إن اكتشاف مثقف قبطي في مصر الآن في قامة لويس عوض وأنور عبدالملك أمر يصعب فهمه، لكن حقيقة الأمر أن الحياة الثقافية في مصر صارت ومنذ سنوات حكراً علي عدد من المثقفين والأدباء والمفكرين ذواتهم علت، حتي صاروا لا يرون في المرآة إلا أنفسهم، وصارت وسائل الإعلام أسيرة لهم لا تري غيرهم.
اليوم يجب أن أقدم لمصر عالماً وطبيباً نفسياً مثقفاً لاينتمي لهؤلاء هو د. ماجد موريس والذي فاز هذا العام بجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، طبع كتابه الذي فاز به في بيروت، يعيش في الإسكندرية ويعمل في دمنهور،
طبيب نفسي عمل علي ظاهرة الإرهاب من عصور ما قبل التاريخ إلي العصر الحديث في كل الحضارات والديانات، كتابه «الإرهاب.. الظاهرة وأبعادها النفسية»، الذي فاز بالجائزة يستحق أن يقرأه كل مصري وعربي وأي إنسان علي وجه الأرض،
يري ماجد موريس أن البعض يرون أن الإرهاب هو شكل من العنف السياسي غير الأخلاقي وغير المبرر، ولكن هذه الرؤية تلزمنا بتقييم المبرر الظاهر أو حتي الباطن للفعل الإرهابي إذ إن الإرهاب ينطوي علي مواجهة بين نقيضين، كل نقيض يجد في الصراع المحتدم وجهاً يبرر موقفه،
ويضفي الشرعية علي تصرفاته. فيما يعتبره الشعب (حرب تحرير)، يعتبره المحتل (حركة إرهابية)، وما تعتبره الجماعات المتطرفة أسلوباً سلطوياً تمارسه الحكومات، تعتبره أجهزة الحكم واجباً وطنياً تكلفها بها جموع الشعب من أجل الحفاظ علي استقرار الوطن وسلامته،
ويؤكد موريس في كتابه أن الإرهاب لا ينتسب إلي دولة دون أخري، ولا يمكننا أن ننعت به ديناً دون آخر. لا ينتمي الإرهاب من وجهة نظره إلي دولة دون أخري، كما لا يمكن أن ننعت به ديناً دون آخر، ولا ينتمي الإرهاب لطبقة اقتصادية معينة ولا لاتجاه فكري أو سياسي، ماركسي يساري أو فاشي يميني.
ويؤكد في كتابه بقرائن أن الإرهاب ليس حكراً علي العسكريين ولا هو وصمة للمدنيين الغوغاء، وإذا كان موريس، يشخص ويقارن بين الإرهاب الديني لسافونا رولا في القرن ١٥م بإيطاليا والحركات الإرهابية المعاصرة، فإنه يضع علاجاً للإرهاب يقوم علي العلم لا علي مجرد الكلام المسترسل، إن هذا الكتاب ومؤلفه يستحقان وقفة تأمل،
كم مبدعاً منسياً في قري ومدن مصر، كم مفكراً مغموراً تتناساه وسائل الإعلام، لأنه يعيش خارج القاهرة، خذ علي سبيل المثال الدكتور أحمد أبواليزيد أحد أبرز قامات علم الإنثربولوجي في مصر، الذي يعيش في الإسكندرية، لا يكتب في صحيفة مصرية ولا مجلة مصرية بينما تتهافت عليه الصحف العربية والمجلات العربية، وعجبي!!
بقلم د. خالد عزب
المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment