كتب رئيس التحرير الزميل جمال خاشقجي أمس مقالاً مهماً عنونه بمطالبته العلماء بتحريم العمليات الانتحارية، وإلا ستقتلنا جميعاً.
الحقيقة أن إشكالية عدم صدور فتاوى رافضة للعمليات الانتحارية هي التي جعلت طلاّب الجنة يفجرون أجسادهم من أجل قتل البسطاء أو غيرهم، بحثاً عن الجنة، والحور العين، والدرجات العالية الرفيعة.إن التردد في تحريم هذه العمليات هو الذي جعل أعدادها تزداد يوماً بعد آخر، ومساحاتها تنتقل من قتل غير المسلمين، إلى قتل المسلمين المنتمين إلى مذاهب أخرى، ثم قتل من يقع في نفس دائرة المذهب والديانة والجنسية أيضاً
!لقد كانت البداية من العمليات الانتحارية التي تجري، تجاه الجنود الإسرائيليين، باعتبارهم محتلين ومقاتلين، ثم باتجاه المواطنين الإسرائيليين في الباصات والمطاعم والأماكن العامة، حتى لو كان بينهم فلسطينيون مسلمون، فهؤلاء بزعم الانتحاريين سيبعثون على نياتهم
.لم يتساءل أحد من الانتحاريين والقتلة يوماً: من خولكم لتنهوا حياة خلقها الله، دون تفويض من الخالق، إلا تحت تبريراتكم الواهية، التي لسان حالها أنكم ناطقون باسم الله، نواب له، مدافعون عن دينه وعقيدته!
"الحشاشون الجدد" يا سادتي كما أسماهم جمال خاشقجي، أو القتلة الجهلة، المستعدون لتفجير أجسادهم أشلاء فيمن اختلفوا معه فكرياً، لم ينتشروا إلا بسبب الضعف في تحريم قاطع للعمليات الانتحارية، بل ووصفها بأنها عمليات استشهادية، يقوم صاحبها بتقديم نفسه من أجل القضية. إن الذين يفجرون أنفسهم بالآخرين، ضعفاء، وإن ضحوا بحياتهم، بشجاعة صفيقة، لأنهم عاجزون عن الدفاع عن قضاياهم بالطرق الإنسانية المتحضرة، لأن هذه الأساليب تحتاج إلى عمل طويل، وجهد جهيد، وهم قوم يبحثون عن الحلول المباغتة، ولو ذهبت بأرواحهم، فهم في الغالب يريدون أن يمسحوا تاريخاً يرونه أسود من الممارسات الشخصية، والتصرفات الفردية، ثم يبحثون عن مسح هذه السيرة بممحاة في لحظة واحدة.
لقد كانت المواقف المترددة، بتحريم الخطأ والتفجير والانتحار في أراضي العلماء، والسماح بها في أراضي غيرهم، هي التي حولت ديننا، إلى دين للقتل، والتفجير، والبحث عن الشهادة والسعي إلى الجنة بقتل الآخرين، وتفجيرهم، لتتطاير أشلاؤهم، في مشهد شوفيني، يطرب قادتهم المرضى، الذين يستمتعون بهذه المشاهد
بقلم / تركي الدخيل
جريدة "الوطن" السعودية
No comments:
Post a Comment