Wednesday, July 07, 2010

مصر.. ورائحة غير معطرة

أعود مضطراً.. والمضطر يركب الأخطار.. أن أتجاسر وأتوجه إليكم بهذا الكتاب وبالخطاب، لكن العذر وهو يعادل الذنب أن هناك من الأزمات والمخاطر والمهازل مما تعبره الأمة لن يقدر أحد علي الإجبار علي اجتثاث هذه السوءات سوي فخامتكم، إذات إن أدوات السلطة أحياناً لا تري ولا تسمع ولا تقدم علي أجل الأمور إلا بأمر أو حتي بتوجيه يلزمهم بالطاعة والامتثال، لأن ترك الأمور تجري في أعنتها قد يجلب أخطر النتائج وأشدها قبحاً ذلك بأن ما طالعتنا به الصحف أن:

1ـ وزارة الخارجية الأمريكية تصف مصر بأنها مركز لتهريب الأطفال والنساء، وأن مصر مصدر ومركز للاتجار بالنساء والأطفال، ويتم دفع النساء للعمل بالبغاء ودفع الأطفال للعمل القسري، وكان هذا هو خلاصة التقرير الذي صدر أمس عن وزارة الخارجية الأمريكية عن ظاهرة الاتجار بالبشر عام 2010 حول العالم.

2ـ ذكر التقرير أن بعض المصادر المصرية تقدر عدد أطفال الشوارع من الأولاد والبنات ما بين مائتي ألف مليون طفل، ويتم الدفع بهم للدعارة أو التسول أو يتم الاستعانة بهم كعمالة زراعية أو كخدم منازل.

3ـ وألقي التقرير الضوير علي ظاهرة الانتهاكات الجنسية للأطفال بمصر، خاصة ظاهرة شراء الرجال الخليجيين «زوجة صيف مؤقتة» من بنات مصريات.

4ـ وذكر التقرير أن ظاهرة السياحة الجنسية مع الأطفال منتشرة في مدن القاهرة والإسكندرية والأقصر، كذلك أشار إلي أن مصر أصبحت مركزاً لتهريب نساء من دول أوروبا الشرقية إلي إسرائيل للعمل في الدعارة، وألقي التقرير الضوء علي ظروف العمال من دول جنوب آسيا غير الإنسانية «إندونيسيا والفلبين وسيريلانكا»، حيث يتم دفعهم للعمل في ظروف غير مقبولة من المناطق المؤهلة الصناعية «كويز».

5ـ واتهم التقرير الحكومة المصرية بالتقصير في مكافحة الاتجار بالبشر، ورغم أن مجلس الشعب أقر بتشريعات للحد من ظاهرة الاستغلال الجنسي وعمل الأطفال فإن هناك تقصيراً في تطبيق هذه التشريعات، وإنه ولئن كان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بادر بنفي هذا الاتهام الخطير وتذرع بأنه تدخل في الشئون الداخلية ويشكل عدواناً علي السيادة المصرية.. فلسنا نجاوز حقيقية الواقع المعاش بالقول بأن هذا النفي غير صحيح ويتنافي بل يتجافي مع ما لا يخفي عن الدبلوماسية المصرية لأن هذا الذي نشر من المعلومات العامة التي يعرفها الجميع وعلي رأسهم صاحب البيان تلوكه الألسن ويتندر به الناس، وما يرسخ الأحزان بل قل الخزي والعار في أفئدة الناس ما آل إليه الحال في هذا الشأن والمجال، بل إن السلطات الأمنية تعلم علم اليقين مواطن ومواقع هذه المذلة وذلك الهوان، وإنه يجري علي أرض ثلاثة مراكز شرطة في شمال الجيزة باسمها ورسمها وأسماء الوسطاء والسماسرة والمستشارين القانونيين للزوجة الصيفية فتيات ينتسبن إلي أسر فقيرة بائسة تفتقد أي وسيلة شرعية لكسب قوتها فتبيع فلذات أكبادها لقاء بضعة آلاف من الجنيهات في سوق الدعارة وليس الزيجات الصيفية.

وأستأذن فخامتكم في القول إنه في عام 1975 وفي العاصمة بغداد وأثناء حضور مؤتمر علمي بادر أحد الزملاء العراقيين أثناء حفل غداء بالقول بأنهم يجيئون إلي القاهرة لاصطحاب خادمات في المنازل فوقع علينا جميعاً هذا القول كصاعقة أو خنجر مسموم في القلوب واستشعر الجميع المذلة والهوان فكف الجميع عن الطعام وغادروا المكان، فما بالنا اليوم وقد قدر لنا أن نسمع ونري أن فتيات في سن الزهور لم يبلغن الحد المشروع للزواج يجري لهن اصطناع شهادات ميلاد مزورة، وأن العرض يزيد عن الطلب لعقد هذه الصفقات أو اللطمات أو الصفعات الموجعات السالبات لأدني مراتب الشرف والعزة والكرامة القومية.. مصر التي لها في عنق التاريخ سبعة آلاف عام.. مصر أم الحضارات.. قاهرة الألف مئذنة والأزهر الشريف.. مصر حاملة لواء النضال والتضحية والفداء لأمتها العربية.. مصر القائدة والزعيمة والرائدة ومركز الإشعاع العلمي بجامعاتها وعلمائها وكبار أساتذتها أضحت أرضاً للدعارة الخليجية.. للزيجات الصيفية.. للمتعة الجنسية حتي لساقطي القيد والوصف والكيف من أولئك وهؤلاء الذين جاءوا للسياحة الجنسية!! وهنا نتوجه بالسؤال للسلطات الأمنية: هل يشق عليها الوقوف ومعرفة الآباء والأمهات الذين فقدوا أدني درجات قداسة الأبوة والبنوة والنخوة ومعني الشرف أو الوسطاء والسماسرة والمستشارين القانونيين المتخصصين في تقنين هذا «الزيف» وتلطيخ جبين أمة وتوسيخ كرامة شعب والاتجار بالبشر في أحط صوره وأدني مراميه؟!

وأعود لأتوجه بالسؤال لسلطات الأماكن: أفليس هذا هو المجال الأوفي لتطبيق قانون الطوارئ علي تجار الرذيلة دون استثناء؟! وأليست هذه القضية تفوق بكثير تطبيقه علي «الجماعة المحظورة»؟! وأنه لئن كانت المقارنة مقيتة وغير مقبولة ولا تليق بفئات لها فكرها وفلسفتها ومذهبها.. وهل يشق علي إدارات مكافحة جرائم الآداب تكثيف أنشطتها لتعقب هذا التدهور والانحطاط؟! بل إنه علي وجه آخر أليس يتعين علي واضعي التشريعات استحداث تشريع يرفع هذه الأفعال الشائنة إلي «جناية لا يبرأ منها أب أو طبيب أو سماسرة الرذيلة أو أساتذة التقنين والذين يقتنون هذا الزني الذي يطلق عليه الزواج الصيفي وإدراج أسماء طالبي المتعة في قائمة الممنوعين من دخول مصر؟!

وهذا الهم وذلك الغم تسود به الجباه يضاف إليه ما أورده تقرير وزارة الخارجية المصرية بأن مصر أصبحت مركزاً لتهريب نساء من دول أوروبا الشرقية إلي إسرائيل للعمل في الدعارة.. يا للهول من سوءات هذا الاتهام بأنها ميناء تصدير للساقطات الأوروبيات إلي إسرائيل، وهنا نقف لنسأل ونتوقف لنتساءل حول هذا النشاط المخزي والذي يستعصي أن يقوم به فرد أو عدة أفراد، بل إنه نشاط العصابات التي ترتكب جرائم متعددة ومتعدية الحدود، ونحسب أن أجهزة الأمن المصرية بما لها من خبرة وقدرة وإبداع في كشف الغطاء عن هذا الداء.. كما نحسب أيضاً أن الأمن المصري يواجه قضية قومية تتصل بشرف مصر.. سمعة مصر.. اسم مصر، فإنها لن تدخر وسعاً في إماطة اللثام عن هذه العصابات وأعوانها في مصر.

يا أيها القوم.

الذين يغطون في النوم السياسي في حالة إغماء عقلي وعمي البصر والبصيرة لا يدركون ما يحيق بمصر من أخطار وما ابتليت به من انحدار أو انهيار وتفاقم لما لا تحمد عقباه... إن مصر كانت وستظل دوماً.. مصر الأبية.. مصر العزة والكرامة.. مصر الشامخة.. مصر درة جبين العالم العربي والإسلامي دورها البناء مع دول القارة الأفريقية وتحرير عدد عديد من الاستعمار الإنجليزي والفرنسي.

ولك الله يا مصر

د. إبراهيم علي صالح - الدستور

No comments: