Wednesday, July 07, 2010

البرادعي لديرشبيجل: ترشحي للرئاسة دون ضمانات سيكون خدمة للنظام لإثبات شرعيته

أكد الدكتور محمد البرادعي -المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية- أن دوره الحقيقي في الحياة السياسية المصرية في الوقت الحالي يتمثل في زيادة الوعي السياسي لدي الشعب المصري الذي لا يستوعب العلاقة بين عمله وقدرته علي الحياة بشكل إنساني كريم وبين وجود النظام الديمقراطي، معتبراً أن كل المشكلات التي تعاني منها مصر كالنظام التعليمي السيئ والاقتصاد الضعيف تستطيع أن تجد الحل في ظل وجود نظام سياسي ديمقراطي يوفر بيئة لا يتمتع فيها الرئيس بسلطات غير محدودة ويتمتع فيها الشعب بنظام اقتصادي حر. ولفت البرادعي في حوار أجرته معه مجلة «دير شبيجل» الألمانية مؤخراً إلي أن أي تغيير يجب أن يكون من الداخل، وأن مجرد التفكير في إمكانية إحداث تغيير سياسي في مصر من الخارج، سيكون له نتائج سلبية شديدة في دولة مثل مصر. كما اعتبر الدكتور البرادعي أن ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة سيكون في الواقع خدمة للنظام الحالي ودعماً له في إثبات شرعيته، وقال : سيتم الإعلان عن حصولي علي 30 % فقط من الأصوات، وستعبر الحكومة وقتها عن أسفها لخسارتي، ولذلك فإني لن أشارك في هذه «اللعبة». وفيما يلي نص الحوار.

> دكتور البرادعي، بالتأكيد أنت لست فقط من أكثر الشخصيات المصرية شهرة، ولكنك أيضا أكثرها شعبية، وبالرغم من أنك قضيت حوالي 30 عاماً بعيدا عن مصر، فإن عدداً كبيراً من المصريين لديهم أمل في أن تصبح رئيس مصر المقبل، كيف تفسر ذلك؟

- بعد 58 عاما ًمن الحكم السلطوي وانعدام التنمية الاقتصادية، يبحث الشعب المصري عن أي مخرج، كما أنه ينظر إلي فترة غيابي الطويلة بشكل إيجابي ومتفائل، ويري أن تلك الفترة أبعدتني عن المشاركة في النظام الفاسد وسوء الإدارة المنتشر في البلاد، أما بالنسبة للمنتفعين من بقاء النظام المصري الحالي، فإنهم يعتبرونني دخيلا «أتيت إليهم بالباراشوت» ويعتبرون أنني لست علي دراية بمجريات الأمور.

> وهل ستقوم بترشيح نفسك في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

- في ظل افتقار النظام المصري للعوامل اللازمة لضمان نزاهة الانتخابات، فإنني لن أرشح نفسي للرئاسة، لأنني في هذه الحالة سأكون في الواقع أقدم خدمة للنظام الحالي وأساعده في إثبات شرعيته، حيث إنه سيتم الإعلان عن حصولي علي 30 % فقط من الأصوات، وستعبر لي الحكومة حينها عن أسفها لخسارتي، فإنني لن أشارك في هذه «اللعبة».

> إذا، ما هوهدفك؟

- إننا لن نحقق أي شيء دون ديمقراطية، وهذه حقيقة لا يدركها المواطن المصري العادي، فإنه لا يستوعب كيف يتأثر عمله ورفاهيته وحياته بالنظام الديمقراطي، وبالتالي فإن دوري هنا هو توعية الشعب وإقناعه بهذه العلاقة، فكل المشاكل الأخري التي تعاني منها مصر -كالنظام التعليمي السييء والاقتصاد الضعيف- يمكن أن تحل في حال وجود نظام ديمقراطي في البلاد يوفر بيئة لا يتمتع فيها الرئيس بسلطات غير محدودة ويتمتع فيها الشعب بنظام اقتصادي حر.

> وهل تري فرصة لتحقيق ذلك؟

-بعد حوالي 30 عاماً من الجمود السياسي في عهد مبارك، أصيب الشعب باليأس والخوف. ففي مصر يمكن أن يعاقب كل من يكون جماعة يفوق عددها 5 أفراد دون موافقة سابقة من السلطات الأمنية، كما يخشي مؤيديّ من أن يتم اعتقالهم في حال خروجهم إلي الشارع المصري. فكل من ارتدي «تي شيرت» عليه اسمي تم تهديده أواعتقاله.

> إن ما تقوله يعكس أن نظام الرئيس المصري يمثل لك مصدر إرهاب؟

- إن الحكومة الآن في حالة حيرة تجاه الموقف الذي عليها أن تتخذه تجاهي، كما أنها لا ترد علي تساؤلاتي: لماذا تم تعديل الدستور بحيث يستحيل من الناحية العملية أن يصل المرشحون المستقلون والأحزاب الأخري إلي الانتخابات الرئاسية؟ لماذا نفتقر إلي لجنة مستقلة تكون مهمتها مراقبة الانتخابات؟ وبدلا من أن تجاوبني الحكومة، فإنها تصورني كعميل للولايات المتحدة الأمريكية أو لإيران أوكعد وللإسلام. ولكن بسبب شهرتي العالمية لا تجرؤ الحكومة المصرية علي مهاجمتي علانية ومباشرة، ولذلك فإنها تقوم بتهديد الشباب المؤيدين لأفكاري.

> وهل سياسة التخويف هذه ناجحة؟

- لقد بدأ الشعب يتكلم بشكل علني عن الفترة التي ستعقب رحيل الرئيس الحالي البالغ من العمر 82 عاماً، كما أن المصريين يناقشون الآن إمكانية وصول نجل الرئيس الذي يلاقي معاملة وريث العرش لقيادة مصر. ويجب مراعاة أنه قديما كانت تلك القضايا تعامل بسرية تامة، كما كان الحال في الجمهورية الألمانية الديمقراطية.

> حتي الآن، مؤيدوك كلهم من الطبقة المتوسطة، فكيف تضمن تشكيل مؤيدين لك من خارج طبقة النخبة في القاهرة والإسكندرية؟

- إن هذا سؤال في محله، فبما أنه لا يتسني لنا الإعلان عن أفكارنا، وبما أنه لا يمكننا تنظيم اجتماعات لنشر أفكارنا، فإننا نتجه إلي استخدام الإنترنت. ولكن 18% فقط من المصريين لديهم شبكة إنترنت كما أن 30% من المصريين يعانون الأمية وذلك بالطبع يصعب من مهمة الوصول إلي طبقة عريضة من المجتمع. وفي الموقعين الإلكترونيين المؤيدين لأفكاري قام 40 ألف شخص بتسجيل أنفسهم كمساندين لي. ولكن يبقي السؤال: كيف نصل إلي من يجهلون الديمقراطية والذين لم يكن لديهم فرصة التعرف علي رئيس آخر سوي «مبارك».

> وهل يمكن أن تساعدك باقي دول العالم فيما تسعي إليه؟

- إن أي تغيير يجب أن ينبع من الداخل. وأن مجرد التفكير في إمكانية إحداث تغيرات في البلاد من الخارج، يتأتي في بلد مثل مصر بنتائج سلبية. ولكن، بالطبع يكون علي كل إنسان في أي مكان في العالم وفي أي وقت، أن يتكلم عن انتهاكات حقوق الإنسان، سواء في كمبوديا، السودان أومصر.

> إن الولايات المتحدة الأمريكية تمنح بلادك ما يفوق المليار دولار سنويا كمساعدات حربية، كما أن الاتحاد الأوروبي يمنح مئات الملايين لمصر للمساهمة في تنمية البلاد. هل أنت سعيد بمساندة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للنظام المصري بكل هذه الأموال؟

- إن هذه السياسة قصيرة المدي، حيث إن مساندة نظام سلطوي لن يؤدي أبدأ إلي الاستقرار، بل سيزيد من التعصب لدي المواطنين. فإن مواطني العالم العربي لديهم انطباع دام لفترة طويلة بأنهم يعانون من ضغط النظم الحاكمة عليهم ومن المعاملة الظالمة من قبل العالم لهم. والمسلمون يموتون في فلسطين والصومال وأفغانستان والعراق. وبالرغم من ذلك تبقي أول اهتمامات الغرب ضمان تدفق البترول، ومن السهل أن يؤدي ذلك إلي قيام مؤامرة ضد العالم العربي، وهذا ما يقوم به الشعبويون.

> هل يجب إذا أن يربط الغرب مساعداته لمصر بشروط معينة؟

-إن مصر ليست هي محور القضية هنا، بل إن الحديث يدور حول سياسة معينة. فإن التساؤل هو: هل نحن مستعدون لمساندة نظم سلطوية؟ سواء في زيمبابوي أومصر؟

> في حالة زيمبابوي تم حسم الموضوع واتخاذ القرار.

-نعم ولكن بالنسبة لكثير من النظم الأخري يبقي الوضع السائد هو«الاهتمام بالأرباح الاقتصادية كالمعتاد». فإن الغرب يعير بمكيالين، وهنا تكمن المشكلة، فكم مرة قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بانتقاد التلاعب الإيراني بالانتخابات؟ وذلك بالرغم من وجود انتخابات في إيران. ولكن، من يتكلم عن غياب الانتخابات في الوطن العربي؟ إن من يبغي الحفاظ علي مصداقيته عليه أن يدافع عن حقوق الانسان وأن يتكلم عنها مع الجميع، مع الحليف والعدوعلي حد سواء.

> بالنسبة لمواطني العالم العربي، فإن الغرب غير موثوق فيه، أما بالنسبة للغرب، فإن العالم العربي يظهر بصورة العالم المتخلف الذي لا يستطيع مواكبة التقدم والذي يبحث دائما عن «كبش الفداء» لتحميله مسئولية تخلفه؟

-إن التخلف في العالم العربي مرتبط بشكل وثيق بالنظم السلطوية التي تحكم هذه البلدان، فإن التقدم والتحضر يعني أيضا كفالة حرية التعبير والتجمع- أمور ممنوعة في بلادنا. وإذا أضفنا إلي هذه المشاكل ما كبلت به منطقتنا من استعمار وحروب، يتضح لنا لماذا لا يتفاعل العرب مع النظم السياسية التي تحيا في ظله.

> لماذا يلجأ الكثيرون إلي الدين للبحث عن الهداية؟

- لأن الأيديولوجيات الأخري أثبتت فشلها. الاشتراكية والقومية-لقد تم تجربة هذه الأيديولوجيات في مصر، ولذلك فإن العديد من المصريين يفضلون العودة إلي «الأصول» إلي «الإسلام»، إلي الفترة، حيث كانت حضارتنا تنعم بالمجد. والآن، فلقد تحول الدين الي طقوس، فأثناء نشأتي كان الإسلام مرتبطاً بالمسئولية والتسامح وقبول الآخر. المحجبات كن تتواجدن بجانب اللاتي يرتدين لباس البحر علي الشاطئ دون أن يسبب ذلك ضيقا لأحد. أما الآن فإن التركيز كله يدور حول ما نرتديه وما نأكله. فإن التيار المحافظ قد تغلب في نشر أفكاره بدلا من سمو الإسلام.

> ولكن هذه الآراء ليست في صالح مرشح للرئاسة الذي قضي 30 عاماً من حياته خارج البلاد في ظل الحضارة الغربية؟

- إذا أرادني الشعب وإذا توافرت الشروط الأساسية للانتخابات السليمة النزيهة، فإنني أرحب بهذا الاختيار، أما إذا اختاروا غيري، فإنني لا أجد أدني مشكلة في هذا، إنني فقط أريد أن أساعد علي إحداث تغيير في البلاد

ترجمة-ميري رمسيس- الدستور

No comments: