Wednesday, February 25, 2009

قراءة حول التدخلات الإيرانية في مصر والحل لمواجهتها

كالعادة وكما هو معروف عن نظام طهران كنظام أزمات لا تفوته أزمة ولا فرصة ولا مصيبة دون استغلالها على طريقته الخاصة انطلاقا من التزامه بقول "مصيبة قوم عند قوم فوائد" وبالطبع اغتنم فرصة نكبة غزه وتساقط الابرياء من الفلسطينيين نساءًا ورجالاً وأطفالاً وشبابًا وشيوخًا وسط الشوارع في خضم احداث غزة،..
هذه المرة كانت لطهران اشارات بعيده ضمن مخططاتها العدوانية التوسعية وكانت هجمات النظام الإيراني على سفارات بعض الدول العربية في طهران ومنها مكتب رعاية المصالح المصرية احد هذه المراكز وقد هوجم من قبل عناصر النظام الإيراني وليس ”طلبة الجامعات” كما ادعى ملالي إيران وقد وضع هذا العمل على كاهل الطلبة لينأى نظام طهران بنفسه عن دائرة المسؤولية ولكن الامر كان واضحا لجميع المهتمين الملمين بما يجري في الشرق وهذه هي لغة وهوية نظام طهران حيث المناورة والمراوغة التي لا تتماشى..
ويأتي هذا الموقف الإيراني في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الإيرانية المصرية فتورا تنامى الى توترا كبيرا منذ فترة طويلة من الزمن وكان حجم العداء الذي تكنه طهران الملالي تجاه القاهرة مانعا كبيرا لتقدم العلاقات بين البلدين حيث لم يترك نظام طهران مجالا أو فرصة لترميم هذه العلاقات بدءا من دعمه للقوى المتطرفه في مصر وصولا الى ضلوعها في عملية اغتيال الرئيس المصري السابق محمد انور السادات واستمرارا في دعم الجماعات الإرهابية في مصر ورغم تناسي القاهرة وتفاعلها مع قضايا المنطقة ورغبتها في قيام علاقات متينة ومتوازنة ذات رؤية وتوافق ومساع مشتركة يمكن الطرفين من تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة انطلاقا من مسؤولية أخلاقية إلا ان طهران لم تكن ابدا ضمن هذه الرؤى والرغبة التي كانت لدى القاهرة والعالم العربي..
لـ طهران طموحها التوسعي ومشروع الكبير لتصدير ثورتها الى المنطقة اولا ومن ثم الى العالم اجمع وفي المنطقة ترى طهران أن دور القاهرة الريادي في العالم والعالم الإسلامي يقف حاجزا كبيرا امام مشاريع ملالي طهران وعليه فإن عليها أن تقضي على هذا الدور وتشويه صورة القاهرة واضعافها امام الجماهير العربية وكانت ماساة الفلسطينيين ودمائهم المسفوحة في غزة فرصة لنظام طهران ليشوه بها القاهرة ويظهرها بلا موقف وبلا التزام مسؤول امام قضية العرب والمسلمين وهي قضية فلسطين والدم الزكي الطاهر المراق في غزه ولتفعيل ذلك وانضاج نيتها وارسال رسالتها قامت بالإعتداء على مكتب رعاية المصالح المصرية في طهران وادمة لنواياها العدائية قامت طهران بالتحريض على قتل الرئيس مبارك..والترويج إعلاميا لفلم من انتاجها واعدادها باسم ”اعدام فرعون” يدور حول عملية اغتيال الرئيس المصري السابق محمد انور السادات وتحدث وسائل الاعلام كثيرًا عن هذا الفيلم وأثارت لغوا وضجة كبيرة حوله.. كما وان التصريحات العلنية للنظام الإيراني حول القيادة المصرية وخاصة الرئيس حسني مبارك تشكل جانبًا آخرًا من هذه الحملة الإعلامية وهناك جوانب أخرى في هذه الحملة حيث يتهم الحكومة المصرية أيضا بالقصور في ايصال المعونات لضحايا حرب غزه.
وبعد التصريحات الإيرانية الأخيرة تجاه البحرين ”تضامن الرئيس المصري مع البحرين لمواجهة إيران” كما وحسب الصحف ”لا تخفي مصر انزعاجها من التوجهات الإيرانية في منطقة الخليج كما أنها تبدي قلقاً من تصاعد النفوذ الإيراني في عموم المنطقة”.ولكن اخبار كهذه لا تشكل الا قمة جبل من الثلج في بحر ليس إلا والمراقب الدقيق لنظام طهران وبالمام يرى أن نظام الحكم في طهران يخفي ويعلن استراتيجية محددة خلف كل هذه الحملات والتي تعد نهجا معتمدا وثابتا لطهران الملالي.
وللدقة ولبناء قراءة سليمة ومفيدة علينا القول بأن النظام الإيراني يولي اهمية كبيرة لمصر..ونتذكر ونورد هنا كأمثلة للفحص والدرس تصريحات الرئيس الإيراني ”احمدي نجاد” قبل فترة في دولة الامارات العربية المتحدة ردًا على سؤال طرحه صحفي مصري حيث قال: ”نحن جاهزون لفتح سفارتنا في القاهرة قبل انتهاء الوقت الاداري هذا اليوم اذا كانت سلطات بلدكم جاهزة”.
.وهنا تحتاج هذه التصريحات وهذه العجلة التي يبديها ”نجاد” في هذا الجانب الى دراسة وفحص: كتب مركز ”م د أ أ” في إيران تقريرًا سريًا و حصل كاتب المقال على نسخة منه قائلاً: ”.. إن سير المسائل في العراق يتشدد ضد الشيعة، وفي هذا الاتجاه هناك العربية السعودية ومصر والاردن لايسمحون ولا يقبلون بتوازن قوى لصالح الشيعة، وعليه فان علينا أن نوجه تنويهات إلى السعودية ومصر والاردن على الصعيد الدولي..،وأن مصالحنا الإستراتجية في العراق تؤّمَن من خلال تخفيف دور مصر والسعودية.. ان دعم الشيعة في العراق بالنسبة لنا يشكل حالة اهمية قصوى واستراتجية بالغة”.وهنا نرى أن إيران من جانب كما يقول ”نجاد” تستعجل ”لفتح السفارة في القاهرة” ومن جانب آخر ترى أن مصالحها الإستراتيجية تكمن في تخفيف دور مصر.
ولنتابع الغرض من ”التنويه إلى مصر” من لسان احد عناصر المرشد الاعلى علي خامنئي: كتبت صحيفة كيهان الحكومية التي تصدر في طهران مقالاً بتأريخ 23اكتوبر 2003 وبقلم كاتب يدعى ”حسين شريعتمداري” طلب فيه القيام بعملية اغتيال ضد الرئيس المصري حسني مبارك، حيث جاء فيه: ”.. ان الشعب المصري العظيم وبتأريخه الثوري العريق يستحق أن يستلم قيادة العالم العربي في مسير تحقيق الاسلام وطبعًا ان وجود مبارك المنحوس وازلامه يشكل سدًا في هذا المجال. وان الشعب المصري و الغيارى من اتباع الضابط الشهيد خالد الاسلامبولي يعرفون جيدًا كيف يتخلصون من هذا العنصر المشين التابع للصهاينة..”
وهذه في واقع الحال ليست لغة مهذبة يمكن لها ان تدعو الى حوار او سلام وخصوصا ان الاعلام في ايران يخضع لرقابة شديدة وصارمة على كل شيء..وللحوار لغته الخاصة من كياسة والتزام ورصانة.
وكتبت صحيفة ”جمهوري اسلامي” الإيرانية بتأريخ 21نوفمبر 2005 وبعد الكشف عن محاولة ديبلوماسي ايراني في مصر لاستخدام فردًا مصريًا لتمشية النشاطات الارهابية في هذا البلد، قائلاً: ”إن احمدي نجاد وبشعار”يجب مسح اسرائيل من ساحة الدهر” المناسب والذي جاء في وقته، لايستطيع أن يبني علاقات مع نظام القاهرة الكمب ديفيدي.. وننتظر أن لا يخدع مرة أخرى بوعود فراعنة مصر”.
ولكن ما هو اصل الحكاية؟
ان النظام في إيران يواجه ازمات داخلية شديدة خاصة ما يسمى بـ ”ازمة الشرعية” في الداخل كما أن أمامه بديلاً مقتدرًا أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والذي قام بكشف فعاليات هذا النظام في جميع الجوانب، ومن ضمنها كشف النشاطات النووية وكشف مخططاته لتصدير الإرهاب والتطرف الى بلدان المنطقة..
كما قامت هذه المقاومة بكشف الممارسات القعمية لحكام طهران وفي كافة أنحاء إيران كالاعدامات الجماعية اليومية والجلد والرجم امام الملأ العام..
وأدت كل اعمال الكشف هذه.. ونشاطات المعارضة الديمقراطية لهذا النظام أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وعموده الفقري منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، سواء في داخل أو خارج إيران والتي تقرأ وتسمع اخبارها يوميًا أدت إلي انكماش شديد للنظام واشتد هذا الانكماش قوة بوصول ”نجاد” الى مقعد الرئاسة حيث وقع النظام الإيراني في طريق السقوط والانهيار متسارعًا بوقوفه في وجه المجتمع الدولي وتحديه اياه، وهنا اصبحت مصر ذات اهمية كبيرة بالنسبة لإيران.
هنا ايضا ننتبه الى تقريرِ سريِ آخر حصل عليه كاتب المقال من داخل الاجهزة الإيرانية: ”نظرًا للمقاطعة المصرفية المفروضة على الجمهورية الاسلامية، فايجاد نظام بديل لمواجهة المقاطعات الاقتصادية الدولية، يصبح ضروري جدًا. فـ ”البنك الأهلي” المصري الذي يعد رابع مصرف من حيث الاهمية في العالم العربي، وكان رأس ماله 26ميليار دولار أمريكي في عام 2005، يعد هدفا ومخرجا للنظام الايراني وفق مخططه، كما هناك بنوك أخرى في مصر والتي تحتل مراتب جيدة في هذا المجال وتقع ضمن المخطط ايضا ”.
. وكما نتذكر، سافر وزير الصناعة الإيراني ”محرابيان” إلى مصر في ديسمبر 2007. وكان من ضمن اهدافه المحاولة لتوسيع ارتباط النظام المصرفي مع هذا البلد وإيجاد مخرج للمقاطعة المستمرة والمتشددة المصرفية المفروضة على النظام من قبل الولايات المتحدة والبلدان الأوربية حتى ولو كان بشكل آني.. وفي لقاءاته مع السلطات المصرية، أحال المدعو ”محرابيان” موضوع العلاقات الاقتصادية والصناعية بين البلدين إلى توسيع نشاطات النظام المصرفي مع إيران. حيث طالب بـ ”تنشيط التعاون المصرفي الإيراني المصري في مختلف البلدان وخاصة في إيران”. (وكالة انباء فارس الإيرانية 2ديسمبر 2007)
..هنا لا نرى غرابة في أن يطالب نظام إيران فجأة توسيع علاقاته الاقتصادية والصناعية مع مصر ولكن الغريب أنه وفي نفس الوقت الذي يشعر فيه باهمية مصر له وحاجته اليها يشترط توسيع العلاقات إلى توسيع نشاطات النظام المصرفي معه وهذا يعني ان إيران تريد ومن خلال ”توسيع علاقاته” مع جمهورية مصر العربية بدائل ومخارج لتجاوز المقاطعات الدولية الشديدة المتزايدة من قبل المجمتمع الدولي عليها.. وهناك مرضًا أخر دون علاج للنظام الذي يجبره على توسيع العلاقات مع مصر
ويؤيد ذلك تقرير سري أخر من داخل اجهزة النظام في طهران:وجاء في هذا التقرير السري: ”إنه وبعد التطورات الأخيرة لغزه، تحتاج إيران للأراضي المصرية لدعم حماس.. وان فتح محور جديد يمكن أن يغير كثيرًا من المعادلات في المنطقة لصالح إيران”
.ومن الواضح جدًا وبعد ادراك ايران بانها توفقت في نقل صراعاتها وحروبها الى بغداد وبيروت وغزه وخصوصا انها تمكنت من الهاء العالم في غزه بعيدا عنها وعن التزاماتها الدولية مما يتيح لها كسب بعض الوقت لبلوغ غاياتها وانها من خلال غزه وغيرها من القوى المرتبطه بنظام طهران وانشطته الارهابية ومشاريعه التوسعية يمكنها مساومة العالم وفرض ارادتها على المجتمع الدولي، وعليه فانها مستعدة لكل الخيارات الممكنة والقابلة للبناء لفتح محور وطريق عبر الاراضي المصرية واذا لم يفتح هذا المحور وهذا الطريق الجديد عبر الاطر الدبلوماسية، تمتلك إيران اساليبها الخاصة لفتح طريق لـ غزة.. وقد سعت طهران لاشعال فتيل الازمة أزمة غزة الأخيرة في يناير 2009 إدامة لمشروع ادارة الصراعات الخاصة بها او الداعمة لها وطبعًا واجهت الهزيمة
.وفي نفس الاطار بثت وكالة أسوشيتدبرس للأنباء في 5يناير 2008 تقريرًا قيل فيه: ”أن عشرات من الميليشيات التابعة للنظام الإيراني الذين كانوا مجهزون باسلحة وصواريخ حديثة دخلوا الى غزة في الايام الأخيرة”وفي يونيو 2008 حذر رئيس تحرير احدي الصحف المصرية، السلطات الإيرانية ”من المساس بالأمن القومي المصري كخط أحمر..”
ولكن حاجة هذا النظام إلى تصدير الأزمة اكثر اهمية لديه من الاكتراث لكل هذه التصريحات والتهديدات والتحذيرات الداعية الى الالتزام بالاعراف الدبلوماسية والسياسية والقانون الدولي.وقد اعلنت الحكومة المصرية قبل فترة بأن النظام الإيراني حاول ايصال شحنات من العتاد والاسلحة تحت غطاء معونات الهلال الاحمر الإيراني إلي غزة.
. ولم تعطي الحكومة المصرية الإذن لطائرتين تابعتين لإيران بالهبوط حيث كانتا مجهزتين لهذا العمل. وهناك نماذج كثيرة في هذا المجال.. وجرى الكشف مرارا عن محاولات النظام الإيراني لايصال الاسلحة لقطاع غزة عن طريق تركيا وسوريا ولبنان.
. خبر أخر وليس الأخير ايضًا من أسوشيتدپرس حيث بثت في يوم 23 يناير الماضي (2009) نقلا عن مسئولين في وزارة الدفاع الأميركية، ان ”سلاح البحرية الأمريكية قام بتفتيش سفينة إيرانية كان من المحتمل أن تحمل الاسلحة إلى حماس”، وأضافت آسوشيتدبرس نقلا عن مسئول أمريكي لم يكشف عن اسمه ”أن السفينة التجارية الإيرانية التي كانت تتحرك تحت علم قبرص، تم توقيفها من قبل مدمرة أمريكية في البحر الأحمر”. وقال مسئول أخر أمريكي لهذه الوكالة ”ان الجنود الأمريكيين دخلوا الباخرة وقاموا بتفتيشها في يومين الاثنين والثلاثاء (19 و20يناير 2009)”. كما وعلي أساس تقرير نفسه ”كشف خلال التفتيش عددًا من قذائف المدفعية”.
وهذا جزءا من تقرير سري أخر:رفعت مؤسسة”م ت م” في إيران تقريرًا إلى مكتب أحد رموز الاعلى للنظام قال فيه: ”.. ان ارضية الحملة الاعلامية في مصر الآن اكثر مما مضى.. حيث ان المؤسسات الشيعية في مصرتقوم بطبع 15 كتاب شهريًا بشكل علني اضافة الى المنشورات السرية.. وأنه في مصر بعض المؤسسات مثل «ع أ ج بـ» وهي من المؤسسات المستعدة للعمل والاتصال بشكل اكثر توسعا وفعالية.. وبعد الدراسة والتحقيق قدرت التكاليف النهائية لتنفيذ هذه الخطة بـ 20مليون دلارًا
. ونظرًا للحساسية البالغة للموضوع، فمن الضروري ان يستخدم العراق ولبنان كحلقة وصل.. كما نعول على عدد من الصحفيين المصريين البعيدين عن التيارات السياسية في هذا البلد، كمسئولين للجرائد الجديدة..
ويمكن ايكال الرقابة على المواضيع المنشورة الى «م ا ب»..”
وهنا علينا أن نشير الى أن نظام طهران يهدد الامن القومي العربي وأن تهديد القاهرة أو غيرها من البلدان العربية ليس بالضرورة أن يكون من داخلها وقد يولد هذا التهديد وينمو ويتنامى من خارجها وبعيدا عنها ليصل اليها متعاظما وعليه فإن مفهوم الامن القومي هو المفهوم الذي يجب العمل به وبأهمية الى جانب مفاهيم الأمن الوطني أو الذهاب الى ابعد من ذلك من حيث الاهمية.. فقد يبدأ التهديد من جانب كيانات ضعيفه أو مؤسسات ذات قدره محدودة الا ان تنامي هذا التهديد وتعاظمه بعد اهماله يمهد لتحوله الى خطر جبار له من الآليات والوسائل ما يكفيها ويغنيها لبلوغ غاياتها وتحقيق اهدافها..
ونأخذ بعين الإعتبار واقع العراق ولبنان واليمن وفلسطين والامارات وخاصة وفي الأيام الأخيرة البحرين وما ينتظرها من خطر واليوم خطرا كبيرا محدقا بالقاهرة وسيتخذ من غزة وحلفائها وسيلة لتحقيق الهدف في القاهرة والنيل منها وغاية طهران الملالي خلق فراغا مصريا في الشرق الاوسط وغياب مصر عن دور الريادة لتتقدم طهران وستعزز غايات طهران ووسائلها بسلاحها النووي وما تملك من نفوذ سياسي بالمنطقة من خلال شركائها...
ولم تغفل طهران عن استغلال اقل فراغ يتركه العرب ومصر خاصة وهذا ما حدث في العراق الذي يقع على اكثر من 1200 كم حدودي مع ايران وفيه من الثغرات التي تملكها ايران ما لا يحصى ولا يعد..
هذا الإهمال وهذا الفراغ كان الباب الأوسع لتهديد الأمن القومي العربي وكذلك جعل العراق على حافة فقدان هويته وتاريخه بعد التنكيل بأبنائه...
وتتوسع رقعة التهديد وتتعاظم قدرته وتصبح الحاجة الى حلول وبدائل حاجة ملحة تبدأ من التحصين الداخلي وبناء مشاريع بديلة تتفق مع الامن القومي العربي وتكون جزءا شفافا في امن المنطقة وعونا لجيرانها على حفظ خصوصياتهم وسيادتهم وكيانا لائقا ومحترما في الاسرة الدولية...
ولن يكون سلاح طهران غلا تعزيزا لأهدافه التوسعية في الهيمنة على المنطقة وحماية نظامها من الاندثار واسنادا لنشاطاتها الإرهابية التي ترى فيها طهران جزءا من ايديلوجيتها المقدسة وهويتها السياسية التي لا مناص عنها.
وهنا نرجع قليلاً إلى الوراء.. حيث كتب جريدة الشرق الاوسط اللندية في مارس 2008: ابلغت الحكومة المصرية إيران وعن طريق مختلف المستويات الدبلوماسية والأمنية، ان لديها قائمة طويلة من الاشخاص المطلوبين في مصر الذين هربوا إلى إيران، حيث قامت إيران بايوائهم واعطاءهم اللجوء.. ومن الطبيعي ان تنفي إيران كل مرة وجود هؤلاء الاشخاص في البلاد.. ولكن مصر قدمت للحكومة الإيرانية قائمة من اسماء الارهابيين ومكان اقامتهم في طهران وأرقام هواتفهم.
. واصبح هذا الموضوع احد عوامل الخلاف والتوتر في العلاقات بين‌ البلدين”.
ويقوم النظام الإيراني بتوسيع شبكاته الاستخبارية ومجساته في مصر مستفيدًا من كل الأجهزة التي تعمل تحت الاغطية المختلفة واذرعه الارهابية هناك مثل المؤسسات الخيرية والثقافية.
. وأقيم في نفس الاطار مؤتمر ”المجمع العالمي لتقريب المذاهب” في 24أبريل 2005 بطهران تحت اسم ”المؤتمر الدولي للوحدة الاسلامية” ترأسها المدعو ”قدرت الله علي‌زاده”.. وشارك في المؤتمر 120 شخصًا من 34 بلد حيث كان جميع المشاركين من المتطرفين الذين كانوا اداة بيد النظام الإيراني في البلدان 34 المشيرة اعلاه.. وشارك في المؤتمر على الأقل 4 اشخاص من مصر وهم الشيخ ”أ م ط” و ”م س ع” و”ع ش” والشيخ ”ف ف ز”. وبعد عامين أي في 10يناير 2008 أشار احد سلطات النظام الإيراني إلى طبع ونشر بعض الكتب المتطرفة الداعية الى التطرف في مصر منها ”ولاية الفقيه” و”الجهاد الاكبر” بقلم الخميني.. كما أكد على دور عناصر إيران في المظاهرة التي جرت آنذاك في الجامع الأزهر...
ومن التقارير السرية التي حصل عليها كاتب المقال تقرير آخر من داخل اجهزة النظام الإيراني حيث تؤكد فيه السلطات الإيرانية على الموقع الممتاز للجامع الازهر للتأثير التدريبي والعملي..
وهنا يكمن سبب محاولات الملالي في إيران بالتسلل الى الجامع الأزهر وجعله مركزا لنقل ثقافتها وتصدير فكرها وثورتها الرجعيين.. وفي هذا الاطار حاول ”ديبلوماسيي” إيران في مصر بتوفير الظروف الملائمة لزيارة الاشخاص القريبين من الملالي إلى إيران تحت غطاء ”تبادل العلماء والمحققيين” مع الجامع الازهر.. حيث قام ”ديبلوماسيي” النظام الإيراني في مصر وفي محاولات عدة بتنفيذ هذا البرنامج عن طريق لقاءات متعددة بالشيخ محمد سيد الطنطاوي” إمام الجامع الازهر.. وفي أواسط يوليو 2007، أعلن النظام الإيراني وبعد لقاء ”محمد حسين رجبي” مع الشيخ محمد سيد الطنطاوي، أعلن خبر موافقة الجامع الازهر بفتح ممثلية في طهران، ولكنه وسرعان ما نفي الشيخ طنطاوي الخبر وقال لم يتحدث حول هذا الموضوع..
وفي نفس الأيام اعلنت اكثر من صحيفة مصرية: انه خصصت إيران مبالغ هائلة لنشر وتوزيع المنشورات في مصر بشكل مجاني لغرض الدعاية حول التطرف.
ومن مهام أحد السلطات الإيرانية في زيارته إلى مصر، كان اخذ موافقة السلطات المصرية لدخول عناصر إيرانية إلى قطاع غزه، تحت تغطية الهلال الاحمر الإيراني.. وعندما منيت المهمة بالهزيمة، قامت مجموعه تدعى ”م ع ا”، بنشر قسم من وصية خميني ضد الحكومة المصرية.إن ملف التدخلات والاعمال الارهابية لإيران في مصر، ضخم جدًا..
ونترك هذا الملف مفتوحًا إلى فرصة أخرى وسنتطرق الى الموضوع في دراسات أخرى..ولكنه ومن الضروري أن نؤكد في النهاية إن النظام الحاكم في إيران لايعرف إلا لغة واحدة وهي لغة القوة.
. و الطريق الوحيد لسد توسع وتغلغل الملالي الإيرانيين في مصر وأي مكان آخر، هو الحزم. ودعم وتأييد البديل الديمقراطي لهذا النظام أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وعموده الفقري منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والتحالف والتكاتف معها يمكن ان يخلص شعوب المنطقة من شر هذا النظام الذي لم يأتي للمنطقة الا بالنكبة والويلات والحروب والتحريض على الفتن، والامر الآن في انسب اوقاته خاصة بعد أن قامت 27 دولة أروبية باخراج مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الارهابية كنصر حققته المنظمة والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على نظام طهران ومؤامراته ضدها، نصر جاء بعد 7سنوات من التحدي الذي اعلنته هذه المنظمة ومناصروها الايرانيون والدوليون وكبار رجال القانون في العالم، وانتصرت ”مجاهدي خلق” في نضالها ضد هذه التهمة الظالمة التي الصقت بها وانتصرت على مؤامرات طهران.. وتستعد للقضاء التام عليه وعلى مؤثراته ومخلفاته ومعها وبها تبدأ ايران صفحة جديدة نقية وناصعة وشفافة في الشرق الاوسط وما احوج العرب الى التحالف مع مجاهدي خلق الإيرانية حفاظا على امنهم القومي وانقاذا لانفسهم وللعراق ولبنان وفلسطين من جحيم طهران.
محمد علي يوسف - باحث وكاتب

No comments: