لكل أمة ذاكرة تحفظ سير الأحداث وتكشف أسرار التاريخ وتسطره والذاكرة قد تكون مدونة علي ورقة بردي أو محفورة علي حجر أو تابوت أو مضيئة داخل منزل قديم تطل حينا من خلف مشربيته أو تكمن في أعماق بئره.
وعندما وجد علماء الحملة الفرنسية الحجر الصغير في رشيد كان سببا في فك طلاسم اللغة المصرية القديمة وقراءة تاريخ مصر بالكامل وتأسيس علم المصريات.
ويحكي أحد علماء المصريات عن حجر صغير سطرت عليه أول مسرحية في التاريخ وسميت بالمسرحية »المنفية« نسبة إلي منف عاصمة الدولة القديمة ووجد هذا الحجر في منزل أحد الفلاحين وقد ثقب من منتصفه وتحول إلي »رحاية« لطحن الغلال وتسبب هذا في مسح جزء من المسرحية وأثار حزن وألم العالم الاثري الذي لم يكن مصريا ولكن للفلاح عذرا مقنعا فهو لم يكن يعرف شيئا عن التاريخ أو الآثار..
ويحكي أحد علماء المصريات عن حجر صغير سطرت عليه أول مسرحية في التاريخ وسميت بالمسرحية »المنفية« نسبة إلي منف عاصمة الدولة القديمة ووجد هذا الحجر في منزل أحد الفلاحين وقد ثقب من منتصفه وتحول إلي »رحاية« لطحن الغلال وتسبب هذا في مسح جزء من المسرحية وأثار حزن وألم العالم الاثري الذي لم يكن مصريا ولكن للفلاح عذرا مقنعا فهو لم يكن يعرف شيئا عن التاريخ أو الآثار..
لذلك عندما تكون الأمة في حالة من الاستنارة والتفتح والوعي والاحساس بقيمة الوطن يزيد الاهتمام بالأمكنة والاثر والتاريخ وعلي العكس يتلاشي الاهتمام وتهون الذاكرة عندما تكون الامة في حالة من الاظلام والجهل وعدم الوعي وعندما تتعامل مع الوطن علي أنه عزبة خاصة للموعودين يمرحون ويعبثون بكل حرية.
وفي عام 1927 وفي يوم الثلاثاء الموافق 23 أغسطس في الساعة العاشرة مساء مات »سعد زغلول« وفي نفس الليلة اجتمع مجلس الوزراء برئاسة عبدالخالق ثروت باشا ونعي المجلس زعيم الأمة ثم اتخذ عدة قرارات لتخليد ذكري سعد منها شراء منزل »بيت الامة« وضمه إلي الأملاك العمومية علي ان يبقي حق الإقامة فيه لحرم الفقيد »صفية زغلول« مدي حياتها.. وشراء المنزل الذي ولد فيه سعد ببلدة »إبيانة« مركز فوة وضمه إلي الاملاك العمومية..
وفي عام 1927 وفي يوم الثلاثاء الموافق 23 أغسطس في الساعة العاشرة مساء مات »سعد زغلول« وفي نفس الليلة اجتمع مجلس الوزراء برئاسة عبدالخالق ثروت باشا ونعي المجلس زعيم الأمة ثم اتخذ عدة قرارات لتخليد ذكري سعد منها شراء منزل »بيت الامة« وضمه إلي الأملاك العمومية علي ان يبقي حق الإقامة فيه لحرم الفقيد »صفية زغلول« مدي حياتها.. وشراء المنزل الذي ولد فيه سعد ببلدة »إبيانة« مركز فوة وضمه إلي الاملاك العمومية..
لذلك أصبح »بيت الامة« ملكا للأمة وهو مازال باقيا إلي اليوم بكل محتوياته وأثاثه وملابس سعد زغلول خاصة بدلة التشريفة والقميص اللذين يحتفظان بدماء سعد زغلول عندما اطلق عليه الرصاص عام 1924.. ودفعت الوزارة لصفية زغلول في تلك الايام مبلغا يزيد علي الخمسة عشر ألفا من الجنيهات وهو ثمن باهظ بالنسبة لعام 1927.. ذلك كان عهدا يعي قيمة المكان ويؤمن بأنه حق للوطن وعندما ماتت أم كلثوم عرض الورثة علي الحكومة أن تشتري الفيللا المطلة علي النيل مقابل 2 مليون جنيه ولم تهتم الحكومة أو ربما لم تفهم قيمة فيللا أم كلثوم، والورثة علي اي حال غير مطالبين بالحفاظ علي ذاكرة الأمة فباعوها وهدمت وأقيم مكانها برج قبيح ومنفر ولكن كتر خيرهم اطلقوا علي الاوتيل اسم أم كلثوم.
وأذكر جيدا هذا اليوم الحزين يوم هدم منزل أم كلثوم ولا أنسي سيدة مغربية كانت تحمل قطعة من بلاط المنزل وتبكي وتقول: »سأحتفظ بها لانها لامست أقدام أم كلثوم«..
وأذكر جيدا هذا اليوم الحزين يوم هدم منزل أم كلثوم ولا أنسي سيدة مغربية كانت تحمل قطعة من بلاط المنزل وتبكي وتقول: »سأحتفظ بها لانها لامست أقدام أم كلثوم«..
ولو ان الحكومة وقتها اهتمت وفكرت قليلا لاكتشفت ان الاثنين مليون جنيه سوف تعود إلي خزينة الدولة في ظرف عام أو عامين علي الاكثر لو تحولت هذه الفيلا إلي متحف.. لكنه للأسف كان هذا عهدا آخر اجتهد القائمون علي أمره في تحويل حدائق القناطر الخيرية وحديقة الحيوان والاسماك إلي خرابات وسارعوا بفك كوبري أبو العلا من اجل إقامة كوبري اسمنت علوي.. وألقوا بأجزائه علي شاطئ النيل وزمانها تآكلت بفعل الصدأ والإهمال.. وهذا الكوبري الجميل كان مكانا للنزهة وشم الهواء علي ايامنا والمهندس الذي صممه هو نفس المهندس الذي صمم »برج إيفل« في قلب باريس.. وشوف الدنيا »برج إيفل« فين دلوقتي وكوبري »أبوالعلا فين؟«..
والاهمال والتفريط متواصل وشغال الله ينور ورغم صدور قرار بمنع هدم الفيللات القديمة إلا انه قانون علي الورق وحي المعادي الجميل الظليل بأشجاره الكثيفة الرائعة والذي تزينه المنازل الصغيرة بحدائقها الصغيرة الخضراء بدأ يعاني من التخريب وكل عدة أسابيع تهدم إحدي الفيللات وتقام مكانها عمارة شاهقة واتوقع أنه في ظرف عدة سنوات قليلة سيتحول هذا الحي الراقي الجميل إلي صور قديمة بعد ان تنتصر الابراج الاسمنتية علي الحدائق والاشجار وسيكون بالكتير صورة من مدينة نصر..
وغيره وغيره الكثير ولكن أهمها هذه الأبراج المستفزة التي يطلقون عليها أبراج القلعة والتي تم الموافقة علي اقامتها بأساليب ملتوية غير معروفة وتسببت في مشاكل كثيرة
وغيره وغيره الكثير ولكن أهمها هذه الأبراج المستفزة التي يطلقون عليها أبراج القلعة والتي تم الموافقة علي اقامتها بأساليب ملتوية غير معروفة وتسببت في مشاكل كثيرة
واخيرا استدعي »زاهي حواس« رئيس هيئة الآثار خبراء اليونسكو ليقولوا كلمتهم وقالوا انها سوف تشوه وتجرح بانوراما القلعة والمنطقة الاثرية بأكملها وسافر خبراء اليونسكو.. واطمئن قلب زاهي حواس وتوقف العمل في الابراج كام شهر ثم بدأ مرة اخري في الارتفاع وكلما عبرت من امامها اجد ان العمل بها متواصلا والمبني مازال يعلو ويرتفع متحديا القوانين والمكان الاثري والجمال والتاريخ والسياحة وكل شيء وسوف نستيقظ ذات يوم لنري الابراج وقد ارتفعت واكتملت وتحولت إلي اوتيلات ومولات وموقف عربات وزحام وتشويه يشبه النبت الشيطاني الذي لا نعرف ما الذي اتي به..
وتولع القلعة وهيئة الآثار واليونسكو واحنا واللي يتشدد لنا وتاريخ هذه الامة المأسوف علي ذاكرتها وتراثها وآثارها.
في بداية هذا العهد تم أول اعتداء علي هذا المكان فقد تم شق طريق صلاح سالم في داخل حرم القلعة التي يبلغ عمرها حوالي الثمانمائة عام وقطع مجري العيون الذي يبلغ من العمر أكثر من خمسمائة عام ولكن في تلك الايام لم يقدر احد علي الاعتراض أو الكلام أما في هذه الايام فالمعارضون والمقاومون لهذه الابراج ليسوا قلة ولكن مستثمري هذا العهد اقوي من اصحابه القدامي وقادرون علي اختراق كل القوانين والعبث بكل ما هو قيم وهام وتشويه اثار قاومت الزمن بكل احداثه وكوارثه..
في بداية هذا العهد تم أول اعتداء علي هذا المكان فقد تم شق طريق صلاح سالم في داخل حرم القلعة التي يبلغ عمرها حوالي الثمانمائة عام وقطع مجري العيون الذي يبلغ من العمر أكثر من خمسمائة عام ولكن في تلك الايام لم يقدر احد علي الاعتراض أو الكلام أما في هذه الايام فالمعارضون والمقاومون لهذه الابراج ليسوا قلة ولكن مستثمري هذا العهد اقوي من اصحابه القدامي وقادرون علي اختراق كل القوانين والعبث بكل ما هو قيم وهام وتشويه اثار قاومت الزمن بكل احداثه وكوارثه..
أموال نصير التي تشيد هذا المبني المنفـر الغريب علي المكان هي الحقيقة المرة التي نحياها هذه الايام فالاموال تصنع قوانينها وتشق طريقها وتصم آذانها وتعتبر ان اثار البلاد ملك خاص لها وليس لنا ولها ان تعبث ما تشاء وتخرب ما تشاء بفلوسها وربنا يستر علي القلعة نفسها ربما وجدت فلوس نصير طريقا لامضاء صغير تهد بموجبه القلعة وتحولها إلي ملاعب جولف كل شيء جائز في هذا العهد السعيد وحد يسلم لي علي هيئة الآثار واليونسكو بالمرة.
بقلم: د.لميس جابر
نقلاً عن الوفد
نقلاً عن الوفد
No comments:
Post a Comment