لو كانت المؤتمرات لازم لها شعارات.. يبقى كان لازم شعار مؤتمر الحزب الوطنى يكون واحداً من ثلاثة.. الأول: المركب بتغرق يا قبطان.. وهو صيحة الغرقى، ويكشف الحالة التى وصلت إليها البلاد.. الثانى: اسأل دموع عينيا.. اسأل مخدتى.. وهو يستلهم أغنية قديمة للفنانة وردة، فى لحظة هجر قاسية.. الثالث: تخونوه وعمره ما خانكم.. وهو آخر كلام للدكتور حمدى السيد، مع الزميل يسرى فودة!
فلم تكن شعارات الحزب الوطنى واقعية ولا طبيعية، ولا مناسبة لمجريات الأحداث.. فقد رفع شعاراً من قبل هو «الحزب الوطنى فى مصلحتك.. والمستقبل ليك».. فإذا هو لا فى مصلحة أحد ولا يحزنون.. غير الحزب الوطنى، وشلة المنتفعين به.. واليوم يرفع الشعار نفسه بطريقة أخرى، حين يقول: «علشان تطمن على مستقبل ولادك».. كأن هناك حزباً آخر ينافسه على الحكم!
لا أعرف لماذا يتوهم الحزب أن هناك من يتنافس معه.. رغم أنه فى الواقع لا ينافس أحداً، ولا ينافسه أحد.. وهو يرى أن المنافسه تأتى من الداخل.. كما قيل مؤخراً: إن المعارضة سوف تنشأ من الداخل، رداً على غياب المعارضة فى مجلس الشعب.. وبالتالى فلا قيمة لشعارات الحزب.. لأن هذه الشعارات تصلح فى البلاد الغربية، التى تتنافس فيها أحزاب.. بينما الثابت أنه لا أحد غير الحزب الوطنى!
فهل كان يجب على القوى السياسية أن تنظم مؤتمراً موازياً.. تناقش المحاور نفسها، ثم تضع شعاراً مناسباً مثل «المركب بتغرق يا قبطان».. أو «اسأل دموع عينيا.. واسأل مخدتى».. وهل كان عليها، كما قررت تشكيل البرلمان الموازى، أن تنظم مؤتمراً موازياً؟.. وهل كان عليها أن تقدم أمثلة وحالات للفقراء وسكان المقابر وعشش الصفيح.. وكان ذلك يكفى، حتى لا نطمئن على مستقبل أولادنا؟!
وهل كان يجب أن نناقش أهم ملف، لا يمكن أن يتعرض له المؤتمر، وهو ملف التزوير.. وكان يكفى حتى لا نطمئن على مستقبل أولادنا؟.. لماذا لم يفعلها أحد؟.. لماذا لم يتحركوا بالتوازى معه؟.. لماذا لم يكشفوه فى كل الساحات؟.. هل المسألة تتعلق بندرة الموارد وقلة الإمكانيات؟.. هل المسألة تتعلق بأن المعارضين لهم عين فى الجنة وعين فى النار.. أم أنها قضية خيال سياسى؟!
أتصور بالطبع أن هناك مشكلة تتعلق بالموارد.. وأتصور أيضاً أن هناك مشكلة تتعلق بالمعارضين.. لكننى لا أتصور أن هناك مشكلة تتعلق بالخلق والابتكار.. ولو كانت هناك مشكلة فيمكن الاعتماد على ما قاله الدكتور حمدى السيد، بشأن خيانة الحزب الوطنى له، باعتبار أن خيانة الحزب الوطنى لم تكن له وحده، وإنما كانت خيانة للمصريين جميعاً.. فلا معارضة فى المجلس، ولا تعدد فى الواقع.. الخيانة للجميع!
الغدر الذى تحدث عنه حمدى السيد على قناة «أون. تى. فى»، والخيانة التى تحدث عنها من جانب الحزب فى حقه.. هو نفس الغدر ونفس الخيانة، التى يمارسها الحزب ضد المصريين.. ولكنه حين ينظم مؤتمراً يتصور أنه «مولد».. يشارك فيه أربعة آلاف شخص، من قبيل الفرجة.. يحصلون بعدها على «الأوبيج»، ثم وجبة كنتاكى.. وكأنهم فواعلية فى الحياة السياسية.. والفارق كبير بين الفاعل والفواعلى!
كان من الممكن أن نطمئن على مستقبل أولادنا.. لو لم يمارس الحزب هوايته فى التزوير.. وكان من الممكن أن نطمئن على مستقبل أولادنا، لو وجد الحزب حلاً لمشكلة سكان العشوائيات والمقابر.. وكان من الممكن أن نطمئن لو كنا نعيش إنجازات حقيقية لا شعارات وهمية.. كان من الممكن أن نطمئن لو مسح دموع الفقراء.. الذين بلا مأوى فى عز الشتاء.. بلاش «عز» دى
بقلم محمد أمين- Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment