مادامت «مؤسسات الدولة» تهرأت، وتفككت، وأصيبت بالشلل.. وعجزت عن القيام بدورها فى إدارة شؤون المجتمع، وحل مشاكل الناس.. والدليل: هذا الكم الهائل من الاستغاثات، النداءات، المناشدات لرئيس الجمهورية بالتدخل فى كل كبيرة وصغيرة.. كان يكفى لحلها تدخل من عمدة القرية أو رئيس المدينة وعلى الأكثر محافظ الإقليم..، فإن هذا يؤكد انسحاب الدولة وتركها المشاكل والقضايا لتعالجها الداخلية بحلول أمنية، أو ليتولى كل مواطن حل مشكلته بطريقته.. سواء بالرشوة أو بالبلطجة أو بالتوريث.. نعم بتوريث المشاكل للأجيال القادمة.. التى ستلعن كل من حكم أو شارك أو حتى عاش فى مصر خلال هذه الحقبة المخجلة، التى أوصلتنا إلى هذه الكارثة!!
والكارثة.. أننا جميعا متأكدون من أننا ننزلق إلى الهاوية بسرعة الصاروخ، ولا أحد يبالى.. «فالشعب» يبرر سلبيته وعجزه بحجة أنه مشغول «بلقمة العيش»..، «ورئيس الحكومة» اكتفى بالتوصيف الجديد لوظيفته وهى: مدير مساعد لمكتب الرئيس.. ينتظر التعليمات والإشارات، بلا مبادرات أو إبداعات.. و«الوزراء» فقدوا مصداقيتهم بعد أن انهمكت المجموعة التى تسمى نفسها رجال أعمال فى «تخريط» صينية البسبوسة.. وعزومة ولاد الخالة والعمة والشلة على الوليمة.. وليمة «جزر النهر»، وتقسيم الأراضى المميزة على الخرائط.. الخرائط التى رسموها بمعرفتهم فى جنح الظلام..، واسألوا مسؤولى التخطيط العمرانى عن خريطة مسار المحور الجديد من الكيلو ٣٩ أمام مدخل مدينة الشيخ زايد علي الصحراوى حتى كوبرى ١٥ مايو بروض الفرج.. وخريطة مسار الطريق الإقليمى الدائرى من الكيلو ٩٦ على الصحراوى مرورا بمنوف، الباجور، بنها، بلبيس، العاشر، إلى طريق السويس أمام مدينة بدر..، لتعرفوا من وضع يده، ومن الذى اشترى مساحات عند المخارج والمطالع والمنازل.. مساحات ستصبح «مناجم ألماظ» بعد ٣ سنوات..، والشلة هيَّه هيَّه ٣٥ واحد معروفين بالاسم.. هم أنفسهم الذين خالفوا، وبنوا على الصحراوى المنتجعات وملاعب الجولف!!
و«نواب الشعب» الذين افترضنا أنهم حامى الحمى.. كل سنة وإنت طيب.. الآن مشغولون فيما يسمى انتخابات، وبعدها فى البحث عن سبوبة جديدة بعد أن انكشفت سبوبة العلاج على نفقة الدولة!!
والسؤال: أين الدولة؟
مفهوم «الدولة» كما درسناه بـ«حقوق القاهرة» منتصف السبعينيات.. ثم هاجرنا إلى أوروبا بحثا عن نجاحات، وبعد ٢٥ سنة عدنا فلم نجد سوى حطام، وأطلال، وبواقى ما تركه اللصوص من «فتات»..، صحيح مازال العَلَم مرفوعاً حتى لو كان مقلوبا على مبنى وزارة الإفساد، و«النشيد الوطنى» أيضا محفوظ بالأدراج..، وصورة الزعيم معلقة على جدران الهيئات والوزارات..، ويظل السؤال:
أين الدولة؟
الدولة التى نراها الآن ما هى إلا جثة هامدة، متقلصة.. متيبسة.. لا تحس فيها بالأمان أو الاطمئنان بعد أن غابت العدالة الاجتماعية، واختفت المساواة، وداسوا على أحكام القضاء بالأحذية، ففقد الناس الثقة، وضاع الأمل.
وأصبح «أمل» أى شاب مصرى هو الهروب.. الخروج.. الهجرة «لينفد بجلده» من هذا الجحيم.. ولكن لحظهم التعيس لم تعد هناك دولة واحدة فى العالم «ترحب» بكل من يحمل «دى إن إيه» عربى.
وبما أنه أصبح لا مفر من البقاء والعيش فى هذا المناخ الفاسد، ووجب التعايش مع بعض هؤلاء «البلطجية» من الجالسين على «الكراسى»، ولا يحترمون القانون، ويضربون بالأحكام القضائية عرض الحائط، ويتصرفون فى مصالح وحقوق المصريين وكأنهم فى «عزبة من أنجبوهم»..، أصبح الحل الوحيد والأمل الباقى فى: عبدالمجيد محمود.
والمستشار عبدالمجيد محمود هو «محامى» الشعب ضد كل من يسلبه حقاً من حقوقه التى كفلها له الدستور والقانون، خاصة من اعتداءات، وتحرشات، وسخافات أجهزة الدولة..، والحمدلله أن الـ(٨٠ مليون مصرى ترسخت لديهم قناعة، وثقة كبيرة فى هذا الرجل. وهذا الرجل كان محظوظا طوال حياته.. لأنه نشأ وتربى فى بيت قانونى.. فوالده المستشار محمود عبدالمجيد المشهود له من أقرانه الأحياء بالاستقامة وعزة النفس والعلم الغزير..، وكان محظوظا مرة أخرى لأنه تتلمذ على يد واحد من أعلام القضاء هو المستشار «محمد عبدالعزيز الجندى» النائب العام الأسبق..، الذى يشهد لـ«عبدالمجيد محمود» بأنه ممن ينطبق عليهم المثل القائل:
«الديك الفصيح من البيضة بيصيح».. فمنذ أن كان «وكيلا للنيابة» وهو مميز، وشاطر ومرموق.. حتى أصبح «محاميا عاما» لنيابات أمن الدولة، وحقق فى كبريات القضايا..، «قضية ثورة مصر» لمحمود نورالدين، وكان خالد جمال عبدالناصر متهما فيها..، وقضية «الأمن المركزى» التى راح فيها وزير الداخلية المحترم أحمد رشدى..، وفى قضايا كبرى للفساد منها قصة «القصر العينى الفرنساوى» مع د. رفعت المحجوب. رئيس مجلس الشعب الأسبق، وقضية «الصناعة» مع الوزير محمد عبدالوهاب وغيرها وغيرها.
الخلاصة: أننا أمام نائب عام متمرس -دؤوب- ومستقل تماما عن السلطة التنفيذية بما فيها رئيس الجمهورية.. «والحق يقال: إن رئيس الجمهورية لا يتدخل أبداً فى أحكام القضاء أو سلطات النائب العام»..، والسؤال الآن: إذا كان الـ٨٠ مليون مصرى لديهم مشاكل مع أجهزة الدولة وبين بعضهم.. والكل سيذهب للنائب العام.. فكيف سيتمكن هو ومساعده المهذب جدا المستشار على السعيد، والمجموعة المحدودة من رؤساء ووكلاء النيابة الذين يعملون معهم ١٨ ساعة فى اليوم، أن ينجزوا كل هذا العدد الهائل من البلاغات والشكاوى التى عجزت كل مؤسسات الدولة عن حلها بل تزيدها تعقيداً؟.. وهل هناك حل آخر فى ظل هذه المنظومة الخربة؟؟
عموما: لهم منا جميعا كل التحية والتقدير والاحترام، وربنا معاهم.
د. محمود عمارة - Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment