مباحث أمن الجماعات الإسلامية
تخيلوا أن هناك مجموعة من الناس لديهم شكوك فى أن شخصا ما يدير منزلا للأعمال المنافية للآداب.
هل يذهب هؤلاء إلى الشرطة والنيابة للإبلاغ عن هذا المتهم.. أم يقومون باقتحام المكان والقبض على المتهم ثم إدانته فى نفس اللحظة وقطع أذنه وإتلاف شقته وإحراق سيارته؟!.
الطبيعى فى هذه الحالة، هو إبلاغ السلطات المختصة لإجراء تحريات وتحقيقات عادلة تنتهى إما إلى تبرئة المتهم أو إدانته بالقانون.
المأساة أن السيناريو الثانى هو الذى حدث بالفعل فى مساء الاثنين الماضى، عندما قررت مجموعة قيل إنهم من «الإسلاميين» ان تقوم بدور القاضى والجلاد و«تقيم الحد» ولذلك اقتحمت شقة مدرس قبطى وحاكمته بتهمة الدعارة، ثم قطعت أذنه وأحرقت شقته وسيارته.
وقبل أيام قامت مجموعة من الجماعات الإسلامية فى بنى سويف بمطاردة مجموعة من البلطجية كانت تنشر الرعب فى بعض شوارع المحافظة، وألقت القبض عليهم، بل واحتجزتهم لفترة.
سنفترض جدلا أن المدرس يدير شقة للدعارة فعلا، فمن يملك سلطة محاكمته؟!
لا أحد غير القضاء، وإلا فالبديل كارثى.
أعرف أن بعض السلفيين وحسنى النية قد يسارعون بعد قراءة هذه السطور إلى اتهامى أيضا بالعمل على إشاعة الفاحشة والبلطجة، وأننى أعارض الأمر فقط لأن المتهمين «إسلاميون» يحاولون محاربة الرذيلة.
ولهؤلاء تحديدا أسألهم: سنفترض أن الإخوة الذين قاموا بقطع أذن هذا المدرس، قد انتهوا من تنظيف كل البلد من أمثاله، فما الذى سيمنعهم من قطع أذن زملاء لهم فى الجماعة أو الخلية وربما آذانكم أيضا بحجة أن إيمان هؤلاء ناقص، أو بأى تهمة أخرى.
لا ينبغى لأى جهة ــ أياً ما كانت باستثناء القضاء ــ أن تتولى تطبيق القانون.
قد يعجب بعضنا اليوم بجماعة دينية أو أهلية لأنها تردع بلطجيا أو فاسدا، لكن كل التجارب المماثلة تقول إن مثل هذه الجماعات وعندما تنتهى من «تأديب ومعاقبة» مخالفيها، فإنها تستدير لمحاسبة المقربين منها، حتى ينتهى الأمر بالأمير فقط جالسا فوق تل من الجماجم.
الذين نسوا، علينا أن نذكرهم بما شاع فى نهاية الثمانينيات وأوائل التسعينيات خصوصا فى بعض مدن الصعيد، عندما أقامت الجماعات الإسلامية محاكم عرفية كانت تتولى إدارة شئون يفترض أنها اختصاص أصيل للحكومة، بل إن بعض المحافظين كان يلجأ لهذه الجماعات كى تساعده فى القبض على متهم أو حل مشكلة.
أدرك أن هناك حسن نية كبيرا لدى معظم أعضاء هذه الجماعات وربما فعلوا ذلك من منطلق الإصلاح، لكن علينا أن نذكرهم ونذكر من يسمح لهم الآن بالعودة إلى هذه الأعمال أن تجربة التسعينيات أثبتت أن الأمر انتهى بسيطرة هذه الجماعات على مقاليد الأمور.
كارثة أن تتخلى الدولة لأى جهة عن وظيفتها الأساسية وهى حفظ الأمن، والأهم «احتكار العنف».
نريد الأمن والأمان، لكن على يد أجهزة رسمية يمكننا محاسبتها إذا قصرت، ومحاكمتها إذا أخطأت.. ومن الجيد بالطبع أن نقوم نحن معشر المواطنين بمساعدة الشرطة، لكننا لا يمكننا أن نقوم بدور الشرطة والقضاء ونعاقب المتهمين المحتملين بأنفسنا.
نطالب المحافظين ووزارة الداخلية والمجلس العسكرى بسرعة الاهتمام بهذا الأمر، وعدم السماح بتفاقمه، وإلا فإننا نكون قد ألغينا «جهاز مباحث أمن الدولة» ووضعنا مكانه جهاز مباحث الجماعات الإسلامية، للضرب وقطع الأذن واليد، والبقية تأتى.
الله ينجينا من الآتى.
هل يذهب هؤلاء إلى الشرطة والنيابة للإبلاغ عن هذا المتهم.. أم يقومون باقتحام المكان والقبض على المتهم ثم إدانته فى نفس اللحظة وقطع أذنه وإتلاف شقته وإحراق سيارته؟!.
الطبيعى فى هذه الحالة، هو إبلاغ السلطات المختصة لإجراء تحريات وتحقيقات عادلة تنتهى إما إلى تبرئة المتهم أو إدانته بالقانون.
المأساة أن السيناريو الثانى هو الذى حدث بالفعل فى مساء الاثنين الماضى، عندما قررت مجموعة قيل إنهم من «الإسلاميين» ان تقوم بدور القاضى والجلاد و«تقيم الحد» ولذلك اقتحمت شقة مدرس قبطى وحاكمته بتهمة الدعارة، ثم قطعت أذنه وأحرقت شقته وسيارته.
وقبل أيام قامت مجموعة من الجماعات الإسلامية فى بنى سويف بمطاردة مجموعة من البلطجية كانت تنشر الرعب فى بعض شوارع المحافظة، وألقت القبض عليهم، بل واحتجزتهم لفترة.
سنفترض جدلا أن المدرس يدير شقة للدعارة فعلا، فمن يملك سلطة محاكمته؟!
لا أحد غير القضاء، وإلا فالبديل كارثى.
أعرف أن بعض السلفيين وحسنى النية قد يسارعون بعد قراءة هذه السطور إلى اتهامى أيضا بالعمل على إشاعة الفاحشة والبلطجة، وأننى أعارض الأمر فقط لأن المتهمين «إسلاميون» يحاولون محاربة الرذيلة.
ولهؤلاء تحديدا أسألهم: سنفترض أن الإخوة الذين قاموا بقطع أذن هذا المدرس، قد انتهوا من تنظيف كل البلد من أمثاله، فما الذى سيمنعهم من قطع أذن زملاء لهم فى الجماعة أو الخلية وربما آذانكم أيضا بحجة أن إيمان هؤلاء ناقص، أو بأى تهمة أخرى.
لا ينبغى لأى جهة ــ أياً ما كانت باستثناء القضاء ــ أن تتولى تطبيق القانون.
قد يعجب بعضنا اليوم بجماعة دينية أو أهلية لأنها تردع بلطجيا أو فاسدا، لكن كل التجارب المماثلة تقول إن مثل هذه الجماعات وعندما تنتهى من «تأديب ومعاقبة» مخالفيها، فإنها تستدير لمحاسبة المقربين منها، حتى ينتهى الأمر بالأمير فقط جالسا فوق تل من الجماجم.
الذين نسوا، علينا أن نذكرهم بما شاع فى نهاية الثمانينيات وأوائل التسعينيات خصوصا فى بعض مدن الصعيد، عندما أقامت الجماعات الإسلامية محاكم عرفية كانت تتولى إدارة شئون يفترض أنها اختصاص أصيل للحكومة، بل إن بعض المحافظين كان يلجأ لهذه الجماعات كى تساعده فى القبض على متهم أو حل مشكلة.
أدرك أن هناك حسن نية كبيرا لدى معظم أعضاء هذه الجماعات وربما فعلوا ذلك من منطلق الإصلاح، لكن علينا أن نذكرهم ونذكر من يسمح لهم الآن بالعودة إلى هذه الأعمال أن تجربة التسعينيات أثبتت أن الأمر انتهى بسيطرة هذه الجماعات على مقاليد الأمور.
كارثة أن تتخلى الدولة لأى جهة عن وظيفتها الأساسية وهى حفظ الأمن، والأهم «احتكار العنف».
نريد الأمن والأمان، لكن على يد أجهزة رسمية يمكننا محاسبتها إذا قصرت، ومحاكمتها إذا أخطأت.. ومن الجيد بالطبع أن نقوم نحن معشر المواطنين بمساعدة الشرطة، لكننا لا يمكننا أن نقوم بدور الشرطة والقضاء ونعاقب المتهمين المحتملين بأنفسنا.
نطالب المحافظين ووزارة الداخلية والمجلس العسكرى بسرعة الاهتمام بهذا الأمر، وعدم السماح بتفاقمه، وإلا فإننا نكون قد ألغينا «جهاز مباحث أمن الدولة» ووضعنا مكانه جهاز مباحث الجماعات الإسلامية، للضرب وقطع الأذن واليد، والبقية تأتى.
الله ينجينا من الآتى.
بقلم:عماد الدين حسين - الشروق
No comments:
Post a Comment