أدان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان سياسات الإقصاء التي تتبعها الحكومات المصرية والتي لا تقيم إعتباراًَ لسمات التنوع والتعددية العرقية والدينية والمذهبية في العالم العربي ظلت مدخلاًَ يكرس حالة الإحتراب الأهلي والصراعات المسلحة التي تحصد حياة الآلاف من المدنيين في العراق والسودان واليمن، وتنذر بتزايد وتائر القمع الممنهج على أساس مذهبي في البحرين والمملكة السعودية أو على أساس عرقي في سوريا
.وفي مصر ظل النوبيون هدفاًَ لمظاهر شتى من التهميش، فيما تتواصل الضغوط على الحريات الدينية بصفة عامة ومظاهر التمييز بحق الأقليات الدينية داخل مصر
وأكد المركز أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في دور إنعقاده العاشر في الفترة من 2- 27 مارس 2009 في مداخلتين على إنتقاد وضع حقوق الإنسان فى مصر وقد ركزت المداخلة الأولى على مؤشرات تدهور وضعية حقوق الأقليات في العالم العربي،
في حين ركزت المداخلة الثانية –بشكل مشترك مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية- على الضغوط التي تتعرض لها الحريات الدينية في مصر.
وأكد مركز القاهرة أن الإفلات من العقاب على الإنتهاكات المرتكبة بحق الأقليات في العالم العربي، قد فاقم من هذه الإنتهاكات، وزاد من حدة الصراعات والتوترات ذات الطابع العرقي أو الديني أو الطائفي.كما فاقم من ذلك الدور المتزايد لبعض الأطراف الإقليمية مثل إيران في توظيف هذه التوترات لتحقيق أهداف سياسية.
وأضاف المركز أن الأقليات العرقية في إقليم دارفور كانت وما تزال هدفاًَ لإنتهاكات واسعة النطاق من قبل القوات الحكومية والميليشيات التي تدعمها الحكومة، مشيراًَ إلى أن السلطات السودانية قد واصلت هذه الإنتهاكات.
وأجبرت الآلاف على النزوح من قراهم رغماًَ عن صدور مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في يوليو الماضي، والتي طالب فيها بتوقيف الرئيس السوداني بإعتباره مسئولاًَ عن العديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
ورصد مركز القاهرة تعرض الأقلية اليزيدية التي تدين بالمذهب الشيعي لإنتهاكات واسعة النطاق عبر أربع سنوات من الحرب ضد جماعة الحوثيين في إقليم صعدة شمال اليمن، وشدد على ضرورة إيفاد بعثة دولية للتحقيق في الإنتهاكات المرتكبة خلال هذه الحرب
وأضاف مركز القاهرة أن الأقليات العرقية والدينية في العراق تظل هدفاًَ لهجمات الجماعات المسلحة المنتمية للمذهب الشيعي أو السني، ورصد في هذا السياق إستهداف الأقلية اليزيدية والمسيحيين من قبل الُسنّة، وإستمرار أعمال القتل على أسس دينية أو مذهبية.
ورغم أن الشيعة يشكلون غالبية السكان في البحرين فقد رصد مركز القاهرة في مداخلته مظاهر شتى للتمييز ضدهم تقود إلى حرمانهم من تقلد الوظائف العليا أو الإلتحاق بالجيش، فضلاًَ عن التلاعب بالتركيبة السكانية من خلال إستقدام الأجانب وتجنسيهم.
وأضاف المركز إلى أن التمييز المنهجي ضد الشيعة يقترن كذلك بتزايد وتائر القمع التي شملت تعريض نشطائهم للإعتقال والتعذيب وإستخدام القوة المفرطة في إجهاض إحتفالاتهم بالمناسبات الدينية
وأكد المركز خضوع الشيعة في المملكة السعودية لمظاهر شتى من التمييز المنهجي حيث لا يعترف بشهادة المواطن الشيعي أمام المحاكم، ويسود خطاب تكفيري للشيعة تتبناه قيادات دينية رسمية وغير رسمية، فضلاًَ عن الشرطة الدينية، ممثلة في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما يستثنى الشيعة من تقلد المناصب العليا في الدولة والوظائف العسكرية والأمنية.
وفي سوريا فإن الأكراد ظلوا هدفاًَ للقمع والتمييز ضدهم الذي جرى تقنينه على مدار عقود من سحب الجنسية لنحو 300 ألف كردي، ومنعهم من التعبير عن هويتهم وحقهم في إستخدام لغتهم.
وأوضح مركز القاهرة أن الحرمان من الجنسية قد رتب بدوره حرماناًََ واسعاًَ من العديد من الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في الملكية والعمل والسفر وتسجيل عقود الزواج وشهادات الميلاد، فضلاًَ عن المشاركة في الإنتخابات
.وأكد المركز أن محاولات الأكراد السوريين لنيل حقوقهم إقترنت بقمع أنشطتهم السلمية وتقديم العديد من نشطائهم لمحاكمات تفتقر إلى معايير العدالة.
ولفتت مداخلة مركز القاهرة النظر إلى مشكلات النوبيين في مصر، مشيرة إلى أنهم قد أجبروا عبر حقبة تاريخية إمتدت منذ بدايات القرن العشرين، وحتى الستينيات من هذا القرن على ترك قراهم، وحرمانهم منذ ذلك الوقت من حقهم في العودة إليها، مثلما حرموا من الحصول على التعويض الملائم جراء الإخلاء القسري من موطنهم الأصلي، وما إقترن بذلك من صعوبات في العيش وتلقي التعليم وتدني فرص العمل. وأشار البيان إلى تزايد وتائر العنف الطائفي في مصر، مشيراًَ في هذا الصدد إلى تقاعس الدولة عن معالجة الأسباب الحقيقية لهذا النمط من العنف، فضلاًَ عن عجزها عن تحقيق العدالة لضحايا العنف الطائفي، وتكريس الإفلات من العقاب للضالعين في هذه الأعمال. ولاحظ البيان أن تقاعس الدولة في تبني مشروع قانون موحد لبناء دور العبادة، يسهم في تأجيج العنف المجتمعي ضد الأقباط،
في الوقت الذي تظل فيه القيود القانونية والضغوط على الحريات الدينية تمارس تأثيرها ليس فقط تجاه من يدينون بديانات مغايرة للإسلام بل أيضاًَ في مواجهة بعض التيارات أو المذاهب داخل الإسلام ذاته.وأشار المركز في هذا الصدد إلى توظيف قانون الطوارئ ومواد قانون العقوبات المتصلة بـ "إزدراء الأديان" في ملاحقة جماعة القرآنيين الذين يؤمنون بأن القرآن هو المصدر الوحيد للفقه الإسلامي.
وأضاف البيان أنه رغم صدور أحكام قضائية تتيح لمعتنقي البهائية الحصول على الأوراق الثبوتية من دون أن يذكر فيها الإنتماء الديني، فإن هذه الأحكام لم تجد طريقها للتنفيذ الفعلي ومن ثم يظل البهائيون نتيجة لذلك محرومين عملياًَ من العديد من حقوق المواطنة، ويكابدون صعوبات شديدة في إلحاق أبنائهم بمؤسسات التعليم أو تسجيل المواليد أو الحصول على وظائف.. الخ.
كما واجه الأشخاص الذين تحولوا من الإسلام للمسيحية أو الذين عادوا للمسيحية بعد تحولهم للإسلام مشكلات مماثلة في التحصل على أوراق ثبوتية تثبت ديانتهم الفعلية
عماد خليل
No comments:
Post a Comment