Thursday, August 16, 2007

مصر .. الى أين ؟

بعد قضاء ما يزيد على خمس سنوات فى الولايات المتحدة الامريكية جئت الى مصر فى اجازة لزيارة الاهل ، وأود ان اقدم صورة لما رأيت دون أى رتوش من اى نوع ، ولن استخدم الصنعة الصحفية لتحليل ووصف ما عشته ورأيته حتى تكون الصورة مجردة تماما .سوف اكتب عن أوضاع المصريين ، أما الحكومة فهذه قصة اخرى الكل يكتب فيها ليل نهار نقدا وقدحا أو تأييدا وتسبيحا .
المصريون الذين رأيتهم ... رنات موبايلاتهم جميعا عبارة عن آيات من القرآن ، فلا يمكن ان تسمع رنين الهاتف العادى أو ما يسمى بجرس التليفون ، وانما تستمع الى اية قرآنية كاشارة الى تنبيهك الى ان شخصا ما يطلبك على الهاتف !!
سائقى المواصلات العامة يشغلون شرائط كاسيت لمشايخ سعوديين يتلون القرآن بطريقة منفرة للغاية ... ولا اعرف لماذا سعوديين بالذات ؟؟؟
ذهبت الى مصيف بمرسى مطروح واذا بى اجد المكتبة التى تتصدر المصيف مكتوب عليها ... جمعية الشبان المسلمين !!
الموظفين فى المكاتب الحكومية يؤدون صلاة الظهر يستهلكون خلالها ساعة على الاقل من وقت العمل مدفوعة الاجر فى الدنيا وبالطبع مدفوعة فى الاخرة ايضا!!
خراب الذمم بلا حدود .. ساقتنى الاقدار الى الذهاب الى معهد الاورام القومى لتوقيع الكشف الطبى الدورى على والدتى ، واذا بالطبيبة تحضر الثانية عشرة ظهرا وهى فى غاية العصبية بسبب عدد الحالات المنتظرة وتوقع الكشف على عدد قليل منهم وتنصرف غاضبة ...لأنها حاجة تقرف ...على حد قولها !!
احد الغوغاء من خربى الذمة والضمير يتهمنى بالتعدى عليه بالضرب والسب فى حين اننى كنت نائما بأحد فنادق القاهرة .
أحد الرعاع يتهم زوجة زميل انها صفعت ابنه بالقلم على وجهة مما اصاب ابنه بضعف السمع ، فى حين ان ابنه مولود بهذا العيب الخلقى ، وقد وجه التهمة لزوجة الزميل للانتقام منه على خلفية خلاف مالى بينهما.
البائعون يرفعون الاسعار دون اى رقابة من اى نوع ، فهى مرتفعة لدرجة ان الطبقات الميسورة بدأت تئن وتشكو ، بل ان بعض الاسر بدأت تتفكك بسببها فما بالك بالاسر المتوسطة والفقيرة !!
الغذاء الرئيسى للمصريين الان هو العيش والذى ارتفعت اسعاره بنسبة 200 بالمائة ، أى أن سعر الجوال الخمسين كيلو بلغ مائة وخمس وعشرون جنيها ، مما يعنى ان سعر الرغيف بلغ 25 قرشا ، وقس على ذلك الادوية والدروس الخصوصية والاراضى والملابس والشقق ، حتى الفول والطعمية لم يعد فى مقدور موظف بدرجة وكيل وزارة تناولها وأسرته يوميا ، لأنها بحسبة بسيطة تكلف خمسين جنيه يوميا لو ان اسرته مكونة من خمسة افراد وتتناول ثلاث وجبات !!
الفساد والرشوة ..أصبحت السمة الرئيسية بطول البلاد وعرضها ، فمن يريد الحصول على اى شىء قانونى خصوصا الوظائف فلابد له من واسطة ورشوة حتى يحصل على ما يريد ، واصبح كل شىء له تسعيرة واضحة جدا .. فسعر الوظيفة المهمة يختلف عن المتوسطة عن الادنى .. خراب الذمم اصبح هو القاعدة !!
النقابات وخصوصا نقابة الصحفيين التى انتمى اليها اصبح فيها كل شىء اسلامى ، فقد حضرت ندوتين احدهما لوفد فلسطينى من منظمة ،حماس والثانى لابنة زميل من الاخوان المسلمين تحكى تجربتها وقسوة الحياة بدون ابيها المسجون حاليا !!
التلوث السمعى ارتفع بصورة ملحوظة ، الكل يزعق على الرغم من قصر المسافات بين المتحدثين ، الكل غاضب بسبب وبلا سبب !!الامراض الناتجة عن التلوث كالفشل الكلوى والكبدى وامراض البطن ارتفعت بصورة ملحوظة وعشرات الالاف يموتون سنويا بسببها !!نسبة تشرد الاطفال وتسول الكبار والصغار اصبحت ظاهرة منتشرة جدا فى شوارع المدن الكبرى وخصوصا القاهرة والاسكندرية على وجه التحديد .
على الجانب الاخر لاحظت شيئا غريبا وهو اقامة حفلات زواج بصورة طبيعية والانفاق عليها ببذخ على الرغم انها مكلفة للغاية ، يوميا ينعقد زفافين على الاقل مع ما يصاحب ذلك من صخب وضجيج وكلاكسات سيارات حتى بعد منتصف الليل دون مراعاة لمريض يحتاج الى الراحة او طالب يستذكر دروسه !!
الظاهرة الاغرب من تلك هو غياب الدولة تماما عن الشارع ، الامور منفلته بشكل غير طبيعى وكأن " عيارها فلت " ولا يمكن السيطرة عليها !!
الانجاب يتزايد ... فالناس يتوالدون كالفئران ويموتون مثلها ايضا ، فلا يوجد تخطيط للانسان القادم بحجة ان " كله برزقه " ولن ينسى ربك احدا !!
برامج التليفزيون تافهة وخصوصا البرامج الحوارية ، فالمذيع يسأل ثم يجيب نصف الاجابة ويترك للضيف تكملتها ، وكأنهما اتفقا على السيناريو قبل التسجيل !!
القبح بلا حدود فى المبانى والاسطح والشوارع والالفاظ المستخدمة بين الناس هنا احط من قبيحة بمسافات ، فلو انك تسير مع اختك أو امك فى الشارع فلابد ان تسمع ما يخدش حياء من تسير معه من اهلك !!
قضية الشاب محمد حجازى الذى انتقل من الاسلام الى المسيحية " وهذا حقه " أزعجت الشارع المصرى اكثر من ارتفاع رغيف العيش ... تخيلوا التفاهة !
!حالة الهوس الدينى تسود الشارع المصرى ، فالكل يهرع الى المساجد خصوصا يوم الجمعة ، يردد خلف مشايخ جهلة ينعقون بالدعاء المعهود منذ قرون .. اللهم احرق نسلهم وزرعهم ...اللهم شتت شملهم ... يقصد اليهود والمسيحيين ، ويردد وراءه الناس ... آمين ، امين ، امين ثم ينصرفوا الى الحياة الدنيا ليواجهوا شبح الواقع الذى لا يرحم فيلجأوا مرة اخرى الى نفس الدائرة المغلقة !!
اكثر ما ازعجنى حقا هو ان الناس بدأت تعتاد وتتعايش مع هذا الوضع ...فالى متى ؟؟!
والسؤال هو
..مصرالى اين ؟

No comments: