أكد تقرير التنمية البشرية بمصر لعام ٢٠١٠، الذى أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، أمس، أن الشباب المصرى يمكن أن يمثلوا قوة هائلة من أجل التنمية، إذا ما توافرت الظروف لإقامة مجتمع يشعر من خلاله جميع الشباب المصريين بقيمتهم، ويوفر لهم فرصا جيدة للتعلم، وإيجاد العمل اللائق، بالإضافة إلى أن يكون لهم صوت مسموع، وأن يستطيعوا تحمل تكاليف الزواج وإقامة بيوت خاصة بهم.
وأرجع التقرير الذى أعده فريق من الكتاب المستقلين متعددى التخصصات، وعدد من المفكرين والخبراء، وترأسته الدكتورة هبة حندوسة، المؤلف الرئيسى للتقرير، عدم تحقيق الشباب المصرى حياة أفضل، إلى أسباب عدة، منها ارتفاع نسبة غير المتعلمين فى الفئة العمرية (١٨ - ٢٩ سنة) إلى ٢٧%، وعدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات السوق.
وقال التقرير الصادر بعنوان «الشباب فى مصر: بناة المستقبل»، إن حوالى ٢٠% من السكان ضمن الفئات الفقيرة التى تعانى صعوبة فى الالتحاق بالمدارس، وأن الشباب الفقير يلتحق بأى وظيفة متاحة، سواء كانت مؤقتة أو موسمية كمخرج من الفقر ولا يستطيع أن يتحمل البقاء طويلاً فى انتظار وظيفة رسمية مجزية ولها قدر من الدوام، مشيرا إلى أن ٩٠% من العاطلين يقل عمرهم عن ٣٠ عامًا.
وخصص التقرير لظاهرة الفقر فى مصر مبحثا كاملا، ذكر فيه ما وصفه بـ«توارث الفقر» فى الفئات الفقيرة، وقال إن الشباب الفقير ينشأ ويستمر فقيرا، خاصة فى المناطق الريفية، ويظل غير مؤهل لاقتناص الفرص، أو الحصول على عمل دائم.
من ناحية أخرى، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إن المصريين فى الأحياء الفقيرة يكافحون من أجل الحصول على كسرة خبز، وأضاف فى تقرير له أمس الأول أن الأطفال الذين يعيشون فى الأحياء العشوائية الفقيرة بالقاهرة يتناولون النشويات والوجبات عالية السعرات، ولكن غذاءهم يفتقر إلى البروتين.
وأكد التقرير أن الخبز وغيره من النشويات يشكل الطعام الأساسى فى المناطق الفقيرة، بينما يتعذر على سكان هذه الأحياء الحصول على الفواكه والخضروات والأطعمة الغنية بالبروتين، بسبب ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ويخلص التقرير الصادر بعنوان «الشباب فى مصر: بناة المستقبل» إلى وجود مجموعة من القيود المتشابكة تعوق انتقال الشباب إلى مرحلة الرشد، وتحقيق حياة أفضل، وتشمل:
■ طول فترة الانتظار حتى يمكنهم بدء حياة مستقلة، حيث يعيشون خلالها مع عائلاتهم، منتظرين فى طوابير البطالة، ويكونون عاجزين ماليا عن الزواج أو امتلاك مسكن مستقل.
■ التعليم: ٢٧% من الشباب فى الفئة العمرية (١٨-٢٩ سنة) لم يستكملوا التعليم الأساسى ( ١٧% تسربوا من المدرسة، و١٠% لم يلتحقوا قط بالتعليم)، فضلا عن تدنى جودة التعليم.
■ عدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل: يؤدى تكدس الطلاب، والعجز فى المعلمين المؤهلين، والمناهج التقليدية التى لا تنمى القدرة على حل المشكلات إلى تخريج شباب غير معد بشكل كاف لمتطلبات سوق العمل فى عالم تسوده المنافسة فى ظل العولمة.
■ الوضع الاقتصادى والاجتماعى: يصنف حوالى ٢٠% من السكان ضمن الفئات الفقيرة التى تعانى صعوبة فى الالتحاق بالمدارس، لاسيما الإناث فى الأسر الفقيرة اللائى ترتفع نسبة عدم التحاقهن بالتعليم على نحو كبير، خاصة فى المناطق الريفية (٨٠%) حيث تشكل الإناث ٨٢% ممن لم يلتحقوا قط بالتعليم.
■ الفقر: يوجد ارتباط قوى بين عدم وجود وظائف دائمة والفقر. فالشباب الفقير يلتحق بأى وظيفة متاحة، سواء كانت مؤقتة أو موسمية، كمخرج من الفقر، ولا يستطيع أن يتحمل البقاء طويلاً فى انتظار وظيفة رسمية، مجزية ولها قدر من الدوام، والتى هى الوسيلة الفعالة لخروج الشباب من دائرة الفقر.
■ البطالة: تعتبر بطالة الشباب هى السمة الغالبة على شكل البطالة فى مصر، وتشكل أكثر أنواع إقصاء الشباب خطورة. فحوالى ٩٠% من المتعطلين يقل عمرهم عن ٣٠ عامًا، كما يتأثر عدد أكبر بالبطالة الجزئية. وإن كانت الدلائل تشير إلى أن البطالة بدأت فى التراجع، حيث انخفضت نسبة الذكور المتعطلين بنحو الثلث، من ٣٢% عام ١٩٩٨ إلى ٢٤% عام ٢٠٠٩.
■ التشغيل: فى حين ينتهى الأمر بكل الشبان تقريبًا إلى الحصول على عمل، سواء فى القطاع المنظم أو غير المنظم، فإن أقل من خمس الشابات فقط يجدن عملاً. وقد تراجعت نسبة مشاركة الإناث فى سوق العمل. وقد تركز هذا الانخفاض بين الإناث فى الفئة العمرية من ٢٠-٢٤ سنة، وبين خريجات المدارس الثانوية الفنية والجامعة.
■ بناء الأسرة: يعد الزواج المبكر ظاهرة ريفية بالدرجة الأولى فى مصر—٧٠% من الإناث الريفيات فى الفئة العمرية (١٥-٢١ سنة) تزوجن قبل سن الثامنة عشرة، ويعيش ٩٣% من الذكور المتزوجين من نفس الفئة العمرية فى المناطق الريفية - ويعتبر تأخر الزواج ظاهرة حضرية. وهناك عاملان وراء هذه الظاهرة هما: نقص فرص العمل، وزيادة تكاليف الزواج. ويشير مسح النشء والشباب إلى أن أكثر من ثلث الشباب يستمرون فى الإقامة مع آبائهم بعد الزواج.
■ الإسكان: الزيادة المتوقعة فى تكاليف البناء من المحتمل أن تشكل تحديًا صعبًا لموازنة أى برنامج للإسكان لمحدودى الدخل فى السنوات المقبلة، نظرًا لأن معظم برامج الدعم ترتبط بمستويات دخل معينة وأسعار مستهدفة للوحدات، وتبعًا لذلك يقع على الحكومة عبء سد فجوة الدعم المقدم حاليًا للبرنامج القومى للإسكان.
واقترح التقرير تسعة مجالات للعمل يمكن أن تساعد فى تحقيق طموحات الشباب، وتعزيز مشاركتهم، وتمكينهم من خدمة وطنهم، تشمل: التغلب على فشل نظام التعليم بما يحقق التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل إلى جانب تطوير التعليم الفنى، و«كسر دائرة الفقر» عن طريق التدريب من خلال العمل ومحو الأمية والمشروعات الصغيرة المدرة للدخل، وخلق وظائف آمنة ومجزية وحقيقية فى الجهاز الإدارى للدولة فى المهن التى تعانى عجزا مثل التدريس والتمريض فى الكثير من المحافظات، وتنشيط ثقافة الابتكار والإبداع لدى الشباب بما يسمح بإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل الحالية.
وتضمنت الاقتراحات أيضاً القضاء على التمييز المرتبط بالنوع الاجتماعى ضد الإناث، وإصدار تقرير سنوى عن المؤشر القومى لرفاهة الشباب، وتعزيز مشاركة الشباب «فى ممارسة السلطة المستجيبة» من خلال إتاحة فرص للشباب فى القطاع الحكومى عن طريق «نظام الأجر مقابل الأداء» وزيادة استخدام نظام الحكومة الإلكترونية لمكافحة الفساد، ودعم وتنظيم عمليات الهجرة من خلال منهج شامل يرتكز على دراسة هيكل الموارد البشرية الحالى فى مصر، والتوقعات المستقبلية للطلب على العمالة فى أسواق العمل فى أوروبا والاقتصادات البترولية الصاعدة، بالإضافة إلى توفير الأصول الرأسمالية المادية للشباب لتمكينهم من بدء مشاريعهم الخاصة.
محمد عبدالخالق مساهل ونشوى الحوفى وعماد السيد - Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment