فتش عن كلمة السر فى كل شىء حولك.. فى أى حادث إرهابى.. أو احتجاجات فئوية هنا أو هناك.. فكلمة السر هى مفتاح الحل.. ولكن أحياناً تكون كلمة السر هى المؤشر على ساعة الصفر.. وهى قد تكون أغنية مثلاً تنطلق من كاسيت، أو رنة موبايل.. وقد تكون أى شىء يتم الاتفاق عليه.. بحيث يتم تضليل الأجهزة الأمنية، عند وقوع الحادث.. وقد تكون.. وقد تكون.. بحسب احتراف طاقم تنفيذ المهمة!
هذه هى كلمة السر بشكل عام فى حوادث الإرهاب.. وربما تكون أغنية مثل «آه يا ليل يا قمر.. والمانجة طابت ع الشجر».. وقد تكون «يا حمام البر سقف».. وقد تكون «عدوية آهه».. كأن أصحابها يغنون أو يلعبون.. وفى الحروب أيضاً هناك كلمة سر وساعة صفر.. المهم أن مظاهرات الجوع فى تونس والمغرب بدأت عادية، ثم انفجرت بشكل رهيب.. لأن كلمة السر كانت البطالة والغلاء!
وتخيلوا كيف كانت كلمة السر مزعجة، فى المنطقة العربية إلى حد كبير.. وأولها فى مصر.. فكلمة السر واحدة هنا وهناك.. البطالة بالملايين.. والغلاء يحرق الجيوب والجباه.. ولذلك الرسالة وصلت بالبريد المستعجل.. وتحركت عواصم عربية بسرعة.. خشية أن تكون هذه المظاهرات مقدمة للساعات الأخيرة فى عروش عربية عديدة.. ولا تنسوا بالطبع درس الجنوب فى السودان!
بالطبع لم تمر مظاهرات تونس والجزائر مرور الكرام.. فقد أصدر ملك الأردن تعليمات بخفض أسعار الغذاء فى البلاد.. وتحرك الأخ معمر القذافى باتجاه إلغاء الرسوم المفروضة على الواردات الغذائية.. وفى مصر قال الوزير رشيد إن سيناريو أحداث المغرب العربى لن يتكرر فى مصر.. بحجة أن الحكومة ملتزمة بالدعم السلعى.. ونسى «رشيد» أن الفروق الطبقية رهيبة، وأن الدعم لا يصل لمستحقيه!
كما نسى «رشيد» أن المصريين ماتوا من قبل فى طوابير الخبز واللحوم.. والآن يموتون فى طوابير البوتاجاز.. وهى مهزلة أن يموت الناس فى طوابير الأنابيب، كما يقول النائب زكريا عزمى.. ومهزلة أكبر أن يموت الناس من الجوع بينما الفساد قد تجاوز الحلقوم.. وكلمة السر عندنا أشد إيلاماً من تونس والجزائر.. فالغلاء قاتل والبطالة مليونية.. وكل ذلك قد يصب فى الأزمة، لو اندلعت ثورة الجوع!
لا أستطيع أن أتجاهل صيحة الدكتور زكريا عزمى، فى مجلس الشعب.. ولا أستطيع أن أقرأها، بعيداً عما يجرى فى المنطقة حولنا.. ولا أستبعد أن تكون مؤسسة الرئاسة قد تلقت تقارير مزعجة بشأن مؤشرى الغلاء والبطالة.. وتعالوا ننظر مثلاً لماذا طرح «عزمى» فكرة حل الأزمة عن طريق تشغيل الشباب العاطل؟..
المؤكد أنه يعرف كلمة السر فى الأزمة.. ويعرف أن المواجهة ستكون من هذا الباب!
الغريب أن التحركات العربية كلها واحدة تقريباً، فى مواجهة أى أزمة.. فالرئيس الجزائرى بوتفليقة يعتمد ٤٠٠ مليون دولار لامتصاص السخط الشعبى.. ويوجه المبلغ لدعم السكر والزيت.. أيضاً الرئيس زين العابدين بن على يتعهد بتوفير ٣٥٠ ألف فرصة عمل للعاطلين خلال العام الحالى.. فأين كنتم من قبل ولماذا تنتظرون رد الفعل دون أن تكون هناك مبادرة لحل مشكلات المواطنين؟!
السبب أن هذه الأنظمة قد تكلست وتجمدت.. والسبب أن طول البقاء لا يدعو إلى الابتكار، وإنما يدعو إلى التكاسل والسلبية والروتين.. مما جعل مراقبين يؤكدون أن الأنظمة العربية تعيش أيامها الأخيرة.. كما أنها لا تستطيع أن تدير شؤون الحكم، عن طريق الأجهزة الأمنية وحدها.. فالحكومات العربية بين أمرين: إما أن تفك لغز كلمة السر.. أو تنتظر ساعة الصفر
بقلم محمد أمين - المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment