Thursday, September 18, 2008

من كان وراء إلغاء ذكرى رأس السنة المصرية؟؟

كان من المفروض أن يعتمد التقويم المصري إلى جانب الميلادي رسمياًَ كجزء لا يتجزأ من ذاكرة شعب عريق، وكان من المفروض أيضاًَ أن يعلم صغارنا في المدرسة أنه في الحادي عشر من سبتمبر حلت السنة القبطية المجيدة 6250 وأن عليهم في هذا اليوم من كل سنة تزيين الجدران برسوم تحاكي تلك الموجودة بالأهرام وترديد الأناشيد القبطية الجميلة وتقديم الملاحم على شكل تمثيليات، لكن بدلاًَ من إعتماد هذا اليوم كعيد وطني عظيم يفخر به كل مصري وكل محب للحضارة الفرعونية القبطية، وبدل من إدماج الثقافة واللغة القبطية في المنظومة الوطنية (الإعلام- والمدرسة-والجامعة) ها هو النظام المصري يعمل بدعم من رجال الدين المؤثرين والمدعومين من طرف شيوخ بني وهاب وسدنة الحجر الأصم على محو الذاكرة المصرية وجعل التاريخ يبتدئ من اليوم الذي حل فيها المخرب عمرو بن العاص حارق مكتبة الإسكندرية إحدى المعالم الحضارية العظمى ومرتكب الجرائم الفظيعة في حق الأقباط من قتل وبتر وتدمير الكنائس والأديرة ونبش مراقد القديسين.... وللتذكير فإن عمرو بن العاص هذا هو واضع أسس الأسلمة وأساليب الإذلال المعتمدة في وقتنا الحاضر من طرف عصابات إرهابية مؤطرة ومدعومة من طرف النظام السعودي وجهاز أمن الدولة، فإختطاف بنات الأقباط والأسلمة بالقوة وإستعباد المصريين كلها أساليب مارستها عصابات بن العاص في حق أبناء مصر طمس الهوية جريمة كبرى لا تغتفر في حق شعب عريق ترك لنا إرثاًَ حضارياًََ نهلت منه الإنسانية جمعاء بالأمس إعتدى ضباط الثورة ورواد القومية العربومانية على مصر بالترويج لفكر دخيل وفرضه بالقوة على المصريين وتسببوا في كوارث إقتصادية وإجتماعية وهوياتية تحملها الشعب المصري طيلة هذه العقود، كل هذا بإسم العروبة، ومازال مسلسل الإعتداء على مصر يجري على قدم وساق بتخطيط سعودي وبتنفيذ الأمن المصري وبالتنكر لأصالتها وهويتها الحقيقية، فما يقوم به النظام بتزكية رجال الأزهر شبيه إلى أبعد حد بإلباس إنسان بهي الطلعة محترم الشخصية حصيف الفكر لبيب الروح ثياب مهرج بهلوان مسخ الشيء الذي لن يرضاه أبناء مصر لمصرهم . فما على المصريين بالداخل والخارج سوى النضال من أجل إنتزاع الحقوق الثقافية واللغوية وإسماع الصوت المصري للعالم، فالحضارة الفرعونية القبطية ملك لكل أبناء مصر من دون إستثناء من الإسكندرية شمالاًَ حتى حلايب جنوباًَ ومن طابا شرقاًََ حتى سيوة غرباًَ
بقلم عساسى عبد الحميد

د. نوال السعداوي تكتب: صباح يوم ١١ سبتمبر ٢٠٠٨


عن أحلامي
من نومي العميق صحوت علي صوت مفزع، يشبه الانفجار، يأتي من تحت وسادتي، تصورت أن شريانا انفجر في رأسي، أو قنبلة إرهابية خرقت السقف، ثم اكتشفت أنه التليفزيون في غرفة نوم جارتي، التي تنام والجهاز في حضنها كأنما الزوج أو الأصح العشيق، فالنساء هنا في أمريكا، خاصة الأستاذات في الجامعات يعشن في غرف نوم بعيدة ما أمكن عن عش الزوجية السعيد.
تعودت منذ طفولتي أن أنام محتضنة وسادتي، حتي بعد الزواج لم أكف عن هذه العادة، التي أخذتها عن أمي، أو ربما هو أحد الجينات الموروثة عن جدتي، ربما تطور هذا الجين عبر الثورات البيولوجية المتعاقبة علي مدي القرون، المضادة لقيم العبودية والقوانين الذكورية.
رأيت عقارب الساعة تشير إلي السابعة صباح الخميس ١١ سبتمبر ٢٠٠٨، مضت سبعة أعوام منذ ما يسمونه هنا حادث ١١/٩، منذ جئت إلي أمريكا والقلق ينتابني علي صحتي أو حياتي أو موتي، لم أشعر بمثل هذا القلق في بلدي مصر تحت الأنظمة الاستبدادية، ربما عانيت القهرين السياسي والديني، لكني لم أقلق علي صحتي، بل كنت أشعر دائما بقوتين جسمية ونفسية للمقاومة والتحدي، لكن هنا في أمريكا تطاردني كلمة الإرهاب ليل نهار، بصوت جورج دبليو بوش الأجش أو غيره من الخناشير الرجال والنساء، مع الصور المتحركة فوق الشاشة عن سرطان الثدي، وجلطة المخ، والزهايمر والعته والعصاب والجنون.
وأنا أكره الأمراض والأطباء سواء بسواء، وأكره رائحة المستشفيات والدم، لم أدخل كلية الطب إلا إرضاء لأبي الذي مات منذ خمسين عاما عرفت من دراسة الطب أن العمل المنتج المبدع يجلب الصحة والسعادة، وعرفت ذلك أيضا من تجربتي في الحياة منذ طفولتي. عاشت جدتي الفلاحة مائة عام تعمل وتنتج وتبدع من الزرع في حقلها، ثم ماتت سليمة الجسد والعقل. لم تذهب في حياتها إلي طبيب ولم تشرب ملعقة دواء. كانت امرأة شديدة الحيوية والنشاط، شديدة المرح.
صدي ضحكتها المجلجلة لايزال في أذني، رغم موتها منذ أكثر من ستين عاما. كانت أيضا متمردة ثائرة تقود أهل قريتها ضد العمدة والملك والإنجليز، تغني منذ طفولتها مع الفلاحات: يا عزيز يا عزيز كبة تاخد الإنجليز.

مكان فوق الأرض للإبداع والتمرد
مددت يدي وضغطت علي مفتاح النور. اكتشفت أن لا شيء في جسدي ينزف الدم. استطعت أن أنهض من السرير وأمشي إلي المطبخ، أفتح الثلاجة وأشرب كوب ماء.
خفق قلبي بالسعادة، فأنا أعود إلي الحياة بعد الموت المؤقت، وبدأت علي الفور في وضع مشاريع المستقبل. ماذا أعمل من اليوم حتي أموت بقنبلة إرهابية أو بسرطان الثدي.
تذكرت شيئاً سعيداً بالأمس أثناء رياضة المشي اليومية في الصباح الباكر. فقد التقيت امرأة تجاوزت التسعين عاما تمشي بخطوة نشيطة سعيدة، تبادلنا الحديث وأدركت أنني سوف أعيش مثلها عشرين عاماً أخري بصحة جيدة.
أحلامي الطفولية لا تفارقني، أريد أن أكتب ما لم يكتب، أن أصنع فيلما سينمائياً لم يصنع، أن أقود ثورة في العالم لم تحدث، وأخيراً أن أخلق مكاناً فوق الأرض للمبدعين المتمردين من النساء والرجال، الذين يبحثون عن وطن آخر آمن وحر يبدعون فيه ويتمردون.

لماذا العودة إلي الدين في القرن الواحد والعشرين؟
يواكب التزايد في قوة المال والسلاح والإعلام وغياب العدل تزايد في قوة الدين ومحاولات تزييف الوعي وتحجيب العقول. تحتاج النظم الحاكمة الظالمة دائما الي قوة بعيدة غامضة غير مرئية لتبرير الظلم، لنشر الأوهام أهمها الوهم بأن الظلم والتفرقة بين البشر قانون إلهي من السماء وليس قانوناً وضعه البشر للطغيان والنهب والاغتصاب، لنشر الوهم بأن الذكورة أعلي درجة في الأنوثة، وبأن المرأة مكانها في البيت داخل المطبخ وفي السرير وإن أصبحت رئيسة دولة، لنشر الوهم بأن الفقر والغني من عند الرب وأن للفقراء قصوراً في السماء بعد الموت.
في جميع الأنظمة الحاكمة غرباً وشرقاً منذ نشوء العبودية يلعب التعليم والإعلام والدين والثقافة دوراً سياسياً رئيسياً لتثبيت هذه الأوهام في نفوس وعقول الناس منذ الولادة حتي الموت. يرضع الطفل والطفلة هذه الأوهام، تجري في عروقهم مع الدم، ترسخ في خلايا المخ والنخاع والعظم، لا يستطيع الإنسان أن يتحرر منها وإن اكتشف عقله الخديعة وخرج من الأسر يظل وجدانه أو نفسه أسيرة الوهم، عاجزة عن التحرر إلا بالجهد والمثابرة والإصرار علي الفهم والمعرفة.
هنا في الولايات المتحدة الأمريكية لايزال التعليم العام يحقن الأطفال بتعاليم دينية قائمة علي إرهابهم من نار الجحيم إن عصوا الأوامر أو إغرائهم بالجنة إن أطاعوا.
تدخل التناقضات والمعجزات إلي العقول لتعجزها عن التفكير العاقل المبني علي التجربة والملاحظة والاستنتاج، تتلاشي البديهيات العقلية وتحل مكانها أوهام يؤمن بها الأطفال باعتبارها حقائق لا تقبل الشك أو الجدل.
هنا في أمريكا يؤمن أغلب الناس بالسوق الحرة، وأنها حرة فعلا، كما يؤمنون بالانتخابات الحرة والديمقراطية والرأسمالية وأخيرا العولمة، بل الحروب أيضا، يتصورون أنها كلها أشياء موجودة مثل وجود الله والكنيسة والكتاب المقدس والفقر والموت والظواهر الطبيعية علي رأسها الهوريكين والتورنيدو والعواصف القادمة من المحيط، لا يساعد التعليم في الجامعات علي تغيير الطريقة التي يفكر بها أغلب الناس، حتي المعلومات العلمية عن تطور الكون وحقائق العلوم الجديدة لم تنجح في تغيير منهج التفكير القائم علي الإيمان الأعمي منذ الطفولة بأشياء لا تدخل العقل.

الخوف منذ الولادة حتي الموت
يرتكز التعليم والتربية والإعلام علي الخوف، يقتل الخوف منابع الفكر المبدع الخلاق، لا يتخلص الإنسان من الخوف وإن حاول، تساعد اللغة علي ترسيخ الخوف واعتباره فضيلة، مثلا حين يمدحون شخصا هنا يقولون إنه يخاف عقاب الله. الخوف والعقاب هما أساس التعليم وليس حب العلم أو حب المعرفة أو حب الله، فالخوف والحب لا يجتمعان في قلب واحد.
تفلت من هذا السجن المحيط بالعقل قلة من المبدعين النساء والرجال أصحاب الشجاعة في البحث والتنقيب عن الحقيقة. بعضهم ينال عقابا يصل إلي السجن أو النفي أو الموت، يذكرنا التاريخ بهذه الشخصيات العظيمة أمثال سقراط وجاليليو وابن رشد وغيرهم من مبدعي الشرق والغرب، الذين دفعوا من أمنهم وحياتهم الثمن لننعم نحن باكتشافاتهم الفكرية اليوم.
يؤمن أغلب الناس هنا بالكتاب المقدس دون أن يقرأوه، يرددون آياته في الكنيسة أيام الأحد دون أن يفهموه، وقد يرفضون الدين كله إلا أنهم لا يتخلصون من وجدانهم الطفولي، من الحاجة إلي الإيمان بشيء يعلو قدرة العقل، شيء غامض وغير مرئي.

العودة إلي الروحانيات
من هنا انتشار هذه الموجة الجديدة التي تسمي العودة إلي الروحانيات. أغلب زملائي وزميلاتي هنا من أساتذة الجامعة ينتمون إلي هذه الحركة الروحانية الجديدة، حتي النساء اللائي ينتمين إلي الفكر النسائي المتحرر (الفيمنيست) يتافخرن بالعودة إلي الروحانيات، غير مدركات أن الفصل بين المادة والروح أو الجسد والعقل، هي فكرة وهمية عبودية، وهي الأساس الذي يفصل بين المرأة باعتبارها الجسد، والرجل باعتباره الروح أو العقل، وهي الفكرة التي يرفضها الفكر النسائي الفيمينيست المتحرر الذي ينتمون إليه.
تدين باراك أوباما وسارة بالين في المعركة الانتخابية
وتلعب المصالح السياسية والاقتصادية دوراً في التعصب الديني والقومي هنا في أمريكا، وقد تملق باراك أوباما الكنيسة والتيارات الأصولية المسيحية واليهودية، حتي يكسب مزيداً من الأصوات في حملته الانتخابية الرئاسية. في خطبة له بمناسبة الذكري الستين لدولة إسرائيل (ذكري النكبة) أعلن أن إسرائيل وأمريكا دولة واحدة وأي اعتداء علي أمن إسرائيل هو اعتداء علي أمن أمريكا، وارتدي أوباما الطاقية اليهودية في زيارته لإسرائيل، مثلما فعل كل رؤساء أمريكا قبله. لم يذكر أوباما أن دولة إسرائيل قامت علي القوة العسكرية والعنف والبطش واغتصاب أرض الشعب الفلسطيني وقتله وتشريده.
أما سارة بيلان، المرشحة عن الحزب الجمهوري لتكون نائبة الرئيس الأمريكي، فهي في تدينها أشد خطورة من باراك أوباما. أنها تعتبر الحرب ضد العراق مهمة إلهية أمر بها المسيح، ومشروع الغاز في ولايتها ألاسكا هو مشروع من عند الله، وأن الله أرسلها إلي ألاسكا لتنفذ المشروع وإن لم يؤمن الناس في ألاسكا بمشروع الله فلن يحققه الله مهما هي بذلت من جهود. وتخطب سارة بالين في الناس مثل القسس ويشتعل الحماس الديني المسيحي ضد الأديان الأخري.
يقاوم قليل من ذوي الشجاعة الأدبية هذا الهذيان الديني محذرين من خطورة التفرقة بين الناس علي أساس الدين، إلا أن وسائل الإعلام الكبري تتجاهل هذه الأصوات تحت تأثير المصالح الاقتصادية والسياسية للحزب الجمهوري وحكومة جورج دابليو بوش.

غياب الحركة النسائية وحركات التحرير المتقدمة في أمريكا
تحت وطأة الضربات السياسية المتعاقبة خلال العقود الماضية تبددت قوي حركات التحرير في أمريكا مثل غيرها من بلاد العالم. زادت شراسة المال والسلاح والإعلام والتدين الخادع، زادت الحروب العسكرية والاقتصادية والإعلامية والدينية والطائفية، لم نعد نسمع صوت حركات المرأة التحررية التي ارتفعت خلال الستينيات من القرن الماضي داخل أمريكا وخارجها، حتي حركات التحرر اليسارية والتقدمية تبعثرت وخفت صوتها، علي رأسها حركة المنتدي الاجتماعي العالمية، التي نجحت في تنظيم مؤتمراتها في بورتو أليجري ومومباي وانتشر شعارها: عالم جديد ممكن بل ضروري.
لم أشعر بوجود هذه الحركات خلال وجودي بالولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية عام ٢٠٠٧. حين سمعت صوت سارة بالين يدوي في أجهزة الإعلام الكبري الأمريكية بذلك الهوس الديني ضد حقوق الفقراء والنساء تصورت أن الحركة النسائية ستصحو من نومها، سوف تشعر بالخطر علي منجزاتها، سوف تعيد تنظيم نفسها وتتأهب للمعركة والدفاع عن حقوقها، إلا أنني لم أسمع شيئاً حتي كتابة هذا المقال.
صوت سارة بالين لايزال يدوي عبر الأثير، تغطي الحروب الدموية بكلام من عند الله، تعلن أن عملية الإجهاض الطبية ضد إرادة الله، أن الله هو الذي يصنع الأجنة في أرحام النساء، مثلماً صنع اليسوع في رحم السيدة مريم العذراء.

جارتي الفلاحة في كفر طحلة عام ١٩٣٧
حين تتحدث ساره بالين عن الأمومة والحمل وإرادة الله تذكرني بجارتنا الفلاحة الأمية في قريتي كفر طحلة عام ١٩٣٧ حين كنت طفلة في السادسة من عمري.
كان لجارتنا خمسة من الأطفال مثل سارة بالين أحدهم طفل معوق متخلف عقلياً مثل طفل ساره بالين. كانت الجارة تؤمن مثل ساره أن إرادة الله تعلو علي علم الأطباء وأدويتهم. وقد ماتت جارتنا، وهي تلد طفلها السادس، إلا أن سارة بالين أشد خطورة من جارتي الفلاحة في القرية، لأن سارة بالين أن أصبحت رئيسة أمريكا أو نائبة الرئيس فسوف يتضاعف أعداد القتلي في العالم، سوف يزيد عدد الشعوب المغتصبة المطرودة من أرضها، المسلوبة مواردها، إن النساء من مثيلات سارة بالين أشد خطورة من زملائهن الرجال أو رؤساهن أو أزواجهن أو الرجال الجلادين الطغاة.
في أذني لايزال صوتها يدوي مرتعشاً بلذة شبه أورجازمية وهي تتحدث عن الحرب في العراق وزيادة التسليح والقمع. إنها تحلم بإراقة الدماء في العراق أكثر من إراقة البترول. إنها تفخر باحتضانها سلاحها العسكري في سريرها أثناء النوم. إنها تطلق الرصاص في أحلامها علي البشر وحيوانات الغابة سواء بسواء.

أحد دروس ١١ سبتمبر ٢٠٠١
لاشك أن سقوط برجي التجارة في نيويورك يوم ١١ سبتمبر ٢٠٠١ وموت الآلاف من الأبرياء كان درساً قاسياً للشعب الأمريكي، لكن الاستفادة من الدرس تزداد بازدياد قسوته. وقد أدرك الناس هنا أن جميع الأديان وليس الإسلام فقط تلعب دوراً رئيسياً في إشعال الحروب العسكرية والطائفية وتقسم الناس إلي فرق متناحرة دموية تكفر بعضها البعض.
وأدرك الناس أيضا أن خطر الإرهاب أشد حين يأتي من داخل أمريكا عنه حين يأتي من الخارج، إلا أن هذا الإدراك سرعان ما تطمسه الدعاية السياسية الإعلامية القائمة علي التخويف من أجل السيطرة وتعمية العقول.
لا يمر يوم دون أن تبث أجهزة الإعلام وخطب جورج بوش عن بث الخوف في قلوب الناس، الخوف من ضربة إرهابية قادمة قريباً جداً، قنبلة إسلامية صنعتها التيارات الأصولية الإسلامية، مع أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة.
هكذا يضيع الدرس الثمين ويتخبط الناس لا يعرفون الحقائق من الأوهام، ويصبح الدين أو الروح أو الله أو الكنيسة ملجأهم الوحيد للشعور بالأمن والسلام. وهناك أمل وحيد لإنقاذ هذا الشعب الأمريكي من وطأة الخوف.
أن تعود حركات التحرير التقدمية إلي النشاط ومنها الحركة النسائية وحركات الشباب والسود الأفارقة الأمريكيين، وأيضاً حركات التحرير في العالم ومنها حركة المنتدي الاجتماعي العالمية.
هذه الحركات يمكن أن تحدت عالمياً ومحلياً في كل بلد أن تقضي علي هذه الردة الخطيرة داخل أمريكا وفي العالم كله. لابد من رفع شعار فصل الدين عن الدولة، ألا يكون الدين مصدراً للقوانين أو الدستور أو مناهج التعليم أو لوائح العمل السياسي أو الاجتماعي أو غيرها. ألا يقسم الناس علي أساس الدين أو الجنس أو الجنسية أو الطبقة أو اللغة أو الثقافة أو الهوية أو ما تسمي الخصوصية الثقافية.
أصبحت كلمة الهوية سلاحاً يقسم الناس مثل سلاح الدين والخصوصية الثقافية. إن الحرية أو الديمقراطية الحقيقية تتعارض مع تقسيم الناس حسب اختلافاتهم الدينية أو الثقافية أو الجنسية أو غيرها، لكن كلمة الديمقراطية أصبحت سلاحاً لتبرير الحرب والاغتصاب مثل كلمة الدين أو حقوق الإنسان أو حتي حقوق المرأة.
تتحدث سارة بالين عن حقوق المرأة، لكن أفكارها كلها ضد حقوق المرأة. كيف يمكن للملايين المشاهدين لـ «سي. إن. إن» وفوكس نيوز أن يفرقوا بين الحقيقة والوهم، هذا هو التحدي الأكبر في هذا القرن الواحد والعشرين وعصر ما بعد الحداثة.

أتلانتا، جورجيا
١١ سبتمبر ٢٠٠٨

Sunday, September 14, 2008

بلاغ إلى أوكامبو

الكُتّاب هم ضمير الأمة وهم المسئولون عن تثقيف وليس تلويث العقول، ومسئولون عن نشر الثقافة الصحيحة بين الناس وذلك لرفعة المجتمع، ومسئولون عن كشف خطايا المجتمع لإصلاحها، وعن كشف الفساد والمفسدين وليس الدفاع عنهم، وكشف الانحرافات والمنحرفين وفضح الأراجوزات وليس التصفيق لهم.
وإذا فسد الكُتّاب والمثقفون عن جهل فهذه مصيبة ولو عن علم فالمصائب أعظم وعلى الأمة السلام.. وننتقل إلى الفقرة التالية :
منذ أسابيع قليلة وفي فندق فخيم بسويسرا قام هانيبعل -نجل العقيد القذافي- بضرب وحبس الخادمين اللذين يخدمانة -رجل مغربي وزوجته التونسية- وحبسهما وتعذيبهما عدة أيام ثم أطلق سراحهما، اشتكى الخادمان للسلطات السويسرية التي اتخذت الإجراءات القانونية ضد السيد هانيبعل وزوجته.. حيث لا فرق عندهم بين ابن العقيد وابن القعيد... إلى هنا والخبر عادي ولكن تعالوا نقرأ ما جاء بجريدة الأهرام المصرية:
بالحرف الواحد وفي يوم 7 سبتمبر سنة 2008 كتب الأستاذ عبده مباشر ما يلي وتحت عنوان "درس ليبي لسويسرا" لم تكتفي السلطات الليبية بالمطالبة بالإفراج عن المتهمين "هانيبعل وزوجته" بل طالبت باعتذار سويسري رسمي ولجأت السلطات الليبية إلى التصعيد وممارسة ضغوط قوية ومؤثرة لتلقين سويسرا درساً قاسيا ًلأنها تجاهلت أن السيد هانيبعل ليس سائحاً عادياً بل مواطن ليبي يحمل جواز سفر دبلوماسي كما أنه ابن العقيد القذافي، واستهدفت الضغوط أيضاً التأثير في أطراف أخرى أي أن الدرس الليبي لم يكن لسويسرا فقط بل ولدى دول أخرى للحيلولة بينها وبين سلوك نفس الطريق في الحالات المشابهة.
حاولت السلطات الليبية التأكيد في قراراتها التي ارتبطت بهذه القضية أنها دولة عظمى فعلاً. وأنها الجماهيرية العربية الشعبية الاشتراكية العظمى التي يجب أن يحسب حسابها، تضمنت الضغوط الليبية وقف تصدير البترول الذي تعتمد عليه سويسرا بشكل رئيسي والحد من الرحلات الجوية لشركة الطيران السويسرية فبدلاً من 3 رحلات أسبوعية إلى ومن طرابلس تم قصر الأمر على رحلة واحدة ووقف إصدار تأشيرات دخول المواطنين السويسريين الراغبين في زيارة ليبيا للعمل أو السياحة ومنع السفن التي تحمل العلم السويسري إلى المياه الإقليمية الليبية، واعتقال عدد من السويسريين الموجودين على الأراضي الليبية واتهام بعضهم بمخالفة القوانين الليبية وإغلاق بعض المصانع والشركات السويسرية في ليبيا ومنها المصانع التابعة لشركة نستله وترحيل عدد من المديرين وطرد عدد آخر، هذا بخلاف المظاهرات اليومية المعادية والصاخبة التي كانت تتوجه إلى مبنى السفارة السويسرية بطرابلس العاصمة ودفع هانيبعل ما يعادل 3 مليون جنيه مصري كفالة ومبلغ كبير تعويض للخادمين حتى يتم تسوية الموضوع... انتهى كلام الأهرام الغبراء -الغراء سابقاً-.
ما رأيكم أعزائي القراء في كلام الأهرام وفي تصرفات السيد العقيد وابنه؟ ما فعله القذافي -العقيد سابقاً وملك القبائل والأدغال حالياً- من بلطجة وهمجية لم يكن مستغرباً. وما جاء بالأهرام يعتبر بلاغ إلى السيد أوكامبو -المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية- والجريمة كاملة الأركان وبالمستندات، فهو قام بابتزاز سويسرا ومطالبتها بالاعتذار مع العلم أن ابن سيادته هو الذي عربد هناك وخرق القوانين وما قامت به سويسرا هو الشيء الطبيعي وقد أضر القذافي بمصالح سويسرا وأغلق بعضاً من مصانعها بدون وجه حق، وقطع عنها البترول فجأة بالرغم من الاتفاقيات المبرمة بينهما، وطرد بعض السويسريين واعتقل البعض الآخر منهم بدون سند قانوني وتم تلفيق التهم للسويسريين الأبرياء وكل هذا بسبب خطأ شخصي من ابن سيادته وليس من سويسرا.
وقد أضر السيد العقيد بمصالح ليبيا والشعب الليبي، فهو اعتبر ليبيا أرضاً وشعباً كأنها مزرعته الخاصة وليس دولة تحكمها قوانين، ويستطيع أن يغلقها أو يفتحها وقتما يشاء!!! واختزل الدولة بالكامل في شخصه وفي أسرته وما فعله ابن العقيد -مَن شابه أباه فما ظلم- من عربدة في فرنسا قبل سويسرا وتم توقيفه أيضاً لهو أكبر دليل على الاستهتار وسوء التربية ولا يصلح أن يحمل جواز سفر دبلوماسي ..وأتقدم ببلاغ إلى السيد أوكامبو ضد بعل -اسم الدلع لابن العقيد- لإهداره المال العام وهذا أضعف التهم.
وما جاء في جريدة الأهرام فهو بقلم عبده مباشر صحفى الأهرام -وليس عبده السباك أو عم عبده بتاع العرقسوس- فهو محل استفهام. يرى سيادة الكاتب أن تصرفات العقيد الرعناء وضعت ليبيا في مصاف الدول العظمى ويرى سيادته أن ذلك درساً ليبيا لسويسرا وغيرها من الدول -ويقصد فرنسا-.
ويرى سيادته أن التصرفات الهمجية للسيد العقيد ومن أجل التصرفات الهمجية لابنه جعلت ليبيا دولة يحسب لها الحساب، ويرى سيادته أن ابن العقيد فوق الحساب وممنوع الاقتراب منه أو التصوير حتى لو كانت المخالفات في سويسرا وليست سرت محافظة ليبية، ولم يدرك الأسطى عبده بتاع الأهرام أن السيد العقيد قام بكل هذا من أجل عربدة ابنه وليس من أجل الشعب الليبي، ولم يحرك جفنا لكاتب الأهرام الملايين التي عربد بها السيد بعل في رحلة واحدة ويرى في كل ذلك درسا ليبيا لسويسرا وليبيا دولة عظمى. وبعد أن استعرضنا فكر السادة المسئولين عن تثقيف الناس في خير أمة فمن السهل الآن معرفة مكانة مَن يمشي ورائهم.
ولا يسعني في نهاية المقال إلا أن أتقدم ببلاغ ضد الثلاثة المذكورين أعلاه وهم السيد العقيد وابنه وكاتب الأهرام وتهمة الأخير هي التحريض والتشجيع على الإرهاب والسرقة والبلطجة -إلى السيد أوكامبو
بقلم أبو النكد السريع

شاعر الجغرافيا ! أفسد علما فجعلوه رمزا

هل أفسد د . حمدان . علم الجغرافيا ؟؟
العلم يختلف عن الأدب والشعر . العلم يلزمه الجدية الشديدة واليقظة التامة والبعد عن المؤثرات العاطفية والرومانسية الخاصة بالشعراء والادباء . وعند العلم والعلماء , العبارات تكون مقتضبة – لا اسهاب فيها – والتعبيرات جافة ، خالية من فن السخرية أو روح الفكاهة . فهذا في الادب وممكن في الشعر .
ولكن العلم : جاد . أسلوب كتابته اخباري خالي من الانشاء والاطراء
. - أي تكون كلمات العالم مثل كلمات المدرب الرياضي : محددة مسددة ، لا انشاء فيها ، كي لا يصيب المتلقي بالاسترخاء الذهني وبالتالي البدني أيضا مما يتناقض مع الممارسة الرياضية .
والجغرافيا علم .. وليست دربا من دروب الأدب ولا نوعا من الشعر . وعليه يمكننا القول باطمئنان أن الأسلوب الذي كتب به دكتور حمدان . مؤلفاته . وفي مقدمتها . أهمها كتاب " شخصية مصر . دراسة في عبقرية المكان " هو اسلوب أدب وادباء لا أسلوب علم وعلماء . ولذلك فقد كان بديهيا أن يلقي دكتور جمال حمدان من زملائه علماء الجغرافيا – الأساتذة بالجامعة – كل جفاء ونكران . بعد أن أفسد لهم العلم بادخال أسلوب غريب عليه – اسلوب الأدباء والشعراء . لا العلماء – وكان طبيعيا أن يكتب دكتور حمدان علي باب مسكنه : " ممنوع دخول الجغرافيين " كما كانت تنشر عنه الصحف في حياته . لانه فعلا ليس منهم ..وانما هو أديب . بمعني " صائغ لدرر وقلائد الأدب " ، ولم يجد سوي الجغرافيا – وهي علم – ليصنع منها قلائده وحليه اللغوية .
نظرا لأنه كان يعمل مدرسا جامعيا للجغرافيا بينما كان سبيله الاصح هو سبيل الأدب او الشعر وليس الجغرافيا . وكان يمكنه أن يقرا كما يشاء في الجغرافيا من باب الثقافة والهواية فحسب ..
-- --
ومما نشر عن دكتور جمال حمدان . بالصحافة المصرية . باقلام المعجبين المبهورين : في يوم 11-5-1997 : 1 - (( لم يكن الدكتور جمال حمدان - فيلسوف الجغرافيين ، وجغرافي الفلاسفة – // تعليق : علي غرار ما يطلق علي أبي العلاء المعري " شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء . ولكن شتان بين أبي العلاء العظيم وبين شاعر الجغرافيا . // . أكاديميا من هؤلاء الذين حصروا أنفسهم داخل شرنقة الجامعة الخانقة . التي تحد من انطلاقة المفكرين نحو التأصيل المنهجي والابداع الحضاري . لذا تمرد علي حصار الأكاديمية الضيق ، وفي سبيله لتحقيق مشروعه الفكري . قام بتمزيق كل الحجب الكثيفة لهذا النسق المعرفي البالي وذلك بعدما قلبت له الجامعة ظهر المجن وبخسته حقه الشرعي في الارتقاء الوظيفي . / /
تعليق : أي المشكلة كانت ارتقاء وظيفي . واستقال احتجاجا علي عدم ترقيته لا لمشروع حضاري . وأين ذاك المشروع الحضاري؟!!
الخلط والغلط والتدليس والتزوير في التاريخ والانثروبولوجيا لخدمة نظام وحاكم سياسي ؟! . هل هذا مشروع حضاري ؟ ! //
وضاقت ذرعا بنبوغه المعرفي والثقافي بابعاده المتفجرة التي كان يحاول جاهدا اضفاءها علي نتاجه الفكري المتفرد في الحقل الجغرافي . //
تعليق : لا نظن في وجود شيء يمكن تسميته بالحقل الفكري . في الجغرافيا . وسنبين ذلك بالمزيد فيما بعد . باحدي الحلقات القادمة // الذي جعل منه حقيقة . عالما رحبا له آفاقه وبصماته الحية علي جبين واقعنا الثقافي المعاصر . //
تعليق : بل هي محنة وكارثة واقع مصر الثقافي المعاصر . ولعل الجميع لا ينكر سؤ واقع مصر المعاصر بشكل عام بما فيه الواقع الثقافي // . انتهي ..
ما سبق من اشادة بالغة وشهادة عالية للغاية بالدكتور جمال حمدان . ووصفه بانه فيلسوف الجغرافيين وجغرافي الفلاسفة . لم يرد في نشرة للجمعية الجغرافية المصرية ولا بمجلة تصدرها . وانما جاءت في مجلة أخري لا صلة لها بالجغرافيا وهي مجلة : " أخبار الأدب " التي يرأس تحريرها الأديب المصري " جمال الغيطاني " ..! (!) .
وقد سبق لنا في حلقة اخري نقل شيئا مماثلا لذاك المديح , منشور بمجلة اخبار الادب . -- -- 2 – و في يوم 23-4- 2004 . الموافق الجمعة . بأكبر صحف مصر . جاء تحت عنوان " جمال حمدان شخصية مصر " ... هكذا مزج كاتب المقال بين جمال حمدان وشخصية مصر مزجا . ودونما نقطة أو فاصلة ! قال كاتب المقال الأستاذ " محفوظ عبد الرحمن " الذي كان طالبا بالجامعة عندما كان دكتور جمال حمدان أستاذا شابا . ما ننقل بعضا منه : (( وكان ما جمعني بالدكتور الشاب جمال حمدان . معرفته القوية بصديق لي طالت حياته الدراسية – تعليق : يقصد طالب كثير الرسوب مما أطال حياته الدراسية – لأنه - أي ذاك الطالب صديق محفوظ عبد الرحمن - كان يدرس الجغرافيا ويعشق الأدب .."
تعليق : وكما نلاحظ . طالب كثير الرسوب يعشق الادب ، وأستاذ جغرافيا يكتب بلغة الأدباء والشعراء الرومانسيين لا لغة الجغرافيين . فكان طبيعيا أن تكون علاقة الطالب والأستاذ قوية .حيث يجمعهما حب الأدب لا حب الجغرافيا . الي أن يقول الأستاذ " محفوظ عبد الرحمن " في مقاله المشار اليه : " ولد جمال حمدان في مارس 1928 في قرية بمحافظة القليوبية لأب : مدرس للغة العربية " . تعليق : لو كان دكتور جمال حمدان قد دخل كلية الآداب . قسم اللغة العربية . وخرج يكتب كأديب نفس ما كتبه في السياسة والتاريخ والجغرافيا والانثروبولوجي . بكل ما فيه من تحريفات ومغالطات وأكاذيب وهيامات وافتراءات وظلم للأقليات ونعرة قومية عروبية ومحاباة سياسية .. ولكن كأديب .. لا باسم علم الجغرافيا ولا بصفته أستاذ لعلم الجغرافيا . لهان الأمر . لهان كثيرا ..
-- --
لماذا الرومانسية والتعبيرات الأدبية في العلم غير مطلوبة ، وتكون في الغالب مفسدة ؟ لعل الجواب : لنتصور معا أن كيميائيا . بينما يقوم بعمل تركيبته الكيميائية . هام كما الشعراء وسرح ورا يتغزل في تلك المواد الكيميائية التي أمامه ، وما تحدثه من تفاعلات .. فهذا عنصر تحتاجه الابدان لزوم صحتها ، وذاك جزء متحد معه اذا فصلناه عنه كان سما قاتلا ! وهذا عنصر ان اضفناه للزراعة زاد قوة نمائها ، وفحولة ثمارها .. بينما لو اضفنا اليه عنصرا آخر يتحول الي قنبلة تفتك بالاعداء ! – مثلا .. – وهذا عنصر يعطي لونا مضيئا ! وباضافة بسيطة تجعله متعدد الاشكال في لوحة واحدة !... الخ .
تصوروا معي ان كيميائيا مضي سارحا هائما اثناء عمله . علي هذا النحو . وراح يبحث وينحت صيغا والفاظا وتعابيرا رومانسية في عناصر الكيمياء التي بين يديه أثناء عمله أو خلال اجراء تجاربه ! فكيف ستكون النتيجة ؟! النتيجة هي : الخطا فيما يقوم بخلطه من المواد والنسب اللازمة والدقة المطلوبة منها – لانه شرد بذهنه شرود الشعراء والادباء لا العلماء – وان كان يدرس لطلاب بتلك الطريقة فانه سوف يحولهم لمندهشين متأملين يفضلون الوقوف علي شاطيء التأمل والاستمتاع بالدهشة دون السباحة في بحر العملية العلمية والغوص فيها لأجل الخروج بصيد ..
وتصوروا معنا : أن جيولوجيا بينما هو وسط الجبال يدرس الصخور ، وتركيباتها والوانها المختلفة وطبقاتها العجيبة .. اللامع منها والمطفي والأحمر اللون والأصفر والمشع منها والمتلأليء ، والثمين والرخيص منها .. . وأخذته الدهشة وراح يقول يا لقدرة الخالق ويا لعظمته واستولت عليه حالة الاندهاش .. فماذا تكون النتيجة ؟
النتيجة : انه سوف يلجأ لأقرب كهف بالجبل ليتفرغ للعبادة متحولا الي ناسك بدلا من عالم ..!! (( وهذا ما فعله دكتور حمدان . اذ ترك قاعات المحاضرات وترك طلابه بالجامعة . واعتكف بمسكنه وأغلقه علي نفسه ، وراح يكتب كتابات . صلتها بالجغرافيا لا يرضي عنها سوي عشاق الأدب لا علماء الجغرافيا وهي اشبه بالغزل في رمال وجبال وتضاريس الوطن والتغني الوطني بما يخدم الحاكم الموجود بالسلطة حينذاك ويجاري سياسة نظامه القائم )) !
تصوروا أن طبيبا جراحا فتح بطن مريض لاجراء عملية جراحية ، فوجد أمامه ماكينات صغيرة من اللحم والعظام . تعمل بلا كهرباء وبلا فحم أو بنزين .. وهام وشرد أمام تلك القدرة العجيبة ..! فماذا ستكون النتيجة ؟
النتيجة هي احتمال موت المريض بين يديه بينما هو سارح هائم شارد في تأمله ودهشته ..! أنا شخصيا سوف أفعل ذلك . أشرد وأهيم غارقا في الدهشة . لذا لا أصلح لأن أكون طبيبا جراحا . بل شخص متأمل مندهش . يشرد بفكره ويهيم أثناء اجراء عملية جراحية . وأنشغل بكيفية وصف ما أراه لأيسجلة كتابة أكثر من انشغالي بانقاذ حياة المريض .. ! وما هكذا يجب أن يكون الطبيب .الجراح . لا دهشة في العلم ولا شرود أو هيام .. --
(( هل أفسد دكتور حمدان . التاريخ ؟ )) قد يكون لعلماء الجغرافيا حق الدخول بقدر أو بآخر في التاريخ الطبيعي .. وليس التاريخ السياسي .. لأن تاريخ الطبيعة قد يؤثر في الجغرافيا .. فقد ينشا زلزال طبيعي فيؤدي الي حدوث جديد في الجغرافيا . نشؤ جزيرة لم تكن موجودة ، أو اختفاء جزيرة كانت عامرة موجودة . فتسجل تلك الجزبرة المولودة بخرائط الجغرافيا . وتستبعد الجزيرة الموؤودة من الخرائط . و شهادات الميلاد او الوفاة الجغرافية . هي نادرة الحدوث .
أما التاريخ السياسي . فهيهات أن يؤثر في الجغرافيا .. كالاخلال بالطقس نتيجة التلويث للبيئة . أو بالقطع الجائر للغابات ونسف الجبال .. وهذا ينتج عن التهاون أو الحمق التاريخي السياسي - او السياسي التاريخي - . وتدخلات الجغرافي . في ذلك محدود ة ومحدد ة بقدر محدودية الحدث .
أما باقي التاريخ السياسي.. فدخول الجغرافي فيه لا مبرر له ولا طلب .. وهذا ما اقترفه دكتور حمدان . فكتابه العمدة " شخصية مصر – دراسة في عبقرية المكان – " داخل ومتدخل .. في التاريخ السياسي بلا حق ولا طلب . وبما لا يخدم سوي نظام سياسي – كما ذكرنا أكثر من مرة - كان قائما ببلد دكتور حمدان حينذاك – مصر - . وليس له صلة ما بالجغرافيا لا من قريب ولا بعيد اللهم الا تهافتا أو اختلاقا .. مثل قول . او زعم دكتور حمدان . أن مصر فرعونية بالجد ، عربية بالأب ! …. ما علاقة ذلك بالجغرافيا ؟! وزعمه أيضا أن مصر قد مصرت مستعمريها . – كما ذكرنا من قبل وفندنا ذاك القول . وكما سنواصل المزيد من الأمثلة ، وتفنيدها في الحلقات القادمة وسنري معا كيف وصل الأمر الي حد التدليس والكذب الفاجر علي التاريخ والافتراء القارح / ونحن نعي ما نقول . وكما سوف ترون فيما بعد – .
لقد تعامل دكتور حمدان مع التاريخ وتراكماته بدون فرز أو بحث وتنظيم لباحث أو المؤرخ التاريخي المحقق المدقق الأمين ( الأمين ) المصنف والموزع والفاصل للاشتباكات والتشابكات التاريخية .. كلا .. وانما تعامل معها كتعامل جلسات فض المجالس لمشايخ البدو او المحكمين العرفيين بقرانا المصرية .
فهو يري أن العصور التي مرت بمصر – الفرعونية واليونانية والرومانية والعرباسلامية . هي سبيكة حضارية ، أو زواج شرعي حضاري .. – او ما يعني ذلك – وليس عملية تلاقح سفاحي قام علي احتلال واستعمار واغتصاب ونهب وسلب واكراه ومحاربة لهوية الوطن من قبل هؤلاء المحتلين المستعمرين جميعهم – الصريح منهم أو المتخفي في عباءة عقيدة دينية ! – لغرض طمس هوية مصر واذابتها في هوية ككل محتل كان يجلس فوق عرش الحضارة المصرية الفرعونية الاصل والعراقة ، ويرفع علمه هو منكسا علم البلاد .. الي أن تم المحو بالفعل باستخدام أخبث الحيل و امكر اللعب والألعاب الاستعمارية – والسياسية والاجتماعية أيضا – وهي : العقيدة الدينية .. فآل مصير مصر الي : جسد أسد وراس معزة صحراوية بدوية ..
ولكن د . حمدان . يصور المسألة كما لو كانت اتفاقا وديا . دار بين الحضارة المصرية والامم التي احتلتها واذلت اهلها وداست كيانها ، وصورهم كما لو كانوا - المحتلون - قد جلسوا مع مصر . جلسة صداقة في عشاء عمل واتفقوا اتفاق " جنتيلمان " علي عمل شركة حضارية بين مصر وتلك الأطراف – الاستعمارية – يشارك فيها كل من الشركاء بما عنده . لتقوم بعون الله شركة تضامن حضاري .. هي مصر الحاضر..!! .. التي هي في قائمة بلدان العالم الثالث . البلدان المتخلفة . ! / / ولا يفوتنا التنويه الي أن شعوبا أوربية تقدمت وتحضرت الآن . لا تتكلم عن التاريخ الاستعماري السابق بين بعضها . كي لا تثير ضغائن لا مبرر لها . ويسمون تلك العلاقة الاستعمارية القديمة :_ فترة وحدة بينها ! وهم علي حق لأنهم تقدموا وتحضروا جميعا . ولكن ان كانت مصر قد تخلفت ولا تزال تعاني التخلف وتعجز عن النهوض بسبب المستعمرين القدامي ، ولا سيما المستعمر البدوي .. فكيف لا تفتح الخراج الملوث – أو الدمل - لتنظفه وتطهر مكانه . لكي تشفي وتنهض بعافية وتلحق بقطار الدول المتحضرة ؟ وكيف تخدع نفسها او يخدعها مثقفون وعلماء في الجغرافيا او غيرها بزعم أن الاستعمار هو الذي تسبب في تخلفها ولا يزال يمنع نهوضها انما هو هويتها أو مكون من مكونات هويتها . والقول بأن ذلك واقع ..! جدير بالحفاظ عليه والاعتزاز به وجزء لا يتجزأ من حضارتها ! وليس هادم للحضارة وماسخ للهوية ؟! // .
هكذا أفتي دكتور حمدان . عالم الجغرافيا . في التاريخ . بلا امانة – ولا نقول بلا علم - . ولكن فتواه بديعة وعذبة للغاية . من حيث التعبيرات الادبية و الصياغة الانشائية . التي ليست من قبيل الحديث في العلم – لا علم التاريخ ولا علم الجغرافيا ولا علم السياسة . ولا غيرها من العلوم - . وانما تحف أدبية تحمل جمالا غير مفيد . بل يخدع ويضر .
ولكن عشاق الأدب – كما قلنا – عند مواجهتهم بذلك . يبررون ويدافعون عن شاعر الجغرافيا – رمزهم واحد ثوابتهم – بالزعم أن كتاب " شخصية مصر " للدكتور حمدان " ما هو الا كتاب في الجغرافيا !. - تبريرا وتهربا من الاعتراف بالحقيقة
بقلم صلاح الدين محسن

لماذا تدهورت أخلاق المصريين؟

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا" بهذا البيت من الشعر أكد حافظ إبراهيم أهمية الأخلاق في تقدم وتطور الأمم، يشهد المجتمع المصري تدهوراً حاداً في منظومة القيم والأخلاقيات داخل كل الشرائح والطبقات بما ينذر بحدوث كارثة اجتماعية، الفساد، والتسيب والعنف، وتفكك الأسرة، وانتشار قيّم تُعلي من الكسب السريع على حساب العمل المنتج، وضعف الانتماء للوطن، وانتشار اللامبالاة، والأنانية والفهلوة، ما الأسباب؟ هل القهر السياسي أم الفقر والحرمان أم الزيادة السكانية؟
توجد عوامل كثيرة لهذا التراجع منها الزيادة السكانية والفقر خاصة أن أكثر من 40% يعيشون تحت الفقر، وكذلك حالة القهر السياسي الذي تعيشه مصر منذ قيام الثورة وإنفراد مجموعة بعينها بالسلطة وعزل جميع أفراد الشعب سياسياً، وتدخل الحكومة في كل شيء في حياة الناس، وهو موروث من أيام الاشتراكية التي طبقها عبد الناصر وقضت على المواهب والقيادات ودمرت روح الإبداع عند الكثيرين.. وغياب القدوة الحسنة لدى الشباب الذي أصبحت الصورة أمامه ضبابية نتيجة محاصرته إعلامياً بنماذج ساقطة من المجتمع كالراقصات والمغنيين ولاعبي الكرة ورجال الأعمال اللصوص.
يلقي البعض الآخر باللائمة على التعليم الذي يشهد تدني في جميع مستوياته، وعدم ملائمة المواد التعليمية للعصر الحالي بحيث يتخرج الطلاب ولا يجدون ما يلائم تخصصاتهم في سوق العمل الذي يطلب الكثير من المهارات والقدرات والخبرات ويجلس كثير من خريجي الجامعات لسنوات من دون عمل حتى وإن عثروا عليه فغالباً ما يكون في غير تخصصاتهم وبمرتبات ضئيلة قد لا تكفيهم للذهاب إلى مقر عملهم حتى نهاية الشهر، ونظراً لكثرة الخرجين مقابل قلة الوظائف المعروضة نتيجة يلجأ عدد كبير منهم إلى تقديم رشاوى مالية من أجل الحصول على الوظيفة. وكذلك بعض الفضائيات والتي تبث مواد هابطة ومثيرة للغرائز والتي تشجع على نشر اللغة الهابطة بين الشرائح الاجتماعية المختلفة.
أشارت دكتورة ليلى المليجي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس إلى التدهور الأخلاقي والذي يتمثل في انتشار السلبية والأنانية وضعف القدرة على الإنتاج وزيادة حدة العنف والتطرف والبحث عن الطرق غير المشروعة السهلة لكسب وسائل العيش وزادت وتنوعت الجرائم وأصبحت أكثر بشاعة وغرابة بين جميع شرائح المجتمع مثل الرشاوى والقتل البشع والاغتصاب الجماعي وزنا المحارم. وأضافت كذلك غياب الشعور بالانتماء الوطني والبعد عن المشاركة السياسية حتى في ظل الحراك السياسي الذي تشهده مصر والذي يتطلب مشاركة شعبية واسعة النطاق لرسم مستقبل البلاد لأجيال قادمة.
أرجع الدكتور وسيم السيسي عالم المصريات تغير أخلاق المصريين إلى القهر تحت جبروت الحكم القادر على تدمير سمات أي شخصية، وقال: إعادة الشخصية المصرية إلى ما كانت عليه، لن تتم إلا بديمقراطية حقه، وفصل الدين عن الدولة،
توجد عوامل أخرى كانت سبباً في تدهور أخلاق المصريين من بينها الفقر، وضياع الطبقة الوسطى التي اختفت لصالح الطبقة الدنيا التي زحفت عليها، وغياب المشروع القومي الذي يلتف حوله المصريون
تقرير- إسحق إبراهيم

حكمة الحياة".. خلاصة فلسفة نجيب محفوظ من خلال أعماله

القاهرة (رويترز) - تتعدد التفسيرات النقدية لاراء وأعمال الروائي المصري نجيب محفوظ وفقا لايديولوجيات النقاد وميولهم التي ربما ذهبت بعيدا عن النص وحملته ما لا يحتمل ولهذا تظل الاعمال نفسها هي الفيصل لمن أراد معرفة فلسفة الكاتب الذي لايزال العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل في الاداب.
ويكتسب كتاب (حكمة الحياة.. مختارات وحكم وتأملات من أعمال نجيب محفوظ) أهميته من انعاش ذاكرة قارئ مضى عليه زمن لم يُعد فيه قراءة أعمال محفوظ كما تلخص فلسفة الكاتب لمن لم تتح له فرصة قراءة أعماله الغزيرة التي تزيد على خمسين رواية ومجموعة قصصية.
والقيمة الابرز للكتاب الذي أعدته المصرية علية سرور أنه ينسف المسافة بين أعمال محفوظ والقارئ وهي مسافة ربما تصنعها تأويلات لا يكون المؤلف بالضرورة مسؤولا عنها لكن بعض القراء يحملونه نتائجها.
ويقع الكتاب في 152 صفحة صغيرة القطع وصدر عن (دار الشروق) في القاهرة بمقدمة لمحفوظ (1911-2006) أبدى فيها ترحيبه بجهد "الست علية سرور.. لفكرتها الممتازة لجمع زبدة أفكاري من مجموعة أعمالي.. هذه هي المرة الاولى التي يقوم بها أي شخص في تحمل القيام بمثل هذا الجمع من كتاباتي.. يشكل (الكتاب) ملخصا مثيرا لافكاري ونظرتي الى العالم على مدى ستين عاما من الكتابة."
ويبرز ايمان محفوظ بقيم عليا أولها الحرية والمساواة فيقول في كتاب (نجيب محفوظ في سيدي جابر) -وهو محاورات مع محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر- ان "الادب الانساني الراقي يدعو دائما للحرية والمساواة" كما يقول في رواية (ليالي ألف ليلة) ان "الحرية حياة الروح وان الجنة نفسها لا تغني عن الانسان شيئا اذا خسر حريته" كما يرى في (أصداء السيرة الذاتية) التي كتبها في التسعينيات أن "أقرب ما يكون الانسان الى ربه وهو يمارس حريته بالحق".
وتبدو قيمة التسامح في أقوال كثيرة منها "عسى أن يختلف اثنان وكلاهما على حق" كما جاء في رواية (ميرامار).
وعن رحلة الحياة يقول في رواية (السكرية) مقارنا بين الشباب والشيخوخة "سوف تدول دول وتنقلب أزمان ولم يزل الدهر يتمخض عن امرأة سارحة ورجل جاد في اثرها. الشباب لعنة والكهولة لعنات فأين راحة القلب أين.." ثم يلخص هذا المعنى بعد عشر سنوات في رواية ( ميرامار) قائلا "الشباب يبحث عن المغامرة. الشيخوخة تنشد السلامة" و"ما جدوى الندم بعد الثمانين.." وبعد عشر سنوات يسجل في رواية ( الحرافيش) 1977 أن "السعداء حقا من لا يعرفون الشيخوخة."
ويرى في روايته الاولى (عبث الاقدار) 1939 التي استوحاها من مصر الفرعونية أن "فضيلة الزواج أنه يخلص من الشهوات ويطهر الجسد" لكنه سيقول لاحقا على لسان أحد الابطال في (بين القصرين) ان "الزواج أكبر خدعة. الزوجة تنقلب بعد أشهر شربة زيت خروع" ثم يقر في ( السكرية) وهي الجزء الاخير من ثلاثيته الشهيرة بأن "الزواج هو التسليم الاخير في هذه المعركة الفاشلة" وفي الرواية نفسها يقول أيضا "لولا الاطفال ما طاق الحياة الزوجية أحد".
وانتهى محفوظ من كتابة ثلاثية (بين القصرين) و(قصر الشوق) و ( السكرية) قبل ثورة يوليو تموز 1952 واعترف بأنه تخلص بعد الثورة من مشاريع روائية عن الفترة السابقة نظرا لتغير الواقع الذي دفعه للتوقف عن الكتابة حتى عام 1959 لان العالم القديم الذي سعى الى تغييره بالابداع غيرته الثورة بالفعل. ثم اكتشف أن للواقع الجديد أخطاءه فكتب رواية (أولاد حارتنا) وما تلاها من أعمال ذات طابع رمزي يجسد فلسفة الشك والبحث عن يقين ومعنى للحياة في روايات (اللص والكلاب) و ( السمان والخريف) و(الطريق) و(الشحاذ) و(ثرثرة فوق النيل) و ( ميرامار).
وفي (السكرية) يقول "اذا لم يكن للحياة معنى فلم لا نخلق لها معنى.. ربما كان من الخطأ أن نبحث في هذه الدنيا عن معنى بينما أن مهمتنا الاولى أن نخلق هذا المعنى" وفي (الشحاذ) يكتب كأنه يستغيث "ما أفظع ألا يستمع لغنائك أحد ويموت حبك لسر الوجود ويمسي الوجود بلا سر" وفي (ثرثرة فوق النيل) يرى أن "ارادة الحياة هي التي تجعلنا نتشبث بالحياة بالفعل ولو انتحرنا بعقولنا" وفي رواية (يوم قتل الزعيم) يقول " الحياة فصول ولكل فصل مذاقه. وطوبى لمن أحب الدنيا بما هي.. دنيا الله" ولكنه لا يصل الى يقين فيتمنى في (السمان والخريف) أن تكون للانسان أكثر من حياة "نحن في حاجة الى أن نعود للحياة مرارا حتى نتقنها".
وفي (ثرثرة فوق النيل) يستعرض محفوظ مسيرة البشرية منذ فجر التاريخ ليصل الى أن "الانسان واجه قديما العبث وخرج منه بالدين. وهو يواجهه اليوم فكيف يخرج منه..".
ولكن محفوظ سبق أن سجل في (السكرية) مقولة "العلم سحر البشرية ونورها ومرشدها ومعجزاتها وهو دين المستقبل".
ويطل الموت بالحاح في أعمال محفوظ الذي تخرج عام 1934 في قسم الفلسفة بكلية الاداب بجامعة فؤاد الاول (القاهرة الآن) وكان يعد نفسه لمهمة أخرى غير كتابة الرواية اذ كان مفتونا بالفلسفة وجاء ترتيبه الثاني ولكن لجنة شكلها قسم الفلسفة اختارت اثنين من زملائه لبعثة الى فرنسا لدراسة الفلسفة واستبعدته من استكمال الدراسات العليا. الا أنه بعد تخرجه عمل كاتبا في ادارة جامعة القاهرة حتى عام 1938 وفي تلك الفترة التحق بالدراسات العليا وبدأ الاعداد لرسالة الماجستير بعنوان (مفهوم الجمال في الفلسفة الاسلامية) تحت اشراف الشيخ مصطفى عبد الرازق.
ويقول في (زقاق المدق) الصادرة عام 1947 "ان الانسان ليعيش كثيرا في دنياه عاريا أما عتبة القبر فلا يمكن أن يجوزها عاريا مهما كان فقره" فالموت في رأيه ليس نهاية المطاف الا للميت الفرد أما بالنسبة للجماعة فيقول في (أولاد حارتنا) على لسان أحد الابطال "الخوف لا يمنع من الموت ولكنه يمنع من الحياة" وفي موقف اخر يقول " لن تتاح لكم الحياة ما دمتم تخافون الموت" وهذا قريب من قوله "الايمان أقوى من الموت والموت أشرف من الذل" في (بين القصرين) وفي (السمان والخريف) يقول ان "أتعس الناس الذين يستوي لديهم الموت والحياة".
ويخالف محفوظ المقولة الشهيرة التي يؤكد فيها الجاحظ أن المعاني ملقاة على قارعة الطرقات اذ يقول في رواية (رحلة ابن فطومة) الصادرة عام 1983 "لن تخرج المعاني الا لمن يطرق الباب بصدق" وفي الرواية نفسها يكاد الكاتب يلخص ما آلت اليه الامور قائلا "ديننا عظيم وحياتنا وثنية" وهذه الازدواجية انتقدها محفوظ في كثير من أعماله اذ كان يدعو الى دور ما للحياة الروحية ففي (السمان والخريف) يقول "الحق أن جميع البشر في حاجة الى جرعات من التصوف.. وبغير ذلك لا تصفو الحياة" وفي (اللص والكلاب) يرى أن "الدنيا بلا أخلاق ككون بلا جاذبية".
ولكن محفوظ رغم كل شيء كان متفائلا اذ يقول في (المرايا) انه " مهما يكن من أمر فلا يمكن تجاهل المرحلة التي قطعها الانسان من الغابة الى القمر".
REUTERS
من سعد القرش

Saturday, September 13, 2008

ماجد موريس.. مثقف قبطي


إن اكتشاف مثقف قبطي في مصر الآن في قامة لويس عوض وأنور عبدالملك أمر يصعب فهمه، لكن حقيقة الأمر أن الحياة الثقافية في مصر صارت ومنذ سنوات حكراً علي عدد من المثقفين والأدباء والمفكرين ذواتهم علت، حتي صاروا لا يرون في المرآة إلا أنفسهم، وصارت وسائل الإعلام أسيرة لهم لا تري غيرهم.
اليوم يجب أن أقدم لمصر عالماً وطبيباً نفسياً مثقفاً لاينتمي لهؤلاء هو د. ماجد موريس والذي فاز هذا العام بجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، طبع كتابه الذي فاز به في بيروت، يعيش في الإسكندرية ويعمل في دمنهور،
طبيب نفسي عمل علي ظاهرة الإرهاب من عصور ما قبل التاريخ إلي العصر الحديث في كل الحضارات والديانات، كتابه «الإرهاب.. الظاهرة وأبعادها النفسية»، الذي فاز بالجائزة يستحق أن يقرأه كل مصري وعربي وأي إنسان علي وجه الأرض،
يري ماجد موريس أن البعض يرون أن الإرهاب هو شكل من العنف السياسي غير الأخلاقي وغير المبرر، ولكن هذه الرؤية تلزمنا بتقييم المبرر الظاهر أو حتي الباطن للفعل الإرهابي إذ إن الإرهاب ينطوي علي مواجهة بين نقيضين، كل نقيض يجد في الصراع المحتدم وجهاً يبرر موقفه،
ويضفي الشرعية علي تصرفاته. فيما يعتبره الشعب (حرب تحرير)، يعتبره المحتل (حركة إرهابية)، وما تعتبره الجماعات المتطرفة أسلوباً سلطوياً تمارسه الحكومات، تعتبره أجهزة الحكم واجباً وطنياً تكلفها بها جموع الشعب من أجل الحفاظ علي استقرار الوطن وسلامته،
ويؤكد موريس في كتابه أن الإرهاب لا ينتسب إلي دولة دون أخري، ولا يمكننا أن ننعت به ديناً دون آخر. لا ينتمي الإرهاب من وجهة نظره إلي دولة دون أخري، كما لا يمكن أن ننعت به ديناً دون آخر، ولا ينتمي الإرهاب لطبقة اقتصادية معينة ولا لاتجاه فكري أو سياسي، ماركسي يساري أو فاشي يميني.
ويؤكد في كتابه بقرائن أن الإرهاب ليس حكراً علي العسكريين ولا هو وصمة للمدنيين الغوغاء، وإذا كان موريس، يشخص ويقارن بين الإرهاب الديني لسافونا رولا في القرن ١٥م بإيطاليا والحركات الإرهابية المعاصرة، فإنه يضع علاجاً للإرهاب يقوم علي العلم لا علي مجرد الكلام المسترسل، إن هذا الكتاب ومؤلفه يستحقان وقفة تأمل،
كم مبدعاً منسياً في قري ومدن مصر، كم مفكراً مغموراً تتناساه وسائل الإعلام، لأنه يعيش خارج القاهرة، خذ علي سبيل المثال الدكتور أحمد أبواليزيد أحد أبرز قامات علم الإنثربولوجي في مصر، الذي يعيش في الإسكندرية، لا يكتب في صحيفة مصرية ولا مجلة مصرية بينما تتهافت عليه الصحف العربية والمجلات العربية، وعجبي!!
بقلم د. خالد عزب
المصرى اليوم

القبض علي هشام طلعت: شكراً للإمارات


كان من الصعب علي أكثر المتفائلين بدور الرأسمالية المصرية أن يتصور أن يأتي اليوم الذي يتحول فيه سلوك بعض رجال الأعمال المصريين إلي سلوك عصابات، ويتحول دور الرأسمالية في خلق منظومة قيم تحث علي العمل والجدية والابتكار، إلي سلوكيات مشينة تقدم أسوأ نموذج لعموم المصريين.
والمؤكد أن خطورة حالة هشام طلعت ليست في مناقشتها من زاوية أنها حالة فردية أم لا، إنما في كونها عاكسة لبيئة ونظام صنعها ودعمها حتي آخر لحظة، فالرجل من أركان مجموعة المال والسياسة الحاكمة، وهو قيادي في الحزب الحاكم ومقرب من مجموعة الفكر الجديد،
وبالتالي إذا كان اتهامه بهذه الجريمة أمراً فردياً فإن الظروف التي ساعدته علي الصعود المالي والسياسي لا تجعل جريمته مجرد حالة فردية، إنما هي جريمة نظام بأكمله صارت رموزه الاقتصادية تحمل كل هذا السواد تجاه البشر.
لقد وصلت غطرسة القوة إلي ارتكاب جريمة قتل خارج الحدود ليس فيها أي مهارة في التنفيذ، لأن من قام بها تصور أنه لن يمس وفوق القانون والمحاسبة، ولا يحتاج حتي لإخفاء آثار الجريمة، بل إنه تحدث عنها علنا عبر الهواتف النقالة.
ولأن الجريمة لم تقع علي أرض مصر، ولأن الضحية لم تكن مصرية أيضا، فصعَّب ذلك بالتالي من فرص تجهيز قاتل «مختل عقليا» ليشيل الجريمة، كما هي العادة في بلد لم يعتد محاسبة أي مسؤول كبير، إلا في حال وجود أوراق ضغط خارجية أو رغبة سياسية أو شخصية (لا تخضع لأي حسابات قانونية لمحاسبة هذا الشخص).
والخطورة أن حجم الدعم الحكومي لهؤلاء الناس كان مرعبا، ولولا تواطؤ الدولة معهم لما أصبحوا رأسماليين ولا رجال أعمال، فمواهبهم وكفاءتهم الحقيقية لا تضعهم إلا في مرتبة التجار الفشلة الذين تقف «إبداعاتهم» عند حدود القيام بسرقات صغيرة وفي «خَمّ» الزبائن بوضع ٨٠٠ جرام من السكر أو الطماطم بدلا من كيلو واحد وهكذا.
وعلينا ألا ننسي أن واحداً من مشاريع هشام طلعت الكبري بدأه من خلال المضاربة في أراضي الدولة، التي اشتراها بـ«ملاليم» وباعها بـ «ملايين»، فقد اشتري متر الأرض من الحكومة في مدينة الرحاب بـ١٠ جنيهات فقط، (يقدر حالياً بحوالي ٣٠٠٠ جنيه)، وحين قرر أن يبيع هذه الأرض كان سعرها قد وصل إلي ٢٥٠٠ جنيه، وهو ما حقق لمجموعته الاقتصادية فائض ربح قدَّره زميلنا محمد بصل بأكثر من ٤ مليارات جنيه.
وبعد «نجاح» هشام الاقتصادي أصبح عضوا في مجلس الشوري بدعم مباشر من لجنة السياسات، التي زكته كرئيس لجنة الإسكان بالمجلس، وبدأ صراعه مع رفيقه الآخر في الحزب أحمد عز علي النفوذ المالي والاقتصادي نظرا لاحتكار الأخير للحديد، والانعكاسات السلبية لذلك علي سوق العقار، بصورة اعتبرها طلعت تقلص هامش أرباحه الذي يقدر بالمليارات.
ولولا هذا التواطؤ الحكومي مع هشام طلعت ومع غيره من أبناء هذه الطبقة الجديدة، لما أصبح هؤلاء هم رموز المجتمع بالتحايل والفساد، فهم صنيعة الوضع السياسي الحالي الذي غابت عنه تقاليد مكافأة المبدع والمجتهد، لصالح الإغداق علي الفاسد والمنافق.
وبدأ التعامل المصري مع قضية هشام طلعت بفرض طوق من التعتيم الإعلامي عليها، وبغسل الجريمة تليفزيونيا من خلال البرنامجين الحكوميين «صباح الخير يا مصر» و«البيت بيتك»، اللذين ظهر فيهما هشام طلعت باعتباره داعماً للعفاف والطهارة ونصير الفقراء وأحد صناع نهضة مصر الاقتصادية في مشهد مخز ومخجل لما آل إليه حال الإعلام الحكومي.
ودشن الرجل حملة إعلانية ضخمة تردد أنها كلفته عشرات الملايين من الجنيهات في محاولة لإثبات أنه لا علاقة له بهذه الجريمة، وطالب بتبجُّح ـ نحسده عليه ـ بسن قانون لمكافحة مروجي الشائعات.
ولم يسأل أحد عن رأي من هللوا للرجل ودافعوا عنه بطريقة فجة تفوح منها روائح كريهة عن رأيهم الآن بعد أن دخل «العامل الإماراتي» في القضية وأحيل للمحاكمة.
والمؤكد أن دور الإمارات في محاكمة الرجل واضح، ليس فقط بسبب الأنباء التي تناثرت حول الضغوط الإماراتية (الاقتصادية والسياسية) علي الحكومة المصرية، إنما لأننا لم نعتد مثل هذا النوع من المحاكمات لأي مسؤول كبير، إلا إذا غضب عليه الحكم لأسباب لا علاقة لها بمخالفة القانون أو حتي ارتكاب جرائم.
إن المهنية الشديدة التي تعاملت بها شرطة دبي مع الجريمة تكشف حجم الانهيار الذي حدث في مصر، فالإمارات ليست دولة ديمقراطية، ولا يوجد فيها أحزاب ولا تداول للسلطة، ولكنها دولة قانون، ونخبتها عرفت مبكرا أنه لتحقيق أي نجاح مالي واقتصادي في تلك الإمارة الصغيرة، التي جذبت بنجاح استثمارات من العالم كله، لابد أن يكون هناك قانون،
وأن تكون هناك مهنية وشفافية في إدارة النظامين الاقتصادي والسياسي، علي عكس الحالة المصرية التي فرطت الدولة في تقاليدها العريقة، وحولت دولة القانون إلي دولة مواءمات تحسب موازين القوة والضعف والثراء والفقر، قبل أن تحاسب أي شخص، وتنحاز دائما لكل من يمتلك سطوة مالية أو سياسية أو إدارية حتي لو كان مثلا لا يحتذي في الفساد وعدم النزاهة.
المؤكد أن اتهام هشام طلعت مصطفي بتحريض أحد ضباط الشرطة الفاشلين علي ارتكاب تلك الجريمة، هو اتهام لمجمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي نما وترعرع فيها الرجل، وأنه لا يمكن أن نتحدث عن رأسمالية حديثة أو رأسماليين إصلاحيين دون تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية،
لتصبح مصر دولة قانون تحاكم من يمتلك السطوة قبل أن تحاكم المواطن الضعيف، وهو أمر من المستحيل تخيله في ظل نظام احترف الفشل وحافظ عليه ببراعة يحسد عليها، علي مدار ما يقرب من ثلاثين عاما،
فالفشل في إطفاء حريق مجلسي الشعب والشوري، والفشل في التعامل مع كارثة الدويقة والفشل في حل مشكلات المرور والمجاري وانقطاع التيار الكهربائي والعشوائيات والمواصلات، وغيرها، لن يستطيع أن يطبق القانون علي مسؤول كبير دون حسبة ما، لا علاقة لها بالقانون والعدالة.


وتعليق
رحل المشير أبوغزالة في صمت، وفقدت مصر واحدا من ألمع وأهم رموز المؤسسة العسكرية الأوفياء، رحل رجل من أبرز عقول مصر الاستراتيجية، قبل أن تتاح له فرصة الحديث عن العهد الحالي بصراحة وشفافية، تاركا لهم الدنيا ليودعوه بصمت وفتور.
دخل أبوغزالة التاريخ حتي لو لم يرض البعض، لأن التاريخ سيقول كلمته حين يتحرر من قيود السلطة، وسيعترف حتما بالرجل كقيمة فكرية واستراتيجية، امتلك حساً سياسياً مرهفاً وطموحاً لإصلاح أحوال هذا الوطن، لايزال الناس يحلمون به ويأملون أن يتحقق يوماً ما. وكما قالت صحيفة «البديل» في وداع أبوغزالة إنه كان «قدر مصر الذي لم يأت».

بقلم د. عمرو الشوبكي

المصرى اليوم
elshobaki@ahram.org.eg

Tuesday, September 09, 2008

.أسامة الغزالي حرب يكتب: هزيمة بلا حرب

عندما وصفت الوضع الراهن في مصر بأنه «هزيمة بلا حرب»، استندت - لتفسير هذا الوصف - إلي مظهرين أساسيين،
أولهما: عجز النظام السياسي عن القيام بوظائفه الأساسية في مجالات التعليم والصحة والإسكان وحماية البيئة.. الخ.
وثانيهما: التدهور أو التشوه في بنيان السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والانحراف في بعض ممارساتها. فهاتان السمتان كفيلتان بالجزم بأن النظام السياسي الراهن، والقائم في مصر منذ الخمسينيات، قد وصل إلي نهايته بفعل آلياته الذاتية بدون أن تطلق عليه رصاصة واحدة من عدو خارجي، تماما مثلما سقط النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية بلا حرب.
غير أن هذه الحقيقة تتأكد أكثر وأكثر من خلال عنصر ثالث حاسم وأكثر خطورة هو العنصر المعنوي.
فالهزيمة في الحرب تتأكد وتثبت عندما تنكسر إرادة الخصم وتتحطم روحه المعنوية.
وهنا يطرح السؤال الصريح والقاسي، الذي لا مفر من مواجهته بشجاعة: هل انكسرت إرادتنا نحن المصريين؟
هل هبطت بشدة روحنا المعنوية بحيث استسلمنا للهزيمة وتعايشنا معها؟
ذلك هو - في الواقع - أخطر وأفدح ما تنطوي عليه حالة الهزيمة (بلا حرب) التي تعيشها مصر الآن
.إن هذا الانكسار، والتدهور المعنوي، هو نتاج منطقي للطابع السلطوي اللاديمقراطي للنظام، ولما أشرنا إليه من الفشل في أداء وظائفه، وتدهور وتشوه هياكله ومؤسساته. غير أنه يرتبط أيضا بطبيعة وممارسات باقي مؤسسات النظام السياسي التي تؤثر - بشكل مباشر أو غير مباشر - علي ثقافة المواطن، ووعيه، وروحه المعنوية وتسهم من ثَمَّ في ميوله للمشاركة والمبادرة
.فلا شك (كما أكدنا سابقا) في أن القيود علي تشكيل ونشاط الأحزاب السياسية، وحظر العمل السياسي في الجامعات والمؤسسات التعليمية في مصر، كانا أكبر جريمة في حق المواطن المصري، وأكبر كابح لنموه ونضجه السياسي وروحه المعنوية.
غير أن هناك جرائم وممارسات أخري لا تقل أثرا وخطورة، تكالبت كلها لتقييد المواطن المصري، وخنق قدراته الإبداعية وتغييب وعيه.فالقيود القانونية والإدارية والأمنية لعبت دورا حاسما في كبت وتقييد مؤسسات المجتمع المدني، سواء كانت جمعيات أو نقابات أو اتحادات.. الخ.
ومع أن مصر كانت في مقدمة الدول العربية والإسلامية التي عرفت مجتمعا مدنيا حيويا كان أحد مقومات نهضتها الحديثة، وقام علي العمل الطوعي الحقيقي، ولعب دورا مهما في تقديم الخدمات التعليمية والعلاجية والخيرية، إلا أن تلك المؤسسات كانت محل التحكم والسيطرة الثقيلة من جهاز الدولة بعد عام ١٩٥٢ بما في ذلك الاتحادات الرياضية والنوادي الاجتماعية، وقتلت مع تلك الممارسات روح المبادرة والعمل الطوعي لصالح روح التزلف والارتزاق
.والصحافة المصرية تدهورت تحت وطأة التأميم وتداعياته علي مر السنوات، بحيث أصبحت الآن المؤسسات - التي كانت علي رأس المؤسسات الثقافية والإعلامية ليس فقط في مصر، وإنما في العالم العربي كله- مؤسسات حكومية مترهلة، مثقلة بأعبائها وديونها، مُشكِّلة - في معظمها - عبئا علي الدولة! وتحولت من منابر للفكر والإبداع والتنوير، إلي ما يكاد يكون مجرد منصات دعائية وإعلانية.
ومن حسن الحظ أن واقع الصحافة الحكومية المكبلة - لم يمنع أبدا وجود صحفيين أكفاء وأحرار، ثم لم يحل - مؤخرا - دون ظهور نوعية جديدة من الصحافة المستقلة: الحقيقية والواعدة.
ولم يكن الإعلام المصري (الإذاعي والتليفزيوني) أفضل حظا من الصحافة. فبالرغم من ثقل واتساع الرصيد الثقافي والإعلامي المصري، والذي شكل أساسا لريادة ثقافية وإعلامية مصرية لا شك فيها، لسنوات طويلة، فإن هذا الرصيد للأسف تآكل بشدة، ونهشته أمراض البيروقراطية، والسيطرة الأمنية، والتوجيه الحكومي ضيق الأفق، وتوارت المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية المصرية لتُخلي مكانها ليس فقط لعشرات من القنوات الفتية الجديدة، التي جمعت بين قوة التمويل وحرية التعبير، وإنما أيضا لغيرها من القنوات والوسائط الإعلامية المحملة بكل صور التخلف والجهل والعبث.
غير أن الكارثة الكبري - في هذا السياق - إنما تتمثل في التدهور الذي أصاب الوسائط الثقافية المصرية، بدءا من الكتاب وحتي الفيلم والمسرحية والمسلسل الإذاعي والتليفزيوني. ولن نعيد هنا التذكير أيضا بالدور المصري الثقافي والتنويري، عربيا وإسلاميا، ولا بريادة المسرح المصري والسينما المصرية. وفي حين أن يد الدولة الثقيلة التي قبضت علي هذه الوسائط في ظل نظام يوليو ارتبطت - لمرحلة قصيرة - بدور تنويري وتثقيفي للدولة، إلا أنها سرعان ما تخلت عن هذا الدور، لتترك المواطن المصري مستباحا لكل صور التشويه الثقافي والفكري، وبدا وكأن النظام السياسي في مصر قد عقد صفقة ضمنية احتكر بمقتضاها السياسة، تاركا لآخرين - في المقابل - ثقافة الشعب وقيمه يعبثون بها كما يشاءون.
فإذا أضفنا إلي هذا كله ما سبق أن ذكرناه حول محنة (أو كارثة) التعليم بمصر، فضلا عن الآثار السلبية للهجرة المؤقتة للعمل في بلاد النفط، وللتفاوت الطبقي والاجتماعي غير المسبوق الذي أخذت تعرفه مصر.. فلن يكون من الغريب - بعد ذلك - أن نشاهد ملامح التدهور في ثقافة المصريين، ووعيهم وروحهم المعنوية، كأبرز ملامح «الهزيمة بلا حرب»، والتي نلاحظها اليوم في مظاهر تثير الأسي، بل الفزع.فهل من المبالغة القول إن هناك الآن حالة من القلق أو الخوف تسيطر علي أغلب المصريين إزاء المستقبل، ويعبر عنها بأشكال متفاوتة؟
إن الخوف من السلطة، وكراهيتها، والتشكك إزاءها هي أحد «ثوابت» الثقافة السياسية للمصريين، وفق ما رصدته الدراسات العلمية للشخصية المصرية، منذ زمن بعيد. وهذه السمة هي نتاج مباشر للفرعونية السياسية، والاستبداد السياسي الذي طبع تاريخ مصر.
غير أن هناك اليوم مظاهر إضافية للخوف والقلق، لا شك أن في مقدمتها عدم اليقين إزاء المستقبل، بما في ذلك مستقبل الأوضاع السياسية الراهنة. إن أحدا في مصر لا يستطيع مثلا أن يتنبأ - علي وجه اليقين - بما يمكن أن يحدث غدا إذا حدث أي فراغ مفاجئ عند رأس السلطة السياسية. ولم يكن من الغريب أن اقترن هذا الشعور بالخوف، والقلق من المستقبل، بتنامي مظاهر «التدين» الشكلي، علي نحو غير مسبوق، فضلا عن شيوع روح التواكل، وتعليق المستقبل علي «مشيئة الله» وستره، عوضا عن العمل الجاد علي الإسهام في صنع ذلك المستقبل، ثم تعايش هذا التدين الشكلي أو المظهري مع مظاهر فريدة وجديدة للفساد والتحلل بما لم يعرفها المجتمع المصري من قبل.
وهل من المبالغة القول إن هناك الآن تفاقما في مشاعر اللامبالاة وعدم الإحساس بالواجب أو الالتزام؟ هناك بالقطع استثناءات، ونماذج مشرفة من الرجال والنساء لا شك في ذلك، ولكنني أتحدث عن ملايين المواطنين العاديين، الذين كانوا ضحايا تدهور التعليم ونقص الرعاية الصحية وافتقاد المسكن الكريم أو البيئة النظيفة، والذين ينتشرون في صعيد مصر ودلتاها وفي ثنايا العاصمة، والذين يعانون من البطالة أو شظف العيش. هل نحن في حاجة إلي إثبات مظاهر الإهمال المذهلة في كل نواحي حياتنا؟
إن نظرة واحدة - علي سبيل المثال - إلي شوارع القاهرة، بل وسط القاهرة نفسها: شوارعها، ميادينها، عماراتها، ومحالها.. (ولا أقول شوارع ومساكن المدن والقري المنتشرة في ربوع مصر!) توحي بدلالات لا شك فيها. وهل نحن في حاجة إلي التذكير بالعزوف شبه الكامل عن المشاركة السياسية في الانتخابات المختلفة، اللهم إلا من خلال الحشد والإغراءات المادية؟ هل نحن في حاجة إلي التذكير بالعجز المشين عن العمل الجماعي المنظم، والإسراف في الفردية والأنانية التي تسود في لحظات الخوف والإحساس بالخطر وانعدام الأمان؟
هل نبالغ إذا أشرنا إلي التزايد المخيف في مشاعر اللاانتماء للوطن والاغتراب، والرغبة في تركه وهجره؟
إنه ذلك الشعور الذي يجمع بين أبناء الطبقات العليا المرفهة الذين يحرصون علي أن يولد أبناؤهم في الخارج (في أمريكا أو كندا أو أوروبا؟!) ليحصلوا علي جنسياتها، وبين أبناء الطبقات الفقيرة الذين لا يبالون بأن يموت أبناؤهم في الخارج وعلي شواطئ أوروبا وأمريكا، أملا في الحصول علي عمل ودخل معقول. إنه أيضا الشعور بفقدان الطموح، أو الرغبة في الإنجاز والتفوق.
ألا يلفت النظر - مثلا- إقبال طلاب الثانوية علي دراسة المواد الاجتماعية، وعزوفهم عن دراسة العلوم والرياضيات علي العكس مما كان سائدا من قبل، بحثا عن الأسهل وتجنبا للأصعب والأعمق؟
إنه كذلك الشعور بالانتماء فقط للمصالح والمنافع الشخصية والضيقة، وليس إلي المجموع أو الوطن، والذي يجعل المواطن المصري، غنيا كان أو فقيرا، قاطنا في أحد الأبراج الفاخرة أو البيوت المتواضعة، يشعر بأن مجال عنايته واهتمامه يقف عند عتبة شقته. أما البناء كله، أو الشارع، أو الحي، فهو لا يعنيه في شيء، قذرا كان أو نظيفا، ملوثا أو نقيا، منضبطا أو تسوده الفوضي والإهمال
.صورة سوداوية نعم! ولكنها تعكس جوهر الهزيمة بلا حرب.. هزيمة الإنسان، وقهر روحه وإرادته المصرى اليوم

نهضة مصر بين نجيب ساويرس ومحمود سعد


أعتقد أننا أمام تيارين فكريين عريضين يستحقان التوقف والتأمل، ولسنا أمام حوار بين رجلين، شاهدته في التليفزيون. ولنبدأ الحكاية من أولها بدعوة من الجيل الشاب في الأسرة تابعت حلقة من البرنامج الأسبوعي الرمضاني الذي يقدمه المهندس نجيب ساويرس علي قناة «أو. تي. في» مساء الجمعة، وكان الضيف فيها الصحفي ومقدم البرامج التليفزيونية اللامع الأستاذ محمود سعد.
كان الحوار ينساب في تلقائية كأنه دردشة مطمئنة بين صديقين في الشؤون العامة. ورغم أن نجيب كان يمسك بالمفاتيح علي هيئة أسئلة، إلا أن تدفق الحديث بين الضيف والمضيف والتعليقات المتبادلة جعله حواراً مشتركاً يقدم فيه كل طرف رؤيته في السؤال المطروح، دون أن يتوقف دور طرف علي توجيه الأسئلة ودور الآخر علي الإجابة.
كثيراً ما علق نجيب علي حديث محمود بقوله: أنا زيك لتظهر وحدة الرأي والرؤية في بعض الموضوعات مثل الموقف من المرأة الجميلة المفتقرة إلي لباقة اللغة وذكاء التفكير، وهنا أدركت لماذا يقبل شبابنا علي هذا النوع من الحوارات السلسلة الجذابة التي تتخلص من كل ادعاء وأي تكلف.
كان السؤال الأكبر والأهم الذي طرحه نجيب علي محمود متعلقاً برؤية محمود للواقع المصري العام وهل هو راض عنه، وما إذا كان يحمل تقدماً عن أوضاع سابقة. سجل محمود سعد إجابته الأولي في كلمات قليلة دالة وموجزة حيث رأي أن الوضع يفتقر إلي العدالة والأمان ويتفشي فيه الفساد، وقال إنه صارح رئيس الوزراء الدكتور نظيف برؤيته وقال له إن البلد فوضي وكل واحد بيعمل اللي هو عاوزه طبقاً لفلوسه ونفوذه وعلاقاته السياسية.
هنا علق نجيب قائلاً إن حقيقة الأمر ليست كما يظن الناس وضرب المثل بنفسه عندما قال إن لديه مصالح كثيرة تتعطل وكأنه أراد القول إن الفلوس أو الثروة لا تحدد للشخص سلوكه ولكنها الشخصية بتكوينها الفكري والأخلاقي. اشتق نجيب من إجابة محمود سؤالاً يقول: هل أنت متفائل أم متشائم تجاه الوضع ثم حدد موقفه من السؤال قائلاً: أنا شخصياً متفائل. وأجاب محمود أنه يتمني أن يكون متفائلاً تجاه الوضع ولكنه لا يجد أسباباً للتفاؤل.
وهنا علق نجيب قائلاً إن أسباب تفاؤله الشخصي ترجع إلي طبيعة مصر كبلد عريق صاحب تاريخ ثري متعدد التجارب، وبالتالي فإنه يري أن نهوض مصر أمر حتمي لا شك في حصوله. وأجاب محمود بقوله: طبعاً المهم هل ستنهض ونحن موجودون؟ وأجاب نجيب: هذا ما يجب أن نعمل عليه وعلي كل منا أن يبدأ بنفسه لنحقق النهضة.
من هذه النقطة انطلق نجيب ليؤسس لرؤيته المتفائلة فأبدي ملاحظة علي طريقة التفكير العام لدي المصريين قائلاً: عندي قناعة أن الناس في البلد دي بتنسي الحاجة اللي اتعملت والتقدم اللي حصل، وأضاف: يعني الناس اللي بتيجي من بره بيشوفوا الحاجات اللي اتعملت، بيشوفوا المطار والشوارع والإعمار اللي في البلد واحنا ناسيين الوضع القديم.
ناسيين مشكلة الاتصال بالتليفون والشوارع المزدحمة وناسيين إن الواحد عشان يسافر كان لازم ياخد تأشيرة خروج وناسيين إنه ما كانش عندنا في التليفزيون إلا القناة الأولي والثانية حتي الحرية اللي احنا فيها النهارده ناسيين إنها لم تكن موجودة قبل كده.
بهذا الحديث كان نجيب قد أسس لتفاؤله وحدد ملامح الإطار الفكري الذي ينطلق منه في النظر إلي الواقع الراهن وتقييمه، إنه ينطلق من نظرة نسبية تقيس هذا الواقع بما سبقه لتحدد ما إذا كان قد حدث فيه تقدم أم تخلف.
ورغم إعجابي بهذا المنهج الفكري وتطبيقي له شخصياً في كثير من القضايا بهدف تشجيع النفس والآخرين واستلهام الأمل من التقدم الذي تحقق حتي لا نصاب بنظرة سوداوية تظلم معها الدنيا في عيوننا ونسقط أسري لليأس والعجز.. فإن الإجابة التي قدمها محمود سعد علي طرح نجيب المتفائل جاءت عندي متممة للمنهج المذكور،لقد جاءت لتتمم ما قاله نجيب والذي وافق عليه وليس لتنقض أو تنفي.
قال محمود: نعم أوافقك هناك حاجات حصلت وإنجازات تمت، ولكن أيضاً هناك خراب حصل، شفت السكة الحديد اللي كانت أول سكة حديد في المنطقة والانهيار اللي حصل فيها.. شفت التدهور اللي في حجم البطالة.. شفت الظلم واتساع الفقر.. أنت تتحدث عن الأشياء الجميلة وأنا أرصد لك الأشياء الأخري.
أعترف لقرائي أنني كمشاهد لهذا الحوار قد وجدت ضالتي في رجلين، يمثل كل منهما تياراً فكرياً عريضاً في مصر يمكن لنا أن نصل بينهما ليتكامل منظور كل منهما مع الآخر في قياس الواقع وتحديد أمراضه وطرق النهوض به. ولو استطاع فريق من الكتاب أن يحقق هذه الوصلة بين التيارين فإن مصر ستكسب أمراً جوهرياً لا غني عنه لإطلاق النهضة.
ستكسب أن كل تيار قد تخلص من النظر إلي الواقع بعين واحدة وأصبح يري بالعينين معاً. فلا يغفل عن رؤية ما تحقق من تقدم جميل ومحمود، ولا يسهو عن رؤية ما طرأ من تدهور مرفوض ومذموم. هكذا يجتمع التياران في تيار واحد ناهض بمصر
بقلم د.إبراهيم البحراوي ٩/٩/٢٠٠٨
المصرى اليوم

Monday, September 08, 2008


حذر الدكتور ميلاد حنا الرئيس الأسبق للجنة الإسكان بمجلس الشعب من تكرار حوادث الانهيارات في منطقة المقطم وغيرها من المناطق العشوائية،
وقال لـ«المصري اليوم»: سيكون انهيار العقارات والمباني، في منطقة المقطم وغيرها من المناطق العشوائية، ظاهرة متصاعدة في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة، ولأن المضطر يركب الصعب، يلجأ الفقراء للبناء دون رسومات أو دراسات إنشائية، والاعتماد علي مبدأ«ربنا يستر»، ولكن غالبا ما تنهار العقارات المقامة دون أسس سليمة علي ساكنيها.
وأضاف: سبق التحذير من الانهيارات في منطقة المقطم علي مدار السنوات الماضية، وكان المواطنون يخشون البناء علي الصخور لأنها علي الطاير، لكن مع ازدياد مشكلة الإسكان، أصبح هناك مغامرون يبنون دون علم أو دراية، مع أن الجبل به فوالق كثيرة لا تتحمل الإنشاءات فوقه.
وتابع الأمر يحتاج دراسة متأنية قبل البناء، وهو شيء نادر الحدوث بين الطبقات الفقيرة، والمشكلة هنا اجتماعية سياسية ، وليست فنية، فهناك مئات المهندسين علي استعداد لتقديم المشورة الفنية قبل البناء، ودون مقابل مادي، وكان من المفترض علاج المنظومة في إطار اجتماعي سياسي هندسي، وهو مالم يتم

و حمّل الدكتور ممدوح حمزة، الاستشاري الهندسي، الحكومة مسؤولية كارثة «الدويقة»، لتجاهلها أبحاثاً ودراسات هندسية عديدة منذ سنوات حذرت من ذلك الانهيار.
وقال حمزة في تصريحات لـ«المصري اليوم»: «توجد دراسات جيولوجية منذ عام ١٩٩٣م وكذلك عام ٢٠٠٢م أعدها فريق المساحة الجيولوجية، إضافة إلي دراسة المعهد القومي للدراسات الجيوفيزيقية ومعهد الاستشعار عن بعد ودراسة معهد أبحاث البناء والمركز القومي للبحوث، جميعها توقعت حدوث الكارثة التي شاهدنا أمس الأول».
وتابع: «كل الأبحاث والدراسات التي قدمت في السابق أكدت أن الجبال التي تحيط بالدويقة تتكون من تربة طفيلية تفقد قوتها تدريجياً، لذلك كان مؤكداً انهيار تلك الجبال في أي لحظة».
وقال حمزة: «تقدمت أنا شخصياً بدراسة للدكتور عبدالرحيم شحاتة، محافظ القاهرة السابق، أكدت له فيها أن كارثة يمكن أن تقع في أي لحظة، بسبب الجبال المحيطة بالدويقة وقدمت في الدراسة حلولاً لتهذيب الجبال التي يخشي وقوعها، ولكن شحاتة لم يفعل شيئاً وقابل الموضوع بإهمال شديد،
وجميع العلماء والباحثين المهتمين بمنطقة الدويقة يعرفون أن بها خمس مناطق معرضة للانهيار في أي لحظة، وجميع الأبحاث التي قدمت للدولة تؤكد ذلك وتصف المنطقة وصفاً دقيقاً.
ويضيف حمزة: منطقة الدويقة بأنها منطقة انتحارية، رافضاً وصفها بـ«عشوائية»، وقال: «الكل يعلم أن الجبال غير مستقرة وأن الانهيار قادم في أي لحظة، لكن السكان لا يملكون إلا تلك المناطق الانتحارية والدولة تعلم ولا تهتم».
ووصف حمزة عمليات الإنقاذ بأنها «إنقاذ عنتري بدائي»، قائلاً: الإنقاذ له أصول وعلم وليس فهلوة وقد شاهدت بنفسي في المنطقة رجالا وأطفالاً يحاولون رفع الصخور.
موضحاً: كان يجب أن يتم دخول «المناشير» لتقطيع الصخور الكبيرة، حتي يمكن رفعها بالأوناش ولكن ما حدث أنهم تعاملوا بالشواكيش وهذا طبعاً غير مفيد ومضيعة للوقت.
وقال حمزة: إن مصر تعيش دون مسؤولين وأن المسؤول الوحيد فيها هو الرئيس حسني مبارك، وأن مَنْ يقال عنهم مسؤولون هم أشخاص أعمتهم مصالحهم الشخصية عن عملهم الحقيقي.

التفاصيل الكاملة في قضية الرشوة المتورط فيها محمد فريد خميس


حصلت «المصري اليوم» علي التفاصيل الكاملة في قضية الرشوة المتورط فيها رجل الأعمال الشهير محمد فريد خميس وقاض واثنان من كبار المحامين، اعترف المحاميان بأنهما يعملان كمستشارين قانونيين لرجل الأعمال واعتادا دفع الرشاوي للقضاة لإنهاء قضايا لموكليهما،
وكشفت التحقيقات أن نائب رئيس مجلس الدولة كان يتوسط لدي قضاة آخرين لإصدار الأحكام، وأن نيابة أمن الدولة أمرت بتشكيل لجنة لحصر القضايا التي صدرت فيها أحكام لصالح «خميس» من مجلس الدولة.
نشرت جريدة «الأهرام» قبل أيام خبراً عن القضية، كما تناولت جريدتان أخريان إحداهما أسبوعية بعض تفاصيل واقعة الرشوة.
في منتصف مايو الماضي، وردت معلومات لهيئة الرقابة الإدارية تفيد بقيام محاميين بعرض مبالغ مالية علي سبيل الرشوة لقاض بمجلس الدولة مقابل إصداره أحكاماً لصالح موكل المحاميين، وقامت هيئة الرقابة الإدارية برصد تحركات المحاميين وتبين تقابلهما أكثر من مرة مع قاض بالمجلس في أكثر من مكان.
وبعد استئذان نيابة أمن الدولة والحصول علي إذن من المجلس الخاص بمجلس الدولة، تم إجراء تسجيلات بين المحاميين والقاضي الذي تبين أنه المستشار أحمد عبداللطيف نائب رئيس مجلس الدولة.
بعد ٣ أسابيع من التسجيلات.. قام فريق الرقابة الإدارية بزرع كاميرات في محل أسماك شهير بشارع جامعة الدول العربية، كان من المقرر أن يتقابل فيه المحاميان مع المستشار ليتسلم مقدم مبلغ الرشوة. وتم ضبط المتهمين الثلاثة متلبسين بالصوت والصورة، وتبين أن المبلغ المضبوط ٧٠ ألف جنيه، علي أن يحصل القاضي علي ١٣٠ ألف جنيه أخري بعد إصدار حكم لصالح موكل المحاميين.
ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض علي المتهمين الثلاثة وتحرر محضر بالواقعة، وأحيلوا إلي نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معهم، أنكر القاضي المتهم في تحقيقات النيابة تلقيه رشاوي من المحاميين لإصدار أحكام لموكلهما، وادعي أن المبلغ المضبوط يخص المحاميين ولم يتسلمه منهما، وقال إن رجال الرقابة الإدارية ضبطوا المبلغ في حقيبة كانت علي كرسي بينه وبين المحاميين،
وأكد القاضي المتهم أن المبلغ المضبوط لم يكن في حوزته.. واجهت النيابة القاضي بتسجيلات صوتية أجرتها الرقابة الإدارية بينه وبين المحاميين، فقال القاضي إن الصوت الوارد في التسجيلات ليس صوته ولكنه يشبهه قليلاً. واعترف القاضي بأنه يعرف المحاميين كمئات المحامين الذين يترددون عليه في المحكمة.
واستمعت النيابة لأقوال المحاميين، فقال الأول «مدحت أبوالفضل» إنه يعمل مستشاراً قانونياً لدي رجل الأعمال الشهير محمد فريد خميس وينهي له عدداً كبيراً من القضايا المنظورة أمام المحاكم.
وفجر المحامي مفاجأة في تحقيقات النيابة عندما اعترف بتقديم مبالغ مالية علي سبيل الرشوة للقاضي «محمد عبداللطيف» مقابل إصدار الأخير أحكاما لصالح «خميس».
وأضاف المحامي في التحقيقات أنه كان يحصل علي مبالغ الرشوة من رجل الأعمال ليسلمها إلي القاضي، وكانت تلك المبالغ يتم تسجيلها في دفاتر شركاته علي أنها أتعاب محاماة، واعترف المحامي في التحقيقات بأن ضابطاً يدعي «إسلام» هو الذي توسط له عند القاضي، وهو الذي عرّفه عليه قبل أكثر من ٥ سنوات. وأشار المحامي المتهم إلي أن القاضي كان يحصل علي مبالغ مالية علي سبيل الرشوة لإنهاء قضايا كانت تنظر لدي مستشارين آخرين بالمجلس.
وقال المحامي إنه عندما كان يسأله عن كيفية إنهاء القضايا المنظورة في دوائر أخري، كان يرد: «دي بتاعتي أنا ليس لكم صالح بها»
وأكد المحامي في التحقيقات، أنه عقب كل حكم كان يصدر لصالح رجل الأعمال، كان يجري الاتصال به ليبلغه بنصه، وأشار إلي أنه في إحدي المرات اتصل المحامي بخميس وأبلغه بنص حكم، إلا أن خميس لم يعجبه نصه ، فأمر المحامي بالعودة مرة ثانية إلي المجلس وتعديله.
واعترف المحامي بأنه وزميله رأفت السلمي «المتهم الثالث» كانا يجلسان بصحبة القاضي المتهم داخل مطعم الأسماك الشهير مقابل إنهاء قضية كانت منظورة في مجلس الدولة لصالح رجل الأعمال، وأن المبلغ المضبوط كان عبارة عن مقدم رشوة وأن المبلغ المتبقي ١٣٠ ألف جنيه كان سيتقاضاها القاضي بعد صدور الحكم.
وروي المحامي المتهم الثالث «رأفت السلمي» التفاصيل نفسها التي رواها زميله، وأكد أن خميس كان علي علم بتلك الوقائع، وعن القضايا التي كانت تصدر فيها أحكام لصالح «خميس»، وقال المحامي إنها كانت عبارة عن أحكام لإنشاء شركات سياحية وإعادة أموال كانت وزارة المالية قد حصّلتها من شركات رجل الأعمال.
واستدعت نيابة أمن الدولة رجل الأعمال «محمد فريد خميس»، للاستماع لأقواله في الاتهامات المنسوبة إليه، بعد أن حصلت علي إذن من مجلس الشوري، وفي التحقيقات أنكر خميس كل تلك الاتهامات وقال إنه لا يعرف شيئاً عن وقائع الرشوة التي قالها المحاميان، واعترف بمعرفته بالمحاميين المتهمين، وأكد أنه كان يستعين بهما في بعض القضايا عن طريق مكتب المحاماة الخاص بشركاته.
وأضاف خميس في التحقيقات أنه ليس في حاجة لدفع مبالغ رشوة تصل إلي نصف مليون جنيه كما قال المتهمان، للحصول علي أحكام قد تعيد له مبالغ أقل من مبالغ الرشوة، ونفي خميس ما قاله المحاميان عنه من أنه كان يغير في نصوص الأحكام بالتليفون كما ادعي المحاميان.
وفي نهاية التحقيقات قررت النيابة حبس القاضي والمحاميين علي ذمة التحقيقات وجددت لهما، وفيما يتعلق برجل الأعمال فقد أمرت بإخلاء سبيله علي ذمة التحقيقات بكفالة مالية، وأمرت النيابة بتشكيل لجنة لحصر القضايا المتعلقة به لدي مجلس الدولة والتي صدرت فيها أحكام لصالحه، لفحصها ومعرفة ما إذا كان صدر فيها أحكام بالمخالفة للقانون من عدمه.
وعلمت «المصري اليوم» أن المحامي الأول «أبوالفضل» أصيب بإعياء وإجهاد شديدين بعد أيام من حبسه لكبر سنه، وتم نقله إلي مستشفي قصر العيني لتلقي العلاج تحت الحراسة، وأن محامياً كبيراً تولي الدفاع عن المحاميين وتقاضي أتعابه من رجل أعمال شهير، وأن ابن أحد المتهمين وهو يعمل مستشاراً لأحد رؤساء الدول الأوروبية حاول التدخل لإنهاء القضية، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
وأكدت مصادر أمنية وبرلمانية، أن مجلس الشوري رفع الحصانة عن فريد خميس في تلك القضية، علي الرغم من أن رئيس المجلس صرح في الصحف بأن هذا الخبر ليس صحيحاً، وكان مجرد إذن بسماع الأقوال فقط. كما نفي محمد فريد خميس تلك الاتهامات المنسوبة إليه، وأكد أنه بعيد تماماً عن تلك القضية ولم يدفع يوماً جنيهاً واحداً علي سبيل الرشوة لإنهاء خدمات أو الحصول علي أحكام لصالحه.
وعلمت «المصري اليوم» أن وزارة الداخلية تجري تحقيقات داخلية للتوصل إلي الضابطين اللذين ورد اسماهما في تحقيقات النيابة، وكانا يتوسطان بين المحاميين والقاضي لإنهاء القضايا.
قال مصدر قضائي إن المحاميين المتهمين، قد يكونان اعترفا بتقديم الرشوة أو التوسط فيها للاستفادة من نص القانون «١٠٧» الذي يعفي الراشي من العقوبة في حالة اعترافه بالواقعة
كتب أحمد شلبي ٨/٩/٢٠٠٨
المصرى اليوم

Sunday, September 07, 2008

لا تحاكموا هشام مصطفي.. وحده!!

سألت نفسي كثيراً: لماذا لم يتورط بيل جيتس أو وارين بافيت في قضايا تهرب ضريبي أو نهب أموال عامة أمريكية أو تحريض علي قتل..؟
وسألت نفسي أكثر: لماذا لم يهرب صالح كامل بأموال البنوك السعودية، والخرافي بمليارات البنوك الكويتية، ورفيق الحريري بكنوز لبنان..؟
لماذا يحب المواطن في أي دولة رجال الأعمال، ويشعر أنهم يضيفون رصيداً كل صباح لاقتصاد البلد، ويخلقون للآلاف فرص عمل، ويخصصون جزءاً مهماً من ثرواتهم لتحسين أوضاع العاملين في شركاتهم، ولأنشطة الخير ودعم المجتمع؟
سألت نفسي: لماذا يكره المصريون رجال الأعمال..؟
ولماذا رفض الرئيس مبارك أن يتبرعوا لإعادة بناء مجلس الشوري، وأصر علي أن تتولي خزينة الدولة هذه المهمة..؟ هل لدينا في مصر رجال أعمال حقيقيون..؟
أو بمعني آخر: هل في مصر الآن رأسمالية وطنية مثلما كان قبل ثورة يوليو؟!
أظن أنكم جميعاً تعرفون الإجابات عن كل هذه الأسئلة.. ولكن السؤال الذي يلح علي خاطري الآن: لماذا نحاكم رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي أمام محكمة الجنايات بتهمة التحريض علي قتل سوزان تميم.. لماذا نحاكمه بالقانون الجنائي، ونتجاهل روح القانون التي تنظر إلي الأبعاد الكاملة والجناة الحقيقيين؟
لذا.. دعونا نعد تكييف هذه القضية، بحيث نضعها في سياقها الطبيعي دون تجن علي أي طرف.
هشام طلعت مصطفي.. شاب نشأ في مناخ عام يمنح الفرص لمن يجيد اقتناصها.. تربي في حضن السلطة.. أدرك مبكراً أن للثروة مفاتيح في أيدي الحاشية، فاقترب منهم إلي حد الالتصاق،
وحين فتح الحزب الوطني أبوابه وصدره وأحضانه لرجال «السياسات» فطن هشام مثل غيره إلي أن ثمة زواجاً وشيكاً بين السلطة والمال.. الحزب والثروة.. فأصبح أول المتقدمين لـ «يد» العروس الفاتنة..
وهكذا بدأت القصة التي تكررت بنفس الفصول وذات التفاصيل مع حفنة من رجال الأعمال الآخرين. هشام طلعت مصطفي.. ابن شرعي لمرحلة رسمت ملامحها السلطة، ونموذج لعلاقة مصلحة متبادلة نسج خيوطها النظام الحاكم ذاته..
فلا تصدقوا أن يد العدالة طالت هذا الرجل فجأة لأنه أخطأ، وتواطأ في جريمة قتل مطربة مغمورة، تحيطها علامات الاستفهام من كل جانب.. لا تصدقوا أن «هشام» خرج علي أصول اللعبة، فوجب عقابه،
الحكاية كلها أن هناك طرفاً آخر غير «مصر» في القضية، فالجريمة وقعت علي أرض «دبي»، والإماراتيون أصروا علي تحقيق القضية بكل أطرافها، إذن فالأمر خرج من يد «القاهرة».. احسبوها جيداً...!
المهم.. أن القضية لم تعد مقتل سوزان تميم.. والسؤال ليس من قتلها ومن حرض علي الجريمة.. القضية هي وضع ثروة مصر في أيدي حفنة من رجال لا يدركون خطورة المهمة..
والسؤال: من أعطي ومنح ووهب هشام مصطفي وغيره العطايا المجانية والمليارات السهلة..؟
من أهدي هذا الرجل 40 مليون متر مجاناً في مشروع «مدينتي»..؟
من فتح له خزائن البنوك، وتسهيلات القروض وبناء المنتجعات، وأي مقابل دفعه «هشام» ولمن..؟!
ماذا قدم له الحزب الوطني بسطوته ونفوذه، وما الأبواب التي فتحتها «أمانة السياسات» أمامه.. وكم دفع «هشام»، ومن يشاركه من الباطن، ومن أفاده واستفاد منه..؟
إنها حزمة واحدة، وعلاقات متشابكة، ومصالح متبادلة.. ومن يعتقد غير ذلك فهو ساذج إلي حد «العبط».
قضية هشام ما كان يجب أن تحال إلي محكمة الجنايات..
مكانها الطبيعي «نيابة الأموال العامة»،
أو محكمة سياسية تعقد خصيصاً لمحاكمة مرحلة كاملة.. إذا أردنا العدل والنزاهة والشفافية فلابد من محاسبة «هشام» ومن وراءه، ومن صنعه هو وعشرات غيره.. فلا يليق بشعب مصر أن يظل «مضحوكاً عليه»، أو هو يضحك علي نفسه.. لا فرق.. والمحصلة أن ألف «هشام» سيولد كل يوم، لأن «الرحم» الفاسدة لاتزال تلد.. وتلد.. وتلد..!
مجدي الجلاد
المصرى اليوم

مصر : من غرق العبّارة إلى غرق النظام

القضية التى شغلت مصر فى الأيام الأخيرة ، ولا زالت تشغلها كلها ، بإعلامها وبقواها السياسية وأحزابها وحركاتها الاجتماعية ، ومراكزها الحقوقية ، وهيئاتها القانونية ، وأولا وأخيرا : بجماهيرها الغفيرة ، هى قضية الأحكام الهزيلة التى صدرت مؤخرا ، بعد نحو عامين ونصف من الانتظار، وبُرئت بموجبها ساحة " ممدوح اسماعيل " أمين الحزب الوطنى ( حزب السلطة ) ، بمصر الجديدة ، والعضو المعين بأمر الرئيس " مبارك " فى " مجلس الشورى " ، ومالك " عبــّارة الموت " ، ( السلام ـ 98 ) ، التى غرقت فى شهر فبراير ( شباط ) 2006 ، وعلى متنها نحو 1400 من العاملين المصريين البسطاء ، ونجم عن هذه المأساة موت 1033 ضحية ، راحوا طعاما سائغا لأسماك البحر الأحمر المفترسة ، فضلا عن 377 جريحا بعضهم فى حالات خطرة ! .
وقد هزّت هذه الكارثة الشعب المصرى هزا عميقا ، ليس فقط لضخامة عدد الضحايا ، والحالات الإنسانية المريعة التى مسّت وجدان المصريين ، وإنما أيضا للملابسات والظروف التى واكبت الواقعة وأعقبتها ، ولعمق ما تشير إليه هذه الكارثة من دلالات ، ، وكذلك لإدراك المصريين أن هذه المأساة ، وإن كانت الأضخم والأبشع ، إلاّ أنها لم تكن الأولى من نوعها ، وللأسف الشديد ، فى ظل الأوضاع المصرية المتدهورة ، لن تكون الأخيرة
! مسلسل لا ينتهى ! :
لم تكن جريمة " عبـّـارة الموت " هى الأولى فى التاريخ المصرى الراهن ، وبالذات فى خلال بضع السنوات والشهور الفائتة ، فقد كانت مصر ، دونا عن بقاع الأرض قاطبة ، مسرحا لمسلسل متواتر من الكوارث الرهيبة ، التى راح ضحية لها الآلاف من المصريين ، ومن الفقراء بشكل أساسى ، قضوا جميعا ضحية الإهمال ، وانعدام الشعور بالمسئولية ، وتردى أداء وكفاءة أجهزة الدولة التليدة ، وانحطاط مستوى الخدمات المقدمة لأبناء الشعب ، وتفشى مظاهر الشيخوخة والفساد فى بنية النظام بمستوياته المتعددة .
• فعلى سبيل المثال ، حازت مصر قصب السبق ، على مستوى العالم كله ، فى عدد ضحايا حوادث الطرق المجانية ، ولا يكاد يوم يمر دون أن تجلل هامات الصحف والنشرات الإذاعية والتلفزيونية ، الأخبار الدامية للحوادث البشعة التى تنتهى بقتل وإصابة المئات من المواطنين ، دون أن تحرك السلطة ساكنا فى مواجهة مسلسل الموت المجانى المتكرر ، اللهم إلا مضاعفة رسوم " الجباية " وغرامات السائقين على الطرق المتهالكة ، ورفع أسعار الوقود ، ورسوم تجديد رخص السيارات ... إلخ !
. • مأساة العبــّارة " سالم إكسبريس " : عام 1991 ، والتى غرقت وعلى متنها أكثر من ألف مصرى من المكافحين الفقراء الذين تغربوا بحثا عن لقمة خبز عجفاء ضنّ بها ناهبو خير الوطن ، فماتوا دونها ، ولم يتسن لهم حتى دفن أجداثهم فى تراب وطنهم !.
• محرقة قطار الصعيد : فى عام 2002 ، والتى نجمت عن احتراق القطار رقم 822 ، المتجه من القاهرة إلى أسوان ، وعلى متنه أكثر من ألف من الفقراء المصريين ، من أهل الجنوب ، تفحمت جثثهم بشكل مأساوى . ومع هذا تم تبرئة مسئولى مرفق السكك الحديدية من وزر الكارثة ، وحمّـلت المسئولية لـ "كبش فداء " من بعض صغار العاملين بالهيئة !
. • محرقة " قصر ثقافة الفيوم " : فى شهر سبتمبر ( أيلول ) 2005 ، وراح ضحية لها 52 شخصا ، من المسرحيين والفنانين ، جلهم من الشباب ، تفحمت أجسادهم ، وأصيب 25 آخرين ، ، قضوا ضحية الإهمال ، والرعونة ، وغياب كافة احتياطات الأمان ، وتراخى الشعور بالواجب والمسئولية . وأيضا تم تبرئة قيادات وزارة الثقافة المسئولين عن هذه الكارثة ، وعلى رأسهم رئيس " هيئة قصور الثقافة " السابق ، الدكتور" مصطفى علوى " ، عضو " لجنة السياسات " ، التى يترأسها " جمال مبارك " بالحزب الوطنى ، بعد أن كانت محكمة أول درجة قد أصدرت حكما بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات ، وغرامة 10000 جنيه على ثمانية متهمين ، حمـّـلتهم مسئولية الإهمال الجسيم والإخلال بواجبات وظيفتهم مما أفضى لموت الضحايا ! .
• كما كانت مصر ، طوال الأعوام الأخيرة ، ميدانا لتفشى بعض الأوبئة ( كإنفلونزا الطيور)،وتوابع تلوث المياه والهواء من أمراض خبيثة،على رأسها " السرطان " ، الذى انتشر انتشارا ملحوظا فى الأعوام الأخيرة ، وبالذات لدى الأطفال ، وكذلك أمراض تلوث الدم ، والفيروس ( c ) ، والتهابات الكبد وغيرها
. • قضية الدم الملوث وشركة " هايدلينا " : كانت هذه القضية واحدة من أهم القضايا التى استحوزت على الاهتمام الشعبى ، وشغلت حيزا واسعا من الحوار العام ، نظرا لخطورتها ، ولعلاقات المتهمين فيها بالسلطة ووضعيتهم فى قمة النخبة الحاكمة ، وحيث تدخلت عناصر السطوة السياسية والمال والبلطجة لإبراء ذمة " الدكتور هانى سرور " ، صاحب شركة " هايدلينا " لإنتاج المستلزمات الطبية ، وعضو " الحزب الوطنى " ، وعضو " مجلس الشعب " ، من جريمة إنتاج وتوزيع أكياس دم ملوثة ، أدت إلى إصابة الآلاف من الضحايا بفيروس (c) ، والتهاب الكبد الوبائى ، وغيرها من أمراض الدم الخطيرة ، وأحاطت بهذه القضية عناصر عديدة للشبهة والشكوك فى حكم البراءة ، خاصة بعد مقتل المستشار " محمد عزت العشماوى " ، القاضى الذى أمر بحبس المتهم وعدد من كبار المسئولين بالشركة ، فى ظروف مريبة ، لتحل القضية أمام قاض آخر ، سرعان ما أصدر الحكم ببراءة جميع المتهمين ، فى حكم أحدث دويا هائلا فى أركان البلاد ، لتأكد الجميع من المسئولية الجنائية للمتهم ! . والمشترك فى هذه القضايا جميعها ، وأيضا فى قضية "عبـّارة الموت ، السلام 98 " ، أن ( أبطالها ) أو بالأحرى " مجرميها " ، الذين تم تبرئتهم كلهم ، هم من كوادرالنظام والحزب الحاكم ! ، وبرز دور السلطة فى حمايتهم من العقاب ، بالتدخل المباشر واضحا ، بل فاضحا، كما فى حالة " ممدوح اسماعيل " ( الصديق الصدوق لزكريا عزمى ، رئيس ديوان رئيس الجمهورية ! ) وأسرته ، حيث مثــّـلت " الحصانة النيابية " سياجا حاميا ، لم يرفع إلا بعد ضمان هروب المتهمين ، بثرواتهم وممتلكاتهم ، إلى لندن ، حيث لا توجد بين مصر وانجلترا اتفاقية لتبادل المجرمين ، و حيث يعيش وأسرته بعيدا عن المساءلة والعقاب ، كما رفع النظام ، الحظر عن شركات المتهم وعن حق التصرف فى أموالها ، حتى قبل أن يقضى القضاء ببراءة " ممدوح اسماعيل " ، المطعون فيها !. رعاية رسمية :
و" ممدوح اسماعيل " ، مالك " عبــّارة الموت " ، مثال نموذجى لطفح الطبقة الصاعدة من " الأغنياء الجدد " فى مصر ، والتى تشكلت كمنتج طبيعى لسياسات النظام فى العقود الأخيرة : سياسات " الخصخصة " ، و" إعادة الهيكلة " ، و " تحرير الملكية " ، ... إلخ ، والتى تمخضت عن وضع ثروة الأمة فى أيدى شراذم من " المحاسيب " ، أتموا ، بنشاط يحسدون عليه ، نهب المال العام ، و" تجريف " المجتمع من ثرواته المادية بالاستيلاء المباشر ، وثرواته البشرية ، بإغلاق أبواب الرجاء ، وسد فرص العمل ، أمام الملايين من الشباب ، ودفعهم دفعا لمغادرة البلاد ، بأى شكل ، حتى ولوكان بمخاطرة يائسة ، لعبور البحار الهائجة فى قوارب متهالكة ، فى رحلة عبثية ، تنتهى ـ دوما ـ بالغرق : غرقهم وغرق حلمهم ، قبل أن يصلوا إلى الشواطئ الموعودة !!
. وهذه الطبقة ، بسطوتها التى نجمت عن تزاوج المال والسلطة ، هى التى تسيطر على عملية صناعة القرار الاقتصادى والسياسى ، فى مصر الآن ، ورمزها اللامع ، المهندس " أحمد عز " ، " أمين التنظيم " بالـ " حزب الوطنى " ، ورئيس " اللجنة الاقتصادية " بـ " مجلس الشعب " . وقد صعد " أحمد عز " ، بسرعة الصاروخ إلى قمة السلطة ، عن طريق علاقته الحميمة بـ " جمال مبارك " ، نجل الرئيس ، و" الوريث " الأوحد المنتظر ، و" أمين لجنة السياسات " بحزب السلطة ، " الوطنى الديموقراطى " ، وقد أتاح له قربه من الحكم ، وارتباطه الحميم بمراكز صنع القرار فى قمة النظام ، احتكار أهم الصناعات الاستراتيجية ، صناعة الحديد ، خلال بضع سنوات لاغير! ، ومكنته هذه القرابة ، خلال عام واحد فقط ، من مضاعفة سعر الطن من ثلاثة آلاف جنيه ، إلى ما يزيد عن تسعة آلاف جنيه ، للطن الواحد ، ( أى بنسبة زيادة نحو 300% !! ) ، فى ظل تغاضى السلطة عنه ، بل وإسباغ حمايتها عليه ، وتجميدها لمساعى إقرار " قانون مكافحة الاحتكار " ‘ فى أضابير " مجلس الشعب " ، الأمر الذى سبب انهيار سوق العقارات والبناء فى مصر ، وتفشى المضاربة على أسعار الوحدات السكنية ، حتى البسيط منها ، مما أكمل عمليات سد أبواب المستقبل أمام الملايين من الشباب ، منهيا الأحلام المشروعة لهم فى بناء أسرة وبيت ومستقبل وحياة !
. إدانة برلمانية
: وعودة إلى قضية " عبــّارة الموت " : فمن اللافت أن تقرير " لجنة تقصى الحقائق " التى شكلها البرلمان المصرى ، قد أدان بشكل واضح إهمال الشركة وتواطؤ الجهات الرسمية مع أصحابها ، فعلى سبيل المثال : تم ، بمخالفة القانون ، تعيين " ممدوح اسماعيل " عضوا بمجلس إدارة موانئ البحر الأحمر الحكومى ، الأمر الذى هيأ له المجال لحصد الامتيازات الحصرية للشركة ، ومكـنـّه من التغطية على الوضع المزرى ، والمخالف ، وغير اللائق إنسانيا ، المليئ بالعيوب ، لعـبّاراته ، والذى قاد فى النهاية لغرقها وغرق الركاب الأبرياء على متنها ! . غير أن اخطر ما كشفت عنه هذه القضية تمثل فى نقطتين بارزتين دالتين:
الأولى :
تواطؤالمسئولين الفاسدين لـ" الهيئة المصرية للسلامة البحرية " ، [ بفعل النفوذ السياسى لمالك العبّارة ، وشيوع الفساد فى أركانها ، والـ " رش " المالى على قياداتها ] ، فى تقديم التغطية التقنية والتدليس الفنى ، بالمخالفة للحالة الحقيقية لوضع العبّارات المتهالكة ، مما مكـنـّه من تسييرها تجاوزا للقانون ! ، وحمايته من الإدانة ، عند محاكمته ، بعد وقوع الجريمة ! . فشركة " ممدوح اسماعيل " ، امتلكت خمس عبـّارات ، جميعها تم شراؤها من شركة Terenia الإيطالية كـ " خردة " غير صالحة للعمل ، ويجب تكهينها ، هى : " العبّارة : السلام 90 ـ كاردوتشى " ، و" العبّارة : السلام 92 ـ بيتراركا " ، و" العبّارة : السلام 94 ـ مانزونى " ، و " العبّارة : السلام 96 ـ باسكولى " ، و " العبّارة : السلام 98 ـ بوكاشيو " ، وقد تم إعادة تأهيلها بشكل بدائى ، غير مطابق للمواصفات الدولية ، لتحويلها من سفن نقل للبضائع والسيارات والحاويات ، إلى سفن لنقل البشر ، أشبه بمدافن متحركة تمخر عباب بحار الموت ، فى غيبة من الضمير والرقابة ، وباستغلال لظروف الفئات الدنيا من المجتمع ، التى تقبل بركوبها لأنها لاتملك تكاليف الانتقال فى وسائل أكثر آدمية ! .
والثانية :
العبث فى التكييف القانونى للتهمة الموجهة للمتهم ، والتى نجم عنها مقتل وإصابة نحو 1400 مواطن ، بلا جريرة أو ذنب ، باعتبارها مجرد " جُنحة " بسيطة ، مثلها مثل توصيف واقعة مشاجرة فى الطريق العام ، أو مخالفة عادية لقانون المرور ، أو ماشاكل ! . وهذا التوصيف الهزلى سوغ للسلطات ، فى النهاية ، اختصار مسؤلية مالك الشركة عند حدود " علم ولم يبلغ !! " أى علم بغرق البحارة ولم يسارع بالتبليغ عن الواقعة ! ، ( كان ، فى الواقع ، هو وأركان إدارته ، مشغولون بضمانات الحصول على القيمة المجزية للتأمين على العبّارة الغارقة من شركات التأمين العالمية ! ) ، وبما يعنى مساعدته على غسل يديه من دماء الضحايا البريئة ، وصك الأسماع عن صرخات ذوى الضحايا ، من الفلاحين والصعايدة البسطاء ، الذين شقت صرخاتهم كبد السماء ، التياعا على الأحباء المغدورين بلا عقاب ! ، وتأكيد القاعدة الحديثة السائدة : " قل لى ابن من أنت ، فى مصر ، أقل لك كيف ستحصل على حقوقك ومتى ! " . و ...
إدانة رسمية :
والمذهل أن هذه النتيجة تأتى على العكس ، تماما ، من مرافعة وكيل النيابة الشاب ، " أحمد محمد محمود " ، التى أدان فيها بأكثر العبارات وضوحا المتهم ، " ممدوح اسماعيل " ، الذى : " عــدّ نفسه من صفوة المجتمع ، فامتلك شركة للنقل البحرى ، واشترى واستأجر سفنا ، واحتكر خطا ملاحيا بين موانينا وموانئ بلاد شقيقة ، وتوسعت أعماله ، وزاد عدد سفنه ، وأفسد الجشع ثمار عرق البسطاء ، وبدد الفساد والإهمال بريق النجاح وفرحة العودة للأهل والديار . غرقت السفينة لأخطاء ارتكبها طاقم اختاره هو ، وإدارته لقيادتها ، وعلم بغرقها فى حينه ، فتراخى وتقاعس عن انقاذ الضحايا ، وعن مد يد العون لهم ، وتركهم يصارعون الجوع والعطش والبرد والأمواج العاتية ساعات طوال ، مات منهم من مات ، وجرح منهم من جرح ، ولم يكلف نفسه عناء إخطار جهات البحث والإنقاذ الفورى ، ولم يصدر الأوامر الفورية لوحداته البحرية السريعة والجاهزة ، للإبحار والتحرك فورا لإنقاذ الضحايا من رجال ونساء وشيوخ وأطفال ، فى ظلام دامس وبحر هائج وطقس سيئ !! . إن إسناد الواقعة للمتهمين قاطع فى الأوراق على نحو ماورد بأمر الإحالة ، قيدا ووصفا ، وجاءت أوراق الدعوى غنية بالأدلة المقنعة على ثبوت تلك الجريمة فى حق المتهمين ثبوتا كافيا لا ريب فيه ! " .
لكن هذه المرافعة البليغة ، الطويلة ، وبما تضمنته من عشرات القرائن التى تدين مالك الشركة لاستهتاره بأرواح البشر من الركاب ، ورعونته فى مواجهة الكارثة ، ألقى بها على قارعة الطريق ، وفاز " ممدوح اسماعيل " ، خدن السلطة وربيب النظام ، بالبراءة ، بعد أن أنفق نحو خمسين مليونا من الجنيهات على " الموعودين " ! .
إن هذه البراءة ، كما يقول المستشار" أحمد مكى " ، نائب رئيس محكمة النقض ، لم تبدأ فى محكمة "جنح سفاجا " ، وإنما " بدأت فى النيابة العامة ، وتحديدا من قرارى الاتهام والإحالة إلى المحكمة الصادرين منها ، ولأنها احالت المتهمين بتهمة محددة تتلخص فى أنهم علموا بغرق العّبارة ولم يخطروا أجهزة الإنقاذ ، مسقطة بذلك كل التهم الأخرى ، سواء ما اتصل بسلامة السفينة ، أوسلامة إجراءات تسييرها ، وحمولتها الزائدة ، كما استبعدت النيابة العامة أيضا أخطاء الأجهزة المختصة بالتفتيش على سلامة السفينة وتسييرها ، وجميع الشهادات المحلية والعالمية "
. " تستيف الأوراق ! "
: وقد جاء تعليق "حمدى الطحان " نائب " الوطنى " ، ورئيس " لجنة النقل " بمجلس الشعب ، ورئيس " لجنة تقصى الحقائق " التى شكلها البرلمان المصرى للتحقيق فى المأساة ، كاشفا ودامغا ، فهو رغم انتمائه للنظام ، لم يتحرج من توجيه إصبع الاتهام للمجرم الحقيقى : " الذى حدث أن مافيا الفساد ، سواء بالمال أو بالعلاقات أو بأى وسيلة اخرى ، نجحت فى "تستيف " ، ( تظبيط ! ) الأوراق ، أمام القاضى بما لا يجعله يحكم إلا بما حكم به ، والذى أصابنى بالصدمة هو عدم الأخذ بما جاء فى التقرير ـ الوثيقة ، الذى أعدته لجنة تقصى الحقائق ، لأن كل ورقة فيه بوثيقة ، أو مستند ، أو سند علمى ، ولا مجال للتشكيك فيه.
إن المشكلة هى منظومة الفساد ، فمصر الآن مثل عبّارة " ممدوح اسماعيل " ، فى فسادها وضعفها وترهلها ... فالدولة فى مصر تتفكك ، وسلطتها غائبة ، وهذا ما يجعل الناس الآن تلجأ إلى أخذ حقها بـ " الدراع " ، وعدم انتظار دور الدولة لغيابه ، وغياب القانون ، وهذا مؤشر خطير ينبغى تداركه ، قبل أن تحدث الكارثة وتنهار الدولة !
" . محاكمة نظام :
" لقد اكتشفنا ، كهيئة دفاع ـ كما يقول " ياسر فتحى " ، محامى الدفاع ـ أننا أمام ملف سياسى وليس قضائيا فقط ، ينبغى أن يوضع إلى جوارملفات ( إضراب ) 6 أبريل (نيسان) ، وعمال المحلة ، وكل الملفات التى تخنق الوطن ! . إننا أمام معركة سياسية كبرى ، فى مواجهة النظام ، الذى سمح بدخول " الخردة " لبناء سفن تقتل الغلابة ، وسمح بالتزاوج بين السلطة والمال ! . " " إن تحالف الفساد والسلطة قتل زوجتى وأبنائى ( الأربعة ) ... " ، هكذا يؤكد زوج ضحية ، ووالد أربعة أبناء من بين الضحايا ، لقد أدرك الجميع فورا هذه الحقيقة القاطعة التى كشفتها وقائع مهزلة محاكمة " ممدوح اسماعيل " وتابعيه !
. ولأنها قضية سياسية وشعبية بامتياز ، فى مواجهة النظام ، كا ذكر محامى الدفاع ، كان طبيعيا أن تتفاعل حركة " كفاية " مع الحدث الجلل والقضية الكبرى ، التى رأت فيها ما يعكس الدور الكبير الذى بات يلعبه " تحالف رأس المال الفاسد مع السلطة الفاسدة " ، ويعرّى تستر الحكم الاستبدادى على هذه الجرائم البشعة ، التى يروح ضحية لها الآلاف من أبناء الشعب كل عام ، كما تعكس اهتراء النظام وعجزه ، وتآكل مشروعيته وانحطاط أداء جهاز الدولة ، على كل المستويات والحاجة الماسّة للتغيير الديموقراطى الفورى ، حماية للوطن والشعب ، من الموت الجماعى المجانى " . ويمضى بيان حركة " كفايه " : " ولأن هذه المحاكمة هى فى جوهرها محاكمة صريحة للنظام الفاسد والمستبد ، فإن بقاء الرأى العام يقظا ومتحفزا ، إزاء المحاولات الدءوبة التى ستجرى للالتفاف على إرادته القاطعة فى محاكمة المجرمين ، وإحقاق الحق ، والانتصار للعدالة ، هو وحده الذى سيمكن من الاقتصاص من قتلة أبناء شعبنا ، واستعادة حقوقهم المسلوبة ، ومواجهة " فساد البر والبحر" ، الذى ، كما أغرق المئات من أبناء شعبنا ، يهـــــدد ـ إذا تقاعسنا عن التصدى لــه ـ بإغراق الوطن كله
أحمد بهاء الدين شعبان
موقع الحوار المتمدن

باكستان ...... ساسة فاسدون و عسكر انتهازيون

انتخاب عاصف زردارى رئيسا لباكستان ما هو الا فصل اخر من فصول الحياة السياسة الباكستانية المضطربة ......... عاصف السياسى المبتدىء و المتهم سابقا فى قضايا فساد جاء الى السلطة على جثة زوجته و سمعة أسرتها
العسكر فى انتظار فشل عاصف و يتحينون الفرصة و يستعدون للانقضاض
الاسلاميون يتطلعون لركوب حصان طروادة الاستحواذ على السلطة ......... هذا الحصان هو أى شخص يساعدهم للوصول لاغراضهم
نواز شريف انتظر طويلا ... انتقم من برويز مشرف ويتفرغ الان لتجريح منافسة الاخر زردارى و حزبه
اعتقد ان الزمن سيعيد نفسه فى باكستان طالما ظلت ثلاثون عائلة تتحكم فى الحياة السياسية و اقتصادية