القاهرة (رويترز) - تمثل حالة عدم التيقن بشأن من سيقود مصر بعد الرئيس حسني مبارك (82 عاما) الذي يتولى السلطة منذ نحو ثلاثة عقود الخطر الداهم الذي يتعين متابعته خلال العام المقبل مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2011 .
يضاف الى ذلك بعض المخاوف المستمرة بشأن الحكم الرشيد والاضطراب الاجتماعي والتشدد الاسلامي.
فيما يلي بعض المخاطر السياسية الرئيسية التي تواجه مصر:
انتقال السلطة
ليس لمبارك خليفة معين ولم يفصح عما اذا كان سيسعى لخوض الانتخابات لفترة جديدة في 2011. واذا لم يفعل فإن أكثر وجهات النظر شيوعا هو انه سيسلم السلطة لابنه جمال (46 عاما) وهو سياسي في الحزب الوطني الحاكم.
وقد يسعد هذا مجتمع الاعمال اذ أن حلفاء جمال في الحكومة يقفون وراء اجراءات تحرير الاقتصاد التي ساهمت في تحقيق نمو سريع خلال السنوات الخمس الماضية. لكن نجل الرئيس ليست لديه خلفية عسكرية وهو ما يمكن أن يمثل عقبة في بلد يحكمه ضباط كبار سابقون في الجيش منذ عام 1952 .
شهدت مصر أول انتخابات رئاسية تعددية في 2005 لكن القواعد تجعل من المستحيل تقريبا على أي شخص أن يخوض محاولة حقيقية للترشح دون مساندة من الحزب الحاكم. وبالتالي لا يزال من المرجح أن تتم عملية اختيار أي رئيس جديد خلف الابواب المغلقة وليس عبر صناديق الاقتراع.
وفي الماضي كانت الصلاحيات الرئاسية تنتقل دون أي فترة فراغ في السلطة. وكان هناك نائب للرئيس عام 1970 حينما توفي جمال عبد الناصر وعام 1981 حين اغتيل أنور السادات. لكن مبارك لم يختر نائبا مما يشيع حالة من عدم اليقين عن كيفية انتقال السلطة. ولا يتوقع معظم المحللين حدوث اضطرابات اجتماعية لكن الشكوك لا تزال باقية.
فقد انضم نحو ربع مليون شخص لصفحة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي لتأييد محاولة لمحمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية للترشح لانتخابات الرئاسة رغم غير أن محللين يقولون ان تحويل هذا الى حركة تخرج الى الشوارع يحتاج الى قاعدة أكبر من المواطنين.
أما جماعة الاخوان المسلمين وهي جماعة معارضة محظورة لكنها الوحيدة القادرة على حشد الالاف من الانصار المنظمين فانها تتحاشى الدخول في مواجهة مفتوحة مع الحكومة. لكن ربما تتحول الى قوة فعالة ان هي غيرت أسلوبها.
وتضع مؤسسات التصنيف الائتماني الكبرى مصر في درجة أدنى مباشرة من درجة التوصية بالاستثمار فيها. ويقول محللون ان مخاطر الخلافة لا تشكل ضغوطا قوية لكن حالة عدم اليقين تمثل قيدا على التصنيف الائتماني لمصر.
ما يتعين مراقبته:
-- تدفق رأس المال. ظهور أي مؤشر على تراجع الاحتياطي النقدي بعد أن ارتفع الى أكثر من 35 مليار دولار سيكون دليلا على أن البنك المركزي المصري كان يدافع عن الجنيه المصري في مواجهة بائعيه في الداخل أو الخارج.
-- السندات الاجنبية. تضمن الديون الخارجية المحدودة الاقبال على أحدث طرح للسندات الاجنبية. وظل عائد السندات مستقرا في مارس اذار رغم شائعات عن صحة مبارك. لكن تزايد المخاوف بسبب مسألة الخلافة ربما تزيد من العائد.
-- التأمين والاسهم. ربما ترتفع تكلفة التأمين ضد عجز مصر عن سداد ديونها في ظل مخاوف متعلقة بصحة مبارك لكن من المرجح أن تكون وتيرة ارتفاع هذه التكلفة أقل من وتيرة الهبوط السريع الذي ربما تشهده البورصة. وشهدت الاسهم المصرية انتعاشا بالفعل عندما بدأت مبادلات الالتزام مقابل ضمان في الارتفاع بسبب تكهنات متعلقة بمبارك بعد الجراحة التي أجريت له في مارس.
-- تحركات في الشوارع. مراقبة ما اذ كان أنصار البرادعي في المواقع الالكترونية يمكنهم الاحتشاد على الارض أو ما اذا كان الاخوان سيغيرون أسلوبهم. سيشير هذا الى ما اذا كانت حركة شعبية يمكن أن تحول احتجاجات لا يشارك فيها حتى الان سوى مئات قليلة الى مسيرات بالالاف مما سيعرقل انتقال السلطة لجمال أو لشخصية أخرى من داخل المؤسسة الحاكمة.
-- تغير موقف البرادعي. سيكون من الاسهل على البرادعي خوض الانتخابات على البطاقة الانتخابية لاحد أحزاب المعارضة القائمة. وقد رفض ذلك لكن لا يزال أمامه حتى منتصف 2010 تقريبا كي يبدل موقفه. وسيفتح هذا باب المنافسة.
سلامة الاستثمارات والفساد:
زاد تدفق رأس المال خلال السنوات الخمس الماضية التي شهدت خطوات لتحرير الاقتصاد حظيت بالاشادة الواسعة بالرغم من التباطؤ بسبب الازمة العالمية. يشير هذا الى أن المستثمرين الاجانب يأمنون على أموالهم. ولكن دون المزيد من اجراءات المراقبة والمساءلة السياسية قد تزداد تكلفة أنشطة الاعمال.
وصنفت مؤسسة الشفافية الدولية مصر في المركز الحادي عشر بين 19 دولة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ومنحتها المرتبة 111 من 180 دولة على مستوى العالم في مؤشر الفساد لعام 2009 حيث تصنف الدولة الحاصلة على المركز الاول بانها الاقل فسادا. وقالت المؤسسة في مايو ايار ان المحسوبية والرشوة ومحاباة الاقارب شائعة في مصر.
وتابع بعض المستثمرين عن قرب الصراع القانوني بين أوراسكوم تليكوم وفرانس تليكوم حول ملكية شركة موبينيل للهاتف المحمول. وتوصل الجانبان الى تسوية في ابريل نيسان ولكن فقط بعد أن عرقلت محكمة مصرية محاولة الشركة الفرنسية لشراء موبينيل.
وتنظر المحاكم الان نزاعا بين شركة مصرية وميتسوبيشي موتورز كورب اليابانية وقد يعطي هذا مؤشرا ايضا.
ما يتعين مراقبته:
-- قد تبدو أحكام قضائية أخرى ضد شركات أجنبية كاتجاه عام مما يؤثر سلبا على المعنويات في السوق.
التضخم والاحتجاجات:
قفز معدل التضخم في مصر الى 23.6 في المئة في أغسطس أب 2008 تحت وطأة الارتفاع في أسعار السلع الاولية على مستوى العالم. وشابت الاحتجاجات العمالية أعمال عنف قابلتها الحكومة في البداية باجراءات أمنية صارمة ثم بوعود برفع الاجور.
وانخفض معدل التضخم بالرغم من أنه لا يزال يتشبث بمستوى يزيد عن عشرة بالمئة فيما تتجنب السلطات رفع أسعار الفائدة أو تقييد الانفاق في الميزانية خشية أن يضر ذلك بالنمو.
لكن زيادة الاسعار لا تزال قضية حساسة في بلد يصارع معظم سكانه البالغ عددهم 78 مليونا لتلبية احتياجاتهم الاساسية ويعيش خمس مواطنيه على أقل من دولار في اليوم. وأصبحت الاضرابات المطالبة بتحسين الاجور أمرا عاديا على نحو متزايد بالرغم من اخفاق مساعي النشطاء لتشجيع توحيد الجهود.
ما يتعين مراقبته:
-- أسعار الغذاء العالمية. سيظهر أثر ارتفاع أسعار السلع الاولية عالميا سريعا في الاسواق الامر الذي سيزيد من حدة السخط العام.
-- تحرك عمالي منسق. ستشير اضرابات عمالية واسعة الى أن النشطاء يحشدون الجماهير بطريقة فعالة وقد تنطوي على تحد اكبر للحكومة.
التشدد الاسلامي:
قاتلت قوات الامن وسحقت حركة مسلحة شنها متشددون اسلاميون في التسعينيات استهدفوا البنوك والوزراء وكبار المسؤولين. وفي 1997 قتل الاسلاميون بالرصاص 58 سائحا في معبد بالاقصر. وسجنت شخصيات كبيرة في الجماعة الاسلامية التي قادت الحملة المسلحة لكن أطلق سراح كثيرين منهم في وقت سابق من العقد الجاري بعد أن نبذوا الايدلوجيات العنيفة.
ولا يرى المحللون مؤشرات تذكر على عودة حركة اسلامية متشددة منظمة للظهور لكنهم يقولون ان من المرجح وقوع تفجيرات من وقت لاخر مثل تلك التي هزت منتجعات سياحية في سيناء من 2004 الى 2006 . وأسفر اخر هجوم عن مقتل سائحة في القاهرة عام 2009 .
وتراجعت السياحة التي تمثل 11 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي بعد هجمات عام 1997 لكن الاثر الذي أحدثته الهجمات اللاحقة كان محدودا ويرجع هذا جزئيا الى أنه حتى نيويورك ولندن ومدريد تعرضت لهجمات.
غير أن عمليات التمشيط الامني الكثيرة التي تستهدف أي نشاط للاسلاميين تعكس مخاوف رسمية من أنهم قد يعيدون تنظيم أنفسهم في مصر مسقط رأس الكثير من المفكرين الاسلاميين البارزين وايضا أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة.
ما يتعين مراقبته:
-- حملة تفجيرات. يمكن أن تبرهن سلسلة من الهجمات وليس تفجيرا فرديا على أن المتشددين أعادوا تنظيم صفوفهم.
من ادموند بلير
No comments:
Post a Comment