Sunday, June 06, 2010

النقاب من عادة الى عبادة

اكثر ما جعلني أقتنع بقوة بأن ديننا مجرد ثقافة عربية لا أكثر هو الشبه الكبير بل التطابق التام بينه _أي الدين_ وبين العادات والتقاليد العربية فكنت أقول: هل الله فصل الدين على مزاج العرب؟

فمثلا النقاب في مجتمعنا هو من العادات والتقاليد الأجتماعية الأصيلة وفي نفس الوقت هو فرض ديني. قد يقول البعض بأنه تحول الى عادة أجتماعية بعدما فرضه الدين. ولكنه كان موجودا قبل جميع الأديان السماوية في المناطق الصحراوية وهذا دليل على أنه في الأصل عادة صحراوية حيث كانت النساء ترتديه بأختيارهن وذالك لحماية بشرتهن من حرارة الشمس ثم تحول مع مرور الزمن الى عادة أجتماعية لا يمكن التخلي عنها وعرف أجتماعي قبلي تتوارثه النساء جيلا بعد جيل من دون أختيار أو أقتناع . ثم أتى الدين فجعل من هذه العادة التي هي من أختراع البشر الى فريضة دينية لحماية الرجل من الأفتتان بالمرأة وليس لحماية وجه المرأة من حرارة الشمس خاصة بعد أن تطوروا قليلا وأصبحوا يسكنون المنازل بدلا من الخيام ولكنهم أستمروا في تمسكهم بالنقاب بعد أن تعودوا على رؤية نسائهم به ولم يستسيغوا فكرة خلعه بعد زوال أسباب أرتدائه
لأن الأنسان أذا تعود على شيء سيألفه ولا يتضايق أو يتثاقل منه لأنه يصبح جزء من حياته وصفة من صفاته لذالك يصعب عليه الأستغناء عنه . ثم أن العرب عندما يتعلق الأمر بالمرأة يصبح اكثر حساسية لديهم لأنهم يعتبرون المرأة عنوان شرفهم، يعني شرف الرجل عندهم لا ينبع من ذاته بل من خلال أنسان آخر وهي المرأة رغم أن الأثنين شخصين مختلفين في الجنس وفي السلوك وفي كل شيء ولكن هذا ما يعتقدوه .

وهكذا فهم عندما فتحوا عيونهم على الدنيا وجدوا أمهاتهم وخالاتهم وكل قريباتهم ونساء القبيلة يرتدين البرقع ( النقاب ) ولم يعرفوا بالسبب الحقيقي وراء تغطية النساء لوجوهن فأعتبروا النقاب عنوان لنزاهة وأصالة المرأة ورمز من رموز القبيلة حتى لو كانوا يسكنوا بأرقى الفلل والقصور ونسوا أنه مجرد غطاء يحمي بشرتهن من حروق حرارة الشمس فبعد زوال هذا السبب الأصلي أرادوا سبب آخر اكثر قوة للحفاظ عليه فلم يجدوا أقوى من الدين لبقائه فأخترعوا أسباب الدين لفرضه وهي لحماية وصيانة المرأة من نظرات الرجل وحمايته هو أيضا من أفتتانه بها، وأنه شرف وعزة وكرامة من الله لها رغم أنها أرتدته قبل أن يعرفه الله نفسه .

مشكلة العرب أنهم أذا تعودوا على شيء يتشبثوا به ولا يريدون تركه ويعملوا المستحيل من أجل أيجاد أثبات له من الدين خاصة عندما يتعلق هذا الشيء بالمرأة أما أذا كان بخصوص الرجل فلا مانع من تغييره أذا كان ليس بصالحه حتى لو كان لوجوبه دليل واضح في الدين.
النقاب عادة بدوية وقروية شاء من شاء وأبى من أبى والدليل أن المرأة في البادية أو القرية في كل مكان في العالم وليس في البلاد العربية فقط، تقوم بتغطية شعرها ووجهها لحمايته من حرارة الشمس ومن الغبار وحتى الرجال يفعلوا نفس الشيء في هذه المناطق. فالرجال يضعوا اللثام الذين يغطي رؤوسهم ووجوههم ولكنهم عندما تزول أساب أرتدائه يخلعوه بسهوله في تلك القرى والبوادي الغير عربية نساءا ورجالا. اما العرب فالرجل يستطيع خلعه بسهولة لأن أمره بيده أما المرأة فهي تحت وصايته لذا لا تستطيع خلعه أذا أرادت لأن العرب كما ذكرت أعلاه لا يحتملون فكرة التغيير في أمور تخص المرأة.

أن اكثر ما يجعل العرب يتمسكوا ويعتزوا بعاداتهم وتقاليدهم هو أنها عادات وتقاليد ذكورية تظلم المرأة وتنصف الرجل فوق مستوى الأنصاف وبما أن الرجل العربي هو صاحب القرار والأختيار في المجتمع العربي قام بتقديس هذه العادات والتقاليد لأنها لصالحه وعلى ذوقه وبما أن المرأة مجرد تابع له لا اكثر في مجتمعه فهي ترضى بكل شيء يراه الرجل صحيح وتقدس كل مايقدسه حتى لو كانت تعي بأنه ظلم بحقها لاتكترث كثيرا وتفضل الأستسلام لهذا الظلم خاصة عندما يبررونه لها بالدين. فهي هنا مثل الشعوب العربية مع رؤسائهم.
لو أن المرأة لم تستلم لظلم الرجل وقوانينه لها لما أستسلمت الشعوب العربية لقوانين وظلم رؤسائهم لهم،
فالمرأة التي ترضى بالظلم والقهر والقمع لا يمكن أن تنجب الا أمثالها والعكس صحيح.

وهكذا أنقلب ظلم العرب للمرأة على أنفسهم، لأنهم عندما ظلموا المرأة وأجبروها على قبول الظلم وعلى الخضوع والخنوع تشرب الأبناء منها هذه الصفات وأصبحت صفاتهم كصفاتها فأرتد عليهم ظلمهم وقمعهم.
وصدقوا لو أن رئيس عربي فرض النقاب على الرجال فلن يقاوموا.

فالنقاب أذن من ضمن العادات الظالمة بحق المرأة الذي حولوه من عادة الى عبادة لكي يضمنوا بقائه وأستمراره بقوة الدين بعد أن زالت الأسباب الحقيقية لبقائه وأستمراره في المدينة.

ياسمين يحيى
yasmeen_sh90@yahoo.com
الحوار المتمدن

أى مقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه و هو رأى صواب يحتمل الخطأ و لا يقصد به التهجم على معتقدات الأخرين

No comments: