Monday, April 04, 2011

دماء الثورة على العشب الأخضر


لسنا مجموعة من العميان حتى نرى من ثقوب الغربال أن ما جرى فى موقعة الزمالك والأفريقى التونسى مقطوع الصلة بموقعة الجمل، وموقعة فتح بطن مصر بالهجوم على مقرات أمن الدولة وطفح وثائقها وملفاتها فى الشوارع والأزقة.. كما أنه ليس بعيدا عن موقعة فتح أبواب السجون وإطلاق البلطجية وقطاع الطرق لترويع المصريين.

أيضا هو وثيق الصلة بحرائق التعصب والانغلاق التى تنتشر فى أكثر من مكان، بدءا من فتنة أطفيح، ثم قطع أذن مواطن قبطى، وليس انتهاء بإضرام النار فى أضرحة والتهديد بإحراق أخرى، فحملات ابتذال الثورة وتشويهها ومعاقبة الذين قاموا بها، لا تزال مستمرة.

ومن المهم للغاية أخذ التوقيت فى الاعتبار، فهى تأتى بعد ساعات من المظاهرة المليونية فى ميدان التحرير والتى ربح فيها المصريون التحدى من خلال «جمعة الإنقاذ» التى استعادت وهج الثورة وزخمها بعد أن زعم البعض أن أحدا لن يلبى نداء التظاهر من أجل استكمال مطالب الثورة بعد «فتنة الاستفتاء».

وحين فاجأ المصريون الجميع بكل هذا الوعى الثورى، والإصرار على محاكمة القتلة، كبيرهم قبل صغارهم، تحركت الفلول والذيول ــ التى يتعامل البعض مع وجودها بالقطعة فيعتبرها وهما وفزاعة أحيانا، ثم يراها حقيقة ثابتة إذا مست جماعته ــ تحركت هذه الفلول لتفسد جلال مشهد التحرير، بمشهد آخر مضاد ومسىء فى استاد القاهرة.

ومن ثم فإن المطلوب الآن تحقيقات موسعة وعاجلة فيما جرى، تبدأ من السؤال التالى: من صاحب المصلحة فى صناعة هذه الفضيحة؟

وبعد ذلك تأتى أسئلة لا تقل أهمية من عينة: من الذى سهل عملية تصنيع الفضيحة وتنفيذها على الهواء مباشرة، بإخراج يكاد يتطابق مع سيناريو موقعة الجمل؟

إن كلاما كثيرا مدعوما بالصور ومقاطع الصوت يشير إلى أن اقتحام الملعب تم فى ظل عدم ممانعة أمنية تكاد تقترب من الموافقة والمباركة، بالإضافة إلى ذلك المخرج التليفزيونى فى قناة رياضية الذى طلب من مذيع المباراة فى مكالمة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، أن ينسب ما يجرى فى الملعب لشباب الثورة.

باختصار نحن أمام تهريج أمنى وإعلامى، نستطيع أن نطلق عليه «استرخاء وغفلة وتقصير وإهمال» إذا افترضنا حسن النية، ومن ثم لابد من عقاب سريع للقيادات الأمنية المسئولة عن وقوع الفضيحة، لأن من يشاهد سيناريو المهزلة سيصاب بالصدمة والدهشة حين يعلم أنها وقعت فى بلد به وزارة داخلية، وبه مسئول بدرجة مدير أمن العاصمة، ومسئول آخر بدرجة وزير يشغل منصب رئيس الجهاز القومى للرياضة كان يعتبر مصافحة مبارك للاعبين إنجازا تاريخيا، لا يقل عظمة عن الفوز بكأس العالم، وبه مدير لملعب استاد القاهرة برتبة لواء.

إن أحدا لا يصدق أن هذا حدث فى بلد كان منذ سنوات يتوهم قدرته على استضافة منافسات كأس العالم لكرة القدم
.

بقلم:وائل قنديل - الشروق

No comments: