بعد الاعتداء المريع على سياح ألمان في الأقصر قبل سنوات (1997)، اخذت الصحافة الاميركية تنتقد حالة الأمن. ورد وزير السياحة آنذاك ممدوح البلتاجي، أن حالة الامن في اميركا ليست افضل وان العشرات يقتلون في حروب العصابات في المدن الاميركية.
ولم يكن الرد مقنعا ولا عقليا. فلا أحد يدخل أحياء العصابات في اميركا ولا احد ينظم رحلات سياحية إليها.
لا يمكن ان نحل مشكلة بالإشارة الى مشاكل سوانا. المشاكل تعالج من جذورها.
وجذر المشكلة ان الصناعة السياحية في مصر متخلفة ألف مرة عن حجم وعظمة وجاذبية الثروة السياحية.
وباستثناء اليونان وايطاليا وفرنسا، ليس هناك ثروة تاريخية علمية مشابهة لثروة مصر. ولكن مصر عجائب تاريخية وعجب سياحي. ولذلك لا يزال يأتيها 9 ملايين زائر في العام بينما يذهب 60 مليونا الى فرنسا او اسبانيا و12 مليونا الى مدينة لندن وحدها.
وصحيح ان السبب الاساسي هو موقع هذه الدول في اوروبا،
لكن الصحيح ايضا ان السياحة في القاهرة تتعثر بقلة عدد الفنادق اللائقة وباستحالة التنقل وبإهمال واجهة النيل التي يعلوها الغبار والصدأ وزجاج النوافذ المكسور. وفي امكان واجهة النيل، بالقليل من الحوافز، ان تكون جمالا اجتذابيا مثل واجهة السين او الدانوب او التيمس. لكنني عندما اقطع ضفة النيل ماشيا واتأمل عن قرب المباني المهملة والمحلات الكئيبة بألوانها السوداء،
أقول في نفسي، ماذا حدث للعبقرية الهندسية في مصر، ومن هو حسن فتحي الجديد.
تحاول القاهرة الهرب من نفسها الى الضواحي. ولكن سرعان ما تصبح الضواحي قاهرة اخرى. والآن يقال إن هناك تفكيرا بنقل العاصمة الرسمية الى مكان آخر، على غرار برازيليا او اوتاوا، او حتى ابوجا في نيجيريا. والمدن السياحية التي تنشأ، والتي هي على مستوى جيد او مقبول على الاقل، لا يمكن ان تغني عن زيارة القاهرة. ولا في الامكان نقل الاهرامات الى مكان آخر، إلا بمعجزة اخرى. وما دام الانسان المعاصر لم يستطع ان يعرف حتى الآن كيف بنى الاولون تلك الاستحالات فلن يغامر بتفكيكها ونقلها الى مكان لا يكثر فيه الباعة والزجاجات الفارغة، ولا يفكر احد بإقامة مشروع سياحي فريد على مقربة منه.
تحاول القاهرة الهرب من نفسها الى الضواحي. ولكن سرعان ما تصبح الضواحي قاهرة اخرى. والآن يقال إن هناك تفكيرا بنقل العاصمة الرسمية الى مكان آخر، على غرار برازيليا او اوتاوا، او حتى ابوجا في نيجيريا. والمدن السياحية التي تنشأ، والتي هي على مستوى جيد او مقبول على الاقل، لا يمكن ان تغني عن زيارة القاهرة. ولا في الامكان نقل الاهرامات الى مكان آخر، إلا بمعجزة اخرى. وما دام الانسان المعاصر لم يستطع ان يعرف حتى الآن كيف بنى الاولون تلك الاستحالات فلن يغامر بتفكيكها ونقلها الى مكان لا يكثر فيه الباعة والزجاجات الفارغة، ولا يفكر احد بإقامة مشروع سياحي فريد على مقربة منه.
لا طقس اوروبا مثل طقس مصر، ولا حضارات اوروبا او اميركا في شيء من آثار مصر الحضارية
والفارق في الدخل السياحي هو الفارق في الصناعة السياحية
. والسياحة هي النيل الآخر او القناة الاخرى او القطن الاضافي. وهي لا تطور بتقريع الصحافة الاميركية (او سواها) وتذكيرها بعصابات البرونكس ولوس انجليس، بل بإقامة «سد عال» من شغال السياحة وعمالها
سمير عطا الله - 12/8/2007
الشرق الأوسط
No comments:
Post a Comment