Friday, March 25, 2011

حق التظاهر والاعتصام


لماذا يتظاهر ويعتصم مواطنون مصريون فى مواقع مختلفة على امتداد الجمهورية؟ هل الطريقة الأفضل للتعامل مع المظاهرات والاعتصامات هى التجريم بالحبس سنة أو غرامة 500 ألف جنيه؟ هل هناك مبالغة وغياب للفعل الرشيد من قبل المواطنين المستمرين فى التظاهر والاعتصام فى لحظة تحتاج بها مصر إلى تكاتف الجميع منعا للفوضى والإرباك العام؟

إجابتى عن السؤال الأول هى أن المواطنين يتظاهرون ويعتصمون فى أغلب الحالات للمطالبة بتغيير أو بإصلاح أوضاع يرونها مجحفة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أو السياسية. الموظفون والقطاع العمالى يتظاهرون ويعتصمون ضد أجور لا تتناسب مع مقتضيات الحياة الكريمة، ضد قيادات عمالية لم تخدم إلا نظام مبارك وفاقدة للمصداقية بين العمال، ضد فساد تراكم ولا يجدى معه الحلول الانتقائية باستبعاد ومحاسبة بعض كبار المفسدين.

وطلاب الجامعات يتظاهرون ويعتصمون ضد بعض رؤساء الجامعات وبعض العمداء الذين كانوا قبل سقوط مبارك بمثابة الأذرع للأجهزة الأمنية فى مراقبة الطلاب وحرمانهم من النشاط السياسى ومن التعبير عن الرأى بحرية.

إلا أن الموظفين والعمال والطلاب يتظاهرون ويعتصمون أيضا لأنهم يبحثون عن آليات للتفاوض مع المسئولين ويشعرون أن فعل التظاهر والاعتصام هو الوسيلة الوحيدة لكى يستمع إليهم وينظر فى مطالبهم بجدية.

إجابتى عن السؤال الثانى هى أن التجريم العام «للاعتصام والتجمهر» يشكل مقاربة سياسية خاطئة وعديمة المزايا المجتمعية.

فمن جهة للمواطن حق دستورى وقانونى فى الاعتصام والتظاهر بسلمية لا ينبغى الافتئات عليه. ومن جهة أخرى، يهدم التجريم محاولات البحث عن آليات تفاوض حقيقية بين المسئولين، حكوميين ومسئولين فى المؤسسات العامة والخاصة، وبين المواطنين أصحاب المطالب.

الأفضل هو وضع وتفعيل ضوابط قانونية للتظاهر والاعتصام تحول دون تعطيل اعتيادية العمل فى المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والجهات الرسمية المختلفة ودون الخروج عن الطابع السلمى.

مثل هذه الضوابط القانونية لها أن تكفل التظاهر والاعتصام لوقت محدود وبعد إعلان فى المؤسسة المعنية، ولها أيضا أن تعاقب من يخالف ضوابط الوقت والطابع السلمى. الأفضل أيضا أن نستثمر الجهد فى تطوير آليات علنية وديمقراطية وقانونية بين المواطنين والمسئولين، فتلك تفتح باب الحوار ويمكن أن تضبط توقعات المواطنين بشأن حصيلة التظاهر والاعتصام.

فالمؤسسات العامة والخاصة، والحكومة فى المقدمة، لا تستطيع أن تحقق التغيير والإصلاح دفعة واحدة ودون حساب للكلفة المترتبة إلا فيما يخص أجور الموظفين والعمال أو فيما يخص معاقبة الفاسدين والإطاحة بهم.

أما السؤال الثالث فإجابتى عنه هى أن التزام المواطنين بالضوابط القانونية المقترحة للتظاهر والاعتصام إن طبقت وهى كفيلة بالحيلولة دون إعاقة اعتيادية الحياة والعمل سيرشد حتما من بعض المبالغات التى نراها اليوم فى مصر. نعم نحتاج للتكاتف لمنع الفوضى والإرباك العام، إلا أن التكاتف بين المسئولين والمواطنين لن يتحقق بتجريم عام للمظاهرات والاعتصامات. بل بصناعة لآليات تفاوض بينهما والتزام من الطرفين بالضوابط القانونية دون افتئات على حق المواطن الأصيل فى التعبير عن رأيه ومطالبه علنا وجماعيا وسلميا.

بقلم:عمرو حمزاوي - الشروق

No comments: