Monday, March 14, 2011

مَنْ يعرف الإجابة؟!


لست أدرى على أى أساس سوف يجرى الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقترحة، إذا كانت استطلاعات الرأى التى قيل إن مجلس الوزراء قد أجراها أسفرت عن عدم موافقة الأغلبية عليها بنسبة تجاوزت 50 بالمائة. وبدا بالنسبة لى وللكثيرين أن عددا لا بأس به من أساتذة القانون والسياسيين قد تحفظوا على هذه التعديلات. وسواء فى التصريحات التى أدلى بها البرادعى أو عمرو موسى، وكلاهما من أبرز الشخصيات المرشحة للانتخابات الرئاسية، ولديهما خلفية قانونية وتجربة سياسية يعتد بها، إنهما لا يستريحان بل لا يوافقان على التعديلات بصيغتها الراهنة.. وهو ما يستوجب علينا طرح سؤال: عمن يستطيع أن يهدينا إلى الإجابة الصحيحة، إذا كُنتَ كمواطن عادى لا تكاد تفتح عينيك على رأى فى هذا الموضوع إلا وواجهك سيل من التحفظات والتساؤلات؟

وإذا أردنا أن نلخص أهم الاعتراضات التى تحتاج إلى إجابات واضحة، فأولها أن الدستور الذى أجريت عليه التعديلات، دستور باطل ومعطل بحكم قرار المجلس العسكرى.. وإن الاعتراف بشرعية الثورة يلزم سقوط الدستور والنظام معا فى آن واحد. وأنه كما يرى الدكتور إبراهيم درويش يعطى سلطات واسعة جدا للرئيس. وهو ما لم تمسه التعديلات، فأصبح ثمة خطر من الأخذ بمواد الدستور القديم فى اختيار رئيس جديد تركز فى يده سلطات غير محدودة، لنجد أنفسنا فى موقف لا يختلف عما كان عليه فى عهد الرئيس السابق!
وتركز بعد ذلك اعتراضات على عدد من المواد مثل تلك الخاصة بجنسية المرشح لرئاسة الجمهورية، وأن يكون من أبوين مصريين متمتعين بالحقوق المدنية والسياسية ولا يحمل هو أو أى من والديه جنسية أخرى.. وتردد فى ذلك الصدد تعبير «نقاء الجنس» وهو تعبير نازى.. فى وقت تجاوز فيه عدد المصريين فى الخارج سبعة ملايين، يحتلون مناصب مرموقة وبعضهم متزوج من أجنبية. وكان الأولى فى هذه الحالة أن يشترط عليه التنازل عن الجنسية الأجنبية ولا يحرم من حقه فى الترشح.

وربما كان من أهم أسباب القلق التى تقوى الرغبة فى التخلص من الدستور القديم بكل ما لحقه من ترقيع وإضافات وبدع، مثل تخصيص نسبة للعمال والفلاحين، وكوتة المرأة، والخوف من عودة العناصر الفاسدة القديمة إلى مقاعد مجلس الشعب ليكون لها الكلمة فى ترجيح المرشح الذى يحصل على 30 صوتا لانتخابات الرئاسة. فضلا عن الحاجة إلى فترة زمنية كافية لتمكين قوى الثورة من تشكيل أحزابها السياسية. وهو ما يستدعى إصدار تشريعات تطلق حرية تشكيل الأحزاب دون حاجة إلى موافقة من لجنة الأحزاب التى كان الحزب الوطنى يستخدمها لعرقلة قيام أحزاب. والأهم من ذلك كله تشكيل لجنة لوضع الدستور الدائم الذى يتلافى أوجه النقص والعوار التى شابت الدستور القديم. ويتم الاستفتاء على الدستور الجديد فى زمن متقارب مع الانتخابات التشريعية.

ونظرا لضيق الوقت وما أبداه المجلس العسكرى من حرص على انتقال سلسل للسلطة إلى أيدى المدنيين بانتخابات الرئيس أولا فى غضون ستة أشهر.. فهناك من يرى حلاًّ لذلك بصدور إعلان دستورى يحتوى على أهم المبادئ الدستورية ويضع الخطوط العريضة التى تحدد اختصاصات الرئيس فى الفترة الانتقالية وواجباته. وهى فترة لن تكون سهلة فى كل الأحوال، بل يتحتم على الرئيس الانتقالى فيها اتخاذ خطوات ضرورية. ومن ثم يذهب أصحاب هذا الاقتراح إلى تشكيل مجلس رئاسى إلى جانب الرئيس المنتخب لإدارة شئون البلاد وتشكيل لجنة الدستور الدائم وللإعداد للانتخابات التشريعية.

تتقاطع هذه الأفكار والآراء معا، بينما تمضى الاستعدادات على قدم وساق لإجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى موعدها خلال أيام. وكان من الممكن فى ظروف أخرى أن تطول مدة الحوار والنقاش حولها حتى تستقر الآراء حول اجماع أو ما يشبه الاجماع. والمشكلة أن الشعب المصرى قد مر خلال خمسين عاما بمراحل صعود وهبوط. وظلت علاقته بالقانون والدستور وموازين العدالة علاقة واهية ملتبسة.. اختفت فيها معالم الدستور وشحبت وجرى التلاعب ببنوده. ومن ثم فكلما أمكن تبسيط مواد الدستور واقتربت من مفهوم البسطاء رجالا ونساء فى القرية والمصنع والشارع، كلما أصبح التعامل مع المتغيرات الاجتماعية والقانونية أمرا ميسورا.. بشرط الالتزام بجدول زمنى يستفيد من دفعة الحماس الثورية الراهنة.

فهل هناك من يملك إجابة مبسطة على هذه الأسئلة؟!

بقلم:سلامة أحمد سلامة - الشروق

No comments: