لا ضرائب بدون تمثيل، لا ضرائب بدون مشاركة، هذه هي القاعدة الذهبية في الدول الديمقراطية، معناها أن المواطن لن يدفع ضرائب إلا إذا كان مشاركا في الحكم وقادرا علي وضع القوانين أو رفضها ولديه تمثيل في البرلمان يمثل صوته ورأيه ويدافع عن مصالحه وعارف الضرائب دي بتروح فين، من غير كده مش دافع، لأن نصيبي في الفلوس يساوي نصيبي في المشاركة، لو منعتم مشاركتي أمنع فلوسي، هذا بالضبط المنطق الذي يربط الحكم بالمواطن في المجتمعات الحرة الديمقراطية، أما لدينا فالضرائب في هذا العصر المبارك جباية تشبه ما كان يفعله المماليك في الماضي حين أطلقوا عليه نظام الملتزم حيث كانوا يمنحون مملوكا منهم إقطاعية المنوفية مثلا ويدفع عليها سنويا مائة ألف درهم وبعدها هو حر يجمع من الناس في المنوفية مكوسا وضرائب كما يحلو له يطلع بمائة، بمليون هو ونصيبه وهو ورزقه وربنا يبارك له !
وقد يقول قائل: ولكن الضرائب تستخدم في الصرف علي المرافق العامة والتعليم والصحة والخدمات، والإجابة: وأنا إيش عرفني، أليس من الجائز أنهم يسرقونها، أو ربما يوزعونها علي بعض، أو بغير كفاءة أو بانعدام ضمير، جائز جدا، ويجوز أيضا أن يكونوا ملائكة بجناحين (تخيل يوسف غالي ملاكا.. متركبش خالص، لأ وكمان بجناحين..) الذي يضمن الضرائب وطريقة تحصيلها وصرفها هي الديمقراطية، هي مشاركة دافعي الضرائب في القرار والحكم وهذا غير متوفر مع انتخابات مزيفة واحتكار سلطة وحكم رئاسي مطلق ورئيس بصلاحيات شبه إلهية.
الحاصل الآن علي الساحة انعكاس لهذا الخلل وعكس للمفروض واللازم، فالمواطنون يعتصمون ويضربون كل يوم بسبب الفلوس، المحامون والصيادلة مثلا لا يريدون أن يدفعوا والأطباء والمدرسون والموظفون يريدون أن تدفع لهم الحكومة !
وجوهر هذا الصدام (الذي يحسمه الرئيس مبارك دائما بحكمته التي نتمني أن تمنع هذه الحكمة بعد ذلك اشتعال الحريق لا أن تكتفي بحكمتها في إطفائه) أن المواطن لا يدخل في حساب الحكومة فمجلس الشعب صار هيئة تنفيذية تمريرية تصفيقية لأي قرار ينزل من الباب العالي، فيجد المواطن نفسه أمام طريق السلامة أو الندامة أو اللي يروح ما يرجعش، ولأنه في لحظة غضب ويأس يقرر أن يذهب في آخر طريق يمكن أن يلجأ إليه مواطن مصري، طريق اللي هو يروح ما يرجعش حيث الإضراب والاعتصام ، الإضراب في أغلب أنحاء الدنيا وسيلة لرفع مطالب لكن يتحول عندنا إلي وسيلة لرفع صوت ورفع ظلم وطلب مشاركة، الصيادلة أجبروا الدولة علي أن تسمعهم وتجلس معهم، أي مشاركة في اتخاذ قرار، المحامون يطلبون سماع صوتهم ورأيهم في قانون رفع الرسوم، عمال السكة الحديد والمترو وعشرات الآلاف من موظفي التربية والتعليم المنسيين في الكادر وسائقو المقطورات وجميع أطراف المجتمع المصري تطالب بالمشاركة والدولة تتعامل معهم باعتبارهم مواطنين إمعات المفروض يسمعوا الكلام وينفذوا أوامر البيه الوزير والست الحكومة كما تعودت وكما عودوها، والمواطن يترك الرئيس بحكومته يعمل ما بدا له وكما شاء في كل شيء لكن عند الضغط الشديد والغشيم علي مصلحة المواطن ورزقه في لحظة عميقة السواد اقتصاديا يصرخ المواطن بالاعتصام، كل هذه الإضرابات والاعتصامات لن تغير في النظام شيئا ولن تدفع مبارك لعمل أي تغيير حقيقي ولا طبعا ستجبر أحدا علي الرحيل (وهذه ذقني لو خرج بطرس غالي من أي تشكيل وزاري !!) فهي إضرابات تنتهي مطالبها بتفضلوا قبول فائق الاحترام، هي صرخات استغاثة وليست صيحات غضب، والدليل أنها تنفض بمنتهي السهولة ومع أول قعدة وبشائر أول تنازل من الدولة، لأنها حركات ذات طموح محدود ومطالب منخفضة السقف والتماسية استغاثية وليست مطالب بالمشاركة في الحكم بل دعوة لعدم المشاركة في الرزق
وقد يقول قائل: ولكن الضرائب تستخدم في الصرف علي المرافق العامة والتعليم والصحة والخدمات، والإجابة: وأنا إيش عرفني، أليس من الجائز أنهم يسرقونها، أو ربما يوزعونها علي بعض، أو بغير كفاءة أو بانعدام ضمير، جائز جدا، ويجوز أيضا أن يكونوا ملائكة بجناحين (تخيل يوسف غالي ملاكا.. متركبش خالص، لأ وكمان بجناحين..) الذي يضمن الضرائب وطريقة تحصيلها وصرفها هي الديمقراطية، هي مشاركة دافعي الضرائب في القرار والحكم وهذا غير متوفر مع انتخابات مزيفة واحتكار سلطة وحكم رئاسي مطلق ورئيس بصلاحيات شبه إلهية.
الحاصل الآن علي الساحة انعكاس لهذا الخلل وعكس للمفروض واللازم، فالمواطنون يعتصمون ويضربون كل يوم بسبب الفلوس، المحامون والصيادلة مثلا لا يريدون أن يدفعوا والأطباء والمدرسون والموظفون يريدون أن تدفع لهم الحكومة !
وجوهر هذا الصدام (الذي يحسمه الرئيس مبارك دائما بحكمته التي نتمني أن تمنع هذه الحكمة بعد ذلك اشتعال الحريق لا أن تكتفي بحكمتها في إطفائه) أن المواطن لا يدخل في حساب الحكومة فمجلس الشعب صار هيئة تنفيذية تمريرية تصفيقية لأي قرار ينزل من الباب العالي، فيجد المواطن نفسه أمام طريق السلامة أو الندامة أو اللي يروح ما يرجعش، ولأنه في لحظة غضب ويأس يقرر أن يذهب في آخر طريق يمكن أن يلجأ إليه مواطن مصري، طريق اللي هو يروح ما يرجعش حيث الإضراب والاعتصام ، الإضراب في أغلب أنحاء الدنيا وسيلة لرفع مطالب لكن يتحول عندنا إلي وسيلة لرفع صوت ورفع ظلم وطلب مشاركة، الصيادلة أجبروا الدولة علي أن تسمعهم وتجلس معهم، أي مشاركة في اتخاذ قرار، المحامون يطلبون سماع صوتهم ورأيهم في قانون رفع الرسوم، عمال السكة الحديد والمترو وعشرات الآلاف من موظفي التربية والتعليم المنسيين في الكادر وسائقو المقطورات وجميع أطراف المجتمع المصري تطالب بالمشاركة والدولة تتعامل معهم باعتبارهم مواطنين إمعات المفروض يسمعوا الكلام وينفذوا أوامر البيه الوزير والست الحكومة كما تعودت وكما عودوها، والمواطن يترك الرئيس بحكومته يعمل ما بدا له وكما شاء في كل شيء لكن عند الضغط الشديد والغشيم علي مصلحة المواطن ورزقه في لحظة عميقة السواد اقتصاديا يصرخ المواطن بالاعتصام، كل هذه الإضرابات والاعتصامات لن تغير في النظام شيئا ولن تدفع مبارك لعمل أي تغيير حقيقي ولا طبعا ستجبر أحدا علي الرحيل (وهذه ذقني لو خرج بطرس غالي من أي تشكيل وزاري !!) فهي إضرابات تنتهي مطالبها بتفضلوا قبول فائق الاحترام، هي صرخات استغاثة وليست صيحات غضب، والدليل أنها تنفض بمنتهي السهولة ومع أول قعدة وبشائر أول تنازل من الدولة، لأنها حركات ذات طموح محدود ومطالب منخفضة السقف والتماسية استغاثية وليست مطالب بالمشاركة في الحكم بل دعوة لعدم المشاركة في الرزق
-الدستور
No comments:
Post a Comment