى تحسين الأطر القانونية والاجتماعية صديقة الأطفال، والاستفادة من النتائج التى توصل إليها عند رسم السياسات على المستويين القومى والمحلى فى المستقبل.

من جانبه، قال الدكتور ماجد عثمان، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، إن إثارة الإحباط بشكل مؤسسى ومنهجى، ليس من مصلحة أحد وإن هذا لا يجعل هناك أملاً فى التقدم، موضحاً أن وضع مصر فى عام النكسة ١٩٦٧، لم يكن يدع مجالاً للشك فى أن مصر لن تقوم لها قائمة، وهو ما يجعلنا أكثر تفاؤلا الآن.

ووقع عثمان مذكرة تفاهم مع ممثل اليونيسيف فى مصر فيليب دومال، لإطلاق منتدى السياسات الإلكترونى حول الفقر متعدد الأبعاد. وقال، خلال توقيع البروتوكول، إن فقر الأطفال يمثل تحدياً عالميا أمام البلدان النامية، والتعاون يهدف إلى دعم النقاش حول السياسات المرتبطة به، بعيدا عن وجهة النظر الضيقة التى تربطه بانخفاض الدخل

كتب أميرة صالح وهدى رشوان

المصرى اليوم

Wednesday, December 29, 2010

Egypt's real state of emergency is its repressed democracy

Egypt has recently held yet another fraudulent and farcical election. Ballot boxes were stuffed. Votes were bought. People who considered voting for the opposition were subjected to violence by professional thugs. And these transgressions have been well documented by human rights groups.

Democracy must mean more than merely going through the motions.

In theory, Egypt has a constitution and laws that reflect the will of its people. But in reality, the provisions are a hodgepodge that perpetuates the iron grip of the ruling regime. President Hosni Mubarak enjoys imperial powers. There is no legislative oversight of the military budget. No more than five people are permitted to assemble without permission to stage a peaceful demonstration. Universities have security forces on campus to ensure that students do not engage in political activities.

A recent constitutional amendment has made it almost impossible for an independent actor to run for president. Any candidate who is not a member of an officially sanctioned party is forbidden to have a headquarters or to raise funds. Political activists are often blocked from renting venues for meetings. In the 12 months since I began campaigning for reform in Egypt, I have received a flood of requests for interviews, but after the recent crackdown on the media hardly any local TV stations have dared to express interest in talking to me.

In theory, Egypt has multiple political parties. In practice, establishing such a party requires permission from a committee dominated by the National Democratic Party (NDP) - the political machine that has kept Mubarak in power since 1981. And any new party must exist for five years before it can field a presidential candidate.

In theory, Egypt has an elected president. But over the past half-century, the country has had only three rulers. There were differences in their style and vision, but all have presided over an authoritarian and repressive political system. For the past 29 years, Egyptian society has existed under a draconian "state of emergency," a tool that has allowed the president to suspend basic constitutional protections and that has been used to detain, torture and sometimes kill those who dare to dissent.

In theory, Egypt has a democratically elected parliament. In practice, one-third of the members of its upper house are appointed by the president. Of the 508 seats, 440 are held by members of the NDP. In no way is the Egyptian parliament representative of the Egyptian people. Although about 10 percent of Egyptians are Coptic Christians, the Copts hold only 3 seats in parliament. The Muslim Brotherhood, a religious movement that managed to win 20 percent of the seats in the 2005 parliamentary elections, was shut out of the November elections and now holds no seats. The Wafd, the largest liberal party, won six seats. Both boycotted the run-off vote because of the substantial fraud committed and documented during the first-round voting last month.

In theory, Egypt has a court system; in fact, legal decisions are often ignored when they run contrary to government policy.

Egypt's economic and social fabric continues to deterioriate. Despite annual growth in gross domestic product of 5 to 6 percent the past few years, there has been little to no trickle-down effect. The obscene gap between rich and poor worsens daily. The middle class has all but disappeared. More than 40 percent of Egyptians live on less than $2 per day. Nearly 30 percent are illiterate - a sad commentary for the culture that, more than 2,000 years ago, gave the world the Library of Alexandria. In Cairo, a mega-city of more than 15 million, half the population lives in shantytowns next to gated communities that rival the opulence in Southern California.

Egypt urgently needs a new beginning. The voices of dissent are growing in number. We come from many orientations, from different vocations, from different parts of society, from different faiths. But we speak with a single voice in seeking social justice. We demand an accountable and transparent system of government, with meaningful checks and balances. We want economic opportunity for all Egyptians and the right to live in dignity and freedom. Together we are organizing around peaceful change. The international community ought to support our struggle for freedom and hold Egypt to its international commitments with respect to human rights. The rights of the Egyptian people should not be trampled in exchange for an elusive promise of stability.

The present pseudo-stability based on repression is a ticking bomb that is dangerously close to exploding. Lasting stability in Egypt, as in any nation, will come only through genuine democracy that responds fairly to the needs and aspirations of all its people.

By Mohamed ElBaradei

© The Washington Post

رئيس قسم المفاعلات النووية فى استقالته لـ«النائب العام»: العمل بهيئة الطاقة الذرية قائم على العشوائية والتخبط والشللية

كشفت الاستقالة «المسببة» التى تقدم بها الدكتور سامر مخيمر، رئيس قسم المفاعلات النووية بهيئة الطاقة الذرية، من منصبه إلى المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، أمس الأول، عن عدد من المخالفات المالية والإدارية والأمنية المنسوبة لرئيس وقيادات الهيئة - على حد قوله - حيث وصف «مخيمر» العمل فى الهيئة بـ«العشوائية والتخبط والشللية والتسيب وانعدام الأمن فى جميع أرجائها، لدرجة وصلت إلى ضبط مخدرات داخل إحدى سيارات قيادات الهيئة منذ عدة شهور.

وقدم «مخيمر» عدداً كـبيراً من المستندات إلى النائب العام، والتى قال إنه سلمها إلى مكتب الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء، منذ أكثر من شهرين، طالباً تحديد موعد معه، وأضاف: «انتظرت الوزير لكنه لم يرد».

وشملت الاستقالة - حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها - عدداً من الاتهامات ، منها سرقة موتور محطة مياه أنشاص وخروجه من الهيئة، بالإضافة إلى ما وصفه بـ«شبهات تربح وإهدار المال العام» عن طريق إسناد مناقصات لشركات بملايين الجنيهات لتركيب نظم موجودة فعلا وسبق تركيبها وعدم صيانتها أو إصلاحها وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية والمالية السليمة، وأوضحت أسباب الاستقالة كذلك وجود بعض الأساتذة المتفرغين خارج البلاد لسنوات طويلة وتقاضيهم المبالغ المقررة قانونا نظير تفرغهم ووجودهم بالهيئة، فى الوقت الذى لا تتوفر فيه ميزانية لصيانة وإصلاح المفاعل الأول وطاقم تشغيل المفاعل يتكون من مهندسين مؤقتين يتقاضون يوميا ٨ جنيهات.

وجاء فى أسباب الاستقالة أيضاً «التخبط» و«العشوائية» فى إدارة أزمة حادثة المفاعل، واللجوء إلى الأساليب التبريرية منها الوصلات الكهربائية والصيانة، وتعمد إعاقة العمل فى أعمال إصلاح وصيانة المفاعل الأول بتحريض من بعض الأساتذة المتفرغين للتدخل فى مهام وأعمال كل من القائم بأعمال مدير المفاعل ومدير الصيانة وعدم اتخاذ أى إجراء فى الشكاوى المقدمة ضدهما

كتب هشام عمر عبدالحليم

Almasry Alyoum

البرادعى بين المطرقة والسندان

ألم يكن غريبا أن يبدأ عام 2010 بيوم غامض من أيام شهر فبراير يشهد ترحيبا حارا بعودة الدكتور محمد البرادعى إلى مصر، بعد انتهاء ولايته الثالثة فى وكالة الطاقة الذرية، ليعلن عزمه على خوض انتخابات الرياسة القادمة إذا تحققت شروط معينة؟.. وأن ينتهى نفس العام بفتوى يصدرها شيخ مأفون يعلن فيها إهدار دمه لأنه طالب بالعصيان المدنى بعدما حدث من تزوير فى الانتخابات؟

وعلى الرغم من بعد المسافة بين ما كان وما سيكون، فالأمر لم يختلف كثيرا عن المسافة التى قطعها الحزب الحاكم بين موقف التجاهل والعداء إزاء البرادعى وموقف التهديد والوعيد الذى اتخذه فى المؤتمر السنوى للحزب ضد المعارضة عموما وضد ما اعتبره خروجا على الشرعية من جانب البرادعى. وكلها إنذارات وتنبيهات إلى ما يمكن أن تحمله الحياة السياسية فى مصر من مفاجآت فى عام 2011!

لقد عبر كثير من الكتاب والمثقفين، المعارضين والمستقلين عن مواقفهم المناوئة أو المؤيدة، المتعاطفة أو الناقدة. ولكن رأى الأغلبية الصامتة بقى كالعادة محجوبا عن العلن إلا لمن يتواصل مع الإنترنت. وفيما تلقيت من رسائل ما يلقى الضوء على رأى قطاع واسع من القراء الذين يضعون البرادعى بين المطرقة والسندان!

نقدم بعض مقتطفات منها:

●● قد يكون البرادعى باعث النهضة ومحرك الأمة ومحطم أصنام الفساد. وقد لا يكون، قد يكون أملنا المفقود وطموحنا. وقد لا يكون. ولكن من الأكيد والمؤكد أنه سيكون بداية التغيير المنشود نحو الأفضل.. بداية الحلم الذى طال انتظاره حتى أصبح عزيز المنال. بداية الاتجاه الصحيح نحو ديمقراطية عاقلة متعقلة. فنحن لا نستحق أبدا ما نحن فيه رغم كل ما يشيعونه عنا.. نحن شعب طيب محترم متدين أهانوه فى شرفه وكرامته وكبريائه. أذلوه فى لقمة عيشه. كسروه فلم يعد يقوى على المقاومة. ولم يعد يعرف أولوياته: أيثور لكرامته وهو جريح، أم يركض وراء الرغيف ركض الوحوش فى البرية.. وحين تظهر فى الأفق دلائل تغيير نراهم يسرعون إلى سن سيوفهم، ليغتالوا الحلم القادم.

●● بعد قراءة متأنية أقول بصدق إن البرادعى صنع حراكا فى المجتمع لا يمكن إنكاره وغير مسبوق. كما أيقظ العقول من غفوتها فى لحظة حاجتها إلى قدوة تقتدى بها وحرك أفكارا كانت غائبة وراء الحاجات الإنسانية، وهو يعلم جيدا أن كثيرا ممن شرعوا فى الانضمام إلى فكره كانوا أصحاب مصالح شخصية. ويعلم ــ كما قال ــ ونحن نعلم أنه لا يملك قوة خارقة على غير المعهود فى بنى الإنسان، ولكنه كان صاحب الرمية التى تسببت فى حدوث هذا الكم الهائل من الأمواج المتلاطمة.. هنا علينا جميعا أن نقف ونسأل أنفسنا هل نحن فى حاجة إلى تغيير فعلا أم لا؟ وما هى المقومات لإتمام عملية التغيير وهل نحن على استعداد لدفع الثمن حتى ولو كانت النتيجة لن تعم علينا وإنما سوف يحصدها أولادنا وأحفادنا؟

●●البرادعى قالها وكررها مرارا «لست المنقذ ولا المخلص». ولا أرغب فى الترشح للرياسة. الرجل لديه رسالة، وبدلا من أن يعيش حياة هادئة بعد سنوات العمل الطوال.. قرر أن يُعدّل وضعا رآه خطأ. والشعب صاحب المصلحة الأولى غائب أو غُيّب عن عمد وبمنهج عبر سنوات.. ولا يجب أن نتوقف معتمدين على إنسان أو منتظرين من يأتينا من الخارج «ويشيل الشيلة عنا».. غرض البرادعى كان ولأول مرة أن يتحمل الشعب مسئوليته بنفسه.. ومصر لابد وأن بها من الـ80 مليون برادعى.

●● البرادعى ليس نبيا ولا ساحرا. ولكنه أيضا ليس زعيما ولا رائدا ولا مفكرا. كما أنه ليس مستعدا لدفع كلفة التغيير الباهظة. والمراجع لأحداث التاريخ يرى أن المصلحين والقادة وهبوا أموالهم وأوقاتهم وطاقاتهم وكل ملكاتهم من أجل قضايا شعوبهم. ودفعوا برضا وسعادة أثمانا فادحة لذلك.. فهل فعل البرادعى شيئا من ذلك؟!

●●مشكلة البرادعى أنه رجل محترم ومتحضر أكثر من اللازم فى بيئة سياسية فاسدة وطاردة لأى وجه نظيف.. ومن ناحية أخرى، فمشكلة البرادعى أنه يخاطب شعبا تعود على الفساد والطغيان واعتاد على الرضوخ فى مواجهة سطوة الأمن.. ومن جهة ثالثة معارضة لا يعتمد عليها. أفرادها يعملون أصلا لحساب الأمن. وبعضها انتهازى كالإخوان أو حنجورى لسه عايش فى أيام عبدالناصر. هذه المعارضة المضحكة رفضت أبسط شىء وهو مقاطعة الانتخابات التى يعلمون أنها مزورة


Sunday, December 26, 2010

إنهم لا يخجلون

زمان كان فيه حاجة فى مصر اسمها كسوف وخجل وواحد وجهه يحمر لما يعمل «عملة سوداء». الآن لا أحد يخجل ولا أحد يشعر بأنه قد قام بعمل شائن.

وربما كانت السرقة تعتبر فى وقت من الأوقات جريمة مخلة بالشرف، والآن أصبح تعريف السرقة هو أن تقوم بنشل محفظة واحد فى الأتوبيس، أو تقفز فوق سور بيت لتسرق الغسيل. أما الذى يسرق مال الشعب ويغرف منه ليل نهار فلا أحد يتكلم عنه لأنه كما يقولون «مال سايب».

يتكلمون الآن عن جهاز جديد للدولة لتوزيع الأراضى، وذلك بعد أن انتهت كل أراضى مصر الصالحة للبيع تقريباً. لو جاءت هيئة محايدة وعاينت ما فعله بعض وزراء الإسكان لاكتشفت أن ما يقوله الناس صحيح وما خفى كان أعظم، وقد حكمت المحاكم بأن هذا البيع غير قانونى وجائر، ولكننا قادرون على تغيير القوانين لمساندة السرقة والظلم، وقادرون على أن نلغى المحاكم كلها إذا لزم الأمر، والغريب فى الأمر أن اغتصاب الأرض قد تم برضاء وكيل صاحب الأرض، وهى الحكومة، وكيل الشعب المصرى، والكل راضٍ وسعيد ولا أحد يشعر بأى نوع من الخجل والكسوف، ويقف هذا الوزير وهذا المغتصب ليتكلما عن الأمانة والشرف بصفاقة شديدة ويشتمون حرامى الغسيل لأنه لوث سمعة مصر وشرفها!

هل يخجل الوزير عندما يخصص له فيلا فاخرة على البحر أو فى التجمع الخامس يبيعها سيادته ويربح فيها الملايين بعد تسلمها مباشرة؟ ألا يعرف سيادته أن مصر كلها تعلم ذلك؟ ألا يخجل ولو قليلاً؟ بالعكس إنه زبون مستديم على العمرة أو الحج السريع ويظهر فى صورة رائعة بملابس الإحرام.

ألا يخجل السادة الوزراء وهم يسيرون بسيارة الدولة محاطة بسيارات سريعة يثيرون الفوضى فى الشارع ويتسببون فى حوادث للبسطاء ويعطلون المرور فى مدينة مزدحمة؟

ألا يخجل السيد المحافظ وهو يزور قرية فى محافظته ويشاهد عشرات اللافتات التى ترحب بالسيد اللواء الوزير المحافظ الدكتور فلان؟ هل يشعر بسعادة طاغية وهو يرى هذا الزيف الواضح الذى لا معنى له؟ لماذا لا يأمر السيد المحافظ بمنع هذه المهازل ويوقف صرف أموال الفقراء فى كلام فارغ؟ ألا يخجل حضرة النائب أو النائبة فى مجلس الشعب الجديد الذى يعلم هو وأولاده وأصدقاؤه وأقاربه والدائرة كلها أنه لا يمكن أن يحصل على مائة صوت فى هذه الدائرة بمجهوده، فيحصل على ثلاثين ألف صوت، كل صوت مزور ينطح الصوت الآخر؟!

إن حضرة النائب يقف بكل شجاعة ويعلن أن الانتخابات نزيهة وأن شعبيته فى الدائرة كاسحة بدون أى كسوف. ألا يخجل نائب المعارضة المزيفة من نفسه، وهو يقول إنه نجح فى الإعادة وهو يعلم أن كل ذلك من صنع الأمن؟! وعلى الجانب الآخر يقف نائب الحزب الوطنى الذى سقط فى الانتخابات الأخيرة بعد أن نجح فى المرة السابقة بالتزوير ليعلن عن فوضى التزوير، بدون أى كسوف ولو بسيطاً وينسى التزوير الذى حدث لصالحه فى المرة السابقة! والغريب أن هذه العينة من السادة النواب يتكلمون بشجاعة غريبة وكأن الشعب المصرى كله من الأطفال السذج.

الرجل المعروف باسم ترزى القوانين يتكلم عن الديمقراطية بحماس مذهل، وعن النزاهة فى الانتخابات وعن التغييرات العظيمة فى الدستور وفوائدها الجبارة، وكأن الشعب المصرى عبارة عن مجموعة من البلهاء يمكن أن يصدقوه. المصريون ليسوا بلهاء وهم يعلمون مدى الزيف والكذب فى كل حديث السلطة، لكن هذا الشعب لم يجرؤ بعد على أن ينهض ويقول لا، وقد آن الأوان أن يقول المصرى «لا لكل زيف أو كذب أو ظلم»، ويجب أن تعود حمرة الخجل لوجوه المصريين.

قوم يا مصرى... مصر دايماً بتناديك

بقلم د. محمد أبوالغار- Almasry Alyoum

فراعنة مفيد شهاب

قرأت فى صحيفة «المصرى اليوم» بتاريخ ٢٢/١١/٢٠١٠ تصريحاً للدكتور مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية «إن مصر دولة مركزية بطبعها منذ أيام الفراعنة، وكل شىء فيها فى يد شخص واحد»، ورأيى أن هذا التصريح وارد مثله عن توفيق الحكيم فى روايته المعنونة «عودة الروح».

فقد أعلن جمال عبدالناصر أنه كان قد تأثر بهذه الرواية قبل الثورة، وأنا بدورى أعدت قراءتها لكى أكتشف مغزى تأثر جمال عبدالناصر فإذا بى أقرأ العبارة الآتية المنقولة من الرواية «نحن فى انتظار خوفو جديد». وأظن أن خوفو قد جاء بعد طول انتظار، وحكم كما لو كان فرعوناً، ولم يجرؤ أحد على نقده كما لو كان مقدساً، ثم جاء السادات وقال عبارتين لهما دلالة تاريخية «أنا فرعون مصر، والديمقراطية لها أنياب».. ثم جاء حسنى مبارك وكان على وعى بالتناقض بين الفرعونية والديمقراطية، فاتجه نحو المادة ٧٦ من الدستور التى تنص على أن تعيين رئيس الجمهورية يتم بالاستفتاء وليس بالانتخاب، والفارق بينهما كيفى لأن الاستفتاء يستلزم مرشحاً واحداً، والواحد هنا يرمز إلى المطلق لأن المطلق هو الوحيد الذى يقال عنه إنه واحد، لذلك فإننا عندما نستفتى على واحد فهذا الواحد عندما يأتى إلى السلطة فإنه يأتى كمطلق، وبالتالى فإنه يتصف بالصفات التى تقال على المطلق، وفى مقدمة هذه الصفات «القداسة»، ومع القداسة يمتنع النقد، وقد كان هذا هو حال فرعون فى الحضارة المصرية القديمة، وهو حاله الآن فى الحضارة المصرية الحديثة.

هذا عن الاستفتاء، فماذا عن الانتخاب؟

إن الانتخاب يستلزم أكثر من مرشح، وبالتالى يلزم حذف لفظ «الواحد»، أى حذف المطلق، وأظن أن الرئيس مبارك كان على وعى وهو يطالب بضرورة إحداث تعديل فى المادة ٧٦ من الدستور، وكان ذلك فى ٢٦/٢/٢٠٠٨، بحيث يتم تعيين رئيس الجمهورية بالانتخاب وليس بالاستفتاء، وبذلك نتجاوز الواحدية إلى التعددية، كما نتجاوز أسطورة الحكم بالمطلق إلى عقلانية الحكم بالنسبى، ولكن هذا التعديل كان يستلزم بالضرورة إلغاء المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن للدولة ديناً، أى أن للدولة مطلقاً، وبذلك يتسق هذا الإلغاء مع ما حدث من تعديل فى المادة ٧٦، وتكون النتيجة بعد ذلك إعلان أن الدولة علمانية.. إلا أن النخبة لم تكن لديها الجرأة فى الدعوة إلى هذا الإعلان لأنها لم تتحرر بعد من الروح الفرعونية، ولم تتحرر بعد مما أشيع عن العلمانية بأنها معادلة للإلحاد، إذ هى، بحكم تعريفى، ليس كذلك لأنها تعنى «التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق».

وقد قيل فى تبرير عدم إلغاء المادة الثانية إن المادة ٤٦ من الدستور تنص على أن الدولة تكفل حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية، إلا أن هذا القول ليس له ما يبرره لأنه يدخل فى تناقض غير مشروع مع الحكم المطلق المنصوص عليه فى المادة الثانية، وبالتالى تصبح المادة ٤٦ مشلولة الحركة أو بالأدق مجرد زائدة دودية.

وتأسيساً على ذلك كله يمكن القول بأن تصريح مفيد شهاب يعنى أن الحزب الوطنى الديمقراطى فى غياب العلمانية لن يكون ديمقراطياً، ومن ثم يدخل الحزب فى مأزق.

والسؤال اللازم بعد ذلك هو على النحو الآتى:

هل فى إمكان «الفكر الجديد» للجنة السياسات إخراج الحزب من ذلك المـأزق؟

بقلم د.مراد وهبة - Almasry Alyoum

نحتاج لاستراتيجية حرب لمحو العار

فى حوار تليفزيونى يدمى القلوب، ويبعث فيك من اليأس أكثر مما يبعث فيك من الأمل، حوار أجراه الزميل سليمان جودة مع العالم فى شؤون الإدارة العلمية الحديثة، الدكتور صبرى الشبراوى، أستاذ الإدارة بالجامعة الأمريكية، وعلى الرغم من أنه كان فى كل لحظة يكرر: «إننى متفائل بطبعى، والرئيس مبارك لا يمكن أن يعدى هذه المشاكل ويترك البلد تدار بهذا المنهج».. فإنه قال أيضا: «الإدارة الحديثة لها مواصفات يا إما أن نسير على هديها، يا إما سنغرق».. ود.الشبراوى من رجال الحزب الوطنى، وأحد مستشارى الرئيس، وهو واحد من أهم أساتذة الإدارة فى العالم، وكان مرشحا بقوة فى وقت من الأوقات ليكون رئيسا لوزراء مصر، ولكنه أيضا قال بمرارة شديدة حول إنه لا يؤخذ برأيه رغم أنه يحذر دائما من مغبة ما يفعله رجال السلطة والمال بمصر: من يوم أن عدت من أمريكا وأنا أُحارب من أجل التقليل من قيمتى، ويقولون لى:لا كرامة لنبى فى وطنه «ويتعجب بمرارة فأين ومتى ستكون له كرامة!!.. إنها مأساة مصر، ومرضها المزمن الذى يبدو أنه لا أمل لها فى الشفاء منه، مرض استبعاد أهل العلم والاختصاص، وتولية أعضاء (الشلة)، ففى الستينيات كان يستبعد أهل الخبرة ويعين أهل الثقة، والآن كما قال د.الشبراوى: «إنهم لا يأتون بوزير من خارج دائرتهم، ولكنهم يأتون بمن يلعب معهم طاولة، ولو سألت يقول لك (المبخراتية) الريس هو الذى يختار، ويعقب بمرارة: أنا لست معارضا، إننى أصف الدواء لأعالج المرض، هذه وظيفتى أقول للحكومة هذا سيضرك وهذا يفيدك.. ولابد أن يكون اختيار الوزراء بناء على الخبرة.

لقد عرفت الدكتور صبرى الشبراوى عن قرب منذ عشر سنوات، حين جمعتنى به جلسات مطولة أثناء تأسيس قناة المحور الفضائية، عندما كنت مديرا للبرامج ونائبا لرئيس القناة د. حسن راتب، إلى أن أطلقنا القناة فى ٢ فبراير ٢٠٠٢.. وكان يتكلم بنفس المرارة ويشخّص نفس الأمراض ويصف نفس الدواء، وهو (الإدارة العلمية الحديثة) فلا الحكومة أخذت الدواء ولا حسن راتب، وبقى الحال على ما هو عليه، فلا المحور تقدمت وسبقتها كل القنوات، ولا الحكومة تحسنت صحتها بل ساءت وتحسنت أحوال كل الشعوب، وعلى الحكومة أن تنظر حولها لترى الواقع بضمير صادق:

ــ هل يوجد فى العالم حكومة تعجز عن رفع قمامتها حتى بعد الاستعانة بالشركات الأجنبية!!.. أليست هذه سبة وعاراً علينا؟!

ــ هل توجد حكومة واحدة فى العالم لا تستطيع أن تنظم مرور السيارات فى شوارعها.. أليس من العار علينا أننا مازلنا نضع عساكر مرور فى الشوارع، فإن غابوا لحظة ارتبكت الدنيا ونزل قائدو السيارات ليتشاجروا ويسب بعضهم بعضاً!!

ــ هل يمكن لبلد لديه أطول أنهار الدنيا أن يظل يستورد طعامه وشرابه، ولا تقل لى إن الزيادة السكانية هى المشكلة، فالصين مليار ونصف المليار نسمة وتغزو العالم كله بصادراتها، لقد قال السادات لرئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجين وهو يجلس بجواره فى الطائرة التى كانت تحلق فوق نيل أسوان: هل ترى جمال النيل ومجراه المتسع؟.. فقال له بيجين: ولكن ماذا تفعلون به؟! لو لدينا مثل هذا النهر لزرعت به كل صحراء النقب وزينتها بالحدائق والأشجار!!

ــ أليس من العار أن نكون أعظم بنائين فى العالم منذ فجر التاريخ فنبنى الهرم ونجعل الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثانى كل عام فى ذات اليوم والساعة، ثم نرى غابات الخرسانة المسلحة الصماء تحيط بالقاهرة بحزام شديد القبح، ومن أذِن لهذه البيوت العشوائية أن تقام على أجود الأراضى الزراعية، ونحن البلد الذى استدعى حاكمه الخديو إسماعيل قبل مائة وخمسين عاما المهندس الذى بنى باريس، وقال له أريد أن تكون القاهرة قطعة من أوروبا، فبنى له التحف المعمارية التى تسمى (وسط البلد) والتى يتآمر بعض رجال المال والسلطة على الاستيلاء عليها لهدمها وبناء أبراج قبيحة على أنقاضها.

لقد قال د.الشبراوى: دون وضع استراتيجية لتحديث مصر البلد سينهار، فلتضع الحكومة استراتيجية لإعلان الحرب ضد مشاكلها، فعندما أرادت مصر أن تغسل عار هزيمة ٦٧، وضعت استراتيجية جادة ونفذتها بسواعد المصريين وانتصرنا على إسرائيل، ومصر الآن أمامها أعداء كثيرون ومن العار ألا نزيل كل هذه المشاكل، إن أغلب من يديرون مصر محتكرون للمال والسلطة وأصبحت لديهم مليارات، ماذا سيفعلون بكل هذه الأموال التى لم يأتوا بها من (بيوت أبوهم) فليردوا جزءاً من هذه الأموال للبلد، وضرب مثلا بأغنياء أمريكا الذين تبرع ١٧ مليارديراً منهم بنصف ثروته لإقالة أمريكا من عثرتها، ويكفى مليارديرات مصر أن يأخذ كل واحد منهم مائة مليون ومثلها لكل ابن من أبنائه، ويرد الباقى إلى مصر التى اغتنى من خيراتها لتسترد مصر عافيتها، وقال فى نهاية حديثه: أنا أعتبر كلامى صدقة جارية، أنا لا أريد إلا أن أرى مصر أجمل وأفضل بلاد العالم، ولكن يبدو أن منهج إدارة مصر الآن: أنه لا أحد يعرف أى شىء عن أى شىء!! فإذا أرادوا أن تدار مصر إدارة حديثة فسوف نعبر كل ما نحن فيه، أما إذا كانت ستدار بنظام العزب، فستكون النتيجة أننا سنظل نتقهقر إلى الخلف

بقلم محمد بغدادى- Almasry Alyoum

المركب بتغرق.. يا قبطاااان

لو كانت المؤتمرات لازم لها شعارات.. يبقى كان لازم شعار مؤتمر الحزب الوطنى يكون واحداً من ثلاثة.. الأول: المركب بتغرق يا قبطان.. وهو صيحة الغرقى، ويكشف الحالة التى وصلت إليها البلاد.. الثانى: اسأل دموع عينيا.. اسأل مخدتى.. وهو يستلهم أغنية قديمة للفنانة وردة، فى لحظة هجر قاسية.. الثالث: تخونوه وعمره ما خانكم.. وهو آخر كلام للدكتور حمدى السيد، مع الزميل يسرى فودة!

فلم تكن شعارات الحزب الوطنى واقعية ولا طبيعية، ولا مناسبة لمجريات الأحداث.. فقد رفع شعاراً من قبل هو «الحزب الوطنى فى مصلحتك.. والمستقبل ليك».. فإذا هو لا فى مصلحة أحد ولا يحزنون.. غير الحزب الوطنى، وشلة المنتفعين به.. واليوم يرفع الشعار نفسه بطريقة أخرى، حين يقول: «علشان تطمن على مستقبل ولادك».. كأن هناك حزباً آخر ينافسه على الحكم!

لا أعرف لماذا يتوهم الحزب أن هناك من يتنافس معه.. رغم أنه فى الواقع لا ينافس أحداً، ولا ينافسه أحد.. وهو يرى أن المنافسه تأتى من الداخل.. كما قيل مؤخراً: إن المعارضة سوف تنشأ من الداخل، رداً على غياب المعارضة فى مجلس الشعب.. وبالتالى فلا قيمة لشعارات الحزب.. لأن هذه الشعارات تصلح فى البلاد الغربية، التى تتنافس فيها أحزاب.. بينما الثابت أنه لا أحد غير الحزب الوطنى!

فهل كان يجب على القوى السياسية أن تنظم مؤتمراً موازياً.. تناقش المحاور نفسها، ثم تضع شعاراً مناسباً مثل «المركب بتغرق يا قبطان».. أو «اسأل دموع عينيا.. واسأل مخدتى».. وهل كان عليها، كما قررت تشكيل البرلمان الموازى، أن تنظم مؤتمراً موازياً؟.. وهل كان عليها أن تقدم أمثلة وحالات للفقراء وسكان المقابر وعشش الصفيح.. وكان ذلك يكفى، حتى لا نطمئن على مستقبل أولادنا؟!

وهل كان يجب أن نناقش أهم ملف، لا يمكن أن يتعرض له المؤتمر، وهو ملف التزوير.. وكان يكفى حتى لا نطمئن على مستقبل أولادنا؟.. لماذا لم يفعلها أحد؟.. لماذا لم يتحركوا بالتوازى معه؟.. لماذا لم يكشفوه فى كل الساحات؟.. هل المسألة تتعلق بندرة الموارد وقلة الإمكانيات؟.. هل المسألة تتعلق بأن المعارضين لهم عين فى الجنة وعين فى النار.. أم أنها قضية خيال سياسى؟!

أتصور بالطبع أن هناك مشكلة تتعلق بالموارد.. وأتصور أيضاً أن هناك مشكلة تتعلق بالمعارضين.. لكننى لا أتصور أن هناك مشكلة تتعلق بالخلق والابتكار.. ولو كانت هناك مشكلة فيمكن الاعتماد على ما قاله الدكتور حمدى السيد، بشأن خيانة الحزب الوطنى له، باعتبار أن خيانة الحزب الوطنى لم تكن له وحده، وإنما كانت خيانة للمصريين جميعاً.. فلا معارضة فى المجلس، ولا تعدد فى الواقع.. الخيانة للجميع!

الغدر الذى تحدث عنه حمدى السيد على قناة «أون. تى. فى»، والخيانة التى تحدث عنها من جانب الحزب فى حقه.. هو نفس الغدر ونفس الخيانة، التى يمارسها الحزب ضد المصريين.. ولكنه حين ينظم مؤتمراً يتصور أنه «مولد».. يشارك فيه أربعة آلاف شخص، من قبيل الفرجة.. يحصلون بعدها على «الأوبيج»، ثم وجبة كنتاكى.. وكأنهم فواعلية فى الحياة السياسية.. والفارق كبير بين الفاعل والفواعلى!

كان من الممكن أن نطمئن على مستقبل أولادنا.. لو لم يمارس الحزب هوايته فى التزوير.. وكان من الممكن أن نطمئن على مستقبل أولادنا، لو وجد الحزب حلاً لمشكلة سكان العشوائيات والمقابر.. وكان من الممكن أن نطمئن لو كنا نعيش إنجازات حقيقية لا شعارات وهمية.. كان من الممكن أن نطمئن لو مسح دموع الفقراء.. الذين بلا مأوى فى عز الشتاء.. بلاش «عز» دى

بقلم محمد أمين- Almasry Alyoum

وقفة احتجاجية للأطباء احتجاجاً على هدم مستشفى «العباسية».. و«عكاشة» يهدد باللجوء لـلأمم المتحدة

ينظم أطباء مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعاملون بالجمعية المصرية للطب النفسى، وقفة احتجاجية حاشدة، اليوم، لرفض ما سموه «مخطط الحكومة» لهدم مبنى المستشفى الأثرى، لصالح رجال الأعمال، ونقله إلى مدينة بدر. وأكد الأطباء أنهم لن يتوقفوا عن مقاومة هذه «الجريمة»، على حد وصفهم، بجميع الوسائل القانونية والدعاوى القضائية والاحتجاجات والشكاوى إلى جميع الجهات المعنية محليا وعالميا.

وأعلنت نقابة الأطباء وجبهة الدفاع عن مستشفى العباسية وحركة «أطباء بلا حقوق»، تضامنها الكامل مع أطباء المستشفى من خلال المشاركة فى الوقفة. ورفضت لجنة الدفاع عن الصحة ما سمته «المؤامرة الحكومية» التى تستهدف المستشفى، لافتة إلى أن الدولة بذلك تقدم دليلاً جديداً على مكانة الصحة المتدنية.

من جانبه قال الدكتور أحمد عكاشة، رئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى لـ«المصرى اليوم»، إن طرح فكرة هدم مستشفى العباسية أو نقله جريمة حضارية وإنسانية وإهدار لحقوق المريض النفسى. وأضاف: «كان الدكتور على عبدالفتاح، وزير الصحة الأسبق، طرح فكرة نقل مستشفى العباسية إلى مدينة بدر وقمنا وقتها بالتصدى لذلك بمؤازرة الجمعية العالمية للطب النفسى ومنظمة الصحة العالمية والجمعية المصرية للطب النفسى وأجهزة الإعلام ومجلس الشعب واقتنع الوزير بموقفنا وتوقف عن هذه الفكرة».

وتابع «عكاشة»: «هدم المستشفى يمثل خرقاً ومخالفة لقانون الآثار، الذى يحظر هدم المنشآت التى مر على إنشائها ١٠٠ عام فى الوقت الذى يتجاوز فيه عمر المستشفى ١٢٠ عاماً. وأضاف: «٩٩.٥٠% من المرضى النفسيين يعالجون خارج المستشفيات النفسية، وعدد المرضى المترددين عليه ٨٠ ألف مريض سنوياً. وقال إن قرار هدم المستشفى «غير دستورى»، لتعارضه مع حقوق المريض النفسى، التى كفلها القانون والدستور، مشيراً إلى أن قوة الأمم لا تعتمد على تفوقها العسكرى والاقتصادى والسياسى وإنما بأخلاق مواطنيها فى رعاية الضعيف والطفل والمسن والمريض النفسى.

وهدد «عكاشة» باللجوء إلى منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة واليونسكو، إذا أقدمت وزارة الصحة فعلياً على هدم المستشفى، لأن من بين بنود ميثاق الأمم المتحدة لحقوق المريض النفسى، ألا يبعد سكن المريض أكثر من ٢٠ دقيقة عن مستشفاه.

وأرجع أسباب لجوء الحكومة لإصدار قرار بنقل أو هدم مستشفى العباسية، إلى الرغبة فى الحصول على «جباية مالية» لسد العجز الموجود، بسبب فهى سياسة الحزب الوطنى، التى وصفها بـ«الفاشلة» وسياسة لا تنظر للمريض الضعيف، لافتا إلى أن التاريخ لن يغفر للمسؤولين بدءاً من رئيس الوزراء ووزير الصحة والأمين العام للصحة النفسية، إذا تم هدم هذا «الصرح العظيم»، الذى يمثل تاريخ الطب النفسى فى مصر، من أجل ما سماه «حفنة أموال» لإقامة أرض معارض دون النظر لمصلحة المريض النفسى.

وقال «عكاشة»: «للأسف حتى الآن لم يؤكد مسؤول الإعلام لوزارة الصحة بأن ذلك سيحدث أو ينفى حدوثه، وأن مسؤول الصحة النفسية بالمستشفى يؤكد أن القرار وارد». وانتقد «عكاشة» عدم تعليق وزير الصحة على الأمر، ما يدل على وجود مؤامرة لبيع المستشفى أو هدمه لمصالح رجال الأعمال. ووصف ذلك بأنه «خصخصة خفية».

غادة محمد الشريف

Almasry Alyoum

Friday, December 24, 2010

البرادعى: سأنشئ حزب خاص.. ولا أمانع في تولي امرأة مسيحية رئاسة مصر

أبدى الدكتور محمد البرادعى، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، رغبته فى تأسيس حزب خاص به، ودعا الرئيس مبارك إلى "الاستماع للشعب"، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يمانع أن تتولى "امرأة مسيحية" رئاسة الدولة.

قال البرادعى، فى حوار مطول مع مجلة "AUC Times"، التى تصدر داخل الجامعة الأمريكية بالقاهرة: "أتمنى تأسيس حزب خاص بى"، مشددا على أنه "لا يجب منع أى شخص من تأسيس حزب، طالما لا يحمل أى تشهير للأحزاب القائمة بالفعل"، وأنه "ربما ينضم إلى أحد الأحزاب الموجودة إذا تغيرت الأوضاع القائمة".

وأضاف أنه لا يرفض تولى امرأة مسيحية منصب رئاسة مصر، مشيرا إلى أنه "وفقاً للتعاليم الإسلامية، فإن كل شخص لديه نفس الحقوق والواجبات، سواء كان مسلما أو مسيحيا، وتلك الحقوق تستند إلى المساواة والعدل".

وانتقد البرادعى إطلاق لفظ "المحظورة" على جماعة "الإخوان"، قائلاً إنهم جزء من المجتمع، وعلينا الاستماع إليهم والسماح بمشاركتهم، مثل الأقباط تماماً.

ودعا الشباب إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية عام 2011، ما لم تتغير الأوضاع الحالية، "لأن التغيير يأتى من الجذور"، مؤكداً أنه لا يعلم حتى الآن إذا كان الرئيس مبارك سيترشح أم نجله فى الانتخابات المقبلة، داعياً الرئيس إلى "الاستماع إلى الشعب".

وذكر البرادعى أن الحزب الوطنى "لا يتمتع بأى شعبية"، مضيفاً أنهم "فشلوا فى التقدم على المستوى الاقتصادى أو السياسى أو الاجتماعى".

واعتبر أن السياسة الخارجية لمصر تحتاج إلى "إعادة تقييم" بالكامل، قائلاً: "فى الماضى، مصر كانت لها منزلة وطنية داخل العالم العربى الإسلامى، ولكنها فقدت ذلك الآن"، مشيرا إلى أن "السياسة الخارجية لا يمكن فصلها عن السياسة الداخلية".

ونبه إلى أن وجوده بالخارج مهم بالنسبة له، لكى يتأكد أن مصر والعالم العربى مازالا جزءاً من العالم، مضيفاً: "سأكون فى مصر عندما أشعر أن هناك فائدة من وجودى، وسأسافر عندما يحتاج الأمر".


مشنقة علاء الأسوانى وشرف فاروق حسنى

علاء الأسوانى متهم الآن أمام محاكم التفتيش الثقافية بأنه يكتب روايات تحقق أرقاما غير مسبوقة فى التوزيع والقراءة وتلقى اهتماما كبيرا على مستوى النقد والترجمة للغات عالمية.

ولأن الجريمة شنيعة والاتهام خطير فقد كلفوا أنفسهم مشقة عقد مؤتمر للرواية تداعى إليه جنود من كل حدب وصوب لكى يلقوا القبض على الأسوانى بتهمة إعادة الجمهور لقراءة الرواية بنهم بعد أن ظلت الروايات لفترة طويلة تنتج لكى تستقر على أرفف المكتبات وتعتقل فى المخازن.

أذكر أن مثقفا مصريا كبيرا كان عائدا من الولايات المتحدة تحدث فى حوار جانبى ضم الدكتور محمد أبوالغار وكاتب هذه السطور عن ظاهرة أمريكية لم يجد لها نظيرا فى مصر إلا مع علاء الأسوانى، حيث قال إن الكتاب فى أمريكا لا يزال حاضرا فى وسائل المواصلات العامة، إذ من المعتاد أن تجد فتاة أو شابا ممسكا برواية يقرأها فى المترو أو فى الباص.. وهذا المشهد لم يجده فى مصر إلا مع أعمال علاء الأسوانى.

والمعنى أن الأسوانى استطاع أن يعيد إلى الرواية جمهورها بعد ما حققته «عمارة يعقوبيان» تحديدا من نجاح مدهش جعلها توزع عشرات الطبعات وتترجم لعدة لغات، وتجد حفاوة نقدية فى كل دول العالم.

غير أن كل ذلك يريد البعض أن يستخدمه كقرائن ضد علاء الأسوانى ويكد ويكدح لكى ينتهى إلى نظرية غريبة وعجيبة مضمونها أن الانتشار والرواج يعنى أن العمل فقير أدبيا بمعايير النقد الهيستيرى، الذى يرفع شعار «كل رواية ذائعة الانتشار هى بالضرورة رديئة»، وكأن المطلوب من المبدع أن يكتب من أجل الظلام والرطوبة وفئران المخازن والأرفف.

شىء من هذه الهيستيريا النقدية كان حاضرا بإلحاح فى مؤتمر الرواية الذى عقدته وزارة الثقافة مؤخرا، وهو المؤتمر الذى طغت عليه السياحة أكثر من الثقافة، بحيث جاء مناسبة لكى يستمتع عدد كبير ممن دعوا إليه بشتاء مصر الجميل ومعالمها البديعة.

وشىء من هذا أيضا تجده فى جوائز الدولة التى أعلن فاروق حسنى أنها شرفه ولا يقبل الطعن والتشكيك فى مصداقيتها ونزاهتها، وهو يرد على اتهام الشاعر جميل عبد الرحمن بأن جوائز الدولة تحكمها الواسطة.. ذلك أن جوائز الدولة على جميع مستوياتها لم تتذكر يوما أن أديبا مصريا بعد نجيب محفوظ انطلق بالرواية المصرية إلى آفاق العالمية ، هذا الأديب هو علاء الأسوانى الذى ما إن يذكر اسمه حتى يصاب وزير الثقافة وأعوانه بحساسية تجعلهم يسعلون ويعطسون تصريحات مضحكة من عينة أن الأسوانى خطر على الثقافة المصرية ومن ثم يجب عزله وإقصاؤه لأنه تجرأ وتجاسر ورفض دخول الحظيرة.

بقلم:وائل قنديل - الشروق
٧٥ عاماً على انتفاضة ١٩٣٥.. المظاهرات التى أحرجت بريطانيا

كانت البلاد قد شهدت تطورات سياسية منذ عام ١٩٢٤ تخللتها انقلابات دستورية، ولعبت هذه التطورات دوراً مهماً فى الوصول بالبلاد إلى هذه الانتفاضة، وكان مسلك وزارة محمد توفيق نسيم والقصر والإنجليز، متمماً لوضع البلاد على طريقها، وفى ٢٢ أكتوبر ١٩٣٠ كانت أصعب خطوة من قبل السراى والوزارة،

عندما صدر الأمر الملكى بوقف العمل بدستور ١٩٢٣ وحل البرلمان بمجلسيه وإعلان دستور ١٩٣٠، واستمر العمل بدستور ٣٠ خلال عهد إسماعيل صدقى، حتى استقالته فى سبتمبر ١٩٣٣، وفى نفس يوم استقالته تشكلت وزارة عبدالفتاح يحيى، ثم خلفتها فى ١٤ نوفمبر ١٩٣٤ وزارة محمد توفيق نسيم، التى استصدرت أمراً ملكياً بإبطال العمل بدستور ١٩٣٠، إلى أن يوضع نظام دستورى جديد يحل محل دستورى ١٩٢٣ و١٩٣٠، وبذلك فإن الوزارة رغم إقدامها على إبطال العمل بدستور ٣٠، إلا أنها لم تعد العمل بدستور ٢٣، وهو الأمل الذى كانت تنتظره الجماهير.

ولم يقف أمر توفيق نسيم عند حد المماطلة هو والملك فى إعادة الدستور، بل قام باستشارة المندوب السامى، حول هذه المسألة. وفى ٩ نوفمبر وفى أثناء الاجتماع السنوى الذى يقيمه محافظ لندن فى قاعة (الجلد هول) بلندن، قال السير صمويل هور، وزير الخارجية البريطانى، كانت نصحيتنا ضد إعادة دستورى ٢٣ و٣٠ لأن الأول ظهر أنه غير صالح للعمل به، ولأن الثانى ضد رغبة الأمة بالإجماع، وكشف هذا التصريح عن أن الحكومة المصرية استشارت إنجلترا، وأن بريطانيا طلبت عدم عودة الدستوريين وهو ما يشكل تدخلاً فى شؤون البلاد.

والتهبت المشاعر بسبب هذا التصريح وزاد من لهيب المشاعر حلول ذكرى عيد الجهاد الوطنى فى ١٣ نوفمبر، حيث تحول الاحتفال بهذا العيد إلى مظاهرات تندد بتصريح «هور» وتنادى بسقوط الحكومة، وفى صباح ذلك اليوم خرج طلاب الجامعة وانضم إليهم طلاب المدارس فى مظاهرة هاتفين ضد «تصريح هور» وإنجلترا ومنادين بسقوط الحكومة.

وحدث صدام بين البوليس والطلاب عندما حاولوا اجتياز كوبرى عباس إلى قلب القاهرة إذ أطلق البوليس النار على الذين نجحوا فى عبور الكوبرى، منطلقين إلى بيت الأمة وميدان عابدين ومناطق القاهرة الأخرى، وفى مساء اليوم نفسه عندما احتفل الوفد بهذه المناسبة، ألقى مصطفى النحاس خطاباً هاجم فيه الوزارة، وقال إن الواجب الوطنى يحتم عليها أن تستقيل، نزولاً على خطة عدم التعاون مع الإنجليز التى دعا الوفد الأمة إليها،

وبعد انتهاء الحفل حدث اعتداء من البوليس وسقط جراءه أحد الشهداء، وكان من الطبيعى أن تشتد المظاهرات فى اليوم التالى، فخرج طلبة الجامعة فى مظاهرة كبيرة وشارك معهم طلاب مدرستى التجارة المتوسطة بالجيزة والسعيدية، واجتاز المتظاهرون كوبرى عباس وبعد اجتيازه حدث صدام بينهم وبين قوة من «كونستبلات الإنجليز» سقط على إثره عدد من الجرحى منهم محمد عبدالمجيد مرسى، الطالب بكلية الزراعة، الذى توفى فى اليوم نفسه متأثراً بجراحه، ولحق به طالب الآداب محمد عبدالحكيم الجراحى، وأصدر أحمد لطفى السيد، مدير الجامعة، قراراً بإغلاقها.

وفى ١٦ نوفمبر انضمت مدرسة دار العلوم إلى المظاهرات، ومن مبناها بحى المنيرة انطلق طلابها وحدث صدام بينهم وبين البوليس واستشهد متأثراً بجراحه فى ١٧ نوفمبر الطالب على طه عفيفى، الذى شيعت جنازته وسط مظاهرة كبيرة فى اليوم نفسه، وتستمر المظاهرات بالقاهرة والجيزة وتصدر حكومة نسيم بياناً رسمياً جاء فيه: «تلفت الحكومة نظر الجمهور إلى أن المظاهرات بجميع أشكالها ممنوعة، وأن البوليس سيعمل على تفريق كل مظاهرة وكل اجتماع غير مصرح بإقامته»، وبالرغم من ذلك انتشرت المظاهرات فى اليوم التالى، وكانت الخطوة الكبيرة عندما أُعلن فى الصحف أن الطوائف المختلفة فى البلاد، أعلنت يوم ٢١ نوفمبر يوماً للإضراب العام.

وشاركت الأحزاب من خلال نداءاتها وبلاغاتها فى الهجوم على الوزارة وإدانتها والمطالبة بعودة الدستور، وفى ٢٧ نوفمبر عقد الطلبة مؤتمرهم العام بأحد مدرجات كلية الطب وتليت قرارات المؤتمر، التى دعت لمقاطعة البضائع الإنجليزية وترجمة الاحتجاجات التى أصدرتها الهيئات، إلى اللغات الأجنبية وتوزيعها على المفوضيات الأجنبية وإرسالها إلى الصحف الإنجليزية، وبسبب هذا المؤتمر وقراراته أصدر مدير الجامعة قراره الثالث بإغلاق الجامعة حتى الجمعة ٦ ديسمبر، وفى ٧ ديسمبر أقيم النصب التذكارى لشهداء الجامعة، وكان من نتائج العنف حينها أن يلقى صمويل هور خطاباً فى البرلمان الإنجليزى يخفف فيه من تصريحه السابق،

وبالرغم من ذلك استمرت المظاهرات واتسع نطاقها وهو ما كان كافياً ليقنع الأحزاب بأن تتناسى صراعاتها وأن تأتلف فيما سُمى فى تاريخ هذه المرحلة بـ«الجبهة الوطنية» التى تكونت فى ١١ ديسمبر، وفى اليوم التالى أرسلت الجبهة كتابها إلى الملك مطالبة إياه بإعادة دستور ٢٣، كما أرسلت فى اليوم نفسه رسالة إلى المندوب السامى، طالبته بأن يبلغ حكومته بأن تصرح بقبول إبرام معاهدة بينها وبين حكومة مصر الدستورية، واستجاب الملك لطلب الجبهة الوطنية وأصدر فى ١٢ ديسمبر أمراً ملكياً بإعادة دستور ٢٣، وهو ما كان تتويجاً وثمرة للنضال الشعبى، ومع استمرار الضغط الشعبى أُجبرت وزارة توفيق نسيم باشا على الاستقالة.

كريمة حسن - Almasry Alyoum

Thursday, December 23, 2010

المذبحة السريانية

هي المذابح التي أرتكبت بحقالسريان (أبناء الكنائس السريانية بشكل عام) إحدى الأقليات في الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى على يد تركيا الفتاة. الشعب السرياني الساكن في بلاد الرافدين، طور عبدينوالمناطق التي تقع جنوب شرق تركيا وشمال غرب إيران كان هدفاً للقوات العثمانية (التركيةوالعشائر الكردية التي أرتكبت مجازر بحقه في المناطق المذكورة سابقاً خلال الأعوام 1924-1920 تحت قيادة تركيا الفتاة

أوضح الدارسون أن الضحايا السريان كانوا ما بين 500,000 إلى 750,000 ضحية.لقد كانت المذابح السريانية ذات أهمية توازي أهمية مذابح الأرمن ومذابح اليونانيين البونتيك. لكن على عكسهما، لم يكن هناك أي رد فعلي وطني أو عالمي بشأنها، وتم تصنيف المذبحة السريانية كجزء من مذابح الأرمن.

كان السريان، الأرمن، واليونانيون ضحايا حرب إعدام واسعة، والسبب الرئيسي هو الاضطهاد الديني الممتد من التوسع المسيحي في الأناضول. وبهذا حدد الأتراك الشعب السرياني كجنس أرمني.

يعتبر البعض أن ارتكاب المجازر جاء على خلفية اعتقاد العثمانيين بأن السريان يريدون الاستقلال، بالإضافة إلى أخرين، ادعو أن السريان رؤوا الإعدادات العثمانية وقرروا الإنضمام إلى الجيش الروسي الغازي في الشرق. وبعدما رأت الدولة العثمانية السريان كخطر، وقرروا تهجير السريان إلى بادية الشام، معظم السريان هناك ماتوا من "حملات الهلاك" والتجويع ونقص السوائل في الجسم.

المؤتمر السرياني - الكلداني الذي حصل في 4 ديسمبر 1922، ذكر أن عدد الضحايا غير معروف، لكن الضحايا السريان -الكلدانيين كانت أعدادهم 275,000 ضحية خلال الأعوام 1914-1918.

لم تعر أي حكومة أي إنتباه لمذابح السريان. وهو نقيض ماحصل أثناء وقوع مذابح الأرمن، التي أعارتها الدول الكبرى والمنظمات العالمية أهمية كبيرة.ونقل عن المؤرخين السريان أن مثل هذه الحادثة لم تتم بسبب حرمان آشور من أن تكون إحدى القوى الدولية في القرن العشرين. وفي تلك الحالة، فإن المذابح التي حدثت للمسيحيين في الأناضول تم ربطها بالمذابح المسيحية(ويربط بذلك مذابح اليونان في بونتيوس). في ديسمبر 2007، قامت المؤتمر الدولي لدارسي المذابح، وهي المنظمة الأولى في شؤون المذابح، قامت بالمقارنة بين مذابح السريان مذابح اليونانيين البونتيك. وكانت فضلاً النتيجة 83%. وفي عام 2008، قرر البرامان السويدي الإعتراف بالمجزرة، والذي صوتوا ضده، كانوا 37 من 245 فرداً

الدول الوحيدة التي كانت لها دور في تمييز المذبحة كانت فرنسا، السويد، الولايات المتحدة. وبالنسبة للسويد فقد كان المجتمع السرياني هناك هو الضاغط الأساسي على الحكومة لعمل نصب تذكاري (هناك عدد كبير من السريان المهاجرين في هذا البلد)، ويوجد في الولايات المتحدة نصبان، في شيكاغو وكاليفونيا. كما وتحتفل الجمعية الثقافية السريانية في سوريا بذكرى هذه المجازر في 24نيسان من كل عام في القامشلي والحسكة وديريك (المالكية) وقبور البيض (القحطانية) وفي كل المدن السورية الأخرى.

في كندا، قرر إدخال مذابح السريان والأرمن في المنهج المدرسي، لكن المنظمات التركية والإسلامية، تفاعلت مع القرار واحتجت عليه

http://ar.wikipedia.org/wiki/مذابح_آشورية