انتحار بوعزيزى على الطريقة المصرية
نخطئ كثيرا إذا تصورنا أن ما يجرى فى تونس أمر لا يهمنا، أو لا تأثير له علينا، ذلك أن انفجار الأوضاع فى تونس على وجه التحديد أمر جدير بالانتباه والتدبر والاعتبار.
تونس تحديدا كان تبدو للمواطن العربى مجرد بقعة ساحرة خضراء ومكان عبقرى للسياحة، وعلى ذلك فهى آمنة ونائمة على وسائد ناعمة من الاستقرار الاجتماعى، ولا تشى بأن ثمة اضطرابات قد تحدث.
غير أن نيران الاحتجاجات اندلعت فجأة من شرارة صغيرة اسمها الشاب محمد البوعزيزى الذى أقدم على الانتحار بإشعال النار فى نفسه حين سدوا فى وجهه كل أبواب العمل والرزق والحياة المحترمة.
البوعزيزى كان مجرد بائع خضار متجول، لكن وقائع انتحاره لا تختلف كثيرا عن قتيل غياب العدالة الاجتماعية فى مصر قبل سنوات الشاب عبدالحميد شتا.. ذلك الشاب النابه النابغة الذى جاء ترتيبه الأول على دفعته فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ما أنعش بداخله حلم العمل بالسلك الدبلوماسى.
لكن نظاما كاملا يعادى الأحلام ويكره الطموح المشروع ويمقت التفوق والنبوغ قتل عبدالحميد شتا مع سبق الإصرار والترصد، حين صفعوه فى وزارة الخارجية وداسوا على كرامته وأحلامه عندما رفضوه لأنه غير لائق اجتماعيا، مجرد شاب مكافح فقير ابن فلاح يمتلك بضعة قراريط من الأرض يعيش منها وعليها.
ويتذكر الجميع وقائع مشهد الانتحار المأساوية لعبدالحميد شتا من أعلى كوبرى قصر النيل فى أبلغ وأقسى رسالة احتجاج على وضع اجتماعى شائه ارتد بمصر إلى عصور الأسياد والعبيد.
البوعزيزى وعبدالحميد شتا وجهان لعملة واحدة، والنظامان فى تونس ومصر أيضا وجهان لعملة سياسية واحدة، لكن النار اندلعت فى تونس على غير توقع.. وكأن إناء ظل يغلى فوق الموقد لأكثر من ربع قرن وجاء البوعزيزى ليرفع الغطاء فانفجر الإناء.
وأزعم أن الأوضاع فى مصر ودول عربية أخرى ربما تقود إلى المصير ذاته، خصوصا أن المقدمات التى أدت إلى نتائج تونس الكارثية متوافرة هنا وهناك وعلى نحو أوضح أحيانا.
ويبقى فى المشهد التونسى أمر أثار الانتباه كثيرا، هو ذلك اليسار الأليف الذى نجحت السلطة فى استئناسه، أعنى السيد محمد مواعدة العضو البارز فى حركة الاشتراكيين الثوريين التونسية والمعارض الأشهر على مدار عقدين من الزمان أو يزيد.. هذا الثورى النورى الكبير تحول الآن إلى صوت السلطة التونسية، ينافح عنها ضد القلة الحاقدة المندسة العميلة المأجورة التى تتحرك بأصابع غربية لإحداث قلاقل فى تونس.. هى المفردات والألفاظ ذاتها الذى تسمعها فى مصر بحق كل معارض حقيقى.. ترى كم محمد مواعدة فى مصر؟
تونس تحديدا كان تبدو للمواطن العربى مجرد بقعة ساحرة خضراء ومكان عبقرى للسياحة، وعلى ذلك فهى آمنة ونائمة على وسائد ناعمة من الاستقرار الاجتماعى، ولا تشى بأن ثمة اضطرابات قد تحدث.
غير أن نيران الاحتجاجات اندلعت فجأة من شرارة صغيرة اسمها الشاب محمد البوعزيزى الذى أقدم على الانتحار بإشعال النار فى نفسه حين سدوا فى وجهه كل أبواب العمل والرزق والحياة المحترمة.
البوعزيزى كان مجرد بائع خضار متجول، لكن وقائع انتحاره لا تختلف كثيرا عن قتيل غياب العدالة الاجتماعية فى مصر قبل سنوات الشاب عبدالحميد شتا.. ذلك الشاب النابه النابغة الذى جاء ترتيبه الأول على دفعته فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ما أنعش بداخله حلم العمل بالسلك الدبلوماسى.
لكن نظاما كاملا يعادى الأحلام ويكره الطموح المشروع ويمقت التفوق والنبوغ قتل عبدالحميد شتا مع سبق الإصرار والترصد، حين صفعوه فى وزارة الخارجية وداسوا على كرامته وأحلامه عندما رفضوه لأنه غير لائق اجتماعيا، مجرد شاب مكافح فقير ابن فلاح يمتلك بضعة قراريط من الأرض يعيش منها وعليها.
ويتذكر الجميع وقائع مشهد الانتحار المأساوية لعبدالحميد شتا من أعلى كوبرى قصر النيل فى أبلغ وأقسى رسالة احتجاج على وضع اجتماعى شائه ارتد بمصر إلى عصور الأسياد والعبيد.
البوعزيزى وعبدالحميد شتا وجهان لعملة واحدة، والنظامان فى تونس ومصر أيضا وجهان لعملة سياسية واحدة، لكن النار اندلعت فى تونس على غير توقع.. وكأن إناء ظل يغلى فوق الموقد لأكثر من ربع قرن وجاء البوعزيزى ليرفع الغطاء فانفجر الإناء.
وأزعم أن الأوضاع فى مصر ودول عربية أخرى ربما تقود إلى المصير ذاته، خصوصا أن المقدمات التى أدت إلى نتائج تونس الكارثية متوافرة هنا وهناك وعلى نحو أوضح أحيانا.
ويبقى فى المشهد التونسى أمر أثار الانتباه كثيرا، هو ذلك اليسار الأليف الذى نجحت السلطة فى استئناسه، أعنى السيد محمد مواعدة العضو البارز فى حركة الاشتراكيين الثوريين التونسية والمعارض الأشهر على مدار عقدين من الزمان أو يزيد.. هذا الثورى النورى الكبير تحول الآن إلى صوت السلطة التونسية، ينافح عنها ضد القلة الحاقدة المندسة العميلة المأجورة التى تتحرك بأصابع غربية لإحداث قلاقل فى تونس.. هى المفردات والألفاظ ذاتها الذى تسمعها فى مصر بحق كل معارض حقيقى.. ترى كم محمد مواعدة فى مصر؟
بقلم:وائل قنديل- الشروق
No comments:
Post a Comment