Monday, March 14, 2011

مصر.. والقذافى


بينما تتلكأ أمريكا وحلف الأطلنطى والاتحاد الأوروبى طوال ثلاثة أسابيع فى اتخاذ موقف حاسم إزاء حرب الإبادة التى يشنها العقيد القذافى ضد شعبه، وتجد أمريكا صعوبة فى فرض منطقة حظر جوى فوق ليبيا تمنع الطاغية من استخدام الأسلحة وقاذفات القنابل والمدفعية الثقيلة التى زوده بها الغرب لضرب المدن التى سقطت فى أيدى الثوار المناوئين لحكمه، تتحرك وفود ليبية باسم العقيد بسرعة أكبر للحصول على تأييد قوى دولية وإجهاض اندفاع بعضها الآخر للوقوف فى وجهه، أو تأييد المعارضة والاعتراف بها دوليا.

فى هذا السياق، وصل إلى القاهرة موفدون من طرابلس بقيادة اللواء عبدالرحمن بن على الزاوى رئىس هيئة الإمداد والتموين بالجيش الليبى، الذى سلم طبقا لمصادر رسمية، رسالة من القذافى إلى المشير طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة، لم يعلن عن مضمونها.

ولكنها أغلب الظن تدور حول الجهود التى يبذلها القذافى لمنع صدور قرار من مجلس الأمن للتدخل ضده، مستبقا بذلك أى قرار من الجامعة العربية لتأييد هذا التدخل، ومحاولة شراء أسلحة من مصر.

والحقيقة أن مصر التى خضعت لابتزاز القذافى فى عهد الرئيس السابق، بسبب وجود مئات آلالاف من المصريين الذين يعملون فى الأراضى الليبية، لم يكن فى مصلحتها أن تخضع لتهديدات القذافى ونظامه، وهى فى المرحلة الراهنة بعد ثورة 25 يناير تحتاج إلى إعادة النظر فى سياستها تجاه ليبيا، وفى أسلوبها فى التعامل مع الأيدى العاملة المصرية التى تسد الحاجات الأساسية للحياة الاقتصادية ولكثير من المهن والوظائف التى تقوم عليها أنشطة البناء والتعمير فى ليبيا!

وترجع كثير من العوامل والأسباب التى أدت إلى نشوب الانتفاضة الليبية إلى ما لقيه نظام العقيد من مساندة وتأييد من مصر وإيطاليا والغرب من ناحية وتجاهل لما يرتكبه من فظائع من ناحية أخرى، وذلك كله فى سبيل الحصول على عقود التنقيب وإمدادات النفط، وتصريف كميات كبيرة من السلاح والذخيرة للنظام الليبى.

وقد ظهرت الآن تقارير وروايات عن محور القاهرة ــ طرابلس الذى تعاونت من خلاله أجهزة الأمن المصرية مع الأجهزة الليبية فى مطاردة المعارضين الليبيين والتخلص منهم، بعد إلقاء القبض عليهم للاستجواب.

ثم لا يظهر لهم أثر بعد ذلك. وتقدر التقارير عدد الذين ذبحوا واختفوا على يد أجهزة القذافى وأعوانه بأكثر من ألف شخص من المسجونين السياسيين فى سجن أبوسالم عام 1996.

وربما كان من أشهر الذين اختفوا بهذه الطريقة على المحور المصرى ـــ الليبى، أى بالتعاون بين الأجهزة المصرية والأجهزة الليبية الإمام الشيعى اللبنانى موسى الصدر ومنصور الكيخيا الذى كان وزيرا سابقا للخارجية الليبية، ثم انخرط فى أنشطة حقوق الإنسان، واختفى فجأة دون أن تعثر له زوجته على أثر حتى الآن.

تطالب هيئات حقوقية ودولية الآن بفتح ملفات ضحايا التعذيب فى هذه الحقبة السوداء من تاريخه، والتى تزامنت نهايتها مع نهاية صديقه وحليفه حسنى مبارك فى مصر. ولو قدر للعالم أن يطلع على أسرار ما تحتفظ به خزائن أجهزة أمن الدولة فى مصر من وثائق وأسرار، فقد تتكشف حقائق مذهلة خصوصا فى حالة مثول القذافى أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ومن هنا فإن مصر الثورة تتحمل مسئولية أدبية وسياسية فى الوقوف مع الشعب الليبى فى انتفاضته ضد طغيان القذافى، وأن تقدم للشعب الليبى يد المساعدة والعون فى مقاومته الباسلة ضد القوة الباطشة التى تمارسها قوات القذافى ضد المدنيين الأبرياء.

وأن تبادر إلى الاعتراف بالمجلس الانتقالى الليبى كما فعلت فرنسا.

إن مصر لا تستطيع وحدها ولا بمساعدة عربية أن تمنع القذافى عن إبادة شعبه، أو فرض منطقة حظر جوى تمنع قاذفاته من ضرب الأهالى وذبح الشعب الليبى. فتلك مسئولية الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا التى زدوته بالطائرات والسلاح. وبوسع أمريكا التى تتباهى بأسطولها السادس فى البحر المتوسط، أن تتصرف دون حاجة إلى انتظار قرار من مجلس الأمن. فقد وسع الناتو منطقة مراقبته فوق ليبيا. وتستطيع أن تجد وسيلة لتزويد المقاومة الليبية بالمعلومات.

والتشويش على رادارات الطائرات الليبية، والاتفاق على حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، والاعتراف بجبهة المقاومة ومجلسها الانتقالى..

بغير هذه الضغوط لن يتوقف القذافى عن عدوانه على الشعب الليبى

بقلم:سلامة أحمد سلامة - الشروق

No comments: