Friday, June 25, 2010

المقال ألف .. اليوم مركز خالد سعيد

عندما دعاني الكاتب الصحفي الصديق العزيز إبراهيم عيسي، لأن أطل من سجني - يوميا - عبر هذه النافذة، بعد إغلاق صحيفة «الغد» كتبت في أول مقال لي يوم 5 ديسمبر 2007 أني لا أضمن سلامة الوصول إليكم !! لكني سأبدأ الرحلة !!

..كنت أدرك أن الكتابة اليومية من «سجن الوطن »، مخاطرة يومية، أما الكتابة اليومية من «سجن» داخل سجن الوطن، فهي عملية انتحارية .

..لم أكن أتصور أن الكتابة من السجن الكبير، أحيانا ما تصادفها عقبات وأسوار أكبر من عقبات وأسوار السجن الصغير !!

من 5 ديسمبر إلي اليوم «قرابة ألف مقال» كنت أتوقع ودائما في نهاية كل مقال أنه الأخير، الذي سينجح في الهروب لما وراء الأسوار والوصول إليكم في موعده أو حتي متأخرًا قليلاً أو كثيرًا عن موعده !!

.. كل مقال كانت تنشره «الدستور» وأنا في سجني كان يجدد الأمل في قلبي، ويؤكد أن الأفكار قادرة علي عبور الحواجز والأسوار!! وأن الأفكار ترفض أن تموت في مهدها!! لم يتوقف مقالي يومًا طوال سجني، وكنت أقول لنفسي: السجن فكرة بداخلنا، إما أن تملكك، أو تملكها!! إما أن تسجنك، أو تسجنها !!

..كنت كل يوم، أبذل جهدًا في كتابة سطوري إليكم، وأبذل في صمت أضعافه، كي تصل هذه السطور إليكم صابحة، طازجة، ساخنة بنار السجن!!

.. كان هذا الشباك «اليومي» وكأنه طاقة سحرية أبادل فيها سطوري الهاربة إليكم، بأشعة الشمس، وطعم الحرية، الذي لم أشعر به طوال ألف يوم كنت فيها معكم بين مقاعد قطار الحبيبة والشريفة جريدة« الدستور»!!

.. شعرت معكم بطعم الحرية، بعد سنوات من مصادرتها - قهرًا وعسفًا - وانتقاما، تذوقت ثانية طعم الكلام، فتغيرت حياة السجن، ومواعيدي.. احتراما للقائي اليومي بكم الذي كنت قبله أستيقظ حتي أصلي الفجر، ثم أنام، فأصبحت أستيقظ لأصلي الفجر وأبدأ بارتداء كامل ملابسي والاستعداد للقاء اليومي، بسماع جميع الإذاعات، ثم قراءة كل ما يصلني من صحف ودوريات ثم أفرغ لمهمتي المقدسة بالكتابة لكم، ثم البحث عن سبيل الوصول إليكم!!

.. الأسبوع الماضي توقف اتصالي بكم لأسباب قهرية أكبر من أسوار السجن ورقابة السجان.. توقف إثر أزمة صحية ألمت بي وأودعتني وحدة الرعاية المركزية بقصر العيني الفرنساوي لمدة يوم أعقبه أجازة طبية إجبارية عن الكتابة والانفعال .. مازالت ممتدة !!

.. نجح أطبائي فيما لم ينجح فيه سجاني، وضاق قلبي بما اتسعت له بوابات السجون الضيقة..

.. أعتذر عن غياب لم أتوقعه !! وحضور اشتقت إليه، وأضاف لشهوتي للقاء يومي اعتدت علي متعة التواصل معه.. فكل مسافر يستطيع أن يعود ويلغي رحلته لأسباب مختلفة إلا كاتب العمود اليومي، فهو محشور والحقيقة والأحداث في عربة واحدة في قطار لا يتوقف إلا بنهاية الحياة ..

.. توقفت مقالاتي عند الحلقة الرابعة من سلسلة مقالات خالد سعيد شهيد الطوارئ وأواصل اليوم الكتابة إليكم من حيث انتهينا .. لأعلن لكم أنني اليوم سأدشن في مساء السادسة بمقر حزب الغد بالإسكندرية مركزًا حقوقيًا باسم «مركز خالد سعيد» للدفاع عن الحقوق والحريات ومناهضة التعذيب !!

.. وغدًا الأربعاء في الواحدة ظهرًا يلتقي كل من سيوقع اليوم علي تأسيس «مركز خالد سعيد» أمام قبره بمنارة الإسكندرية«الباب واحد» لنقرأ له الفاتحة ونشاطر أسرته العزاء ..

.. والجمعة موعدنا لصلاة الغائب علي روح الشهيد خالد في مسجد القائد إبراهيم، حيث تشارك في هذه الفعالية الجمعية الوطنية للتغيير بجميع قياداتها، وكذلك الدكتور محمد البرادعي .

- الدستور

No comments: