Saturday, August 11, 2007

نصفق بمناسبة وتصفيق حاد بلا مناسبة


لا أعرف متى ظهر التصفيق في التاريخ. وأغلب الظن أنه ظهر عندما ظهر الكذب أيضا..
ومرة واحدة عايشت تجربة التصفيق بلا معنى. فقد كنت في كوبا عضوا في الوفد المصري لدى «مؤتمر القارات الثلاث» في هافانا عاصمة كوبا.
وذهبنا الى سماع خطاب الرئيس كاسترو. ورأيت ولم أكن أتخيل قط. فالخطاب ست ساعات. ولا شيء يوجع أكثر من التصفيق وقوفا لكل عبارة.
مثلا: اجتمعنا هنا. وهذا شرف لنا (وقوف وتصفيق حاد).
نحن دول آسيا (تصفيق ووقوف)..
وأفريقيا (تصفيق أطول ووقوف)
وأميركا اللاتينية (تصفيق أطول ووقوف أطول وجلوس متكاسل)..
لقد أحصيت عدد المرات التي وقفناها أربعين مرة.. ولم أعد أكلف نفسي أن أعد المرات التي وقفنا فيها..
إلى أن انتهى الرئيس كاسترو من خطابه فكان الوقوف أطول والتصفيق أعنف. وجلس الرجل وجلسنا!
ونحن الشرقيين نصفق كثيراً. ولولا أنه حرام لصفقنا للقراء في المساجد. وإن كنا نقاطعهم بالاستحسان مع أن هذا يفسد الموقف المحترم. ولا نجد حرجا في أن نقاطع أم كلثوم وهي تغني..
وجاءنا المايسترو الألماني الأرمني فون كاريان. ولم نفلح في اقناعه بأن يتقبل تصفيق الجمهور فليس مألوفاً عند العازف أو المايسترو والجمهور الأوروبي مثل هذا التصفيق. إنهم يصفقون في النهاية لا في لحظات الصمت..
وغضب المصريون ووضعوا أيديهم في جيوبهم. لم تعجبهم شجاعة وجرأة الرجل الذي لم يهمه أن يكون الملك فاروق بين الحاضرين.. فصفقوا له تصفيقا حاراً. وأحنى الرجل رأسه (فقد غلبه الموقف فابتسم). فصفقوا له!!
أنيس منصور - 12/8/2007
الشرق الأوسط

No comments: