خلقت ثورة ٢٥يناير جواً أكثر تحررا وحواراً مختلفا يسمح بتعدد الآراء، ويسمح أيضا بالنقد، فمن حق أى فرد فى المجتمع أن يفعل ذلك مستخدما الإنترنت، الذى أصبح الوسيلة الأهم بعد انطلاق الشرارة الأولى للثورة من موقع «فيس بوك»، لتسقط نظاماً استمر ثلاثين عاما، جعلت المصريين يهتمون أكثر بالموقع ليشترك به بعد الثورة مايقارب المليون شخص بمختلف الأعمار.
وكما «الفيس بوك» فإن موقع «يوتيوب» أيضا كان له نصيب من هذة الزيادة، ففى الأسبوع الأول للثورة فقط تصفحه أكثر من ثمانية ملايين مشاهد، ليصبح وسيلة أخرى للتعبير عن الرأى بسهولة وبدون تكلفة، ببساطة فيديو تحمله يعبر عن رأيك دون أن تكون متخصصا، وبالإمكانيات المتاحة لك، بعضها كان ساخرا والبعض الآخر للتعبير عن وجهة نظر أو للتوعية، والبعض أدخل نوعا جديداً من الفن.
«برنامج مالوش أى لازمة لرصد التغطية الإعلامية الأمينة والمحترمة (هاؤو) لأيام الثورة، نحن نؤمن بالديمقراطية والتعبير عن الرأي، من حقك تقول رأيك ومن حقنا إن إحنا نتريق عليك، ولأننا نؤمن بالتسامح وإعطاء فرصة أخرى لكل من أخطأ ولعب فى دماغ الشعب، فنحن بدورنا على استعداد للتسامح معكم بس بعد ما نلعب فى دماغكم إحنا كمان، ولذلك إلى كل من أخطا فى حق الشعب المصرى بتضليله والضحك عليه نهدى لكم هذا البرنامج ونتمنى أن يحوز غضبكم وعلى الله تحسوا على دمكم.»، بهذه الطريقة يعرف الدكتور باسم يوسف فكرة برنامجه على الصفحة الخاصة به «باسم يوسف شو» على فيس بوك، والذى أصبحت قناته على اليوتيوب هى الأكثر مشاهدة فى مصر خلال أسبوعين فقط.
«وأنا كمان مستغرب» يقولها ضاحكاً عندما يبدى أحداً استغرابه من عمله كجراح قلب وبرنامجه على اليوتيوب، لكنه يضيف بعدها أن الأطباء أيضا بشر ولهم هواياتهم، لذا فهى ليست فكرة غريبة جدا، فهناك أطباء تكتب وتمثل وفيه أطباء بيعملوا شو زى، ثم يكمل أن بعض زملائه اتصلوا به بعد مشاهدة البرنامج ليسألوه عن مشاركته فيه ويقولوا له «إنت عامل شغل حلو قوى».
لم يكن الدكتور باسم من أوائل الذين نزلوا فى الثورة لأنه ككثير من الناس كان خائفا، لكنه نزل بعد جمعة الغضب مباشرة وحضر موقعة الجمل، وكان من ضمن الأطباء المتطوعين فى المستشفى الميدانى هو ومجموعة من أصدقائه، والمساعدة فى إحضار بعض الأدوية والمعدات الطبية والأغطية التى كان يحتاج إليها المعتصمون فى الميدان، ومع ذلك كان يعتبر دوره ضئيلا، ويقول إنه لم يسمع عن صفحة كلنا خالد سعيد إلا بعد اندلاع الثورة.
وعن بداية فكرة «باسم يوسف شو» يقول إن الفكرة استوحاها من برامج أمريكية هدفها السخرية السياسية من الأحداث فى أمريكا وانتقادها كبرنامج «جون ستيوارت»، وأنه من قبل قيام الثورة وهو يتمنى دخول هذا الفن إلى مصر «بس ده كان صعب لأن فى مصر كان فى خط مش ممكن نعديه خصوصا سياسيا»، لكن بعد قيام الثورة اقترح صديقه طارق عزيز، وهو واحد من الشركاء فى يوتيوب الشرق الأوسط عمل ميزانية منخفضة لإنتاج البرنامج وتصويره، ويقوم هو بكتابة الإسكريبت بنفسه ويتم التصوير فى منزله، ولم يقوموا بعمل دعاية واحدة للبرنامج فقط نشره على الإنترنت وحقق مليون مشاهدة خلال أسبوعين، بالرغم من أنه مجرد هاو، وما قام به غير معروف هنا لكنه سعيد لأن الناس أحبته. ويكمل : «خلال الثورة كنت لما أتفرج على التلفزيون كنت بأستفز فكمية النفاق فى الإعلام خلال الـ١٨ يوم بتوع الثورة لم يسبق لها مثيل، وبعد الثورة لقيت إن الفيديوهات اللى نزلت عن كل شخص على اليوتيوب ممكن تعمل مسلسل لكل واحد، فبدأت أجمع الحاجات اللى شفتها وأكتب الإسكريبت، وكنت عشان أصور حلقة أربع دقائق بتفرج على فيديو حوالى عشر ساعات».
ويقول دكتور باسم إن هدفه هو التوثيق : «عشان الناس متنساش، واللى اتكلموا ميرجعوش يقولوا مقلناش وينافقوا الثورة، وتوثيق فترة الفُجر الإعلامى بتاعت أنس الفقى فى حدود الإمكانيات المتاحة لى». وفى المستقبل فى حالة عرض شركات إنتاج البرنامج وكان له فريق إعداد جيد يقول : «هنرصد اللى بيحصل فى الحياة اليومية أو الأسبوعية فى مصر، بحيث أى واحد مشهور يطلع يقول كلمة مينفعش يغيرها أو يضلل الناس بها، ويحشدهم أو يوجههم فى اتجاه معين، فياخدوا بالهم من اللى بيقولوه»، ويضيف إنه لو كان قبل الثورة أكيد كان سيسجن.
يرى دكتور باسم أن البرامج فى مصر تعرض أولا فى التليفزيون ثم تنتقل إلى الإنترنت، لكنهم قاموا بالعكس فيقول: «بقى لنا شعبية من فان بايج على النت، وإحنا ناس مش معروفة، فأى محطة تقرر تعرضه فى التليفزيون، هيكون عارف انه ناجح ومش بيغامر»، ويضيف: «إن السبب الذى يجعله يقبل انتقال البرنامج للتليفزيون هو إنتاج محترم لايقل عن أى من برامج التوك شو اليومية، ولايقل مدة عرضه عن نصف ساعة لأنه لازم يحترم عقلية الناس اللى هتتفرج»، ويضيف: «أنا مش كوميديان لكن باحاول أوصل الرسالة بتاعتى للناس بسخرية لذلك فى حلقات قادمة هتكون جادة، وده راجع للمضمون والشخص المعمول عنه الحلقة».
هانى حمدى– ٢٨سنة- يعمل مخرجاً، خلال الثورة صور أكثر من فيديو عنها، ووضعهم على قناته الخاصة على اليوتيوب، أشهرها فيديو «لو خايف على الثورة» والرد على عن التعديلات الدستورية وفيه يرد على فيديو صوره المخرج عمرو سلامة قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية يوضح فيه وجهة نظره حول رفضه لها.
يوضح «هانى» هدفه من الفيديو الأول فيقول: «لازم نعرف ائتلاف شباب الثورة بيقول إيه، عشان خاطر هما اللى بيطالبوا بمطالب الثورة، فعلى الأقل العشرة مليون اللى شاركوا فى الثورة من حقهم يفهموا المطالب ويعرفوا هما عايزينها أو لأ، وطالبت بمناقشتها فى الإعلام، ولما حسيت إن الإعلام لم يستجيب لنا، فعملت فيديو تانى واخترت واحد من المطالب غير المفهومة ، وهو تشكيل مجلس رئاسى وشرحناه عشان الناس تفهم وتحس إن فى حاجة غريبة بتحصل، وإن الناس المثقفة المفروض يطلعوا يشرحوا لنا المطالب حتى ولو بفيديو ينشر على الإنترنت».
غيّر «هانى» موقفه من الثورة بعد الخطاب العاطفى للرئيس– الخطاب الثانى- فأصبح ضدها بعد أن أعلن الرئيس السابق أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى، ويضيف أنه كان مع الثورة بالرغم أنه لم يشارك بها، فوجهة نظره أنه كان مع التغيير لكن ضد الفوضى، ففكرة أن الوطن العربى كله يقوم بعمل ثورات على حكامه يجعل الدولة الوحيدة المستقرة فى الشرق الأوسط هى إسرائيل ويرى أنها مؤامرة، ويبرر كلامه بشىء قاله الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى بداية توليه للحكم أنه سيحارب الإرهاب والديكتاتورية بالقوى الناعمة، وربط هذا بما يحدث من وجهة نظره، وهى أن الغرب يريد تغيير عملائه فى المنطقة لمرحلة جديدة قد تكون طريقهم للشرق الأوسط الجديد، ومع ذلك فإن أغلب أصدقائه كانوا مع الثورة، كصديقه فى الفيديو الأول.
ويرى «هانى» أن الفيس بوك أصبح أقوى من إعلامنا المشوه، فكمية الفيديوهات والمقالات، التى تنشر عن طغيان مبارك شحنت الشباب، الذين قاموا بنشرها فعلوا ذلك عن وعى وليس صدفة، ويضيف أنها كانت جيدة ولكن رفض فكرة الحوار والتصميم على رحيله الفورى هى الفوضى، كما أن صفحات كثيرة ليست سياسية كانت تدعم الثورة كصفحة أبوتريكة، وفيلم بلبل حيران وغيرها مما يدل على أن الموضوع مرتب، وأنا لست ضد التنظيم لكن ضد انكار ذلك وقول إنها صدفة، ويقول: «كل رؤساء الدول اللى سقطوا وعلى وشك السقوط لهم فيديوهات بتتريق عليهم معمولة بنفس التكنيك، وهو نفس التكنيك المعمول به الفيديو اللى بيتريق على وائل غنيم وحظاظاته، فمن اللى عملها وليه لها نسبة المشاهدة العالية دى؟»، ويستغرب «هانى» لماذا يأخذ الناس موضوع «حظاظة» وائل غنيم بمزاح، فعلى حد قوله «الموضوع ممكن يكون جد»، ويضرب مثلا بكرافتة رأفت الهجان التى لم يكن هناك منها فى العالم إلا اثنان، وهذا ما تقوم عليه فكرة الجاسوسية، وهو لا يتهمه بذلك ولكنه يراه شياً محتملاً.
وعن رده على فيديو عمرو سلامة بفيديو آخر يقول: «كنت شايفه فيديو مستفز جدا، وسلامه ماكنش صريح مع الناس وعمل فيديو يوحى بأنه محايد لكن فى الآخر بيوجه الناس تقول لأ، وبنى أفكاره على حاجات تدل على إنه إما مش فاهم أو بيضلل الناس، كقوله إن الدستور هيترقع، وهو عارف إن الدستور هيتغير مش هيترقع، ففى حاجة لو كان قالها كان ممكن يقنع الناس زى إن المجلس اللى جاى هيكون نصفه عمال وفلاحين، وإن المادة دى لم تعدل».
ويقول إن الفيديو الذى قام بعمله كان يقول نعم للتعديلات لأنه يسخر من آخر يقول لا، والسبب الذى جعله يستخدم هذه الطريقة أن الشعب المصرى ليتحرك من وجهة نظره لازم يشك ليقتنع، فيجعله يشك فيبحث فيقتنع «فأجيب شخصية معروفة لهم أشكك فى كلامها ولو هما اقتنعوا بتشكيكى هيقولو نعم
أروى أيمن - المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment