المُدوِن التونسي سليم عمامو.. من معتقل إلى وزير في حكومة الغنوشي
بعد أيام من إطلاق سراحه من السجن، تحول سليم عمامو من مُلاحَقٍ أمنيًّا إلى وزير للدولة مكلف بالشباب. وفيما يخشى البعض أن يكون تعيينه مجرد لمسة تجميلية، يرى آخرون أن عمامو سيدعم حرية الرأي ومناهضة الرقابة على الانترنت
من المعتقل إلى عضو داخل الحكومة التونسيةالمؤقتة، وصف يختزل مسيرة المدون التونسي سليم عمامو، الذي كان اعتقل في السادس من الشهر الحالي إبان الاحتجاجات الواسعة في تونس بتهمة الانتماء إلى مجموعة "أنونموس" التي مارست القرصنة الالكترونية ضد مواقع للحكومة التونسية قبل إطلاق سراحه في 13 من الشهر نفسه، أي بيوم من سقوط بن علي.
الشاب البالغ من العمر 33 عاما الذي وقع الاختيار عليه لشغل منصب كاتب الدولة(وزير دولة) المكلف بالشباب لدى وزير الشباب والطفولة، عُرف "بحملاته ضد جهاز الرقابة في تونس والمعروف باسم "عمار 404" وبنضاله من أجل حرية التعبير وفتح المجال الالكتروني لكل التونسيين دون رقابة أو وصاية"، وفق ما يصفه صديقه وزميله في النضال من أجل رفع الرقابة عن الانترنت في تونس المدون التونسي سفيان الشورابي في حوار مع دويتشه فيله.
"الانتصار على عمار 404"
ويعرب الشورابي، الذي لم يتجاوز عمره 28عاما، عن ثقته بأن تواجد المدون سليم عمامو داخل الحكومة التونسية المؤقتة من شأنه أن يشكل "صمام الأمان أمام أي محاولة للالتفاف على مطالب التونسيين في الدخول إلى شبكة الانترنت دون أي رقابة". ويؤكد قائلا: " تواجده سوف يساهم في إدراك مسيري البلاد أن عهد ممارسة الرقابة على عقول التونسيين قد ولى ومضى مع انتهاء عهد الخوف". ويشدد سفيان الشورابي على أن سليم عمامو "سوف يلعب دورا كبيرا في إعادة إحياء دور المؤسسات الشبابية في تونس التي تعد مهترئة ولا تلعب أي دور كبير في الاتصال بالشباب".
وقد ذاع صيت المدون سليم عمامو خلال تغطيته للاحتجاجات الواسعة من خلال مدونة "نواة تونس"، التي يعتبر أحد مؤسسيها، وذلك في ظل الحظر الذي كان مفروضا على الإعلام الرسمي والخاص. وكانت هذه المدونة، التي قيل أنها قد تعرضت عديد المرات لمحاولات قرصنة وحجب من قبل "عمار 404"تنشر تقارير صحفية عن الاحتجاجات في شتى أنحاء البلاد ومقاطع فيديو للأحداث، كاسرة بذلك الحظر الذي حاول نظام بن علي فرضه على شتى وسائل الإعلام.
كما شكلت مدونة "نواة تونس" المنصة للتونسيين للتعليق على الأحداث والتعبير عن غضبهم من بن علي ومطالبهم له بالرحيل.وكان عمامو قد دعا في 22من أيار/مايو الماضي إلى تنظيم مظاهرة أمام مقر وزارة تكنولوجيا الاتصالات في تونس للاحتجاج على الرقابة الشديدة التي كانت السلطات التونسية تمارسها على الانترنت. وقامت الشرطة التونسية إبانها بالحيلولة دون تنظيم هذه المظاهرة.
"إيصال صوت شعب الانترنت"
سليم عمامو نفسه، عُرف بصورة شاب يدخن الغليون ويضع نظارات ذات إطار أسود، تناقلتها المدونات التونسية والصفحات المختلفة على موقع فيسبوك، حين تعرض للاعتقال، قال في حديث لقناة تي.أف.1التلفزية الفرنسية أنه لم يكن يسعى للحصول على أي منصب سياسي وإنما قد "فوجئ حينما وقع عليه الاختيار قبل نحو نصف ساعة من الإعلان عن تشكيلة الحكومة المؤقتة".
وشدد عمامو على أن تغطيته للاحتجاجات الواسعة التي أدت إلى الإطاحة ببن علي ونشاطه المناهض للنظام البائد على شبكة الانترنت لم يكن نابعا من أي انتماء سياسي، مؤكدا أنه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي وأنه لم ينشط أبدا سياسيا، وأن هدفه كان إيصال صوت "شعب الانترنت".
وعلى الرغم من أن المدونات والمواقع الالكترونية الاجتماعية على غرار "فيسبوك" وبدرجة أقل "تويتر" قد لعبت دورا مهما في نشر الأخبار والصور في كسر التعتيم الإعلامي الذي فرضه النظام المطاح به، على الاحتجاجات الواسعة وتونس، بل واستخدم وسائل الإعلام في تشويهها، إلا أن عمامو يؤكد أن الشباب التونسي هو "من صنع الثورة". ويوضح عمامو بأن التونسيين "هم الذين خرجوا إلى الشوارع وتظاهروا" ضد نظام بن علي وضد الفساد وضد القمع.
مطالب بعدم مشاركة عمامو في الحكومة المؤقتة.
ولكن كثيرة هي الأصوات المنادية بعدم مشاركة سليم عمامو في الحكومة المؤقتة، التي تعتبر" غير شرعية" في نظر قطاع من التونسيين الذين شاركوا في الاحتجاجات وما يزالون يقومون بها، ويعللون رأيهم بأنها تضم وزراء من عهد الرئيس المخلوع، كما يطالبون أيضا على المدونات وفي موقع "فيسبوك" بعدم الانضمام إلى حكومة – حتى وإن هي مؤقتة –خشية أن "تلتف على ثورتهم".
وقد كتب أحدهم تعليقا في مدونة "نواة تونس" يقول من خلالها أنه قد سئم "رؤية هؤلاء البورجوازيين" في إشارة منه إلى عمامو، معتبرا أن "هؤلاء دائما من المحظوظين"، قبل ثورة الياسمين وبعدها.
وبالفعل فإن عمامو صاحب شركة مختصة في الاستشارات في مجال الانترنت لم يكن من أولئك الذين الشبان يعانون البطالة، والآن إذا به يُعيّن كاتبا للدولة مكلفا بالشباب، وربما هذا ما يزيد من مخاوف البعض من أن تعيين عمامو إنما هو "مجرد إجراء تجميلي" لا غير.
غير أن سفيان الشورابي يؤكد في مقابلة مع دويتشه فيله أن سليم عمامو "ليس من أولئك الذين يمكن التلاعب بهم بهذه السهولة". ويعرب عن ثقته في دور عمامو، ويقول: "في حال حدوث أي محاولات لإخراس أصوات المدونين أو النشطاء على الانترنت، فلا أعتقد أن سليم عمامو سوف يواصل توليه هذه المسؤولية". ويتحدث سفيان، وهو بدوره صاحب مدونة "تونس أخرى ممكنة"، على لسان أبناء جيله، الذين تظاهروا في الشوارع وكسروا التعتيم عبر الانترنت، قائلا: "المدونون الآن يعلقون آمالا كبيرة على أن يحافظ سليم عمامو على هذه المكاسب التي تحققت بفضل انتفاضة التونسيين."
شمس العياري
مراجعة: منصف السليمي
No comments:
Post a Comment