روى صديق أنه تعرض لإحدى أصعب المحن في حياته منذ حين، عندما قرر أن يعمل بمشورة فيلسوف هندي معروف.
فالفيلسوف يدعو الإنسان إلى أن ينفرد بنفسه وحدها نصف ساعة كل يوم على الأقل ، ولا شيء ولا أحد سواها. وهكذا دخل إلى غرفته وأغلق التلفزيون ورمى «الريموت»، وأبعد عنه الصحف والكتب، وفتح النافذة المطلة على الحديقة ثم أغلق الباب المطل على العالم.
وبعد دقائق أخذ يتعرق. ثم راح يرتجف. فقد اكتشف أنه لا يعرف هذا الرجل الذي هو. إنه منذ زمن يقاطعه ولا يحاكيه ويهرب منه لكي يحاكي الآخرين ويعيش معهم. وهو إما في عمل أو في مجتمع أو أمام تلفزيون أو مع كتاب. إنه ليس أبدا مع نفسه. لا يسألها ولا يساعدها على التأمل ولا يضعها خلفه على ظهر فرس الخيال ويمضي بها في العالم الذي ننتمي إليه.
وبعد دقائق أخذ يتعرق. ثم راح يرتجف. فقد اكتشف أنه لا يعرف هذا الرجل الذي هو. إنه منذ زمن يقاطعه ولا يحاكيه ويهرب منه لكي يحاكي الآخرين ويعيش معهم. وهو إما في عمل أو في مجتمع أو أمام تلفزيون أو مع كتاب. إنه ليس أبدا مع نفسه. لا يسألها ولا يساعدها على التأمل ولا يضعها خلفه على ظهر فرس الخيال ويمضي بها في العالم الذي ننتمي إليه.
إنه مجرد آلة من جسم وروح. الجسم يؤدي بصورة تلقائية ما اعتاد عليه. والروح تدور بصورة تلقائية في دائرة أصبحت أسيرتها. والمسافة بينه وبين نفسه أصبحت في مدى المسافة بين الغربة والوطن. إن جميع الناس يدخلون إلى عالمه وهو غريب عنه. لا يطرح على نفسه سؤالاً واحداً ولا يعدها وعداً واحداً ولا يحاسبها ولا يدقق في سلوكها ولا يتوقف أمام نواياها. بل هو يتركها عائمة في مدار بعيد عنه مثل كوكب يدور في مداره على الدوام، يرى الأشياء عن بعد، ويعيش المشاهد عن بعد وكل ما حوله أجرام بعيدة لا علاقة لها به.
أصعب ما طلب من الإنسان، أن يعرف نفسه. إنه لا يطيق ذلك وغالباً ما لا يقدر عليه. لأن النفس رقيب صادق لا يمكن أن يخدع. ومراقب دقيق لا يهمل التفاصيل. وشريك متعب بدون أبسط الأشياء. ونحن لا طاقة لنا على تحمل مثل هذه الشراكة. شريك ملحاح لا يكف عن طرح الأسئلة: لماذا فعلت كذا. ولماذا لم تفعل؟ لماذا هدرت الوقت وهو ليس ملكا لك. وكيف تصرف هذا الدخل الأساسي الذي أعطيت: الوقت!.
لذلك نحن دائما هاربون نخاف أن تذكرنا نفوسنا بما فعلناه بأنفسنا، أو بما لم نفعله من أجلها. وكم قصرنا في حقها. وكم أخطأنا عندما تصرفنا دون أن نأخذ برأيها وموقفها من الأشياء. وعندما نقف في مواجهتها نشعر أننا نواجه سجنا متعدد القضبان، مسدود المخارج.
أصعب ما طلب من الإنسان، أن يعرف نفسه. إنه لا يطيق ذلك وغالباً ما لا يقدر عليه. لأن النفس رقيب صادق لا يمكن أن يخدع. ومراقب دقيق لا يهمل التفاصيل. وشريك متعب بدون أبسط الأشياء. ونحن لا طاقة لنا على تحمل مثل هذه الشراكة. شريك ملحاح لا يكف عن طرح الأسئلة: لماذا فعلت كذا. ولماذا لم تفعل؟ لماذا هدرت الوقت وهو ليس ملكا لك. وكيف تصرف هذا الدخل الأساسي الذي أعطيت: الوقت!.
لذلك نحن دائما هاربون نخاف أن تذكرنا نفوسنا بما فعلناه بأنفسنا، أو بما لم نفعله من أجلها. وكم قصرنا في حقها. وكم أخطأنا عندما تصرفنا دون أن نأخذ برأيها وموقفها من الأشياء. وعندما نقف في مواجهتها نشعر أننا نواجه سجنا متعدد القضبان، مسدود المخارج.
وأننا نعيش مع شريك لا نعرفه ونخاف الانفراد به لكي لا نتعرف إليه. ولأنه الأقرب إلينا على مدى الحياة فنحن نهرب منه على مدى العمر. نسافر في البلدان. ونعبر المحيطات. ونختلط بآلاف الناس في مئات الأمكنة. وعندما نحاول الاختلاء به، هذا الأنا في الذات، نخاف ونرتجف ونكتشف أنه أقسى علينا من جميع الآخرين
سمير عطا الله - 11/7/2007
الشرق الأوسط
No comments:
Post a Comment