Saturday, August 18, 2007

مزيد من النفوذ للـ «بلوغرز»

استضافت مدينة شيكاغو في ولاية إلينوي الأميركية الأسبوع الماضي مؤتمرا كبيرا للمدونين شارك فيه 1500 مدون من ذوي الاتجاه الليبرالي، في نشاط اعتبره بعض الخبراء الإعلاميين مؤشرا على قوة جديدة حاضرة تتعاظم يوما بعد يوم على شبكة الإنترنت بصورة ستخول هذه القوة الصاعدة لعب دور سياسي قد ينافس دور الصحافة المكتوبة والمرئية خصوصا في المواسم الانتخابية.
وتشير إحصاءات منشورة على شبكة الإنترنت الى أن أكثر من 120000 مدونة تطلق يوميا على الشبكة حول قضايا متعددة لا تكون سياسية بالضرورة، كما أن 58000 مشاركة أو تعليق يكتب على الإنترنت كل ساعة على الأقل.
ومما يؤكد أهمية الدور المعول على المدونين في تشكيل الرأي العام الأميركي أن الحزب الديمقراطي الذي يسعى لانتزاع الرئاسة من الجمهوريين تنبه مبكرا لهيمنة المدونين على شبكة الإنترنت وما يجري فيها من جدل سياسي وإعلامي، فبدأ باستمالة المدونين نحو أفكار الحزب، بل وشارك الحزب في مؤتمرهم بشيكاغو ممثلا في رئيس الحزب الديمقراطي هاوارد دين الذي ألقى كلمة أمام المدونين أشاد فيها بدورهم في كشف جوانب القصور ودعم التيار الليبرالي الذي يتوسع أفقيا في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية بفضل شبكة الإنترنت.
ورغم أن مؤتمر شيكاغو للمدونين لم يكن الأول من نوعه، بل يعقد للمرة الثانية إلا أن مؤتمر هذا العام تميز بتغطية إعلامية واسعة تجلت في إبراز مشاركة المدونين في المؤتمر بتوجيه أسئلة لمرشحي الحزب الديمقراطي الثمانية خلال مناظرتهم التي جرت يوم السبت الماضي
وجاءت مشاركة المدونين بعد نحو اسبوعين من مشاركة متصفحي موقع يوتيوب الاميركي بتوجيه الأسئلة لمرشحي الحزب الديمقراطي وبثها على الهواء مباشرة عبر شبكة سي إن إن بعد اختيار أهم 39 سؤالا من بينها، مما يدل على مدى ازدياد اهمية "الاعلام الجديد" في الحياة السياسية، وذلك بعد نحو 3 اعوام على السماح لأول مدون بالدخول الى قاعة الايجاز في البيت الأبيض، وكان ذلك لمدون من موقع "فيش بول" الأميركي.

ومثلما كانت الأسئلة التي وجهت للمرشحين عبر موقع يوتيوب قوية ومحرجة فإن أسئلة المدونين أفصحت عن حس صحافي وسياسي واضح للعيان بين الليبراليين الأميركيين الشباب‏، وقد سأل أحدهم المرشحة هيلاري كلينتون عن أخطائها عندما كان زوجها رئيسا للولايات المتحدة فأجابت بذكاء، "ليس لدي وقت كاف لسرد أخطائي الكثيرة"‏ ولم تحاول أن تظهر نفسها أنها بلا أخطاء كما تجنبت ذكر أخطاء محددة قد يستغلها خصومها ضدها في وقت لاحق من الحملة الانتخابية. وتتميز الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة الأميركية هذا العام بطغيان الإنترنت على أنشطة المرشحين بالمقارنة مع السنوات الماضية إذ أن كل مرشح أصبح لديه موقع خاص به‏، يبث أنشطته وخطاباته أحيانا قبل إلقائها‏، كما يوجه المرشحون سيلا من الرسائل الإلكترونية لمناصريهم ويجمعون الأموال والتبرعات عن طريق الإنترنت‏، علاوة على جعل الإنترنت عاملا أساسيا في توجيه الأسئلة للمرشحين أثناء المناظرات كما حدث مع متصفحي يوتيوب ومع أصحاب المدونات أثناء مؤتمرهم في شيكاغو.
ويقول الخبير الإعلامي روبرت جيب الذي يستعين بخبرته المرشح باراك أوباما في التعامل مع التطورات الجديدة التي حملها الإنترنت " إن الشبكة العنكبوتية لم تعد مجرد وسيلة لجمع التبرعات وتنظيمها حملات التبرعات بل أصبح الاعتماد على الشبكة يشمل كل شيء، ولم يعد هناك أي مرشح يمكن أن يستغني عن شبكة الإنترنت".
ويعتبر المرشح الديمقراطي باراك أوباما من أنشط المرشحين وأكثرهم اعتمادا على الإنترنت في جمع التبرعات كما أن موقعه يمتاز بإتاحته الفرصة لأنصاره بنشر مدوناتهم الخاصة بهم والتفاعل فيما بينهم، ومناقشة الجوانب المتعلقة بالحملة.
أما الخبير الإعلامي ستيف فرانسيس الذي كان هو نفسه مرشحا للكونغرس في انتخابات 2006 عن ولاية إنديانا، فيعتقد أن المدونات والإنترنت بشكل عام عامل مساعد ولكن لا يجب الاعتماد عليها كليا وتجاهل التواصل المباشر‏، "فليس هناك أقوى تأثيرا من دق الأبواب والالتقاء بالناخبين في منازلهم".
يشار إلى أن حوالي 70% من الأميركيين تقريبا يتصفحون الإنترنت بشكل يومي، من بينهم 15% يطلعون باستمرار على المدونات السياسية.
وتشير إحصاءات أخرى إلى أن 11% من مستخدمي الإنترنت الأميركيين لهم مواقع خاصة بهم أو مدونات.
وكان مرشحو الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية قد خاطبوا في مارس آذار الماضي المؤتمر السنوي لجمعية المدونين الأميركيين الليبراليين الذي عقد في مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا. وشارك في المؤتمر أكثر من 70 مؤسسة وقامت بتغطيته أكثر من 250 صحيفة ومحطة تلفزيونية من كافة أرجاء الولايات المتحدة. وظهر في ذلك المؤتمر، حرص السياسيين والمرشحين على مخاطبة حشد المدونين، تعبيرا عن اهتمام الساسة في الولايات المتحدة لهذه الوسيلة الإعلامية الجديدة وأثرها المتزايد في الحملات الانتخابية الأميركية. ويرى الكثيرون من الديمقراطيين في حركة التدوين الدؤوبة في الولايات المتحدة مصدرا جديدا وخطيرا للإبداع والخلق وطرح الآراء سيغير من الطريقة التي تمارس بها الصحافة. وتبرر الدكتورة ايلين كامارك أستاذة الدبلوماسية العامة بجامعة هارفارد اهتمام المرشحين بما يكتب في الانترنت بقولها إن هذه المدونات يمكن أن تترجم إلى دعم شعبي كبير وتبرعات سخية.
أما بيتر داوو المسؤول عن قسم الانترنت في حملة السيناتورة هيلاري كلينتون فيرى أن تجمع المدونين الليبراليين يضم جيشا ضخما من النشطاء تحدوهم الرغبة جميعا في إحداث تغيير في هذه البلاد

واشنطن: منير الماوري - الشرق الأوسط

No comments: